أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - حسين عجيب - هل الإصلاح ممكن في المدى المنظور؟النموذج السوري















المزيد.....

هل الإصلاح ممكن في المدى المنظور؟النموذج السوري


حسين عجيب

الحوار المتمدن-العدد: 1164 - 2005 / 4 / 11 - 11:16
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
    


إشكالية الفرد والمجتمع تشبه تماما أحجية الدجاجة والبيضة, أيهما أولا إصلاح الفرد أم المجتمع؟ ومن ينتج من, المجتمع ينتج الفرد أم العكس؟
لدينا ميل جارف وعام للتنصل من المسؤولية, ذلك مفهوم ومبرر, وقد يكون في ذلك بعض الحكمة أحيانا,لكن في مشاريع البناء والإصلاح واكتساب المعارف والخبرات, تتحول تلك الخصائص والصفات إلى عقبات لا يمكن تجاوزها إلا بتفكيكها وإلغائها أولا, للوصول إلى مجتمع المؤسسات الحديثة والفرد.
عالم الداخل ما زال مجهولا في ثقافتنا وغير معترف به في حياتنا عموما, وهو ما يفسر إلى حدّ كبير, بقاء مجتمعاتنا في الحالة العشائرية والطائفية, ودون مستوى المواطنة الحديث, ولا تغيّر من واقع الأمر إدانة الحكومات والحكام, أو إلقاء المسؤولية على الاستعمار والصهيونية والغرب عموما, كلها عوامل فاعلة ومؤثرة لكنها تبقى عوامل مساعدة, تتوقف شدتها وآثارها على العوامل و المؤثرات المحلية المختلفة,و تجعل من الإصلاح الفعلي أمنية أكثر منها مشاريع واقعية ممكنة التحقق.
الأفراد يبدعون نماذج سلوكية في التفكير والممارسات, وينتجون بذلك مجتمعاتهم بشكل دوري ومستمر, وبالعكس المؤسسات المختلفة مع نظم الثقافة والقيم, تحدد معايير أساسية و عامة, تتيح للشخصية الفردية التفتح والنضج في مناخ طبيعي مناسب للإبداع, حيث يسود مبدأ تكافؤ الفرص وسيادة القانون, مما يتيح للفرد تحقيق وحدة الشخصية والتماسك النفسي, غياب ذلك مصدر الخراب في بلادنا, وتبقي على هذا النقص الخطير الثقافة المشتركة والأخلاق,وبقية المؤسسات المحشّوة بالتعصب والخوف واحتقار النفس والآخر.
لم يهبط حكامنا من الكواكب الأخرى, وليسوا أفرادا مختلفين, إنهم يمثلون الخطوط المشتركة في النسيج الثقافي والاجتماعي والأخلاقي في المجتمع, رغم صعوبة الاعتراف بذلك,لا خيار سوى الانتقال من تقديسهم أو شيطنتهم, إلى التعامل العقلاني مع وجودهم وأفعالهم المختلفة, بالتوازي مع التفاعل الإيجابي والمرن مع المتغيرات العالمية والمحلية, لنعترف بأن مجتمعاتنا معطلة تماما كما أن الفرد معاق, تشلّ داخله منظومة أخلاقية موروثة من مجتمع ومناخ مختلفين, وتقيّد قواه العقلية والمنطقية ومجمل إبداعيّته الخاصّة,كافة المؤسسات الوطنية من الأسرة إلى الدولة. في هذا الحال الميؤوس منه لا توجد سوى دعوات صبيانية, لا تختلف عن شعارات الخمسينات بسذاجتها وقوة تأثيرها المذهلة للأسف, الإسلام هو الحل, المقاومة هي الحل, أمريكا هي الحل(أصحاب هذا الشعار ليسوا دعاة التعامل العقلاني مع الذات والآخر, بل هو شتيمتهم),وعلى افتراض حسن النية والقناعة التامة بالإصلاح ماذا ستفعل الحكومات ومؤسساتها؟هل تنهي نفسها أم تقبل بالمشاركة؟وهل بمقدورها الإصلاح؟

*
طيلة السنوات الثلاثين الماضية, كنت أحلم بالتغيير كسواي من الأغلبية الصامتة , وبالشكل الذي يأتي فيه,وبعدما صار التغيير واقعا شبه ملموس, أشعر بالقلق الشديد والخوف, وليس مردّ ذلك فقط,التقاء مطالب قائد سرايا الدفاع سابقا مع زعيم الأخوان المسلمين حاليا(وهم معا من أغرقوا سوريا بالرعب والدم) مع مطالب الديمقراطيين وسائر العقلاء في سوريا وفي العالم, من سيادة القانون, والاحتكام لرأي الأغلبية, واطلاق الحريات الأساسية, وليس لأن التغيير المتوقع متداخل مع شبح القوة الأمريكية الجبارة, ما يخيفني اليوم هو حجم الخراب في الفرد السوري وفي المؤسسة السورية, ولا أظن إمكانية معالجته السريعة بمقدور أي طرف. يتمحور النسيج الاجتماعي السوري بمختلف ألوانه وأطيافه, حول الهويّات ما قبل الوطنية, وما زالت روابط الدم والأسرة والدين والطائفة أساس الاجتماع السوري, كذلك شخصية الفرد السوري المرأة والرجل على السواء, ما زالت في طور الخطوط المفككة, منظومة القيم والأهداف وبقية المشاريع الشخصية قائمة على الارتجال والتكرار, وليس على الإبداع وحسّ المسؤولية.


*
ليس الخيار الأساسي بين الاستبداد والديمقراطية,ذلك أمنية وحلم, الفوضى والتكتلات الاثنية, احتمال واقعي شديد الخطر,في المجتمع السوري خزّان هائل من المواد القابلة للانفجار, البطالة, العنصرية المتفشية, الجهل المعمم وتوابعه من الأصولية والتطرف, الشعور العام بالغبن والذل وما يلازمه من الغضب الذي يتجاوز عتبات الأمان, دون أن ننسى منطق الثأر والانتقام الذي ربما ما زال محور القيم الفردية والجمعية على السواء.
المكبوت الفردي يتحكم بالفكر والسلوك,أكثر من الوعي والإرادة,وللوصول إليه نحتاج إلى مناخ مختلف في السياسة والثقافة والأخلاق,بنية الأسرة, بنية السلطة, العقلية الأحادية, الهيجان الذكوري مع عطالة الأنوثة المزمنين, تلك العناصر الأساسية في ميراثنا الفظيع,مدعاة لليأس وليس للخوف والقلق فقط.
يوازي المكبوت الفردي ويزيده خطورة, وضع القطّاعات الكبيرة من المهمشين, الأطفال والنساء وأغلبية الرجال من خارج دائرة السلطة والثروة والنفوذ, المهمّشون في سوريا وجوارها مشكلة مزمنة تتجاوز السياسة والثقافة,كما تتجاوز الفكر والأخلاق,الانفجار السكاني مع الاضطرابات الاجتماعية مع تخلف وسائل التعليم والإعلام وقبل ذلك التسلط السياسي والقهر الاجتماعي, قنابل موقوتة تحول دون الاستقرار الحقيقي الذي تتطلبه مشاريع التنمية والإصلاح, بغضّ النظر عن مدى جديّتها وجدواها أيضا.
ليس أسهل من الصراخ,تبرئة الذات وإسقاط التهم على الخارج,والمردود فوري ومزدوج,تعزيز التقدير الذاتي, وتحويل الخوف إلى الجهة الأخرى, وقبل ذلك نيل الرضى الاجتماعي والمكافآت المغرية, ولا يتطلب ذلك سوى استعمال آلية اللاوعي في الإسقاط والتمثل, التي يكتسبها البشر قبل سن الخامسة.
فشلت على مدى عشرين سنة, في تخفيف درجة الغضب, ولا أقول في إصلاح عالمي الداخلي,لم ينفع الحلّ المعرفي, لم ينفع تغيير الموقف والسلوك,ما زال أي عارض خفيف صحّي أو إشارة تهديد تأتي من الخارج, تعيدني إلى المربع الأول,لأجد الخوف و العدوانية والتعصب والأحادية, على حالها كما حملتها من الأسرة والمدرسة, ليس حال من عرفتهم من الاخوة الأعداء والأصدقاء بأحسن!
الحاجة المستمرة لمشاعر قوية,لا تتوفر في الحياة الطبيعية داخل الأسرة والمجتمع,تشكل مصدرا دائما للغضب والحماقة قبل أن تكون مصدرا للإبداع والإنجاز, توفرها السلطة والثروة والنفوذ,لدى الفرد المريض والمجتمع الموبوء, وتوفرها المعرفة والحب والإبداع لدى فرد سوي ومجتمع طبيعي.
الحاجة إلى المشاعر القوية تفسّر الكثير من الأعراض الاجتماعية والفردية, من العدوانية والنزق والصراخ العالي, إلى سحر الشعارات التدميرية,واللهاث خلف الفضائح وعبادة الشائعات بعيدا عن التعقل والمنطق.
لا توجد حلول داخلية صرف من الحكم والمعارضات كما لا توجد حلول خارجية صرف, بغض النظر عن الإمكانيات والنوايا, الفرد معاقّ والمجتمع مشلول بماضيه وخرافاته وأوهامه, فمن سيصلح من وكيف!؟

كم أتمنى أن أكون مخطئا, وارى أعداء الأمس بالمشاركة مع غرباء اليوم يحتكمون لصوت العقل والمنطق, ويكون التسامح قد حلّ مكان الضغينة, والمصلحة المشتركة تجمع الأغلبية بالفعل,.يومها سأتفرغ للشعر وأكمل ثلاثيتي العظيمة, بجزئها المتبقي "بيتنا" وستكون موضوعاتي:سلال الزهور, سير حب, القمر والضباب والسفر, وستكون البلاد التي أحببناها تصلح للعيش,لدعوات الأصدقاء دون خوف أو ندم.



#حسين_عجيب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فن الاصغاء_مشكلة سوريا اليوم
- السلّة
- الحاضر المراوغ
- رابطة الكتاب السوريين المستقلين
- الحاضر المفقود
- العطالة السورية
- المأزق والقرار,وإمكانية الحلول المناسبة-أزمة سوريا اليوم
- الهوية القاتلة
- تأنيث سوريا
- هباء
- بلادنا الرهينة
- حديث ذو شجون
- محنة التحقيق
- مشكلة الرأي والاعتقاد
- مشارق الأرض ومغاربها
- سوريا تلك البلاد التي أحبببناها2
- تلك البلاد التي
- رائحة الموت
- فصل الحكمة
- كأس بثيينة


المزيد.....




- -بأول خطاب متلفز منذ 6 أسابيع-.. هذا ما قاله -أبو عبيدة- عن ...
- قرار تنظيم دخول وإقامة الأجانب في ليبيا يقلق مخالفي قوانين ا ...
- سوناك يعلن عزم بريطانيا نشر مقاتلاتها في بولندا عام 2025
- بعد حديثه عن -لقاءات بين الحين والآخر- مع الولايات المتحدة.. ...
- قمة تونس والجزائر وليبيا.. تعاون جديد يواجه الهجرة غير الشر ...
- مواجهة حزب البديل قانونيا.. مهام وصلاحيات مكتب حماية الدستور ...
- ستولتنبرغ: ليس لدى -الناتو- أي خطط لنشر أسلحة نووية إضافية ف ...
- رويترز: أمريكا تعد حزمة مساعدات عسكرية بقيمة مليار دولار لأو ...
- سوناك: لا يمكننا أن نغفل عن الوضع في أوكرانيا بسبب ما يجري ف ...
- -بلومبرغ-: الاتحاد الأوروبي يعتزم فرض عقوبات على 10 شركات تت ...


المزيد.....

- اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية / ياسين الحاج صالح
- جدل ألوطنية والشيوعية في العراق / لبيب سلطان
- حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة / لبيب سلطان
- موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي / لبيب سلطان
- الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق ... / علي أسعد وطفة
- في نقد العقلية العربية / علي أسعد وطفة
- نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار / ياسين الحاج صالح
- في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد / ياسين الحاج صالح
- حزب العمل الشيوعي في سوريا: تاريخ سياسي حافل (1 من 2) / جوزيف ضاهر
- بوصلة الصراع في سورية السلطة- الشارع- المعارضة القسم الأول / محمد شيخ أحمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - حسين عجيب - هل الإصلاح ممكن في المدى المنظور؟النموذج السوري