قرايا- حطين- الصورة 4

مسعد خلد

الحوار المتمدن-العدد: 4068 - 2013 / 4 / 20 - 01:33
المحور: الادب والفن
    

قال العماد الأصفهاني واصفا انتصار صلاح الدين الأيوبي على الافرنج بقوله:
يــا يوم حطــين والأبــطال عابـسة
وبـالعجاجة وجـه الشمس قد عبسا
رأيت فيه عظيم الكفـــرِ محـتــقَرا
مُــعَفَرا خـدُّه، والأنـف قد تعسا
تبعد حطـّين عن طبرية نحو تسعة كيلومترات باتجاه الغرب. والأرجح أنها تقوم على بقعة بلدة "صِدّيم" الكنعانية، والتي تعني تسميتها جوانب، ومنها الكلمة العبرية "تسداديم" حاليا "حطـّيم". وفي العهد الروماني ذكرت باسم "كفار حِطّايا". و يتميز موقع القرية ، الجغرافي بأهميته اذ أنه يتحكم بسهل حطين الموصول بسهل طبريا من ناحية ، وسهل الجليل الأسفل من ناحية أخرى ، ويمر وسط أراضي حطين الزراعية ، وادي (خنفور) الذي يبدأ من جبل (المزقة) ويتجه نحو الجنوب الغربي، فاصلا بين قرية ( حطين ) وقرية ( نمرين( وعلى لسان أبو شوقي محمود توفيق رباح جاء: "ربطت علاقات صداقة بين مختار حطين "احمد قاسم رباح" وأخوه محمد مع آل أبو حيّه من بيت جن، وكنوا يستضيفوهم أيام زيارة النبي شعيب، عليه السلام. وفي الثمانيه وأربعين، حمى بيت المرحوم عبد الله أبو حيه -بالاضافة لنا- 128 نسمة من الفلسطينيين، في أثناء طريقهم الى لبنان... وعند عودتنا في شهر أيار 1949 وصلنا بيت الصديق علي اليوسف في بيت جن في حوالي الساعة الحادية عشرة صباحا، أطعمونا مشكورين، ثم تابعنا سيرنا في نفس الطريق التي توجهنا فيها الى لبنان...". ويعتقد أن سبب تسمية القرية، لأنها كانت محطة قوافل ما بين الشام والحجاز، وفي القرآن الكريم مذكورة رحلة الشتاء والصيف، في الشتاء كانت إلى اليمن وفي الصيف إلى بلاد الشام، وكانت حطين محطة للقوافل اختاروها لوجود نبع قوي وعين ماء قوية في أعلى منطقة فيها، حيث تنزل بقناة طولها لا يقل عن 500 متر تقريباً مبنية بالحجارة بشكل قناطر، والجدار لا يقل عن خمسة أمتار والشبابيك والأبواب مبنية من الحجارة، فكانت القوافل تحطّ في هذه المنطقة، لذلك سموها حطين. زار هذه القرية "ناصر خسرو" ودعاها باسم "حظيرة" ولعل هذا خطأ من النسّاخ. وقال الرحّالة المذكور:" في الجانب الغربي منها وادٍ به عين ماء عذب، تخرج من الصخر..." وينسب الى حطين الإمام الزاهد الورع أبو محمد هيّاج عُبيد بن الحسين الحطيني، والذي كان عالما فقيها، عرف بزهده وورعه، سكن مكة المكرمة وحاور وصار فقيه الحرم ومفتي مكة ومات فيها عام 472هـ. وتوفي في حطين سنة 702 هـ/1302م "علي بن محمد بن علاء الدين الدواداري" المعروف بابن الريس وابن الكلاّس، وكان فاضلا أديبا، ناظما ناثرا. ومما يجدر ذكره ان "محمد بن طالب الأنصاري شمس الدين" 1256-1327 م صاحب كتاب "نخبة الدهر في عجائب البر والبحر" المولود في دمشق والمتوفي في صفد، كان يلقب بشيخ حطين وشيخ الربوة، ومن اتصل بخدمته "نجم الدين بن أحمد الحطيني".
تقع عدة خرب بجانب حطين منها خربة العيكِه في ظاهر القرية الجنوبي وترف باسم المنطار، وتحتوي على أكوام حجارة، أساسات برج مربع صغير وصهريج صغير. وخربة مَديَن وتسمى قرون حطين، جنوب حطين، والى الشمال الغربي لطبرية. أما سبب تسميتها، فهو وجود قمتين لها، وفيها حدثت موقعة حطين بين خالد الذكر، صلاح الدين الأيوبي والافرنج. ويعتقد البعض أنه في هذه المنطقة ألقى السيد المسيح -عليه السلام- موعظته الخالدة التي تشمل أهم تعاليمه، وهي مذكورة في انجيل متى -عليه السلام- من الاصحاح الخامس الى نهاية الاصحاح السابع، ومن بينها : "وأما أنت فمتى صنعت صدقة فلا تعرف شمالك ما تفعل يمينك لكي تكون صدقتك في الخفاء... ومنها أيضا:" ولا يقدر أحد أن يخدم سيدين لأنه إما أن يبغض الواحد ويحب الآخر، أو يلازم الواحد ويحتقر الآخر، لا تقدرون أن تخدموا الله والمال..."
في ظاهر قرية حطين الجنوبي الغربي، وعلى بعد نحو سبعة كيلومترات عن طبرية، يقع مقام النبي شعيب –عليه السلام- والذي ظهر في نحو أواخر القرن الثالث عشر قبل الميلاد، وذكره القرآن الكريم عشر مرات. وفي جنوبي السلط في شرقي الأردن، بركة ماء، والى جانبها شبه دائرة صغيرة تسمى "مقام النبي شعيب" يستحيل على البدو من سكان تلك الجهات أن يحلف أحدهم كاذبا بحق شعيب أو رب شعيب امامها.
ومن بين مرويات القرن العشرين، أن زيد الأطرش، أخو سلطان باشا قائد الثورة السورية الكبرى، نزل الى حمامات طبرية للاستجمام بعد انتهاء الثورة، بصحبة زوجته، فعلم أبو حسن وحش عرايده، وهو من زعماء المغار، قضاء طبرية، فأرسل الى الشيخ أبو كنج علي يوسف الأسعد من بيت جن، وتوجها الى المدينة للقاء زيد الأطرش ودعوته، واستجاب للدعوة وزارهما، ولكن بعد أن توجهوا جميعا الى زيارة مقام النبي شعيب-ع- وفي ساحة العين التقوا أبي سعيد الحطيني، وهو أحد شعراء حطين الشعبيين، ومن أكرم رجالها، وإسمه الحقيقي مصطفى البدوي، وأقام لاحقا في مخيم اليرموك، في شارع بيسان في بيت إبنه سعيد ( أبو هاني )، الذي توفي قبل أعوام. كان الحطيني طويلا نحيفا يلبس دائما القمباز والحطة والعقال، وعينه اليمين عوراء، ويقال أنه كان يستهل حفلاته بالقول:
أنا الحادي الحطيني الأعور من عيني اليميني
وإن ضربتك سكيني؛ بخـلي عيونك تِقدَح نار
وعندما تعرّف الحطيني على زيد الأطرش، ارتجل أبياتا من الشعر منها:
بـهجرانك يا بن ذوقان وشـعيب
على خدّك زهور الورد وشعيب
وبـِشــهدلك نبـي الله وشـــعيب
بــيوم المـزرعة شِـــبعت ذياب
ومن أبياته الخالدة:
نحنا للسيف وللضيف
وما في حدّ بينكرنا
وقهوتنا السمرا للكيف
وخمر العز بيسكرنا
والشعّار الجابو الحيف
ما بتقـدرش تــعكرنا
ولو بقطعهن ع النظيف
نـفـسي ما بتخطــيني
ولأبي سعيد الحطيني أخ زجال يدعى ابو شكيب الحطيني استشهد في معارك النكبة وأولاده يقيمون في دمشق.
_____________________________
للتوسع والاستزادة:
- موسوعة بلادنا فلسطين، مصطفى الدباغ
-لمسات وفاء، د.شكري عرّاف
- صحيفة الصناره - عدد 1651 .
- موسوعة "ويكيبديا" من (جوجل)

#مسعد_خلد (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات