أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - شادي الشماوي - الخلاصة الجديدة للشيوعية و بقايا الماضي - تعمّق النقاش حول الخلاصة الجديدة لبوب آفاكيان (2): ردّ من المكسيك.















المزيد.....



الخلاصة الجديدة للشيوعية و بقايا الماضي - تعمّق النقاش حول الخلاصة الجديدة لبوب آفاكيان (2): ردّ من المكسيك.


شادي الشماوي

الحوار المتمدن-العدد: 4035 - 2013 / 3 / 18 - 09:43
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


الخلاصة الجديدة للشيوعية و بقايا الماضي .


تعمّق النقاش حول الخلاصة الجديدة لبوب آفاكيان (2): ردّ من المكسيك.

الفصل الخامس من كتاب : " الماوية تنقسم إلى إثنين "

==============================================

مقدّمة " الماوية تنقسم إلى إثنين"
" الماوية : نظرية و ممارسة "عدد -13-
شادي الشماوي
صراع خطين جديد صلب الحركة الأممية الثورية ! نعم ! عقب صراع الخطين الذى عرفته هذه الحركة الماوية و كان محوره مسار الثورة فى النيبال ( و الذى أفردنا له كتابا عنوانه " صراع الخطين صلب الحركة الأممية الثورية " و تجدونه على موقع الحوار المتمدّن )، تشهد اليوم ذات الحركة صراع خطين محتدم صار فى المدّة الأخيرة علنيّا ، منشورا على صفحات الجرائد و على الإنترنت.
منذ سنوات تعطّل النشاط العادي للحركة الأممية الثورية و لم يفهم الكثير من الثوريين و من الماويين عبر العالم الأسباب الحقيقية الكامنة وراء ذلك و ظلّت أسئلة عدّة مثارة قد يعثر على أجوبة لها جزئية فى وثائق متناثرة هنا و هناك وقد تتّخذ حجم الجبال عندما يقرأ المرء نصوصا تهاجم هذا الحزب و ذاك من نفس الحركة و تنعته بنعوت أقلّها التحريفية دون الخوض بعمق فى النقاط الخلافية الحقيقية. و فى ماي 2012 ، أعلنت ثلاثة أحزاب هي الحزب الشيوعي الإيطالي (الماوي ) و الحزب الشيوعي (الماوي) الأفغاني و الحزب الشيوعي الهندي (الماركسي-اللينيني)(نكسلباري) عن موت تلك الحركة و إقترحت بناء منظّمة ماوية عالمية جديدة على أساس قراءة قدّمتها لكن لم تمض مدّة طويلة حتى نشر علنا الحزب الشيوعي الثوري ، الولايات المتحدة الأمريكية رسالة توجّه بها إلى كافة الأحزاب و المنظّمات المنتمية إلى الحركة الأممية الثورية و بيّن محتواها بوضوح بلوغ صراع الخطين الذى له جذوره التاريخية فى الحركة مرحلة متقدّمة جدّا.
لا ينبغى على الشيوعيين كماديين جدليين تعمّقوا فى دراسة تطويرات ماو تسى تونغ للمادية الجدلية أبدا أن يستغربوا صراع الخطين فالأمر طبيعي و عادي للغاية ذلك أنّ فى كلّ وحدة أضداد الصراع هو المطلق و الوحدة عرضية و مؤقتة و نسبية و سواء تعلّق الأمر بالأحزاب أو المنظّمات أو الحركات السياسية ، الصراع هو الحياة ، الصراع هو النموّ حسب إنجلز و إنعدامه يعنى الموت ، أمّا الوحدة الثورية فتبنى على الأرقى و يعاد بناؤها على أسس أمتن وأرسخ علميّا و شيوعيّا . ببساطة ما يجدّ اليوم ليس سوى الماوية تنقسم إلى إثنين ، الماوية تخضع هي الأخرى إلى القانون الجوهري للجدلية ، قانون التناقض/ وحدة الأضداد او بصيغة جعلها ماو شعبية فى الصين الإشتراكية " إزدواج الواحد".
لقد أكّد ماو تسى تونغ على هذه الحقيقة الموضوعية و المادية الجدلية فى " حول المعالجة الصحيحة للتناقضات بين صفوف الشعب " قائلا :
" تعتبر الفلسفة الماركسية أن قانون وحدة الأضداد هو القانون الأساسي للكون. وهو قانون مطلق الوجود سواء فى الطبيعة أو فى المجتمع البشري أو فى تفكير الإنسان. فبين الضدين فى تناقض ما توجد وحدة و صراع فى آن واحد، و هذا ما يبعث الحركة و التغير فى الأشياء . إنّ التناقضات موجودة فى كلّ شيء ، إلاّ أن طبيعتها تختلف بإختلاف طبيعة الأشياء . فالوحدة بين الضدين فى التناقض الكائن فى كلّ شيء محدد هي ظاهرة مقيدة ، و مؤقتة ، و إنتقالية، وهي لذلك نسبية ، أمّا الصراع بينهما فإنّه يبقى مطلقا دون تقييد." ( "مقتطفات من أقوال الرئيس ماو تسى تونغ"، صفحة 226).
و قبل ذلك فى " فى التناقض " ، أعرب عن أنّ :
" الصراع يكمن بالضبط فى الوحدة ، و لا وحدة بدون صراع ".
و من الواجب أن يعمل الشيوعيون الثوريون أينما كانوا من أجل المسك بأرقي حلقات تطوّر علم الثورة البروليتارية العالمية و يتخلّصوا من النواقص و الأخطاء و يحاصروا التيارات التحريفية و يلحقوا بها الهزيمة ليبقى لون المنظّمة و لون الحزب او الحركة أحمرا وليتمكّنوا من النهوض بمهامهم الثورية فى قيادة البروليتاريا و شعوب العالم و أممه المضطهدة فى تغيير العالم تغييرا ثوريّا بإتجاه الشيوعية عالميّا. و إن فشلوا فى ذلك تغيّر لون المنظمة أو الحزب او الحركة و باتوا تحريفيين برجوازيين و بئس المصير! ومن واجب الشيوعيين الثوريين أن يتحلّوا باليقظة الدائمة كيما يشيّدوا فى كلّ مرحلة وحدة ثورية حقّا ، لا وحدة إنتهازية تمزج فيها الماركسية و التحريفية معا فتؤول الغلبة فى النهاية إلى التحريفية و بئس المصير !
و مع علمنا بوجود منظّمات و احزاب ماوية أخرى خارج الحركة الأممية الثورية ، فإنّنا نعنى فى المصاف الأوّل بهذا الصراع بالذات و أساسا لإعتبارنا أوّلا أنّ هذه الحركة هي محور ومركز الماوية تاريخيّا ، سياسياّ و إيديولوجيا فمثلا هي التى رفعت راية الماركسية - اللينينة –الماوية و تبنّتها أحزاب و منظمات أخرى من خارجها ؛ و ثانيا أنّ مستقبل الماوية مرتهن إلى درجة كبيرة بهذا الصراع الدائر الآن لمدى أهمية و القضايا المطروحة و دلالتها.
لفهم خطّ الحزب الشيوعي الثوري ، الولايات المتحدة الأمريكية ، وهو أحد الخطين المتصارعين ، كنّا قد نشرنا كتابا كاملا يشمل أهمّ وثائقه الجديدة ،" المعرفة الأساسية لخطّ الحزب الشيوعي الثوري ..." المنشور على موقع الحوار المتمدّن. ومن هنا تأتى أهمّية العودة إليه. و قصد توفير جملة من الوثائق الأخرى باللغة العربية للذين يتطلعون لفهم صراع الخطين الحيوي فهما شاملا و عميقا ، موضوعيّا ،لا ذاتيّا ، سعينا قدر الطاقة إلى الإطلاع على مادة كثيفة إنتخبنا منها ما نعدّه الأكثر تعبيرا عن وجهات نظر الخطّين المتواجهين فجاءت فصول الكتاب الحالي حاملة نصين متعارضين فى كلّ فصل منها على النحو التالي :
يتضمّن الفصل الأوّل المعنون "خطّان متعارضان حول المنظمة الماوية العالمية " :
أ- الشعوب تريد الثورة ، البروليتاريون يريدون الحزب الثوري ، الشيوعيون يريدون الأممية و منظمة عالمية جديدة .( بيان مشترك لغرّة ماي 2011)
و القرار 2 الصادر عن الإجتماع الخاص بالأحزاب والمنظمات الماركسية – اللينينية – الماوية المنتمية إلى الحركة الأممية الثورية من أجل ندوة عالمية للأحزاب و المنظمات الماركسية – اللينينية – الماوية فى العالم . ( غرّة ماي 2012. )
و ب- رسالة إلى الأحزاب و المنظمات المنتمية إلى الحركة الأممية الثورية،
الحزب الشيوعي الثوري ، الولايات المتحدة الأمريكية – غرّة ماي 2012.
و مضمون الفصل الثاني ،" نظرتان متعارضتان لنظام الدولة الإشتراكية " ، هو :
أ-" نظام الدولة الإشتراكية "، لآجيث ، الحزب الشيوعي الهندي (الماركسي- اللينيني) ( نكسلباري).
و ب- " النقاش الراهن حول نظام الدولة الإشتراكية "، ردّ من الحزب الشيوعي الثوري ، الولايات المتحدة الأمريكية / 2006.
و ينطوي الفصل الثالث الوارد تحت عنوان " موقفان متعارضان من " الخلاصة الجديدة " لبوب آفاكيان " على :
أ- " موقفنا من الخطّ الجديدة للحزب الشيوعي الثوري و بيانه و قانونه الأساسي"، الحزب الشيوعي (الماوي ) الأفغاني ، أكتوبر 2010.
و ب - " ردّ أولي على مقال" دراد نوت" بشأن " الخلاصة الجديدة لبوب آفاكيان"، سوزندا آجيت روبا سنغى ، رئيس الحزب الشيوعي السيلاني (الماوي) ، 18 أفريل 2012.
و هذه النصوص جميعها متوفّرة باللغة الأنجليزية على الأنترنت و تحديدا على موقع :
www.bannedthought.org
و نظرا لكون صراع الخطين بالكاد إنطلق علنيّا فمن الأكيد أنّ عدّة وثائق أخرى ستصدر و من أطراف مختلفة . و كلّما عثرنا على وثائق قيمة ، غير إنطباعية و لا تتوخى الشتم و التشويه المجاني أسلوبا بل تبحث عن الحقيقة ، سنبذل قصارى الجهد لوضعها بين أيدى القراء باللغة العربية كفصل أو فصول إضافية لهذا الكتاب. و مقترحات الرفيقات و الرفاق مرحّب بها بالطبع.
و لا يفوتنا هنا أن ندعو رفاقيّا كافة الماويين و الماويات إلى أن يضعوا نصب أعينهم دائما و أبدا تعاليم لينين عن الحقيقة الثورية و تعاليم ماو عن صحة الخطّ الإيديولوجي و السياسي هي المحدّدة فى كلّ شيء و أن يتفاعلوا تفاعلا علميّا رصينا مع هذا الصراع المصيري ، فلن تنفع لا سياسة النعامة و تجاهل الصراع و لا سياسة إصدار الأحكام العشوائية قبل الدراسة المتأنية و المتمعنة على أسس الشيوعية الثورية. و فى تحويل هذا الصراع إلى مدرسة لرفع الوعي الطبقي و تعميق المسك بالخطّ الإيديولوجي و السياسي الشيوعي الثوري بهدف تغيير الواقع ثوريّا بإتجاه الشيوعية عالميا، سيتحمّل لا سيما الماويون و الماويات المتقدّمون فى إستيعاب علم الثورة البروليتارية العالمية، مسؤولية تاريخية ذلك أنّ الماوية فى منعرج تاريخي و الرهان ليس أقلّ من مستقبل الشيوعية و مثلما قال لينين:
" ينبغى للمرء أن يكون قصير النظر حتى يعتبر الجدال بين الفرق و التحديد الدقيق للفروق الصغيرة أمرا فى غير أوانه أو لا لزوم له. فعلى توطد هذا " الفرق الصغير" أو ذاك قد يتوقف مستقبل الإشتراكية – الديمقراطية الروسية [ الشيوعية ] لسنوات طويلة ، طويلة جدا." ( لينين ؛ " ما العمل؟ " ).
====================================================
الفصل الخامس :

