أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - مختار سعد شحاته - ال Nickname : هوجة ولا ثورة؟















المزيد.....

ال Nickname : هوجة ولا ثورة؟


مختار سعد شحاته

الحوار المتمدن-العدد: 4061 - 2013 / 4 / 13 - 23:05
المحور: كتابات ساخرة
    


كان نفسي أغير اسمي وأنا صغير:
تمنيت في صغري أن أختار اسمي، فأجعله جذابًا جميلا، فمن منا نحن البشر قد رضى عن اسمه في بداياته الاولى بين رفاق اللعب، في حالة كحالتي التي لا يستصيغها الصغار حين يرون الأسماء تتسمي بأنانية الآباء المطلقة، فكيف لطفل أن يتحمل اسمًا مركبًا –وقد كانت موضة في وقت ما- أو اسمًا يوحي بالتجهم والجدية؟! لعلها كانت أولى تجاربي مع نظرية السلطة والمعارضة، ومحاولة التمرد البدائية على ما عرفته فيما بعد بالسلطوية الأبوية، والتى ترتع في مجتمعنا بكل الصور، ويصل بها الأمر أن تتسمى بأسماء مستعارة للتمويه، والعجيب أننا كلنا نحب ان ينادينا الآخرون بأسمائنا المستعارة "نيك نيم"، تلك التى اشتهرنا بها، وتكون أحبها إلينا تلك التى يسمح بها الآباء، وهو اذدواج عجيب في شخوصنا التى تاقت في صغرها للتخلص من أول ممارسة قهرية لسلطة الأب، والادعاء بأن اول الأخطاء كانت اختيارهم لنا أسماء لا تناسبنا ونحن أطفال، وإن أحببناها حين نضجنا وتعلمنا كيف يمكن أن يتحول الاسم لاختصار ثقافة اجتماعية وإنسانية راسخة وكاملة، ومن دون أن ننسي استخدام نفس المبررات التي استخدمها جيل الآباء ليضمنوا لنا تمريرا بالرضا عن تلك الأسماء التي قرروا في واحدة من النوبات تسميتنا بها للأبد، فنجد أنفسنا نمارس نفس الدور مع أولادنا، وقد يصل إلى ممارسته على أحفادنا، ونكتفى بالقول والحجة التي صرت لا أثق في فرضية ثبوتها وصحتها "يولد ابن آدم وعلى جبينه اسمه واسم زوجه واسم ولده"، وهو دليل مردود باوجه عدة لا مجال لرده بها هنا.


عبقرية الـ"نيك نيم":
دعونا نُسلم بأننا –أو غالبيتنا- قد أحبوا تلك الأسماء المستعارة حين تم اطلاقها علينا بديلا عن أسمائنا الرسمية، فالعقل الجمعي في نهاية الأمر وجدها أكثر دلالة وتأصيلا لشخصياتنا من تلك الأسماء الرسمية التى نحملها، وجرب الأمر على نفسك أو على محيطك الأسرى، أو في دائرة أصدقائك ومعارفك، ستجد عبقرية عجيبة في تلك الأسماء المستعارة. ولعل سر عبقرية هذه الأسماء المستعارة مردود على عبقرية وخبرة مًطلقيه على صاحب الاسم المستعار، فهم أدرى الناس به، وهم أوعى الناس لفهمه عن غيره، وهو موجود بكثرة في كل المجالات مارًا ما بين التعظيم والتقديس والتفخيم ومنتهيًا حتى التحقير والتندر والسخرية. ولأن أهل مكة أدرى بشعابها، لذلك فهؤلاء المقربين المباشرين لتجربة هذا الفرد، هو ما أهلهم لهذا الفهم وصوغ الاسم المستعار الذي أطلقوه، لنقبله في النهاية ويسلم به صاحبه آخر الأمر، بل ويفرح به في كثير من الأحيان، ولعل مجالات مثل الأدب والرياضة والفن، تذخر بتلك الأسماء المستعارة، فعلى سبيل المثل لا الحصر، تجد "قيثارة الغناء"، و"كوكب الشرق"، و"العندليب"، في الغناء العربي"وحش الشاشة"، و"الشحرورة" والكثير، وفي الرياضة تجد "الغزال الأسمر"، و"بيبو"، و"السد العالي" و"التعلب" و"العو"..إلخ من الأسماء المستعارة. وهو أمر له دلالة إنسانية بشكل عام، ودلالة لها طابع الخصوصية في مصر وعند المصريين الولعيين بتلك التسميات في كل مجالات حياتهم.


الـ"نيك نيم" الديني والسياسي:
تطور الأمر على مر تلك الظاهرة في مصر، وبدأ يغزو مجالات واسعة، لعل أعجبها وآخرها هي السياسة والدين، فتبدأ الأسماء المستعارة في الرواج بشكل غريب، حتى يكاد العامة أن ينسوا الأسماء الحقيقية لأصحابها، بل ويتعاملون باعتبارها لا باعتبار الأسماء الحقيقية، وهو ما يُحيل إلى خصيصة في الشعب المصري جعلت من توغل هذه الظاهرة في تكويناته أمرًا يدعو للدهشة. تأمل معي بعد صعود تيارات الإسلام السياسي لترصد أسماء مستعارة نالت هؤلاء الذين ارتضوا لقبهم فيما سبق –الشيوخ أو المشايخ- وبدأت في الظهور الاستعارات تسبق الأسماء، فهناك "أسد الدعوة"، و"نجم الفضائيات"، و"أمير المسلمين"، و"أعلم أهل الأرض بـ..."، و"مجدد الأمة"، و"الإمام الشهيد"، وكلها محض أسماء مستعارة، لكن أصحابها ارتضوها للدلالة عليهم وعلى تكويناتهم الشخصية.
الجانب الآخر هو الجانب السياسي، والتاريخ المجتمعي لمصر، فلنأخذ مثلا ونحلله بعد أن نرصد بعض الأسماء المستعارة مثل "زعيم الأمة"، و"البطل"، و"الرئيس الثعلب" وغيرها من المسميات ذات الدلاة والتى روجها القريبين من الشخص أو السياسي وكلها دارت حول شخوصهم ما بين الإعجاب والانبهار كما سبق، أو كالسخرية اللاذعة كما تراه في "البقرة الضاحكة" أو "لافشكري" في إشارة إلى الرئيس المصري المخلوع، أو "الإستبن" كما تلحظ في الرئيس الحالي، وكلها دلالات شديدة الوعي للدور السياسي والتاريخي لأصحابها، وقد يتحول من مجرد الرؤساء إلى الأفراد الذين حولهم إلى رموز، ففي حالة الدكتور محمد البرادعي تجد "البوب"، وفي حالة الكيانات تجد "الخرفان"، فالأول "البوب" صار اسمًا يُستعار لكل صاحب تغريد مخالف خارج السرب، شرط الفهم والوعي للفكرة التي يريد ويطمح، والآخر "الخرفان" صار للدلالة والإشارة لفصيل سياسي بعينه، وما له من دلالة وتبعية.


