أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - كميل داغر - المأزق الأردني: أزمة خانقة لنظام مهترئ، وليسار أشد اهتراءً















المزيد.....



المأزق الأردني: أزمة خانقة لنظام مهترئ، وليسار أشد اهتراءً


كميل داغر

الحوار المتمدن-العدد: 4044 - 2013 / 3 / 27 - 21:54
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


حين يصدر هذا العدد من مجلة «الثورة الدائمة»، من المرجَّح أن يكون الأردن قد بات في ظل حكومة جديدة كان يتم البحث في تسمية رئيس لها، في ما بين النواب المنتخبين، قبل أقل من شهرين بقليل، تقريباً (في ٢٣ كانون الثاني/يناير الماضي)، ورئيس الديوان الملكي الحالي، فايز الطراونة، قبل أن يقر الرأي على تسمية رئيس الحكومة السابقة، عبدالله النسور، لتشكيلها. وهي حكومة ستكون الرابعة، خلال فترة لا تتجاوز السنة والنصف إلا قليلاً، كدلالة على أزمة حكم حقيقية تعيشها الطبقة الحاكمة، في البلد، ونظامها الملَكي، لا بد من أنها لعبت دوراً هاماً في التسبب بما بات معروفاً بهبَّة تشرين الثاني، الأخيرة. وهي هبَّةٌ قد تشكِّل – على رغم توقفها، وما بدا كما لو انه نجاح السلطة القائمة، في احتوائها، على الأقل، مؤقتاً – تمريناً أولياً لالتحاق الأردن، في زمنٍ قادم، بالسيرورة الثورية، التي تشهدها بلدان عديدة اخرى، في المنطقة العربية.

وبالطبع، فإن أي حكومة جديدة ستكون عاجزة عن تقديم أي حل لهذه الأزمة. وهي أزمة مركَّبة تتناول شتى جوانب الحياة، في المملكة، ومختلف المستويات، التي تتعلق بواقع الدولة والمجتمع: من مسألة الديمقراطية السياسية، والحريات، المغيَّبة بصورة مكثفة، تحت سيطرة مَلَكية ٍمطلقة، تمسك بيديها، عملياً، كل السلطات، وتصادر مختلف الحريات الأساسية للمواطن؛ مروراً بقضايا الديمقراطية الاجتماعية – الاقتصادية، التي من الواضح أن النظام الراهن لم يحاول، يوماً، الاقتراب منها، أو إبداء الاهتمام بأيٍّ من متطلباتها. شهد الأردنيون، على العكس، في العقدين الأخيرين، بوجه اخص، وبعد الإيغال في الاستدانة، من جهة، وبيع جزء وازن من القطاع العام، من جهة أخرى، تنفيذاً لتوجيهات المؤسسات الرأسمالية المالية، العالمية (البنك، وصندوق النقد الدوليين، ومنظمة التجارة العالمية...)، تردياً زاحفاً في أوضاع بلدهم، ناجماً عن تلك الخيارات السلطوية، فضلاً عن أقصى درجات الفساد، الضالعة فيها بيروقراطية السلطة والإدارة، بقضها وقضيضها، ومن ضمنها البيروقراطية العسكرية (جنرالات حاليون، وآخرون متقاعدون، يملكون ثروات فاحشة، من نهب المال العام، وعمليات الخصخصة، التي لا تتوقف...)، وفي رأس هذه البيروقراطية قمةُ الهرم، الملك الحالي. وذلك بمقابل تدهور خطير في مستوى معيشة الغالبية الساحقة من سكان البلد، ولا سيما في السنوات الأخيرة؛ وصولاً إلى المسألة الوطنية - في ظل عائلة ملكية تحمل تاريخاً غير منقطع من الخيانة – منذ إقامة ما كان يسمَّى إمارة شرق الأردن، تحت الوصاية البريطانية، مروراً بالدور الذي اضطلع به الأمير عبدالله، في نكبة 1948، لصالح الدولة الصهيونية، بمقابل توسيع إمارته، عبر ضم جزء من فلسطين التاريخية إلى ما بات «المملكة الأردنية الهاشمية»، ووصولاً إلى اتفاقية وادي عربه، الخيانية، هي الأخرى، بامتياز، في عهد الملك السابق، الحسين بن طلال، والمستمرة في مفاعيلها، حتى الحين، في ظل العاهل الحالي، عبد الله الثاني، الذي يمعن نظامه في ممارسة التطبيع مع العدو الصهيوني، والتنسيق معه، في مجالات شتى، بما فيها الأمنية منها.

أولاً: الديمقراطية السياسية، والحريات

لعل أهم ما ينبغي التصدي له، على هذا الصعيد، إنما يتعلق بشكل الحكم، منذ تأسيس الكيان الأردني، في أوائل العشرينيات من القرن الماضي، ونحن نقصد، بوجه اخص، وجود نظام ملكي لا يخضع لأي رقيب أو حسيب، ولا يتحمل أي مسؤولية عن أعماله وقراراته، وحيث للملك صلاحيات مطلقة، بما يجعل السلطة، هكذا، سلطة دكتاتورية، حقيقية. فهو يتمتع بصلاحيات تتناول كل السلطات، التشريعية، والتنفيذية، والقضائية، بلا استثناء. هو يعين مجلس الأعيان بكامله، ويقر التشريعات، ويحل البرلمان، ساعة يشاء، ويدعو الشعب للانتخاب، ويصدر القوانين، ويتحكم بالتعديلات الدستورية، كما بتجميد أحكام الدستور، أو إلغائه؛ ويشرف عن كثب على تعيين الحكومات، وكان حتى التعديلات الدستورية الأخيرة، يعين رئيس الوزراء، وليس ما ينبئ بأنه غير قادر، مذاك، على تسميته، بالفعل، على الرغم من النكتة، التي بدا يتولى المجلس النيابي، بحسبها، التفاهم على اسم الرئيس، بالتشاور مع رئيس الديوان الملكي (!!)؛ كما أن الملك يمكنه ان يقيله، أو يقيل أي وزير، ويستبدله بآخر مَرْضي عنه، وإن كان يقتضي، قبل ذلك، التشاور مع الكتل النيابية، في هذا الصدد، بما يوحي بأن المجلس هومن يضطلع بهذه المهمة، كما الحال، في الانظمة البرلمانية. ولعل المقال الذي كتبه، في ٢٠ شباط/فبراير الحالي، الوزير السابق، محمد طالب عبيدات، المقرب من البلاط، يعطي فكرة عن مدى جدية المزاعم التي تعتبر أن الملك يتخلى عن بعض صلاحياته، على هذا الصعيد! هكذا كتب عبيدات، في جريدة الدستور، كما لو كان ينطق بلسان سيده الهاشمي، فيما هو يذوب تملقاً، وخضوعاً، عند أعتابه، ويحض النواب على عدم التمادي في الاستفادة من الدور الذي يتكرم الملك بمنحهم إياه، ما يلي:

«مرة أخرى، أخشى أن تسهم بعض الافكار من قبل بعض السادة النواب، في إجهاض الرؤى الإصلاحية المطروحة على طاولة الحوار والمناقشات، والمشاورات معهم، ونخسر مبادىء تعزيز النهج الإصلاحي التشاوري، التي يتبناها، ويعوِّل عليها جلالة الملك المعظم (!!!)، ونعود للمربع الكلاسيكي، في آليات تشكيل الحكومات، ولهذا فربما من الأسلم (انتبهوا!) عدم الخوض في طرح اسم رئيس الحكومة، في الوقت الحالي، بقدر ما يسهم النواب في وضع مواصفاته، ووضع إطار عريض لرؤى إصلاحية، وثوابت برنامجية يُلزَم بها رئيس الحكومة القادم، مع التركيز على تشكيل ائتلاف نيابي يشكل حالة توافق وطني، ويعزز الرؤية الملكية في حكومة الوفاق الوطني وحكومة الظل. فهل سينجح السادة النواب في امتحان جلالة الملك، والشعب، لهم؟ (...).»

