عقلي ملكي ليس ملك أحد

سيماء المزوغي

الحوار المتمدن-العدد: 4039 - 2013 / 3 / 22 - 18:38
المحور: حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
    

جسدك وطنك، أزيحي هذا المعطف الشفاف عنه وقولي جسدي ملكي ليس ملك أحد، دعيهم يرون كامل تفاصيل جسدك، دعيهم يقرؤون لغته ويتفاعلون مع عروضه ويعربون نحوه ويعددون صرفه..
اجعلي من جسدك كأسا حلوا أو علقما، أثقبيه بالأقراط والمسامير في أي مكان تشائين، زركشيه بكل أنواع الوشم، أمهلي أظافرك لتحدّ أكثر حتى تصبح مخالب لا ترحم، اعتني بأنيابك كي تثقب جسد الفريسة ثقبا.
شعرك: قصّريه أو أطيليه، فكما يكون عشبا يكون حبلا حول رقبتك..
جعلت من جسدك بركانا نائما هائجا.. وماذا بعد؟ كلنّا نملك أجسادا متشابهة، خصوصا في تلك الأماكن المحرمة على الغرباء.
سيّدتي ماذا لو قلت: عقلي ملكي ليس ملك أحد فمن الطبيعي أن يكون جسدك ملكك، أما عقلك فيمكن أن يُستعمر ويفتكّ منك وتستوطنه حشرات ضالّة وأورام سوداء عافاك الله.
لماذا حصرت كيانك وتفكيرك في جسدك؟ حتى القطط تملك أجسادا، بل تملك ثمانية أثُد بكامل تفاصيلها..
سيّدتي جسدي أنا، ملكي أنا وملك الرجل الذي أحبّ وهذا أمر حميمي..
روحي أنا، ملكي أنا إلى أجل غير مسمّى وعندما ترحل ستأخذ معها جسدي الضعيف إلى بطون الديدان الحقيرة، أما الذي لا يمكن أن تأخذه فعصارة تفكيري وما قدّمته للإنسانية، هل قالت عليسة مثلا جسدي ملكي؟ لا إنما قالت قرطاج ملك شعبي ليست ملكا لأحد غيره. هل قالت جميلة بوحيرد جسدي ملكي عندما كانت أيادي الطغاة تنهل من كرامتها؟ هل قالت دلال المغربي جسدي ملكي عندما فجّر الصهاينة جسدها الزكي؟ هل قالت جدّتي جسدي ملكي عندما كانت تحمل الحطب على ظهرها في الجبال الوعرة؟ هل قالت أمي جسدي ملكي عندما قسم ظهرها وهي من شارع إلى شارع تجمع أوساخنا ومن بيت إلى بيت ترتّب أدباشنا ومن إدارة إلى أخرى تسيّر أمورنا ومن مستشفى إلى آخر تداوي مرضانا.. ومن كلمة إلى أخرى تكتب تاريخنا؟
سيّدتي كل ينظر إلى ما يريد، قديما عندما كنّا نرزح تحت الاستعمار الفرنسي كانت حرائرنا في أرياف تونس وأرياف الجزائر يمرّغن أجسادهنّ في القطران حتى لا يقربهنّ جند المستعمر، لماذا؟ الاحتراق بالقطران ولا العار.
اغفروا لي جهلي وتخلّفي ونظرتي الرجعية للأمور، ولكن ما يقلقني فعلا هو جهلي الدائم، لذلك أسعى لتنوير عقلي قدر المستطاع حتى يقلّ هذا الجهل.
عقلي وطني وجهلي مأساتي ليست مأساة أحد..

#سيماء_المزوغي (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات