|
المطرقة النيتشوية
رضا كارم
باحث
الحوار المتمدن-العدد: 4065 - 2013 / 4 / 17 - 15:57
المحور:
الثورات والانتفاضات الجماهيرية
سوريا الحبيبة الملتاعة. سوريا التي تمزقت بسكين الدكتاتور، قبل هجرة الأدوات الاستعمارية المظلمة. منذ قليل بث التلفزيون الرسمي نشاطا في مدينة حلب ، احتفالا بما يسمى عيد الجلاء. بعد مقدمات فضفاضة ، تدخل محافظ حلب ، ثم ممثل حزب البعث فيها... لم تعن الدماء المنهمرة للسوريين شيئا لهذا المستبد الفاسد. مازال يواصل سياسات النعام، بل ختم المخبر المكنى صحفيا تقريره المخابراتي بصيحات الحاضرين: بالروح بالدم نفديك يا بشار.!!!!!!!! حبيبتي يا سوريا. سيقول بعضنا: و لكن هل جبهة النصرة ،بديلا؟ ليكن بشار أسوأ خيار، أ فلا يظل مع ذلك أفضل الممكن و المتاح؟ هب أن الرجل رحل، أ لن تدخل سوريا العصر الوهابي قسرا؟ و الجيش المسمى حرا، ماذا بقي من حريته و هو محض علاقات خيانة و عمالة و غدر و تبعية ؟ و قادة تلك المعارضة، الليبراليون سواء فاشية دينية أو فاشية طبقية، هل يرقى أي منهم ليكون خيارا؟ سيعتبر بعضنا سوريا واقعة ضمن خيارين حدّيين، فإما بشار " و الدولة الوطنية" أو العصر الظلامي التبعي و "دولة مستعمرة بلا قرار". و سيقول بعضنا أكثر من هذا و أغرب و أسوأ... أجيب كل الحالمين ب"الدولة الوطنية الديمقراطية" في سوريا، و التي يمثلها و لو نسبيا، الدكتاتور الذي باع الاسكندرونة، و تخلى عن الجولان، مقابل "حصانة الممانعة" ، سوريا لا قيمة لإنسان فيها و هي مستعبدة إلى حدود مدهشة. لا يقو السوري على فتح فاه ليرفض سلوكا اشتبداديا من بعثي قبيح استولى على أرضه ، أو طالبه بعمولة لتسهيل شأن يومي ما. صديقي يعود الى سوريا ، فيقابل كل مرة بتحقيق روتيني و صفعات ضرورية و شتيمة حاضرة حضور البديهة. أخته تم تعذيبها بشدة لمجرد أنها تشاجرت مع "مسؤول حزبي" . و قد تدخل مخرج سينمائي ليحل الإشكال و يتم إطلاق سراحها. يقولون أن سوريا تنتج 40بالمائة من حاجات العراق الخضرية، و أقول ما مقدار استفادة الشعب من تلك الصادرات؟ يتحدثون عن الممانعة السورية التي سمحت لحزب الله بالصمود في 2006، و أسأل عن المناكحة التركية لحافظ و بشار بمناسبة الإمضاء على التخلي النهائي عن الإسكندرونة. و لمن لا يعرف بشأن ذلك، عليه أن يرقب الشأن السوري عن كثب. إن الفاجعة الإنسانية، تجد كمالها في العقل الإخلاقي المنهار عند الشعوب الساكنة في هذه المنطقة العربية. فاجعة و الناس يطلبون حريتهم، و يحجبونها عن العراقيين ، بحجة أن صدام مقاوم لا يقارع. و يعودون اليوم للحديث عن بشار المقاوم، و يرفضون تحرير الإنسان من سيطرة مطلقة على مصيره. و لماذا نأبى مواصلة المعركة حتى تحرير الأرض و تحرر الإنسان؟ لماذا نرفض بشار، و نترك القدر يحدد البديل؟ مثلما حدث في تونس و مصر. صاح الناس معجبين بخيارات الثوار، و لما سقط بن علي و انهار مبارك، عادوا الى منازلهم و بقي الثوار وحدهم قبل محاكمتهم و ملاحقتهم و قتل بعضهم. ما الذي يجعل هؤلاء التابعين الى الابد، هؤلاء العاجزين طيلة أعمارهم، ما الذي يجملهم على العودة الى جحورهم القبيحة ، ليعلنوا الإخوان منتصرين؟ سيسقط بشار ، سيسقط أفضع دكتاتور، و سيعود السوريون الى ديارهم، قبل أن ينتخبوا طغاة آخرين لسحلهم في الشوارع و بيعهم في البارات أو المساجد... إنها ثقافة ، ما البديل؟ تلك الثقافة الغيبية المقرفة، تلك الثقافة الموبوءة المنهارة. الإنسان لا يصنع بدائله، الإنسان على هذه الأرض ينتظر صناعة إلاهية مقززة لقدره، أو تكوينا سياسيا خيانيا ل"دولة" تقوم على استعباده و امتصاص دمه و سرقة موارده، انتهاء بالبصاق على ٍاسه و لعنه و سجنه أو قتله. ما بديل بشار؟ و يستأنفون القول، جبهة النصرة؟ يستغربون ذلك. كم أنت غبي يا هذا ، أتريد لنا بول البعير بديلا؟ لا أريد لكم شيئا يا جماعة، أريد أن تعرفوا معنى الإرادة أولا، أن تؤسسوا الإنسان فيكم ، أن تقاوموا كل المهيمنين دون استثناء أن تكسروا كل الطغاة دون استثناء و أن تقاتلوا من أجل أنفسكم المجتمعة. لا شيء أهم من تشاركية الفعل المقاوم المراهن على مركزة الإنسان ، و نفي التهميش عنه. لا شيء ، لا بديل غير المقاومة أداة للتحرر ، لبقاء توظبه الكرامة و الشرف و الأخلاق : أخلاق الأقوياء أخلاق المطرقة النيتشوية
رضا كارم.
#رضا_كارم (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
بمناسبة الثورة الكروية في بنزرت:شعب التكوير لا شعب التثوير
-
الصناديق تتحول إلى نعوش
-
الحقيقة-السيادة-التاريخ
-
شارع المُوازين و حرب الدلالات: تاريخ موضوعي للمقاومة
-
البغل و المقاومة
-
أبناء الخديعة
-
جزء من ذاكرة الثورة
المزيد.....
-
محكمة تونسية تقضي بإعدام أشخاص أدينوا باغتيال شكري بلعيد
-
القذافي يحول -العدم- إلى-جمال عبد الناصر-!
-
شاهد: غرافيتي جريء يصوّر زعيم المعارضة الروسي أليكسي نافالني
...
-
هل تلاحق لعنة كليجدار أوغلو حزب الشعب الجمهوري؟
-
مقترح برلماني لإحياء فرنسا ذكرى مجزرة المتظاهرين الجزائريين
...
-
بوتين: الصراع الحالي بين روسيا وأوكرانيا سببه تجاهل مصالح رو
...
-
بلجيكا تدعو المتظاهرين الأتراك والأكراد إلى الهدوء
-
المكتب السياسي للحزب الشيوعي العراقي: مع الجماهير ضد قرارا
...
-
بيان تضامن مع نقابة العاملين بأندية قناة السويس
-
السيسي يدشن تنصيبه الثالث بقرار رفع أسعار الوقود
المزيد.....
-
ورقة سياسية حول تطورات الوضع السياسي
/ الحزب الشيوعي السوداني
-
كتاب تجربة ثورة ديسمبر ودروسها
/ تاج السر عثمان
-
غاندي عرّاب الثورة السلمية وملهمها: (اللاعنف) ضد العنف منهجا
...
/ علي أسعد وطفة
-
يناير المصري.. والأفق ما بعد الحداثي
/ محمد دوير
-
احتجاجات تشرين 2019 في العراق من منظور المشاركين فيها
/ فارس كمال نظمي و مازن حاتم
-
أكتوبر 1917: مفارقة انتصار -البلشفية القديمة-
/ دلير زنكنة
-
ماهية الوضع الثورى وسماته السياسية - مقالات نظرية -لينين ، ت
...
/ سعيد العليمى
-
عفرين تقاوم عفرين تنتصر - ملفّ طريق الثورة
/ حزب الكادحين
-
الأنماط الخمسة من الثوريين - دراسة سيكولوجية ا. شتينبرج
/ سعيد العليمى
-
جريدة طريق الثورة، العدد 46، أفريل-ماي 2018
/ حزب الكادحين
المزيد.....
|