أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - فاروق عطية - النصب .. فن لا يقع فيه إلا المغفلين














المزيد.....

النصب .. فن لا يقع فيه إلا المغفلين


فاروق عطية

الحوار المتمدن-العدد: 4068 - 2013 / 4 / 20 - 18:50
المحور: كتابات ساخرة
    


النصب فن متوارث منذ قديم الأزل وليس وليد العصر الذى نعيش، فقد نقلت لنا البرديات حكاية قديمة من أيام الفراعين. حيث تعرض فلاح كان ينقل خرجا من الملح على ظهر حماره لعملية نصب فقد فيها حماره بما كان يحمله فظل هذا الفلاح الفصيح يشكو لكل من يقابله ويحكى حكايته بأسوب شعرى فصيح متدرجا من عمدة البلد ألى حاكم المقاطعة حتى وصلت شكواه إلى الفرعون نفسه الذى أطربته حكاية الفلاح الفصيح فكان يطلب إعادتها مرات ومرات، ولكنه فى النهاية لم يسترد ما فقد فالقانون منذ القدم لا يحمى المغفلين..!!
كما يحكى أن جحا ذلك الشيخ المثقف الذى تقلد الكثير من المناصب منها الإمامة والقضاء وغيرها من المناصب العليا، قام هو نفسه بعملية نصب ظريفة على جيرانه. إقترض ذات يوم طنجرة ليطبخ فيها من جاره وفى اليوم التالى أعادها له وبداخلها طنجرة صغيرة، وحين سأله الجار عن هذه الطنجرة الصغيره أخبره جحا أن طنجرته قد ولدت عنده ولذلك فقد أعادها له مع وليدها. انتشر خبر ولادة الطنجرة لدى جحا بين الجيران فأسرع الكل بإيداع ما لديهم من أوان حتى تلد فى بيت جحا. جمع جحا كل الأوانى وباعها فى السوق، وعندما سأله الجيران عن أوانيهم أخبرهم أنها قد ماتت فى الولادة، ولما تعجب الناس رافضين أن يصدقوا أن الأوانى تموت، عندإذن قال لهم إذا كانت الأوانى تلد فلماذا لا تموت..!!
بالرغم أن مصر بحضارتها الممتدة لسبعة آلاف من السنين يتم فيها النصب من رعايا دول كانت وما زالت تعيش حياة الغاب ولم تعرف المدنية إلا من سنين مثل غانا والجابون والكاميرون، والأغرب أن المنصوب عليهم ليسوا من بسطاء الناس ولكنهم مثقفون ورجال أعمال وأطباء ومهندسون ومن ذوى الدخول المرتفعة لا أدرى كيف أصابتهم الغقلة ليقعوا فريسة سهلة قى أحابيل عمليات نصب ساذجة لا يمكن أن يصدقها طفل وليد, ولكن الملاحظ أن جميع الضحايا يمتازون بالجشع والطمع الذى يجعلهم فريسة سهلة لمثل هذه العمليات النصبية الساذجة.
لست أدرى كيف يكتشف من ينظر إلى وجهىى أننى صعيدى قح، وكيف يخطر على باله أننى ساذج سذاجة من اشترى العتبة الخضراء الذى ربما قد يكون أحد أجدادى, أو ذلك الذى اشترى الترام وقد يكون أيضا أحد أفراد عائلتى. خطرت على بالى هذه الأفكار وأنا أتذكر ما حدث معى أثناء فترة دراستى الجامعية فى نهاية الخمسينيات. فقد كنت أسير بشارع فؤاد وتوقفت أمام محل عكاوى أتفرج على فترينة الساعات, وإذ بشاب تفوح من فمه رائحة الكحول يقف بجانبى وحدثنى قائلا: معى ساعة جوفيال ذهبية أريد بيعها، هى عزيزة على ولكننى استنفدت ما معى من نقود وما زلت فى حاجة للشراب حتى أوزن الطاسة. وأخرج من جيبه ساعة ذهبية غاية فى الجمال وهو يترنح قدمها لى, فتفحصتها جيدا وكان ثمنها لا يقل عن ثمانون جنيها. سألته بكم يريد بيعها, فأجابنى أنه اشتراها منذ أسبوع بخمسة وسبعين جنيها ولكنه لحاجته الملحة للنقود الآن يوافق على بيعها بأربعين جنيها. قلت له ليس معى غير عشرين. فانتزع الساعة من يدى ووضعها فى جيبه وأعطانى ظهره للانصراف, وفجأة توقف وقال: حلال عليك بتلاثين. ولما أفهمته أن ليس معى غير العشرين، تنهد فى أسى ووافق لحاجته الملحة للشراب, وأخرج الساعة من جيبه ملفوفة فى سوارها الجلدى وقال لى: ضعها فى جيبك بسرعة حتى لا يرانا أحد ولا تخرجها إلا بعد الابتعاد عن هذا المكان لأننى بصراحة سارقها من واحد سعودى و جايز يكون بلغ الشرطة. هنا أيقنت أنه نصاب وأنه استبدل الساعة بأخرى لا تساوى قرشا. وقبل أن أتسلمها منه وأعطيه النقود قلت له لابد من إلقاء نظرة سريعة عليها قبل إعطائك النقود. وضع يده بسرعة فى جيبه وأخرجها بالساعة الحقيقية قائلا أنظر بسرعة حتى لا يرانا أحد. أخذت منه الساعة وفى الحال صحت: بوليس .. إجرى بسرعة الشرطة تحاصر المكان. فترك الساعة وركض كأنه الريح, وركضت أنا فى الاتجاه المضاد وركبت الاتوبيس وأنا أضحك مقهقها بصوت مدوى لانتصارى على النصاب.
