|
في الذكرى العاشرة للإحتلال .. العراق إلى أين ؟ 2 / 2
نجيب الخنيزي
الحوار المتمدن-العدد: 4061 - 2013 / 4 / 13 - 00:25
المحور:
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
في الذكرى العاشرة للإحتلال .. العراق إلى أين ؟ 2 / 2 بعد مرور 10 سنوات على الاحتلال الأمريكي ، أصبح العراق نموذجا للدولة الفاشلة ، على الأصعدة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والأمنية كافة ، على الرغم من ثرواته الطبيعية الهائلة ، و موارده البشرية الغنية ، و المداخيل الضخمة للدولة ( قدرت ميزانية هذا العام بأكثر من 200 مليار دولار ) ، و الناجمة من انتاج وتصدير النفط حيث يعتبر العراق ثالث أكبر دولة مصدرة للنفط في العالم، بعد السعودية وروسيا ، و هو مرشح لأن يحتل المرتبة الثانية في تصدير النفط في السنوات القليلة القادمة . الأخطر عراقيا وإقليميا ، أن وجود الدولة والكيان الوطني الموحد للعراق بات مشكوك فيه، حيث بات عرضة للتفكك والتذرر بسبب الأنقسامات الفئوية الحادة ، وصراع الهويات الطائفية والدينية والإثنية القاتلة ، و التي تقف ورائها العديد من القوى المختلفة المتنفدة في في داخل العراق، والمتداخلة مع دور بعض الأطراف الأقليمية والدولية ، المدفوعة بمصالحها الضيقة ، أو بحساباتها الإستراتيجية ، والتي هي في كل الأحوال لا تصب في مصلحة الأغلبية الساحقة من الشعب العراقي ، على اختلاف مكوناته ونحله . واهما أو مخاتلا من يعتقد بأن مقدرات العراق أصبحت اليوم بيد طائفة أواثنية بعينها ، رغم اللغة والممارسات الموحية أو الدالة التي تبدر من ممثلي هذه الفئة أو تلك ، فحقوق الشعب في المشاركة الفعلية في اتخاذ القرار منتهكة و مصادرة ، وثرواته عرضة للنهب ، حيث تتركز السلطة والثروة والقوة بيد حفنة قليلة من المنتفعيين ، من ممثلي الطوائف والإثنيات كافة ،وذلك على حساب مصالح الغالبية الساحقة من الشعب العراقي ومكوناته المختلفة . التجارب والمعطيات التاريخي تؤكد بأن الدولة القادرة على البقاء والقابلة للحياة والإستمرار ، هي التي تجسد على الصعيد الدستوري والقانوني والعملي ، مبدأ المواطنة المتساوية في الحقوق والواجبات ، وهذا المبدأ لا يلغ أو ينكر الوجود الموضوعي والتاريخي للهويات والمكونات الطائفية والدينية والإثنية الفرعية ، بل يحترمها ويصون حقوقها و يعدها من مكونات النسيج الوطني والاجتماعي المشترك . الخطورة تتمثل حين يصبح الدين و الطائفة والإثنية بديلا عن الدولة و الوطن والمواطنة، أو عندما يصور النظام الحاكم ( لأسباب نفعية خاصة ) نفسه معبرا عن فئة أو مكونا بعينه . يجادل البعض ومن بينهم نخب وشخصيات سياسية واجتماعية وثقافية مؤثرة ، ومن مواقع ليست فئوية ضيقة ، بل وطنية أو ليبرالية أو يسارية ، سواء في داخل العراق وخارجه ، بأن أسقاط النظام الديكتاتوري / الاستبدادي السابق في العراق، كان مصلحة و هدفا مركزيا لأغلبية الشعب العراقي ، وذلك بغض النظر عن الوسيلة والأداة، وهم في ذلك يتبنون الجملة الشهيرة للزعيم الصيني ماو تسي تونغ والقائلة " لا يهمني لون القط ما دام يقوم بمهمته في صيد وقتل الفئران " غير أن السؤال هنا هل الدول العظمى تتدخل هنا أو هناك بدوافع طبيعية / غريزية ، كما تفعل القطط ، أم أن دوافعها تستند إلى حسابات مجردة وباردة ، تنبع من مصالحها الإستراتيجية الخاصة بعيدة المدى في المقام الأول ، بغض النظر عن تقاطعها الحقيقي أو الوهمي الظرفي والمرحلي والمؤقت مع مصالح هذا الشعب أو ذاك . صحيح ان مشاركة القوات الأمريكية في الحرب العالمية الثانية ساعد في القضاء على خطر النازية الهتلرية والفاشية الإيطالية والعسكاراتية اليابانية ، لكن تلك المشاركة لم تتحقق إلا بعد الهجوم الياباني على القاعدة الأمريكية البحرية في بيرل هاربر الأمريكية ، و ذلك بعد مرور عامين على اندلاع الحرب ، وضمن هذا المنطق يحاجج البعض بأن التدخل الأمريكي الفعال أسهم في تحرير الكويت وهو ما تقاطع مع مصلحة الشعب الكويتي ومصالح دول الخليج العربي ( وهو كذلك ) ، غير أن السؤال هنا : هل تدخل الولايات المتحدة كان بدافع أخلاقي أم بحكم مصالحها الإستراتيجية الضخمة في المنطقة ، و التي كانت تتهددها الممارسات الرعناء والمغامرة للنظام العراقي السابق . القوات الأمريكية المتواجدة على الحدود