أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - واثق الجلبي - حافظة الاسرار / دراسة نقدية














المزيد.....

حافظة الاسرار / دراسة نقدية


واثق الجلبي

الحوار المتمدن-العدد: 4049 - 2013 / 4 / 1 - 15:05
المحور: الادب والفن
    


حافظة الاسرار

كريم توفيق الزبيدي
باحث ، ناقد، مصحح لغوي


واثق الجلبي من الشعراء المعدودين في العراق.. لقد سايرته وتابعته ما ينظم وينشر، فوجدته ينبض قوة واصالة ويتعطر باريج اشعاره وهي تتراءى كالورود ثم يقف في زاوية معينة على ركيزة ثابتة، حينئذ يرخي لعواطفه العنان، ولخياله ان يسبح في سماء الوجود لتضيء كل ما هو خاف، معتم، او غريب حجبته التقاليد، وتسترت عليه العادات، فيرى الدنيا تلونت مشاعرها، وغطتها سحب الاوهام.. والناس يتهافتون للا شيء، ويتباطئون لشيء.. وهم حيارى.
وشاعرنا – واثق الچلبي – يتمتع بنفس زكية، وحس مرهف، وتأمل الى ما يحيط به من الوجود، والكائنات الحية.. اما الحديث عن مواقفه النبيلة تجاه مجتمعه وما يتردد فيه فانه يطول.. وتكاد نظرته الفلسفية تتفوق، وتشيع في جميع اجواء قصائده بشكل تستدر مشاعرنا واعجابنا.
ونسير مع (واثق الجلبي) يدا بيد حتى نقف امام (حافظة الاسرار).. فاذا كان العنوان هكذا فكيف يتسنى لعواطفنا ان تهدأ وتحد من تلهفها:
اذا جاءك الموت. يصعد في الاخيلة
سريعا كنافورة الاحلام
تزيا له بالخبز
واحذر ان يبتليك الخوف

في شعر الجلبي – تردالالفاظ الفلسفية التي تشجع على الصمود، والتحدي، وطر الخوف:
انهض وحاول ان تموت واقفا.. وان يخترقك الرصاص
وان تهابك الايام، فليس لك وطن هنا
الاحزاب، والارهاب، والخراب هي عملة السائرين نحو اللهات
حمار من لم يستطعم المروءة في زمن الخيانة
ان اهم صفة عند – واثق الجلبي – هي الثقة بالنفس، ليكون الانسان قدوة ومثلا للمناضلين الاحرار:
اشرب من النور بذور الخلاص، وابذر من الضوء اجنحة التخلي..
هاك من العمق ما يظهر على السطح من اعماق النفوس
لا ترفع الفؤوس، فالرؤوس اغلى من الفناء
ثم يستمر شاعرنا بما يقدمه من الاراء الجميلة، والالفاظ في غير مكانها الحقيقي (الاستعارات) لتزيد من نظرته في الحياة، ومن حب القارئ المتلهف:
جراد يأكل الحطب، وروح لم تتنزل والاعظم في الخفاء
وريشتي لم يكتمل فيها النماء
ادعية لاقلام تؤرق اصحاب الوجوه
فتنفرد لها الاسئلة، والحمام لم ينج يوما
وكان الناس يرددون اصوات خوفهم
ومن مزايا الشاعر الموهوب ان يستعير صفات الكائن الحي وينسبها الى اشكال جامدة
الشجرة مريضة، والناقوس قهقهة طفل اخرس
ماذا يريد منا الضياء؟ الحمقى اعقل الناس في كل مكان مراحة عقولهم
من العرفان، ومن الزمان.. حد ان تتحلى عليك ان تنحني للمواعيد
الاطباق مليئة والكؤوس مترعة بالوباء
هذا المساء مد السنار، واطفئ اخر ما تبقى من العرق المنكود..
هذه الحدود معقودة، والانامل تذرع الاوراق
ويستمر الجلبي فيقدم لنا هذه المداورة الجميلة وهي لا تخلو من اراء فلسفية كعهدنا به حيث يشيع التساؤل المحبب:
العراق اول نبي قام فذبحوه بالحناجر والخناجر
واخر صمت لي هو ان اجني الاموال والافواه
ملعونة هذه الارض بالنور، وما زال الفلك يمشط شعره ويدور
اما من نخوة تثور؟
الثور ما زال يجر ناقوس الخور. والدمية العرجاء ما تزال تقص حكاياها على البشر
الا من مطر؟ الا من مطر؟
موتوا كالحصى المنقع بالبخور، وعلى ظهور النخيل تلتف الافاعي وحشرجة الدورات تقص اصابع الطابور.
هل تكتفي؟
لا اظل في كنف الاغتراف
ولاجل الا تقطع على القارئ اللبيب تلهفه وما يتذوقه من طعم الصور الجميلة نواصل متابعة الابيات الشعرية:
اصلي مرتشفا واضع مسبحتي لا خوفا، ولكني اخشى الزوايا
اذا ما تكلم سليمان مع النملة فانا من ظلال النمل خائف
اترصدها في القبر تنخر عظامي، وترشف ادامي
لتنجب المرايا، واظافري المعوجة ترقص بعد النوم
اكتي مخلوقة اخشى عليك من انتقالي اليك
ولا ينسى (الجلبي) ان يفيض على القصيدة ملامح دينية، يعرضها علينا
بشكل فلسفي، يصعب على القارئ ادراك معانيها.. وهذا هو سر خلودها:
هل ستحملي ما افكر فيه، وتمشين فوق الهواء لتعبري سليمان الى ضفة لم يستطع الوصول اليها.. موسى ينتقل قطراته سريعا في دمي، وهارون يصب النور فوق المئذنة..
لقد جاء يسوع بعدما سقى الارض بالدموع
يحمل الاكليل من هابيل، وقابيل.. صورة الحياة لابث فيها ولا شكوى
الموت قطعة حلوى.. يأكلها من جاع.. وكلنا جائعون.
عاتبون حد ان تسلخ النجوى من الضلوع
من جاءك بالسفينة لماذا صعد جدي..؟ هل كان مؤمنا بان الظلال
لا وجود لها الا في الاقبية..
هل كانت الكوفة بوابة الناس لمعراج الرمال؟
رب انا صديقك فافتح لي ذراعك فانا توحدك التغليف، وانا دمعة
الرجوع.. انت قبلتي، ومؤشري نحو الحقيقة..
ويستمر (وائق الجلبي) ليداعب اسماعنا ويضيء نفوسنا بلفسفته الراقية، وهو كما يبدو لم ينته.. انه دائم البحث عن سر الفناء، والخلود والهبوط والعظمة. القناعة وعدمها.. جريان لا ينتهي، اعادة وتكرار.. وبعد اليأس ينتهي قانعا ولكن الى حين.. وهذا هو مصير الانسان والبشرية.. وهنا تترادف المعاني السامية وهي دليل على القابلية التي يتمتع بها شاعرنا ابدا:
ضاع من لم يجدك ماثلا امامه.
اتوضأ من نورك ملاذا
وآتيك لواذا لم اشارك اهل العجل
ولم ابتدئ في ذلك الغابر فقد كنت حافرا وقع عليه الحافر..
واستضأت بنورك..
ها انا في محرابك طير بلا جناح..
واسير يحمل ما تبقى من السلاح
في هذا الزمن الخانع المعتوه لم اجد الا الفرار..
لا الرجل من الوجوه.. والمقبل عثرة اقدامي
وصول السهرة البائسة.
نم هانئا يا اصبغ الانبياء، ففي هذا المساء لم يبق لنا الا الانتظار..
وحدك مددت عقدك فلم يتناول الاطفال الا حبة النوم..
وها هم يكبرون.. ويكبرون وعلى مضنيا به يصيرون
طفولة الاب الميت، ونعومة الاطفال كلها تموت
صوت الرفرفة اسمعه يناديني
لابد ان تموت.. وسأموت وسيبقى صوتك
- انا الحي الذي لا يموت-
فهل للجنة مأوى بعد موت الملكوت؟



#واثق_الجلبي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- على حساب العراق
- الشهيد في زمن العماية
- فشل الاحزاب العراقية في احتواء الرؤى الشعبية
- إنثيال
- خزانة الذاكرة
- الخاتم
- خارطة اللسان
- الاقاليم الثلاثة
- بعيدون من الشواطئ
- وئيد الإختيار
- أنت لست لي
- تسبيحة عارية دراسة أدبية
- شهوة السفح
- المتنبي وشهادة الجنسية العراقية
- كذبة الربيع العربي
- الم واثق
- من ألهمك ؟
- انني لا اتكرر
- أحبار الدهور إلى ابراهيم الخياط
- الكابالا


المزيد.....




- فادي جودة شاعر فلسطيني أمريكي يفوز بجائزة جاكسون الشعرية لهذ ...
- انتهى قبل أن يبدأ.. كوينتن تارانتينو يتخلى عن فيلم -الناقد ا ...
- صورة فلسطينية تحتضن جثمان قريبتها في غزة تفوز بجائزة -مؤسسة ...
- الجزيرة للدراسات يخصص تقريره السنوي لرصد وتحليل تداعيات -طوف ...
- حصريا.. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 المبارك وجميع القنوات ال ...
- الجامعة الأمريكية بالقاهرة تطلق مهرجانها الثقافي الأول
- الأسبوع المقبل.. الجامعة العربية تستضيف الجلسة الافتتاحية لم ...
- الأربعاء الأحمر -عودة الروح وبث الحياة
- أرقامًا قياسية.. فيلم شباب البومب يحقق أقوى إفتتاحية لـ فيلم ...
- -جوابي متوقع-.. -المنتدى- يسأل جمال سليمان رأيه في اللهجة ال ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - واثق الجلبي - حافظة الاسرار / دراسة نقدية