أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - فادي عرودكي - في اغتيال البوطي .. الرصاص ليس الحلّ














المزيد.....

في اغتيال البوطي .. الرصاص ليس الحلّ


فادي عرودكي

الحوار المتمدن-العدد: 4053 - 2013 / 4 / 5 - 20:02
المحور: الثورات والانتفاضات الجماهيرية
    


جاءني خبر اغتيال الشيخ محمد سعيد رمضان البوطي صاعقًا، ولن أُخْفي أنه عكّر مزاجي فيما تبقّى من ساعات ذلك اليوم. ولا يمكن للمُنْصِف أن يُرْجِع ذلك إلى تأييدي لنهج وأفكار البوطي فيما يخصّ الثورة، فقد قمتُ بمهاجمة هذا النهج والأفكار بشدة وفي مرّات عديدة سواء في أحاديث عامة أو على صفحتي في فيسبوك، وبدأتْ هذه القطيعة مع أوّل تصريح له بعد بدء الثورة حول المتظاهرين الذين "لا تعرف جباههم السجود" على حدّ قوله.
وفي هذه المساحة، لستُ في صدد تفصيل مكامن الخلل في نهج البوطي والتي برزت بشكل واضح في عاميْ الثورة المنصرميْن، فغرضي ليس مهاجمته أو الدفاع عنه، ولا تبرير موقفي الرافض لآرائه. ما يهمّني هنا هو الحديث عن ثقافة الاختلاف والتعامل مع الرأي الآخر في عالمنا العربي، وسورية تحديدًا، خاصّة مع تكرار محاولات إقصاء الآخر لمجرد اختلافه مع فكر فئة أو جماعة معيّنة؛ سواء كان هذا الإقصاء جسديًّا كما جرى مع البوطي وكاد مع رياض الأسعد، أو بالحيل القانونية كما يجري مع باسم يوسف، أو سياسيًّا عن طريق الاستبعاد أو فرض الأمر الواقع أو عقد الصفقات من تحت الطاولة. هذه كلّها ممارسات لا يتوانى النظام السوري عن القيام بها، فأحرى بمن ثار عليه ألا يخطو على خطاه.
قد يقول قائل، لمَ تصوّب أصابع اتهامك لمؤيّدي الثورة وتستبعد النظام؟ وإجابتي هي أني لم أستبعد على الإطلاق أن يكون النظام أو من يرتبط به وراء هذا العمل المُدان، بل ذلك هو المرجّح. ولكن هذه السطور لا تحاول تسجيل الاعتراض على الجريمة نفسها فقط، بل على كلّ من أيّدها قولًا أو فعلًا مدفوعًا برغبة إقصاء البوطي لاختلافه مع آرائه.
من الهام جدًّا أن نصل إلى القدرة على التمييز بين مهاجمة الرأي وبين مهاجمة صاحب الرأي (الشخصنة) وما يتبعها من إيذاء لفظي وجسدي. ومن الهام أيضًا أن نصل إلى الإيمان بقدسيّة حق الحياة كأعظم الحقوق المكفولة للإنسان بمجرّد إبصاره النور. ومن هذيْن المنطلقيْن، لا يجوز لأي شخص كائنًا من كان أن ينتزع حقّ الحياة هذا بحجّة آراء لا تناسبه مهما كانت طبيعة هذه الآراء وتبعاتها. فضلًا عن ذلك، لا يحقّ لأي شخص كائنًا من كان أن ينصّب نفسه سيفًا للعدل دون شرعية تخوّله بذلك.
إن الغبطة بالخلاص من ذي رأي آخر هي علامة فشل في المنظومة الفكرية-الأخلاقية، فلا هو قَدِر على إقناع الآخر بوجهة نظره (وهذا قد يكون مردّه إلى خلل في منطق الآخر بكل حال)، ولا هو استطاع تحمّل وجود الرأي المخالف (وهذه علامة استبداد وانغلاق فكريّ)، بل وزاد بأن أبدى سروره بتصفيته (وهذا خلل أخلاقيّ كونه ارتضى الرصاص أن يكون ترجمةً لمشاعره حتى لو لم يكن هو الفاعل). ولتبيان فشل هذه المنظومة فليتساءل ذاك الشخص المبتهج بتصفية مخالفه، ما هو شعوره تجاه من يبتهج بقتل من يشاطره الفكر والرأي؟ كيف نشعر، على سبيل المثال، تجاه من سُرَّ بمحاولة اغتيال رياض الأسعد؟ ومعلومٌ بأن العقيد الأسعد يشارك مباشرة في القتال بخلاف البوطي الذي كان يحرّض ولا يشارك.
للإنسان الحقّ باعتقاد ما يشاء، والتعبير عن ذلك كيفما يشاء، والتمتع بحق الحياة رغمًا عن ذلك كحق أصلي غير مكتسب أو مشروط. فإن كان هناك اختلاف في الرأي مهما كان هذا الرأي مستهجنًا أو محرِّضًا، فإن السبيل إلى معالجة ذلك يكون بالحوار أو بسُلْطة القانون لا الرصاص. وعلى المجتمعات التي تصبو إلى الحرية والكرامة أن تتكيّف على العيش في مجتمع تعدّدي فيه مختلف الآراء، ما أعجَبَنا منها وما لم يُعجِبْنا.



