عندما كان عمّار صبياً

صوفيا يحيا

الحوار المتمدن-العدد: 4053 - 2013 / 4 / 5 - 20:04
المحور: الادب والفن
    

إيالة (ولاية) سنجق البصرة درة (خليج البصرة) - اسمه الرسمي - في العهد العثماني، كان نقيب أشرافها دعي التحدر من الدوحة النبوية الشريفة المتصوف (درويش الرفاعي)، صاهر النازح إلى بصرة الطيبة والخير والتآخي ثغر العراق المنفتح قبل تضييق الأطراف عليه بدخول الاستعمار الجديد طرفا لاقتسام تركة الرجل المريض في آسيا الصغرى هضبة الأناضول تركيا منبع الرافدين ومصبهما عبر شط العرب في خليج بندقية العرب البصرة، النازح من قضاء مندلي (محافضة ديالى) خلال أعوام (1811ـ 1814م: الصهر واسمه رجب) معه ولداه (عبدالرحمن ومحمد سعيد)، وفي السنة الأخيرة من القرن 19م (رجب) أوفد ولده (طالب) إلى عاصمة الدولة العلية العثمانية اسطنبول ليسمى (النقيب) لحل خلاف الشيخ مبارك في الكويت ووالي البصرة حمدي باشا، وقد نجح (طالب النقيب) في مهمته وعزل حمدي باشا من الولاية وعين محله محسن باشا (1899ـ 1901م) ونجح في حل خلاف الدولة العثمانية وشيخ المحمرة خزعل الكعبي على أملاك الأخير في البصرة ريثما إعلان البصرة الممتدة إلى قطر على ساحل خليجها، مع عربستان على ساحلها الآخر، فضلا عن جون كويت تصغيرا لعمقه صعودا إلى وسط العراق واسط الكوت مرورا بمملكة ميسان العمارة الأقدم في تاريخ العراق الأصل. بعد الثورة العربية الهاشمية الكبرى برعاية بريطانيا العظمى ضد الخلافة العثمانية نقل طالب النقيب خدماته المزجاة برعاية الحاكم السياسي (ارنولد ولسن)، بيد بريطانيا سمت (برسي كوكس) حاكماً سياسياً للعراق، اسندت إليه وزارة الداخلية في الحكومة العراقية المؤقتة، ونقل خدمات الملك فيصل بن الحسين إلى العراق بعد خلع الفرنسيين له من عرش الشام، وفق مقررات مؤتمر القاهرة 1921م برعاية كلب بريطانيا الوفي وزير مستعمراتها W C (سير Winston Churchill)، وقد عارض طالب النقيب ذلك وهدد السلطة بالتمرد معتمداً على رؤساء العشائر العراقية، ما أدى ببريطانيا لإنهاء دوره السياسي ونفي إلى (ميونخ) ألمانيا حتى وفاته عام 1929م ونقل جثمانه إلى مقبرة الحسن البصري في الزبير جنوب غربي مدينة البصرة حيث دفن.

آل النقيب في البصرة: أبناء السيد طالب نقيب البصرة بن درويش بن طالب بن اسحاق بن طالب بن يعقوب بن شعبان بن محمد درويش بن صالح
بن أحمد بن عبدالرحمن بن عبدالله بن حسن بن حسين بن يوسف بن رجب بن محمد شمس الدين بن عبدالرحيم ممهد الدولة بن سيف الدين عثمان بن حسن بن محمد عسلة بن الحازم علي بن أحمد بن علي بن رفاعة الحسن بن المهدي بن محمد بن القاسم الحسن بن الحسين بن أحمد بن موسى بن إبراهيم بن الإمام موسى الكاظم الرفاعي الموسوي الحسيني وقد نسبهم السيد أبوالهدى الصيادي في كتبه إلى السيد إبراهيم نقيب البصرة بن بدر الدين بن مبارك بن صالح بن رجب بن شعبان بن محمد درويش إلى آخر النسب المذكور.