في كل حال، إن الملك، الذي يعرف جيداً عقدة من يتعامل معهم على انهم مجرد رعايا، والمقصود، الغالبية الساحقة من الشعب الأردني، بمن فيهم من ينسبون انفسهم إلى اليسار، ليس مستعداً لتقديم اي تنازلات جدية، على صعيد صلاحياته، إما لأنه لم يدرك، حتى الآن، أنه لم يعد يستطيع تجاهل هذا الواقع، ومتطلبات التعامل الإيجابي معه، أو لأنه يخشى ان يؤدي فتح نوافذ الإصلاح إلى تشريع المملكة بكاملها على رياح التغيير الثوري. وبالتالي، فلقد مر وقت طويل يسمع فيه انغام الدعوات الإصلاحية، من شتى الجهات، يميناً ويُسْرَةً، ومن الحزب الشيوعي الاردني، وانشقاقاته، وتشظياته، كما من الإخوان المسلمين، وغيرهم من التنويعات الإسلاموية، فضلاً عن المنظمات القومية، على اختلافها، وذلك من دون ان يرف له جفن، أو «يتكرم» بالرد على أي من دعواتهم، على هذا الصعيد. وطالما هو يقتصر على سماع هذه النغمات، حصراً، من المرجح أن يبقى مديراً الأذن الطرشاء، مراهناً على الجبن، التاريخي، الذي يصيب شتى القوى السياسية، في البلد المذكور، حيال العلاقة بالملكية، والملك. فعلى امتداد حوالى المئة عام، إلا قليلاً، منذ تأسيس الكيان الاردني، لم يتجرأ احد بين تلك القوى، على إعادة النظر، جذرياً، في تطلعاته، ومطالبه، على صعيد هذه المؤسسة!!!وكانت أولى الصيحات ضد بقائها هي تلك التي أطلقتها الجماهير، في المظاهرات التي عرفتها شوارع الاردن، في تشرين الثاني الماضي، خلال ما بات معروفاً بهبَّة تشرين، بدفعٍ من شبابٍ جديد على العمل السياسي، ولكن واقع، بالتأكيد، تحت تأثير السيرورة الثورية الصاعدة، في أكثر من مكان، في المنطقة العربية. وهو ما نعود إليه، بعد قليل.

وفي هذا المجال، أذكر انني، على المستوى الشخصي، امضيت أمسية، بكاملها، وحتى ساعة متأخرة من الليل، قبل أشهر قليلة من نهاية الالفية الماضية، في نقاشٍ مع أكثر من عشرة أشخاص من تنويعات اليسار الاردني، البحت، والأردني من أصول فلسطينية - وكان بينهم بعضٌ من المنشقين، آنذاك، عن الحزب الشيوعي الأردني، تحت تسمية «النهج الثوري»، وذلك داخل منزل بعض الاصدقاء، على مقربة من العاصمة، عمان - بخصوص مسألة رفع شعار إسقاط الملكية، هناك، وإقامة الجمهورية. ولقد كان الرد إجماعياً، لديهم، وإن مع تفاوت في الحدة، ضد رفع المطلب المشار إليه، بذرائع شتى، بينها مسألة الاستقرار، الذي، بحسبهم، يضمنه بقاء الملكية، على رغم موافقتهم، جميعاً، على التاريخ القاتم للغاية، والأكثر من خياني، لهذه المؤسسة، وشاغليها، على امتداد وجودها، وعلى شتى الصُّعُد.

هذا ولم أكن لأشعر بالدهشة والاستغراب، حين توصلت إلى استنتاج أن هذه الفكرة البائسة شائعة جداً، في اوساط المعارضة الأردنية، بما فيها تلك الاكثر جذرية، نسبياً، في نقدها للأسرة الملكية وفسادها، ومخازيها، كما يمكن استنتاج ذلك من رسالة المهندس، ليث شبيلات، أحد الذين تعرضوا للاضطهاد والسجن، على يد الملك الراحل، حسين، إلى رئيس الحكومة السابقة، عبدالله النسور، في ١٩ كانون الثاني/يناير، الماضي- وكان لا يزال رئيسأ عادياً لها، قبل إجراء الانتخابات النيابية الاخيرة، واضطراره لتقديم استقالته، إلى الملك - حيث يقول له، في خاتمتها:

«يؤسفني أن أبين لك ولمدير المخابرات ومن لف لفكما بأنكم في دفاعكم عن تجاوزات الملك تزينون له طريق الهلاك وأنكم بذلك تعملون ضد مصلحته وقد لا يهمني ذلك ولكنكم تعملون ضد العرش وأنا يهمني ذلك كثيراً ومستعد لأواجهكم دفاعاً عن عرش نظيف بعيد عن الفساد وعن الولدنة والاستفراد. ومن المضحك المبكي أن يذكِّركما معارضٌ مثلي ليس بينه وبين الملك أية محبة متبادلة كيف عليكم أن تحموا العرش وبالتالي الجالس فوقه الذي تزعمون محبته وبئس المحبة محبة لا تحمي المحبوب. إن في ما أكتب مصلحة له أكثر بكثير مما تفعلونه له ولا أدعي أنني أفعل ذلك خدمة له بل أفعله حماية للعرش ولاستقرار البلاد الذي لا يهزه اليوم أحد أكثر منه ومنكم.»

وبالضبط، فإن ما ينطبق على كل من ورد ذكرهم اعلاه، ينطبق، أيضاً، على الحزب الشيوعي الاردني، الذي لم يطرح، على امتداد تاريخه الطويل، وفي اي يوم من الايام، شعار إرساء الجمهورية، على أنقاض نظام ملكي، ممعن في الفساد، والخيانة الوطنية، والقمع، والنهب، والقهر، لأوسع جماهير البلد، المبتلى بحكمه. والأرجح أن فكرة إسقاط هكذا نظام لم تراود، يوماً، اياً من قياداته، وكوادره الوسطى، وحتى قاعدته، الأكثر تعرضاً للأذى والبؤس، بنتيجة وجود العائلة الملكية القادمة، في الأصل، من الحجاز، في شبه الجزيرة العربية، ذات يوم من أوائل عشرينيات القرن الماضي! ذلك أن الحزب المذكور، المشدود إلى تراث ستاليني بعيد الأمد، وإلى مرجعية موسكوبية، إبان الحقبة السوفييتية، لم تطرح، يوماً، بعد أن استتب الأمر للبيروقراطية الستالينية، وفي توجيهها للأحزاب المرتبطة بها، عبر العالم، ولا سيما، في المنطقة العربية، خطاً ثورياً، وبرامج تضع بلدان تلك الأحزاب، بقيادة هذه الأخيرة، في الطريق إلى التغيير الثوري.

