أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - ميثم الجنابي - الهوية العراقية ومشروع البديل الوطني (5)















المزيد.....

الهوية العراقية ومشروع البديل الوطني (5)


ميثم الجنابي
(Maythem Al-janabi)


الحوار المتمدن-العدد: 4038 - 2013 / 3 / 21 - 14:02
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


المحاصصة وخلل الهوية الوطنية

إن الصفة الظاهرة والجلية فيما يتعلق بالقوى السياسية العراقية الحالية تقوم في ضعف اغلبها تجاه إشكاليات تأسيس فكرة الدولة الشرعية وفكرة الوطنية العراقية. وفي هذا كان يكمن احد الأسباب الجوهرية القائمة وراء آلية "المحاصصة" كما ظهرت في أول تشكيل "شرعي" لإدارة "مجلس الحكم". وفي هذا كان يكمن أيضا أحد الأسباب الرئيسية لنفسية المؤامرة والمغامرة في نشاط اغلب الحركات السياسية المعاصرة. وهي نفسية ملازمة لضعف تاريخ وتقاليد الشرعية والديمقراطية السياسية. من هنا إنتاجها لبيئة المتسلقين والمتملقين، التي عادة ما ترافقها نفسية المؤقتين، الذين تشكل بالنسبة لهم فكرة "انتهاز" الفرص الأسلوب الوحيد للتعويض عن انعدام أو ضعف الاحتراف. فالعراق ما قبل انهيار الدكتاتورية كان يفتقد للنخبة والاحتراف. بينما هي القوة الوحيد القادرة على اللمعان في سمائه وأرضه في ظروفه الحالية.
وليس اعتباطا أن تكون فكرة ونموذج "مجلس الحكم المؤقت" هي الصيغة الوحيدة الممكنة بالنسبة للنخب السياسية التي تحولت بين ليلة وضحاها من قوة مغتربة ومشردة إلى عمود الصنعة الجديدة للسلطة. وهي حالة تعكس طبيعة وحجم الشذوذ الهائل الذي رافق زمن الدولة، أي افتقادها لتاريخها الذاتي فيما يتعلق ببنية المؤسسات الشرعية وتداول السلطة وتراكم الخبرة والكفاءة الضرورية للسلطة والمعارضة.
فعوضا عن أن يكون مجلس الحكم الانتقالي مرحلة منفية في الوعي السياسي للأحزاب والنخب السياسية، نراه يتحول تدريجيا إلى أسلوب لتأسيس فكرة المؤقت من خلال تفريخ مختلف ظواهر الحزبية الضيقة والطائفية والعرقية والجهوية في بنية الدولة ومؤسساتها وأساليب عملها. فعندما نتأمل تاريخ ظهور "مجلس الحكم الانتقالي" وكيفية فعله على الساحة العراقية والعربية والدولية، فإننا نقف من جديد أمام اغلب الإشكاليات الكبرى وبالأخص إشكالية الوعي السياسي الوطني والاجتماعي للأحزاب في مواجهة المصير المأساوي الذي تعرض له. ولعل أهم عوارض ومظاهر هذه الإشكالية تقوم في سيادة نفسية وذهنية المؤقت المشار إليها أعلاه. من هنا تعمق واتساع مدى الانحسار الفعلي لهذه القوى عندما ننظر إليه بمعايير الرؤية المستقبلية والعقلانية. وهو انحسار جلي في تناقض ادعائها الأيديولوجي تمثيل "الشعب العراقي" وتعارضه شبه التام مع سلوكها العملي في كل شيء! وهو تعارض يستعيد في الكثير من عناصره الخطر الكامن بالنسبة لتدمير الشخصية الوطنية، واقصد بذلك إمكانية انتقال الأطراف إلى المركز، وصعود الهامشية إلى هرم السلطة، واستحواذ الأقلية على مقاليد الأمور. فهي الظاهرة التي تفسد في نهاية المطاف الجميع وتجعل من الدولة والمجتمع ضحية حماقات يصعب تفسيرها بمعايير المنطق والأخلاق! وهي نتيجة تعادل من حيث رمزيتها فعل الأعاصير والزلازل والجراد. بمعنى إننا نرى صورة الجحيم دون إدراك مغزى العقاب فيه!
