أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - شادي الشماوي - كوريا الشمالية – الولايات المتحدة : من يمثّل تهديدا نوويّا حقيقيّا ؟ و ما هي خلفية النزاع؟















المزيد.....


كوريا الشمالية – الولايات المتحدة : من يمثّل تهديدا نوويّا حقيقيّا ؟ و ما هي خلفية النزاع؟


شادي الشماوي

الحوار المتمدن-العدد: 4063 - 2013 / 4 / 15 - 20:16
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


كوريا الشمالية – الولايات المتحدة : من يمثّل تهديدا نوويّا حقيقيّا ؟ و ما هي خلفية النزاع ؟
====================================
من يمثّل تهديدا نوويّا حقيقيّا ؟
( " الثورة "- جريدة الحزب الشيوعي الثوري ، الولايات المتحدة الأمريكية- عدد 301 ، 14 أفريل 2013 )
السؤال 1: كم عدد الأسلحة النووية التى تملكها كوريا الشمالية ؟
الجواب 1: على الأقلّ سلاح واحد . يقدّر أنّهم أنتجوا قدرا من البلوتونيوم يكفى لإنتاج بين 4 إلى 13 قنبلة صغيرة .
السؤال 2 : كم عدد الأسلحة النووية التى تملكها الولايات المتحدة الأمريكية ؟
الجواب 2 : 9000.
السؤال 3 : هل لكوريا الشمالية القدرة على إطلاق الأسلحة النووية ؟
الجواب 3 : غالبية الأخصّائيين يعتقدون أنّ كوريا الشمالية غير قادرة على إطلاق سلاح نووي .
السؤال 4 : هل للولايات المتحدة الأمريكية القدرة على إطلاق الأسلحة النووية ؟
الجواب 4 : نعم ، للولايات المتحدة مروحة واسعة من أنظمة الإطلاق ، من التربيدوس إلى الروكات الطويلة المدى ، إلى الطائرات الراجمات بالقنابل ب 2 ، إلى أسلحة تستعمل فى حقل المعارك ، إلى رؤوس نووية تكتيكية .
السؤال 5 : كم مرّة إستعملت كوريا الشمالية الأسلحة النووية ؟
الجواب 5 : و لا مرّة .
السؤال 6 : كم مرّة إستعملت الولايات المتحدة الأسلحة النووية ؟
الجواب 6 : مرّتان ضد المدن اليابانية ، هيروشيما و ناغازاكي متسبّبة فى قتل 200 ألف إنسان ، أساسا مدنيين. و إضافة إلى ذلك ، قد هدّدت الولايات المتحدة بصفة متكرّرة بلدانا أخرى بذخيرتها النووية .
إذن لا تتعلّق معارضة الرؤوس النووية لكوريا الشمالية بالسلم العالمي ! ما يشغل الولايات المتحدة هو أن الرؤوس النووية ستعطى كوريا الشمالية قوّة مساومة جديدة فى علاقتها بالولايات المتحدة و تضعف هيمنتها على المنطقة و ربّما تجعل كذلك هذه الأسلحة متوفّرة لأعداء الولايات المتحدة فى أماكن أخرى من العالم .
الولايات المتحدة تهدّد كوريا الشمالية : ماذا وراء النزاع ؟
( " الثورة " عدد 301 ، 14 أفريل 2013 )
طوال الأسابيع العديدة الماضية ، إشتدّت التوتّرات القائمة فى شبه الجزيرة الكورية . و صوّر الدبلوماسيون الأمريكان و وسائل الإعلام و القادة السياسيون الأمّة الصغيرة و المفقّرة لكوريا الشمالية ( شكليّا جمهورية كوريا الديمقراطية الشعبية ) كمتغطرس عدائي ، كبلد يمثّل تهديدل لجيرانه و كتهديد للسلم العالمي بالأسلحة النووية .
