أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نادية بنمسعود - قصة قصيرة














المزيد.....

قصة قصيرة


نادية بنمسعود

الحوار المتمدن-العدد: 4042 - 2013 / 3 / 25 - 10:01
المحور: الادب والفن
    


كانت تعبر الأمكنة
امن أنك ستنسى أكثر مما تتمنى-ألفريد دي موسيه-
نظرت إلى ساعتي.. كانت تشير إلى الثامنة والنصف بالضبط.. لقد مر الوقت بسرعة.. رأيت ان الأمر يفرض علي مغادرة القاعة في اتجاه البيت احتراما لما تفرضه علينا الأصول داخل القصر الكبير. قبل ذلك كنت قد استمتعت بلقاء أدبي احتفاء بأحد أعمدة الأدب داخل المدينة.
وضعت مذكرتي داخل حقيبتي اليدوية ،وودعت الأصدقاء وأنا أحث الخطى في اتجاه البيت . الشارع شبه خال من عباد الله .. والبرد يعصف بكل الأشياء .. مخلفات الباعة من ورق الكارتون والأكياس البلاستيكية , الأشجار العالية , ملابس العشاق , وجوه البؤساء والمحرومين.
وضعت يداي داخل جيوب معطفي علني أحس ببعض الدفئ وأتممت الخطى.......
إنها هناك , كما رأيتها لأول مرة عند باب الوكالة العمومية التي كنت أشتغل بها منذ سنوات.. ظهر مقوس مثل الأحلام الحزينة التي عادة ما تصيب العمر كلما أصبح مترهلا .. وجه شاحب وكئيب بعدما نهل منه المرض ..ملابسها وردية اللون وشاحبة .. فكرت أنها نفسها التي كانت ترتديها وهي في الطريق إلى المشفى قصد الوضع .
بضحكة براءة خجولة تقدمت كريمة نحوي .. كانت تعلم أنني غاضبة منها بسبب هول وحجم الخطيئة التي ترتكبها كل عام , خطيئة لاتنتج سوى الأطفال الأبرياء .. مصيرهم الوحيد ..التخلي عنهم عند أول صرخة لهم وهم يستقبلون هذا العالم ..
ذنبهم الوحيد أنهم ولدوا من رحم أمهات حمقوات , متسولات , متسعكات , أمهات لم يستمتعن بمنظر بطونهن وهي تكبر الشهر تلو الشهر , أمهات لم يتلذذن بإحساس الأمومة وهن يرون أن أطفالهن يكبرون داخل أحشائهن .. أمهات خانتهن الأقدار فحطت عليهم رجولة الغدر فكانت النتيجة كارثية.
وبعد أن تبادلنا ابتسامة عابرة .. أكملت الخطى.. كانت الرياح تزداد هبوبا وهي تعصف بكل هذا الألم الذي ولدته لدي هذه المرأة.
عند وصولي شارع مولاي علي بوغالب.. تملكني الخوف.. لا أخفي أني كنت وحيدة.. لا سيارت و لا دراجات .. المهم لا أحد سواي.. إلا بضعة أشجار ذابلة وصوت رضى الطفولي .. وهو يفرك يديه الصغيرتين مع بعضهما البعض طلبا لحنو مفتقد . سرواله القصير وقميصه الصوفي مع حذائه البلاستيكي كان دليل إحساس جسمه النحيل بلفحات البرد التي كانت تعبر الأمكنة .
طلبه ليس غريبا عني .. كل يوم أسمعه وأنا أمر بشوارع هذه المدينة , قطعة خبز أو بعض الدراهم أو الشكولاته التي توجد في جيبي ......
تذكرت كلمات الشعراء والمثقفين ورؤساء الجمعيات الاجتماعية وهم يتحدثون عن البؤس والبؤساء.. فتساءلت عن نصيب أطفال مدينتي مما يتحدثون عنه..
في كل ليلة.. بعد قضاء اليوم في التسول والنشل .. تحتضنهم زوايا دروب المدينة ..نفقها ملاذ هؤلاء المهمشين الذين يتخذون منه كل ليلة بيتا للنوم ونسيان لحظات الحنظل التي يعيشونها كل يوم.
داخل هذا النفق كان رضى يقضي ليله مفترشا الكرطون ومغطى بكيس خيش .. ينتظر طلوع فجر يوم جديد.. لاجديد فيه غير تصاعد نسبة القهر والذل
وككل صباح يتجه إلى مقهى لغزاوي يسأل عن الندوات والوقفات الاحتجاجية وموكب العروس ....فالبنسبة له مثل هذه المحطات تسمح له ببيع جزء لابأس به من علب "كلينيكس" و العلك واستعطاف البعض لمنحه بعض الدراهم.
وعند كل مساء تحط عينياه على عيني أمه كريمة وهي تتسكع بين المقاهي و تبتسم بمرارة للرجال الجالسين عسى تحرك مكبوتاتهم فيمنحونها بعضا من الدراهم.
هكذا يزداد إحساسه بالذل نخورا في نفسه الصغيرة .. فلايجد غير الكولا.. حلا لنسيان
وهكذا نمضي ....شعارات واهية ..... نصوص زائفة........لغة سفسطائية ....ومشاعر مزيفة.........
لاحب.. لاحلم .. لاتسامح.. لاسلام....
فقط الكثير من القهر.........



#نادية_بنمسعود (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الدكتوراه في البلاغة وتحليل الخطاب للباحث مصطفى الغرافي


المزيد.....




- فادي جودة شاعر فلسطيني أمريكي يفوز بجائزة جاكسون الشعرية لهذ ...
- انتهى قبل أن يبدأ.. كوينتن تارانتينو يتخلى عن فيلم -الناقد ا ...
- صورة فلسطينية تحتضن جثمان قريبتها في غزة تفوز بجائزة -مؤسسة ...
- الجزيرة للدراسات يخصص تقريره السنوي لرصد وتحليل تداعيات -طوف ...
- حصريا.. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 المبارك وجميع القنوات ال ...
- الجامعة الأمريكية بالقاهرة تطلق مهرجانها الثقافي الأول
- الأسبوع المقبل.. الجامعة العربية تستضيف الجلسة الافتتاحية لم ...
- الأربعاء الأحمر -عودة الروح وبث الحياة
- أرقامًا قياسية.. فيلم شباب البومب يحقق أقوى إفتتاحية لـ فيلم ...
- -جوابي متوقع-.. -المنتدى- يسأل جمال سليمان رأيه في اللهجة ال ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نادية بنمسعود - قصة قصيرة