أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - صبري المقدسي - فكرة تأسيس النظام العالمي الجديد















المزيد.....

فكرة تأسيس النظام العالمي الجديد


صبري المقدسي

الحوار المتمدن-العدد: 4054 - 2013 / 4 / 6 - 11:23
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


فكرة
تاسيس النظام العالمي الجديد

يبدو أن العالم اليوم قد انتقل من المراحل البدائية القديمة الى المراحل التطورية الجديدة سواء في السياسة والعلم والاقتصاد أو في الثقافة والحياة الاجتماعية والمعيشية. إذ لعبت الثورات الحديثة كثورة الاتصالات والمواصلات السريعة دورا عالميا عظيما في تقوية الاواصر بين البشر وتقاربهم مع الاحداث اليومية التي تحدث في أي بقعة من العالم. ومن الملفت للنظر أن تلك الثورات والتطورات لم تأتي مرة واحدة، ولم تنحصر في مكان واحد أو في بلد واحد فقط، بل اشترك في تكوينها وانشاءها عدد كبير من البشر والدول والشعوب، وفي مختلف العصور الزمنية.
ومن الجدير بالاشارة، أن الوثبات التطورية السريعة التي شهدها العالم في الخمسين سنة الاخيرة والتي غلب عليها الطابع التكنولوجي والألكتروني المتطور، أدت الى تقريب اجزاء العالم من بعضه البعض، بحيث أصبحت الحدود والجغرافيا العالمية، أمورا رمزية فيما عدا بعض المناطق التي لا تزال تعيش في الزوايا المظلمة من التاريخ، والتي لا تزال تصارع من أجل وقف مسيرة التاريخ بأية وسيلة.
فما مضى من تاريخ البشرية لم يكن إلا حروبا وصراعات وعذابات ومعاناة بجميع صورها الماديه والروحيه. ويبدو أن الهدف من كل ما مضى لم يكن سوى وضع الأسس واللمسات الاخيرة لصناعة المستقبل الجديد والملائم لانبعاث الانسان الجديد.. انسان الحضاره الواحدة، وتحقيق الحلم البشري المنشود ألا وهو اقامة نظام دولي جديد قائم على مبادىء الحرية والعدل والمساواة، ويكون مبنيا على مجموعة من الاسس والمفاهيم والقوانين التي تنظم العلاقات بين دول العالم، بالاضافة الى تبسيط تلك العلاقات وتجاوز العقد التاريخية والنفسية، والنظر الى العالم باعتباره وحدة متجانسة واحدة ليس في السياسة فقط بل في الاقتصاد أيضا. إذ تمر المجتمعات البشرية في الوقت الحاضر بفترة تحول سوف تعيد ترتيب سياسات الدول واقتصادياتها ترتيبا جديدا يختلف عن الماضي اختلافا جوهريا وفي كل الامور. ويتوقع المختصون في السياسة والاعلام والاقتصاد بأن العقود الاولى من القرن الحادي والعشرون سوف تشهد بداية لظهور الاقتصاد الكوني الجديد وبداية لتقريب الأفكار العالمية وسيادة الأصلح منها، وتهيئة العالم لخلق هوية جديدة للأفراد والمجتمعات البشرية بالإضافة إلى هوياتهم الأممية والعقائدية، وكذلك انبثاق نظام خاص من شانه إن يكون إطارا معرفيا عاما للجنس البشري بأسره.
ولم تكن التغيرات الكبيرة التي حدثت في الاتحاد السوفيتي واوروبا الشرقية في نهاية القرن العشرين، والتغيرات الأخرى التي شملت العالم العربي في بداية القرن الواحد والعشرين، إلا علامات ودلائل على بدء هذا النوع من النظام الذي يعتبر في الحقيقة مطلبا داخليا ومصيريا لمئات الملايين من البشر، يستبشرون به خيرا لكيما يقربهم من بعضهم البعض، ولكيما يمثل طموحاتهم المستقبلية في تحقيق هذا الحلم البشري الكبير، وذلك في جعل العالم يعيش "تحت مظلة واحدة"، المظلة التي تشمل كل أنواع الثقافات والاجناس البشرية، وانجازاتها المختلفة، وتحقيق ما يسمى بالحضارة الإنسانية الواحدة، لجميع التيارات الفكرية والعلمية والأدبية والفنية والاجتماعية، بحيث يساهم فيها الكل من أجل خير الكل.
كثيرا ما يتوقع الكتاب والمحللون السياسيون بأن فكرة النظام العالمي الجديد، مفهوم جديد نبع من قبل الساسة الغربيين والأمريكيين بعد الحرب العالمية الثانية، إلا أن للفكرة أو للمفهوم عمق تاريخي طالما حلم به الحكماء والفلاسفة والمفكرون في كل حضارة ودين وثقافة، بدءً من الفلاسفة الإغريق والعرب وفلاسفة اوروبا في القرون الوسطى الى الساسة الغربيين في القرن العشرين، وبداية القرن الواحد والعشرين.