و التهديدات و الإستفزازات المتصاعدة و الوضع الخطير على الحدود بين كوريا الشمالية و كوريا الجنوبية و الوضع المتوتّر برمّته يحملون إمكانية إندلاع حرب كبرى بتبعات فظيعة بالنسبة لشعب البلدين و أبعد من البلدين .
تدّعى الولايات المتحدة أنّها راعية للسلم و نزع السلاح النووي و العقلانية و التقدّم الإقتصادي و الديمقراطية و أنّها راعية مصالح شعوب العالم .
كوريا الشمالية مجتمع إضطهادي و قمعي لكن كمصدر للإضطهاد و القمع و العنف فى العالم و كخطر نووي على الإنسانية تأثيرها ضئيل للغاية مقارنة بتأثير الولايات المتحدة .
خلال أكثر من الستين سنة الماضية ، تغيّرت العوامل الكامنة وراء النزاع بين الولايات المتحدة و كوريا الشمالية تغيّرا جذريّا ، بيد أنّ الولايات المتحدة كانت بإستمرار هي التى تقف وراء ذلك بسبب إندفاعها نحو الهيمنة على العالم و فرض و تعزيز نظام شامل من المعامل السيئة الظروف و الأحياء القصديرية و الإضطهاد من كلّ صنف . و خلال كلّ هذا ، كانت تحرّكات الولايات المتحدة إزاء كوريا الشمالية تحرّكات متغطرس عالمي يتعاطي مع تحدّيات هيمنته .
الحرب الكورية :
ظهور كوريا الشمالية و كوريا الجنوبية كبلدين من ما كان أمّة واحدة لمئات السنوات جاء نتيجة تغيرات كبرى فى العالم غداة الحرب العالمية الثانية .
لقد بذلت القوى الإمبريالية جهدا جنونيّا لغرس أنيابها بعمق أكبر فى جسد شعوب آسيا و أفريقيا و أمريكا اللاتينية . و راعية كلّ هذا و لاعبة دورا محدّدا فى هذا المشهد ، برزت الإمبريالية الأمريكية على رأس الرأسمالية – الإمبريالية العالمية .
هذا أحد التغيرات ، و التغيّر الكبير الآخر هو ظهور معسكر إشتراكي حيث قدّم ثلث الإنسانية فى الإتحاد السوفياتي و الصين بديلا قويا و حيويّا للرأسمالية ، معتمدة على مصالح الإنسانية و ليس على الإستغلال الرأسمالي ( أنظروا " كلّ ما قيل لكم عن الشيوعية خاطئ : الرأسمالية فشلت ، الثورة هي الحلّ "). عبر العالم ، تحالفت قوى راديكالية و ثورية و قومية فى الأمم المضطهَدة مع الكتلة الإشتراكية التى ساندتها لتحقيق تحرّرها .
أرسي كلا هذان التغييران الكبيران و خاصة الصدام بين الإمبريالية والإشتراكية إطارا للحرب الكورية . سنة 1910 ، إستعمر الإمبرياليون اليابانيون كوريا و منعوا تعليم اللغة الكورية فى المدارس وفرضوا على الكوريين إستعمال أسماء يابانية كما فرضوا عليهم ممارسة ديانة الشنتو اليابانية . وخلال الحرب العالمية الثانية ، أجبروا 200 ألف إمرأة كورية على أن تصبح عبيدا للجنس لدي جنودهم.
و هزمت الإمبراطورية اليابانية فى الحرب العالمية الثانية على أيدي قوى مشتركة صينية سوفياتية ، عملت سويّة مع مقاتلي المقاومة القومية عبر آسيا – و على أيدى الولايات المتحدة وإمبرياليون آخرون . و ألقت الولايات المتحدة القنابل على اليابان متسبّبة فى قتل مئات آلاف المدنيين . و عندما تداعت السلطة اليابانية فى كوريا ، كانت البلاد منقسمة إلى منطقة بين أيدى الإتحاد السوفياتي فى الشمال ومنطقة تحتلّها الولايات المتحدة فى الجنوب .
و كان من المفترض أن يكون ذلك التقسيم مؤقّتا مرتبطا بإجراء إنتخابات عبر البلاد كافة قصد تركيز نظام موحّد . إلاّ أن هذه الإنتخابات لم تحدث أبدا . فقد خشيت الولايات المتحدة أن توصل الإنتخابات قوى المقاومة الوطنية أو الشيوعية المتحالفة مع الإتحاد السوفياتي و الصين إلى السلطة . و عوض الإنتخابات ، بنت الولايات المتحدة نظاما منفصلا فى كوريا الجنوبية و جعلت من إنقسام البلاد أمرا واقعا . و وضعت " الرجل القوي " ، سنغمان رهي، فى السلطة و فرضت قمعا شديدا وإيقافات جماهيرية و مجازرا ضد الوطنيين والراديكاليين و الشيوعيين و غيرهما.
و فى 1950 ، تحرّكت القوى العسكرية لكوريا الشمالية لتساعد التمرّدات فى الجنوب بهدف إعادة توحيد البلاد . و توغّلت فيالق كوريا الشمالية بسرعة فى جنوب كوريا . فتدخّلت الولايات المتحدة لتوجّه ضربات إنتقامية .
قنابل على طول كوريا الشمالية و عرضها و تهديدات نووية للصين :
و تآمرت الولايات المتحدة لتستصدر من الأمم المتحدة قرارا لمعارضة كوريا الشمالية و تحت تلك اليافطة بعثت بمئات الآلاف من الفيالق إلى كوريا الجنوبية . و أذنت الأمم المتحدة فى أن تكون قيادة القوى المسلّحة الكورية الجنوبية و الأمريكية مباشرة بين أيدي الجنرال ماك أرثور و قدّمت الولايات المتحدة 88 بالمائة من 342 ألف جندي " عالمي " .
و أطلقت أمريكا حملة تدمير لا تصدّق إذ قادت قصفا شاملا لكوريا الشاملة قاذفة بلدا صغيرا بقنابل يفوق عددها تلك التى إستعملت فى كلّ مسرح حرب المحيط الهندي أثناء الحرب العالمية الثانية . لقد دمّرت جميع الأبنية المتكوّنة من أكثر من طابق واحد . وجاء فى تقرير للجنرال الأمريكي وليام دين أن غالبية مدن كوريا الشمالية وقراها التى شاهدها كانت إمّا تحت الأنقاض أو مغطّاة بالثلج .
و توغّلت القوات الأمريكية فى كوريا الشمالية بإتجاه الصين . عند هذه النقطة ، تدخّلت جمهورية الصين الشعبية فى الحرب ما مثّل تضحية عظيمة من الشعب الصيني الذى لم يمرّ وقت طويل على إفتكاكه السلطة السياسية عبر البلاد كافة و كان قد خطى أوّل خطواته فى التغيير الثوري لمجتمع حطّمه الفقر المستشري و المجاعات و التخلّف . و فُرض على القوات الأمريكية التراجع إلى ما وراء خطّ الطول 38 ( تقريبا وسط كوريا ، بين ما صار اليوم كوريا الشمالية و كوريا الجنوبية ) .
و خلال الحرب ، رسمت الولايات المتحدة بصورة متكرّرة مخطّطات لإستعمال الأسلحة النووية ضد كوريا الشمالية و القوات الصينية . و ما كان الجنرال ماك أرثور جنرالا فقط بل كان أيضا وجها سياسيّا معروفا ضمن الطبقة الحاكمة فى الولايات المتحدة و قد طلب السماح له بغزو الصين و الهجوم عليها مستخدما أسلحة نووية . و شعرت قوى أخرى من الطبقة الحاكمة الأمريكية أنّ ذلك سيكون غاية فى الخطورة . و فى إطار نزاع شديد صلب الطبقة الحاكمة الأمريكية ، طرد الرئيس ترومان ماك أرثور ، و فى النهاية وقع التراجع عن الهجوم النووي – لكن الولايات المتحدة كادت تشنّه.
