فؤاده العراقيه
الحوار المتمدن-العدد: 4068 - 2013 / 4 / 20 - 22:38
المحور:
حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
ليس هناك ما هو اصدق من التجارب التي تحدث امامنا ونراها باعيننا , فهي دليلنا الملموس واقوى لدينا من اي حجة يتمنطق بها الكثيرين .
................................................................................
خرجتُ مع جارتي بعد ان ارتدت عبائتها الاسلامية دون ان تقف للحظات لتتأمل شكلها وتسأل عن السبب الذي صار بهذا الشكل الممسوخ , فارتدت مسرعة ذلك الغطاء الأسود الفضفاض الذي يغطيها على اعتبار جسدها عاراً وعورة وعليه يتوجب اخفائه , وللسهولة ايضاً كونها لا تمتلك الوقت ولا الجهد لتُضيفه لنفسها بعد ان ذهبت جهودها بخدمة الزوج والأطفال , ومن ثم وجهت نظراتها المقهورة باتجاهي , نظراتها كانت مختلطة ما بين الأحتجاج على القهر الواقع عليها وبين ارادتها بأن تكون انسان , تقارن بلا وعيها الذي صار رأسمالها بين وضعها ووضعي الذي لم يدع للذل طريقا ليسلكه , هي ارتضت بالذل دون وعياً بأسبابه , فذلها يُكمن في لاشعورها دون ان تسنح لها الفرصة بالتفكير والرؤية الصحيحة , شعرتُ بعيناها المسكورتان وبنظراتها المسحوقة والكارهة لوضعي دون ان تجرؤ اعلانها والفصح عنها من خلال تلصصها لما ارتديه , لأكون امامها مخلوق غامض وغريب قفز من كوكب آخر, فتتعجب له وتندهش للفارق , فهي لا زالت تحتفظ بأفكارها منذ طفولتها البائسة التي زرع المحيط بداخلها بانها انثى تختلف تماما عن الذكر , بذلك الأحساس كبرت ولكن شعورها الغريزي ظلً يلازمها كونها انسان وعليها ان تكون ذلك الأنسان الذي ابتعد عنها كل البعد بعد ان اصبحت عاجزة تماماً ولا تجرؤ ان تغيّر من وضعها بانعدام حسها في ظل حياتها التي قتلت بها الكثير, فبالرغم من ان افكارها الضيقة التي اعتبرت المرأة عورة رقيقة وضعيفة ومجرد انثى خُلِقت للرجل وعليها ان تكون جميلة لأجله فقط وحسب نظرتها هي التي عرفتها للجمال , فبرغم هذا لا تستطيع ان تكون هذه المرأة التي تعتني بشكلها واناقتها , فظرفها الذي حوصرت به ما بين المطبخ وخدمة الزوج والأولاد اعاقها في تحقيق اتفه ارادة لمحيطها وبالمعنى الذي يريده هذا المحيط منها , فلم تعد تجدي نفعاً لأطفالها عدا خدمتهم فقط دون استطاعتها لإرشادهم وتوعيتهم وحتى الأعتناء بصحتهم , ففاقد الشيء لا يعطيه , فضيعت بذلك طريقين , الأول ان تكون شخص جميل بنظر محيطها ومؤثر فيهم فهي تُعجب بنظرات الأعجاب التي ستعوضها عن نقصها الذي شعرت به منذ اول يوم لزواجها فافتقدت تلك النظرات وما مكِثتْ تفتقد لأشياءٍ كثيرة , والثاني ان تكون حياتها نافعة ومجدية .
فخرجتْ دون ان تنظر على وجهها حتى في المرآة , في حين يقف زوجها طويلا امام مرآته التي صارت ترى وجهه دون وجهها , ليتأنق بملابسه الضيقة التي تبرز مفاتنه!!, فكيف يرتضي لنفسه الفضفاض من الملابس وكيف يستطيع ان يغري بها اكبر عدد من النساء , ومن ثم يضع لمساته الأخيرة من جل لشعرِهِ وعطور وكريمات قبل ان يخرج , المضحك المبكي هنا كيف تحولت الآية لدينا دون ان ننتبه لها حينما نرى رجال اليوم يهتمون في شكلهم اكثر من النساء .
ليس أهتمامي هنا بالشكل بقدر ما يهمني المضمون وجذورنا التي حولت حياتنا وجعلتها معكوسة بجوانبها العديدة وجعلت الرجل يسحب البلاط من تحت زوجته ويسلبها ابسط حقوقها تدريجيا ودون ان تدري كيف حدث هذا .
شعرتُ وكأنها صندوق مفتوح امامي تماما , اشعر بها وبالقهر في عينيها وبما تفكربه بدون ان تنطق بكلماتها السجينة خوفا ورعبا كالعادة من مصارحة نفسها والآخرين , فالخوف اصبح سمة من سماتها ايضاً ولا يفارقها .