العراقية لم تتدخل قط لنجدة الشعب العراقي في انتفاضته ضد النظام العراقي السابق في أعقاب أنسحابه من الكويت ، بل أنها أعطته الضوء الأخضر لسحق الأنتفاضة من خلال ألسماح له باستخدام مروحياته العسكرية ومدفعيته الثقيلة طويلة المدى، والتي سقط من جرائها عشرات الآلاف من القتلى العراقيين . لم يكن النظام الحاكم مستهدفا ، بل العراق كدولة هي المستهدفة لما تختزنه من مقدرات وإمكانيات بشرية و اقتصادية وعسكرية وعلمية ، وذلك بدليل دعمه المباشر للنظام سابقا ، إبان الحرب الضروس مع إيران و التي استمرت طيلة ثمان سنوات ، أكلت الأخضر واليابس وأضعفت قوى الطرفيين المتحاربين ، وهو ما مثل مصلحة غربية وإقليمية وإسرائيلية مشتركة في ذلك الوقت . عشية الحرب على العراق وجه لفيف من المثقفين ( كنت من بينهم ) السعوديين خطابا إلى الرئيس الأمريكي جورج بوش، وسلم للسفير الأمريكي في الرياض ، محذريين فيه من المخاطر المحدقة، من شن الحرب ، ليس على مصالح الشعب العراقي , و شعوب المنطقة فقط ، بل على عموم الأمن والإستقرار في العالم ، وجاء فيها انه لا يمكن تقبل مواجهة الخطأ و الجرم ، بخطأ وجرم مماثل ، ومن غير الصحيح تقويم الأعوجاج بإعوجاج مقابل ، وبأن تغيير أي نظام هو شأن داخلي ، ومسؤلية الشعب قبل كل شيء . غير أن الولايات المتحدة شنت الحرب على العراق على الضد من مصالح الشعب العراقي ، وضد إرادة المجتمع والرأي العام في العالم العربي العربي والعالم ، كما تجاهلت الإدارة الأمريكية ، معارضة قوى وشخصيات وازنة في المجتمع السياسي الأمريكي من بينهم الرئيس الحالي باراك أوباما ، ووزيرا الخارجية والدفاع الحاليين ، جون كيري و تشاك هاجل . بعد مرور عشر سنوات على الغزو ، السؤال الذي يطرح نفسه هنا : ما هو المخرج ، في ظل انحدار العراق السريع ، وتحت أنظار ومشاركة زعماء الطوائف والإثنيات المختلفة ، إلى مستنقع الحروب والصراعات الفئوية الداخلية المدمرة ، و التي ستتعدى تأثيرتها الكارثية العراق لتشمل عموم المنطقة والعالم ؟ .
#نجيب_الخنيزي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
في الذكرى العاشرة للإحتلال .. العراق إلى أين ؟
-
جولة أوباما .. هل من جديد ؟
-
اليوم العالمي للمرأة .. واقع وتطلعات
-
مابعد تشافيز .. فنزويلا إلى أين؟
-
هل تعود الولايات المتحدة إلى عزلتها ؟ 3/3
-
هل تعود الولايات المتحدة إلى عزلتها ؟ - 2-
-
هل تعود الولايات المتحدة إلى عزلتها ؟
-
اغتيال شكري بلعيد يصعِّد الأزمة السياسية في تونس
-
العوامل المحركة للتغيير في العالم العربي
-
الموازنة السعودية .. ومستلزمات التنمية المستدامة
-
2012 .. أمال عريضة ، وخيبات كبيرة
-
الولايات المتحدة .. - هاوية مالية - أم أزمة بنيوية
-
مصر الجديدة .. المخاض الصعب!
-
تونس / مصر .. للصبر حدود
-
مصر .. معركة الدستور
-
مصر المحروسة .. عند مفترق طرق
-
مصر .. العودة إلى ميدان التحرير
-
الحرب على غزة والردع الفلسطيني
-
قضايا الإصلاح والمجتمع المدني في السعودية : الجزء الثاني وال
...
-
المنتدى الاجتماعي العالمي .. نحو عولمة جديدة
المزيد.....
-
فيديو لرجل محاصر داخل سيارة مشتعلة.. شاهد كيف أنقذته قطعة صغ
...
-
تصريحات بايدن المثيرة للجدل حول -أكلة لحوم البشر- تواجه انتق
...
-
السعودية.. مقطع فيديو لشخص -يسيء للذات الإلهية- يثير غضبا وا
...
-
الصين تحث الولايات المتحدة على وقف -التواطؤ العسكري- مع تايو
...
-
بارجة حربية تابعة للتحالف الأمريكي تسقط صاروخا أطلقه الحوثيو
...
-
شاهد.. طلاب جامعة كولومبيا يستقبلون رئيس مجلس النواب الأمريك
...
-
دونيتسك.. فريق RT يرافق مروحيات قتالية
-
مواجهات بين قوات التحالف الأميركي والحوثيين في البحر الأحمر
...
-
قصف جوي استهدف شاحنة للمحروقات قرب بعلبك في شرق لبنان
-
مسؤول بارز في -حماس-: مستعدون لإلقاء السلاح بحال إنشاء دولة
...
المزيد.....
-
الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات
/ صباح كنجي
-
التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل
...
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو
...
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت
...
/ ثامر عباس
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3
/ كاظم حبيب
المزيد.....
|