أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - شيدا حسن - مذكرات شجرة














المزيد.....

مذكرات شجرة


شيدا حسن

الحوار المتمدن-العدد: 4063 - 2013 / 4 / 15 - 18:47
المحور: الادب والفن
    


من وقائع عمليات الأنفال :

ها أنا بطلتي المعهودة ممشوقة جميلة مملوئة بالحياة.. كلما زاد بي العمر زدت طولاً وشموخا.. قوة وثبوتاً. تتخل أغصاني البهية اشعة الشمس الذهبية و تراقصها الأنسمة المنعشة الطرية التي تحمل رائحة وبرودة الجبال الجبارة..أسمع أصوات الطيور والمزارعين العذبة وهم يغنون.. كم محضوضة أنا بموقعي الجميل هذا, فوق هذا التل البديع اشاهد الجميع من هنا.. أشاهد ما أريد..
اترون ذلك الكوخ الصغير امامي, كان له فتاة صغيرة جميلة تشبة شمسنا الذهبية ذات وجه مستدير وملامح وجه ناعمة وبشرة بيضاء مشرقة وضفائر صفراء ذهبية. كانت تدعى (كاني), صنع لها والدها ارجوحة بسيطة معلقة باغصاني, وكانت تلعب حولي دوماً. كانت وأسرتها احدى الاسر الفلاحين البسطاء الذين يعيشون بين الوديان والسهول حولي. يقضون يومهم بالزراعة والرعي وتجفيف الفواكه وغيرها من اعمال الفلاحين لا يئذون احدا لايزرعون غير الخير. كم كانت رائعة تلك الصغيرة كاني كنت اراها وهي تركض متجهه نحوي تلقي علي التحية بنشاط وسعادة: (مرحبا ياشجرة الجوز العزيزة, كيف حالك.. أشتقت لك.) وبعدها تلعب وتركض وتتارجح وتغني وتتسلقني وتاكل احيانا. يا لها من مسكينة لا انسها ابدا كم كانت شجاعة, اتعلمون في احدى الايام كانت تلعب حولي كعادتها واذا بجنود وعساكر وسيارات غريبة تهاجم منزلها والاكواخ المجاورة الاخرى.. فسمعنا اصوات صراخ النساء والاطفال وحتى الرجال واصوات اطلاقات النار . تسلقتني المسكينة ولا ازال اذكر لمسات يديها و اقدامها وهي ترتجف خوفا من منظر مهاجمت منزلها والاعتداء والانكباب بالضرب والشتم والاذية على والديها واخوتها وحتى قتل الذين يقاومون واجبار الاخرين بركوب شاحنات عسكرية كبيرة. فاخفت نفسها بين اغصاني لحين رحيلهم. وبدا الظلام يخيم وهي لاتزال تبكي وترتجف وفجأة سمعنا صوت احدهم يبكي وينادي:( كاني.. كاني هل انت هنا؟؟ اين انت كاني؟) فنزلت كاني وبلهفة نادت:(كاميار..كاميار ماذا حدث من هؤلاء؟ لماذا قتلوا واخذوا الجميع؟ كيف نجوت؟!) أجابها:( ألا تعرفينهم هؤلاء جنود صدام المجرم اتوا ليقتلوا الجميع) فسالته كاني:( اين اخذوا الاخرين؟) أجاب كاميار:) سمعت ان الفتيات الجميلات والصغيرات يباعن بسعر بخس الى مصر والسعودية والكويت والبقية يدفنون وهم احياء في منطقة تدعى نقرة لسلمان) قالت كاني:( يا ألهي .. واين كنت انت؟) قال كاميار :( كنت ارعي الاغنام ولم يراني احد وبقيت بعيدا الى ان ذهبوا وعلمت انك قد تكونيين هنا. هيا بنا يا كاني يجب ان لا نبقى هنا فلنذهب ونلتحق بمن تبقى ونختبئ في الجبال) قالت كاني: (لكن لماذا فعلوا هذا بنا؟) فأجابها كاميار: (لاشئ يا كاني لم نفعل شيئا سوى أننا اكراد.. أكراد يا كاني..لا تنسي ذلك ابدا.. هيا هيا بنا فلنهرب بسرعة)
ومن ذلك اليوم اصبحت لا ارى سوى الجنود والعساكر والعنف ولا استنشق سوى الادخنةوالغازات السامة وغبار القنابل .. ولا اسمع سوى صوت الطائرات والصراخ والعويل...ماذا اقول عنكم ايه البشر اعجب لامركم تسخرون من الحيوانات وانت تفتقدون للانسانية. ان الذي جعلني اتطرق لقصة كاني الصغيرة بعد هذه السنين الطويلة هو سماعي لكلام بعض الجنود الذين تعسكروا حولي للاستفادة من موقعي حيث سمعت بعضهم يقول اتعلمون ان هذه هي منطقة التي كانت تسكنها الفتاة الشقراء التي نالت من الجميع. فقال احدهم ايه فتاة؟ كان يبدوا أنه قد التحق بوحدتهم العسكرية حديثا. فقالوا له: (لو تعلم ماذا حدث لنا, كنا نتمركز هناك بالقرب من تلك الجبال, وفي أحدى الايام حلت لعنة علينا وبدئنا نلاحظ موت اثنين او ثلاثة منا عن طريق طلق قناص واستمر الامر لاشهر كالكابوس دون ان نكتشف, من هو او اين مكان هذا القناص؟ حاولنا كثيرا, لكن دون جدوى وأستمر قتلنا الى حين تطويق المنطقة بالاستعانة بقوات كبيرة والاستعانة بالجحوش المزروعين بين القوات الكوردية المتمردة.. فقمنا باكتشاف موقع القناص بعد تقديم عدد لا يستعان به من القتلى وعند محاصرته والانقضاض عليه أكتشفنا أنها قناصة وليست قناص ووجدناها قد قتلت نفسها قبل وصولنا اليها. كم اكره اعترافي بانها كانت شجاعة جدا.. اعتقد انها كانت اشجع من رأيت في حياتي), فقال أحدهم: (لقد سمعنى انها كانت تسكن هذه القرية وقتل امامها افراد اسرتها عندما كانت تبلغ العاشرة من العمر واستطاعت الهرب مع اخيها والتحقت بالقوات الكوردية).فعلمت حينها أنها كاني الصغيرة.



#شيدا_حسن (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحداثة في الأدب
- ما هي الحركة النسوية؟
- دور المرأة بين التعثر والنهوض
- ألا تكفيكِ سباتاً يا وزارة التخطيط؟؟!!


المزيد.....




- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...
- -الضربة المصرية لداعش في ليبيا-.. الإعلان عن موعد عرض فيلم - ...
- أردوغان يشكك بالروايات الإسرائيلية والإيرانية والأمريكية لهج ...
- الموت يغيب الفنان المصري صلاح السعدني
- وفاة الفنان صلاح السعدني عن عمر يناهز الـ 81 عام ….تعرف على ...
- البروفيسور منير السعيداني: واجبنا بناء علوم اجتماعية جديدة ل ...
- الإعلان عن وفاة الفنان المصري صلاح السعدني بعد غياب طويل بسب ...
- كأنها من قصة خيالية.. فنانة تغادر أمريكا للعيش في قرية فرنسي ...
- وفاة الفنان المصري الكبير صلاح السعدني
- -نظرة إلى المستقبل-.. مشاركة روسية لافتة في مهرجان -بكين- ال ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - شيدا حسن - مذكرات شجرة