و تسبّبت الحرب فى وفاة ملايين الكوريين – حسب التقدريدات ، بين ثلاثة و خمسة ملايين ، معظمهم مدنيين و الغالبية الساحقة قتلوا فى كوريا الشمالية . و شمل الدمار كلّ نواحي البلاد لكن كوريا الشمالية دمّرت تماما.
و تمّ إمضاء هدنة فى 1953ما وضع حدّا للقتال رغم أنّه لم يتم أبدا إمضاء أية معاهدة سلم فعلية تنهي حالة الحرب السابقة . و مذّاك ظلّت كوريا منقسمة إلى كوريا الشمالية و كوريا الجنوبية .
بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية ، كانت الحرب الكورية محاولة لتعزّز هيمنتها على كوريا الجنوبية و لتضع يدها على الشمال و تتقدّم ضد القوى الشيوعية و الوطنية فى آسيا . و لم تقدر الولايات المتحدة على تحقيق هذه الأهداف . لكن بعد الحرب ، أخذت تبنى كوريا الجنوبية كقاعدة سياسية و إقتصادية و عسكرية منها تستطيع أن تواجه الصين و تفرض مصالحها فى المنطقة .
تغيّر فى النزاعات العالمية – و كوريا لا تزال فى مرمى المدافع :
لقد ارست النزاعات الجغرافية السياسية العالمية إطارالنزاعات بين الولايات المتحدة و كوريا الشمالية . فكان الصدام الأوّل بين المعسكر الإشتراكي و الثورة العالمية من ناحية و الإمبريالية من ناحية ثانية .
و فى أواسط خمسينات القرن العشرين، تغيّر ذلك الوضع إذ إنقلبت القوى التحريفية فى الإتحاد السوفياتي على الثورة و أعادت تركيز الرأسمالية هناك . و اُدمجت كوريا الشمالية التى كانت إلى جانب الثورة العالمية لكنها لم تكن أبدا بلدا إشتراكيّا ، أدمجت ضمن مجال الإمبريالية الإشتراكية السوفياتية .
و بُعيد وفاة ماو تسى تونغ فى 1976 ، نظّمت القوى الرأسمالية ضمن قيادة الحزب الشوعي الصيني إنقلابا و أعادت تركيز الراسمالية مع أنّها تبقى على غلاف زعم أنّها شيوعية إلى يومنا هذا . و مثلت خسارة الصين ضربة فظيعة لشعوب العالم فمع تلك الخسارة لم يعد التناقض بين البلدان الإشتراكية و الإمبريالية عنصرا من الوضع الجغرافي السياسي العالمي .
منذ أواخر خمسينات القرن العشرين إلى بداية سبعيناته ، حدّد النزاع العالمي بين الإمبريالية بقيادة الإمبريالية الأمريكية و نضالات التحرّر الوطني فى آسيا و أفريقيا و أمريكا اللاتينية ضد الإمبريالية حدّد رئيسيّا الوضع العالمي . و منذ أواسط سبعينات القرن العشرين إلى إنهيار الكتلة الإمبريالية التى يتزعّمها الإتحاد السوفياتي ( 1989-1991) وضع النزاع بين الكتلة الإمبريالية التى تتزعمها الولايات المتحدة و الكتلة الإمبريالية التى يتزعّمها الإتحادالسوفياتي ، بشكل أساسي إطار النزاعات الأخرى فى العالم . خلال تلك الحقبة ، حقبة الحرب الباردة ، ظلّت الحدود بين كوريا الشمالية و كوريا الجنوبية قابلة للإنفجار لكن الآن بين قوّتين رجعيّتين . تحالف حكام كوريا الشمالية مع السوفيات و عوّلوا على المساعدة الإقتصادية السوفياتية لدفع إقتصادهم ، و بالمقابل لعبوا دورا مفيدا للإتحاد السوفياتي فى النزاع العالمي مع الولايات المتحدة .
