أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - نزار الراوي - في معنى الوطن وسمفونية المعترضين والأنبار... والنغم النشاز















المزيد.....

في معنى الوطن وسمفونية المعترضين والأنبار... والنغم النشاز


نزار الراوي
ناقد ونشاط مدني

(Mr.nizar Al Rawi)


الحوار المتمدن-العدد: 4038 - 2013 / 3 / 21 - 13:22
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


أولاً لكي أكون واضحاً، أنا على الصعيد العائلي من أوسط أهل الأنبار وعائلتي من خُلص أهلها، وهذا ما شرفتني به المقادير، بيد أني على المستوى الانساني لا أشعر بأن انتماء عائلتي للأنبار يقلل من انتمائي شخصياً الى كل قرى العراق ومدنه، فقد عشت ردحاً في الكحلاء وجبلة وقضيت سنوات في صفوان وفي طوزخورماتو وأحمد أغا، وثلاثة أربعاع عمري كان في بغداد، سكنت حي الآثوريين والسفينة والجامعة والقاهرة والمنصور والحارثية، وأنا لا أجد معنى متكاملا في أن يكون الانسان أنبارياً فحسب، كما ليس هناك معنى معتبراً لأن يكون محاويلياً أونجفياَ أودوكانياً أو سماوياً.

الأصل أنني عراقي، وهذا بالنسبة لي (يادوب) له معنى أستطيع أن أفسره فيستقيم لدي الفهم، ودليل عراقيتي ليست شهادة الجنسية التي تشير للبلد والمدينة، ولكن أن تكون عراقياً هو أن يذوبك الشجن اذا استمعت لداخل حسن أو سلمان المنكوب بنفس القدر عندما تستمع لمحمد القبانجي أو حتى لوحيدة خليل وجبار عكار، وسعدي الحلي لدي أقرب ما يكون لحمزة السعداوي، ويوسف عمر هو كحضيري وهما معاً يكملان مسعودة، لأنهم يسبحون في نهر واحد وهو النغم العراقي الذي لم يشذ عنه كثيراً من بعدهم كاظم الساهر وحاتم العراقي وحتى رحمة رياض، النغم هو العراق صدقوني له نهاونده الخاص والرست عندنا غير ما عند الناس وكذلك كل ميانات الصبا تختلف وحتى الحجاز تفرعاته لا يعرفها غيرنا، والايقاع هو العراق اذا كان من المقسوم أو العدني أو الهيوا أو حتى الجورجينة الذي لا يعرفه سوانا ناهيك عن اليكرك والفالس.

أن تكون عراقياً هو أن تنتشي طرباً وأنت تتأمل خط الثلت على منائر الأئمة وقباب الأنبياء من الزبير الى نبي الله يونس مروراً بموسى بن جعفر والخلاني وكل الآخرين، وأن يكون خط النسخ لديك ومثله الكوفي والديواني كأهم أسرار بقاء الحياة وديمومة الانسان وليست مجرد خطوط كما هي عند باقي البشر.

أن يكون نصب الحرية لديك أهم من كل اتجاهات البوصلة، وأن يكون ديوان الجواهري أثمن من كل الانتمائات، وأن تكون قراءة كتاب لطه باقر أجدى من كل فعل وقول.

أن تكون عراقياً هو أن لا تشبع من تمر البصرة، وأن تعرف جيداً أن كبة حلب أصلها في الحقيقة موصلي، وأن الكوفة هي التي اخترعت الحلوى، وأن تؤمن بأن ماء الزاب أطيب من كل مياه العالم، وأن لا رمان كرمان ديالى، وأن برتقال كربلاء هو الأشهى، ومشمش عانه كتفاح العمادية وعنب سنجار ليس لهم مثيل في اي مكان آخر.

أن تكون عراقياً هو أن تصبح بغداد ولعك، وأن يصبح لون النارنج في شتائها هو لونك المفضل، أن تتنفس شناشيل البتاوين مع صوت ناظم الغزالي، وأن تدرك العلاقة الجدلية بين أبناء مدينة الحرية وآلة العود، وان تفهم لماذا يجيد المعظماويون المقامات، لكن بعض الايقاعات تفوتهم دائما، وأن تضحك من القلب على طرافة اهالي ارخيته ونكات الكريعات، وأن تتعجب في كل يوم من كرم فلاحي الراشدية، وحيوية شباب العامرية وحي الجهاد.

واذا أردنا أن نغادر بغداد الى الانبار قليلاً فعلينا أن نتفق أنه اذا كانت بغداد هي قلب العراق فالانبار هي كتفه العريض الذي يستند اليه وينطلق من عزمه دائماً، وان من الأنبار قد بدأ العراق الذي نعرف، عندما كانت (الهاشمية) أول عاصمة للعراق منها انطلقت أعمال تأسيس بغداد المهيبة التي نعشق اليوم.

وحتى بابل القديمة أتت بالقار لجنائنها المعلقة من هيت التي أسست لمستقبل المعجزة، وكانت (عانات) في ذلك الزمن مصيف الملك وفيها أحب أملاكه اليه.

الانبار هي رحلة كلكامش، وميدان الامام علي، ودرب السبايا، وبيت الرصافي، وأهلها هم كباقي أهل العراق أهل نخوة وهمم عالية وواجهة خير وديوان كرم وجود وبيت اصالة وعطاء.

واليوم يعزف العراق في كل أنحائه سمفونية اعتراضات سياسية واجتماعية على مسامع قادته في بغداد، وقد شائت الصدفة أن يكون المُفتتح مزيج أصوات أهالي الانبار ليقدموا لنا وصلة ملئية بالعذوبة والرصانة يمكن أن نعدها درساً في الموسيقى السياسية التي على الشعوب أن تتعلم عزفها لايقاظ حاكميها، وما أن بدأت الأنبار تعتلي السلم حتى التحق بها جوق الأكراد بأحلى تواصل وعلى النغم والدرجة ذاتها، وشيئاً فشيئاً بدأت الوتريات تشارك من الجنوب وتعلو.

موسيقى أقلق صداها كل من لا يريد الاستماع من قادة الفوضى القابعين في قصورهم العاجية التي تعزلهم عن انغام الشعب وترنيمات عذابه بجدران سميكة، وللمرة الأولى تخترق ألحان هذه السموفونية الجدران، لأن في آلاتها ينفخ كل أهل العراق وعلى ايقاعاتها يضرب الجميع.

وفي السمفونيات والموسيقى عموماً تسكت بعض الآلات طويلاً بانتظار دورها وعلى وفق ما مكتوب لها، مما يؤدي الى طرب عالي لا توفره زحمة الاصوات بقدر ما ينتج عن التناغم في الاداء وتراتب الأدوار.

الآن نحن وسط المعزوفة وفي ذورة جُملها الموسيقية المعقدة، وقد أخذ التعب من العازفين كل مأخذ، لكن وللأسف بدأ الجمهور الذي كان قد انتشى طرباً بدأ يلتقط أصوات نشازا، وقد أسمعني بعض أصدقائي اليوم ما يشبه عواء ذئب تجرأ على منصة الكرام التي سمعنا منها أحلى الأصوات.
نعم، على الأنباريين أن يعترضوا، وهذا واجبهم وحق أبنائهم عليهم، وعلى باقي العراق أن يساندهم وهذا فضل يصنعونه لأنفسهم؛ فهم جميعاً سيعترضون قريباً ولابد أن يؤسسوا لمشروعية الاعتراض ويدعموها بلا منغصات من نوع (بس ولكن)، وعلى الحاكمين أن يستمعوا ويطيعوا وهذا عملهم الذي يأكلون منه خبزاً أو سحتاً.

لكن على كل من يعترض أو يرفع صوته أو يخرج من بيته الى ساحة من الساحات ليواجه الحكومة بدعوى تصحيح المسار ورفع الحيف واقرار العدل أن يتذكر أنه أمام مسؤولية مضاعفة، فهو يعترض باسم العراق كله وهو مرئي ومسموع من العالم أجمع، وانه اذا تكلم والناس يستمعون فليس لأنه أفصحهم، ولا لأنه أحقهم بالكلام أو اشجعهم، بل فقط لان دوره في الكلام قد جاء.

الى كل أحبتي وأهلي وأخوتي في ساحات الكرامة في الأنبار ومن بعدهم للمعترضين في كل السوح والميادين، أنا أحييكم وأرجو لكم الخير كله وأوله ان لا تسمحوا للذئاب أن تعوي من على منابركم، وأن تشدوا ازركم بازر العراق، وأن تحفظو جيداً النغم الذي تعزفون عليه، فأي نغمة نشاز ستلوث ما صنعتم لأنفسكم من مجد ورفعة، وستحيل المعزوفة برمتها الى سلة مهملات الجمهور، وستؤدي الى انسحاب العازفين المهرة، ومن سيبقى منكم مستمراً فانه سيعزف خارج قاعة العرض بلا جمهور ولا محبين ولا مناصرين.

أنا عن نفسي لن أحكم على أي طرف من الأطراف من خلال وضع اصوات متشدديه في الميزان؛ والا لطردت محبة الجميع من قلبي ونمت مهموماً منكدا، ولكني أذكر أن هنالك الكثير ممن يقيمون الناس على وفق أسوأ ما يسمعون منهم وعنهم، والكاميرات في عرف الاعلام لا توجه الا صوب من يرتكب الأخطاء والحوادث، فأياكم ومرتكبي الأخطاء فأن الناس ستؤاخذكم عليهم ولن يذكروا خياركم أبداً.
نعم ان الأصوات النشاز موجودة في كل الفصائل وفي جميع الفرق بلا اي استثناء، وحقاً ان هناك من يحاول اعلاءها الآن تحديداً ليفسد اللحن على الجميع، لكنكم أيها الأنباريون الآن في وسط المشهد وصوبكم تدور الوجوه وعليكم تسلط الأضواء، فاحذروا المتشددين والطائفين دعاة اللجوء الى الخارج فأنتم أشطر من قال (لا) لحد هذه اللحظة وغلطة الشاطر بألف.







#نزار_الراوي (هاشتاغ)       Mr.nizar_Al_Rawi#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- انتهاكات حقوق الانسان وقود الأزمات


المزيد.....




- ماذا قالت المصادر لـCNN عن كواليس الضربة الإسرائيلية داخل إي ...
- صافرات الإنذار تدوي في شمال إسرائيل
- CNN نقلا عن مسؤول أمريكي: إسرائيل لن تهاجم مفاعلات إيران
- إعلان إيراني بشأن المنشآت النووية بعد الهجوم الإسرائيلي
- -تسنيم- تنفي وقوع أي انفجار في أصفهان
- هجوم إسرائيلي على أهداف في العمق الإيراني - لحظة بلحظة
- دوي انفجارات بأصفهان .. إيران تفعل دفاعاتها الجوية وتؤكد -سل ...
- وسائل إعلام إيرانية: سماع دوي انفجار شمال غرب أصفهان
- صافرات الإنذار تدوي في شمال إسرائيل وأنباء عن هجوم بالمسيرات ...
- انفجارات قرب مطار أصفهان وقاعدة هشتم شكاري الجوية ومسؤول أمر ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - نزار الراوي - في معنى الوطن وسمفونية المعترضين والأنبار... والنغم النشاز