|
في الذكرى العاشرة للإحتلال .. العراق إلى أين ؟
نجيب الخنيزي
الحوار المتمدن-العدد: 4049 - 2013 / 4 / 1 - 00:00
المحور:
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
في الذكرى العاشرة للإحتلال .. العراق إلى أين ؟ في التاسع عشر من من شهر مارس 2003 ، دشنت الولايات المتحدة الأمريكية ومعها بعض حليفاتها وخصوصا بريطانيا، الحرب على العراق عبر شن غارات جوية وصاروخية مكثفة ومدمرة استهدفت تجمعات القوات، ومواقع السيطرة والقيادة ، وخطوط الإتصال والأمدادات العسكرية العراقية كما شملت مرافق البنية التحتية كالجسور والطرق والكهرباء و محطات الإذاعة والتلفزيون ، تبعه ورافقه تدخل قواتها البرية ، وفي 8 أبريل / نيسان، الذي يصادف ذكرى تأسيس حزب البعث الحاكم جرى احتلال بغداد، وأعلن عن سقط النظام السابق . الحجة التي استندت اليها الولايات المتحدة لتبرير غزوها العراق ( علما بأن خطة الغزو كانت مبيته قبل سنوات ) هو دعمه للإرهاب وتحالفه مع تنظيم القاعدة ، وقبل كل شيء امتلاكه لأسلحة الدمار الشامل ، غير أنه بعد البحث والنقيب لعدة أشهر ، لم يثبت أي من تلك الإدعات ، بما في ذلك مزاعم امتلاك العراق لأسلحة الدمار الشامل ، وجرى الأعتراف الأمريكي لاحقا ، بأن الصور والمعلومات المسربة لتدعيم الرواية الأمريكية ، كانت باطلة و ملفقة ، وذلك بهدف الحصول على موافقة الكونغرس الأمريكي على شن الحرب وتمويل نفقاتها ، وكذلك اقناع الرأي العام في داخل الولايات المتحدة و العالم ، بمدى خطورة النظام العراقي على جيرانه ( إسرائيل تحديدا ) وعلى الأمن والسلم في عموم المنطقة والعالم . صورت الإدارة الأمريكية واجهزتها الدعائية ، عملية غزو واحتلال العراق ، بمثابة تحرير للشعب العراقي من براثن حكم ديكتاتوري / استبدادي ( ولا جدال في طبيعة النظام ) وبأن عراقا جديدا و ديمقراطيا ومزدهرا سيتشكل ويقوم على أنقاض النظام السابق ، بل ان هذا العراق سيكون ملهما ومثالا لبقية دول وشعوب المنطقة أو ما كان متداولا من قبل الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش الأبن وإدارته اليمينية ( المحافظون الجدد ) المتطرفة بمصطلح قيام الشرق الأوسط الجديد . لم يكن مستغربا سقوط النظام العراقي بسرعة، وذلك لا يعود لعدم كفاءته العسكرية ( والسياسية) وتخل أسلحته، مقارنه بالتفوق العسكري والتقني والاستخباراتي واللوجستي المطلق للقوات الأمريكية والبريطانية فقط ، بل لأن النظام العراقي أفتقد قبل كل شيء للقاعدة الشعبية العريضة الملتفة حوله ، وإلا كيف نفسر صمود وانتصار الشعب الفيتنامي، بامكانياته المتواضعة والبسيطة ، على القوات الأمريكية المدججة بالسلاح المتطور والعتاد الفتاك، مع وجود أكثر من نصف مليون من جنودها ، ومع ما احدثته من تدمير هائل طال الأرض والحرث والنسل ، و لا تزال أثاره المهولة بادية حتى الآن في شمال وجنوب فيتنام ، غير ان ذلك لم يجد نفعا أمام تماسك الجبهة الداخلية المتحدة، و امتلاك الشعب لإرادة القتال ولمقومات التضحية و التحدي والصمود ، حيث انتهت الحرب بهزيمة مذلة للولايات المتحدة في عام 1975 ، كما سقط نظامها التابع في جنوب فيتنام وذلك بعد مرور قرابة العقد من الزمن على اندلاع الحرب . هناك تجارب عربية مماثلة في العصر الحديث ، مثل مواجهة العدوان الثلاثي على مصر ، و حرب التحرير الجزائرية ضد الاستعمار الفرنسي ، والحرب الشعبية في جنوب اليمن ضد السيطرة البريطانية ، وكذلك ما حصل في جنوب لبنان وقطاع غزة في مواجهة العدوان والاحتلال الإسرائيلي المتفوق بشكل كامل في العديد والعدة . المثل العربي القائل تمخض الجبل فولد فأرا ينطبق تماما على النموذج العراقي " الجديد " المسوق أمريكيا . لقد سقط من جراء الغزو و استمرار الاحتلال وتبعات الصراع الداخلي و الحرب الأهلية مئات الآلاف من القتلى والمعاقين، وعشرات الآلاف من المعتقلين كما خلفت أكثر من مليون أرملة عراقية ، وأكثر من أربعة ملايين مهجر في الداخل والخارج ، ناهيك عن تدمير قوات الإحتلال للبنية التحتية ، و لمقومات الدولة العراقية المركزية ، حيث استبيحت وزرات ومؤسسات الدولة بما في ذلك المتاحف والأثار التاريخية المعبرة عن غنى وعراقة و حضارة و ثقافة بلاد الرافدين، كما حل الجيش العراقي . ما أقدم عليه الحاكم الإداري الأمريكي للعراق بول بريمر في تشكيله لمجلس مؤقت للحكم العراقي وفقا لنظام المحاصصة ، مثل ضربة قاضية لوحدة الشعب العراقي ، حيث أسهم في تأجيج الإصطفافات والتخندقات والصراعات الطائفية والدينية والإثنية بين مختلف مكونات الشعب العراقي ، مما شكل مدخلا لتشكل الجماعات والمليشيات العسكرية المختلفة ، التي مارست القتل و العنف والتهجير والتدمير المتبادل وفقا للهويات الفرعية ، كما أصبح العراق الديمقراطي " الجديد بؤرة لتأجيج وتصدير الاحتقانات الطائفية في عموم المنطقة ، وتحول إلى مركز جذب للقوى والجماعات التكفيرية، بما في ذلك تنظيم القاعدة والتي ينسب اليها مسؤلية الاغتيالات و التفجيرات الدموية شبه اليومية التي شهدتها العاصمة بغداد والعديد من المحافظات ، والتي تصاعدت وتيرتها بشدة في الأونة الأخيرة . العراق الذي يزخر بالثروات الطبيعية الهائلة وبالطاقات البشرية والعلمية المؤهلة و التي من شأنها أن تغير جذريا واقع الإنسان العراقي ،غير أنه وبعد عشر سنوات على الأحتلال ، لا تزال الغالبية الساحقة من الشعب العراقي ، وفي ظل حكومات المحاصصة المتعاقبة ، تعاني انتشار الفقر ، وتفاقم البطالة ، وتردي الخدمات الأساسية، مثل الصحة والتعليم والسكن والكهرباء والمياة والصرف الصحي ، كما يحتل العراق الصدارة إلى جانب إفغانستان في درجة الهدر والفساد المالي والإداري وانتشار المحسوبية . ضمن هذا السياق نلحظ في الشهور الأخيرة ، تصاعد حدة الخلافات والصراعات والمناكفات بين الكتل الطائفية / الإثنية ، كما تتصاعد الاحتجاجات الشعبية في العديد من المحافظات العراقية ، ضد سياسات رئيس الحكومة نوري المالكي الذي يوصم بالفئوية و التفرد وسوء استخدام السلطة . وللحديث صلة
#نجيب_الخنيزي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
جولة أوباما .. هل من جديد ؟
-
اليوم العالمي للمرأة .. واقع وتطلعات
-
مابعد تشافيز .. فنزويلا إلى أين؟
-
هل تعود الولايات المتحدة إلى عزلتها ؟ 3/3
-
هل تعود الولايات المتحدة إلى عزلتها ؟ - 2-
-
هل تعود الولايات المتحدة إلى عزلتها ؟
-
اغتيال شكري بلعيد يصعِّد الأزمة السياسية في تونس
-
العوامل المحركة للتغيير في العالم العربي
-
الموازنة السعودية .. ومستلزمات التنمية المستدامة
-
2012 .. أمال عريضة ، وخيبات كبيرة
-
الولايات المتحدة .. - هاوية مالية - أم أزمة بنيوية
-
مصر الجديدة .. المخاض الصعب!
-
تونس / مصر .. للصبر حدود
-
مصر .. معركة الدستور
-
مصر المحروسة .. عند مفترق طرق
-
مصر .. العودة إلى ميدان التحرير
-
الحرب على غزة والردع الفلسطيني
-
قضايا الإصلاح والمجتمع المدني في السعودية : الجزء الثاني وال
...
-
المنتدى الاجتماعي العالمي .. نحو عولمة جديدة
-
قضايا الإصلاح والمجتمع المدني في المملكة العربية السعودية
المزيد.....
-
فيديو كلاب ضالة في مدرج مطار.. الجزائر أم العراق؟
-
الناتو يقرر تزويد أوكرانيا بمزيد من أنظمة الدفاع الجوي
-
طهران: لا أضرار عقب الهجوم الإسرائيلي
-
آبل تسحب تطبيقات من متجرها الافتراضي بناء على طلب من السلطات
...
-
RT ترصد الدمار الذي طال مستشفى الأمل
-
نجم فرنسا يأفل في إفريقيا
-
البيت الأبيض: توريدات الأسلحة لأوكرانيا ستستأنف فورا بعد مصا
...
-
إشكال كبير بين لبنانيين وسوريين في بيروت والجيش اللبناني يتد
...
-
تونس.. الزيارة السنوية لكنيس الغريبة في جربة ستكون محدودة بس
...
-
مصر.. شقيقتان تحتالان على 1000 فتاة والمبالغ تصل إلى 300 ملي
...
المزيد.....
-
الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات
/ صباح كنجي
-
التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل
...
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو
...
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت
...
/ ثامر عباس
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3
/ كاظم حبيب
المزيد.....
|