وعندما نتأمل تجربة السنوات الأربع ما بعد الصدامية، فإننا نقف أمام ضعف الإدراك السياسي والتاريخي لماهية الوطنية العراقية وحقيقتها من جانب القوى والأحزاب السياسية المكونة "لمجلس الحكم الانتقالي". من هنا انتشار وتوسع وترسخ الحزبية والعرقية والقومية الضيقة والجهوية والطائفية في كل ما تقوله وتفعله. وهو سلوك يعبر عن انغماسها العميق في بقايا ومكونات البنية التقليدية. مما يعني بدوره، أنها لم تستفد شيئا من تجربة القرن العشرين، وأنها مازالت من حيث الجوهر خارج إدراك حقائق التاريخ العراقي ومعاناته الفعلية. وهو الأمر الذي حدد مفارقة تعامل "مجلس الحكم الانتقالي" مع حالة الانتقال أو المؤقت في وجوده السياسي. أما "الاتفاق" السياسي حول ضرورة إلغائه فقد كان تعبيرا معقولا عن إدراك قيمة المؤقت والعابر فيه. بعبارة أخرى، إننا نقف أمام ظاهرة تقول، بان ظهوره وزواله يمتلكان نفس القيمة "التاريخية". وهي قيمة زهيدة للغاية. والمأثرة الايجابية الوحيدة الممكنة التي يمكن الحديث حولها بهذا الصدد كانت مرهونة في حال تحولها إلى فعل سياسي عقلاني يؤسس لقيام الدولة الشرعية والنظام الديمقراطي. وفي هذا التأسيس فقط كان يمكن "لمجلس الحكم الانتقالي" أن يحتل موقعه التاريخي في حياة الدولة والمجتمع بوصفه الحلقة الضرورية (والأضعف أيضا) في إرساء أسس وقواعد الانتقال السلمي والحقوقي للسلطة. وبالتالي التأسيس لإمكانية إعادة إرساء أسس الوحدة الوطنية. غير أن ما جرى هو إلغاء "مجلس الحكم المؤقت" وبقاء نفسية وذهنية المؤقت!! بينما الجوهري بالنسبة لإلغاء فكرة المؤقت لا تقوم في "حل النفس"، بقدر ما تقوم في تأسيس وإرساء أسس الثبات الديناميكي في بنية الدولة والنظام السياسي والحياة الاجتماعية. وهو فعل لم يكن مميزا للقوى السياسية التي شكلت عناصر "مجلس الحكم الانتقالي". وهي عناصر مختلفة جدا، إلا أن ما يوحدها بهذا الصدد هو نفسية وذهنية المؤقت. فعندما نتأمل"المأثرة التاريخية" لمجلس الحكم الانتقالي، فإنها لا تتعدى في الواقع أكثر من محاولة إرساء أسس المؤقت من خلال ترسيخ وتأسيس فكرة المساومة الحزبية الضيقة والإلغاء التدريجي لفكرة القانون والشرعية والمضمون الاجتماعي المتنور بمعايير المصالح الوطنية العليا.
طبعا إن ذلك لم يكن معزولا عن النقص الفعلي المرتبط "باستحقاقات" ظهوره واستلامه السلطة. إلا انه واقع لا يفسر كل حيثيات الظاهرة. وذلك لان "مجلس الحكم الانتقالي" كان يعاني من ضعف بنيوي يبرز في التعامل مع النفس ومع الإشكاليات الكبرى التي واجهت وما تزال تواجه العراق وبالأخص ما يتعلق منها ببناء الدولة الشرعية والمجتمع المدني، بوصفها أساس الفكرة الوطنية السليمة. وهو الأمر الذي وضعه من الناحية التاريخية أمام مفترق طرق، أما السير صوب تحقيق فكرة الدولة الشرعية والنظام الديمقراطي وإما السقوط في هاوية الانقراض السياسي. وذلك لان معاداة ومحاربة الدكتاتورية الصدامية بحد ذاته هو ليس ضمانة لترسيخ أسس الديمقراطية، كما أنها لا تحتوي بالضرورة على إدراك لقيمة الدولة والشرعية والمجتمع المدني. وهو واقع كان يمكن رؤيته بوضوح على مثال تنامي ضعف الحس السياسي الديمقراطي، وتنامي ضعف الشفافية في المناقشة والقرارات، والانزواء المتزايد صوب "الاتفاقات" الحزبية الضيقة والجزئية، وتعاظم ميوعة الخطاب السياسي والاجتماعي والوطني وعدم وضوحه واقتضابه المزيف وانعدام المسئولية أحيانا فيه. وهي ظواهر لها أسباب عديدة منها ما يتعلق بضعف التجربة السياسية العلنية وتقاليدها الديمقراطية والكفاءة الشخصية والنزعة الأبوية والوراثية الناتئة أحيانا عند أغلبية الأحزاب والحركات السياسية المكونة للمجلس، إلا أنها لا تبرر ما أسميته بالنقص البنيوي فيه.
فمن المعلوم، أن العراق لم يعرف في تاريخه الحديث والمعاصر فكرة ونموذج الحكم الثابت. فقد كان تاريخه منذ عشرينيات القرن العشرين سلسلة من "الانقلابات" الحادة التي جعلت منه ميدانا لمختلف التجارب الراديكالية، التي تتوجت بصعود التوتاليتارية البعثية والدكتاتورية الصدامية. وفيهما تجسدت بصورة "فاضحة" فكرة ونموذج "المؤقت" في كل شيء. بحيث تحول "المؤقت" فيه إلى ثبات دائم. وفي هذا تكمن إحدى السمات الجوهرية للخراب السياسي والاجتماعي الذي تعرض له المجتمع والدولة. إذ لا يعني "المؤقت" هنا سوى طابعه العابر والزهيد. وهو الأمر الذي كان يسحق بصورة متتالية فكرة التراكم، بوصفها جوهر التقدم