أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عادل الامين - حدث في معرة النعمان















المزيد.....

حدث في معرة النعمان


عادل الامين


الحوار المتمدن-العدد: 4066 - 2013 / 4 / 18 - 11:20
المحور: الادب والفن
    


نهض من ضريحه التليد و نضى التراب عن جسده والغبار عن ملابسه ولحيته الكثة ،حدق في الأفق عند شروق الشمس وشهق في دهشة وردد في نفسه "إني أبصر..إني أبصر !!..هل يعقل هذا؟!" أدهشه العالم الغريب حوله ،البيوت المدمرة والجدران المحترقة ونظر إلى ضريحه مرة أخرى والى التمثال المقطوع الرأس عن كثب ،سار في تثاقل نحو بيت أبو باسل وتقدم بهدوء وقرع الباب،سمع خطوات متوجسة خلف الباب وجاءه صوت أبو باسل العميق..
- من هناك؟!
- أنا أحمد بن عبد الله بن سليمان التنوخي
انفتح الباب واطل وجه مذعور تغمره الدهشة لرجل في العقد الخامس من عمره ،دخل المعري إلى ردهة الاستقبال،كانت أم باسل تعد طعام الإفطار بينما باسل يجلس عن كثب يقلب في كتبه المدرسية، أما أماني فظلت تحدق في حزن من النافذة إلى الفراغ الممتد عند أطراف مدينة معرة النعمان وتعبث بأصابعها في عصبية بأطراف ثوبها الأبيض الجديد..كان هناك تلفاز يضج بالإخبار عند الركن القصي للصالة ..جلس على الطاولة ونظر حوله في البيت ورائحة طلاء الجدران تملا خياشيمه..نظر إلى التلفاز
- ما هذه ؟.. هل هي العين السحرية التي كانت في ألف ليلة وليلة زمان؟!
جلس أبو باسل قبالته في تبجيل..
- إنها أمر كذلك ينقل لنا الأخبار ونعرف ما يدور في العالم حولنا وعننا
نظر باسل إلى الضيف في فضول طفولي
- كيف ترى ذلك وقد قال أبي انك أعمى ؟!
التفت إليه المعري باسماً في ود
- أيها العقرب الصغير..إني أبصر وما كنت يوماً أعمى
سبحان من قسم الحظوظ فلا ملامة*** أعمى وأعشى وذو بصر وزرقاء اليمامة..
ثم أردف
- لماذا لم تذهب إلى المدرسة اليوم؟؟!!
- لم تعد هناك مدارس وقد أضحت مدرستنا ثكنة للجيش السوري الحر..
- خسارة عظيمة أن لا تذهب إلى المدرسة هذا العام يا باسل ..
اكتمل إعداد الطعام في المائدة وجاءت أماني وجلست في شرود حزين ثم وضعت أم باسل الخبز و طبق الخضار والزيتون أمام المعري وجلست جوار ابنها،نظر باسل إلى طبق الضيف
- لماذا لا تعطيه لحم يا أمي؟
- إني لا آكل اللحم يا بني.. إني نباتي وهذا ادعى لصفاء الروح وأذكى للجسد
ثم التفت إلي أبي باسل
- لقد جددتم البيت هل لديكم مناسبة سعيدة؟..
رد أبو باسل في حزن
- كنا نزمع تزويج أماني هذا العام من ابن عمها أكرم الذي يقيم في أمريكا
- أمريكا؟؟!!
- انه بلد يقع خلف بحر الظلمات تم اكتشافه حديثا ولكن توجد وسائل سريعة تطير في الهواء الآن..تنقل الناس إلى البلاد ما كانوا بالغيها إلا بشق الأنفس..
- بساط الريح !!
- انه أمر أشبه بذلك..
فجأة ارتفع صفير وضجيج وهدير كالرعد يمزق كبد السماء وانطلقت المدافع تدوي في الخارج..نظر المعري إلى الوجوه الممتقعة حوله في ذهول..
- ما هذه الرعود والبروق التي تخطف الأبصار وتصم الآذان ولا أرى أمطار من النافذة..
رد أبو باسل في اشمئزاز
- هذه أسلحة هذا الزمان..إنهم يتقاتلون في الخارج
- ما الأمر إذا؟!
- شاهده في العين السحرية أمامك..إنهم يقولون "الشعب يريد إسقاط النظام"
- أي شعب هذا وأي نظام ذاك !!..
- اسمعهم في العين السحرية أمامك" يقولون أن عدد النازحين أضحى أربعة مليون مواطن سوري"..لقد مارسوا حقهم الانتخابي بأرجلهم..فراراً من هذا الجحيم المزدوج ..
وأردف أبو باسل مواصلا حديثه في مرارة ..
- مدن يضربها الزلزال
وأخرى بالطاعون تموت
والطاووس بلا خجل
يظهر عورته للناس*..
بان التفكير العميق على المعري وكأنما تذكر أمراً جللاً
- من المأفون الذي قطع رأس التمثال في الخارج؟!
ردد باسل الصغير في صوت خافت
- طيور الظلام !!
ضحك المعري في مرارة ثم أردف ساخراً
- إنها الفوضى الخلاقة فعلا..إنهم المتسللون عبر العصور..قتلة صديقي أبي الطيب المتنبي ،قوادين التتار ..اعرفهم جيداً..
رددت امانى
- نحن ننتظر الموت هنا..
نظر إليها المعري في أسى
- لا لن يموت احد هنا.. سنرحل جميعاً إلى بغداد
حدق الجميع فيه في دهشة يشوبها الارتياح
وأردف ناظرا إلى أماني
- وسيتم زواجك هناك..هي جهزوا العربة التي تجرها الخيول
نظر إليه الجميع وضحكوا..
- لدينا عربة نصف نقل تعمل على الوقود
بدت الدهشة على وجه المعري وسرعان ما تجاوز الأمر وأيقن أنها أمر عجاب كالعين السحرية والأسلحة المروعة التي تخطف الأبصار وتصم الآذان في الخارج.
- إذا هيا بنا..
بدا الجميع في إعداد نفسهم للرحيل وحملوا القليل من الأمتعة والكثير من الزاد وفي خارج كانت السيارة نصف النقل القديمة قد تم تسخينها للرحلة الطويلة..ركب أبو باسل وأم باسل وأماني في الغمارة وركب المعري وباسل في الخلفية مع الحقائب وتحركت العربة متسللة بين الخرائب في رحلة الخروج من الجحيم...تاركتاً معرة النعمان تواجه يوماً عصيباً آخر..
******
اقتربت السيارة المنهكة التي يكسوها الغبار من بوابة الحدود العراقية، ترجل أبو باسل من السيارة وهو يحمل الأوراق الثبوتية واقترب من الجندي وكان يدور بينهما حوار شاق..قفز المعري من خلفية السيارة وهو يمسك بيد باسل واقترب منهما ..

- السلام عليكم يا أخا العرب..
نظر الجندي إلى العجوز في دهشة
- عليكم السلام
- أنا أبو العلاء المعري.. هل تعرفني ؟!!أم انك لم تقرا رسالة الغفران !! وأنت في هذه الأرض اليباب..التي يضجر من نفسه فيها الضجر..
انفجر الجندي ضاحكا ويبدو انه استمرأ الأمر العجيب
- وكيف اعرف انك أبو العلاء المعري ؟
- تبا لك ألا ترى إني أعمى
نزع النظارة السوداء وحدق بعينيه النافذتين إلى وجه الجندي الذي أصابته القشعريرة ثم اخرج كيس به دنانير ذهبية ولوح به أمامه وانسابت الدنانير من العصر العباسي الذهبية تخطف الأبصار مع أشعة الشمس الغاربة بين يدي الجندي وحدث شيء ما،تحدث الجندي في جهاز الاتصال وانفتحت البوابة..
عاد الرجال إلى السيارة،وتحركت في توجس وعبرت البوابة وابتعدت شرقا إلى داخل العراق..نظر المعري في أسى إلى الأفق الغربي الدامي حيث شارفت الشمس على الغروب وهو يربت على رأس باسل الذي تملكه النعاس في حضنه..وكان يتمتم..
- إنما هذه المذاهب أسباب لجلب الدنيا للرؤساء
كالذي يقوم بجمع الزنج في البصرة والقرمطي بالإحساء..
...............
هوامش** :قصيدة الطاووس للشاعر العراقي البياتي

*كاتب من السودان مقيم في اليمن



#عادل_الامين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الاقلية الانتهازية التي تحكم بلدين
- العهر السياسي، وخصاء الأنظمة قراءة في رواية (الفحل) د/ إبراه ...
- سيرة مدينة/اخر كلمات الشاعر سيد احمد الحردلو
- رواية الفحل للحسن محمد سعيد..العلاج بالصدمة..
- ايقونات يمنية
- هكذا تكلم المفكر السوداني محمود محمد طه
- ام احمد
- الاصر..!!
- السودان في متاهته
- رواية ظلمة يائيل...اتكاءة على الماضي واستشراف للمستقبل
- السودان اضحى رجل افريقيا المعاق
- الربيع المصري الى اين ؟!!
- سيرة مدينة:ملالا الباكستانية وسكينة السودانية
- انتخابات امريكا والطريق الطويل الى الامم الحرة
- التصالح مع الهوية السودانية هو مفتاح العبور للقرن21
- الاخوان المسلمين ومازق الشريعة في السودان
- احتضار الراسمالية الاحتكارية
- الازمة الفكرية للربيع العربي
- اذا كانت فضائية الجزيرة تحترم السودانيين حقا !!
- صدام ثيران البايسون


المزيد.....




- هتستمتع بمسلسلات و أفلام و برامج هتخليك تنبسط من أول ما تشوف ...
- وفاة الفنان المصري المعروف صلاح السعدني عن عمر ناهز 81 عاما ...
- تعدد الروايات حول ما حدث في أصفهان
- انطلاق الدورة الـ38 لمعرض تونس الدولي للكتاب
- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عادل الامين - حدث في معرة النعمان