ولكن بعيدا عن الأديان الإلهية والوضعية التي كانت طبيعتها التبشيرية تتوجه للناس كافة، وبعيدا كذلك عن النظريات المثالية الاغريقية كاليوتوبيا الأفلاطونية والمدينة الفاضلة العربية للفارابي والتي كانت تحلم ببناء عالم مثالي لم يكن ممكنا تحقيقه. وعبورا الى الفلسفة الكانطية لعمانوئيل كانط الذي طرح الأفكار الأكثر واقعية وعقلانية عن الهوية الكونية والشمولية. ووصولا الى النظريات العلمية الجديدة كالرأسمالية والماركسية والرأسمالية الجديدة والاشتراكية الدولية والتي تتضمن كلها مفاهيم أممية بعيدة كل البعد عن مفاهيم القومية والدين. نصل اليوم الى الهدف الاسمى والاشمل للبشرية ومستقبلها الكوني الكبير الذي يجمع المضامين الجوهرية لكل تلك الفلسفات المثالية والسياسية والاقتصادية في قالب واحد وهو: "كيفية بناء نظام عالمي موحد يجمع كل الأطياف البشرية، ويعبر عن طموحاتهم، ويقودهم نحو المستقبل المشرق، بحيث ترتكز فيه جميع القوى الحضارية مع كل رافد من روافد الإنسانية والحضارية والثقافية، وتتضافر معا لتكوِّن طاقة إشعاعية عالمية وكونية كبرى".
فالحضارة الانسانية الجديدة تبدو واحدة وشاملة من اقصى الشرق في اليابان الى أقصى الغرب في الولايات المتحدة. ويُعد هذا أكبر دليل على اتساع مفهومها لكي يأخذ طابعا شموليا وعالميا ولكي يتنعم الجميع من ثمارها العالمية والكونية، فهي تعبِّر عن الحقيقة الواحدة في تنوعها واختلافاتها الكثيرة. إذ تتجاوز حدود الاعراق والاديان والثقافات وتتجه لجميع البشر. فهي لا تتكلم عن تاريخ شعب مُعيّن وانما عن تاريخ الانسانية جمعاء بكل ما لديها من أعمال وآثار ومعتقدات وآداب وفنون وتكنولوجيا. "فكما يتميَّز كوكب الأرض بجسم يجمع في نطاق وحدته الأمم والشعوب المتنوعة، كذلك الأمم والشعوب البشرية من اقصاها الى اقصاها، إذ تختلف وتتميَّز بعضها عن بعض، ولكنها تؤلف معا جسما حضاريا واحدا".
كانت الولايات المتحدة سباقة في طرحها لمبادىء هذا المفهوم الجديد ولاسيما بعد انتصاراتها الكبيرة سواء في الحرب العالمية الثانية أو في انتصارها على المعسكر الاشتراكي بقيادة الاتحاد السوفيتي. ولهذا عملت على نشر مفاهيم آيديولوجيتها الجديدة تدريجيا خلال العقود الثلاث أو الأربعة الماضية، وذلك عبر الاعلام الذي تسيطر عليه عالميا، وعن طريق التدخل في الحروب الجانبية بحجة التحرير ومساعدة الشعوب في التخلص من حكوماتها الظالمة، كما حدث في تيمور الشرقية والعراق وافغانستان والبوسنة والهرسك وكوسوفو وليبيا وغيرها من الدول والمقاطعات في العالم.
لقد حاولت الولايات المتحدة وانطلاقا من تلك المفاهيم فرض نمط حياتها اليومية على بقية العالم. وأصبحت، تنطلق من منطلق السلطة المهيمنة في العالم سواء في أروقة الامم المتحدة ومحاولة السيطرة على قراراتها أو في تدخلها المستمر في شؤون الدول الاخرى. ولكنها وللأسف الشديد فقدت أغلى شىء لديها وهو حبّ الشعوب والامم الاخرى.
ولكن وإن كان العالم في أمس الحاجة الى النظام العالمي الجديد الذي يجمع شمله وأشلاءه المتناثرة عبر تحالف للثقافات التي تحتفظ كل واحدة منها بخصوصياتها عبر الانفتاح والقبول بالاختلاف والتنوع والابتعاد عن العنف والتخلي عن التعصب والعزلة والانطواء. ومع كل ذلك إلا أن العالم غير مستعد في الوقت الحاضر التخلي عن الكثير من الامور المصيرية من أجل إنشاء نظام قد تستفرد به أميركا وتديره على هواها بموجب سياسة الأمر الواقع، وذلك في أن يكون لها الحق المطلق في إدارة شؤون العالم بإرادتها المنفردة.
وما يثبت غاية الولايات المتحدة الاستفراد بالعالم والهيمنة عليه هو تأسيسها للقواعد العسكرية الجديدة في العالم كله، وخاصة في المناطق التي تحتوي على احتياطيات كبيرة من النفط، ومحاولتها فرض وضعية سياسية جديدة في الكثير من مناطق العالم، والتحكم في سوق التجارة العالمية، وبسطها السيطرة الإعلامية عن طريق الأنترنيت والفضائيات المختلفة. والأنكى من ذلك كله محاولاتها الدنيئة في فرض لونها الحضاري الواحد على العالم الجديد. وخير ما نستشهد به حول هذا المفهوم الجديد للعالم، مقولة الرئيس الهندي (المهاتما غاندي): "إنني لا أريد أن ترتفع الجدران من كل جانب حول بيتي، ولا أن يحكم إغلاق نوافذي، إنني أريد أن تهب ثقافة كل أرض حول بيتي بأقصى قدر ممكن من الحرية، ولكنني أرفض أن تقتلعني ريح أي منها من جذوري".
صبري المقدسي



#صبري_المقدسي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الربيع العربي ثورة شعبية ام ثورة عابرة
- الجهل: هذه الآفة اللعينة


المزيد.....




- فرنسا تدعو روسيا وليس بوتين للمشاركة في احتفالات ذكرى إنزال ...
- الكرملين: كييف تسعى لوقف إطلاق النار خلال الألعاب الأولمبية ...
- الإيرانية والإسرائيلية أيضا.. وزير الخارجية الأردني يؤكد -سن ...
- المتنافسون على السلطة في ليبيا -يعارضون- خطة أممية لحل الأزم ...
- وزيرا الدفاع الأمريكي والصيني يعقدان أول محادثات منذ 18 شهرا ...
- باريس -تدعو- روسيا من دون بوتين للاحتفال بذكرى إنزال الحلفاء ...
- زيلينسكي يوقع قانون التعبئة الجديد لحشد 500 ألف جندي إضافي ب ...
- أوكرانيا أرادت تصفية الصحفي شاري واتهام روسيا باغتياله
- الوزير في مجلس الحرب بيني غانتس: إسرائيل سترد على إيران في ا ...
- لافروف: الولايات المتحدة وحلفاؤها يشعرون بقلق متزايد بشأن عم ...


المزيد.....

- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل
- شئ ما عن ألأخلاق / علي عبد الواحد محمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - صبري المقدسي - فكرة تأسيس النظام العالمي الجديد