والتطور العقلاني والعملي للدولة والمجتمع. إذ لا يعني "الدستور المؤقت" و"القانون المؤقت" سوى الصيغة الأكثر تدميرا للدستور والقانون. وذلك لأنه تصور يوهم بوجودهما، لكنه يمتهن حقيقتهما من خلال تحوليهما إلى "لا شيء". ويتحول "التجريب" الخارج على القانون إلى أسلوب وجود الأشياء. وهي ممارسة تؤدي بالضرورة إلى الخروج على كل قانون. مما جعل من العنف والإكراه أسلوبا لتصنيع وهم الثبات الدائم. لأنه الشيء المفقود فعلا في بنية الدولة والمجتمع. ولعل تجربة "ثبات" الدكتاتورية الصدامية هو أحد النماذج "الكلاسيكية" بهذا الصدد. فقد تحولت بين ليلة وضحاها إلى "هباء منثور". وتحول كل أشخاصها وأصنامها ومرجعياتها إلى "لا شيء"! وهي نتيجة تبرهن على أن امتهان الحقوق والدستور والشرعية وتحويلهما إلى "لا شيء" يؤدي بالضرورة إلى نخر الأرضية التي تستند إليها السلطة والدولة والوحدة الوطنية. وفي هذا يكمن أحد الدروس التاريخية والسياسية والاجتماعية الكبرى لفكرة الثابت والمؤقت في السلطة والدولة والأمة.
إن انعدام الثبات الحقيقي في الدولة العراقية وتاريخها المعاصر يقوم في عدم استنادها إلى أرضية الحق الدائم والدستور الدائم. فهو الأساس الوحيد القادر على أن يضفي على تغير السلطة وتبدل أشخاصها قوة إضافية بالنسبة لترسيخ تقاليد الحق والشرعية وتراكم قوتها الذاتية في كافة الميادين. وفي حال النظر إلى واقع العراق بعد سقوط الدكتاتورية، فإننا نقف أمام نفس الضعف الفعلي المميز لنفسية وذهنية “الانتقال"، أي المؤقت. طبعا أن لهذه الحالة مقدماتها القائمة في انعدام مؤسسات الدولة في المرحلة الدكتاتورية، إذ لم توجد دولة بالمعنى الدقيق للكلمة. أما "الجمهورية الثالثة" فقد كانت دولة بدون مؤسسات شرعية، أي مجرد جغرافية متهرئة لسلطة خشنة. وهو الأمر الذي يفسر سيادة "العابر" فيها. فقد كان كل ما فيها انتقالي بالمعنى السياسي والاجتماعي والأخلاقي. من هنا انعدام إمكانية التراكم، وبالتالي تأسيس التقاليد الضرورية للدولة العصرية.
وضمن هذا السياق يمكن فهم مقدمات ومحددات ظهور وعمل "مجلس الحكم الانتقالي" والتشكيلات الحكومية المؤقتة اللاحقة حتى الآن 2007. فهي كيانات عابرة وجزئية لا توليف فيها لغير الترقيع الضروري الناتج عن كيفية ظهورها للوجود بوصفها "قوى مساومة" لا غير. وفي هذا فقط تكمن قيمتها السياسية. بمعنى أنها تمثل للمرة الأولى في تاريخ العراق المعاصر صيغة سياسية معقولة للمساومة، رغم أنها جرت في ظروف حرجة وبضغط قوى خارجية، أي لم تكن نتاجا تلقائيا للإدراك السياسي من جانب قواها المكونة. لكنها استطاعت للمرة الأولى في تاريخ العراق الحديث من جمع اغلب القوى السياسية تحت مظلة تقر بجودها المؤقت في السلطة، وان ما تعمل ضمنه هو مجرد كيان عابر وكينونة انتقالية إلى أن يجري نقله إلى الوضع الدستوري الدائم. ذلك يعني إقرارها السياسي بضرورة الحصول على صيغة شرعية لحق "الثبات" في الحكم، وان هذا الثبات مقرون وملازم لثبات الدستور والقانون.
إننا نعثر في هذه الحالة على قيمة تاريخية مهمة بالنسبة لتطور الوعي السياسي والحركات والأحزاب السياسية. إلا أن قيمة هذا الإدراك مازالت ترتبط بمدى استعداد القوى السياسية الحالية على تجسيد ماهية ومدى ووظيفة "الانتقال" المرهونة حاليا بها. لاسيما وان خصوصية هذه المرحلة الانتقالية تقوم في كونها الصيغة السياسية المعبرة عن النقص الجوهري في تاريخ ومسار الدولة العراقية الحديثة وكيفية سقوط "الجمهورية الثالثة". وهو الامتحان التاريخي العسير أمام الحركات والأحزاب السياسية الكبرى الفاعلة في ظروف العراق الحالية. وذلك لان السؤال الجوهري القائم أمامها يقوم فيما إذا كانت هي قادرة فعلا على نقل العراق من واقع التجزئة إلى رحاب الوحدة، أم أنها تعمل "بمنطق" ونفسية التجزئة، أي هل أن "الانتقالي" بالنسبة لها ينبغي