و سحب إنهيار الإتحاد السوفياتي فى 1991 البساط من تحت أقدام حكّام كوريا الشمالية فجعلهم يفقدون قوّة عظمى عالمية تموّلهم الشيء الذى خلق وضعا يائسا فى بلد كان إقتصاده مرتبطا بإندماجه فى كتلة الإتحاد السوفياتي سابقا .
فى هذا الإطار ، إنخرطت الولايات المتحدة إلى درجة معيّنة فى سياسة الجزرة و ( غالبا ) العصى للضغط على كوريا الشمالية . و شدّدت العقوبات لمدّة طويلة بما ساهم فى مجاعة و نقص فى الرعاية الصحّية فى كوريا الشمالية . و أحيانا وقع خفض العقوبات قليلا . و من جهتهم ، إستعمل حكّام كوريا الشمالية برنامجهم النووي و القدرة الجديدة على صنع أسلحة نوويّة للمساومة من أجل الحصول على المساعدة و وضع نهاية للعقوبات .
و فى الفترة التى تلت إنهيار الإتحاد السوفياتي ، ظهرت تحدّيات جديدة و غير مسبوقة كحواجز أمام دور الولايات المتحدة كقوّة عظمى عالمية وحيدة من مثل جهاد الأصوليين الإسلاميين إلى جانب بروز المنافسات الجهوية و منافسات السلط الكبرى لهيمنة الولايات المتحدة . و تحليل عميق لتأثير التوترات بين الولايات المتحدة و الصين حول تحركات الولايات المتحدة ضد كوريا الشمالية خارج نطاق هذا المقال ، لكنه عنصر له دلالته فى هذه الصورة .
و تسارعت تحركات الولايات المتحدة ضد كوريا الشمالية بفعل مقاربة جورج بوش الإبن لدولة الوحدة سنة 2002 . فى إطار الإحالة المستمرّة للإنتقام من 11 سبتمبر ، وضع بوش العراق و إيران و كوريا الشمالية فى قائمة " محور الشرّ ". و بالطبع ، لا بلد من هذه البلدان له علاقة ب 11 سبتمبر ، لكن تبعات الوجود على القائمة كانت و تظلّ نذير شرّ .
فى إطار جملة التحدّيات التى كانت تواجههم ، وجد حكّام الولايات المتحدة الأسلحة النووية ذات القدرة الصغيرة غير مقبولة و أنّ تلك التقنية ليست تحت تصرّف أو مراقبة الولايات المتحدة و أنّ هناك إمكانية تصدير التقنية إلى بلدان و قوى أخرى تعتبرها الولايات المتحدة تهديدا جدّيا . و من جهتها ، تعدّ الطبقة الحاكمة لكوريا الشمالية قدرتها النووية كإحدى الأوراق التى تستعملها للمساومة . و بقدرة ما تخنق الولايات المتحدة كوريا الشمالية إقتصاديّا و تشدّد من ضغطها العسكري ، بقدر ما يُدفع حكام كوريا الشمالية إلى بناء قدرتهم النووية .
أكثر من 60 سنة من الضغط العسكري و الخنق الإقتصادي :
فى حين تغيّرت القوى العالمية الكامنة خلال أكثر من 60 سنة فإنّ الضغط الإقتصادي و العسكري على كوريا الشمالية لم يتوقّف.
تبنى الولايات المتحدة كوريا الجنوبية و تواصل الحفاظ على هذا البلد كقاعدة إستراتيجية لمصالحها . من 1953إلى 1974 ، تلقّت كوريا الجنوبية 4 بليون دولار مساعدة أمريكية مباشرة – ما يقدّر ب 60 بالمائة من جملة الإستثمارات فى كوريا الجنوبية – إلى جانب عديد الأشكال الأخرى من المساعدة المباشرة مثل القروض منخفضة الفوائد . و كلّ هذا أشرف عليه الحكّام " الرجال الأقوياء" عملاء أمريكا . وعندما أطرد سنغمان رهي من البلاد فى 1960 جراء إحتجاجات جماهيرية ، عوّضته الولايات المتحدة ببارك تشونغ هي الذى حكم مثل دكتاتور فاشي غير منتخب لعقدين تقريبا . ( و إبنة بارك ، بارك جوون – هوي هي الرئيسة الحالية لكوريا الجنوبية ) .
كلاّ من كوريا الشمالية و كوريا الجنوبية مجتمعان عسكريان إلى درجة عالية . و جيش كوريا الشمالية هو خامس أكبر جيش فى العالم عددا فهو متكوّن من أكثر من مليون جندي و ملايين الإحتياطيين و كذلك هو الحال بالنسبة للجيش الكوري الجنوبي الذى بُني كأحد أكبر القوى العسكرية فى العالم متكوّن من تقريبا 700 ألف جندي قائم بالواجب العسكري و 4،5 مليون إحتياطي و له أكثر أسلحة معاصرة و تدريبا و قوة مقارنة بفيالق كوريا الشمالية .
و اليوم ، تقريبا 30 ألف من الفيالق الأمريكية مرتكزة فى كوريا الجنوبية . و القوات الأمريكية البحريّة و الجوّية بما فى ذلك الأسلحة النووية " جاهزة " للتحرّك ضد كوريا الشمالية . و قد قامت هذه القوّات بصفة منتظمة ب " مناورات حربية " مشتركة منها تلك الحديثة حيث القوات الأمريكية والكورية الجنوبية تدرّبت على غزو أراضي كوريا الشمالية و إحتلالها .
و إلى جانب التهديدات العسكرية ، فرضت الولايات المتحدة عقوبات إقتصادية ضد كوريا الشمالية منذ 1950 . و قد عزلت هذه العقوبات كوريا الشمالية إقتصاديّا و قطعت الكثير من تجارتها العالمية . و تآمرت الولايات المتحدة لتفرض العقوبات الإقتصادية عبر الأمم المتحدة على كوريا الشمالية بداية من 2006 .
و تدعي الولايات المتحدة أن ّ هذه العقوبات تستهدف الصفوة الحاكمة لكوريا الشمالية لكن تاريخ العقوبات من هذا النوع كان تاريخ أمراض و عذابات و مجاعات ووفاة جماعية عبر المجتمع بأسوء تبعات على الناس الأشدّ فقرا. لقد دمّرت كوريا الشمالية بالسنوات المتتالية من الفيضانات و الجفاف من 1994 إلى 1998 . و تقديرات الأموات بسبب المجاعة يصعب التثبّت منها غير أنّ العدد يتراوح بين مئات الآلاف إلى أكثر من مليونين .
و رغم أنّ بعض العقوبات التجارية ضد كوريا الشمالية جرى رفعها خلال تسعينات القرن العشرين ، فإنّ تلك المكرّسة راهنا تعرقل محاولة كوريا الشمالية أن تتعافى من الأزمة الصحّية القائمة و الناجمة عن فيضانات و جفاف تسعينات القرن العشرين . ( أنظروا " العقوبات الإقتصادية تجاه كوريا الشمالية : تعدّي على الحق فى الصحّة و نداء للتحرّك " ، مجلة الصحّة البريطانية ،إ ب أم ج 2009 ؛ 339 ، 4069 ب )
التهديدات النووية : من طرف الولايات المتحدة الأمريكية :
تعلّل الولايات المتحدة تحركاتها ضد كوريا الشمالية بتهديدات ذلك البلد بإستعمال الأسلحة النووية إذا تعرّض لهجوم .
