أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - محمد زكريا توفيق - الفن الإسباني – فيلازكويز















المزيد.....


الفن الإسباني – فيلازكويز


محمد زكريا توفيق

الحوار المتمدن-العدد: 4053 - 2013 / 4 / 5 - 21:06
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


في الأندلس، كان المسلمون يحرّمون صناعة التماثيل ورسم الأشياء الحية. استمر الوضع هكذا إلى أن طردوا من إسبانيا. علينا أن ننتظر حتى قدوم القرنين الخامس عشر والسادس عشر، قبل أن نرى في إسبانيا نماذج من الفن المسيحي.

في ذلك الوقت، عندما كان الملك فرديناند والملكة إيزابيلا على عرش إسبانيا، والمستكشف الإيطالي كولومبس يستعد للابحار غربا لاكتشاف القارة الأمريكية، بدأ الإسبان في رسم لوحاتهم.

في البداية، كانت الرسومات دينية، مثل البداية الإيطالية. وكان الرسامون يقومون بالصلاة والصوم، في بعض الأحيان يقومون بجلد أنفسهم، قبل البدأ في رسم اللوحة.

المواضيع التي تزين جدران الكنائس، كما كان هو الحال في إيطاليا، تبين القصص المقدسة إلى كل من لا يستطيع قراءة الإنجيل. الرسام ليس حرا يرسم ما بدا له من أفكار وتخيلات، لأنه محكوم بقواعد صارمة، فرضتها عليه محاكم التفتيش، التي كان لها نفوذ جبار في إسبانيا.

من بين القواعد والقيود الكثيرة المفروضة، هي أن تظهر السيدة العذراء وهي مغطاة الرجلين، القديسون يظهرون بدون لحى، على العكس من أحبار اليهود. الرسام المخالف لهذه القواعد، يعاقب بغرامة مالية كبيرة أو ينفى لمدة سنة من البلاد.

الفن كان صادقا واقعيا. يبين حياة الإسبان كما رأوها أمامهم في الكنيسة أو الدير أو القصر أو الشارع. كان الفن الإسباني، وهذا متوقع، متأثرا جدا بالفن الإيطالي. الكثير من اللوحات الإيطالية كانت موجودة في إسبانيا، والفنانون الإسبان ذهبوا لدراسة الفن في إيطاليا.

الإسبان كانوا مغرمين بألوان الرسام الإيطالي تيتان. كان هناك فنان إسباني يدعى "نافاريتو"، اشتهر بتقليد لوحات تيتان بدقة متناهية، إلى الدرجة التي جعلته يعرف ب "تيتان إسبانيا". رسم لوحة رائعة للمادونا والطفل بعنوان "الرعاة الجمال".

"بينيجويتي" هو "مايكل أنجلو" إسبانيا. لأنه كان مهندسا معماريا ونحاتا ورساما. و"موراليس" المشهور برسم المشاهد الدينية الحزينة. هناك حكاية عن ظهوره في بلاط الملك فيليب الثاني.

كان الرسام "موراليس" أنيقا يلبس فاخر الثياب، إلى الدرجة التي جعلت الملك يشعر بتعاليه. لم يكتف الملك بفصله من وظيفته، لكن أمره أيضا بالتوقف عن رسم أية لوحة أخرى. اعترف الرسام أنه أنفق كل ما يملك لكي يظهر أمام الملك بما يليق بجلالته. بعد ذلك، تم العفو عنه وسمح له بالعودة إلى فرشته وألوانه.

في يوم من الأيام، ظهر موراليس أمام البلاط الملكي، في هذه المرة، بملابس رثة بالية. قال له الملك: "يا موراليس، أنت فقير جدا. سوف أمنحك نقودا لكي تشتري بها غداءك" أجاب موراليس بهدوء: "وماذا عن العشاء يا مولاي؟" فقال الملك: "سنحرص أن تكون كافية لكي تجعل موراليس يعيش حياة مريحة، ما تبقى له من عمر".

"نافاريتي"، و"بينيجويتي"، و"موراليس"، وآخرون كانوا يعيشون في القرن السادس عشر. أعمالهم، مهدت الطريق إلى القرن السابع عشر المبهر. الذي يعتبر أشهر فترة في تاريخ الفن الإسباني.

"تورباران" و "ريبيرا" كانا يعيشان في القرن السابع عشر. تروباران كان يرسم البورتريه وصور الحيوانات، لكنه كان الرسام المختص برسم الرهبان الإسبان. كان هذا اختيارا موفقا، لأن إسبانيا كانت
دولة الرهبان في ذلك الوقت.