#فادي_عرودكي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حول حكومة سورية في المنفى
- حول الحوار والمجلس والثورة .. أين نحن الآن؟
- استقطاب حول الإسلام .. أم باسمه؟
- الائتلاف الوطني .. ضرورة موفّقة
- أشواك الربيع العربي: لبننة الثورة السورية
- عن الطائفية .. في ذكرى استقلال سورية
- سورية الثورة: مراجعة تحليلية في ذكرى انطلاقها
- في مثل هذا اليوم ثارت المرأة .. وما زالت!
- سورية الثورة: في نجاحها ومرحلتها الانتقالية، الحلّ سوري
- سورية الثورة: في تمثيلها وقيادتها، دعم لا احتكار
- سورية الثورة: في مبادئها وأهدافها، العنب لا الناطور
- سورية الثورة: اللاءات الثلاث
- في ذكرى النكبة: النظام السوري وأكذوبة المقاومة
- بين الإصلاحات الترقيعية والنبرة التهديدية .. الثورة مستمرة
- الشعب السوري ما بينذل .. من درعا بدأ الحل!
- القذافي، نظام عربي بلا ورقة توت
- رسائل مصرية .. الآن بدأت الثورة!
- في ثورة قاسيون: الشعب .. يريد .. إصلاح النظام
- السودان سودانان .. والعرب خرسان!
- من قيرغيزستان إلى ساحل العاج مرورا بتونس .. جيفارا لم يمت!


المزيد.....




- مصدر التهديد بحرب شاملة: سياسة إسرائيل الإجرامية وإفلاتها من ...
- الشرطة الفرنسية تستدعي نائبة يسارية على خلفية تحقيق بشأن -تم ...
- السيناتور ساندرز يحاول حجب مليارات عن إسرائيل بعد لقائه بايد ...
- إعادة افتتاح متحف كانط في الذكرى الـ300 لميلاد الفيلسوف في ك ...
- محكمة بجاية (الجزائر): النيابة العامة تطالب بخمسة عشر شهرا ح ...
- تركيا تعلن تحييد 19 عنصرا من حزب العمال الكردستاني ووحدات حم ...
- طقوس العالم بالاحتفال بيوم الأرض.. رقص وحملات شعبية وعروض أز ...
- اعتقال عشرات المتظاهرين المؤيدين لفلسطين في عدة جامعات أمريك ...
- كلمة الأمين العام الرفيق جمال براجع في المهرجان التضامني مع ...
- ال FNE في سياق استمرار توقيف عدد من نساء ورجال التعليم من طر ...


المزيد.....

- ورقة سياسية حول تطورات الوضع السياسي / الحزب الشيوعي السوداني
- كتاب تجربة ثورة ديسمبر ودروسها / تاج السر عثمان
- غاندي عرّاب الثورة السلمية وملهمها: (اللاعنف) ضد العنف منهجا ... / علي أسعد وطفة
- يناير المصري.. والأفق ما بعد الحداثي / محمد دوير
- احتجاجات تشرين 2019 في العراق من منظور المشاركين فيها / فارس كمال نظمي و مازن حاتم
- أكتوبر 1917: مفارقة انتصار -البلشفية القديمة- / دلير زنكنة
- ماهية الوضع الثورى وسماته السياسية - مقالات نظرية -لينين ، ت ... / سعيد العليمى
- عفرين تقاوم عفرين تنتصر - ملفّ طريق الثورة / حزب الكادحين
- الأنماط الخمسة من الثوريين - دراسة سيكولوجية ا. شتينبرج / سعيد العليمى
- جريدة طريق الثورة، العدد 46، أفريل-ماي 2018 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - فادي عرودكي - في اغتيال البوطي .. الرصاص ليس الحلّ