أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - اسامة غالي - الحقيقة والمعنى في مقاربة فلسفية اخرى















المزيد.....

الحقيقة والمعنى في مقاربة فلسفية اخرى


اسامة غالي

الحوار المتمدن-العدد: 4063 - 2013 / 4 / 15 - 21:43
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


الحقيقة والمعنى في مقاربة فلسفية اخرى
تعددت الرؤى الفلسفية حتى باتت لا تحصى،وهذا التعدد ناتج عن اختلاف المناهج الفلسفية ،لكن ما اريد ان اتحدث عنه هو الاصول الفلسفية العامة او القواعد التي شكلت تلك الرؤى ، كيما ابتعد عن الاشكاليات المعاصرة ومسارات التحول الفلسفي ..وفي الوقت نفسه اسعى للكشف عن قيمة المعرفة لدى الفكر التجديدي مقاربة مع مرتكزات الموروث المعرفي..
تشكلت الحقيقة ككيان رؤيوي في تضاعيف الفكر الأفلاطوني،وهي تصاحب قرائنها / الخير ،والجمال / مصاحبة الظاهر الى مظاهره ،حيث بدء افلاطون مشروعه الفلسفي بالجمال والخير حتى يدل على الحقيقة المستترة وراء ذلك ،فكان الجمال يلوح في افق الحقيقة ،والحقيقة بدورها تضفي للجمال معالمه وفلسفته، حتى انبثق فيما بعد حقل الجماليات،و هو فرع من الفلسفة يهتم بمسالة الذوق واشكالية وضع المعاير القياسية للذوق الجمالي،ويحدد بدوره الجمال واشكال تمظهره في الفنون والطبيعة ،لذا كان الفن من حيث هو بحث عن الجمال او في الجمال حقيقة،والحقيقة فناً، متآزران رؤية و اجراءاً،كما انهما يتباعدان عندما يتحول الفن ظاهرة استطيقية،وهذا لا يعني إن الفن بات مستقلاً عن الحقيقة،بل إنه تنازل عن سياقاته وفق الرؤية الافلاطونية، مما حدا الامر بافلاطون إن يضع الفنون المحاكية في المرتبة الثالثة من الوجود بوصفها محاكاة للمحاكاة، ،وبهذا فرق بين المحاكاة الفنية و المحاكاة المعرفية و التي هي بمعنى المطابقة وان كان يرى ان هناك تقارب في الاثر والانفعال لدى المتلقي ،و من هذه الجهة بٌحث الشعر والخطابة في المنطق لا على انهما يحاكيان الواقع كما هو عليه.
و قد توقف غادامير (المانيا،1900ـ2002م) في كتابه / الحقيقة والمنهج / عند هذه المفارقة ناقدا للرؤية الافلاطونية ،مبديا تصورات مغايرة حول مفاهيم/ اللعب ـ المحاكاة ـ التعرف /، مفيدا من النظرة الارسطية لمفهوم المحاكاة،مع ما افاده هيدجر ( المانيا،1889ـ1976م) من رؤية حول الارتباط بين الحقيقة والفن ،لكن على كلا الرؤيتين / الافلاطونية او الغاداميرية /، تبقى الحقيقة والفن وجهان لعملة واحدة هي الوجود، ما ممكن ان يطرح الفن بديلا عن الحقيقة او الحقيقة بديلا عن الفن، هكذا بدأت الحقيقة مع افلاطون تتجه نحو الانفتاح على الفلسفات الاخرى،حتى ترشحت عن مقولات ارسطو فيما بعد، فُتخذ منها اداة وغاية في الوقت نفسه،اداة لنقد المفاهيم السفسطائية المبنية أسسها على كون (الإنسان معيار كل شيء) ،و فاعلة في نقد الافكار المعاصرة التي تبتني على العلاقة بين / الانا و العالم / كالظاهراتية (ادموند هوسرل/المانيا/ 1859ـ1938 ) التي تعمل على تصوير الإدراك بانه ثراء دلالي للاشياء يمنحها المعنى والشكل الخاص الذي تتشكل به وعليه (لم يكن للعالم اي معنى بدون هذا التشكيل انه اللقاء بين التفكير والعالم الذي يعطي معاني الاشياء،فالانسان منفتح على العالم وضمن هذه العلاقة يتشكل المعنى) (ينظر:فلسفات عصرنا تياراتها ومذاهبها أعلامها وقضاياها،جان فرانسوا دورتيي،ترجمة ابراهيم صحراوي،الدار العربية للعلوم ناشرون،بيروت،ط1، 2009م، ص365)،وبذا لا يوجد هناك ثابت وجودي او نصي يُتعامل معه قراءة او تأويلا ..
وغاية،باعتبار الحقيقة تمثل قيمة معرفية كبرى ينشدها الإنسان عبر حركته في الكون ،مما جعلها بعد ذلك تتشكل في معاني عدة يستوقفنا البحث عندها عبر احالات تكشف بوعيٍ عن التهميش الذي طال الحقيقة تحت سلطة النقد المعاصر حتى أَفِلَت في سماء الخطاب التحويلي فصورت على انها تقف من التجديد والتحرر موقف التضاد او التطارد مما حدا بالمفكرين والباحثين ان ينقدوها دون ادنى تفحص عما تحمله في ثناياها من معانٍ، فبدأت خطابات التحول في تأسيس مشاريعها على نقد الحقيقة، مكرسة النقد على ان الحقيقة مرجعية ايديولوجية ونظام عقائدي يقوم على جاهزية المعنى وموضوعيته فحسب ،هكذا تمركز خطاب النقد التحويلي ازاء الحقيقة غير مخبت الى انها بمعنى من المعان توجه الفكر نحو الرؤى و خلق المفاهيم و توليد الافكار وتثري الباحث عندما ينقب في اقانيم الوجود .