قناعتها ولسان حالها يقولان بأن السرقة حرام ولكن شيء خفي كامن في اللا شعور يدفعها للسرقة حينما تجد الظرف مهيئاً لتلك السرقة , تسرق باسلوب يحمل تبريرا لذاتها وترتضيه لنفسها رغم معرفتها بأن هذا الفعل محرّماً لكنها تتناسى ذلك عندما تصطدم غريزتها بما حُرِم لديها , وفي الوقت نفسه تدرك جيدا بأنها قامت بهذا الفعل النكِرة , هذا الفعل هو ما شجعه المحيط بداخلها عندما شجع بها غريزة الطمع الموجودة داخلها وداخل كل انسان فطري فكبرَتْ معها تلك الغريزة , ومنذ ان تعلمت بطفولتها بأن المادة رأس مال الأنسان ومن لا يملك فلساً لا يساوي فلساً .
تعلّمت بأن المادة هي من تعطي القوة لمالكها دون العقل والتفكير به , تعلّمت الكذب منذ ان رأت والدها يكذب امامها ويعنفّها لو كذبت امامه , ومنذ ان عرفت فعل الشيء دون قتاعة به بل خوفها الذي تعودته من العقاب .
في عقلي يدور السؤال وابحث به عن الجواب والسبب في هذا التشويه الذي لحِق بالأنسان عندما شعرتُ بها وبكيفية استغلالها للزحمة وانتهازها للفرصة وتأخذ من البائع بضاعتين ومن ثم أعطته ثمن واحدة فقط , أما الثانية فوضعتها تحت العباءة التي تعودت ان ترتديها لتستر بها عوراتها وعيوبها وتخفي بها سرقاتها كما اخفتْ عوراتها , لكن البائع انتبه عليها وسألها ان كانت قد اخذت منه شيئا آخرا لتنحرج ويحمّر وجهها خجلا قائلة له (( اي ولله فقد نسيت الثانية )) !! .
فأين كان الله عندما حاولت السرقة ؟ وهل منعتها معتقداتها وما تعلمّته سنين عمرها ؟
وما ابعاد تصرفها هذا ؟
المعتقد هنا ما تلقته هي منذ طفولتها دون ان تقتنع به , صار كامناً بلا وعيها وصارت تعيش على مخزون لا وعيها فقط , أما وعيها فتخدر تماما , اصبح تفكيرها عارا بعد ان ارتدت عبائتها فشعرت بأن جسدها عاراً , البعض سيرفض هذه الفكرة رفضاً قاطعاً كما تعوّد على ان يكون عبداً للمألوف ولمعتقدات سار عليها منذ طفولته وسار عليها مجتمعه , فهم الغالبية التي لا يجرؤ مخالفتهم , وسينفي تأثير الخرقة على من ارتدتها وغطت عقلها بدون تفكير بمدى صحتها , نعم هي خرقة بالية كئيبة ليس الاوعليها ان لا تؤثر على صاحبتها ولكنهم ينسون بذلك بأن من ارتدتها مُسِخت كأنسان يريد ان يكون سوياً يريد ان يحيا بكرامة وحرية , الحرية هنا تكون التزام اكثر من ما هي فوضى وأباحية والتي ارتبطت مع هذه الكلمة المقدسة التي لم يفهم معناها الكثيرين ممن تلقوا ثقافة الشرق البائسة .
علينا ان نمد بصرنا لجذور العلّة وكيف صار الإنسان الشرقي عبداّ لعقيدته , وتعلّم ايضاً كيف يكون عبداّ للمادة ويطمع منذ بداية تكوينه في الجنة ليكون مزدوجا في تصرفاته وليصبح هذا الطمع غريزة يطمح له دون وعياً بها , وفي الوقت ذاته لم يردعه خوفه من العقاب ويمنعه من السرقة ؟
تطغي عقدة الطمع على الخوف هنا حيث طبيعة الأنسان التي عززتها تلك الافكار.
رأيتها مثالاً حياً للكثير من النساء اللواتي اصبح تفكيرهن عارا بعد ان ارتدين الحجاب الذي شعرن به بالعار فأنتقل هذا الشعور لعقلهنّ وتصرفاتهنّ ونخرت ازدواجيتهن حياتهم
ومثالا لأغلبية من ترعرع على ثقافة ساكنة تجذرت في لاوعيه وجعلته بهذه الأزدواجية التي ابتلعته ونخرت عقله , وبهذا الشكل الممسوخ الذي صار له غريزة تغلغلت الى دمائه وحجرت على تفكيره
ومثالاً مصغراً يجسد واقعاً كبيراً ومؤلماً للسلطات التي استطاعت ان تسرق قوت شعوبها بعد ان وضعت على عقولهم حجاب الجهل والتخلف لتهيمن عليهم .
ابداعنا بوعينا وقوتنا باملنا بهم نهزم التخلف وننصر الأنسانية
~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~
#فؤاده_العراقيه (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