أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - سامر خير احمد - تقرير التنمية: إضافة نوعية لإحدى طريقي الحرية














المزيد.....

تقرير التنمية: إضافة نوعية لإحدى طريقي الحرية


سامر خير احمد

الحوار المتمدن-العدد: 1166 - 2005 / 4 / 13 - 05:58
المحور: اخر الاخبار, المقالات والبيانات
    


يحتوي التقرير الثالث للتنمية الإنسانية العربية تحليلاً معمقاً لأسباب الحالة الصعبة التي وصلها العرب في مجال الحرية، كما يتضمن تشريحاً موضوعياً، محايداً وشجاعاً، للواقع العربي الراهن في المجال نفسه، وهو في هذين السياقين يمثل إضافة ممتازة لمكتبة الفكر العربي إلى جانب نتاج عدد من كبار المفكرين العرب الذين اشتغلوا خلال ربع القرن الأخير بالنقد الحضاري للحالة العربية في بعديها الاجتماعي والسياسي، وهذا على أية حال متوقع وليس غريباً إذا أخذنا بالاعتبار أن عدداً من هؤلاء المفكرين كانوا ممن اشتغلوا على إنجاز هذا التقرير الأخير.
أما ما يمكن أخذه على التقرير، من باب حرصنا على كماله لا انتقاده أو القول بلا جدواه، هو أن التحليل الذي اقترحه لكيفية تحول العرب من حالة "اللاحرية" إلى الحرية، خاصة في ما أسماه التقرير "المشهد الأول"، أي المستقبل القريب، إنما يمثل نصف الحقيقة ونصف المنطق، لا "كلّهما". كيف؟
الحرية نوعان: حرية تُعطى، وحرية تؤخذ. الأولى يقرر النظام السياسي أن يوفرها للشعب نتيجة عملية إصلاح –ذاتية أو خارجية- يقوم بها تجاه نفسه، فيغير أسلوبه من تهميش الناس وممارسة الاستبداد ضدهم، إلى دفعهم للمشاركة السياسية وتوفير الديمقراطية أو نوع منها لهم. أما الثانية، أي الحرية التي تؤخذ، فيقرر الشعب أن يصنعها لنفسه بنفسه، فيجبر النظام السياسي أن يغير نفسه أو يغيره كله وينتج مؤسسات حكم جديدة. غير أن هذا النوع الذي يؤخذ لا يمكن تبلوره إذا لم يكن الشعب مؤهلاً له تنظيماً وقيادة ووضوح في الرؤية. وفي حالة المجتمعات العربية فإنها أبعد ما تكون عن الأهلية لهذا النوع الثاني لأنها منقسمة عصبوياً (قبلياً وطائفياً) أي أنها غير منظمة بطريقة تمكنها من فرض إرادة سياسية في حال تبلورها لديها.
الحرية التي يتحدث عنها تقرير التنمية العربية إنما يصنف في خانة الحرية التي تُعطى، فهو ينص على أن ثمة ما يسميه "الحريات المفتاح" التي هي أول الإصلاح ومفتتح الطريق إلى الحرية وهي تلك المتعلقة بـ" حرية الرأي والتعبير والتنظيم، والقضاء على جميع اشكال الاقصاء خارج المواطنة والتمييز ضد الجماعات الفرعية، والغاء جميع اشكال القانون الاستثنائي مثل حالة الطواريء والمحاكم الاستثنائية وتكريس مباديء الشفافية"، فتلك الحريات المفتاح يطلبها التقرير من الأنظمة السياسية العربية ويعتقد أن نية قيام تلك الأنظمة بتطبيق الإصلاح فعلاً من عدمها إنما تقاس إلى مدى قيامها بتوفير تلك الحريات بالذات، باعتبارها أبسط الحريات المعقولة، والتي ستتطور لاحقاً إلى "توفير" الحرية الكاملة.
لا ندري إذا كان القائمون على التقرير قد أدركوا أن المجتمعات العربية غير مؤهلة لصنف الحرية الذي يُؤخذ، وأنها في وضعها الراهن لا يمكن أن نطلب لها إلا الحرية التي تُعطى. وذلك –في الواقع- حق، فلو كانت هذه المجتمعات قادرة على أخذ حريتها لفعلت منذ زمن وهي تنتقل بصحبة الاستبداد من هزيمة إلى تخلف إلى خروج من التاريخ. ولما وصلنا إلى مرحلة يصدر فيها تقرير عن الحاجة للحرية كهذا! لكن وحتى لو كان التقرير يدرك ذلك، فقد كان مطلوباً منه أن ينص على الطريق الثانية لتحصيل الحرية.
صنف الحرية الذي يؤخذ وسيلته إصلاح المجتمع، أولاً عبر تغيير الذهنية السائدة فيه من تفضيل السكون والتقليد إلى عدم الممانعة في التغيير، ثم ثانياً تطوير البنية الاجتماعية إلى الحالة المدنية التي تحترم طاقات الأفراد وتوظف كفاءاتهم في خدمة الصالح العام، ما يؤهل المجتمعات لأن تكون قادرة على انتزاع حريتها إذا توفرت الشروط التاريخية الموضوعية اللازمة وأهمها تبلور الأفكار التي تُجمع عليها أغلبية الناس ووجود القيادة التاريخية (التي لا يشترط أن تكون شخصاً واحداً) القادرة على تحريك هذا الإجماع. وهذه بالطبع مسيرة طويلة ومضنية، لكنها ممكنة إذا توفر من يكرس جهده وعمله وأفكاره لتغيير مجتمعه نحو الأفضل.
ليس منطقياً اعتماد أحد طريقي الوصول إلى الحرية وإهمال الآخر، لأن النتيجة ستكون الدوران في حلقة مفرغة، فالاصلاح الذي يوفره النظام السياسي لن يكون نافعاً دون بنية اجتماعية مدنية قادرة على الانتفاع به، والاصلاح الذي تصنعه المجتمعات لا يمكن تحقيقه دون إيجاد تلك البنية أولاً، ما يؤكد أن المطلوب هو السير في الطريقين معاً وبالتوازي: العمل على إصلاح المجتمع، والسعي في إقناع النظام السياسي بإصلاح نفسه. الطريق الاجتماعي يلزمه توفير مؤسسات مدنية همها العمل العام ووسيلتها الاقناع والشرح وتوضيح المصلحة، والطريق السياسي يلزمه التعاطي مع السلطة السياسية التي تعلن نيتها "الإصلاح" ومشاركتها في إصلاح نفسها وموافقتها على توفير أنواع من الحرية والديمقراطية بدءاً من "الحريات المفتاح".
هكذا فإن تقرير التنمية الإنسانية العربية الثالث يمثل إضافة نوعية حقيقية لإحدى طريقي الوصول إلى الحرية، تلك التي تتحقق عبر المنح. لكن ورغم تسليمنا بأن تلك الطريق هي الوحيدة الممكنة حالياً في ظل الأوضاع غير المتزنة التي تعيشها المجتمعات العربية، إلا أننا كنا نتمنى أن يضع التقرير في حسبانه الطريق الثانية، حتى ولو على سبيل اعتبارها بديلاً.