هوجة عرابي:
لنعود إلى صلب الكلام حين قلنا بأن من يُطلق اللقب هو من يعرف عن شخصية صاحب الاسم المستعار الكثير، وهنا سأطرح فكرة شديدة السخرية ومحملة بكل إحباطاتي الشخصية من واقع الثورة المصرية والتاريخ المصري الحديث والمعاصر، ومعي تأمل مسميات المصريين لتواريخهم، ستجد مثلا –لا حصرًا- المقاومة العرابية يعرفها المؤرخون باسم الثورة العرابية، بينما يُعرفها العقل الجمعي للعامة باعتبارها "هوجة عُرابي"، فالأمر لهؤلاء الذين كتبوا عن مقاومة الاحتلال الإنجليزي في العام 1882 خلص إلى تسمية المقاومة المصرية بالثورة العربية، لكن الشعب المصري بذاته –وهو هنا من يُسمي الاسم المستعار- يطلق عليها "هوجة عرابي"، وجرب ان تسأل العوام ممن سمع حديث الآباء والأجداد، لن يذكر كلمة الثورة مطلقا، بل على الدوام "هوجة عرابي"، وهكذا وعي العقل الجمعي للتفريق بين ما يمكن تسميته هوجة وما يمكن تسميته ثورة، غير مكترث بتأويلات وتصورات وتنظيرات المؤرخين، وهو العقل نفسه الذي ارتضى لشخص اقطاعي، ومن أصول طبقية، يلعب القمار بشراهة، أن ينعته باسم "زعيم الأمة"، فهو يعرف كيف يُفرق بين الشخص في تاريخه الشخصي، وبين تاريخه وفكره النضالي، تماما كما حدث في حالة فنية حين ارتضى لمطرب ان يسميه "العندليب" برغم ما يُحكى عنه على المستوى الشخصى، مما يُسبب عوارًا كبيرًا على إنسانيته كحالة "زعيم الأمة". وهو ما تراه تكرر في تاريخ مصر ويتكرر على الدوام، فيخالف المؤرخ حين يدعي في 1952 انقلاب العسكر ويُصر على توصيف حركة الضباط الأحرار بكونها حركة انتهت بانقلاب عسكري في 1952، في حين يُصر البعض على اعتبارها ثورة يوليو، وما بين هذا وذاك التباين تموج مصر طوال تاريخها بالأسماء المستعارة "النيك نيم"، في خصوصية عجيبة.


السؤال: - هوجة ولا ثورة؟:
دعونا نختصر الأمر في حالة حاضرة، فما حدث في مصر منذ 25 يناير 2011 حوله وحول أحداثه من الأسماء المستعارة الكثير، هناك من يدعيها ثورة مدنية سلمية، وهناك من يحب تسميتها ثورة ربانية، وهناك من رآها احتجاجات واضطرابات، وهناك من انتهى إلى كونها مؤامرة عظيمة، لكن العجيب فيها أننا حين نتخيل الأجيال القادمة وهي تكتب عن تلك الفترة، ونتخيل أدق الأسماء التي يمكن ان ينتهي إليها العقل الجمعي ويستقر عليها بعد مائة عام أو أكثر، هل يُسميها ثورة؟ هل يُسميها احتجاجات واضطرابات؟ هل يُسميها مؤامرة؟ الأمر ربما يفاجئنا بتسمية جديدة يستدعيها من التاريخ المصري، كما حدث حين استدعي مسمى "موقعة الجمل" وأطلقه على واحدة من معاركهم نحو اسقاط نظام مبارك المخلوع، نعم سيتم استدعاء مسمى من تاريخ المصريين وسيكون شديد الدلالة، سيستدعي أحفادنا التسمية "هوجة"، ويبدأ العامة في تداولها بعد قرنيين او أكثر على أعظم تقدير، فيرمز للوضع في مصر بكونه "هوجة 25 يناير"، فسيناريو "هوجة عرابي" يتكرر بشكل دقيق، مع تبديل بعض الأدوار، الخيانة تاتي من شرق مصر، تنهار المقاومة، يتم القبض على عناصر المقاومة، كما يتم تلفيق القضايا والحبس للنشطاء والثوار، يتم استدعاء الحاكم الشرعي لمصر، تماما كالانتخابات وصندوقها الشرعي –ههههه-، ثم تحالفات بين السلطة والإنجليز، وهو أقل بكثير من تحالفات حكومة الإرشاد مع كل الفئات والاتجاهات، وتبدا رحلة البيع المباشر للبلد.