تعمّق النقاش حول الخلاصة الجديدة لبوب آفاكيان (2): ردّ من المكسيك.


الخلاصة الجديدة للشيوعية و بقايا الماضي .

المنظمة الشيوعية الثورية ، المكسيك – ماي 2012

يمكن تغيير أساس العالم . و توفّر الخلاصة الجديدة للشيوعية لبوب آفاكيان مرشدا نظريّا جديدا و جوهريّا لثورات القرن 21 التى ستقدر على وضع حدّ للبؤس و الإضطهاد و الإذلال الذين تعاني منهم غالبية البشر وعلى فسح المجال للتقدّم غير المسبوق صوب الشيوعية بما هي تجمّع حرّ للناس ، دون إنقسامات طبقية وقومية و جندرية و لا إنقسامات بين العمل اليدوي والعمل الفكري، فيه يغيّر الناس العالم و أنفسهم على أساس فهم أعمق و أكثر علمية للواقع . فى هذه الأيام التى نسمع فيها فى كافة أنحاء العالم المدافعون عن الطبقات المهيمنة يصرخون بانّ الشيوعية " قد فشلت " ، و كانت " فظيعة " و بأنّه ليس لدينا مستقبل آخر سوى ذلك الذى يوفّره لنا هذا النظام الرأسمالي - الإمبريالي الفظيع ، تمثّل الخلاصة الجديدة أملا متجدّدا فى تحرير الجماهير عبر العالم بأسره.

