أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جاسم البغدادي - فضيحه في بيت فريال (الأخيره)















المزيد.....

فضيحه في بيت فريال (الأخيره)


جاسم البغدادي

الحوار المتمدن-العدد: 4068 - 2013 / 4 / 20 - 18:56
المحور: الادب والفن
    


فضيحه في بيت فريال




(الاخيره)



ما زال الظلام يكلل مدينه الكاظميه بقسوه , اشعر بالتعب , وصلت قريبا من المرقد المذهب , قطعت المسافه الطويله جريا ومشيا وهروله ,اجلس على دكه احد المحلات المقفله ..بعض الاشخاص يتجمهورن في ساحه قريبه مني ..ناس ,عربات , اشخاص يتحلقون حول نساء يبعنّ الشاي ..لا احس بشئ على الاطلاق , لا ماض لا حاضر ,اغتيال الزمن والعيش في اللحظه هو اقصى ما يهمني الان , لا قدره لي على التفكير بشئ آخر , انا صاف تماما , حر , منعتق , اعماقي فارغه , خاويه , صامته , منسجمه تماما مع الوجود الذي اعيشه الان , لا الم لا حسرات لا رغبه في البكاء او الضحك , اني نقيّ جدا الان , انقى من يوم قدومي لهذا العالم , اتذكر شيئا مما جرى قبل ساعه من الان , لكنها ذكرى هزيله ,ليس لها اي تأثير علي , هي تماما تشبه تلك الذكريات التي تمر على الانسان حول شخص مات منذ عشرات السنين , لاتحمل هذه الذكرى اي تفاصيل ,اسماء , وجوه , احاديث , هي شئ يبرق في الخاطر مثل ومضه ثم يزول ..لا املك اي معنى لوجودي , ولا اصرار للتعلق بأي وجود مهما كانت صفته , ..المح بعض الاشخاص يلجون الباب الكبير للمرقد ..انهض من مكاني ..اتوجه نحو الباب ..هاهو رجل يتقدمني , يقبل جانب الباب الايمن ثم يمضي للداخل ,اقلده تماما ,اقبل الجانب الايمن في نفس الموضع الذي قبــّله الرجل ثم اتبعه داخل الباحه الواسعه التي تحيط بالمرقد ..يتجه نحو دوره المياه , اتبعه هناك , ارى اشخاص كثيرون يغسلون وجوههم وايديهم , ابدأ بغسل وجهي ويداي , بعضهم ينظر لي باستغراب , لا اجد في نفسي اي اثر لنظرته , اني فارغ تماما عن اي مشاعر ,اقف وسط الجميع , انظر للرجل الذي اتبعه منذ فتره , وحدي في عالم مجهول , وحدي وسط خلائق لا اعرف شيئا عن ماهيتها ..ولا رغبه لي بمعرفتها , افقد جذوه التطلع والاستكشاف والفهم ..لا اريد شيئا من ذلك كله , حتى الكلام ,لا ادري كم مضى علي وانا صامت , ربما قرون طويله ..تماما مثل هذا الوجود حولي ..الوجود الاخرس الذي نمنطقه نحن ونفلسفه بحروف مجرده نظن انها تعبـّر عن شئ منا وهي لا تعبـّر عن شئ لا منا ولا من غيرنا ..كم هو رائع ذلك التناغم الصامت مع الوجود ها هو المخلوق الذي اتبعه يغادر , افقد القدره على تمييز جنسه وفصيلته الان ..لا ادري ان كنت اتبع رجلا او امرأه او احدى الحيوانات الاليفه ..يبدو لي مثل حيوان اليف فهو يحني رأسه وهو يسير بخنوع ..اقلده ..لا ادري لماذا لكن يجب علي ذلك..متى كان لنا الحق في فهم ما يجب ان نفعل وما يجب ان لا نفعل ..يجب تعني يجب ..يتجه للمرقد وانا خلفه ..يخلع نعليه ويسلمها للحاجب السمين في (الكشك)انحني لخلع نعلي فلا اجده ..ليس عندي نعل لاخلعه ..ابقى ساكن في مكاني اتطلع لقدمي بذهول ..كيف حدث هذا ؟؟ ايمكن ان يوجد انسان دون نعل ؟؟ ارفع راسي ..المخلوق يبتعد , يدخل رواق واسع ..اسرع خلفه ..يسير داخل الرواق وهو يتمتم بعبارات خافته جدا ..ابدأ بتحريك شفتاي ايضا ..يجب ان افعل هذا ..لانهم سيطردوني ان لم افعله ..يقف هو امام الباب الداخلي الكبير الذي تتعاكش نقوشه الذهبيه بلا انتظام..يرفع يديه ويبدأ بقراءه كتابه منقوشه على لوح معلق على جانب الباب الايمن ..اقف خلفه , ارفع كلا يديّ , انظر للـّوح فلا افهم شيئا مما كتب فيه , يقبل الجانب الايمن ويتمسح به ويدخل , اقلده تماما , اصل للمرقد المذهب , جموع من الناس يتجمهرون حوله استغرق النظر اليهم , يذهلني منظرهم وهم يدورون حوله , بعضهم يقبله وآخرون يتمسحون به , لا افهم ماذا يفعلون ولماذا ..لا افهم شيئا على الاطلاق , ولا اريد ان افهم , اخشى من مجرد التفكير بالفهم ..اتنبه للكائن الذي كنت اتبعه , اتلفت حولي بحثاعنه لا اراه ابدا , لا ادري لماذا شعرت بشئ من امان حين كنت اتبعه , ابقى مبسمرا في مكاني , ما زلت احرك شفتاي , الناس كلهم يحركون شفاههم فنحن في المرقد !! المح اناس جالسين ناحيه متكئين على الحائط المزين بالبلاط الزجاجي ,بعضهم يقوم بحركات مضطربه اشبه بالتمارين الرياضيه , يقف منتصبا , ينحني , يسقط على الارض منكبا على وجهه , اتجه نحوهم ارى فسحه صغيره فادس نفسي فيها بينهم , اتطلع للصندوق العظيم المذهب , الناس تدور حوله بلا توقف , المح امرأه تلتصق عليه بشده , ظهرها المغطى بقماش اسود يقابلني مباشره , ارى كتفاها تهتز , لا ادري لماذا تهز كتفيها , انظر لها بتركيز , ان قوامها يذكرني ...يذكرني ..لا اذكر , لكن هناك شي يتشابك بين رأسي وصدري , اظن اني رأيت هذا الجسد من قبل ..انه جسد..جسد من ؟ لا اذكر , لكني رأيته , نعم رأيته ..اني متأكـــ...شئ ما يدب في داخلي ..شيئا ما يلسعني , انه يتحرك , ..داخل صدري , على جانبي كتفي , احس بدبيبه .. لعله نمل ؟ او شئ يشبه النمل , لكنه ساخن جدا .. يجب ان اطرد هذا الشئ الان .. حالا .. ابدأ بالضرب على صدري كأني انكت الغبار عنه , لكنه يستمر بالتحرك , هو يصعد الان قريبا من اسفل عنقي , اللعنه , ضربي يزداد لكنه لا يتوقف , بل هو يزداد ايضا , ينتشر , افرك بيدي على صدري بعنف استخدم كلا يدي , انه يلسعني الان بشده , يقرصني , يبدأ بقضم رئتي من الداخل , لعله نار , انه نار فعلا , ها هو اللهب يشعل قميصي , قميصي يحترق , ابدأ بتمزيقه بعنف سأخلعه عني , يجب ان اخلعه , لكنه يتشبث بي , تتعلق اطرافه بكتفي احاول معه باصرار ويقاومني بعناد , يدي تحبس عن الحركه , بعضهم حبسها ,يدي الاخرى ايضا , اللهب يعصف بوجهي , اشمـّر قدماي بعشوائيه , ارفس بهما يمينا ويسارا , بعضهم يحاول حبسها , اصرخ بهم ,فلا اسمع لي صوت .. النار تلتهمني , لا احد يطفئها او يساعدني , خلائق تتجمهر حولي , تحيط بي , اصوات تتصايح في اذني , لا افهم شيئا منها , هؤلاء الملاعين ,يروني احترق ويتفرجون علي ويكبحون تمردي على النار , احاول التخلص منهم دون جدوى , هم كثيرون جدا و يتكاثرون , هاهم يحملوني , بعضه ربط يدي بشئ يشبه الحبل , احدهم حشر رأسي بين ساعده وكتفه , كلهم يتصايحون , اصواتهم تصك اذني , لكني لا افهم منها شيئا ..ماذا يردون مني ؟ الى اين يأخذونني ..؟ انني لا اعلم شيئا ....لا , اعلم , شيئا , ابدا ..