اخذ مصطلح الحقيقة فلسفيا يتطور حتى توسعت معانيه،فتارة يقصد به وجود الذات في العيان سواء كان ذلك الوجود دائما او مؤقتاً ، وتارة يقصد به معيارية الفكرة وقيمتها المتولدة لدى القارئ بما تحاكيه وتطابقه،فمن هذا الجانب سميت المطابقة بالصدق ، اما من جانب مطابقة الواقع للفكر فيسمى حق او حقيقة (ينظر:الإشارات والتنبيهات،ابن سينا، نشرالبلاغة،ايران،ط1، 1383ش،ج3،النمط الرابع /الالهيات/ص9)وان كانت مفردة المطابقة تثير حفيظة كثير من نقاد الحقيقة المعاصرين باعتبارها ـ حسب رؤيتهم ـ مستعمرة للمعنى، تحتبسه في قلاع الممنوع والممتنع ،مصيرته بشكل او باخر احادي الهوية ،مما اتاح لها فرصة الهيمنة والسطوة على استراتيجيات الاختلاف والتعدد ،داعيهم ذلك الى استبدال المطابقة بالابتكار،مما ال بهم الى فرض المعنى لاحقا للقارئ لا سابقا له كما يشير ادونيس،كل هذا لاجل ان يجير الاختلاف والتعدد ويمارس في الواقع المعرفي وان كان على حساب الارادة ولا اقول الهوية كي لا اقع في فخ الهوية كما يعبر عنه علي حرب التي لم نبحث بجد عن تفسير لها من حيث هي كينونة متأصلة في الذات دون أي اختيار سابق، في الوقت الذي تعمل على منح الذات حرية التفكير باي شيء ،هذه الارادة التي تجعل الوجهة دائما نحو ما هو جديد ومغاير مع اختلاف الثقافات، وتعدد الانماط المعرفية ،ولو توافدت التساؤلات ازاء هذه الخصائص المذكورة للارادة لكان أجدى نفعا مما تسأل عنه نيتشه :(ما قيمة هذه الارادة؟) ولأحالتنا الاجابة عنها الى فهم معاقد مهمة ومفصلية قد غيبت وراء سحب الاختلاف..
ان حضور الحقيقة في المشروع الفلسفي يسهم في إعطاء المعرفة قيمتها سواء كان ذو نزعة افلاطونية او ارسطية او حتى منطق وفلسفة المشرقين لابن سينا ، لا فرق بينهما خلافا لما ذهب اليه الدكتور محمد عابد الجابري،حيث اعتمد في اثبات المحايثة على تسمية ابن سينا لفلسفته بـ(المشرقية)،وهذا ما عالجه نقديا الدكتور جورج طرابيشي في كتابه(وحدة العقل العربي الاسلامي) الصادر عن دار الساقي،بيروت،تحت عنوان (المشرقيون والمنطق)،ثم ما يؤكد التوافق والارتباط بين الفلسفة المشائية والمشرقية ونفي المحايثة، ما ذكره ابن سينا نفسه حيث قال:انظروا معاشر المتعلمين هل اتى على احد بعده ]اي ارسطو[ زاد عليه او اظهر فيه قصورا،او اخذ عليه مأخذا مع طول المدة وبعد العهد؟بل كان ما ذكره هو التام الكامل والميزان الصحيح والحق الصريح (الشفاء،المنطق،الفصل السادس،السفسطة) والامر يتم بتنظيرين: التنظير الاول وجود الواقع،والثاني امكانية التعرف على الواقع عبر قنوات التواصل الادراكي الحصولي او الشهودي،ومن هنا ينبغي لكل مفكر يحاول إن يضع لمساته في طريق المعرفة إن لا يتجاوز هذين التنظيرين ويتجه من خلالهما نحو استكناه المكون المعرفي باركانه الثلاثة / الذات والمعنى والعالم / وهذا الامر تؤيده بداهة الارتباط ووجود العلاقة فيما بين تلك الاركان علاقة تراتبية،اي إن تكوين الرؤى باتجاه الذات و العالم تستدعي حكم مسبق بوجود الواقع ،كذلك العلاقة بين امكانية التعرف والمعنى ،وعليه في حال فقدان اي من التنظيرين سيؤول الامر الى فقدان المعرفة،ومن هنا نشأت الاشكالات وتعددت الرؤى،وليس البحث بصدد استعراض الرؤى واشكالات المعرفة فيها،بقدر ما هي اضاءة لمساحة عائمة تشكل محور صدام وحراك المناهج المعرفية قديما وحديثا..
إن الواقع الذي تتحرك الذات بازاءه لم يكن منحصرا في مراتب الوجود العياني و الذهني فحسب ،بل هو اشمل من ذلك حيث يجترح العقل مفاهيم جديدة ويرتب عليها احكام خاصة ،يضطره لذلك الواقع العياني نفسه،وبذا يصبح الواقع المطابق يمثل مطلق الثبوت الشامل للوجود والماهيات والمعاني المجترحة ، ومن هنا فالمرتكزات الفلسفية واحدة وما التغاير الا من جانب توظيف تلك المرتكزات وابرازها برؤى مختلفة ، لكن ما إن تولد المنطق المحايث استبدلت معاني الحقيقة المتقدمة بمعنى اخر تمثلته بدءا الفلسفة الهجيلية يتجلى في كون الحقيقة ما اتفق عليها الادراك في زمان واحد،وهذا المعنى يرجع في اعماقه الى فكرة وحدة العقل والواقع العياني التي أسسها هيجل وبنى عليها رؤيته وهو يخضع الادراك للظروف التي تحيط بالمدرك،فتتغير انساقه بتغير بعديه الزماني والمكاني،وهذا المعنى للحقيقة جدير بالنقد واعادة القراءة حيث يصير الواقع متغيراَ لا ثبات له على الاطلاق وعليه يُفقد التوازن المعرفي الذي يؤمن للقارئ عملية انتاج المعنى بوصفه( وسيطا كونيا بين الذات والعالم) (صراع التأويلات،دراسات هيرمينوطيقية،بول ريكور،ترجمة د. منذر عياشي،دار الكتاب الجديد ،طرابلس،ط1 ،2005م،ص239).



