|
اشكروا الظلام......اشكروا القتلة
خالد الصلعي
الحوار المتمدن-العدد: 4046 - 2013 / 3 / 29 - 15:30
المحور:
الادب والفن
اشكروا الظلام ...اشكروا القتلة ********************* أصر أن الكلمة هي السلاح الأكثر فتكا بأعداء الروح والعقل ، بمغتصبي الوجود والكون ، بناهبي الرأسمال المادي والرمزي . في انجيل يوحنا الاصحاح الأول هناك مقولة تثبت بداية الوجود من الكلمة ، بل لابداية الله نفسه من الكلمة تقول المقولة : في البدء كان الكلمة ، والكلمة كان عند الله ، وكان الكلمة هو الله . انتهت المقولة ، وبما أن الفيزيائيين يؤكدون أن نهاية الكون ستؤول الى بدايته ، فالنهاية ستكون حتما كلمة ، وكل هذه الأسلحة مجرد وهم ، ليس لها اثر في ترتيب معنى الحياة ، قد يكون لها دخل في ترتيب مادة الحياة ، وتنميط الجغرافيا ولا عدل توزيع الثروات ، لكنها حتما بقت بعيدة عن مملكة المعنى ، وبقي المعنى قلعة حصينة على اختراقها رغم ما نسمعه من تطور غير مسبوق لمختلف أنوع الأسلحة . الكاتب/ة ، هو /هي نبي ورسول بين قومه ، ومن يوقن برسالته السامية لن ينحني الا لانحراف المقصد والهدف ، ولن يخضع الا لانتصار الجميل والقيم والرفيع ، دونه والنصر الأغلى والأثمن . ففي بعض اللحظات والأزمنة، تتجسد الكتابة صليبا يصلب عليه الكاتب أو دعوة يُرشق لنورها الساطع صاحبها بالحجارة ، ويحاصر لقوتها أياما وسنين ، يجوع من أجلها المؤمن بها ، يهجر ينفى أو يموت . وهذا ما صنعه الحسين حين اختار أن يموت وهو في وضع غير وضع أبيه علي أو أخيه الحسن ، فرغم وضعه الضعيف قوة وعدة وعددا الا أنه اختار أن يكون الأقوى بالكلمة ويالحساب المستقبلي ، فخلف ما يموت من أجله الى يومنا هذا الآلاف ، وبنى حضارة تحارب اليوم من قبل الشرق والغرب . الحياة ليس ما نعتقده هذا الفاصل الزمني المحصور ، الحياة هو الانفتاح اللامحدود ، حين نخلق من حياتنا الفردية حيوات ممتدة في الزمان والمكان . ليس التاريخ وحده من يملك كلمة الحسم في هذه القضية ، بل ان اللغة نفسها ولمكرها الدلالي العجيب سطوتها البالغة ، فعبر عملية قلب وابدال معجمي ، يتحول لفظ مِلْك ومُلْك الى كَلِم ، وفعل مَلَك الى كَلّم ، بتغيير بسيط في تضعيف حرف اللام ، فتغدو الكَلِمة هي مَلَكَة التكلم أي التملك ، وهو حكم الاحكام ، احكام العلاقات المنفتحة على وجودنا بين موجودات الوجود . وتصبح كتابة الكلمة فعل اجبار اذا تأملنا عميقا العلاقة الاشتقاقية بين الكتابة والمكتوب ، فهما من جذر لفظي واحد يعود أصله الى الأحرف الثلاث التي تشكل قاعدة الكتابة/المكتوب =القدر +ك-ل-م. قدر الكاتب اذن أن يكتب لأن مكتوبه هو الكتابة ، والكتابة فبي هذه الحالة هي المستقبل وليس الماضي ،لأن الماضي انكشف وانخلعت عنه حجب الدهشة والخفاء ، وأصبح واضحا بشكل كبير . كيف في ظل هذه الحقيقة الساطعة ، وجودا وتأملا وفكرا وواقعا، أن تبعدنا عن دلالتنا ككتاب أو ككاتبات ، بعض لحظات النكوص والضعف ، ما دمنا نؤمن بهذه العلاقة بين الكتابة والمكتوب= القدر . نتحمل القدر بأرزائه وسلبياته ، وما قد نعتبره أخطاء ، فنجبن ونتراجع عندما يتسلط علينا سيف الرقابة والمحاكمة الظالمة ، وتهديدات طحالب الظلام ، التي لا يراها المتربصون بضوء النجوم . تاريخ الكتابة العالية كان دائما تاريخا محفوفا بالأشواك ، هو لؤم التاريخ ، اذ تتحول هذه الأشواك ، بعد فترة قصيرة الى ورود تملأ الوجود ورودا وتمنح العالم عطرها الذي لا زلنا نشمه منذ ورد سقراط ، ووردة الحلاج الى آخر زهرة مغربية وهي تتأوه الأريج الأنثوي المغربي ؛ فاطمة الافريقي . لم أندب حظي حين حاولوا تسميمي ، ولم أشك لأني حين تعرضت لمحاولة اغتيال صامت لأم أجد أحدا أمامي ،غير حسرة والدي على ضياع ابنهما الوحيد ، كتمت غيظي وخبأت جراحي بين جوانحي ، وتقبلت بكل أريحية ما حدث لي ، فلا يمكن أن أنقض ما كتبته في احدى قصائدي سنة 1993 - :وان لمت يوما ، فلا تلومن غير وقع خطوك . بل كتبت على حائط غرفتي المظلمة بالفحم الأسود وقد سجنت فيها نفسي عقابا على هذا الاخفاق الوجودي : أصفق لكم لأنكم لم تتركوا بصماتكم في محاولة قتلي . أشكروا القتلة لأنهم يمنحوننا فرصة الانتفاض في وجههم وفضح خبثهم . أشكروا الظلام لأنه يمنحنا فرصة البحث على النور .
#خالد_الصلعي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
لا تتوتري
-
البحث عن الغائب الحاضر -1-رواية
-
عن أي مغرب يتحدثون ؟
-
الاستقالة كتعبير حضاري
-
لعبة الموت
-
اسرائيل تعتذر
-
استقلال القضاء واستغلاله، في المغرب أي علاقة ؟
-
بين الثورة والثقافة -1-
-
المغرب بين الدستور الجديد وعقل الحديد
-
الارهاب حالة دولة
-
ما زال للورد عطره
-
كلمة صادقة الى الشعب السوري الأبي -2-
-
ابداعية الشعر والواقع المبدع -2-
-
ابداعية الشعر والواقع المبدع-1-
-
رسالة تحذير
-
أمطار الجحيم -27- رواية
-
كان يمكن أن .....
-
من يحكم المغرب ..؟
-
المرأة في المجتمع العربي
-
أنت كل السنة
المزيد.....
-
-بنات ألفة- و-رحلة 404? أبرز الفائزين في مهرجان أسوان لأفلام
...
-
تابع HD. مسلسل الطائر الرفراف الحلقه 67 مترجمة للعربية وجمي
...
-
-حالة توتر وجو مشحون- يخيم على مهرجان الفيلم العربي في برلين
...
-
-خاتم سُليمى-: رواية حب واقعية تحكمها الأحلام والأمكنة
-
موعد امتحانات البكالوريا 2024 الجزائر القسمين العلمي والأدبي
...
-
التمثيل الضوئي للنبات يلهم باحثين لتصنيع بطارية ورقية
-
1.8 مليار دولار، قيمة صادرات الخدمات الفنية والهندسية الايرا
...
-
ثبتها أطفالك هطير من الفرحه… تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024
...
-
-صافح شبحا-.. فيديو تصرف غريب من بايدن على المسرح يشعل تفاعل
...
-
أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب
...
المزيد.....
-
صغار لكن..
/ سليمان جبران
-
لا ميّةُ العراق
/ نزار ماضي
-
تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي
/ لمى محمد
-
علي السوري -الحب بالأزرق-
/ لمى محمد
-
صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ
...
/ عبد الحسين شعبان
-
غابة ـ قصص قصيرة جدا
/ حسين جداونه
-
اسبوع الآلام "عشر روايات قصار
/ محمود شاهين
-
أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي
/ بدري حسون فريد
-
أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية
/ علي ماجد شبو
المزيد.....
|