رسم "تورباران"، بألوانه الداكنة والناصعة، الرهبان في كل حالاتهم النفسية والاجتماعية، مثلما رسم "تيتان" من قبل نبلاء البندقية في إيطاليا، أو كما رسم لاحقا "فيلازكويز" النبلاء الإسبان.

"ريبيرا" كان مشهورا جدا. كان له تأثير عظيم في عالم الفن. لكنه استخدم هذا النفوذ استخداما سيئا.

كان هناك صبيا إسبانيا فقيرا. تمكن بطريقة ما من الوصول بسلام إلى مدينة روما. هناك، اكتشفه كردينال إيطالي ثري، عندما وجده، يقوم بنسخ رسمة من على جدار أحد القصور.

عندما سأل الصبي عدة أسئلة، أعجب الكاردينال بإجابته. فأخذه معه إلى منزله ووفر له إقامة مرفهة. لكن الصغير، بعد فترة قصيرة وعلى غير العادة، ولى هاربا.

عندما تم العثور عليه، عرفوا منه سبب الهرب، وهو لأن الكاردينال كان قد وفر له حياة رغدة جدا. لو استمر عليها مدة أطول، لتبلد حسه وفقد طموحه.

لذلك قرر الفرار، لأنه يحتاج إلى وخزة الفقر وألمه كشاحذ للهمة ودافع للتقدم. لكن الكردينال نظر للموضوع على أنه مجرد فرار صبي ناكر للجميل. ونسي الموضوع.

ذهب "ريبيرا" لاحقا إلى نابلس. ثم أصبح رئيسا لعصابة الفنانين. أي واحد يجرؤ على الاشتغال بفن الرسم خارج زمرتهم، يلقى منهم الاضطهاد والتعصب.
http://en.wikipedia.org/wiki/File:Jos%C3%A9_de_Ribera_009.jpg


أصبح ريبيرا ثريا. يعيش في قصر فاخر ويركب مركبة خاصة. لم يقم بمساعدة الفنانين الصغار، كما كان يفعل كبار الفنانين. كان يشعر بالغيرة نحو الفنانين الآخرين.

إلا أنه أظهر معرفة عظيمة بعلم التشريح. لوحاته التاريخية والدينية أصبحت تزين صالات العرض في كل أنحاء العالم. أحد تلاميذه "سلفاتور روزا" الخارج عن القانون، والذي تحدثنا عنه في مقال سابق.
http://en.wikipedia.org/wiki/File:Jusepe_de_Ribera_-_Saint_Paul_the_Hermit_-_Walters_37278.jpg

أصبح فن الرسم في إسبانيا شائعا. وظهر العديد من الرسامين العظام. اثنان منهم يمكن أن يمثلان فن الرسم الإسباني في أزهى عصوره. هما "فيلازكويز" و "موريللو".

ولد "فيلازكويز" في إشبيلية عام 1599م. من عائلة كريمة، وفرت له تعليما راقيا. كان والده يعده لكي يشغل في الكبر وظيفة حكومية مرموقة، لكن الصبي كانت شخابيطه واسكتشاته ورسومه تملأ الفضاء. أصيب الأب بخيبة رجاء في بادئ الأمر، لكنه رضخ لرغبة ابنه لكي يكون رساما.

أستاذ "فيلازكويز" كان الرسام المشهور في ذلك الوقت "باتشيكو". كان باتشيكو معجبا جدا بتلميذه، عندما كان يدرس معه سنة بعد أخرى. وكان متأكدا أن الصبي سوف يكون له شأن عظيم عندما يكبر. لذلك وافق على زواجه من ابنته.

كان في الاستوديو صبي من الأرياف يستخدمه فيلازكويز كموديل للرسم. يجعله يضحك ويبكي في أوضاع مختلفة لكي يقتنص التعبير والوضع الملائم للوحة. إلى جانب ذلك، كان فيلازكويز يدرس وجوه وحركات الناس في شوارع وأسواق أشبيلية.

مدريد التي لم تكن سوى سكنة عسكرية أيام حكم العرب، أصبحت الآن عاصمة إسبانيا. كان بها منزل قديم لسكن الحاكم، تحول إلى قلعة. بدأت الآن تنمو وتزدهر سريعا.