#اسامة_غالي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحقيقة والمعنى من منظور مختلف
- السؤال الشعري عند ناهضة ستار ومرجعياته المعرفية...قراءة في م ...


المزيد.....




- نتنياهو يأذن لمديري الموساد والشاباك بالعودة إلى مفاوضات الد ...
- رئيس وزراء بولندا يكشف عن -جدال مثير- أشعله نظيره الإسباني ف ...
- دراسة رسمية تكشف أهم المجالات التي ينتشر فيها الفساد بالمغرب ...
- تشابي ألونسو يستعد لإعلان قرار حاسم بشأن مستقبله مع نادي ليف ...
- الجيش الروسي يكشف تفاصيل دقيقة عن ضربات قوية وجهها للقوات ال ...
- مصر.. إعادة افتتاح أشهر وأقدم مساجد البلاد بعد شهرين من إغلا ...
- قائد القوات الأوكرانية: تحولنا إلى وضع الدفاع وهدفنا وقف خسا ...
- مقتل شخص وإصابة اثنين إثر سقوط مسيّرة أوكرانية على مبنى سكني ...
- استطلاع يظهر تحولا ملحوظا في الرأي العام الأمريكي بحرب غزة
- معتمر -عملاق- في الحرم المكي يثير تفاعلا كبيرا على السوشيال ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - اسامة غالي - الحقيقة والمعنى في مقاربة فلسفية اخرى