إنّ الخلاصة الجديدة تدعو إلى النقد و صراع الآراء المتباينة وتشجّع عليهما ،و تدعو الجميع إلى الخوض فى الكثير من المشاكل التى لا زالت تحتاج المعالجة فى المرحلة الجديدة من الثورة البروليتارية العالمية . و مع ذلك ، كان عليها أن تواجه فى الكثير من لأحيان ليس نقدا منطقيّا لمضمونها يساهم دائما ، سواء كان صحيحا أم خاطئا ، فى سيرورة توضيح المسائل ، بل بالأحرى إلى سلسلة من الشتائم و الإفتراءات والهجمات الشخصية المتأتّية ، فى المقام الأوّل ، ن بعض التنظيمات التى تسمى نفسها " شيوعية " و " ماركسية - لينينية - ماوية ". و لقد أصاب ماو تسى تونغ حينما قال إنّ ما هو متقدّم لا يتعرّض فى البداية للترحاب بل إلى التشويهات. و خائضا فى المشاكل الكبرى لكيفية قبر هذا النظام الفاسد و إنشاء عالم جديد ، تقدّم النضال الشيوعي على الدوام من خلال صراع الأفكار و المواقف المتعارضة حيث فتحت خطوات التقدّم الجديدة ممرّا سواء ضد المواقف المتشبّثة دغمائيّا بالماضي ، أم ضد المواقف التى تتخلّى عن الروح العلمية و الثورية للشيوعية بإسم" الظروف الجديدة " . عند إدراك هذا ، كما يقول إنجلز ، لن يشعر المرء بكثير من الأسي لأنّ صراعا لا مناص منه قد إنطلق. و مع إطلاق صراع الخطّين المتطوّر صلب الحركة الشيوعية العالمية و خوضه إلى نهايته ، سيكون بمقدورنا أن نعمّق اكثر فهم ما يتناسب مع العالم الحقيقي و ما لا يتناسب معه ، ما يساهم فى التحرير و ما لا يساهم فيه و توحيد مادرين جدد و تكوينهم من أجل المرحلة الجديدة من الثورة الشوعية العالمية.

و هنا سنركّز على أربعة من ضمن العديد من المسائل الهامة فى الصراع الراهن، متفحّصين مواقف الخلاصة الجديدة و مواقف معارضيها فى ما يتصل ب :
1- الإنتقال الإشتراكي إلى الشيوعية ،
2- الدولة و النضال المسلّح ،
3- المنظّمة الشيوعية العالمية و الأممية ،
4- المنهج العلمي للشيوعية فى تعارض مع البراغماتية و الأداتية.

و سنتناول الحجج التى طوّرها بعض نقاد الخلاصة الجديدة. أمّا بالنسبة إلى الشتائم و الهجمات الشخصية و الترهات المتأتّية عمّن من المفترض أنّه قام بشيء آخر، فالذين شغلهم الشاغل تحرير الإنسانية و ليس المصالح الضيقة لمجموعة ما يكتفون بملاحظة أنّ مثل هذه المناهج فى " الصراع " لا علاقة لها بالشيوعية العلمية.

1- هل هناك حاجة الآن إلى تلخيص علمي لتجربة الإشتراكية و تصوّر كيفية مزيد التقدّم أكثر و بشكل أفضل هذه المرّة ؟

هل هناك حاجة الآن إلى تلخيص علمي لتجربة الإشتراكية و تصوّر كيفية مزيد التقدّم أكثر و بشكل أفضل هذه المرّة ؟ نعم . هذا أمر ضروري و لعدّة أسباب منها أنّ الإشتراكية التى وجدت فى روسيا و الصين قد هُزمت و لم تعد بعدُ هناك بلدان إشتراكية فى العالم ، و أنّ الطبقات المهيمنة قد إستغلّت هذه الهزائم لتنشر على نطاق واسع فكرة أنّ الإشتراكية لم تكن صالحة ، و أنّه من الأساسي أن نتعلّم من ما هو صائب و ما هو خاطئ فى التجربة التاريخية للإشتراكية و الحركة الشيوعية العالمية عموما حتى لا نكرّر الأخطاء ونستطيع التقدّم أكثر و بشكل افضل مقارنة بحتى أحسن ما أنجز فى الماضي ، و أنّ تغييرات جدّت فى العالم فى العقود الأخيرة و تحتاج إلى تحليل كي نتمكّن من قيادة أكيدة للثورة الشيوعية حاليّا. تلبية لهذه الحاجة و فى سبيل تلخيص علمي للدروس الإيجابية والسلبية للتجربة السابقة للحركة الشيوعية و المجتمعات الإشتراكية ، و فى سبيل تحليل الظروف الجديدة للعالم الحالي ، و فى سبيل التعلّم من مجالات أخرى ، أمضى بوب آفاكيان أكثر من 30 سنة من الدراسة الشاقة. وقد أثمرت هذه الدراسة الخلاصة الجديدة التى تتضمّن ، من ضمن العديد من العناصر الأخرى ، فهما أعمق لهدف الشيوعية و ما يعنيه فعلا أن تكون الإشتراكية فعلا ، فى آن ، إنتقالا نحو الشيوعية العالمية و كذلك مجتمعا ترغب غالبيتنا العظمى أن تعيش فيه.

ومع ذلك ، ضرورة تلخيص التجربة الماضية هذه و تطوير جديد للنظرية الشيوعية لإعادة بعث الثورة الشيوعية و تقدّمها الآن ، لا يراها البعض الذين يصرحون بأنّهم شيوعيون لكن أعماهم منهج ليس ماركسيّا و لا علميّا. و ليس قليلا عدد الذين يعتبرون أنّه يمكن و يجب تجنّب مسألة الإشتراكية و الشيوعية ، و أنّ " هذا موضوع مأجّل لوقت لاحق" و أن " النجاحات العملية " للحركة فى تعبئة الجماهير فى الحروب الشعبية و فى نضالات أخرى ستعالج هذه المشاكل . و مثلما يتمّ تلخيص ذلك فى "الشيوعية : بداية مرحلة جديدة ، بيان الحزب الشيوعي الثوري ، الولايات المتحدة الأمريكية " وهو وثيقة مفتاح فى الصراع الراهن داخل الحركة الشيوعية العالمية ، فى خلاف شديد مع الخلاصة الجديدة ثمّة " تياران معارضان سواء متعلقين دينيّا بكافة التجربة السابقة و النظر ةٌ والمنهج المرتبطان بها أو )جوهريّا وليس فى الكلمات( متخلين
عن كلّ هذا جملة و تفصيلا." ( 1) ( 1- " الشيوعية : مرحلة جديدة ، بيان الحزب الشيوعي الثوري ، الولايات المتحدة الأمريكية ، منشورات الحزب الشيوعي الثوري 2009 . و من هنا فصاعدا بيان الحزب الشيوعي الثوري ، الولايات المتحدة الأمريكية. وهو وثيقة لا بدّ منها لتلخيص مقتضب للمظاهر المفاتيح للخلاصة الجديدة و لفهم الصراع الراهن قى صفوف الحركة الشيوعية العالمية. و هذه الوثيقة و غيرها من الوثائق متوفّرة مجانا على الأنترنت، موقع
www.revcom.us)

رغم أنّ لكلّ مقارنة حدودها ، فكأنّ الأمر يتعلّق بتشييد بناء كبير و مذهل - الإشتراكية - مع الكثير من التجديدات و تقدم خارق للعادة ، و كذلك مع بعض النواقص الثانوية لكن الهامة ، ثمّ نتيجة لزلزال كبير ، تداعى الهيكل برمته . أمام هذا التراجع الهائل ، يقول لنا الدغمائيون " لنشيّد بناء جديدا مثلما كان " . و يقول لنا أتباع ديمقراطية النظام الرأسمالي الراهن " لننس الأمر ، الهيكل لا يصلح " ، دون أن يبقوا لنا أي خيار آخر عدا العيش فى ظلّ تقلّبات النظام الإضطهادي الحالي . و بالعكس ، تطبّق الخلاصة الجديدة منهجا علميّا : لنتعلّم من الدروس الإيجابية و السلبية لهذه التجربة ، و لنتعلّم أيضا من مصادر أخرى ، ولتصوّر و لنقم بتشييد صرح جديد يكون أمتن تجاه الكوارث و يخدم بشكل أفضل أهداف الثورة الشيوعية.

2- هل تحدّد هزيمة التجارب الإشتراكية الأولى نهاية المرحلة الأولى من الثورة الشيوعية أم لا ؟

فى مقالين يحاجج الحزب الشيوعي ( الماوي ) الأفغاني أساسا بأنّ الثورة الشيوعية إلى الآن لم تنقسم إلى مرحلتين و بأنّه لا حاجة الآن لتطوير نوعي لعلم الشيوعية و بأنّ الخلاصة الجديدة لبوب آفاكيان " قطيعة " مع الماركسية - اللينينية - الماوية ، إيديولوجيا " ما بعد الماركسية -اللينينية - الماوية " وهي بالتالى خاطئة. (2) ( 2- " موقفنا من الخطّ الجديد للحزب الشيوعي الثوري ، الولايات المتحدة الأمريكية و بيانه و قانونه الأساسي و " الحزب الشيوعي الإيراني ( الماركسي - اللينيني - الماوي ) سقط فى تيه طريق " ما بعد الماركسية- اللينينية - الماوية " فى العدد الأوّل من " الطريق الماوي" ، جوان 2011 .)

الإعتراف أو عدمه بأنّ إعادة تركيز الرأسمالية فى الصين بداية من 1976 ، عقب إعادة تركيز الرأسمالية قبلها فى الإتحاد السوفياتي ( 1956) ، تمثّل نهاية الموجة الأولى للثورة الشيوعية العالمية التى إنطلقت مع الأممية الأولى و إنتهت إلى وضع لم تعد توجد فيه لا بلدان إشتراكية ولا أممية شيوعية ، وهي وثيقة الإرتباط بالإعتراف من عدمه بأنّ هذه الأحداث تقتضى من الشيوعيين إنجاز تلخيص علمي للتجربة التاريخية لدكتاتورية البروليتاريا و للحركة الشيوعية عموما للتمكّن من التقدّم أكثر وبشكل أفضل فى هذه المرحلة الجديدة .

إنّ حجّة الحزب الشيوعي ( الماوي ) الأفغاني فى وثيقته الأولى هي انّ " المعيار الوحيد لهذا التقسيم على [ إلى مرحلتين ] هو الخلاصة الجديدة لبوب آفاكيان ونتيجه نشر البيان الجديد للحزب الشيوعي الثوري" . ببساطة هذا غير صحيح . إنّ الوثيقتين اللتين يعلّق عليهما الحزب الشيوعي( الماوي) الأفغاني ( البيان المذكور أعلاه و القانون الأساسي للحزب الشيوعي الثوري ، الولايات المتحدة الأمريكية ) تعبّران بوضوح عن أنّه " مع الإنقلاب على الإشتراكية فى الصين فى 1976، بعد عقدين من حصول ذلك فى الإتحاد السوفياتي فى خمسينات القرن العشرين ، إنتهت الموجة الأولى من الثورات الإشتراكية و اليوم لا توجد فى العالم أية دولة إشتراكية " (3) ( 3" القانون الأساسي للحزب الشيوعي الثوري ، الولايات المتحدة الأمريكية "، منشورات الحزب الشيوعي الثوري 2009، الصفحة 36 ، وصيغة مشابهة موجودة فى " بيان الحزب الشيوعي الثوري ، الولايات المتحدة الأمريكية " ، فى بداية " III – نهاية مرحلة ...") .

وعوض نقد الموقف الحقيقي للحزب الشيوعي الثوري ، الولايات المتحدة الأمريكية ، يخترعون حجّة خاطئة و عبثية ، و هذه طريقة ، فى إختلاف مع المنهج العلمي والنقدي للشيوعية ، لا تساهم فى توضيح الحجج وبلوغ الحقيقة.

ثمّ يقومون بتأكيد أنّ "هذا التقسيم إلى مرحلتين غير متناسق مع مختلف مراحل تطوّر الرأسمالية " و لا " مع مختلف مراحل تطوّر علم البروليتاريا الثورية و إيديولوجيتها ". و هذا لا يصيب الهدف بما أنّه لا يتمّ الحديث عن تطوّر الرأسمالية أو تطوّر الماركسية و إنّما عن تطوّر الثورة الشيوعية العالمية ، و التى و إن كانت مرتبطة جدّا بتطوّر الرأسمالية و الإيديولوجيا الشيوعية ، فهي سيرورة مغايرة لها خصوصياتها . و بالفعل ، حينما طرح الرفيق آفاكيان أوّل ما طرح " نهاية مرحلة " و بداية أخرى فى الثورة الشيوعية ، لاحظ بوجه خاص بأنّه لا يتحدّث عن مراحل فى تطوّر الرأسمالية أو فى علم الشيوعية .(4) ( 4- بوب آفاكيان " نهاية مرحلة ، بداية مرحلة أخرى" مجلّة " الثورة " خريف 1990:" حين أتحدّث عن " مرحلة " فى هذا الإطار ، لا أشير إلى مرحلة تاريخية جديدة بالمعنى الذى وصف به ستالين العصر الراهن على أنّه عصر الإمبريالية والثورة الإشتراكية ... و لا أشير أيضا إلى مراحل تطوّر علمنا الثوري " ) .

و الحزب الشيوعي (الماوي) الأفغاني لا يميّز بين خصوصيّات هتين السيرورتين المتباينتين .هل من الصحيح أم لا أنّ الهزيمة المؤقتة للإشتراكية التى سبقت الإشارة إليها مثلت تغيّرا نوعيّا عميقا فى سيرورة الثورة الشيوعية يفصل مرحلة من هذه السيرورة عن أخرى ؟ يتجنّب الحزب الشيوعي (الماوي) الأفغاني المسألة عوض الإجابة عنها.

و فى الوثيقة الثانية للحزب الشيوعي (الماوي) الأفغاني يواصل نفس مأزق التطوّر الرأسمالي ، و الإيديولوجيا الشيوعية و سيرورة الثورة الشيوعية ، مدّعيا أنّه لم توجد مرحلة أولى بل عدّة موجات من الثورة الشيوعية إلى الآن ، و أنّ هذه الموجات من الثورات البروليتارية لم تنته لأنّه " بالرغم من التغيرات الكبرى التى حدثت فى النظام الإقتصادي الإجتماعي ...[ أي فى النظام الرأسمالي ] لا يزال كما هو " و " و لو أنّ موجات الثورة البروليتارية منذ زمن ماركس إلى هزيمة الثورة فى الصين قد تقلّصت ، بعدُ لم تنته تماما " (5) ، و يمرّ بعدئذ إلى تقديم أمثلة ثورية. (5- " الطريق الماوي " ، الصفحة 43 ).

فى هذه الوثيقة الثانية على الأقل يبدأ الحزب الشيوعي (الماوي ) الأفغاني فى الإعتراف بأنّ الحديث يتعلّق بموجات ( أو مراحل) فى الثورة البروليتارية ( أو الشيوعية) ، مقرّا بصفة غير مباشرة و دون نقد ذاتي بأنّ مقاله الأوّل قد شوّه موقف أفاكيان . و مع ذلك ، يتمادى فى تجنّب مسألة هل أنّ إعادة تركيز الرأسمالية فى البلدان الإشتراكية سابقا يمثّل أم لا تحوّلا نوعيّا فى الثورة الشيوعية معلنا نهاية مرحلة.

من جهة يحدّثوننا عن تعدّد الموجات التى يحدّدونها على ما يبدو بكمونة باريس و ثورة أكتوبر و الثورة الصينية و الثورة الثقافية . ومن الأكيد أنّ هذه الثورات الأربعة مثلت قمما فى الثورة الشيوعية العالمية. و إذا ما تُبعت التجارب الإشتراكية الأولى بإنتصارات جديدة من تركيز أو إعادة تركيز دكتاتورية البروليتاريا ، لم تكن هذه الهزائم لتشكّل نهاية المرحلة الأولى . لم يكن هذا " محدّدا سلفا " ، فقد أثرت فى ذلك عديد عوامل الصراع الطبقي و تطوّر النظام الإمبريالي العالمي ، لكن ما شوهد فى الواقع هو فترة عقود ثلاثة لم توجد خلالها بلدان إشتراكية و لا أممية شيوعية . و الحديث عن الإنتصارات السابقة لا يجيب على سؤال هل أنّ هذا التراجع الكبير يمثّل أم لا يمثّل نهاية مرحلة و يعكس ، من بين أشياء أخرى ، عدولا عن الخوض فى التراجعات مناهضا للمادية و للجدلية.

و من جهة أخرى ، يقولون إنّ حروبا شعبية تتطوّر خلال عدّة سنوات أوّلا فى البيرو ثمّ فى النيبال و إنّهم يتابعون النضالات المسلّحة فى الهند و الفليبين ، و هكذا " أين ترون النهاية التامة لموجة من الثورة البروليتارية ؟ " (6) ( 6- المصدر السابق ، الصفحة 44). لكن ما من أحد يقول إنّ كلّ النضال الثوري قد إنتهى : المسألة موضوع النقاش ، مرّة أخرى ، هي هل أنّ إعادة تركيز الرأسمالية فى البلدان الإشتراكية السابقة يمثّل تغيّرا نوعيّا يحدّد نهاية مرحلة فى الثورة الشيوعية العالمية أم لا . عند الحديث عن عدم نهاية النضالات الثورية و عن أنّ النظام الرأسمالي يظلّ كما هو ، يحاججون بالأساس بأنّ الثورة البروليتارية تظلّ صالحة. إنّهم يخلطون بين نهاية المرحلة الأولى من الثورة الشيوعية ونهاية الثورة الشيوعية ذاتها ! كمؤيّدين للخلاصة الجديدة نعتبر أنّ الثورة البروليتارية تظلّ صالحة أكثر من أي زمن مضى و أنّها تمثل الأمل الوحيد بالنسبة للمضطهَدين ، وفى نهاية المطاف ، للإنسانية جمعاء لكن كي يتحوّل هذا الأمل إلى واقع ، من الأساسي الإعتراف بما ينجرّ عن تبعات التغير النوعي الذى حصل مع هزيمة الإشتراكية و إعادة تركيز الرأسمالية فى الإتحاد السوفياتي والصين و تلخيص دروس المرحلة الأولى من الثورة الشيوعية و كذلك التغيرات فى العالم مذّاك تلخيصا علميّا للتمكّن من الحصول على التقدّم فى النظرية و الممارسة الشيوعية و تشكيل طليعة ثورات المستقبل ، عوض التحوّل إلى بقايا الماضي .