تذكرت ما حدث معى قبيل مجيئ إلى كندا وأنا جالس بمقهى النشاط بشارع فؤاد اتابع مع غيرى من أرباب المعاشات حركة المارة الذين يملأون الشوارع وكأن مصر خلت من العاملين وأصبح الجميع صُيّع لا عمل لهم غير التسكع والتجواليتجوال, حيث أقبل على جلستى ثلاث رجال لا أعرفهم إثنين منهم أفارقة وثالثهم يبدو من سحنته أنه مصرى مثلنا. جلس ثلاثتهم على طاولتى والابتسامة العريضة تملأ وجوههم. بادرنى ثالثهم بالسلام والتحية وقدم لى زميليه على أنهم رجال أعمال من غانا, وأنهما توسما فى الطيبة والجدعنة ( يقصد السذاجة والغفلة), لذلك فهما يقدمان لى فرصة العمر فى الثراء السريع, فهُما متخصصان فى توليد الدولارات باستخدام الزئبق الأحمر المجلوب من مومياوت القدماء المصريين. بالطبع أيقنت انهم نصابون فرسمت على وجهى المزيد من علامات السذاجة والاندهاش, فقام أحد الافارقة بفتح حقيبته السيمسونيت وأخرج منها لوحين سوداوين وضع بينهما قطعتين من الورق وأسفلهما ورقة عملة دولارية فئة 100$ ورش عليها بخة من مسحوق أحمر واغلق عليها حقيبته قائلا سيستغرق التحول 20 دقيقة, قضيناها فى الدردشة واحتساء الشاى. بعدها فتح الحقيبة واخرج ما بين اللوحين الأسودين ورقتين من فئة 100$، تصنعت الدهشة والانبهار. طلبوا منى أن أجهز 250 ألف دولار ليضاعفوها لى مقابل 10% ثمنا للزئبق الحمر وأنهم متنازلون عن اتعابهم هذه المرة وسيتقاضون أتعابهم فى المرة التالية. اظهرت لهم امتنانى وترحيبى وطلبت منهم مهلة 24 ساعة لتدبير المبلغ المطلوب، وحصلت منهم على عنوان مكان اللقاء. وفى الميعاد المنتظر ذهبت لهم حاملا حقيبتى المتخمة بالدولارات، وفور فتح أحدهم للحقيبة هجمت الشرطة وقبضت عليهم متلبثين بجريمة النصب الدولى. شكرت ضابط الشرطة المتعاون وانفجرت فى الضحك على سذاجة أولائك النصابين. فاستيقظت أم العربى على ضحكاتى فوضّحت لها الأمر بتآمرى للقبض على عصابة دولية للنصب على المصريين فى حلمى, فنظرت إلى مليا ثم قالت: خللى بالك فى الحلم القادم, اكيد سيتتبعك المجرمون للانتقام منك ويقتلونك وأستريح أنا من أحلامك المزعجة..!!



#فاروق_عطية (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ألقاب ورثناها وألقاب تداولناها
- الحِلم بين الكتاب والشعراء والساسة
- آدم يرُدّ عن نفسه أضطهاد المرأة
- الأزمة وثقافة الجزمة
- متاعب المرأة فى كل زمان
- المرتب الطاير بين فقراير ومُرسيراير
- وحشتونى
- فى نتظار أحمس جديد لطرد هكسوس العصر
- الهكسوس بين الماضى والحاضر
- طرقات على جدار الذاكرة
- باطل ألأباطيل الكل باطل وقبض الريح
- أنفاق الفوضى المظلمة
- نفاق الفوضى المظلمة
- المد الإسلامة والخريف العربى
- العنصرية بين الدولة اليهودية ومؤتمر القمة الإسلامية
- حكايتى مع النظام 4- ( أنور السادات ):
- الخلط بين الديانة والقومية
- النصب بين الأمس واليوم
- آنست يا دك...تووور
- أنا مسيحى سافل ولى الشرف


المزيد.....




- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!
- مهرجان بابل يستضيف العرب والعالم.. هل تعافى العراق ثقافيا وف ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - فاروق عطية - النصب .. فن لا يقع فيه إلا المغفلين