أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - طيب تيزيني - سوريا... إلى أين؟














المزيد.....

سوريا... إلى أين؟


طيب تيزيني

الحوار المتمدن-العدد: 4050 - 2013 / 4 / 2 - 09:54
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


جاءت انتفاضة الشباب قبل سنتين لتشكّل علامة في التاريخ السوري، وبعد مرور أول انكسار سياسي استراتيجي في سوريا مع انهيار المجتمع السياسي وسحْب السياسة من هذا الأخير. وكان ذلك قد ترافق مع تأسيس الوحدة «الاندماجية» بين مصر وسوريا، ذلك أن هذه الوحدة ذات الطابع «الاندماجي الشمولي»، كانت قد تأُسست، بعد إسقاط السياسة، ومن ثم الديموقراطية بمكوّناتها الحاسمة بدءاً بالتعددية السياسية، وانتهاءً بمبادئ التداول السلمي للسلطة، واستقلال القضاء، والمسائلة القانونية، وحق المواطنة في مجتمع وطني مدني. لقد سقطت دولة الوحدة الاندماجية، لأن ما كان عليه أن يعزز الوحدة بين القطرين، وهو الديموقراطية، جرى إسقاطه بعملية انفصال ذينك القطرين الواحد منهما عن الآخر. في سياق ذلك تأسست «الدولة الأمنية» بشعارها الحاسم والقائل بضرورة «إفساد من لم يُفسد بعد، بحيث يصبح الجميع مُفسدين وفاسدين، تحت الطلب».

كانت السنون الثلاث وأربعون المنصرمة كافية عمقاً وسطحاً لتدمير المجتمع السوري، بكل طبقاته وفئاته ورموزه، ما يعني أن الانتفاضة التي اندلعت قبل سنتين، حملت خصوصية واضحة، وهي إنها لم تقم على حالة عمومية ممثلة بالمضطهِدين والمضطهَدين، كما لاحظناها في ثورات عديدة سابقة، مثل الفرنسية والإنجليزية والروسية البلشفية. من هذه اللوحة المجتمعية شبه الشاملة، تحدّر شباب الانتفاضة، فكانوا منتمين إلى الطبقات الاجتماعية السورية كلها.

علينا الآن وبعد تلك المداخل التاريخية والسياسية والأيديولوجية، أن نأخذ بعين الاعتبار كون النظام الأمني الناجم عن ذلك الكم الهائل من عناصر الفساد والإفساد والاستبداد، أغلق المجتمع السوري بقبضته الأمنية، واصلاً بذلك إلى نتيجتين اثنتين، راح يعممهما في أوساط الناس، خصوصاً الشباب. أما النتيجة الأولى فتتمثل في القول بما أخذه، ضمناً، من فوكوياما ومن سبقه، وهو «انتهاء المجتمع السوري» إلى ما انتهى إليه في ظل الأحكام العرفية الأبدية والدولة الأمنية وغيرهما؛ أي بقاء المجتمع المذكور أبدياً على ما هو عليه: مطلقاً أبدياً، بحيثياته كلها، وعلى رأسها «حكم أبدي للمرجعية الأسدية» ومن ثم، من يحاول الخروج على ذلك أي على التاريخ الأسدي، فإنه يلقى، لا محالة، عقاباً واحداً وحيداً الإفناء والتدمير والإقصاء والسجن الأبدي. أما النتيجة الثانية فتقوم على التأسيس لمجتمع سوري أسدي بإطلاق، بما في ذلك التأسيس للمدرسة بعد الروضة، والجامعة، والوظيفة، وأخيراً للأسرة وما يبقى متناثراً هنا وهناك.

وسنلاحظ أن منظومة القيم الأخلاقية والمنظومات الأخرى، التي تضبط السوريين تأتي بعد أن تُصاغ وتُنتج، كي تصبح ناظماً قسرياً لهؤلاء جميعاً وفي كل مجالاتهم وآفاقهم. وحين تشتعل انتفاضة الشباب السوريين، نضع يدنا على مبدأ نظري سياسي يتمثل في التأسيس لخطاب سياسي ينطلق من انتفاضة الشباب، ليعود إليها أكثر عمقاً ودقةً وصوابية. فالثورة ليست حالاً بيضاء دون أخطاء ومزالق وتسير من ثمَّ على طريقها دون توقف نقدي، بل نكاد نقول كذلك إن هذه المسيرة يمكن أن تقع في كثير من الإشكاليات والمعضلات والقصور النظري والسياسي مما يجعل من يقوم على هذا العمل أن ينطلق بالضرورة من كون الثورة مشروعاً مفتوحاً ومنطلقاً من جدلية الفعل النظري السياسي وفي ضوء العلوم السياسية والاجتماعية. أما ذلك فيأتي على نحو يتوافق مع المنهج النظري التجريبي، مشروع الخطأ والصواب، بحيث يقود إلى تشكل خطاب سياسي كلُّ مسوّغاته موجودة في راهننا السوري والعربي والدولي.

وننهي ذلك بالتأكيد على ضرورة الاهتمام بالعمل الثقافي في وسط ما تأسس ضمن مشروع الثورة راهناً بحيث قد يقود ذلك إلى تأسيس منتدى ثقافي يقف على رأسه مثقفون من كل أطراف الشعب دون أن يبقى محصوراً في ثلّة من المثقفين والباحثين المحترفين.



#طيب_تيزيني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الثورة السورية... إلى أين؟
- الانتفاضة السورية والسياسة
- عامان وبداية عصر جديد
- الحوار السياسي
- نكسة «نصرالله»
- قانون الاستبداد الرباعي!
- استراتيجية «الزمن التاريخي»
- عار اغتصاب النساء
- الثورة لا تتوقف عند السلطة السياسية
- العدالة العقلانية فوق الثأرية
- نقد أدونيس للثورة السورية
- النفق السوري المظلم
- الفكر السياسي و-الثورة-
- -الثورة السورية- والفكر السياسي
- هل المقاومة في صراع مع الثورة؟
- الثورة السورية في عيون المُناهضين
- سوريا بين الأقليات والأكثرية
- حين ينحط جنس الإنسان
- الحرية... وفضح المستور!
- الربيع العربي-... اختبار معقد


المزيد.....




- انتشر بسرعة عبر نظام التهوية.. لحظة إنقاذ كلاب من منتجع للحي ...
- بيان للجيش الإسرائيلي عن تقارير تنفيذه إعدامات ميدانية واكتش ...
- المغرب.. شخص يهدد بحرق جسده بعد تسلقه عمودا كهربائيا
- أبو عبيدة: إسرائيل تحاول إيهام العالم بأنها قضت على كل فصائل ...
- 16 قتيلا على الأقل و28 مفقودا إثر انقلاب مركب مهاجرين قبالة ...
- الأسد يصدر قانونا بشأن وزارة الإعلام السورية
- هل ترسم الصواريخ الإيرانية ومسيرات الرد الإسرائيلي قواعد اشت ...
- استقالة حاليفا.. كرة ثلج تتدحرج في الجيش الإسرائيلي
- تساؤلات بشأن عمل جهاز الخدمة السرية.. ماذا سيحدث لو تم سجن ت ...
- بعد تقارير عن نقله.. قطر تعلن موقفها من بقاء مكتب حماس في ال ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - طيب تيزيني - سوريا... إلى أين؟