وينتسب إليهم آل النقيب في الكويت. قدمت أسرة النقيب إلى الكويت من البصرة في العراق في القرن 19م قدم الفرع في بدايات ومنتصف القرن الماضي وسكن جبلة. يعود نسب هذه الأسرة إلى جدهم النقيب أحمد الرفاعي من ذرية الحسين بن علي بن أبي طالب من بني هاشم. شخصيات من النقيب: خرج من رحم هذه الأسرة العديد من الرجال الذين برزوا في السياسة و الاقتصاد لهم دور بارز على مستوى شبه جزيرة العرب والعراق منهم الوجيه سيد طالب سيد رجب النقيب نقيب أشراف البصرة والوجيه سيد خلف سيد عبدالرحمن النقيب وقد أطلقت الدولة أسمه على أحد مدارسها بعد وفاته والوجيه سيد عبدالرحمن سيد خلف النقيب عضو مجلس الأعيان 1920م وعضو الهيئة الإدارية المشرفة على المدرسة الأحمدية وساهم في الاكتتاب في تأسيس المدرسة الأحمدية وعضو الهيئة الإدارية المشرفة على المكتبة الأهلية وسيد هاشم سيد أحمد النقيب سكن الحي الشرقي وله نقعة هاشم النقيب والتاجر سيد حامد سيد رجب النقيب مؤسس أول شركة مساهمة لنقل الركاب بين الكويت والبصرة بواسطة السيارات تسمى (شركة السيارات الكويتية العراقية) وحصل على امتياز من الشيخ أحمد الجابر الصباح سنة 1926م ومدة امتيازه 50 سنة رأس مال الشركة 100 ألف روبية قيمة السهم الواحد 100 روبية والمرحوم بإذن الله د. نائل النقيب من أوائل الأطباء الكويتيين ووكيل وزارة الصحة السابق و د. خلدون حسن النقيب أستاذ علم الاجتماع عميد كلية العلوم الاجتماعية السابق. مصاهرات النقيب: لهذه الأسرة نسب مع العديد من الأسر منها: الصباح والخرافي والمساعيد والخميس "براك" والشايع "الشامية" و البابطين والغنيم"الشويخ" والحمد "الشامية" والخطيب والرفاعي و البشر (بني زيد) والطبطبائي، العمر "المطاوعة"، والتويجري (عنزة*).

عبدالكريم النقيب، عسكري فر من معسكر صدام مع بدء حربه ضد الجمهورية الإسلامية الإيرانية، في بداية تأسيسها على يد الخميني الراحل
، عندما كان يكرر على مواطنه البصري ظ. غ. وكنيته كسائر العراقيين تبدأ بـ(أبو) محسن؛ أنظر إلى قوة قبضة الإمام الخميني، رغم سنه، أنظر إليها في صوره العملاقة، كلما حاولت جمع قبضتي بهكذا تصميم، عجزت، الفتى أبو محسن، أيضا يحاول مبتسما، يغضب مجايله عبدالكريم النقيب، لكنه يعود لمعانقته راجيا منه الالتحاق بنواة فيلق بدر التابع للمجلس الأعلى للثورة الإسلامية، عبدالكريم النقيب استبصر (تشيع) وحسن إسلامه يلاحق أبناء البيوتات البصرية المعروفة خاصة للإكثار بها من سوادة آل الحكيم، يلاحق صاحبه البصري بالعناق والقبلات، وكان عمار الحكيم صبيا ناعم الإهاب والصوت، يتنقل بين مقر عمه باقر الحكيم في مؤسسة باسم (الشهيد الصدر) في الجوار، وابن عمه الكظماوي أبو إسراء د. أكرم الحكيم في وحدته (العلاقات الخارجية) حيث كان يبيت الفتى الأعزب أبو محسن البصري بضيافة فترة ثلاثة شهور بلياليها، في بدء هجرته قبل 30 عاما (عام 1983م) في مبنى (المجلس الأعلى) عند ميدان فردوسي جنوبي العاصمة الإيرانية طهران، كان عمار صبيا يقابل المسؤول عن صحيفة المجلس (الشهادة) في عام صدورها الأول عبدالزهرة عثمان (عز الدين سليم) لاحقا رئيس مجلس الحكم في العراق- الشهيد. لاحقا في العراق تغير اسم المجلس الأعلى أصبح الإسلامي العراقي، غير اسمه عمه شهيد المحراب، توفي والده عزيز العراق، عمار ورث المجلس، غير علمه ليشابه بلونه الأصفر علم حزب الله لبنان مع فارق نخلة بصرة الخير عليه باللون الأخضر، ولم تتغير نعومة إهاب وصوت عمار الحكيم، ترفع مجاهد الأهوار الشيخ د. همام حمودي البغدادي ابن التركية، عن أن يكون مقودا قائده عمار الحكيم، وتغير فيلق بدر إلى منظمة سياسية مثلها في البرلمان العراقي التائب عن عسكر صدام النائب عبدالكريم النقيب، وناهب برلماني آخر مع آخرين من حملة أسماء كانت تبدأ بـ(أبوX)، ترفع الأكاديمي أكرم الحكيم رئيس أول وفد غادرنا في (وحدة العلاقات الخارجية بالمجلس الأعلى) آنذاك، إلى دمشق لمقابلة الأسد الأب الراحل وإلى طرابلس الغرب لمقابلة القذافي الراحل، كان أبو إسراء أكرم الحكيم يحدثنا ويعالج آلام فمه بالممضمضة بالماء والملح؛ عن طرابلس القذافي ويشبهها عام 1983م ببغداد سنة 1957م على حد وصفه، تغير عبدالكريم النقيب انتجب عمار الحكيم ولم ينتخب (هادي العامري) - وزير النقل العراقي - قائدا لمنظمة بدر التي ترفعت عن أن تكون مقودة لمنتجب غير منتخب هو عمار الحكيم فأعلنت استقلالها عن المجلس الأعلى الإسلامي العراقي، والله زمان!، تغير الفتى البصري البليغ أيضا ولم يتغير صوته لدو (سنخ) أنشودة الراحل عبدالحليم حافظ:

خلي السلاح صاحي، لو نامت الدنيا صحيت مع سلاحي، سلاحي بأديه ليل ونهار صاحي، ينادي: يا إسلام، عدونا صدام! ( يا ثوار عدونا غدار)، خلي السلاح صاحي!.

ويذكرنا بنشيد الفرح الظافر، السلام للشاعر الألماني شيللر Triumphalist أورده مواطنه بيتهوفن في الحركة الرابعة والأخيرة من سمفونيته التاسعة، المقترح هنا في لاهاي، نشيدا وطنيا للاتحاد الأوربي يخاطب (فرحة!) كأنها حلم وردي، (زهرة!):

أيتها الفرحة، أيتها القبس الجميل اللازوردي، يابنة السيوم، نأتيك ونحن نشوانون باللهيب، لنلج إيوانك، أيتها الرائعة. سحرك يوحد بيننا؛ فتختفي التقاليد التي تغرقنا بفظاظة، ليصبح كل البشر أخواننا، أينما يرفرف جناحاك المخمليان!.

*** *** ***

(*) ميسان مملكة عربية قديمة في العراق تشير الدلائل إلى قيامها جنوبي العراق في القرن 2ق.م, بعد تفكك إمبراطورية الاسكندر المقدوني. كانت عاصمتها خاراكس في منطقة المحمرة حالياً، التي أسسها الملك (إسباوسينو) عام 127 ق.م الذي لقبه المؤرخ يوسفيوس بالعربي، إمتدت شمالا حتى جنوب بابل في وسط العراق وعيلام جنوبا. كانت تشكل ميناء هام على رأس خليج البصرة، حيث سيطرت على الملاحة في الخليج وفي شط العرب وأنهار الكارون ودجلة والفرات. وقد زارها الإمبراطور الروماني تراجان عام 116م وراى السفن تغادر منها إلى الهند, وكان لها قوة عسكرية مهمة حيث احتلت بابل وسيطرت على مناطق كثيرة وهزمت العيلاميين واحتلت مدينة عيلام نفسها. وكان لمملكة ميسان علاقات في بداية القرن 1م مع مملكة "حدياب"، وكان أحد الامراء الحديابيين (ايزات) قد قابل أحد التجار اليهود في ميشان واقتنع بالايمان باليهودية فلما عاد أصبح ملكا على حدياب بين 30 -36م حسب ما جاء في كتاب (تاريخ يهودا) لفلافوس جوزيفوس: ظلت المملكة قائمة حتى اكتسحها الملك الأشكاني (متر يدتيس الرابع) في الاعوام (128 -147م) واحتل عاصمتها ميشان (كرخا) ونقل اهاليها إلى مدينة (فرات- ميشان) التي كانت واقعة على نهر دجلة القديم جنوب المحمرة بنحو 18كم وفي تلك الفترة دخلت المسيحية إلى ميشان خاصة في مدينة جنديشابور بواسطة مبشرين قد قدموا من مدينة انطاكيا وأخذ يطلق عليها (بيت هوزاي) التي ربما أصل كلمة الاهواز، وسميت جنديشابور من قبل ساكنيها (بيت لافاط) اي مكان الهزيمة وانتشرت المسيحية في منطقة بيت قطرايا (قطر) وفي البحرين وفرات - ميشان (قرب البصرة فيما بعد). حكم هذه المملكة 26 ملكا، وكانت نهايتها على يد أردشير الأول أول ملك للفرس الساسانيين قرابة عام 222م. تقع مدينة العمارة، مركز محافظة ميسان، على مسافة 390كم إلى الجنوب من العاصمة بغداد. من مشاهيرها، الجغرافي إسدور (الخاراكسي) والذي كتب كتاب في قياسات الأرض في زمن أغسطس قيصر. الأهواز عاصمة خاراکس جرفت مدينه خاركس (المحمرة) نهر تيري يحدثنا التاريخ العربي عن هجرات في ارجاء جزيرة العرب ومن حولها وكانت هذة الهجرات تارة طوعية وتارة لظروف شتي يكون الحديث عنها واسعا ومنشعبا، وبفضل الدرسات وعمليات التنقيب في أرجاء الجزيرة العربية ومن حولها تبين لنا أن