أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - علي الأسدي - العراقيون ... وتحديات ما بعد الاحتلال..















المزيد.....

العراقيون ... وتحديات ما بعد الاحتلال..


علي الأسدي

الحوار المتمدن-العدد: 4048 - 2013 / 3 / 31 - 00:08
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


العراقيون ... وتحديات ما بعد الاحتلال..

علي الأسدي

واجه العراقيون الكثير من المحن خلال العقود الخمسة الماضية ، كانت حقبة الحرب وحكم البعث الصدامي أشدها ايلاما ، وبدا للكثير من العراقيين أن المحظوظين فقط من تمكن أن يمسح من ذاكرته تلك الحقبة السوداء من تاريخ العراق. لكن لا أحد كان بامكانه أن ينسى أو يتناسى ذلك ، بل حتى أولئك الذين عانوا من ارهاب الغوغاء الطائفي في السنين الأولى من احتلال العراق لم يكن لهم المبرر لنسيان الارهاب الصدامي.

فالنظام الصدامي سعى الى مسخ الشخصية العراقية وحاول تحويل اعضاء حزبه ومرتزقته الى أدوات لمؤسساته الديكتاتورية بعد ان جردها من الشعور بأدميتها ، كما حاول تحطيم معنوية المواطن العادي ليشكل منه كائنا معاقا فكريا ومريضا نفسيا. لكن مع سقوط صدام كرمز للتوحش والخوف تحررت الشخصية العراقية من سجنها الذاتي الذي سكن العراقي من الباطن ، كما حررها من السجن الأوسع الذي يمتد لجهات العراق الأربع وجهات العالم الأربع. فهل يعيد التاريخ نفسه في شخصية صدامية جديدة ، وهل يسمح العراقي لذاته ان تعود للسجن من جديد بعد كل تلك التضحيات..؟

لم يكن النضال ضد الديكتاتورية الصدامية سهلا ، بل كان شاقا وباهظ الثمن ، كلف أبطاله حياتهم توزعت بين ساحات الاعدام والتعذيب في السجون والتهجير الاجباري من الوطن والتغييب والحروب أو الاختفاء بعيدا عن عيون السلطة الغاشمة الى أجل غير مسمى. اما الذين ضاقت بهم الحياة في الوطن أو تقطعت بهم سبل العيش وكانوا قادرين على الافلات فقد هاجروا الى نهاية العالم ، ومع الحسرة لم تتكحل عيون بعضهم برؤية الوطن مرة أخرى.

البعض الذي عاد من المهجر متفائلا بعد سقوط الصنم احتفل بالحرية والديمقراطية على ضوء الشموع ، وانتظر مع أبناء شعبه مرارة الأمل بغد أجمل وأكثر عطاء واستقرارا خاليا من الخوف. أما الآخر الذي اعتاد على حياة الدعة في الديمقراطيات العريقة فلم تكن له قدرة التعايش مع واقع العراق الجديد بديمقراطيته النامية المتعثرة فانتهى به المطاف مغتربا ثانية ، وهذه المرة مخيرا لا مرغما.

عراقيو مابعد سقوط النظام ورثوا كارثتين ، أولها الخراب الذي تركته الصدامية ، وثانيها خراب الحرب والاحتلال. لكن وبرغم كل ما جرى خلال تلكما الحقبتين يضع الشعب العراقي اليوم الماضي وأحداثه جانبا ، بينما يوجه اهتمامه وآماله صوب المستقبل ، فضمد جراحه فاتحا ذراعيه لسجانيه السابقين ، متفائلا بمستقبل أفضل.

فللمرة الأولى منذ حوالي الأربع عقود يمارس شعبنا بحرية كاملة ودون خوف التعبير عن آرائه في السياسات الحكومية الداخلية التي تخص حياته اليومية ، فيوجه النقد عند الضرورة لمختلف مجالات نشاطها. بنفس الوقت والى جانب وسائل الاعلام المرئية والمسموعة والصحافة يمارس البرلمانيون دورهم المنوط بهم ، وبرغم ما يشوب عملهم من نواقص فهو يشكل ضمانة لا غنى عنها لمراقبة كافة نشاطات السلطة التنفيذية ، وتقييد ومعارضة اجراءاتها غير الدستورية.