من يتحدّث عن التهديدات النووية ؟ !
إلى 1991 ، كانت الولايات المتحدة تركّز مباشرة أسلحة نووية فى كوريا الجنوبية – و هدفها كوريا الشمالية . وطوال تلك الفترة ، عاش الكوريّون الشماليون فى ظلّ التهديد المستمرّ بهجوم نووي أمريكي. و منذ 1991 ، إدّعت الولايات المتحدة و كوريا الجنوبية أنّه لم تعد توجد رؤوس نووية أمريكية مركّزة فى كوريا الجنوبية ، لكن فى 2010 ، قبل سنتين من الأزمة الراهنة ، شدّد وزير دفاع كوريا الجنوبية علنا بأنّه ثمّة إمكانية إعادة نشر الرؤوس النووية الأمريكية فى أراضي كوريا الجنوبية .
و من جديد مصدر التهديدات الحالية بالهجوم النووي بلد قد ألقى بقنابل على كلّ شبر من أرض كوريا الشمالية ليدمّرها فى الحرب الكورية .
و بينما ليست للولايات المتحدة حاليّا أسلحة نووية متمركزة فى كوريا الجنوبية ، فإنّ بوسعها توجيه ضربات فى أي مكان من العالم بأسلحة نووية مدمّرة أكثر بملايين المرّات من أي شيء قد تتمكّن كوريا الشمالية من تطويره . و الولايات المتحدة تبقى على العالم بأسره بما فى ذلك كوريا الشمالية أسيرا لقوّتها النووية . ( أنظروا " من يمثّل تهديدا نوويّا حقيقيّا ؟" ).
أجندات إضطهادية متنازعة ...و الحاجة إلى بديل حقيقي :
ليست لعقوبات الولايات المتحدة و تهديداتها لكوريا الشمالية علاقة بالسلم و نزع السلاح النووي أو أي إدعاء من إدعاءاتها . كوريا الشمالية مجتمع إضطهادي و ليس نموذجا للتغيير الإيجابي و الراديكالي . لكن كمنبع للإستغلال و الإضطهاد و الحروب التى تعزّز ذلك ، فإنّ كوريا الشمالية فى ميزان التهديد النوويّ لشعوب العالم ، لا يمكن أن تمثّل إلاّ درجة دنيا من العذاب و العنف مقارنة بما تفرضه الولايات المتحدة على شعوب هذا الكوكب .
يجب معارضة تحرّكات الولايات المتحدة ضد كوريا الشمالية بأكثر أساسية لأنّ الأمر يتعلّق بفرض الولايات المتحدة " حقّها " فى أن تكون قوّة متغطرسة عالمية غير قابلة للتحدّي . و يجب أن نعارض تحرّكات الولايات المتحدة ضد كوريا الشمالية من منطلق أنّ مصالح الإمبرياليين الأمريكان ليست مصالحنا. و نحتاج إلى أن نسلّط الضوء على المصالح الحقيقية للشعوب كجزء من إيجاد بديل حقيقي و ثوري للعالم كما هو الآن .
===================



#شادي_الشماوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل يمكن أن توجد حركة شيوعية لا تصارع من أجل الشيوعية ؟
- مجتمع جديد [إشتراكي ٍ] بعمق ثوري و تحرّري : اللبّ الصلب مع ا ...
- هل هناك حاجة الآن إلى تلخيص علمي لتجربة الإشتراكية و تصوّر ك ...
- هل نحن فى حاجة إلى تقدّم نوعي فى علم الشيوعية لقيادة المرحلة ...
- طبيعة مشروع هوغو تشافيز و حدوده (1) - مقالات ماوية حول - الث ...
- الخلاصة الجديدة للشيوعية و بقايا الماضي - تعمّق النقاش حول ا ...
- الدعاية للشيوعية و الحاجة إلى تشكيل قطب ثوري حقّا .
- إيران : الحرب الإقتصادية ضدّ الشعب - إندلاع الأزمةِ و المقاو ...
- الثورة النيبالية و ضرورة القطيعة الإيديولوجية و السياسية مع ...
- الإمبريالية الأمريكية ، الأصولية الإسلامية و الحاجة إلى طريق ...
- تعمّق النقاش حول الخلاصة الجديدة لبوب آفاكيان (1): ردّ من أف ...
- الماوية تنقسم إلى إثنين: موقفان متعارضان من -الخلاصة الجديدة ...
- نظام الدولة الإشتراكية - آجيث ، الحزب الشيوعي الهندي (المارك ...
- النقاش الراهن حول نظام الدولة الإشتراكية - ردّ من الحزب الشي ...
- الماوية تنقسم إلى إثنين: نظرتان متعارضتان لنظام الدولة الإشت ...
- رسالة إلى الأحزاب و المنظمات المنتمية إلى الحركة الأممية الث ...
- بيانان مشتركان لغرّة ماي 2011 و 2012 صادران عن أحزاب ماوية
- خطّان متعارضان حول المنظّمة الماوية العالمية .
- الإشتراكية و الشيوعية - الفصل الثالث من-مقتطفات من أقوال الر ...
- المعالجة الصحيحة للتناقضات بين صفوف الشعب - الفصل الرابع من- ...


المزيد.....




- مصدر التهديد بحرب شاملة: سياسة إسرائيل الإجرامية وإفلاتها من ...
- الشرطة الفرنسية تستدعي نائبة يسارية على خلفية تحقيق بشأن -تم ...
- السيناتور ساندرز يحاول حجب مليارات عن إسرائيل بعد لقائه بايد ...
- إعادة افتتاح متحف كانط في الذكرى الـ300 لميلاد الفيلسوف في ك ...
- محكمة بجاية (الجزائر): النيابة العامة تطالب بخمسة عشر شهرا ح ...
- تركيا تعلن تحييد 19 عنصرا من حزب العمال الكردستاني ووحدات حم ...
- طقوس العالم بالاحتفال بيوم الأرض.. رقص وحملات شعبية وعروض أز ...
- اعتقال عشرات المتظاهرين المؤيدين لفلسطين في عدة جامعات أمريك ...
- كلمة الأمين العام الرفيق جمال براجع في المهرجان التضامني مع ...
- ال FNE في سياق استمرار توقيف عدد من نساء ورجال التعليم من طر ...


المزيد.....

- مساهمة في تقييم التجربة الاشتراكية السوفياتية (حوصلة كتاب صا ... / جيلاني الهمامي
- كراسات شيوعية:الفاشية منذ النشأة إلى تأسيس النظام (الذراع ال ... / عبدالرؤوف بطيخ
- lمواجهة الشيوعيّين الحقيقيّين عالميّا الإنقلاب التحريفي و إع ... / شادي الشماوي
- حول الجوهري والثانوي في دراسة الدين / مالك ابوعليا
- بيان الأممية الشيوعية الثورية / التيار الماركسي الأممي
- بمناسبة الذكرى المئوية لوفاة ف. آي. لينين (النص كاملا) / مرتضى العبيدي
- من خيمة النزوح ، حديث حول مفهوم الأخلاق وتطوره الفلسفي والتا ... / غازي الصوراني
- لينين، الشيوعية وتحرر النساء / ماري فريدريكسن
- تحديد اضطهادي: النيوليبرالية ومطالب الضحية / تشي-تشي شي
- مقالات بوب أفاكيان 2022 – الجزء الأوّل من كتاب : مقالات بوب ... / شادي الشماوي


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - شادي الشماوي - كوريا الشمالية – الولايات المتحدة : من يمثّل تهديدا نوويّا حقيقيّا ؟ و ما هي خلفية النزاع؟