فاطمة زين العابدين
الحوار المتمدن-العدد: 4040 - 2013 / 3 / 23 - 16:34
المحور:
الادب والفن
نظر الحاج (أحمد ) الى القصر الجديد فوجده خاليا من المشاعر ورائحة الطلاء تقتل روح الألفة والمودة , شعر بغربة قاتلة و ضيق في نفسه على الرغم من أنه أوسع
من بيته القديم في الحي الشعبي الفقير ,فبعد أن وقع مال كبير بين يدي نجله الكبير و لا أحد يسأل من أين وكيف له ذلك !!؟؟أصر أن لا يعيشوا في تلك الحارة الشعبية بمياهها الآسنة و ضجيجها الدائم وأزقتها الضيقة ...... فأشترى قصرا فخما في أحدى الحارات الحديثة في المدينة لكي تليق بمكانته الجديدة بعد ان أجبر والده على بيع دكانه الذي كان يعتاش منه ,و أستطاع بفضله أن يربي أولاده بكرامة وكان من المفترض أن يجد الحاج الراحة والسرور في القصر الجديد بجدرانه المنقوشة وسقوفه المزركشة بالفسيفساء وممراته المملؤة بكل وسائل الراحة وحدائقه الغناء.....الا أن كل ذلك لم يستهويه وكان دائم الانين والحسرات والشكوى والملل.
أن الحاج رغم فقره لم يكن نكرة من نكرات حارته القديمة , بل كان الجميع يحبوه ويحترموه .
و بعد أنتقاله للحي الجديد كان يرتاد مقهى الحارة يوميا و يستمتع بالاحاديث والاخبار المتداولة فيها . حيث كان المقهى بمثابة الرئة التي يتنفس بها ولم يكن القصر المسحور بكل أثاثه الفخم وخدمه يعني له شيئا وكانت زياراته لمقهى الحارة بلسما لجراحه العميقة وسلوانا له في وحدته
و لكن ما لم يكن بالحسبان ان تستملك البلدية الحارة القديمة باكملها بما فيها المقهى لتحولها الى شارع رئيسي كبير يليق أيضا بالمدينة الحديثة التي بدأت تكبر وتتطور ..............و ظل الحاج بعد ذلك قعيد البيت فعجل ذلك من شيخوخته وتحول الى شيخ يضج بالانين والشكوى بسبب أو بدون سبب فأتفق أولاده على نقله الى احدى الغرف المنزوية في الطابق العلوي ليكونوا بعيدين عن تذمره وشكواه الدائم ...لقد أقتلع أولاده جذوره وكملت البلدية بأقتلاع المتبقي من جذوره ليتحول الى جسد من غير روح
#فاطمة_زين_العابدين (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