أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - اسامة غالي - المجاز واشكالية المنهج في الدرس البلاغي القديم















المزيد.....

المجاز واشكالية المنهج في الدرس البلاغي القديم


اسامة غالي

الحوار المتمدن-العدد: 4072 - 2013 / 4 / 24 - 02:03
المحور: الادب والفن
    


يتجاوز الباحث او الدارس للبلاغة العربية حدود المنهج بدعوى التداخل المعرفي بين الدرسين البلاغي والمنطقي وهذا الأمر بحد ذاته يشكل تحولا ابستمولوجيا في مسار القراءات البلاغية عما كان عليه الأقدمون ،الا إن مجاوزة المنهج تستدعي بيان الأسس التي يوسع البحث مداركه وفقها، مع توافد المبررات التي دعت الى ذلك...ومن الجدير بالذكر إن المحاولات التنويرية في الدرس البلاغي لا تزال رهينة الرؤية التجزئية مع إن الدرس المنطقي يفيد الشمولية، ويبعث الدارس نحو تعميم الجزئيات التي يلتقيها بدءا بمناهج البحث او ما يصطلح عليه معرفيا بـ (موضوع العلم) وانتهاءاً بالمسائل المعهودة التي تتبع خطى المنهج سعة وضيقا،ليصبح العلم المدروس ـ بنظر الدارس ـ بنية واحدة لا انفكاك بين جزئياتها وعمومياتها.
ومن ضمن المحاولات التي نتلمس اثرها التجزئي محاولة الشيخ عبد القاهر الجرجاني ـ الذي يعد رائداً للرؤى التجديدية والنظم الابداعية ـ في ضوء ما أبداه من انساق مغايرة لمن سبقه في قضية المجاز،هذه الانساق دعته لان يستحدث نوعا جديدا مصطلح عليه (المجاز الحكمي) مشيرا من خلاله لقابلية المجاز نحو الاتساع لا الى غاية ،مفيدا من الدرس المنطقي ملامح جعلته يغادر مقولة استعمال اللفظ في غير ما وضع له، لانها تؤول بالمجاز الى عمل لغوي صرف [ينظر: البلاغة تطور وتاريخ ،ص 184،د شوقي ضيف ،دار المعارف ـ مصر] ،تابعه في ذلك صاحب المفتاح ( السكاكي) والخطيب القزويني في تلخيصه،حيث اطلقا على هذا النوع من المجاز (المجاز العقلي) وهو من اعمال العقل وتحكيمه،و يُخضّع الاستعمال لملازمات ذهنية يُصطلح عليها بلاغيا بـ (علاقات المجاز)،الا إن الجرجاني ومن تبعه لم يُبدوا اهتماما واسعا في موضوع البلاغة العربية الذي تدور حوله مسائل علومها الثلاثة (المعاني،والبيان،والبديع) بقدر ما وجهوا عنايتهم بمسائلها الجزئية،مما يبعث التوهم بان العلوم الثلاثة مستقلة في ابحاثها ونظرياتها،وما اجري من محاولات لتقنين البلاغة وفق اسس عقلانية ـ كما في محاولة السكاكي صاحب المفتاح ـ لا تبعد عن كونها صياغة للابحاث البلاغية وفق معايير منطقية جزئية لا ترقى لايجاد منطق بلاغي عام يربط بين الابحاث نفسها ليؤسس لحمة بلاغية متماسكة تمنع من إن يتوهم البعض وجود انفصال بين الابحاث،في الوقت نفسه تمنع من اشكالية التداخل المنهجي.
و ما يؤكد اشكالية المنهج و عدم وجود منطق بلاغي عام ما صنعه التفتازاني في شرحه على تلخيص القزويني الموسوم بـ(المطول)حيث ادرج تقسيم الدلالة المنطقية في ابحاث البلاغة مما اضطره ذلك لتلاعب بالاصطلاح من جهة وتأويل ما افاده الخطيب القزويني من جهة اخرى..وايضا ما يؤكد ذلك بقاء تعريف موضوع البلاغة على حاله مع ما يتجه اليه الدرس البلاغي المعاصر،من اتصال مباشر بالاسلوبية الحديثة وتراكيبها،حيث تجد في المعاني دراسة وافية للمقام والحال مع ربطهما بالصياغة الادبية،كما تجد في البيان توافقا مع دروس علم اللغة واللسانيات الحديثة في مباحث الدلالة،وفي البديع حراكا تجاه مستويات مختلفة صوتية ودلالية(ايقاعية) لها اهميتها في الصياغة الادبية [ينظر: البلاغة العربية قراءة اخرى ، د ـ محمد عبد المطلب ،(ادبيات) الشركة المصرية العالمية للنشر].
و من هذا كله،نتوصل الى إن الدارس للبلاغة العربية إن لم يراع المنهج فانه سيتولد لديه لبس مستقبلي،ينطوي على رؤى متباعدة عن الغرض المرجو ،اذ من الملاحظ إن البلاغة لا تتسم بالطابع الاختزالي ولا تعنى بتقليص الافكار والمعاني الى قضايا ذات نسب،وان وظف فيها ذلك كما في المجاز،فهذا التوظيف لا يصير الرؤى البلاغية رؤى تكوينية لها مساس بالوجود،وما يذكر في بعض الدراسات ـ تصريحا او تلميحا ـ يكشف عن تشكيل هكذا لبس كما في كتاب (فلسفة المجاز بين البلاغة العربية والفكر الحديث،للدكتور لطفي عبد البديع)،اذ يتعرض في طليعته الى نشأة ظاهرة المجاز في حجر اللغويين الاوائل حتى يلتقيها المنطق وهو انذاك معيار لجميع العلوم،فتلاقح الدرسان البلاغي والمنطقي مفيدا احدهما من الاخر،واصفا الذين افادوا من المنطق بان لهم بعد ذلك منزعهم في التدليل الذي يقتضيه النظر العقلي ،ومبناه على القياس وهو انما يفيد بوساطة القضايا التي يعدونها مواد البرهان واصوله و اشار بهذا الى (منهجهم في الوصول الى ما يسمونه العلم اليقيني،وهو سبيلهم الى الحقيقة والمجاز) [ينظر: فلسفة المجاز بين البلاغة العربية والفكر الحديث (المقدمة) د لطفي عبد البديع ،(لغويات)الشركة المصرية العالمية للنشر].
ينبغي لكل دارس وباحث ان لا تخفى عليه خصوصيات المنهج التي تمنع من إن يتداخل العلم مع غيره كجزء مقوم، وكذلك تمنع من إن يفيده العلم الاخر تقويما لماهيته،وهذا حال المنطق كعلم من العلوم ،اذ الغرض من وراءه اعطاء مؤشرات عن مدى صحة و خطأ القراءات التحليلية للوجود،والبرهان الذي يتوصل من خلاله للنتائج لا يفيد من الحقيقة والمجاز الموسوم ذكرهما في ثنايا الكتاب لاختلاف حيثية البحث،فلا دخل للالفاظ في البحث المنطقي الا بقدر الدلالة على المعاني التي تستند الى الاشياء الخارجة من الذهن ،ثم قد يقال إن نوعا من المجاز قد غادر اللفظ فما المانع من إن يكون جزءا من البحث ؟ إن ما غادر اللفظ لا يبعد إن يكون دالا على ما في النفس من معان دون ادنى التفات الى كون تلك المعاني تستند الى اشياء اخر، والمنطق بطبيعته يتجاوز هذه الدلالة الى البحث عن مطابق لنسب المعاني وعليه تكون المجازات العقلية كلها كاذبة،اذ لا مطابق لها بالنظرة المنطقية ولعل هذا الامر سيعطي قراءة اخرى لاشكالية المجاز حيث عده البعض في مصاف الكذب او المبالغة ،وما وجه به المجاز لا يبعد عن كونه صنيع التداخل المنهجي،اذ القراءة التي تساق بمنهج معين لا يحتمل ان تؤدي الى التنافي بين ادعاء ظاهرة المجاز في اللغة و كونه لا يمت للواقع بصلة،كما لا تنافي بين قراءة بعض النصوص وحملها على الحقيقة لدى الدارس للبلاغة العربية والمنطق،و كونها في قراءات اخرى تعد مجازا فلسفياً،ونقصد بالمجاز الفلسفي، اجراء ذهني يتم عبره تسرية حكم احد المتحدين بنحو من المجاوزة الى المتحد الاخر،وهذا يفرق جذريا عن المجاز العقلي،وما سوف نذكره كمثال كفيل ببيان وجه الفرق والاختلاف ،فحينما يلتقي الدارس بنص قصصي او روائي ينطوي على متحدين كأن يكون (شخص جالس في سفينة .. والسفينة تحركت الى مكان بعيد)،واراد إن يصل الدارس عبر ادواته التحليلية ـ سواء كانت بلاغية(نقدية) ام منطقية(ذهنية) ـ الى مكون هذا النص،وُسأل خلال ذلك التنقيب والتحليل عن المتحرك الحقيقي في النص،هل السفينة ام الشخص الجالس فيها ام كلاهما؟ فالبلاغة والمنطق بوصفهما منهجين متباينين الا إن الدارس لهما سيجيب بنفس الجواب ،كلاهما متحركان حقيقة (السفينة والجالس فيها)،بينما قراءة اخرى تستعير علاقات (المجاز العقلي) وتسند الحركة حقيقة الى السفينة،ومجازا الى الشخص الجالس فيها،والملاك في هذا يرجع الى المنهج المتبع في قراءة النص من جهة،والوقوف عند مراتب الحقيقة من جهة اخرى ...



#اسامة_غالي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- القارئ والنص .. نحو فهم ابستمولوجي
- القارئ و النص...نحو فهم ابستمولوجي
- تهافت الفلاسفة الجدد
- الحقيقة والمعنى في مقاربة فلسفية اخرى
- الحقيقة والمعنى من منظور مختلف
- السؤال الشعري عند ناهضة ستار ومرجعياته المعرفية...قراءة في م ...


المزيد.....




- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!
- مهرجان بابل يستضيف العرب والعالم.. هل تعافى العراق ثقافيا وف ...
- -بنات ألفة- و-رحلة 404? أبرز الفائزين في مهرجان أسوان لأفلام ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - اسامة غالي - المجاز واشكالية المنهج في الدرس البلاغي القديم