والجانب الايجابي في الحياة السياسية العراقية أن كل هذا يتم بحرية كاملة دون ضغوط من جانب أجهزة الأمن تهديدا أو قمعا لممارسي هذا النشاط ، وهي بلاشك ظاهرة صحية غير مسموح بها في الكثير من البلدان المجاورة ، اضافة الى كونها غير معقولة أو متصورة تحت حكم النظام الصدامي. برغم ذلك سنحتاج بعض الوقت لنرى مزيدا من النجاح في عمل مؤسساتنا الاعلامية المستقلة والسلطة التشريعية.

وما يقال في الصحافة العراقية عن ديكتاتورية جديدة في طور النمو ، هو أحد ايجابيات الحرية الصحفية ، بل هو تعبيرا عن نجاح للسلطة الرابعة ، فالحديث حول موضوع الديكتاتورية تتناقله وتتناوله الصحافة العراقية بالنقد والتحليل بكل حرية. وبنفس الوقت يثبت النظام البرلماني هو الآخر بعض النجاح في المجال نفسه. فخلال العهد الديكتاتوري المقبور نظر للصحافة والبرلمان باعتبارها أدوات دعائية لتجميل وجه الديكتاتور، وتقديمه للداخل العراقي وللعالم الخارجي بكونه مثالا للديمقراطية.

الكتابة عن الأداء الحكومي ايجابيا ، غير الكتابة عن الحريات الديمقراطية ايجابيا ،ومع الفارق فان الكتابة ايجابيا عن الحكومة في الثقافة السياسية العراقية غير مقبول في الغالب ، وهي ظاهرة موروثة من العهد الصدامي. ففي تلك الحقبة السوداء كان كتاب كثيرون يسبحون بحمد النظام أما لكونهم موظفين لهذا الغرض لتلميع وجهه ، أو كونهم انتهازيين وتجار سياسة ومواقف.

في العهد الحالي وبعد تلاشي الديكتاتورية للكاتب كامل الحرية في الذم أو النقد البناء أو الاشادة مدفوعا بقناعته بصواب الموقف السياسي للحكومة أو أحد مسئوليها من قضية ما. المعارضة في التقاليد الشائعة العراقية كونها موقفا وطنيا ، وهذا المفهوم صحيح في حينه عندما كانت الحكومة في الجانب الخطأ ، ونحن في المعارضة وقفنا ضد ذلك الخطأ بالمطلق ، ومن يحاول التخيف من الموقف يتهم بالمساومة ويسقط سياسيا.

لكن عهد الديكتاتورية قد ولى بعد أن تحرر العبيد من ربقته ، وعلى أحرار اليوم سيعتمد انجاح المشروع الديمقراطي أو فشله ، فسوء الادارة وضيق الأفق والفساد المالي تبقى العدو اللدود للتقدم والتنمية الاقتصادية ، فيما تعمل النزاهة وطول النفس على ادامة زخم الاندفاع نحو النجاح والتطوير ، وهو ما يجب العمل من أجله في مرحلة الانتقال الحساسة هذه. وما دمنا نستطيع التعبير عن مواقفنا دون خوف فلا يجب أن نخشى النقد أو الاشادة بموقف حكومي من قضية سياسية داخلية أو خارجية نعتقد بصوابها.

وفي تجربة شخصية لي واجهتني قبل فترة من الزمن ، كتبت لصديق لي يعيش في السويد عن ظاهرة انتشار استخدام التلفون النقال وظواهر اخرى. لقد جلب انتباهي في السنوات الأخيرة ان الخبازة التي تسكن سقيفة في الجوار تتصل بنا ونتصل بها عبر التلفون النقال عند حاجتنا لمزيد من الخبز ، ونفس الوضع مع منظفة المنزل فالمواعيد معها تتم عبر الجهاز النقال ، ونفس الحال ينطبق على سائق التاكسي. كما كتبت له عن ظاهرة انتشار استخدام السيارات الجديدة باعداد هائلة في شوارع بغداد ، بعد ان كان من الصعب ان تجد سيارة حديثة في الشارع عدا المقربين من النظام ، بينما كانت ظاهرة السيارات القديمة من موديلات الستينيات هي السائدة سواء لسيارات الأجرة أو الخاصة. هذه الظاهرة استمرت للسنة 2004و2005. اجابني ذلك الصديق بجملة بسيطة واحدة " لقد أصبحت دعوجي " ، وانهى صداقة عمرها حوالي العشرين عاما.

الديمقراطيات العريقة في البلدان الصناعية في أوربا والقارة الأمريكية الشمالية استغرقت قرونا قبل أن تستكمل الأسس التي تقوم عليها حاليا. فالديمقراطية في العراق مازالت كالفاكهة التي لم تنضج بعد ، نتفحصها كل يوم للتأكد فيما اذا حان موعد قطافها. هي كالطفل الذي ما يزال يحبو ، سنحتاج بعض الوقت لنهنأ برؤية خطواته الأولى وسماع أولى ما ينطق به من كلمات. فمهمة رعاية الديمقراطية تقع على عاتقنا ، هي مهمة كل فرد في المجتمع العراقي ، وتوجيهنا النقد لممارسيها حكومة كانت أو أعضاء برلمان هو جزء عضويا من التقاليد الديمقراطية ، وهو الذي يبقيها حية ويعزز مؤسساتها ويردع متجاوزي قواعدها.

الحرب على العراق قد اسقطت الديكتاتورية ، لكنها بنفس الوقت أسقطت الدولة وحولت اعراس الناس بسقوط الديكتاتور الى مآتم وأحزان ، وسالت الكثير من الدماء والدموع نتيجة سوء الادارة والتصرف. وحتى لا يذهب كل ذلك هباء ينبغي تعزيز دولة ما بعد الديكتاتورية ، والسير بها قدما الى الأمام واعادة بناء مؤسساتها المدنية ، وترسيخ الحقوق الانسانية الفردية والمجتمعية في صياغات قانونية دستورية ملزمة للفرد والمجتمع ومؤسسات الدولة المدنية والعسكرية والأمنية على حد سواء.
علي الأسدي



#علي_الأسدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الذكرى العاشرة لحرب ... ما زالت قائمة... (الأخير )
- الذكرى العاشرة لحرب ....مازالت قائمة.. (3)..
- الذكرى العاشرة لحرب .... ما زالت قائمة ....(2)
- الذكرى العاشرة لحرب.. ما زالت قائمة.... (1)
- اسرائيل .. وكردستان العراق...؛؛؛
- الصين الشعبية ... والانتقال الى الرأسمالية...( الخامس)..
- الصين الشعبية .... والانتقال الى الرأسمالية .. (4)..
- الصين الشعبية ... والانتقال الى الرأسمالية... ( 3 )...
- الصين الشعبية ... والانتقال الى الرأسمالية... (2)..
- الصين الشعبية ... والانتقال الى الرأسمالية ..(1)
- القرضاوي .. يتدخل بالسياسة العراقية ؛؛؛
- المحذور الذي كنا نخشاه ... قد وقع ؛؛؛
- التعامل الايجابي مع مطالب أهل الأنبار .. واجب وطني..
- لا تصبوا الزيت على النار... بل اخمدوها...؛؛؛
- التورط التركي في سوريا .. لمصلحة من ...؟؟
- لماذا يتدخل الغرب ... في الشأن الداخلي السوري...؟؟
- ملاحظات حول رسالة أينشتاين ..ردا على ابراهامي...
- لماذا رفض الفلسطينيون ... القرار الدولي رقم 181 ....(الأخير) ...
- لماذا رفض الفلسطينيون .. القرار الدولي رقم 181.....( 1 )...؟ ...
- الذكرى ...... التي تحمل آمالا جديدة...


المزيد.....




- مسجد باريس الكبير يدعو مسلمي فرنسا لـ-إحاطة أسرة التعليم بدع ...
- جيف ياس مانح أمريكي يضع ثروته في خدمة ترامب ونتانياهو
- وثيقة لحزب الليكود حول إنجازات حماس
- رئيس الموساد: هناك فرصة لصفقة تبادل وعلينا إبداء مرونة أكبر ...
- لقطات جوية توثق ازدحام ميناء بالتيمور الأمريكي بالسفن بعد إغ ...
- فلسطينيو لبنان.. مخاوف من قصف المخيمات
- أردوغان: الضغط على إسرائيل لوقف حرب غزة
- محلات الشوكولاتة في بلجيكا تعرض تشكيلات احتفالية فاخرة لعيد ...
- زاخاروفا تسخر من تعليق كيربي المسيء بشأن الهجوم الإرهابي على ...
- عبد الملك الحوثي يحذر الولايات المتحدة وبريطانيا من التورط ف ...


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - علي الأسدي - العراقيون ... وتحديات ما بعد الاحتلال..