هذه الهجرات لها تاريخ طويل ولعل الايام المقبلة تكشف عما نجهله حتي الآن. ومن بين ما كشفته عمليات التنقيب والدرسات الأثرية ،آثار ونقود راجعة لدولة عربية يرجع تاريخها إلي المائة الثانية قبل الميلاد نشاءة وتطورت في غربي الأهواز وجنوب العراق عرفت بـ"مملكة ميسان العربية" التي اميط اللثام عنها في مطلع القرن 19م. الا انها لم تحظ في الأوساط العلمية بما تستحقه من دراسة وتنقيب تليق بمقامها وأهميتها، وبتبع ذلك ظل الكثير من الأهوازيين يجهلون فصلاً هاما من فصول تاريخهم العريق علي الرغم إن ما يفصلنا عن أولي الدراسات عن هذه الدولة حتي الان ما يربو عن القرنين. برزت معرفة المختصين بمملكة ميسان أوائل القرن 19م بعد أن ران عليها من النسيان منذ العصور القديمية. ففي سنة 1818م لحظ (فيسكونتي ) أن الأسماء المكتوبة علي بعض النقود الإغريقية من أصل شرقي وتشبه أسماء الملوك الذين قال عنهم المؤلفون الكلاسيكيون إنهم حكموا مدينة خاركس charax عند رأس الخليج. ولقد استطاع جي سانت مارتين في باكورة سنة 1818م أن يعد دراسة صرفية اشتقاقية وبلدانية وتأريخية بلغت من التمام الحد الذي استطاع أن يدركه ونشرت هذه الدراسة بعد وفاته سنة 1837م ثم توالت هذه الدراسات إلا أنها بقيت حتي الآن خجولة في كثير من جوانبها تستغيث المزيد من الإهتمام والدراسات التاريخية والأثرية المستفيضة. "ميسان دولة عربية الأصل و وأشارت المصادر أن سكان ميسان الأصليين عرب منذ أيام الإمبراطورية الآشورية نزحوا أصلا من الجزيرة العربية إلي بلاد الشام واستوطن قسم منهم ضفاف الخابور والفرات بين دير الزور وطرابلس وغيرها من المدن، وقسم آخر استقر شمالي سوريا واسسوا دويلات في حماة ودمشق وحران وحلب كما توغل قسم منهم في بلاد سومر و اكد جنوب العراق وزادوا من العنصر السامي في هذه البلاد واستطاعوا أن يكونوا دولة مستقلة في فترة الإحتلال الإخميني المعاصر تحكم نفسها بنفسها، وهذا يدل أن حكم الإخميني كان اسمياً ومن هنا نري أن الإسكندر الكبير عندما وصل إلي هذه المنطقة نحو 324ق.م وجدها تابعة إلي حكم أمير عربي مستقل وعرف هذه الدولة أيضا باسم عاصمتها خاركس .وهنالك شبه اجماع علي أن ميسان او charax القديمة مدينة المحمرة الحالية. و أيضاً حتي الآن هنالك جزيرة خليجية علي بعد 60km من مدينة بوشهر تعرف بجزيرة خارك وقد يكون اسمها مشتقا من اسم خاركس. حيث ذُكرت بهذة التسمية في كتب التاريخ والبلدان وإذا صح هذا يدل علي أنه كان يمتد نفوذ مملكة ميسان علي طول الشريط الساحل الشرقي للخليج (خصوصا وثمة بقية لآثار وقصور يعتقد أنها ترجع لهذه الحقبة منها قصر ابن سيسوان القريب من خور عبدالله الحالي). وعلي العموم كما أسلفنا إن الإسكندر بنا المدينة في نيسان أو أيار عام 324ق.م وعلي ما تناقله المؤرخون يبدو أن بناء الاسكندر لهذه المدينة أي خاركس كان بدوافع و أسباب عديدة منها لتكون الميناء التجاري الرئيس والمخزن المهم للتجارة بين الشرق والغرب وحماية عاصمة المقبلة بابل حيث لجأ الأخير بعد أن فهم الأهمية السوقية للمدن إلي بناء المستعمرات بدوافع معينة تتباين في طبيعتها، حسب ظروف المنطقة والسكان، الغرض منها السيطرة علي مركزية الإدارة، والأهم منها لغرض نشر الحضارة الهلينية الاغريقية في المناطق التي سيطر عليها في الشرق وقد أصبحت مركز شعاع حضارية. وقد اختار هذا الموقع بدوافع تجارية لوقوعه علي طرق بحرية رئيسية حيث أراد للمدينه أن تكون حلقة وصل بين عاصمة بابل وموانئ الخليج من جهة وبين موانئ الجزيرة العربية والهند من جهة أخري نشأت هذه الدويلة في ما يبدو اولاً تحت حماية السلوقيين اذ كانت ميسان إحدي أهم الولايات التابعة إلي الدولة السلوقية وكانوا هولا يولنها الأهمية البالغة لمكانها السوقي لتعاملاتهم التجارية. يتبين ذلك من تعيين الملك انطيوخس الثالث موظفا كبيرا لهذه الولاية اسمه تيجون tychon كتوم الجيش الأول. وأيضا من الهجوم الذي شنه علي الجر عائين سنة 205ق.م إثر عودته من الشرق منتصرا. جرفت مدينه خاركس (المحمرة) لكن مماعانت المدينة منه الفيضانات الكثيرة التي كانت تلهم المدينه وتبيدها بين الفينة والاخري حيث جرفت مدينه خاركس مثلا في عهد انطيوخس الثالث وأعاد بنائها انطيوحس الرابع (164-165) وعين فيها رجلا اسمه hyspaosines حاكما عليها وكان عمره بين 30-40سنة ويعتبر هذا الشخص هو المؤسس الحقيقي لدولة ميسان وفي مقدمة ملوكها ويذكر لاول مرة اسمه في المصادر الأثرية سنة 175ق.م اي قبل تعينه حاكما علي خاركس مع ذاك ما‌تزال حتي الان لم تفصح لنا الكشفيات الاثرية تاريخاً مضبوطاً عن التاريخ الذي تسنم هذا الحاكم السلطة فيه ألي أن الشئ الواضح تقريبا انه استطاع بعد سقوط انطيوخس السابع في (138/139-129ق.م) الذي انحسر المد السلوقي فيه ودب الضعف في جسم الدولة السلوقية وظهره القوة الفرثية. ان يحتل بابل في سنة 129ق.م ويشكل بعد سنتين مملكة عربية موحدة في بلاد ما بين النهرين. لكن علاقة هذا الملك مع القوة الفرثية التي نشاءه علي انقاض السلوقيين ليست معروفة حتي الآن الا دفاعا عن سيادة مملكة من هجماتهم. لكن الشئ المؤكد هو ان الملك العربي (hyspaosines) شن حربا مع عيلام وهزم قائدها (بيتت) واكتسحت الكثير من مدن عيلام وخربت اثر ذلك، ثم بعد ذلك أرسل قائد إلي بلاد الماذيين وكان قصده من ذلك انتزاع مقام الصداره في آسيا الصغري من فرثيا وفي تلك السنة التي احتل فيها هذا الملك عيلام (=شمال الأهواز) يبدو أنه حصل علي ثروة كبيرة مكنته من ضرب نقود إعلامية تخليدا لانتصارته. وتذكر المصادر التاريخية ان ملكا باسم (ابو داكس) قد خلف الملك الأخير علي حكم ميسان ويتأكد ذلك من خلال مسكوكاته التي تحمل تاريخ 108-109ق.م التي يظهر فيها شبيها لهيسباوسينس وهي إشارة إلي أنه ابنه وآخر مسكوة تعود لعام 105-104ق.م واخلف هيسباس، تيرايوس الأول 89-90 ق.م وعرف نفسه بصاحب الخدمة الجلية وهذ ما تؤكده أعماله الكثيرة في إصلاح نظام الري في مملكته. وهنالك في كتب العربية الإسلامية ذكر لهذا الملك. إلا أن نسبه إلي تيري من ولد جودرز. قال الحموي نهر تيري بكسر التاء المثناة من فوقها وياء ساكنة وراء مفتوحة مقصور: بلد من نواحي الأهواز حفره أردشير الأصغر بن بابك. ووجدت في بعض كتب الفرس القديمة أن أردشير بهمن بن أسفنديار وهو قديم قرب من زمن داود النبي عليه السلام حفر نهر المسرقان بالأهواز ودجيل الأهواز [کارون] وأنهار الكور السبع سرق ورامهز: وسوس وجنديسابور ومناذر ونهر تيرى فوهبه لتيرى من ولد جودرز الوزير فسمي به ويذهب الكثير من الباحثين منهم د. مصطفي عبد‌الطيف أستاذ تاريخ الأدب العربي قبل الإسلام إن اسما هولا الملوك قد تكون صيغا يونانية معدلة من اعلام عربية قديمة. فمثلا تيري أو تيرايوس قد يكون طير اياس أو ثور اياس العربي ومهما يكن من أمر استمرت هذه الدولة حتي سنة 225م وتعاقبت حكامها الا أن من المؤسف حقا اننا لا نعرف عن الفترة او العقود النهاية لتاريخ هذه الدولة الا القليل جدا غير اننا نسطيع ان نفترض أن هذه الدولة بقيت طيلة الفتره الرومانية –الفرثية ولم يتمكن أحد من احتلالها إلا بعد التغيير الذي طرأ علي المسرح السياسي آنذاك. بقيام الدولة البيزانطية وتعاظم دورها ما أدي إلي تغيير الطرق التجارية وانتقال قسم من تجارة الخليج إلي البحر الأحمر ما أضعف اقصاد دولة ميسان إذن فنهاية دولة ميسان العربية كما تشير المصادر إلي ذلك سنة 225م وأن آخر ملك فيها يذكره الطبري بندو. لكن مع ذلك ضل للعرب الحضور الفاعل في هذه الأرض حيث ذكر أهل الأخبار أن عددا من القبائل العربية في الأهواز وكرمان من بني حنظلة وبكر بن وائل وفي عهد سابور ذي الأكتاف ويظهر من روايات أهل الأخبار أن السبب الذي دعا بـ"سابور" إلى الفتك بالعرب، هو أن القبائل العربية كانت قد توغلت في جنوب إيران (فارس)، وصار لها سلطان كبير هناك، وتزايد عددها، ثم صارت تتدخل في الأمور الداخلية للدولة الساسانية. فلما أخذ الأمور بيديه، بدأ يضرب هذه القبائل؛ للقضاء على سلطانها. وأيضا يفهم مما كتبه "كورتيوس روفوس" Curtius Rufus، الذي عاش في العشرات الأولى من القرن الثالث للميلاد، أن العرب كانوا حينذاك في "كرمان" وفي "فارس". ولابد وأن يكون وجودهم في هذه الأماكن قبل هذا العهد بأمد طويل وأخيرا أتمني أن تكون دراستي هذه مجرد تحريض أكاديمي للباحثين المختصين ليكملوا المسيرة ولا يجبر مما هم غير مختصين بالدراسات التاريخية أن يسبروا اغوار الحديث فيما هو ليس اختصاصهم.

مصادر

ميسان |(دراسة تاريخية اولية/ القسم الاول)، شيلدن ارثر نودلمان، ترجمة فواد جميل ص432-433
نقود مملکة ميسان ص32
مجلة لغة العرب ج 10 ص610
حمزة الاصفهاني ص33و34
نودلمان /ميسان ص436
دولة ميسان العربية.
دولة ميسان /وداد القزاز/ المسکوکات/ ص59
واثق اسماعيل الصالحي .ص6الي 8
منذر عبدالکريم ص22- 24- 26
[تاريخ الطبري ج1ص 400 وتاريخ ابن خلدون ج2ص173]
[المفصل في تاريخ العرب قيل الاسلام/ جواد علي ج2ص495-496]

** كتاب (تاريخ نزوح العائلات الكويتية العريقة إلى الكويت ودورها في بناء الدولة منذ نشأة الكويت وحتى وقتنا الحاضر) المؤلفة: فوزية الرومي.

#صوفيا_يحيا (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات