أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - طلعت رضوان - عقوبة الجلد وبداية سعودة المصريين















المزيد.....

عقوبة الجلد وبداية سعودة المصريين


طلعت رضوان

الحوار المتمدن-العدد: 4070 - 2013 / 4 / 22 - 23:48
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    



فى تطور كارثى بعد سيطرة الإسلاميين على الحكم، قرّر وكيل نيابة مطاى بالمنيا جلد أحد المواطنين 80 جلدة بتهمة شرب الخمر. وذكر أنّ ذلك بالتطبيق لنص المادتيْن 2، 219من الدستور الجديد . وفى مداخلة مع برنامج (الحياة اليوم) مساء 21إبريل أكد المستشارمحمود الحفناوى المتحدث باسم النيابة العامة صحة الواقعة. وأنه أحال وكيل النيابة للتفتيش القضائى ، وأشار إلى أنّ القانون المصرى لا ينص على الجلد وأنّ كيل النيابة أراد تطبيق الشريعة الإسلامية، لكن تطبيق القانون واجب . وأحيل المتهم لمحمة جنح لاستمرارالتحقيق ، بينما نشرتْ بعض المواقع الالكترونية صورة للمتهم وعلى ظهره علامات الجلد . وسواء تم الجلد أو لم يتم فشعبنا مُهدّد بكارثة تطبيق العقوبات البدنية (جلد، قطع يد، قص رقبة) وهى العقوبات التى لفظها التطور الإنسانى بفضل جهود منظمات حقوق الإنسان .
ينص ميثاق منظمة العفو الدولية على إلغاء عقوبة الإعدام (وكافة العقوبات البدنية) ويرتكز على علم الاحتمالات ، بمعنى ظهوربراءة المتهم بعد قطع يده أوجلده أوقص رقبته. وقد تأكد ذلك للمنظمة بعد صدور أحكام ببراءة 23 إنسانا بعد إعدامهم فى أمريكا ، وهو ما اعتبرته المنظمة إحدى فضائح القضاء فى بعض الولايات الأمريكية (نشرة سبتمبر92) ورصد تقريرللمنظمة لعام 89 استمرار فرض عقوبة الإعدام بأسلوب يتصف بالتمييز العنصرى ، فرغم أنّ البيض والسود كانوا ضحايا جرائم قتل بأعداد متساوية تقريبًا ، فإنّ عقوبة الإعدام كانت فى أغلب الحالات عندما يكون الضحايا من البيض . وفى الفترة من عام 76- 89 لم يتم إعدام أى متهم أبيض قتل إنسانا أسود. وأكد تقرير المنظمة أنّ الأصل العرقى كان عاملا رئيسيًا فى عقوبة الإعدام .
أما الإعدامات السياسية فهى وصمة عار فى جبين البشرية ، إذْ تستغلها الأنظمة الدكتاتورية لتصفية خصومها ، ففى إيران الخومينية سجّلتْ المنظمة أسماء 2000سجين سياسى تم إعدامهم غير الإعدامات السرية. وكان تبرير آية الله يزدى رئيس الهيئة القضائية أنّ أعضاء المعارضة مثل مجاهدى خلق ((مدانون بش حرب على الله. وبالفساد فى الأرض . ومن ثم فهم معرّضون للحكم عليهم بالإعدام)) هذا بخلاف آلاف السياسيين الذين تم إعدامهم فى السنوات الأولى لحكم الإسلاميين أتباع خومينى . وفى عام 80 اعتمد النظام الليبى رسميًا سياسة التصفية الجسدية للخصوم السياسيين . أما نظام صدام حسين فى الفترة من 85- 88 فقد تم إبلاغ المنظمة عن ((إعدام المئات كل عام . والإعدام كان علنيًا والمحاكمات غير عادلة. ولا حقّ فى الاستئناف . والأخطر هو إعدام أطفال ، وإعدام سجناء رغم الحكم عليهم بالسجن فقط . وفى السودان تم إعدام الشيخ محمود محمد طه علنا داخل سجن كوبر يوم 18يناير85 بأمرالخليفة جعفرالنميرى ، علمًا بأنّ الشيخ المذكوركان على درجة من التقوى والورع شهد له بهما كل من تعاملوا معه. ولم يكن ضد تطبيق الشريعة ، ولكنه كان ضد تطبيق نميرى والإسلاميين أتباعه الذين قطعوا أيادى الفقراء فقط . وعندما استشهد بما فعله عمربن الخطاب فى عام المجاعه ردوا عليه ((ومن يكون عمر؟ وهل يعلو عمر على القرآن؟)) وتم إعدامه رغم أنّ مرجعيته كانت دينية.
وفى مصرتم إعدام العامليْن الصغيريْن محمد البقرى (19,5سنة) ومصطفى خميس (18سنة) فى مذبحة عمال كفرالدواربعد 3 أسابيع من استيلاء ضباط يوليو52على الحكم، ومحاصرة بيوت الأهالى والمصانع بالدبابات واعتقال 567عاملا والحكم بسجن الكثيرين. وقراءة الحكم العسكرى أمام 1500عامل فى ملعب الكرة وبحضور أهالى العمال. وهو المشهد الذى أيقظ من بئرالأحزان مذبحة دنشواى 1906التى ارتكبها ضباط الإحتلال البريطانى ضد الفلاحين المصريين . وكما حسم النظام الناصرى معركته مع الطبقة العاملة (مدرسة العين الحمرا الأمريكية) حسم خلافه مع التيار الدينى بإعدام سيد قطب و6 آخرين ، أى أنه لجأ إلى استخدام سلاح التصفية الجسدية. وكان أمامه- لوأنه نظام ديمقراطى- اللجوء لسلاح العقل ، بإتاحة الفرصة لليبراليين للرد على الأصوليين ، ولكنه بدلا من الاستعانة بالليبراليين أمر باعتقالهم ومعهم الشيوعيين وكل الأحرار.