#سامر_خير_احمد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نهاية الدرس اللبناني
- للأسف.. أميركا دائماً أقوى
- الدرس اللبناني: لا مكان للدكتاتورية إذا توحد الشعب
- لا تشتموا الفضائيات
- تحنيط التراث: التراث باعتباره شاهداً ليس إلا
- لا تفتش عن المرأة !
- العرب وتحولات العالم
- الفكر الاسلامي بلغة علمانية
- لا ديناصورات ولا خائنون
- الاسلام بين التطهير والتغيير
- هل الديمقراطية ممكنة في العالم العربي؟
- عمرو خالد والنمذجة الاخرى
- ادفنوا هذه المنظمات
- عمرو خالد ونموذج التراث
- البرميليون العرب
- نادر فرجاني «وزمرته»!
- -الحُرة-.. وفكرة المركز والمحيط
- اختطاف العلمانية
- في هجاء القبيلة
- الهروب الى الحكم الاسرائيلي


المزيد.....




- فرنسا: الجمعية الوطنية تصادق على قانون يمنع التمييز على أساس ...
- مقتل 45 شخصا على الأقل في سقوط حافلة من على جسر في جنوب إفري ...
- جنرال أمريكي يوضح سبب عدم تزويد إسرائيل بكل الأسلحة التي طلب ...
- شاهد: إفطار مجاني للصائمين في طهران خلال شهر رمضان
- لافروف عن سيناريو -بوليتيكو- لعزل روسيا.. -ليحلموا.. ليس في ...
- روسيا تصنع غواصات نووية من جيل جديد
- الدفاع الأمريكية تكشف عن محادثات أولية بشأن تمويل -قوة لحفظ ...
- الجزائر تعلن إجلاء 45 طفلا فلسطينيا و6 جزائريين جرحى عبر مطا ...
- لافروف: الغرب يحاول إقناعنا بعدم ضلوع أوكرانيا في هجوم -كروك ...
- Vivo تكشف عن أحد أفضل الهواتف القابلة للطي (فيديو)


المزيد.....

- فيما السلطة مستمرة بإصدار مراسيم عفو وهمية للتخلص من قضية ال ... / المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية
- الخيار الوطني الديمقراطي .... طبيعته التاريخية وحدوده النظري ... / صالح ياسر
- نشرة اخبارية العدد 27 / الحزب الشيوعي العراقي
- مبروك عاشور نصر الورفلي : آملين من السلطات الليبية أن تكون ح ... / أحمد سليمان
- السلطات الليبيه تمارس ارهاب الدوله على مواطنيها / بصدد قضية ... / أحمد سليمان
- صرحت مسؤولة القسم الأوربي في ائتلاف السلم والحرية فيوليتا زل ... / أحمد سليمان
- الدولة العربية لا تتغير..ضحايا العنف ..مناشدة اقليم كوردستان ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- نحو الوضوح....انسحاب الجيش السوري.. زائر غير منتظر ..دعاة ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- جمعية تارودانت الإجتماعية و الثقافية: محنة تماسينت الصامدة م ... / امال الحسين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - سامر خير احمد - تقرير التنمية: إضافة نوعية لإحدى طريقي الحرية