أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - ماهر علي دسوقي - كان ذلك في بيرزيت يوما !!














المزيد.....

كان ذلك في بيرزيت يوما !!


ماهر علي دسوقي

الحوار المتمدن-العدد: 4062 - 2013 / 4 / 14 - 22:56
المحور: سيرة ذاتية
    


شمّر عن ساعديه وتسابق مع اترابه من طلبة الجامعة للوصول الى ميدان اللقاء مع الاحتلال، وضع الحاجز الأول معهم وكذلك الثاني وتقدم وحده نحو ركن مخفيّ من الشارع ، ونصب "كمينه" وحمل بعض الحجارة.. تعالت الأصوات من حوله أن عدّ الى الخلف أيها "المغامر" فلن تستطيع عمل شيء بحجارتك لوحدك.. أصرّ على ما كانت من شجاعة لديه وحضّر نفسه للقاء لصوص الأرض.

كان ذلك في العام "1983" وفي جامعة بيرزيت وتحديداً صيف ذلك العام ، وبعد يوم فقط من مجزرة ارتكبها احد عتاة الفاشست المستوطنين في حرم جامعة الخليل حين اقتحم ساحاتها "مفرغاً" رصاصات الحقد في اجساد الطلبة والطالبات "فقتل 3" طللاب وجرح عشرات آخرين ..

في صبيحة اليوم التالي للمجزرة وفي السابع والعشرين من تموز نهض باكراً كعادته حيث لم يستطع ممارسة رياضته الصباحية .. فقد أظلم المشهد العام أمامه وأغلقت النوافذ في وجهه وعاد يستمع الى ما تيسر من نشرات الاخبار بلهفة شديدة ..

انتظر وهو يراقب عن قرب حركة عقارب الساعة وهي تتحرك ببطء شديد، وكأنه كان يحثها على الحركة الأسرع .. الساعة ما زالت الخامسة والنصف صباحاً ولا حركة في الأرجاء الا لبعض العمال والفلاحين البسطاء المجدين في عملهم ، لم تعد لديه طاقة للانتظار ، فقد شارفت الساعة على السادسة والنصف فقرر ان يأخذ على عاتقه المشي من رام الله الى بيرزيت .. بعد ان علم مساء ما حضّر الطلبة لهذا اليوم .. وقد مضى على وجوده في الجامعة حتى تلك الأيام ثلاث سنوات .

خطا خطواته الاولى في المنزل ومحيّاه كان ينبيء بأن شيئاً مخفياً يحضر له ، القى التحية على اهل البيت وحاول الخروج ، استوقفته جدته التي كان يتردد عليه ، ويبات في منزلها كثيراً ، وحالت دون خروجه وكأنها علمت مبتغاه .. استطاعت تأخيره حتى الساعة السابعة والنصف تقريباً الا انه باغتها وخرج مسرعاً الى وجهته ... وصل الى الحرم القديم في جامعة بيرزيت وانتظر حتى يتجهّز الجمع .

خرجوا وخرج من ساحة "الحرم" نحو مفرق عطارة حيث حركة جيش الاحتلال والمستوطنين .. وتقدم وبقي "في كمينه" .. وما هي الا لحظات حتى وصل موكب للمستوطنين .. الذين كانوا يتعمدون السير على شكل مجموعات خوفاً من الشبان الفلسطينيين وحجارتهم وزجاجات المولوتوف ، كيف لا وهم لصوص الأرض وبيرزيت بماضيها كانت المحرك لكل فعل كفاحي، فما بالهم والمجزرة في الخليل كانت في الأمس فقط ..

قفز من مكمنه ووقف وجهاً لوجه امام العربة الاولى .. كانت "خلاط باطون كبير" وباغت من فيها بحجارته فأصاب منهم ما اصاب وهشم الواجهة الامامية لها، ارتعب من فيها وعاد السائق الى الخلف قليلاً ليرتطم بمن خلفه من المستوطنين ، ارتبك اللصوص .. وعلا صوت اترابه.. انسحب الى مكان آمن فقد نزلوا من سياراتهم المجهزة بالات القتل ، وبدأ اطلاق الرصاص ..

استطاع النجاة بأعجوبة وحضنته الأشجار والقمح القريب.. وبقي المشهد في تصاعد حتى ساعات ما بعد الظهيرة بين كرّ وفر.. لكنه عاد الكرّة من جديد مع سيارة عسكرية مصفحة .. ولم يكن يعلم ان بداخلها قناص كان قد تجهز جيداً .. وإذ برصاصة "دمدم" تخترق جسده النحيل لتسقطه ارضاً.. حمل على الاكتاف وظن البعض انه استشهد ، ولكنه كان قد استجمع بعض الكلمات وصرخ "اكملوا رفاقي واخوتي فدماء الشهداء امانة في رقابكم" ..

الطوق الأمني لجيش الاحتلال حول بيرزيت كان شديداً ، وكان اكثر شدة حول الجامعة وبعد عناء شديد تمكنت سيارة اسعاف من الدخول وقد مضى على اصابته ما يقارب نصف ساعة ، حملته السيارة وانطلقت الا ان حاجزاً عسكرياً قريباً اعترضها واجبرها على التوجه لمستعمرة "بيت ايل" شمال رام الله .. بقي هناك بعضاً من الوقت يغالبه الغثيان من القتلة ، يغيب بعض الوقت ويعود لوعيه ..