لأنه في القرنين السادس عشر والسابع عشر، كانت الثروة تنهال على أسبانيا بسبب مستعمراتها في المكسيك وبيرو. وأصبحت اللوحات والثماثيل مطلوبة في مدريد. هذا جعل متحف "برادو" في مدريد لاحقا، ينافس أعظم متاحف أوروبا.

عندما بلغ فيلازكويز من العمر 23 عاما، نصحه أستاذه وحماه باتشيكو بزيارة مدريد. لأنه كان متأكدا، من أن فيلازكويز سوف يتأثر باللوحات وأعمال الفنانين الكثر، الذين توجد أعمالهم في مدريد.

وعليه، أخد فيلازكويز عبده المخلص معه، وشدا الرحال، تاركان إشبيلية متوجهان إلى مدريد. قطعا هذه المسافة، وكابدا وعثاء السفر ووعورة الطريق، وهما على ظهر بغلتين.

عندما وصل فيلازكويز إلى مدريد، حاول مقابلة الملك "فيليب الرابع". لكنه لم يتمكن. وكان عليه أن ينتظر عدة شهور، ويقوم برحلة ثانية قبل أن ينجح في ذلك.

عندما رأى الملك رسم بورتريه لفيلازكويز، سحر به. من ثم، قرر الملك الجلوس أمام فيلازكويز لكي يرسمه. عندما أنهى الرسام بورتريه الملك، سر الملك به إلى درجة أنه قرر أن يبقى فيلازكويز بالقصر الملكي ولا يغادره.
http://www.metmuseum.org/Collections/search-the-collections/110002326

البلاط الملكي الإسباني في ذلك الوقت، كان مليئا برجال السياسة والقلم. الملك نفسه، فيليب الرابع، كان أديبا ورساما. حبه للفن، جعله يخصص استوديو لفيلازكويز في أحد أركان القصر.

ثم أحضر باقي عائلة فيلازكويز، على نفقته الخاصة، من إشبيلية إلى مدريد، لكي يعيشون معه في القصر. وكان يعاملهم بمنتهى الإحترام والتبجيل.

في أحد اللوحات، الآن موجوده في مدينة البندقية، يمكن أن نلقي نظرة على عائلة فيلازكويز نفسه. زوجته المهيبة وأطفاله السبعة. سرعان ما توطدت الصداقة بين الرسام والملك.

كان الملك، عندما يفرغ من شئون يومه، تجده في استوديو فيلازكويز. كان الرسام صديقا نادرا للملك. لأنه كان رجلا دمث الخلق صريحا كريما ونبيلا.

لم يكن ينشد فيلازكويز في لوحاته الجمال، ولكن الصدق. توزيع الإضاءة والجو المحيط بموضوع اللوحة حقيقي بدون خداع أو تزوير. يمكن أن نصف فنه بالواقعية أو الإنطباعية. لأن لوحاته تظهر الإنطباع القوي الذي تأثر به عندما وقعت عيناه على المشهد أو الموضوع أول مرة.

هذه رائعة فيلازكويز "بائع الماء في إشبيلية".
http://commons.wikimedia.org/wiki/File:Diego_Vel%C3%A1zquez_-_The_Waterseller_of_Seville_-_WGA24366.jpg


ظل فيلازكويز يرسم قرابة 40 عاما في مدريد. رسم خلالها الحاشية ورجال البلاط والملك، فيليب الرابع، بوجهه النحيف الطويل، والذي يقال أنه لم يضحك في حياته سوى مرتين.

نراه في اللوحة وهو في ملابس العرش يتأهب للصيد، أو للحرب. صورة الملك وهو على جواده، ربما تكون أصدق بورتريهاته.
http://www.wikipaintings.org/en/diego-velazquez/equestrian-portrait-of-philip-iv-1635#supersized-artistPaintings-229134

بعد أن قضى فيلازكويز ست سنوات في مدريد، جاء الرسام العظيم "روبين"، فلامنكي من شمال بلجيكا، ضمن بعثة دبلوماسية إلى إسبانيا. بينما كان هناك، لفت انتباهه الرسام الإسباني. حدثه عن الفن الإيطالي الرائع، مما جعل فيلازكويز يرغب في زيارة إيطاليا.

ذهب فيلازكويز ليتوسل للملك قائلا: "مولاي، أرغب في زيارة إيطاليا. الفنان لا يمكنه أن يكون عظيما، إلا بدراسة روائع مايكل أنجلو ورافائيل".