النهايه
1985



#جاسم_البغدادي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فضيحه في بيت فريال(23)
- فضيحه في بيت فريال (22)
- فضيحه في بيت فريال(21)
- فضيحه في بيت فريال(20)
- فضيحه في بيت فريال (19)
- فضيحه في بيت فريال(18)
- وطن بلا قمر..
- العولمه وجدوله الافكار
- فضيحه في بيت فريال(17)
- فضيحه في بيت فريال (16)
- فضيحه في بيت فريال(15)
- فضيحه في بيت فريال(14)
- فضيحه في بيت فريال(13)
- فضيحه في بيت فريال (12)
- خطر متأسلمين ..لا خطر مسلمين
- فضيحه في بيت فريال(11)
- فضيحه في بيت فريال(10)
- فضيحه في بيت فريال (9)
- فضيحه في بيت فريال(8)
- فضيحه في بيت فريال(7)


المزيد.....




- فادي جودة شاعر فلسطيني أمريكي يفوز بجائزة جاكسون الشعرية لهذ ...
- انتهى قبل أن يبدأ.. كوينتن تارانتينو يتخلى عن فيلم -الناقد ا ...
- صورة فلسطينية تحتضن جثمان قريبتها في غزة تفوز بجائزة -مؤسسة ...
- الجزيرة للدراسات يخصص تقريره السنوي لرصد وتحليل تداعيات -طوف ...
- حصريا.. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 المبارك وجميع القنوات ال ...
- الجامعة الأمريكية بالقاهرة تطلق مهرجانها الثقافي الأول
- الأسبوع المقبل.. الجامعة العربية تستضيف الجلسة الافتتاحية لم ...
- الأربعاء الأحمر -عودة الروح وبث الحياة
- أرقامًا قياسية.. فيلم شباب البومب يحقق أقوى إفتتاحية لـ فيلم ...
- -جوابي متوقع-.. -المنتدى- يسأل جمال سليمان رأيه في اللهجة ال ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جاسم البغدادي - فضيحه في بيت فريال (الأخيره)