أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية - سمير المجدوب - هيدجر: تقويض الميتافيزيقا وفكرة الدزاين















المزيد.....

هيدجر: تقويض الميتافيزيقا وفكرة الدزاين


سمير المجدوب

الحوار المتمدن-العدد: 4055 - 2013 / 4 / 7 - 21:13
المحور: العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية
    



لقد أحدتث فلسفة هايدكر قطيعة مع ماضي الفلسفة من خلال تفكيك التراث الفلسفي السائد مند فلاسفة اليونان إلى نيتشه، ذلك التراث الذي غرق في نسيان الوجود، إن فكرة نسيان الوجود هي تشخيص لمرض الفلسفة المزمن، لقد ترسم هيدجر من خلالها نزعة تشاؤمية وعدمية حيث يقول " لقد نسي العالم الحديث اللحظات الأخيرة من حياة البشرية، تلك الحياة التي تعتبر متجاوزة مند البداية وإلى الأبد من طرف الموت ".

يعطي هيدجر لكلمة ميتافيزيقا معنى عاما ، فهي مجموعة من مظاهر الفكر الغربي بدون تمييز ، كالفلسفة والفنون والعلوم والمعارف والتقنيات والأخلاق والنظريات السياسية تشكلت في تيارات فلسفية وسياسية وأخلاقية ، كل تلك هذه المذاهب اشتركت جميعها في "نسيان الوجود" ، وقد تبلورت تلك التيارات في فكر الحداثة على شكل نزعة إنسانية متطرفة أو ماسماها " ميتافيزيقا الذاتية "
لقد أصبح عصر الميتافيزيقا والنزعة الإنسانية هو الأبعد عند هيدجر، لأن النزعة الإنسانية في شكلها الحديث "ميتافيزيقا الذاتية"، قد قطعت أواصرها بالوجود ، وانصرفت إلى الإهتمام بالموجود . إن التفكير في الإنسان الحديث حسب هيدجر، أصبح يحصر نفسه في دائرة الموجود، ولم يعد يمتد إلى التفكير في الوجود في حد ذاته، بعبارة هيدجر " أن الوجود أصبح في طي النسيان " ، لذا فحقيقة الوجود تضل خفية على الميتافيزيقا باستمرار وممتنعة عليها لأن الميتافيزيقا في ماهيتها " نسيان الوجود، وفي هذا السياق، كتب هيدجر في " رسالة في النزعة الإنسانية"
"طالما بقيت حقيقة الوجود منسية ، فإن الأنطولوجيا تبقى بدون أساس"

وقد أوضح هايدجر في مقدمة " ماهي الميتافيزيقا ؟" أن حقيقة الوجود تشكل الأرضية والأساس الذي تستقر فيه الميتافيزيقا ومنه تتغدى بوصفها شجرة الفلسفة التي تحدث عنها ديكارت. إن الميتافيزيقا نسيت أصلها أي "حقيقة الوجود" وانصرفت إلى الإهتمام بالموجود، إنها تسمي الوجود وتتحدث عنه ولكنها لا تقصده، بل تقصد الموجود.

وهكذا فأن خطاب الميتافيزيقا حسب هيدجر، يتحرك من بدايته إلى نهايته في هذا الخلط بين الوجود والموجود ، لذلك فإن إحياء التساؤل الأصيل والأساسي حول الوجود لا يمكن أن يكون إلا ثمرة لتقويض الميتافيزيقا وتفكيكها.

من هنا سيعمل هيدجر على صياغة فهم جديد للإنسان ووجوده من خلال توجيه نقد جدري لإشكالية الوعي وفق طرح جديد والمثير للجدل لمفهوم " الدزاين "، إذ سيربط بين التفكير في الإنسان ونقد نزعاته الذاتية وبين تحديد معنى الوجود أو العالم باعتباره المجال الأرحب للكائن. من هنا الانتقال من الأنا أو الذات إلى الدزاين كانكشاف أعمق وأساسي لماهية الإنسان داخل وجوده العام ، وكما يقول في كتابه "الوجود والزمان"

ce ver quoi le dasein tel comme tel transcende , nous l appelons le monde, et le transcendance. Nous la définissions maintenant comme etre_ au_ monde .



قبل الحديث عن مسألة الوجود والعالم ، يجب أن تنساءل هنا : ماذا معنى الوجود عند هيدجر ؟

يأخد هيدجر من هوسرل تلك العبارة الشهيرة التي قلب من خلالها هوسرل الكوجيطو الديكارتي فسماها الكوجيتاتوم : " بما إنني أفكر فأنني أفكر في شيء " ، إنطلق هيدجر من ذلك "الشيء" باعتباره محددا لفكر الإنسان، أو الشعور بشيء ، من هنا يأبى هيدجر أن يتصور الوجود البشري منغلق على ذاته ، بل يتصوره حقيقة منفتحة على العالم وموجه نحوه بكل عواطفه وميولاته وتفكيره ومقاصده . فيصف هيدجر الوجود ، ما يظهر لنا من حيث هو كذلك، إن عبارة "وجود الإنسان في العالم" لا تعني عند هيدجر ذلك الوجود المكاني، على نحو ما يوجد الكرسي في القسم وإنما هو وجود قوامه الشعور بالإهتمام، فالوجود هو المجال الأرحب الذي يندمج فيه الإنسان بالمواضيع الأخرى، تلك المواضيع ليست مجرد أشياء، بل هي أدوات أي موجودات، لكن هيدجر لا يذهب إلى أن تلك الأدوات مخلوقة من أجلنا، وإنما هي مشروطة بوجودنا أي بوجود الإنسان. من هنا يقرر هيدجر أن الإنسان له صلة بالوجود ، إذ لا يمكن أن يكون هناك وجود بشري إلا إذا كانت الذات مرتبطة ارتباطا جوهريا بالعالم ( الوجود) ، أي أن الإنسان هو تلك الكينونة الحرة المحددة بذاتها .

انطلاقا من ذلك يمكن القول أن الوجود في العالم هو وجود حركي ، ينسب إلى الموجود إمكانيات عينية ، تلك الإمكانيات هي قدرات يمتلكها الإنسان للتعامل مع العالم الخارجي، معنى هذا أن الإنسان له إمكانيات تدفعه إلى تحقيق وجوده عن طريق الخروج من الذات والإندماج في الوجود. إن ارتباط الإنسان بالوجود بهذا المعنى يجعل منه موجودا مهموما يحمل دائما عبء وجوده .

إذا كان الإنسان هو ذلك الكائن الذي يدرك كينونته من خلال العالم، فلا شك أيضا أن الإنسان عند هيدجر له وجود مرتبط باللآخرين، فكما أن الوجود في العالم هو من مقومات الوجود الإنساني، كذلك الوجود مع الآخر هو أيضا من مقومات هذا الوجود.

إن إنسان العصر الحديث فيما يقول هيدجر ، أصبح يعيش في حالة جماعية زائفة، لأنه اتخذ من الوجود مع الآخرين، دريعة للتنازل عن وجوده الخاص، فلم يعد وجوده سوى مجرد انغماس في عالم الجمهور، وهكذا فإن إنسان العصر الحديث فقد إنسانيته وحريته، وصار مجرد موضوع ينطق بلسان الآخرين ويتحرك في مجال ذلك الوسط الإجتماعي الغفل، ومن هنا يتحدث هيدجر عن ضربين من الوجود، وجود حقيقي أصيل ووجود زائف لا مشروع. على أساس التمييز بين ذات حرة تأخد على عاتقها مسؤولية وجودها، وذات غريبة على ذاتها، فقدت حريتها فأصبحت تحيى على حساب الآخرين، إن الوجود الأصيل هو ذلك الوجود الحقيقي الذي يشعر فيه الإنسان أنه قائم بذاته مسؤول عن نفسه، وأن لا بد له من أن يأخد على عاتقه مسؤولية وعبء وجوده.
أما الوجود الزائف، فهو ذلك الوجود العيني الذي ينزل فيه الإنسان إلى مستوى الموضوع، فيميل إلى الإنغماس في الجماعة، ويتنازل عن مسؤوليته ويتخلص من شعور القلق، فالوجود الزائف هو الهروب من الذات، ورفض تحمل مسؤوليتة وعبء الوجود، وفي هذا الوجود الزائف يسعى الإنسان إلى النسيان.. أي نسيان ذاته والتشاغل عنها والتلهي عن المأساة الإنسانية، وتعاسته الطبيعية... إنه في نهاية الأمر استلاب واغتراب عن الذات وإضاعة لها. والسؤال المطروح هاهنا : كيف يمكن للإنسان أن يتخلص من هذا الوجود الزائف ليحقق وجوده الأصيل؟

إن كيفية الخروج من الوجود الزائف لا تكون بعملية عقلية أو دهنية أو ثقافية، وإنما العزم على احتمال القلق، فما هو هذا القلق الذي يحتل مكانة بارزة في فلسفة هايدجر؟ .

القلق عند هيدجر هو الشعور الأساسي للوجود في العالم، وفي هذا الشعور تتكشف لنا فكرة العدم، وهذا العدم لا شيء، ولدينا عنه في القلق تجربة أساسية، وهذه التجربة هي ذلك الخطر الذي يتهددنا دون أن نعرف مصدره على الإطلاق، ومن هنا يختلف عن الخوف الذي نجد مصدره نابعا من الذات، إن ذلك العدم الذي تكشف لنا في القلق ، يصبح مهادا لوجود أصيل، معنى ذلك إنه إذا كان الخوف من العدم هو الذي يدفع الإنسان إلى متاهات الثرثرة والفضول والغموض من اجل إخفاء ذاتيته والاطمئنان إلى الوهم. فإن القلق يساعده على معرفة العدم، أي معرفة أنه موجود من أجل الموت، وأنه سيموت وحده ولن يشاركه أحد في تلك التجربة الرهيبة. من هنا يصبح القلق هو الوسيلة التي من خلالها يتعرف الإنسان على حقيقته، بل على عبثية الوجود برمته. فهو عندما يهرب من وجوده الزائف مع الآخرين، يجد نفسه أمام حقيقة الموت الذي يهدده بدوره، من هنا سيكون أمام اختيارين لا ثالث لهما إما أن يفر إليهم ويحتمي بهم فيعود بالتالي إلى عالم الزيف والسطحية، وإما أن سينعزل لوحده لينتظر مواجهة مصيره المحتوم.


المراجع :

موت الإنسان : هايدجر، لفي ستراوس، مشيل فوكو

فؤاد كامل ، أعلام الفكر الفلسفي المعاصر

المجلة الثقافية، رهانات ، الإنسان في ساقات الحداثة ، العدد 18 ربيع 2011

إبراهيم زكريا، دراسات في الفلسفة المعاصرة .



#سمير_المجدوب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أسس الفلسفة الوجودية ( نمودج سارتر )


المزيد.....




- إعادة افتتاح متحف كانط في الذكرى الـ300 لميلاد الفيلسوف في ك ...
- محكمة بجاية (الجزائر): النيابة العامة تطالب بخمسة عشر شهرا ح ...
- تركيا تعلن تحييد 19 عنصرا من حزب العمال الكردستاني ووحدات حم ...
- طقوس العالم بالاحتفال بيوم الأرض.. رقص وحملات شعبية وعروض أز ...
- اعتقال عشرات المتظاهرين المؤيدين لفلسطين في عدة جامعات أمريك ...
- كلمة الأمين العام الرفيق جمال براجع في المهرجان التضامني مع ...
- ال FNE في سياق استمرار توقيف عدد من نساء ورجال التعليم من طر ...
- في يوم الأرض.. بايدن يعلن استثمار 7 مليارات دولار في الطاقة ...
- تنظيم وتوحيد نضال العمال الطبقي هو المهمة العاجلة
- -الكوكب مقابل البلاستيك-.. العالم يحتفل بـ-يوم الأرض-


المزيد.....

- مَشْرُوع تَلْفَزِة يَسَارِيَة مُشْتَرَكَة / عبد الرحمان النوضة
- الحوكمة بين الفساد والاصلاح الاداري في الشركات الدولية رؤية ... / وليد محمد عبدالحليم محمد عاشور
- عندما لا تعمل السلطات على محاصرة الفساد الانتخابي تساهم في إ ... / محمد الحنفي
- الماركسية والتحالفات - قراءة تاريخية / مصطفى الدروبي
- جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية ودور الحزب الشيوعي اللبناني ... / محمد الخويلدي
- اليسار الجديد في تونس ومسألة الدولة بعد 1956 / خميس بن محمد عرفاوي
- من تجارب العمل الشيوعي في العراق 1963.......... / كريم الزكي
- مناقشة رفاقية للإعلان المشترك: -المقاومة العربية الشاملة- / حسان خالد شاتيلا
- التحالفات الطائفية ومخاطرها على الوحدة الوطنية / فلاح علي
- الانعطافة المفاجئة من “تحالف القوى الديمقراطية المدنية” الى ... / حسان عاكف


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية - سمير المجدوب - هيدجر: تقويض الميتافيزيقا وفكرة الدزاين