أن يتطابق مع فكرة الانتقال من مستنقع التجزئة والخراب إلى عالم الوحدة والبناء، أم أنها ستعيد إنتاج حالة المؤقت بوصفها حالة الثبات الوحيد؟! وهو امتحان اقرب ما يكون إلى إشكالية الفكرة السياسية والأحزاب السياسية والفكرة الوطنية. وذلك لان حصيلة المعطيات العامة والخاصة لسلوك الأحزاب السائدة حاليا ونمط تفكيرها يقوم في سيادة نفسية المؤقت. وهي أتعس أنواع النفس وأكثرها رذيلة. إذ حالما تتغلغل في الوعي السياسي فإنها تصنع وعيا عادة ما يتسم بالنهب والالتهام السريع ومختلف أنواع المغامرة والمؤامرة.
وهي نتيجة يمكن رؤية "مآثرها" الأولى في الصراع من اجل رسم مواد "قانون إدارة الدولة" للمرحلة الانتقالية، واستمرارها اللاحق في المواجهة الخفية والعلنية حول "الدستور الدائم". وهو سلوك كان محكوما بنفسية وذهنية المؤقت، بمعنى الحصول على اكبر قدر ممكن من "الانجازات". وهي انجازات محكومة بدورها بالرؤية الحزبية الضيقة، بمعنى خلوها الفعلي من هواجس أو غاية الفكرة الوطنية العامة. وهو سلوك يشير إلى طبيعة الانعزال والانغلاق الذاتي للقوى والأحزاب السياسية. من هنا تماسك الأحزاب السياسية على ذاتها وانغلاقها بمعايير الوحدة الوطنية. وهو تماسك لا يتصف بالفضيلة، لأنه مبني على رذيلة الخوف، ومن ثم نفسية العبودية الهلعة أمام مواجهة التحديات الكبرى. وهي صفات عادة ما تميز الرخويات السياسية، التي برزت بوضوح للمرة الأولى في السلوك العملي للقوى السياسية المكونة آنذاك لمجلس الحكم الانتقالي في كيفية وأسلوب إعدادها وموافقتها على "قانون إدارة الدولة المؤقت". وهو أسلوب يتسم بالعداء للديمقراطية والتخوف منها من جهة، وسيادة ذهنية التجزئة ونفسية الغنيمة من جهة أخرى. فحتى خلافاتها الخفية والمعلنة لم تتصف بالمبدئية. وفي حصيلته الباطنية يمكن القول، بان أسلوب الاتفاق والاختلاف على "قانون إدارة الدولة" بين القوى السياسية لم يكن محكوما بفكرة الوطنية العامة وفكرة تأسيس الرؤية الشرعية والمصالح العليا للمجتمع، بل "بإنزال" ما تراه مناسبا لنفسها. وهي نفسية مميزة للقوى المؤقتة. بعبارة أخرى، إننا نرى في حصيلة التنازلات والمساومات والاعتراضات حول مواد "قانون إدارة الدولة" الملامح الأولية لسحق براعم الفكرة الشرعية للدولة وقواعد اللعبة الديمقراطية وأولوية المجتمع المدني في النشاط العملي للأحزاب السياسية. مع ما يترتب عليه من انهماك في تجزئة الفكرة الوطنية. كما أنها ممارسات تعكس نمو وازدياد نفسية التنازلات والمساومات الضيقة، بمعنى الانحدار من القومية الضيقة إلى العرقية، ومن الجهوية إلى الطائفية، وتصاعد نفسية المؤامرات والمغامرات في "الاتفاقات" و"الجبهات". مع ما كان يرافقه من شبه انعدام للمحاسبة الذاتية والمكاشفة العلنية أمام المجتمع، وغياب النقد العلني والصريح، وترقيع كل شيء تحت حجاب "الوحدة"، وخلط القيم والمفاهيم والمبادئ دون منهجية واضحة عن حد وحقيقة الوطنية العراقية.
وقد أدى ذلك بدوره إلى محاولات ترسيخ فكرة وأسلوب ومبدأ "المحاصصة"، بمعنى الخروج على فكرة الديمقراطية واستحقاقها السياسي، بوصفه الأسلوب الوحيد للقضاء على نفسية وذهنية المؤقت. وذلك لان الهاجس الفعال عند القوى السياسية المكونة آنذاك لمجلس الحكم الانتقالي لم يكن محكوما بالرغبة الصادقة في بناء الدولة الشرعية والنظام الديمقراطي والمجتمع المدني، بل للحصة الممكنة في النظام المقبل. وهي حصص وهمية تكشف عن عدم نضج الوعي السياسي الوطني والدولتي والاجتماعي. وهو ضعف كانت تتقاسمه كل القوى المكونة لمجلس الحكم الانتقالي دون استثناء. مما يعني أنهم جميعا كانوا يشاركون بوعي أو بدون وعي في نفسية المؤقت ومحاولة جعلها مبدأ سياسيا يحكم سلوك الدولة. وهي نفسية وجدت تعبيرها النموذجي في التحضير والإعداد لكتابة الدستور الدائم وأسلوب ونوعية تأييده ومعارضته.
***



#ميثم_الجنابي (هاشتاغ)       Maythem_Al-janabi#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الهوية العراقية ومشروع البديل الوطني (4)
- الهوية العراقية ومشروع البديل الوطني (3)
- الهوية العراقية ومشروع البديل الوطني (2)
- الهوية العراقية ومشروع البديل الوطني (1)
- في نقد الراديكالية السياسية العربية (6)
- في نقد الراديكالية السياسية العربية (5)
- في نقد الراديكالية السياسية العربية (4)
- في نقد الراديكالية السياسية العربية (3)
- في نقد الراديكالية السياسية العربية (2)
- في نقد الراديكالية السياسية العربية (1)
- التصنيف العقلي والثقافي للفلسفة والأديان عند الشهرستاني
- الفلسفة والكلام الإسلامي في منهج الشهرستاني
- الفلسفة وموقعها في المنهج التصنيفي والبحثي للشهرستاني
- المنهج النقدي والتدقيق العلمي للفكرة الفلسفية عند الشهرستاني
- -الحقيقة العقائدية- وقلق البحث عن اليقين في الموسوعات الإسلا ...
- -الحقيقة العقائدية- وقلق البحث عن اليقين في الموسوعات الإسلا ...
- الشهرستاني ومنهج تأسيس أهمية العلم الفلسفي (2-2)
- الشهرستاني ومنهج تأسيس أهمية العلم الفلسفي (1-2)
- المصير التاريخي لثورة الربيع العربي- (20) (المقال الأخير)
- المصير التاريخي لثورة الربيع العربي- (19)


المزيد.....




- أحدها ملطخ بدماء.. خيول عسكرية تعدو طليقة بدون فرسان في وسط ...
- -أمل جديد- لعلاج آثار التعرض للصدمات النفسية في الصغر
- شويغو يزور قاعدة فضائية ويعلن عزم موسكو إجراء 3 عمليات إطلاق ...
- الولايات المتحدة تدعو العراق إلى حماية القوات الأمريكية بعد ...
- ملك مصر السابق يعود لقصره في الإسكندرية!
- إعلام عبري: استقالة هاليفا قد تؤدي إلى استقالة رئيس الأركان ...
- السفير الروسي لدى واشنطن: الولايات المتحدة تبارك السرقة وتدو ...
- دعم عسكري أمريكي لأوكرانيا وإسرائيل.. تأجيج للحروب في العالم ...
- لم شمل 33 طفلا مع عائلاتهم في روسيا وأوكرانيا بوساطة قطرية
- الجيش الإسرائيلي ينشر مقطع فيديو يوثق غارات عنيفة على جنوب ل ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - ميثم الجنابي - الهوية العراقية ومشروع البديل الوطني (5)