أما قطع اليد فمعناه تحويل المجتمع إلى متسولين ، إذْ أنّ اليد هى أداة العمل (حتى الذهنى) فما بالنا بالعمل اليدوى، فإذا أراد الجانى التوبة فكيف يعمل بعد قطع يده؟ أما الجلد فهو جريمة بشعة على المستوى النفسى ، لذا تتأسس فلسفة إلغاء العقوبات البدنية على ثلاثة أسباب : الأول مراعاة الشفقة بالجانى حتى ولوكان مُدانا وهو اعتبار إنسانى بحت (كانت أمهاتنا وجداتنا تقلن للفرخة قبل ذبحها " اللهم صبرك علا ما بلاكى") الثانى مراعاة البُعد الاجتماعى والاقتصادى للجانى مع مجمل الظروف التى دفعته للجريمة. الثالث براءة المتهم بعد تنفيذ العقوبة.
إنّ قراروكيل النيابة الأخير بتطبيق حد الجلد ، قد يتبعه قطع اليد والإعدام ، والخطورة لو نجح الأصوليون فى استصدار تشريعات تـُجبر القضاء على تطبيق الحدود الواردة فى القرآن. وأرى أنّ هذا ممكن تحقيقه لو استسلمتْ القوى الوطنية للأصوليين ، ولم ترفع سقف (النضال الفكرى) لمقاومة تخريب العقل المصرى الذى نبذ العنف منذ آلاف السنين . إنّ العقوبات البدنية ستضاعف من ترسيخ العنف . إنّ الأنظمة التى طبقتْ الحدود الإسلامية تنتشر فيها مشاعر التشفى فى الجانى وهى مشاعر ضد النزعة الإنسانية التى تميل إلى الشفقة والإحساس بالآخر. كما أنّ أغلب الدول الإسلامية لا تـُطبّق الحدود (باستثناء السعودية وبعض التجارب التى لم تستمر مثل السودان)
إنّ مصر لم تعرف العقوبات البدنية طوال تاريخها الممتد لآلاف السنين ، حتى الغزاة العرب الذين احتلوا مصر بحجة نشر الإسلام لم يُطبّقوا الحدود الواردة فى القرآن . فهل كـُتب على شعبنا الردة إلى الوراء ونحن فى الألفية الثالثة؟ وإذا كانت حجة الأصوليين أنّ تطبيق الحدود الإسلامية هدفها ((الردع لمنع ارتكاب الجرائم)) فإنّ الاحصائيات المحلية والدولية تنفى هذا الزعم، والدليل هو ارتكاب المزيد من الجرائم رغم تطبيق العقوبات البدنية. بينما الطريق الآمن لمنع ارتكاب الجريمة هو تحقيق مبدأ العدالة الاجتماعية بواسطة التوزيع العادل للدخل القومى، ويسبقه ترسيخ الإيمان بالحرية الشخصية التى تشمل حق الاعتقاد ، والحرية السياسية بمعناها الليبرالى التى يختفى منها تزييف وتزوير الإرادة الإنسانية للناخب بشعارات دينية أو برشاوى مادية أو بتضليل ثقافى مُتعمّد. ومع مراعاة أنّ التشريعات الحديثة تنظر للجانى على أنه مريض نفسيًا قبل النظر إليه على أنه مجرم ، وبالتالى نصح علماء علم الاجرام بتأهيله نفسيًا داخل السجن ، وبتعليمه حرفة ما إنْ كان لم يُتقن أية مهنة. أو الاستفادة من خبراته العملية داخل السجن ، ليكون مواطنا صالحًا بعد قضاء مدة العقوبة.
إنّ تطبيق العقوبات البدنية فى مصرسترتد بتاريخنا وثقافتنا وحضارتنا إلى كهوف الماضى ، وبداية التدشين النهائى للمخطط الأمريكى بهدف (سعودة المصريين) الذى بدأ مع يوليو52 عندما أنشأ الضباط المجلس الأعلى للشئون الإسلامية وطبع ملايين الكتب واسطوانات عليها ترجمات للقرآن بعدة لغات ووزعها على أغلب الدول الإسلامية من عرق الفلاحين والعمال المصريين، ومحطة إذاعة للقرآن وتحويل الأزهر من جامع لجامعة خرّجتْ الطبيب والمحامى إلخ (المسلم) الذين سيطروا على النقابات والجامعات إلخ فكان من الطبيعى أنْ يظهر وكيل النيابة الذى أمر بجلد أحد المواطنين، وافتتاح محطة إذاعة باسم (صوت العرب) بتمويل أمريكى وخبراء أمريكان بإشراف وتصميم المخابرات الأمريكية يوم 6يوليو53 أى قبل مرور سنة على استيلائهم على الحكم ، وهو الأمرالذى حذرتُ منه فى كتابى (العسكر فى جبة الشيوخ) الصادرعن مركزالقاهرة لدراسات حقوق الإنسان عام 2003، ولكن يبدو أنّ المسئولين ومعهم مجمل الثقافة المصرية السائدة البائسة ، لا يشعرون بالخطر إلاّ بعد أنْ (تقع الفاس فى الراس) لذا فإننى أعتقد أنّ ما قاله الفيلسوف الألمانى نيتشه لشعبه ما زال صالحًا وقابلا لترديده اليوم وكل يوم ، بل وطوال ساعات اليوم . ومن واجب كل مفكر وكل مبدع حر أنْ يقتبسه ويُوجهه إلى شعبه كما قال نيتشه فى قوله الحكيم (( عليكم أنْ تستشعروا الخطر دائمًا ، حتى تتقدّموا ولا تتخلفوا))
***



#طلعت_رضوان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الفنان خالد حمزة وفن كتابة السيرة الذاتية
- رد على آخر رسالة من الأستاذ طاهر النجار
- هل تخرج الثورة من غرفة الإنعاش ؟
- صفاء الليثى ناقدة من طراز نادر
- هيكل الأستاذ المقدس وآفة الأيديولوجيا
- تحية شكر وتقدير للأستاذ طاهر النجار
- رد على الأستاذ محمد بن عبد الله عندما سأل : دنشواى أم كفر ال ...
- جمال حمدان وتعريب مصر
- محمد نجيب بين سجن الواقع ورحابة الخيال
- تطور دراماتيكى فى نقابة الصحفيين
- العلاقة العضوية بين الحداثة والديمقراطية
- متعلمون محسوبون على الثقافة المصرية
- الأهرام وحضارة البناء والتشييد
- حوار بين حواء وآدم عام 1915
- الأسياب الثقافية والاجتماعية للتحرش الجنسى
- 9مارس 1932 واستقلال الجامعة
- كارثة تأجير الآثار المصرية
- الجلطة السياسية بين الشعب والسلطة
- اللغة المصرية أم لغات العالم
- أنور عبد الملك : ماركسى بعمة إسلامية


المزيد.....




- “خليهم يتعلموا ويغنوا ” نزل تردد قناة طيور الجنة للأطفال وأم ...
- فيديو خاص عيد الفصح العبري واقتحامات اليهود للمسجد الأقصى
- “ثبتها الآن” تردد قناة طيور الجنة 2024 Toyor Aljanah لمشاهدة ...
- بعد اقتحامات الأقصى بسببه.. ماذا نعرف عن عيد الفصح اليهودي ا ...
- ما جدية واشنطن في معاقبة كتيبة -نيتسح يهودا- الإسرائيلية؟
- بالفيديو.. مستوطنون يقتحمون الأقصى بثاني أيام الفصح اليهودي ...
- مصر.. شائعة تتسبب في معركة دامية وحرق منازل للأقباط والأمن ي ...
- مسئول فلسطيني: القوات الإسرائيلية تغلق الحرم الإبراهيمي بحجة ...
- بينهم طلاب يهود.. احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين تهز جامعات أمري ...
- أسعدي ودلعي طفلك بأغاني البيبي..تردد قناة طيور الجنة بيبي عل ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - طلعت رضوان - عقوبة الجلد وبداية سعودة المصريين