أجابه الملك باستياء: "قل بصراحة أنك تريد أن تتركني". لكن فيلازكويز ظل يلح في الطلب، إلى أن وافق الملك. وكان الملك بالغ الكرم، عندما أمده بخطاب توصية، ولم يمنع عنه راتبه أثناء غيابه، بالإضافة إلى تغطية مصاريف رحلته بالكامل.

أبحر فيلازكويز في مقطورة الماركيز "سبينولا"، القائد الحربي الإسباني، إلى إيطاليا. هناك، انبهر فيلازكويز بألوان تيتان، وتينتوريتو، وبول فيرونيزي. مكث فيلازكويز مدة عام في روما يدرس وينسخ. في نابولي، أقام صداقة مع "ريبيرا"، الإسباني الذي فر من بيت الكاردينال وهو صبي.

مضت على غياب فيلازكويز 19 شهرا. الملك أصبح قلقا. لذلك، أصدر أمرا بعودة فيلازكويز على الفور. عندما ظهر فيلازكويز أمام الملك، وأخبره بكل الروائع والبدائع التي شاهدها، نسي الملك غيابه في غمرة سروره بعودة رسامه وصديقه المفضل.

هنا موضوع جديد للوحات فيلازكويز، الأمير الطفل ابن الملك "بالتازار كارلوس". حياة الأمير السعيد كانت للأسف قصيرة جدا. كونه الأكبر بين اخوته، جعله وريثا للعرش، وبهجة للبلاط الملكي. كان ذكيا ملتزما. وكان ماهر الرماية، يستطيع الصيد وهو ممتطيا جواده، وهو في كامل سرعته.

عندما بلغ السابعة عشر من العمر، توفي بمرض الجدري. بكاه الجميع، البلاط وباقي أفراد الشعب. رسمه فيلازكويز في عدة بورتريهات، في أعمار مختلفة. بالملابس العادية، والملابس الملكية، وملابس الحرب، وملابس الصيد.
http://commons.wikimedia.org/wiki/File:Vel%C3%A1zquez_-_Pr%C3%ADncipe_Baltasar_Carlos_%28Museo_del_Prado,_1634-35%29.jpg

صورته هنا وهو يركب مهر صغير. يلبس سترة خضراء قطيفة مطرزة، وشال ذهبي وأحمر. منديل أزرق يرفرف في الهواء، وياقة عريضة وقبعة سوداء بريش. يركض في اتجاهنا خارج الصورة، تاركا الوديان الثلجية وراءه.

رسم فيلازكويز أيضا الأميرة "ماريا تيريزا"، والأميرة "مارجريتا" ساحرة البلاط. التي تظهر صورتها، حاليا في متحف اللوفر بباريس، وجهها البرئ وملامحها الرقيقة.
http://en.wikipedia.org/wiki/File:Infanta_Margarita.jpg

شعرها في الصورة أشقر ، وعيناها زرقاوتان، بخلاف لون عيون الصبايا الإسبانيات السوداء. تمسك بيد وردة وباليد الأخرى منديل. الأطفال الصغار الذين رسمهم فيلازكويز، رسمهم في ملابس تشبه ملابس آبائهم وأمهاتهم الرسمية.

كان فيلازكويز يحب رسم الأطفال الملكية. لا يضاهيه في ذلك سوى الرسام الفلامنكي، "فان دايك"، في إعطاء مثل هذه الأطفال، الجلال والوقار اللذان يخصانهم.

البورتريهات التي رسمها فيلازكويز للوردات وسيدات البلاط الملكي، تعتبر الأجمل والأفخم في العالم. مثل هذه الشخصيات الهامة ليست بالكثرة، ومن الصعب الوصول إليهن.

بورتريهات فيلازكويز طبيعية جدا. هناك قصة تثبت صحة ذلك. في أحد الأيام، عندما كان الملك في استوديو فيلازكويز، رأى أدميرالا واقفا، كان قد قابله منذ عدة أيام.

خاطبه الملك: "هل لازلت هنا، أولم نأمرك بالإنصراف؟" بالطبع لم تكن هناك إجابة من الأدميرال. وإذا بالملك يكتشف أنه كان يخاطب صورة للأدميرال لا شخصه.