اخيراً احسّ بسيارة الاسعاف تنطلق وسمع لغطاً وحديثاً وفتشوا ملابسه جيداً ، وكان قد تخلص مبكراً من بطاقته الشخصية، واذ به في مستشفى سكوبس في القدس ورجال المخابرات من حوله ويده ربطت بكلبشية حديدية من طرف وبالسرير من الطرف الآخر، اصروا على معرفة اسمه لكنه كان يصرخ والنزف مستمراً .. فلسطيني فلسطيني..

حُمل على بطء الى مشفى هداسا عين كارم وقد طردت المخابرات الاسرائيلية سيارة الاسعاف الخاصة بمشفى المقاصد وتعمد السائق الصهيوني التأخر في الوصول الى المشفى المقصود .. حبه وعشقه لفلسطين ابقاه حياً .. وصل واذ بعدد كبير من الجيش والمخابرات يصرون على أن لا يدخل الى العملية الجراحية الا بعد ان يوقع على نص بالعبرية .. رفض وصرخ بهم .. فما كان منهم الا ان ادخلوه الى الغرفة المجهزة للعمليات .. في ساعات الصباح الاولى لليوم التالي كان يفتح عينيه ويتفقد جسده الذي مزقته رصاصة الدمدم .

يده اليمنى ما زالت مربوطة في السرير رغم عدم قدرته على الحركة ،والجرح عميق في اسفل منطقة الحوض .. بعد ساعات شعر بوجود ممرضة صهيونية حاقدة تنقله من غرفة العناية المكثفة الى اخرى .. استرق النظر واذ بيافطة على الباب الخارجي تقول "يحظر الدخول الى هذه الغرفة" ادخل اليها واذ بصهيوني على فراش يئن ويصرخ ، ادرك لاحقاً ان هذا الصهيوني مصاب بفيروس خطير ونتيجة وجوده في الغرفة اصيب بذات الفيروس وصاحب ذلك حالات شديدة من الارهاق والرجف والغيبوبة وعدم الاحساس بما يجري من حوله.

اخرج بعد عدة ايام من تلك الغرفة ووضع بعزل "انفرادي"تحت رقابة المخابرات التي دبرت كل ما جرى معه بعد العملية الجراحية انتقاما منه .. وبقي تحت ناظر الارهاب الصهيوني في مشفى عين كارم لمدة شهر تقريباً ، خرج بعد ذلك بجرح عميق في جسده وفيروس وتقرير طبي مزور يقول قد اصيب بسيخ قديم قذر ادى الى ما ادى اليه ..

دفع الثمن بعد ذلك وعلى مدار سنوات طويلة نتيجة حبه لوطنه .. وما زال يعيش الجرح والألم .. على أمل قادم !!



#ماهر_علي_دسوقي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نصب حجري لشهيد على شارع الارسال !!!
- ميسرة ومسير !!
- اترك بصمتك على ثراها !!
- أطفالنا ليسوا دمى لاوباما !!!
- ما لكم تكأكأتم هكذا!!
- هذا دهر يبرم منقوضا!!
- اوباما : كارتر استقبل يوما بالحجارة !!
- هل بمكياج يكون الطاعون دواء ؟!
- جنين.. نحن معك بمصابك الجلل !!
- زرع سنبلة ومضى !!
- كادح ومنافق !!
- شهيد يخاطب حفيد!!!
- الاغذية الفاسدة رياضة يومية!!
- يا اخا من غير أعرابنا وداعا !!
- وفاء طير!!
- القبور أحيا منهم !!
- الفقر في النفس لا في المال تعرفه !!
- الصورة ذات الاطار الفضي
- ثكالى نزف الوطن !!
- ألا من زلزال يعيد لنا الرشد!!


المزيد.....




- من الحرب العالمية الثانية.. العثور على بقايا 7 من المحاربين ...
- ظهور الرهينة الإسرائيلي-الأمريكي غولدبرغ بولين في فيديو جديد ...
- بايدن بوقع قانون المساعدة العسكرية لأوكرانيا وإسرائيل ويتعهد ...
- -قبل عملية رفح-.. موقع عبري يتحدث عن سماح إسرائيل لوفدين دول ...
- إسرائيل تعلن تصفية -نصف- قادة حزب الله وتشن عملية هجومية في ...
- ماذا يدخن سوناك؟.. مجلة بريطانية تهاجم رئيس الوزراء وسط فوضى ...
- وزير الخارجية الأوكراني يقارن بين إنجازات روسيا والغرب في مج ...
- الحوثيون يؤكدون فشل تحالف البحر الأحمر
- النيجر تعرب عن رغبتها في شراء أسلحة من روسيا
- كيف يؤثر فقدان الوزن على الشعر والبشرة؟


المزيد.....

- سيرة القيد والقلم / نبهان خريشة
- سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن / خطاب عمران الضامن
- على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم / سعيد العليمى
- الجاسوسية بنكهة مغربية / جدو جبريل
- رواية سيدي قنصل بابل / نبيل نوري لگزار موحان
- الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة / أيمن زهري
- يوميات الحرب والحب والخوف / حسين علي الحمداني
- ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية / جورج كتن
- بصراحة.. لا غير.. / وديع العبيدي
- تروبادورالثورة الدائمة بشير السباعى - تشماويون وتروتسكيون / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - ماهر علي دسوقي - كان ذلك في بيرزيت يوما !!