أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فواز قادري - وجوه














المزيد.....

وجوه


فواز قادري

الحوار المتمدن-العدد: 4047 - 2013 / 3 / 30 - 10:44
المحور: الادب والفن
    


تتكاثر الوجوه التي تطاردني، وجوه شهداء ووجوه أسرى ووجوه أصدقاء يمعنون في الغياب، وجوه من يحملون وزر أمكنة صامدة، لا يغادرونها ولا تغادرهم، أستدلّ على القليل منهم، وتغيم أخبار أكثرهم.
تتفتّت البلاد وتتكاثف وتتجمّع في عيونهم التي تغير علي، كلّما أسلمتُ قلبي إلى مقهى أو حارة أو مدينة، وكأنّ الوطن قد صار طفلاً له وجوه مئات آلاف الأطفال، صار امرأة لها ملامح ملايين النساء، صار مقبرة تتسع لآلاف الحدائق، شجرة لملاين الطيور بحناجر ذهبيّة شجيّة، وأنا وقصيدتي ندور على عجل، نبحث عن الوجوه التي شكلّت ذاكرتنا، نبحث في المدينة التي تهشّمت ملامحها وما زالت صامدة وتصرّ على حريتها، حريّة لا يحدها موت ولا يثنيها جحيم الطاغية. قصيدة تبحث عن وجوههم تحت أنقاض البيوت، وفي متاهات النزوح، قصيدة تحاول أن تدونهم قبل غياب أبدي محتمل، قصيدة ليس لها أن تتناسى وجوههم، وليس لديها ما يكفي من الأغاني كي تجعل الحزن أقلّ قسوة، على ما تبقى من قلوب الناس المجروحة والتي تحمّلت ما لا تحتمله اسطورة، رواها شاعر أعمى في سالف الألم.

وجه:
أمّي رشّودة، أمّ نبيل، كانت في غياب لا يشفي غليل السؤال.

شربتُ من يديها وأكلتُ، تعلّمتُ منها الذي لا تستطيعه كتب الحكمة ولا حبر الفلاسفة، طيبة المرأة التي تعطي ولا تفكّر بغير المنح، تزداد الأيّام قسوة وشحّاً، وتزداد أم نبيل شيباً وغضوناً وعطاءً. لم ينقطع سؤالي عنها، لم أسأل عن أولادها أصدقائي، مثلما سألت عنها، كم خشيت أن لا أراها ثانية؟ وأخيراً أم نبيل على قيد الحياة، هذا آخر الأخبار عنها. كم سنحتاج غداً إلى الأمّهات السوريات؟ من أجل أكاليل العرائس والحنّاء، ومن أجل الهلاهل وطهور الأولاد الذين سيولدون بعد النصر والحريّة.

وجه:
ع. ش. تفاؤل على هيئة امرأة.

لم تكن "ع" تقبل أي حديث متشائم عن الثورة، أوّل كلامها على الهاتف كان سؤالاً: أما زلتَ متفائلاً؟ عادة أتلبّك في الإجابة على سؤالها هذا، أنا الذي لم يفترّ تفاؤلي بالثورة أبداً، أجدني أتحدث بحماس، وكأنني أتحدث للمرّة الأولى عن الثورة، و"ع" ليست امرأة عاديّة تطرح سؤالها من باب الحماس والتفائل العفويين، هي كاتبة شجاعة من كتّاب الداخل، كتبت عشرات المقالات عن الثورة، في صحف ومواقع مهمّة كثيرة، مقالات فيها من العمق والقراءة الدقيقة والمهمّة، لكثير من ظواهر الثورة التي تدعو إلى التفائل. آخر ما تفكر فيه هذه الصديقة، والتي هي أحد الوجوه المشرقة للمرأة السوريّة في الثورة، وجه من آلاف النساء السورية اللواتي أثبتن للعالم، كم هي المرأة جديرة بحريتها! تفكّر في الذهاب إلى المناطق المحررّة، حتى تكتب عن ما يتجلّى هناك من حريّة سورية القادمة.

وجوه:
"م. ص." "فؤاد" "عمر" "إياد" "عبد الناصر"
"أنا بخير لا تقلق وقاعد هون على صدورهم وماني متزحزح"
لم تكن هذه إجابة مراد الوحيدة التي أسمعها، وليست إجابة فؤاد، وليست إجابة عمر، وليست إجابة إياد، وليست إجابة عبد الناصر" هي إجابة ملايين السوريين الذين لم تعد حياتهم تعني لهم شيئاً، من أجل الحرية، لهذا سينتصر السوريون الذين لم يبخلوا بالأرواح.

كم تشبهكم قصيدتي يا أصدقائي

كم تشبهنا القصيدة يا أصدقائي؟
لا تتنكّر بوجه غيرها ولا ترتدي قناعاً
لا تفتح مزاداً على فاكهتها
ولا تتاجر بدم ولا تزيّن أوهاماً
تنام عارية حين تشتهي الاحتلام
كهذه البنت التي تقشّر قلبي
كأنها ستقضم تفّاحة حمراء
تلتهمني بقشوري الناشفة
حتى تطقطق تحت أسنان رغبتهاعظامي.


هذا الربيع علامة فراشة حزينة
لم تستدل أجنحتها على أطفال قلبي
أنا العابر درب قيامة البلاد
لن أطيل مكوثي في الرثاء
أغني لأمسح لو قطرة دمع واحدة
وأجفف سيول هذا الأسى الجليل.

يا صاحبي الفرات
كُف يد شجنك عن قصيدتي
أنت رسول الغيوم ودلّال الهوى
وقصيدتي مسكينة تخبّئ ما يؤلمها
وتعلن ما يفتح أفقاً في عتمة الكلام.



#فواز_قادري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ماذا بعد؟
- أيّها العيد، قف على باب قلبها.
- قصيدة -استشراف- والثورة السورية بعد عشرين عاماً
- تغريبة السوريين
- غبار الأصدقاء.. غبار المدن
- على وسادتها ينام التاريخ قلقاً
- ميونيخ بيضاء بلا قطرة دم واحد.
- امرأة ورجل وثلاثة أطفال
- نساء سوريّات في الثورة
- كن رحيماً أيّها الثلج الوسيم.
- يرتجف الثلج تحت قدميه الحافيتين.
- أرسم لها أرضاً حنونة.. وأرفع فوقها سمائي
- شهداء السنة الجديدة
- للكتب أرواح أيضاً
- حلم
- تفاصيل
- أمّهاتي الكثيرات
- جثّة من التي تفسّخت؟
- أسوارنا من لحم ودم
- الكثير من قصص الحب في الثورة السورية، لا نعرف عنها شيئاً.


المزيد.....




- هتستمتع بمسلسلات و أفلام و برامج هتخليك تنبسط من أول ما تشوف ...
- وفاة الفنان المصري المعروف صلاح السعدني عن عمر ناهز 81 عاما ...
- تعدد الروايات حول ما حدث في أصفهان
- انطلاق الدورة الـ38 لمعرض تونس الدولي للكتاب
- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فواز قادري - وجوه