هل تعرف أيسوب؟ صاحب قصص الأطفال التي كنا ندرسها في الإبتدائي، ومنها قصة الغراب والثعلب وقطعة الجبن. أنظر إلى لوحة أيسوب ل "فيلازكويز" ، التي تجعلك ترغب في قراءة قصص أيسوب من جديد.
http://upload.wikimedia.org/wikipedia/commons/0/0e/Diego_Velasquez%2C_Aesop.jpg

كان الملك فيليب الرابع يبقي في قصره الأقزام والمهرجين للترفيه. بعضهم كان من الثراء بحيث يستطيعون العيش في قصور خاصة بهم. قام فيلازكويز برسمهم بملابسهم الفاخرة المذهبة.

لم يكن يحب فيلازكويز الموضوعات الدينية أو الأساطير. لكنه كان يرسم الشارع والعائلة وقت الغداء والحانة. وكذلك مشاهد الحرب والصيد. رسم أيضا الزهور، وكان الأول في أسبانيا يرسم المناظر الطبيعية.
http://www.wikipaintings.org/en/diego-velazquez/the-lunch-1620#supersized-artistPaintings-229227

لوحات فيلازكويز تجعلك تنسي الرسام وتعيش مع الموضوع في الصورة. صوره في صالات عرض ومتاحف كثيرة. هناك لوحة في متحف "برادو" بمدريد بعنوان " خادمات الشرف".
http://www.the-art-minute.com/the-maids-of-honor-a-visit-to-the-studio/

الأميرة مارجريتا، ربما تبلغ من العمر 5 سنوات، تقف وسط اللوحة. الخادمة تنحني لكي تقدم لجلالتها كوبا من الماء. على اليمين من الصورة، يوجد قزمان وكلب. فيلازكويز في شمال الصورة يقف بنفسه يرسم صورة للملك والملكة، يظهر وجهاهما في المراية منعكسا من اللوحة.

عندما شاهد الملك اللوحة، أعجب جدا بها. ثم قال لفيلازكويز: "هذه اللوحة ينقصها شئ واحد." ثم أخذ الفرشاة وغمسها باللون الأحمر، ورسم بها، بيده الملكية، صورة صليب سانتياجو على صدر الرسام في الصورة.

هذه شارة لقب الفروسية، التي لا تمنح إلا إلى مشاهير الإسبان. بهذه الطريقة النبيلة، منح الملك، لقب الفارس لفيلازكويز. ولا يزال الصليب الأحمر على صدر الرسام، هو الذي يجعل اللوحة مشهورة عبر الأجيال.

لوحة أخرى لفيلازكويز بعنوان "استسلام بريدا"، موجودة بمتحف برادو بمدريد.
http://commons.wikimedia.org/wiki/File:Vel%C3%A1zquez_-_de_Breda_o_Las_Lanzas_%28Museo_del_Prado,_1634-35%29.jpg

هذه من أعظم اللوحات التاريخية في العالم. تبين معركة من معارك الحرب بين إسبانبا وهولاندا. كما وصفها ماركيز سبينولا إلى فيلازكويز عندما أبحرا معا إلى إيطاليا.

مدينة "بريدا" تتبع هولندا، لكنها وبسبب موقعها الحربي المميز، أخذت غصبا بالجيش الإسباني، بقيادة المركيز سبينولا. وبالرغم من أنه كان القائد المنتصر، إلا أنه كان رحيما دمث الخلق.

في خلفية الصورة، تظهر مدينة "بريدا" بقنواتها وخيام جيشها. في مقدمة الصورة، تتم عملية تسليم المدينة. على الجانب الأيمن، الجيش الإسباني المنتصر يحمل غابة من الحراب. قائده سبينولا يقف أمامه.

الجيش الهولندي المهزوم على الجانب الآخر. يقوده القائد الموقر "جوليان ناسو". ينحني ليقدم ل سبينولا مفتاح المدينة. سبينولا، وقد خلع قبعته، يتسلم المفتاح بطريقة إنسانية كريمة تبين تحضر المنتصر. الوجوه، وجوه لشخصيات حقيقية. ترتيب الجنود يوحي بأنهما جيشان كاملان، بالرغم من قلة العدد الظاهر في الصورة.

كان فيلازكويز يرافق الملك في كل تنقلاته، رحلات الصيد والحملات الحربية والمواكب الملكية. يحمل مفتاحا يدخل به كل غرف القصر المغلقة بدون استئذان. الملك كان مهتما بكل خط تخطه فرشة الرسام.

أراد الملك أن ينشئ صالة عرض للأعمال الفنية في مدريد شبيهة بصالات العرض في إيطاليا. لذلك، في عام 1648م، أرسل الملك فيلازكويز إلى روما، لكي يشتري له مجموعة لوحات وتماثيل رخامية وبرونزية.