هذا، إلى اليسار (ما عدا حالة شبيلات، اليميني، عموماً)، ولكن كذلك إلى اليمين، فإن الحركة الأكثر قرباً من قسم مؤثر، نسبياً، وسط الجماهير الأردنية، لأسباب تتعلق بالوعي الديني المسيطر، عامةً، في أوساطها، ونحن نعني بذلك حركة الإخوان المسلمين، لم تتجاوز الطروحات الإصلاحية، هي الأخرى، في شتى حلقات تاريخها. وبالتالي، فحتى بعدما بدأت هبَّة تشرين، ونزل عشرات الألوف إلى الشوارع، بقي موقف الحركة المشار إليها، أقرب إلى الإصلاح، من داخل النظام، وحرصت، في عز الهبَّة، على تمييز نفسها، بوضوح - عبر تصريحات بني أرشيد، نائب المراقب العام للإخوان - من الجماهير الغاضبة، التي تلفظت، على امتداد الساحة الأردنية، بشعارات إسقاط الملكية، وكامل النظام؛ وكان بين الهتافات التي انطلقت من حناجرها عبارات هي نفسها التي سبق ان دوَّت في تونس، ومصر، وليبيا، واليمن، وسوريا، الخ...، من مثل: «الشعب يريد إسقاط النظام!»، مع عبارات أخرى خاصة بها هي التالية:


«الشعب ملَّ من السكوتْ يحيا كريماً أو يموتْ!...إلخ...»

«حرية من الله..يسقط يسقط عبدالله!...و...لا إصلاح ولا تصليح.. إرحلْ بالعربي الفصيح!»

هكذا، فإن ما جبنت شتى قيادات المعارضة، الأردنية، على اختلاف مواقعها، الفكرية، كما السياسية، عن مجرد تصوره، حتى في أحلامها، بادرت إلى فعله الجماهير الشعبية العاديَّة، في الأردن. فلقد بات من الواضح أن جماهير الهبَّة الأخيرة، ومهما يكن من الشكل الذي انتهت إليه، والذي اعتبر عديدون أنه أقرب إلى الفشل، تعلمت شيئاً حاسماً من جذرية مثيلاتها، في تونس، ومصر، وغيرهما؛ وأن ما حدث في تشرين الثاني الماضي، وعلى عكس هبة نيسان ١٩٨٩ (التي حققت بالتأكيد العديد من المنجزات، وفي طليعتها، وبين أهمها، إلغاء قانون مكافحة الشيوعية، وقانون الطوارىء، وكان معمولاً به، منذ العام ١٩٥٧، وفتح الباب امام سلسلة مؤثرة من الحريات، المنتزعة انتزاعاً، وإن بصورة جزئية، من نظامٍ واظبَ، طيلة تاريخه، على الاعتداء على حقوق الناس، في مختلف مجالات الحرية الشخصية، وفي مقدمتها حريات الرأي، والتعبير، والإعلام، والتجمع، والتظاهر،والإضراب، وتنظيم النفس في أحزاب ونقابات، وما إلى ذلك)، سوف يشكل مدخلاً واسعاً نحو تطوير المطالب الشعبية، لاحقاً، في اتجاه أكثر جذرية بكثير. وهذا يعني الاتجاه نحو التبني الدائم، هذه المرة، لمطلب إسقاط المَلكية، وإرساء الجمهورية، بالتلازم مع مطالب ديمقراطية تقليدية، كالفصل الكامل بين السلطات، وضمان استقلال القضاء، ونزاهته، وسن قانون انتخابات ديمقراطي جذري، قائم على الدائرة الواحدة والنسبية، ويسهِّل اقصى الرقابة، القضائية، والاجتماعية، على نزاهة هذه الانتخابات، فضلاً عن إطلاق أوسع الحريات الديمقراطية، وحل كل أجهزة القمع، والمخابرات، التي لا يقتصر دورها على إحباط التدخلات الخارجية، المعادية لمصالح الشعب الأردني، وأمنه؛ وفرض تبني هذه الشعارات، والمطالب، أولاً، على جزء مؤثر من النخبة الحزبية، وعلى التيارات السياسية، والفكرية، التي لا بد من أن تفرزها التطورات القادمة، في الساحة الأردنية، سواء من ضمن الدينامية الذاتية للحراك الشعبي، أو كامتداد طبيعي للسيرورة الثورية، في المنطقة العربية، بوجه عام؛ وثانياً، وبالتالي، على الحراك الشعبي المشار إليه.

ثانياً: الديمقراطية الاقتصادية – الاجتماعية

لقد كان السبب الرئيسي لأهم انتفاضتين عرفتهما الجماهير الأردنية - تفصل بينهما 23 سنة (والمقصودتان هما هبَّتا نيسان ١٩٨٩، وتشرين الثاني ٢٠١٢) – إنما هو رفع أسعار المحروقات، بصورة أساسية، وما ترتَّب على ذلك من ارتفاعٍ معمم لأسعار باقي السلع، ومن ضمنها تلك المتعلقة بمعيشة تلك الجماهير. وقد تراوحت نسبة رفع أسعار المشتقات النفطية، هذه المرة، في قرارات حكومة النسور، المغادرة، بين ال١٥٪ وال٥٣٪ (!!!)، وذلك بذريعة العجز المتواصل في موازنات الدولة، المقدَّر بمبلغ فلكي، في حالة بلد كالأردن، ألا وهو حوالى ال٧،٧مليار دولار أميركي، لهذا العام ! وبالتالي، فلقد كان السبب المشار إليه يرتبط ارتباطاً وثيقاً بالمسألة الاجتماعية – الاقتصادية، وبقضايا الصراع الطبقي، قبل كل شيء، وفوق كل شيء. وذلك في وقت نعرف فيه أنه حتى وإن كان الفساد المفرط، ونهب الاموال العامة، وإخضاع الغالبية الساحقة من سكان الأردن لأبشع أشكال الاستغلال، والقهر الاجتماعي، مسألةً شائعة في البلد المعني، منذ نشأته، إلا أن العقدين الأخيرين شهدا تفاقم هذه الظاهرة، المبالغ به للغاية، ولا سيما مع التحاق القائمين على الأمور فيه، وفي الرأس منهم الملك عبدالله الثاني، منذ اعتلائه العرش، في 7 شباط/فبراير١٩٩٩، بعد وفاة والده، وقبله هذا الأخير، الملك حسين بن طلال، برَكْب الحكومات، عبر العالم، الآخذة بمبادىء النيوليبرالية الرأسمالية، وفي مقدمتها بيع جزء حاسم من القطاع العام للشركات الخاصة، وبتوجيهات المؤسسات المالية الدولية، كصندوق النقد، والبنك الدوليين، ومنظمة التجارة العالمية (ومن ذلك فتح السوق المحلية، بالكامل، أمام غزو منتجات الشركات الرأسمالية، في الغرب، بخاصة، ولكن أيضاً في البلدان الرأسمالية الاخرى، وتكريس التبعية للاقتصاد الرأسمالي، في الحواضر الإمبريالية، إجمالاً، وحتى في الكيان الصهيوني، بالذات، بنتيجة سياسة التطبيع معه، بعد توقيع اتفاقية الذل، والخيانة الوطنية، في وادي عربة؛ وإحداث تدمير مكثف للإنتاج المحلي، سواء الصناعي، منه، أو الزراعي، في الدرجة الاولى). وقد رافق ذلك نهب مخيف للمال العام، استفادت منه العائلة المالكة الأردنية، بوجه اخص، وحاشيتها، وأتباعها، ومن بينهم العديد من جنرالات الجيش، والمؤسسات الأمنية، بالدرجة الثانية، مع انعكاسات ذلك، الكارثية، على الأوضاع الاقتصادية – الاجتماعية للعمال، والفلاحين، والحرفيين، وغيرهم من صغار المنتجين، كما على الفئات الدنيا الأخرى، في المجتمع، من عاطلين عن العمل، وبروليتاريا رثة، ومهمشين، ومستبعدين، ولاجئين، وما إلى ذلك. ومن ضمن هؤلاء، بالتأكيد، معظم أولئك الذين نزلوا إلى الشوارع والساحات، سواء في نيسان/أبريل ١٩٨٩، أو في أواسط تشرين الثاني/نوفمبر ٢٠١٢ الماضي..

ومع أنه ليس ثمة تحديد دقيق لحصة هؤلاء، جميعاً، من الثروة الاجتماعية، في الأردن، فثمة تقديرات ترى أن ما لا يزيد عن الواحد بالمئة من الشعب، ككل، يملكون وحدهم حوالى الخمسين بالمئة من تلك الثروة، فيما أورد تقرير موثَّق للبي. بي. سي.، للعام ٢٠٠٥، أن حوالى ٩٠٪ من الثروة النقدية، في البلد، إنما يحتكرها ١٠٪ من السكان. هذا ومن المعلوم أن الحد الادنى للأجور لا يزيد على ال١٩٠ ديناراً أردنياً، علماً بأنه لا يحظى بتطبيق جدي، في احيان كثيرة. كما يقَدِّر تقرير التنمية العالمية لعام ٢٠١٣، الصادر عن البنك الدولي، نسبة العاطلين عن العمل، بين الشباب (وهم الغالبية الساحقة من سكان الأردن) بأكثر من ٢٥٪؛ وأظهرت نتائج مسح الفقر في الاردن، بحسب دائرة الإحصاءات العامة، وهي جهاز رسمي محلي، ان ١٣،٣ بالمئة من اجمالي سكان المملكة يقعون تحت خط الفقر العام المطلق، علماً بأن ثمة دراسات خاصة ترفع هذه النسبة إلى اكثر من ٢٠٪ من إجمالي السكان، ولا سيما في المناطق الريفية، التي كانت المركز الرئيسي لاحتجاجات العام ١٩٨٩ المدوية، المعروفة بهبَّة نيسان، والتي بدأت في مدينة معان، الصغيرة، في الريف الجنوبي للمملكة..

هذا في حين يبلغ الدَّيْن العام حوالى ال٢٢ مليار دولار أميركي، وهو لم يُنفق إلا جزئياً، في مجالات ضمان مستوى حدٍّ أدنى مقبول، وإنساني، على صعيد الحياة العامة، للمواطنين، وراح القسم الأكبر منه، على شاكلة عمولات، ورُشى، وأعمال نهب غير مبررة، من جانب الشريحة العليا من البيروقراطية السياسية، والعسكرية - والبلاط، في مقدمتها - علماً بأن خدمة الدَّيْن، كما الوفاء بقيمته، ينعكسان بمزيد من الإفقار، والبؤس، على غالبية السكان.

في كل حال، لن نتوقف، حصراً، في هذا الباب، عند المسائل الاقتصادية البحتة، التي مررنا بها، أعلاه، بل لا بد من تجاوز ذلك إلى مشكلات أخرى تتعلق بالمسألة الاجتماعية، بوجه أخص، وبالضبط، انطلاقاً من أحد مبادىء ثلاثيةٍ مشهورةٍ جداً طرحتها الثورة الفرنسية، ثلاثية «حرية، إخاء، مساواة»، وهو، بالضبط، الأخير، ضمنها، وربما يكون أهمها، عنينا مبدأ المساواة. ونحن سنكتفي، في تعاملنا مع هذه المسألة، وإن مع بعض الاقتضاب، بما تطرحه، في مجالين اثنين، ليس أكثر، ولكنهما بالغا الأهمية، ألا وهما موضوعا موقع المرأ ة، في مجتمع ذكوري، حتى الأعماق، من جهة، وموقع المواطنين من أصل فلسطيني، من جهة اخرى، الذين يتعرضون لتمييز منهجي ينبغي وضع حدٍّ حاسم له، نحو إقرار مساواة حقيقية بين المواطنين، أياً تكن اصولهم. ويتحمل المسؤولية عن التمييز المشار إليه النظامُ القائم، بالتأكيد، الحريص، في مسعاه لتأبيد نفسه، على أن يمارس، بكفاءة منقطعة النظير، سياسته الكريهة، المعروفة، سياسة «فَرِّقْ تسُدْ!» ولكن، أيضاً شريحة واسعة من «مثقفي» البلد، وربما نكون أدقَّ، إذا قلنا من أنصاف المثقفين فيه، الذين تصبح مشكلتهم اشد خطورة بكثير، حين نجدهم ينسبون أنفسهم، كذباً، إلى اليسار، فيما يجمع جزءاً هاماً بينهم واقعُ كونِهم على علاقة وثيقة بأجهزة المخابرات الأردنية، وربما، على الأرجح، بأجهزة أمنية أخرى، في ما وراء الحدود. وهو موضوع سنعود إليه، في كل حال، وإن باقتضاب، في الحديث عن المسألة الوطنية، بعد قليل.

في وضع المرأة الأردنية

أما بخصوص المرأة الاردنية، التي تعاني غياباً واضحاً للمساواة، في ما بينها وبين الرجل، فيظهر ذلك في أكثر من مجال، ولا سيما، وقبل كل شيء، في ما يتعلق بقانون العقوبات، وما يُصطلح على تسميته جرائم الشرف، بحيث تتيح المادتان ٣٤٠ و٩٨ من هذا القانون تخفيف العقاب، في حالة القاتل، الذي يرتكب جريمته ضد قريبته، إما في حال مفاجأتها وهي تقيم علاقة فاضحة مع غير الزوج، أو في حال ارتكاب جناية القتل، تحت تأثير الغضب الشديد، الناجم عن أسباب تتصل بحياتها الجنسية، او العاطفية. وقد فشلت، إلى الآن، محاولات تعود إلى العامين ١٩٩٩ و٢٠٠٠، لم تتكرر مذاك، لإلغاء المواد التي تنص على تخفيف العقوبة، في مجالات كهذه، بسبب إصرار المجلس النيابي، ذي الغلبة العشائرية، التي يتيح استمرارها قانون الصوت الواحد للمقعد الواحد، على الإبقاء على الواقع القانوني السائد. وهو ما يساهم في استمرار عدد الجرائم المشابهة، وهو لا يقل، إجمالاً، عن ٢٥ حالة قتل، سنوياً، مع ما يعنيه ذلك، بوجه خاص، على صعيد مسألة المساواة بين الرجل والمرأة، لغير صالح هذه الأخيرة.

ومن جهة أخرى، من الواضح أن ما نص عليه إعلان بيجين، الصادر عن المؤتمر العالمي، الذي انعقد، في العام ١٩٩٦، في العاصمة الصينية، بهذا الخصوص، لم يتحقق، في حالة البلد المعني، وإن كانت ثمة محاولات خجلى للأخذ ببعض توصياته، ولو بصورة جزئية جداً، كما الحال بصدد الكوتا النسائية، في المجلس النيابي. ففي هذا المجال، إذا كان الإعلان المذكور ينص على إعطاء النساء حصة فيه تصل إلى ٣٠٪ من مقاعده، فلقد جرى إدخال تعديل على قانون الانتخابات النيابية، في الأردن، في مطلع العام ٢٠٠٣، يقضي بإعطاء المرأة ستة مقاعد من اصل ١١٠ (!)، وبقي أمر الكوتا على هذه الحال حتى تعديلات العام الفائت ٢٠١٢، حين أصبحت ١٥ من أصل ١٥٠، أي عشرة بالمئة، تحديداً. كما أنه إذا كان الاردن سبق أن صادق على اتفاقية القضاء على كل أشكال التمييز ضد المرأة، عام ١٩٩١، فهو تحفظ على ثلاثة نصوص تتعلق بحق المرأة في إعطاء جنسيتها لأطفالها، وحق حرية الحركة، والزواج، والوصاية على الأولاد. وحتى هذا الحين، لا ينص قانون العمل على المساواة في الأجر بين الرجل وبينها، في حالة العمل المتماثل، أو العمل ذاته. ولا يزال الفرق واضحاً في واقع كل منهما، كما الحال في مسألة نسبة الامية، وقد انخفضت، لديها، إلى ال١٥٪، مقارنة به، إذ النسبة، بخصوصه، هي ٥،٤٪؛ وفي حين تصل البطالة لدى الذكور إلى ١٤٪، تصل لدى المرأة الأردنية إلى ٢٠ بالمئة!!! وكل ذلك لا يعود لأسباب مرتبطة باستعداداتها الذاتية، بقدر ما بسبب الظلم التاريخي الواقع عليها، تحت وطأة المجتمع الذكوري. في كل حال، إن الدستور الأردني ينص، عموماً، على المساواة بين الطرفين، أمام القانون، ولكن ما يهم ليس هذا الإعلان الحرفي، فقط، بل ما يسميه قائد ثورة اكتوبر الروسية، لينين، تحديداً، «المساواة في الحياة». وكل المشكلة تصبح هنا، في الاخير.

وبالطبع، إن معالجة جدية للمشكلات، المطروحة أعلاه، لن يمكن حصولها، بدرجة كافية من الفعالية، في الإطار القطري البحت، اي على صعيد الاردن بالذات، مأخوذاً لوحده، ومعزولاً عن سياقه العربي العام. ولكن بانتظار حدوث تطورات محتملة - وقد تكون مرجَّحة، في المستقبل المنظور، بنتيجة السيرورة العربية المستمرة - تسهِّل منظوراً وحدوياً، يتجاوز القطرية الخانقة، التي لها دعاتها، والمدافعون عنها، خارج البلد المعني، وداخله، أيضاً، يمكن التفكير بجملة من النقاط البرنامجية الانتقالية، التي تشكل مدخلاً إلى كسر المأزق الذي يتخبط فيه النظام الحالي، ولكن مع الأخذ بالاعتبار أن أي انحكام برؤية إصلاحية بحتة لن يأخذنا إلى أي مكان، وسيبقي المأزق قائماً ينتظر حلَّه، وهو الحل الذي لا مجال لتصوره إلا في إطار سيرورة أكثر جذرية بكثير، سيرورة التغيير الثوري!

ضد شعار «الأردن، أولاً»

بين هذه النقاط، لا بد من التشديد على ضرورة الابتعاد عن كل شوفينية قطرية، ولا سيما بخصوص الأردنيين من اصل فلسطيني، واللاجئين الفلسطينيين، والتعامل معهم، على العكس، بكل أخوَّة، ومع كل مشاعر التضامن المطلوبة؛ وأخيراً، وفوق كل شيء، على أساس المساواة المطلقة، ومن دون استثناء!.. وبالتالي لا يَجْدُر التورط في شعارات الكراهية والحقد العنصريين، من أمثال «الاردن أولاً»! كما يَحْسُن التذكير بأن خارطة فلسطين للعام ١٩١٨، وقبل سيطرة الانتداب البريطاني، كانت تشمل الأردن الحالي وفلسطين المحتلة، في آن معاً. وهو أمر ليس بمستغرب، لا بل هو موجِبٌ للعبرة، ويتطلب إعادة النظر بما يشبه المسلَّمات لدى قسم هام من الناس من أصل أردني، ممن ينجرفون وراء الدعايات التي يشيعها انصار الملك وبطانته، وكل المستفيدين من أي اضطهاد، أو قمع، يطولان الجزء الأكبر من سكان الأردن، اليوم، وهم غالبية وازنة في تركيبة البلد المعني، وقد يكونون يبلغون، حالياًً، ما بين ال٦٥٪ وال٧٠ بالمئة من السكان الإجماليين.

مساواة، إذاً، مع هؤلاء، ومساواة، أيضاً، مع النصف الآخر من المملكة، المتمثل بالعنصر النسائي، الذي يزداد وزنه، في حياة البلد، يوماً بعد يوم، والذي يُفترَض أن يجري الرد على محاولاته الارتقاء إلى موقع جديد في الحياة المشتركة، قائم على الندِّيَّة الكاملة، بأقصى ما يمكن من التجاوب مع هذه المساعي، بعيداً من أي عُقَدٍ، أو مشاعر متناقضة، أو فصام!

في ما يتعلق بالشأن الاقتصادي

أما في الشأن الاقتصادي البحت، فيمكن مواجهة السياسة التي طالما تم اعتمادها، وبخاصة في العشرين سنة الأخيرة، بنقيضها، اي بالعمل على وقف كلي لكل ما له علاقة بالخصخصة، وبيع القطاع العام، والمبادرة، على العكس، إلى محاولة استعادة جزء أساسي من الملكيات المبيعة، في العقود الأخيرة، لصالح الدولة، وفرض إدارة عقلانية لها، يشارك فيها عن كثب كل العاملين فيها، والمسؤولين عنها، وسط أقصى الشفافية، وامام المواطنين، جميعاً، الذين سيكون من حقهم، دائماً، الاطلاع على حساباتها، وإبداء الرأي في سياسة تسيير ذاتي ستكون مدعوة، لاحقاً، لأن تتعمم، على كل القطاعات الإنتاجية الاخرى، في شتى المؤسسات، كما انطلاقاً من كل الأملاك العائدة إلى الدولة، والتي سيتم الانتفاع منها، واستثمارها، إلى أقصى الحدود، ولكن، وبالتحديد، لصالح الشعب العامل، بوجهٍ أخص..

ومن جهة أخرى، وعلى صعيد القطاع الخاص، لا بد من بناء العلاقة، في شتى المجالات، وفي المصنع، والمزرعة، وأي مؤسسة تجارية، أو خدمية، بما يتيح للدولة، والنقابات العمالية (المفترض العمل على تشجيع قيامها، وتعميمها على شتى قطاعات الإنتاج، اليدوي منها كما الذهني) ان يكون لها قدر واسع من الرقابة، والإشراف، في ما يتصل بتسيير العمل، مع إمكانية الاطلاع الدائم على الحسابات الخاصة بهذه الشركة، أو المؤسسة، أو تلك، تسهيلاً لفرض الدولة ضرائب تصاعدية، هذه المرة، على ارباحها الحقيقية، مع تقديم مساعدة الدولة، بالمقابل، في حالات التراجع في الإنتاج، لأسباب اضطرارية، وتعسُّر الحصول على أرباح تستدعي الجباية الضريبية. على أن يتم، في الحالة الخاصة بالمصارف، وغيرها من المؤسسات المالية، والائتمانية، فرض ضريبة خاصة على شتى أشكال المضاربة، وعلى كل الصفقات المالية، بما فيها أعمال البورصة، لصالح الخزينة، ولسد العجز في الموازنات؛ وهو عجز دائم، في موازنات الحكومات الأردنية، المتعاقبة، رأينا أنه بلغ في السنة المالية الحالية، 7،7 مليار دولار، وإن كان ثمة، في الإدارة الرسمية، من يعتبر أنه لا يتجاوز الأربعة مليارات! هذا مع العلم بأن ذلك كله لا بد من ان يتلازم مع سياسة عامة، على صعيد الأجور، ووتيرة العمل، تقوم على قاعدة السُّلَّم المتحرك للأجور وساعات العمل، تحت الرقابة الدقيقة للمنتجين الفعليين، عبر نقاباتهم ولجانهم، التي لا بدَّ من تشجيع قيامها، وضمان استقلالها، وتمثيلها الفعلي لمصالح أولئك المنتجين، وذلك في سياق سياسة عامة تجمع إلى ما سبق ذكره تأمين الضمانات الاجتماعية، على اختلافها، بما فيها ضمان الشيخوخة، والصحة، والعمل، والتعليم.

هذا ومن الجدير ذكره ما عرفته الأشهر الأولى من السيرورة الثورية، في المنطقة، من حالات قلق وهلع، لدى كثير من القائمين على الأمور في بلدانها، ولا سيما تلك العائمة على ثروات خيالية، كما الحال في الخليج، خوفاً من أن تفعل فعلها نظرية أحجار الدومينو، المعروفة، فتبدأ أنظمة دول المنطقة، جميعاً، تنهار، الواحدة بعد الأخرى، تحت تأثير ما بدأ في تونس، فمصر، وانتقل إلى غيرهما. وهو الهلع الذي حدا بلدان الخليج، الملتقية في مجلس التعاون الخليجي، على أن تدرس مدى صلاحية ضم كل من المملكتين، المغربية، والأردنية، إلى هذا المجلس! علماً بأن الهدف من ذلك لم يكن يعكس، على الأرجح، رغبة حصرية، في إنقاذ نظامي البلدين، من انهيار مفاجىء، بل كذلك رغبةً في الاستفادة، ذاتياً، من تجارب أجهزة القمع، في البلدين المذكورين، وقدراتها الميدانية، لحماية دول المجلس المشار إليه، ودويلاته، من الجماهير الشعبية فيها، وما تختزنه من استعدادات كامنة للانخراط في السيرورة الثورية، في المنطقة. ومع أن هذا المنظور لم ينتقل إلى التنفيذ الفعلي، كما كان متوقعاً، على الأقل بصورته الأساسية، المتمثلة بأشكال التجمع، والتوحيد، فقد كان ذلك صورة عن الإمكانات المتاحة، رداً على التطورات المستجدة. ونحن إذ نسترجع هذه الأمور، نعتقد أنه إذا لم تكن لدى تلك العقول الهرمة، والمتجمدة، لدى قادة انظمة بالية، ومتخثرة، لا المصلحة المباشرة، أو المستقبلية، من جهة، ولا القدرة الرؤيوية المبدعة، من جهة أخرى، على إنتاج منطقة عربية مختلفة، تماماً، عن واقعها الراهن، بانقساماته القاتلة، وتجزئته الشالَّة، فإن ذلك إنما ينبغي أن يكون الشغل الشاغل ليسار ثوري لا بد من إنتاجه، أو تطويره، انطلاقاً من أجنَّته الموجودة، بالفعل، في المدى القريب للغاية، والمنظور، بالتأكيد، رداً على تحديات المرحلة الراهنة، وما تفتح عليه من عوالم جديدة، بالغة الغنى، ولكن أيضاً...التعقيد! وهو ما لا يمكن تصوره، على اساس القبول بالواقع المجزَّأ الراهن، بل من ضمن منظورات توحيدية، بآفاقٍ ديمقراطية اشتراكية، لكامل المنطقة، مع ما يتطلبه ذلك من رحابة في الخيال، وتجديد في تصور إمكانات المستقبل!

وهو ما ينطبق، حتماً، على كلٍّ من بلدان منطقتنا، ومن ضمن ذلك الأردن، بصورة خاصة، البلد المحاذي، على امتداد مئات الكيلومترات (٣٦٠ كلم، تحديداً، وهي الحدود الأطول)، للبقعة التي سيتوقف على مصيرها، في السنوات، والعقود القليلة القادمة، على ابعد تقدير، مستقبل المنطقة العربية، بأسرها، ومعها كل البلدان المحيطة بها، والقريبة منها، وربما، على الارجح، مستقبل العالم بأسره... ألا وهي...فلسطين!



ثالثاً: المسألة الوطنية

في كتاب «أسد الأردن، قصة ملك»، للمؤرخ الإسرائيلي، العراقي المولد، آفي شلايم، يَرِد ما يلي:


«يمثل التوقيع على اتفاقية السلام مع إسرائيل، على حد قول الملك حسين نفسه، «تاج إنجازات» حياته السياسية، كما يمثل أيضا قمة جهود الهاشميين في تأمين المملكة وفي أن يصنعوا لأنفسهم دوراً إقليمياً ثابتا، من خلال تسوية الصراع العربي الإسرائيلي. وفي هذا المضمار فإن الملك حسين يعتبر وريثاً حقيقياً لجده الملك عبد الله بن الحسين. كان الملك عبد الله الأول هو الذي بادر عام ١٩٥٠ بتوقيع اتفاقية سلام مع إسرائيل، لكن التسوية الكاملة كانت أبعد مما يستطيعه، وفي العام التالي اغتيل على يد أحد الفلسطينيين. واصل الملك حسين السير على خطى جده، لأنه يؤمن ويشارك جده تصوره للمصالح الحيوية لعائلتهما، ولبلادهما. ومن أهم هذه المصالح حماية المملكة الهاشمية الأردنية، ضد التهديدات الخارجية. وقد تقلصت هذه المصلحة الحيوية، عشية التوقيع على اتفاقية أوسلو، إلى حماية الضفة الشرقية ضد التهديدات، أيا كان مصدرها، سواء كان إسرائيليا أو فلسطينيّاً أو سورياً.»

وعلى خطى الجد - الذي لعب دوراً مؤثراً، في تسهيل قيام الدولة الصهيونية، عبر الاتفاقات السرية التي عقدها، قبل العام ١٩٤٨، مع الوكالة اليهودية، على تقاسم فلسطين، ومن ثم خلال حرب العام المذكور، وما لازمها من خيانات للعديد من القادة العرب، وهو أحدهم، بحيث انتهت بهزيمة ساحقة، لصالح الصهاينة، ووضعت الدولة الوليد، يدها، بنتيجتها، على أكثر من ٨٠٪ من الأرض الفلسطينية – قدَّم الحسين إسهامه الخاص، في تكريس وجود الدولة الغاصبة، على امتداد حكمه، وقد تتوَّج (والتعبير له!) باتفاقية وادي عربة، التي لم تكن لتقلَّ خطورة عن اتفاقية أنور السادات مع الإسرائيليين، اتفاقية كامب دايفيد! مع فرق ليس بسيطاً، هو أن التنازلات، التي قدمها «أسد الأردن» (!!!) - سواء بخصوص الأرض الأردنية الخالصة (في الباقورة والغمر، وغيرهما)، أو بخصوص المياه (التي لم يستعد منها إلا النزر الأقل من اليسير، والذي يصل إلى المواطن الأردني، ملوثاً وغير صالح للشرب، إجمالاً، إلا بعد تكريره، بصورة جذرية)، أو بخصوص الجزء من المملكة، الذي انتزعته منه إسرائيل، في حرب حزيران ١٩٦٧، عنينا الضفة الغربية، من دون قتال، تقريباً– كانت تنازلات مجانية، بامتياز! وهي تنازلات فتحت الباب واسعاً، بعد أشهر معدودات، أمام توقيع منظمة التحرير الفلسطينية، بقيادة الزعيم الفلسطيني الراحل، ياسر عرفات، اتفاقية أوسلو، التي تعكس القدر نفسه من البؤس، ولا نتحرَّج من أن نقول الخيانة، من الناحية الموضوعية، على الأقل!

في كل حال، لن يخلو من الفائدة أن نسترجع ما أوردناه، اعلاه، من كلام للمؤرخ، «اليهودي العراقي»، كما يحلو له أن يصف نفسه، آفي شلايم، الذي اعتبر أن المصلحة الحيوية، لدى والد الملك الحالي، تقلصت، عشية أوسلو، «إلى حماية الضفة الشرقية، ضد التهديدات، أياً كان مصدرها، سواء كان إسرائيلياً، أو فلسطينياً، أو سورياً»، وإن كنا نميل إلى الاعتقاد، شبه جازمين، أن ما يتضح، حتى هذه اللحظة، إنما هو كون القائمين على الأمور، في عمان، تصرفوا، طويلاً، ويتصرفون، كما لو كانت هذه التهديدات تأتي، في الغالب، من مصدر واحد، هو الفلسطيني، ولا سيما أنه لم يكن في تاريخ العائلة الهاشمية، الحاكمة، هناك، على مدى أقل بقليل من مئة عام، ما يجعلنا نرى أنها تحركت، عموماً - في علاقتها بالبقعة التي جرى تسليمها إليها، في ظروف تفتقر إلى الكثير من الشفافية - انطلاقاً من دوافع وطنية، أو قومية، حقاً. لا بل يمتلىء التاريخ المشار إليه بالتآمر على الشعب الفلسطيني، وقضيته، بشتى الأشكال، وبأسوأ الأساليب، وأشدها بؤساً، وانحطاطاً. ذلك أن ما كان يحفز سلوكها، ومواقفها، في معظم الوقت، إنما هو «المصالح الذاتية، العائلية «، على وجه الحصر، ومن ضمن تصور ضيق جداً، وحتى على بعض الغباء، في العديد من الأحيان، كثيراً ما دفع بها في مهاوي التعامل مع العدو، وتقديم خدمات خطيرة له، وذلك بصورة لا تثير الاستهجان، والاشمئزاز، والازدراء، وحسب، بل الرثاء، أيضاً. وإلا كيف نفهم ذلك الحرص الأعمى، على سبيل المثال، لدى العاهل الأردني الراحل، على الهرع، قبل أحد عشر يوماً من حرب تشرين ١٩٧٣، إلى تل أبيب، مصطحباً رئيس حكومته، زيد الرفاعي، لتنبيه غولدا مئير، رئيسة الحكومة الإسرائيلية، إلى وجود معلومات أكيدة، لديه، حول استعداد سوريا ومصر لشن حرب على إسرائيل، في أوائل تشرين الاول /أكتوبر من ذلك العام؟! وكيف نفسِّر اعترافه، بعد توقيعه معاهدة وادي عربة، الخيانية، وبصورة يخالطها الفخر (!!)، بأنه التقى القادة الصهاينة، مراراً، منذ ستينيات القرن الماضي؟!

هذا ومن المؤكد أن الحوافز نفسها التي وجدناها، سابقاً، في خلفية مواقف الملك الهاشمي، السابق، تبقى صالحة لفهم مواقف خليفته، الحالي، وهي تلعب دوراً أساسياً في توجيه سياسته الفعلية، ليس فقط حيال القضية الفلسطينية، بشكل عام، بل أيضاً حيال الفلسطينيين، كما الأردنيين من اصل فلسطيني، المقيمين داخل الأردن. وهذا ينسحب ليشمل، ايضاً، مواقف شريحة هامة من أنصار الملك عبدالله الثاني، وبطانته، والمؤيدين لرؤيته الإجمالية لواقع الأردن، الراهن، كما لمستقبله، القريب والبعيد، ولا سيما في صفوف جزء هام من الإنتليجنسيا المحلية، وبعضُها، وهو ليس بقليل، محسوبٌ على اليسار، أو أنه، هو بالضبط، يزعم انتسابه إلى هذا اليسار.

هذه المواقف تفسِّر، بالتأكيد، (ولكن تعزز، أيضاً)، الوضع المثير للقلق لملايين عدة- يشكلون غالبية واضحة - ممن لا يدخلون في تصانيف الشريحة المشار إليها، القائمة على مفهوم الهوية، والتي تعتمد، في النظر إلى سكان البلد، تمييزاً صارخاً بين الشرق أردنيين الاصليين، من جهة، وباقي المقيمين على الارض الاردنية، من جهة اخرى. وهو أمر إذا كان يجد جذوره في التغيرات التي طرأت على موازين القوى الداخلية، منذ مجازر أيلول ١٩٧٠، ومن ثم استكمال تصفية المقاومة الفلسطينية، بعد ذلك، في ربيع ١٩٧١ وأوائل صيف ذلك العام، عبر مجازر جرش وعجلون، فلقد تفاقمت مظاهره، اكثر فأكثر، بعد إعلان فك الارتباط بين الاردن والضفة الغربية، في العام ١٩٨٨، وبوجه أخص، في السنوات العشر الاخيرة. وهو يجد تعبيراته في وقائع ومظاهر عديدة، من بين اهمها الإقصاء والتهميش الذي يطول فلسطينيي البلد، على المستويين السياسي، والإداري، ولا سيما في مواقع الإدارة العليا، والجيش، وحتى على صعيد المقاعد في المجلس النيابي، التي لا تتناسب بتاتاً، من حيث العدد، مع حجم الكتلة الشعبية الفلسطينية، على الأرض، بحيث لا تتجاوز نسبة ممثلي هذه الكتلة العشرين بالمئة (وقد كانت هذه هي الحال، أيضاً، في المجلس النيابي الجديد، وربما اقل)، مع أن هذه الكتلة تزيد، في الواقع، على الستين، أو ال65 بالمئة، من إجمالي سكان البلد.

والأخطر من ذلك ان أصواتاً ليست بالقليلة ترتفع، بين الحين والآخر، مطالبة بسحب الجنسية من أعداد واسعة من المواطنين الحاليين، على أساس اصولهم، ويصل ذلك ببعض الرموز الشوفينية البشعة، التي تنسب نفسها إلى يسارٍ اجتماعي ما، الى أن يشمل ذلك، في خطابها المقزز، والمدان، والمرتهن، في أحيان عديدة، بصلاتها المشبوهة بأجهزة المخابرات، اكثر من مليون مواطن، وذلك انطلاقاً من دواعي الاهتمام بالهوية الاردنية، من جهة، ولكن كذلك من مزاعم الحرص على القضية الفلسطينية، واستعادة الفلسطينيين حقهم في وطنهم، وفي العودة إليه، من جهة أخرى! ويمكن أن يطول سرد مظاهر التوجهات العنصرية، التي تتخذ أغطية بريئة، أحياناً، فيما لا تجد، احياناَ أخرى، من وازعٍ يمنعها من أن تكشف عن وجهها الحقيقي، بكامل بشاعته، كما سبق أن ظهر في بيانات الضباط المتقاعدين الكبار، وتصريحاتهم، ومن بينهم رئيس «اللجنة الوطنية للعسكريين المتقاعدين»، الجنرال علي الحباشنة، الذي يبرر مواقفه، على هذا الصعيد، بضرورة التصدي، في رأيه، لل«مشروع الصهيوني القديم – الجديد لتصفية القضية الفلسطينية على حساب الاردن (...)».

في كل حال، إنها مهمة الثوريين الحقيقيين، ولا سيما في صفوف ذلك الجزء من اليسار الاردني، مهما يكن اقلياً، حتى الآن، الذي اتخذ موقفاً سليماً من السيرورة الثورية، في المنطقة العربية، ومن ضمنها سوريا، بوجه اخص – بمقابل من اعتبرناهم، في عنوان هذا المقال، يساراً أشدَّ اهتراءً، أي كل أولئك، في الأحزاب والمنظمات الستالينية والقومية، ممن ناصبوا هذه السيرورة العداء، مفضلين التضامن الفعلي، المفرط في البؤس، والانحطاط، مع الأنظمة الدكتاتورية المجرمة، والمعادية لشعوبها، بذريعة أو بأخرى –، كما في صفوف شبيبةٍ بدأت تعبر عن حضورها، وإن بصورة لا تزال على قدر من التواضع، سواء من حيث العدد، او من حيث المواقف، والرؤى البرنامجية، مثلما حصل خلال هبَّة تشرين، الأخيرة، وما رافقها من شعارات كان بينها إسقاط النظام القائم، وإرساء الجمهورية، إنها مهمتهم - نقول- أن يبلوروا الموقف الأسلم، حيال هذه القضية، ويعملوا لأجل استيفاء شروط وضعه موضع التنفيذ. وهو الموقف، الذي يرسل إلى سلة المهملات كل الدعوات الشوفينية للتمييز بين المواطنين، في الاردن، اياً تكن أصولهم، كما يفضح كل التحركات، وأعمال التعبئة، والنظريات،والافكار، المستندة إلى هاجس الهوية، كظواهر مشبوهة، ومتعارضة، بصورة جذرية، مع مصالح المواطنين، في البلد المعني. أكثر من ذلك، إنها مهمتهم لإشاعة فكرٍ نقيضٍ، بالكامل، وبناء مقومات صلبة لترجمته، على الأرض، ولا سيما على المستوى التنظيمي، والتعبوي، والعملي، الشامل. فكرٍ يتمثل في رفض النتائج التي ترتبت على ارتدادات الهزيمة الحزيرانية المدوِّيَة، التي وُصفت، تجميلاً، بالنكسة، وآثارها، والدعوة، منذ الآن، إلى التضافر بين نضال سكان كلا الضفتين، لأجل رؤية توحيدية ثورية لهما، على أنقاض النظام الملكي الحالي، في شرق الأردن، وما وقَّع عليه من اتفاقات خيانية مع العدو الصهيوني، كما على أنقاض الاحتلال الإسرائيلي، في الجانب الغربي من النهر، من جهة، وسلطة عباس، وشركائه، الرجعية التابعة للاحتلال، بشكل أو بآخر، فضلاً عن سلطة حركة حماس، الرجعية، الظلامية، من جهة أخرى. وبذلك، يكون سكان الأردن الحاليون، بلا استثناء، يضعون أنفسهم، على الطريق الاقصر، والأضمن، في آنٍ معاً، إلى تحررهم، ولا سيما من نظام متحلل، وشديد الاهتراء، وخروجهم إلى حياةٍ مختلفة، هي حياة الكرامة، والحرية، والتضامن الإنساني، فيما تتمكن «الغالبية العظمى من الشعب الفلسطيني، التي تعيش على ضفتي نهر الأردن - والتي تشكل أكثرية السكان في الاردن ذاته – من فك الطوق الذي يخنقها، وذلك بكسر حلقته الأضعف، الحكم الملكي الاردني، وتحويل الاردن، من جديد، إلى ذلك المركز الإقليمي للنضال المضاد للصهيونية والإمبريالية، الذي شكلته بين عامي ١٩٦٧ و١٩٧٠»، 1 مع إضافة نوعية، هذه المرة، تتمثل بوعي سلبيات تلك المرحلة، ونقاط ضعفها، والعمل الدائب على تجاوزها، في اتجاه ثوري، حقاً، وسواء على صعيد البرنامج، أو على مستوى القيادة، وبالتالي ضمن أفق أكثر اتساعاً بكثير، هو أفق الثورة العربية الشاملة.



#كميل_داغر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أحداث كرونشطاط 1921 قمع وحشي أم ضرورة مأسوية؟*
- علمانية شاملة، أم مجرَّد إلغاء للطائفية السياسية؟
- رسالة إلى صديق في المجلس الوطني السوري
- ثورات عربية متمايزة، حتماً، ولكنها ثورات
- الثورة السورية الراهنة وحساب الاحتمالات
- هل تشكل سوريا استثناءً للقاعدة العربية؟
- المارد الشعبي المصري يخرج من القمقم: انها تباشير الثورة العر ...
- تونس: اليسار والحفاظ على مكتسبات الثورة
- كميل داغر في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: الإصلاح أم ...
- من أجل يسار عربيّ ثوري جديد
- عكار: الصعود المتجدّد للصراع الطبقيّ
- حقوق فلسطينيي لبنان وخرافة التوطين
- ألّهنا الطبيعة... ثم أكلناها!: مرامل كفور العَرْبي نموذجاً
- عن راهنية الثورة وأمور أخرى: رسالة تصحيح إلى فواز طرابلسي
- لأجل -ديمقراطية لبنانية- غير مشوّهة
- لا حل للقضية الفلسطينية إلا بتفكيك الدولة الصهيونية(*)
- الأممية الرابعة: من تروتسكي مؤسسا إلى الآن (المقدمة العربية ...
- بيان وزاري لحكومة وطنية غير موجودة
- رسالة من مواطن يساري إلى الأمين العام لحزب الله
- لأجل أن يتحقق الحلم حلم الشهداء الشيوعيين


المزيد.....




- نيويورك.. الناجون من حصار لينينغراد يدينون توجه واشنطن لإحيا ...
- محتجون في كينيا يدعون لاتخاذ إجراءات بشأن تغير المناخ
- التنظيمات الليبراليةَّ على ضوء موقفها من تعديل مدونة الأسرة ...
- غايات الدولة في تعديل مدونة الاسرة بالمغرب
- الرفيق حنا غريب الأمين العام للحزب الشيوعي اللبناني في حوار ...
- يونس سراج ضيف برنامج “شباب في الواجهة” – حلقة 16 أبريل 2024 ...
- مسيرة وطنية للمتصرفين، صباح السبت 20 أبريل 2024 انطلاقا من ب ...
- فاتح ماي 2024 تحت شعار: “تحصين المكتسبات والحقوق والتصدي للم ...
- بلاغ الجبهة المغربية لدعم فلسطين ومناهضة التطبيع إثر اجتماع ...
- صدور أسبوعية المناضل-ة عدد 18 أبريل 2024


المزيد.....

- مساهمة في تقييم التجربة الاشتراكية السوفياتية (حوصلة كتاب صا ... / جيلاني الهمامي
- كراسات شيوعية:الفاشية منذ النشأة إلى تأسيس النظام (الذراع ال ... / عبدالرؤوف بطيخ
- lمواجهة الشيوعيّين الحقيقيّين عالميّا الإنقلاب التحريفي و إع ... / شادي الشماوي
- حول الجوهري والثانوي في دراسة الدين / مالك ابوعليا
- بيان الأممية الشيوعية الثورية / التيار الماركسي الأممي
- بمناسبة الذكرى المئوية لوفاة ف. آي. لينين (النص كاملا) / مرتضى العبيدي
- من خيمة النزوح ، حديث حول مفهوم الأخلاق وتطوره الفلسفي والتا ... / غازي الصوراني
- لينين، الشيوعية وتحرر النساء / ماري فريدريكسن
- تحديد اضطهادي: النيوليبرالية ومطالب الضحية / تشي-تشي شي
- مقالات بوب أفاكيان 2022 – الجزء الأوّل من كتاب : مقالات بوب ... / شادي الشماوي


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - كميل داغر - المأزق الأردني: أزمة خانقة لنظام مهترئ، وليسار أشد اهتراءً