تأريخ مستقبلي للــ"نيك نيم":
هكذا أتصور في تاريخ أحفادنا بعد قرنين أو أكثر مجموعة من الـ"نيك نيمز"، يتم تداولها بأريحية، بينما ستسقط أسماءهم الحقيقية الرسمية إلى مكان لا يعلمه إلا الله وبعض المؤرخين، وحين تُحكي حكاية "الثورة المصرية" ستسبق باسمها المستعار "هوجة 25 يناير"، ثم تتوالى الـ"نيك نيمز" مثل "لفاشكيري"،و"الإستبن"، و"الخرفان"، و"حازقون"، و"هاتوا لي راجل"، "ونيستو يا معفنيين"، و"سيديهات"، و"أدون بلبوص"، و"عوكش"، "تامر غمرة"، و"أبو الثوار" و"أم الشهداء" و"مجلس الغازكر"، و"صفوت الجزيرة"، و"الديمقراطية حرام" و"حامضين"، و"البوب"، ولكن ستبقى أسماء بحالتها الحقيقية وبأسمائها التى عرفناها دون أدنى تغيير أو تبديل مثل "خالد سعيد" و"جابر جيكا"، و"محمد الجندي" و"الحسيني أبو ضيف"، وكثيرون من المهمشين في تاريخنا لكنهم في مستقبل أولادنا وأجيالنا القادمة سيحتفظون بأسمائهم الحقيقية التي سيذكرها وقتها الإعلام والتاريخ بحيادية تذكرهم باسم "يسري فودة"، وأبدًا ستسخر من كل تلك "النيك نيمز" سخرية لاذعة مضحكة مبكية تمامًا كسخرية "باسم يوسف". يومها سأحلم بأن يغني بعض أحفادي الأغنية التي كتبت في مطلعها:
- "بيقولوا .. كان فيه ثورة.. في يناير قبل اللي فات".

مختار سعد شحاته.
Bo Mima.
روائي.
مصر- الإسكندرية.



#مختار_سعد_شحاته (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- محطات للوجع.. قصة قصيرة.. إلى شاعر العامية الرائع/ محمد بهاء ...
- ريبورتاج المدينة.. موهبة ووعي مبدع.
- بائعة الطماطم.. قصة قصيرة.
- ويل الوطن.. ويل ليه -أغنية-.
- كيف نرى؟
- شارع سيرلانكا.. نص أدبي.
- مزاد علني
- رحلة صعود إلى أعلى الدرج.
- راجع م السفر
- أحفاد القردة والخنازير.. حقيقة أم وافتراء؟
- حكاية النملة.. إلى النملة التي تحركت من فروة رأس الجد نحو وج ...
- امرأة كانت ذات يوم مراهقة محبب لها الفرح .. -قصة قصيرة.-.. ن ...
- مزج مقدس.. حالة من حالات الرجل. -نص أدبي-.
- جبريل لم يعد ملاكًا!! ولا أي إندهاشة.
- نِفيسة.. قصة قصيرة إلى نفيسة التي عرفتها، وعرفها نجيب محفوظ ...
- حلقة ذِكر.. قصة قصيرة.
- شعب الطُرشان
- -كليك يمين-. أنا افتراض؛ أنا موجود.
- حاجز الخوف.. كسرناه أم استبدلناه؟
- (ست-حكايات لحبيبي الذي يحب القهوة والأحلام تريحني، وحكاية لا ...


المزيد.....




- هتستمتع بمسلسلات و أفلام و برامج هتخليك تنبسط من أول ما تشوف ...
- وفاة الفنان المصري المعروف صلاح السعدني عن عمر ناهز 81 عاما ...
- تعدد الروايات حول ما حدث في أصفهان
- انطلاق الدورة الـ38 لمعرض تونس الدولي للكتاب
- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - مختار سعد شحاته - ال Nickname : هوجة ولا ثورة؟