بينما كان فيلازكويز في روما، رسم لوحة للبابا إنوسنت العاشر، الذي كان سعيدا بها إلى درجة أنه أعطى الرسام سلسلة ذهبية مكافأة له. عاد فيلازكويز مؤخرا بمجموعته الفنية، وعلى أساسها بنيت شهرة متحف مدريد الشهير "برادو" إلى اليوم.
http://en.wikipedia.org/wiki/File:Innocent-x-velazquez.jpg


أثناء فترة حكم فيليب الرابع، كانت هناك حربا بين فرنسا وإسبانيا. الآن تم إحلال السلام بينهما. ولتقوية روابط الصداقة بين الدولتين، تزوج "لويس الرابع عشر" ملك فرنسا من "ماريا تيريزا" ابنة فيليب الرابع ملك إسبانيا.

في منتصف نهر صغير يفصل بين إسبانيا وفرنسا، توجد جزيرة. يمر من منتصفها الخط الوهمي الذي يفصل بين الدولتين. هنا أقيم عرس الزفاف، ووقف المدعوون من الدولتين على جانبي خط الحدود.

الرحلة من مدريد إلى مكان العرس، طويلة وشاقة. القلاع في الطريق كانت تفتح لتقديم كل التسهيلات والغذاء والمرطبات لموكب العروس. هذا الموكب الأبهة، تم بترتيب وتنظيم فيلازكويز.

لكن المجهود كان مضني بالنسبة لفناننا الرائع. أصيب فيلازكويز بلفحة برد. عند عودته إلى مدريد، تحولت إلى حمّى، أدت إلى وفاته عام 1660م. سرعان ما لحقته زوجته بعد ثمانية أيام. ودفنا سويا في قبر واحد.

عندما علم الملك بموت فيلازكويز، صاح قائلا: "أنا مقهور". ولم لا، وقد أفنى فيلازكويز عمره في خدمة الملك، ولم ير منه سوى الإخلاص والتفاني. أقيم له تمثالا في مدريد عام 1899م، وجمعت أعماله لكي تزين متحف "برادو" في مدريد.

وإلى اللقاء في مقال قادم إن شاء الله، لكي نواصل الحديث عن الفن والفنانين. هذا العالم الساحر الرائع.
[email protected]



#محمد_زكريا_توفيق (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الفن الأسباني – عمارة الأندلس
- الفن الإيطالي – رسامو البندقية
- الفن الإيطالي - تيتان
- الفن الإيطالي - كوريجيو
- الفن الإيطالي - رفائيل
- الفن الإيطالي - ليوناردو دافنشي
- الفن الإيطالي – بداية عصر النهضة
- الفن الإيطالي - كانوفا
- الفن الإيطالي - سيليني،بولونيا،برنيني
- الفن الإيطالي - مايكل أنجلو
- الفن الإيطالي 1
- الفن في بداية المسيحية
- كنوز الفن الروماني القديم
- الفن الإغريقي القديم – الرسم
- الفن الإغريقي القديم – النحت
- الفن المصري القديم
- حفريات سبقت كتبنا المقدسة
- الطريق إلى المدرسة رايح جي
- حوار مع المجلة العلمية أهرام
- قصة خلق الكون


المزيد.....




- فيديو صادم التقط في شوارع نيويورك.. شاهد تعرض نساء للكم والص ...
- حرب غزة: أكثر من 34 ألف قتيل فلسطيني و77 ألف جريح ومسؤول في ...
- سموتريتش يرد على المقترح المصري: استسلام كامل لإسرائيل
- مُحاكمة -مليئة بالتساؤلات-، وخيارات متاحة بشأن حصانة ترامب ف ...
- والدا رهينة إسرائيلي-أمريكي يناشدان للتوصل لصفقة إطلاق سراح ...
- بكين تستدعي السفيرة الألمانية لديها بسبب اتهامات للصين بالتج ...
- صور: -غريندايزر- يلتقي بعشاقه في باريس
- خوفا من -السلوك الإدماني-.. تيك توك تعلق ميزة المكافآت في تط ...
- لبيد: إسرائيل ليس لديها ما يكفي من الجنود وعلى نتنياهو الاست ...
- اختبار صعب للإعلام.. محاكمات ستنطلق ضد إسرائيل في كل مكان با ...


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - محمد زكريا توفيق - الفن الإسباني – فيلازكويز