و رغم أنّهم لا يجيبون مباشرة على المسألة موضوع النقاش يظلّ من الواضح أنّ الحزب الشيوعي ( الماوي) الأفغاني يُنكر أنّ إعادة تركيز الرأسمالية فى البلدان الإشتراكية السابقة يمثّل تغيرا نوعيّا فى السيرورة العالمية للثورة الشيوعية و أنّه يحدّد مرحلة جديدة منها . لذا نلاحظ فقط أنّه ما من أعمى أكثر ممن يتعامى . و رغم أنّ الحزب الشيوعي( الماوي) الأفغاني يعترف شكليّا بأنّه جرت إعادة تركيز الرأسمالية فى البلدان الإشتراكية سابقا ، فهو يقلّص من أهمّية هذا التغير العميق و النوعي فى سيرورة الثورة الشيوعية العالمية . و المنهج الذى يطبقون لبلوغ هذا الإستنتاج منهج دغمائي لا يميّز خصوصية التناقض بخلطه بين سيرورة الثورة الشيوعية العالمية بسيرورات أخرى ذات صلة لكنّها متباينة وبعدم التحليل الواضح لمراحل هذه السيرورة أو إضمحلال بعضها و/ أو ظهور أخرى جديدة ، تنحو إلى تحديد مراحل فى هذه السيرورة - فى هذه الحال الإضمحلال المؤقت للتناقض بين النظام الإشتراكي و النظام الإمبريالي مع إعادة تركيز الرأسمالية فى البلدان الإشتراكية ، الأزمة المرتبطة بالحركة الشيوعية العالمية و التغيرات الأخرى تمثّل نهاية مرحلة من الثورة الشيوعية العالمية - و إذا لم نعر الإنتباه إلى مراحل سيرورة تطوّر شيء لا يمكن معالجة تناقضاته معالجة مناسبة " (7) ( 7- ماو تسى تونغ " فى التناقض" ، الأعمال المختارة ، منشورات باللغات الأجنبية بيكين 1971، المجلّد 1 ، الصفحة 325 ، و أنظروا ذات الصفحة من أجل فهم تام لماو حول تحليل مراحل سيرورة معقّدة ).

3- هل نحن فى حاجة إلى تقدّم نوعي فى علم الشيوعية لقيادة المرحلة الجديدة من الثورة البروليتارية أم يكفى الإطار النظري السابق ؟

أهمّية الإعتراف بنهاية مرحلة و بداية مرحلة أخرى فى الثورة الشيوعية تستند إلى واقع مادي و لو أنّنا لا نستسيغه وفى أنّه يتطلّب تقدّما جديدا فى علم الشيوعية على أساس إعادة تصوّر و إعادة تركيب التجربة الإيجابية للماضي و التعلّم من التجربة السلبية وتحليل الظروف الجديدة و التعلّم من مصادر أخرى بغاية تطوير فهم قادر على قيادة صحيحة للثورات الشيوعية فى المستقبل . هذا ما أنجزه بوب آفاكيان بتطويره الخلاصة الجديدة و ما شجّع الآخرين على القيام به أيضا ، و ضرورة إنجاز هذا هي بالضبط ما ينكره الحزب الشيوعي ( الماوي) الأفغاني و تنكره نزعات دغمائية أخرى فى الحركة الشيوعية العالمية الراهنة.

و على الرغم من أنّ الحزب الشيوعي (الماوي) الأفغاني يقرّ بمبدأ عام مطلق هو تطوير الشيوعية ، فإنّه يرى أنّ " فهما صحيحا فى الأساس للماركسية - اللينينية - الماوية هو أساس وقاعدة يمكن الإعتماد عليهما للقيام بالثورة الشيوعية " ( 8) ( 8- " الطريق الماوي" ، الصفحة 45) ، و أنّ تلخيص فى المقام الأوّل لتجربة تجمّع الأحزاب الماوية فى الحركة الأممية الثورية أهمّ من تلخيص التجربة الإشتراكية " (9) ( 9- تشكّلت الحركة الأممية الثورية سنة 1984 كتجميع لأحزاب و منظمات شيوعية على قاعدة الماركسية - اللينينية - الماوية ( المسمّاة حينها فكر ماو تسى تونغ ) عقب إعادة تركيز الرأسمالية فى الصين سنة 1976) . و " إعتمادا على هذا التلخيص يمكننا – و يجب علينا - أن نعيد تفحّص الثورة الصينية وماو تسى تونغ ، و هذه المرّة ليس من أفق التركيز العالمي للماوية مع إعادة التفحّص فقط للمظاهر الإيجابية – مستوى قد مررنا به بعدُ - لكن من أفق نقدي للنظر فى أخطائها و نواقصها و الأخطاء الممكنة للثورة الصينية و لماو تسى تونغ ذاته. و هذا عمل لم ينجز أبدا فى السابق على النطاق العالمي . ... [ التسطير مضاف ] ". ثمّ يقولون نفس الشيئ يمكن القيام به بشأن حقبة لينين و حقبة ماركس و إنجلز ، " بالتعويل على الإطار النظري الموجود دون إدعاء أنّه تام. "(10 )( 10- " الطريق الماوي " ، الصفحة 48).

شيء لا يمكن تصديقه و أقلّ من ذلك ، أنّ بعد 30 سنة من العمل و نشر تماما عشرات الكتب و الكراريس و الخطابات من قبل بوب آفاكيان و قيامه بالضبط بتقييم نقدي لمجمل هذه التجارب ، يقال " هذا عمل لم ينجز أبدا فى السابق على النطاق العالمي ". إذا وجد إختلاف مع مضمون هذا التلخيص - و من البديهي أنّه موجود - نودّ أن نسمع الحجج ذات الصلة ، لكن رجاء لا تحاولوا أن تدّعوا عدم وجود هذا العمل . أو لعلّهم يعتقدون بأنّه لم ينجز " على نطاق عالمي" لأنّهم هم و قوى قريبة منهم لم يساهموا فى دراسة و نقاش هذا العمل ، لأنّهم إعتبروه غير مهمّ ؟ كان هذا نتيجة قرارهم الخاص الخاطئ ، رغم النداءات المتكرّرة للتعليق على هذه و على غيرها من المسائل . أهمّية و صحّة التقدّم فى علم الشيوعية لا يشترطان أساسا المساهمة أو عدم المساهمة فى صياغته و إنّما يشترطان تناسبها من عدمه مع الواقع الموضوعي و التقدّم نحو الشيوعية.

من البديهي بالنسبة للحزب الشيوعي ( الماوي) الأفغاني أنّ التلخيص النقدي لتجربة المرحلة الأولى من الثورة الشيوعية عامة وتجربة دكتاتورية البروليتاريا خاصة ليست مهمّة ملحّة أصلا، ويمكن تأجيلها إلى مستقبل غير محدّد ، بعد تلخيص تجربة الحركة الأممية الثورية ، و أنّه فى الأثناء ، يكفى الإطار النظري " الموجود" ، أي ، الإطار النظري لما يربو عن 40 سنة ، أو فهم مشوّه و خاطئ له . ( بلا شكّ من المهمّ أيضا تلخيص تجربة الحركة الأممية الثورية . و مثلما سنرى لاحقا ، فإنّ الإختلافات فى الخطّ المرتبطة بتلك التى قد علقنا عليها هنا جعلت من غير الممكن أن تدافع الحركة الأممية الثورية بصورة موحّدة عن المبادئ الشيوعية إزاء صراع الخطّين صلب الحزب الشيوعي البيروفي و كذلك إزاء تبنّى الحزب الشيوعي النيبالي ( الماوي) خطّا تحريفيّا سنة 2005 . لكن كيف جرى تبرير عدم التلخيص النقدي للتجربة السابقة للثورة الشيوعية طوال عقود ليتمّ تجاهل من قام به و فى الأخير لتتمّ محاولة النيل من سمعته ؟ كيف يمكن أن يبرّر التمسّك بالسقوط فى نفس الخطإ ؟ ).

يندّد الحزب الشيوعي ( الماوي ) الأفغاني بالخلاصة الجديدة على انّها " ما بعد الماركسية - اللينينية - الماوية " وهو يقصد بذلك أنّ الخلاصة الجديدة فى رأيه " قطيعة " مع العلم الذى طوّره ماركس و لينين و ماو ونبذ لمساهماتهم على انّها "جزء من الماضي الذى لم يعد صالحا " ( 11- " موقفنا " ، ص 40). لننظر مرّة أخرى فى منهج الحزب الشيوعي الأفغاني ( الماوي) الذى ينسب حجّة عبثية لخصمه ثمّ يقوم ب " دحضها " ، عوض نقد التحليل الحقيقي و خاصة أفضل الحجج المقدّمة للدفاع عنه.

بالنسبة للحزب الشيوعي ( الماوي ) الأفغاني " صلوحية " الماضي مسألة تكرار دون نقد ، بما أنّه حسب إقراره هو ذاته المذكور أعلاه " مستوى قد مررنا به بعدُ " ، العناية فقط بجوانبه الإيجابية و تظل مهمّة التطرّق إليه " من منظور نقدي " مهمّة لفترة معينة غير محدّدة ، وهذا بالنسبة لهم هو " الإطار النظري الموجود " الذى يجب أن يكفينا الآن و لزمن آخر غير محدّد. هذا ليس إطارا نظريّا ماركسيا - لينينيا- ماويّا بل إطار دغمائي من إبداع الحزب الشيوعي ( الماوي) الأفغاني و غيره الذين تخلّوا عن الروح النقدية للماركسية ، محاججين بأنّه يكفى الآن تكرار بعض ( 12) الصيغ النظرية لما يناهز الأربعين سنة دون إعادة تفحّصها نقديّا. ( 12- يجب التشديد على" بعض " بما أنّ صيغة نظرية ماو تسى تونغ حول مواصلة الثورة فى ظلّ الإشتراكية غائبة بارزة فى تصريحات الحزب الشيوعي ( الماوي)الأفغاني و آخرين حتى حين ينادون بمنظمة شيوعية عالمية جديدة " ).

و من البديهي أنّه من أجل تقييم عمق " صلوحية " المرحلة الأولى من الثورة الشيوعية أي " الإرث الثري للنظرية العلمية الثورية الذى تطوّر خلال الموجة الأولى من الثورات الإشتراكية " (13) ( 13- " القانون الأساسي للحزب الشيوعي الثوري ، الولايات المتحدة الأمريكية ، الصفحة 37) ، لم يكتف بوب آفاكيان بتكرار بعض الجمل من الماضي و إنّما تفحّص بعمق كلّ من هذه التجربة و التقدّم النظري المرتبط بها ليتوصّل إلى إستنتاج أنّ ، فى مظهرها الرئيسي، هذه النظرية صحيحة و علمية جوهريّا لكنّها ثانويّا تنطوي على عناصر خاطئة ينبغى التخلّص منها ، وهناك حاجة إلى تطويرها أكثر لتشمل الظواهر الجديدة و إلى أن نخوض بعمق أكبر فى كيفية الحيلولة دون إعادة تركيز الرأسمالية و التقدّم أكثر نحو الشيوعية ، من ضمن عديد القضايا الأخرى . وهكذا ، فى الواقع ، وعلى عكس تشويهات الحزب الشيوعي (الماوي )الأفغاني ، تمثّل الخلاصة الجديدة رئيسيّا مواصلة و تطويرا فى ظروف جديدة لعلم الشيوعية الذى تطوّر منذ ماركس إلى ماو ، و ثانويّا نعم هي نقد و قطيعة مع العناصر الخاطئة الثانوية لكن الهامة التى تتناقض موضوعيّا مع طابعها الرئيسي الصحيح و العلمي .

و أعمق من ذلك ، تعبّر كلّ طريقة إثارة الحزب الشيوعي ( الماوي )الأفغاني المشكل عن مقاربة دغمائية و دينية . كيف يتمّ تحديد ما هو صحيح و ما هو خاطئ فى الخلاصة الجديدة ؟ جوهريّا ، منهج الحزب الشيوعي (الماوي ) الأفغاني هو تحديد حقيقته حسب درجته المفترضة من الإنسجام أو القطيعة مع " العقيدة " السابقة . و مقارنة علمية ستتطلّب معالجة مدى تناسب الخلاصة الجديدة أو عدم تناسبها مع الواقع المادي . مثلا ، إن عالجنا التجربة الواقعية للإشتراكية بمنهج المادية الجدلية ، هل لبوب آفاكيان الحقّ أم لا فى إعادة صياغة العناصر الجوهرية لنظرية ماو لمواصلة الثورة فى ظلّ الإشتراكية مثل إستمرار صراع الطبقات العدائي و ولادة برجوازية جديدة ضمن جزء من قيادة الحزب الشيوعي ، و القاعدة المادية لإعادة تركيز الرأسمالية فى " الحقّ البرجوازي" و اللامساواة و علاقات و أفكار أخرى موروثة من الرأسمالية و الحاجة إلى إستنهاض الجماهير لتغيير كلّ هذا شيئا فشيئا ؟

و من جهة أخرى ، هل لبوب آفاكيان الحقّ أم لا فى نقد النزعات القومية فى الصين و فى الإتحاد السوفياتي و المعبّر عنها مثلا فى " أعمال أحيانا تحدّد بربط النضال الثوري فى البلدان الأخرى بحاجيات الدولة الإشتراكية القائمة " ؟ (14) ( 14- " بيان الحزب الشيوعي الثوري ، الولايات المتحدة الأمريكية ، ص 37). هل له الحقّ أم لا فى إقتراح توجه " اللبّ الصلب مع الكثير من المرونة " ، مازجا لبّا صلبا يناضل من أجل التقدّم نحو الشيوعية مع الكثير من المرونة ، بما لا يسمح فقط بل يشجّع ، فى ظلّ الإشتراكية ، على صراع الآراء المتباينة و النقد بما فى ذلك نقد الحزب و الإشتراكية ؛ أو نقد مفهوم " الحقيقة الطبقية " و المحاججة من أجل دور أكبر للمثقّفين فى ظلّ الإشتراكية ؟ هذا فحسب للإشارة إلى بعض المسائل المهمة .

لا يتحدّث الحزب الشيوعي ( الماوي)الأفغاني عن هذه المسائل ، و يرفض الخلاصة الجديدة دون تحليل و لا ردّ على مضمونها. ( 15) ( 15- بالعكس ، يندّد ب " إنسانويتها " المدّعاة دون إعطاء أي مثال و يقدّم لنا ما يفترض أنّه " حججا " عدد المرّات التى يذكر فيها ماركس و لينين و ماو فى جزء من الوثائق التى يعلقون عليها ( دون لفت نظر القراء المتغافلين إلى أنّه تقع الإشارة إليهم عديد المرّات فى ملحق ذات الوثيقة ) أو يؤكّد دون أساس على أنّ الحديث عن " إطار نظري جديد " أو " خلاصة جديدة " يعنى بالضرورة أنّ ماركس و لينين لم يعودا صالحين ) . كما لو أنّ علماء الفيزياء ، عند تقييمهم للنظرية الجديدة لنسبية إينشتاين ، عوض تفحّص مدى تفسير نظرية نيوتن السابقة و كذلك النظرية الجديدة لإنشتاين او عدم تفسيرهما لظواهر الطبيعة ، عارضوا نظرية إنشتاين ل " قطعه " مع نظرية نيوتن . يمكن لتقدّم جديد فى العلم أن يمثّل إلى هذه الدرجة أو تلك مواصلة أو قطيعة مع الفهم السابق ( الخلاصة الجديدة ، نعيدها ، هي رئيسيا مواصلة و تطوير للجوهر العلمي للماركسية ، و ثانويّا هي قطيعة ضرورية مع العناصر الخاطئة ) ، لكن المسألة الأساسية من وجهة النظر العلمية ليست هذه و إنّما هي ما إذا كان التطوّر النظري الجديد يعطينا شرحا أكثر صوابا للواقع و بالتالى قدرة أكبر على تغييره أم لا .

لا وجود لشيء مقدّس فى الماركسية ( و بالفعل ، التعامل معها كشيء مقدّس يذهب ضد المنهج العلمي والمادي الجدلي للماركسية ). لئن توفرت أشياء تبيّن خطأ المبادئ الجوهرية للماركسية أو للماركسية ذاتها ، يجب التخلّص منها [ الماركسية ]. و مع ذلك ، مثلما بيّن بوب آفاكيان فى ردّه على الناقد البرجوازي للماركسية ، كارل بوبرز ، لقد جرى التأكّد عدّة مرّات من المبادئ المحورية للماركسية فى الممارسة الإجتماعية ، ولا توجد أشياء تتناقض مع هذه المبادئ أو تبيّن خطأها (16) ( 16- أنظروا قسم " الماركسية كعلم - دحض كارل بوبرز، ضمن بوب آفاكيان " القيام بالثورة وتحرير الإنسانية " ، متوفّر ضمن كراس " الثورة و الشيوعية : أساس و توجه إستراتيجيين " ص 18-30 ، و على موقع الأنترنت
(revcom.us

ومع ذلك ، نعم توجد عناصر ثانوية فى أهمّيتها فى الماركسية أو الماركسية - اللينينية - الماوية ( مثل النزعات نحو القومية عند معالجة التناقض بين الدفاع عن البلدان الإشتراكية و تقدّم الثورة العالمية ، و فكرة " حتمية " الشيوعية ، إلخ ) خاطئة و تتضارب مع الجوهر العلمي للماركسية ، و بالتالى ، القطيعة مع هذه العناصر نعم هي أساسية .

بوصفه الخاطئ للخلاصة الجديدة على أنّها قطيعة كلّية و نبذ لعلم الشيوعية السابق ، (17) ، فإنّ ما يدافع عنه فى الواقع الحزب الشيوعي (الماوي) الأفغاني ، و كذلك ممثلون آخرون للنزعة الدغمائية فى الحركة الحالية ، هي معارضتها لضرورة هذه القطيعة و عموما ، معارضتها لضرورة التطوير النوعي للعلم للتمكّن من القيادة الصحيحة لمرحلة جديدة من الثورة الشيوعية . ( 17- بعيدا عن أن يكون " مصمّما على فسخ كلّ التطوّر الماضي " ، مثلما يتصوّر الحزب الشيوعي (الماوي) الأفغاني ، شدّد آفاكيان و الحزب الشيوعي الثوري ، الولايات المتحدة الأمريكية على أنّ الدفاع عن المكاسب الإشتراكية للماضي ونشرها شعبيّا مظهر هام من النضال الإيديولوجي فى صفوف الجماهير ضد هجوم العدوّ الطبقي المعادي للشيوعية ، و قاموا بمساهمات هامة فى هذا المضمار ، على خلاف العديد من المفترض أنّهم " شيوعيون" و الذين يفضّلون تناسي هذه المسائل الشائكة .)

4- هل يمكن أن توجد حركة شيوعية لا تصارع من أجل الشيوعية ؟

علينا أن نثير السؤال : هل يمكن أن توجد حركة شيوعية لا تصارع من أجل الشيوعية ؟ لأنّنا نجد أنفسنا فى وضع فيه جزء هام من الحركة الشيوعية العالمية لا يهتمّ بالشيوعية و لا بمشاكل الإنتقال الإشتراكي إلى الشيوعية . يمكن للمرء أن يحاول إنكار وجود نهاية مرحلة ، يمكن للمرء أن يحاول أن ينكر وجود حاجة ملحّة لتطوير علم الشيوعية ، لكن بالكاد يخرج المرء من " الكنيسة الشيوعية "و يتحدّث مع الآخرين عن الإشتراكية و الشيوعية ، يصطدم بأسئلة من مثل " إن كانت الإشتراكية جيّدة جدّا ، لماذا لحقت بها الهزيمة ؟ " هناك ردّ على هذا السؤال و غيره من الأسئلة المماثلة ، لكن كما يقول بوب آفاكيان ، " يجب الحفر و مواصلة الحفر لإيجادها " و هذا ما تقول عنه النزعة الدغمائية بأنّه غير ضروري الآن . و من ثمّة يتحدّثون كثيرا عن " حرب الشعب " و قليلا جدّا عن ما ينبغى أن يكون هدفها ، يحدوهم الأمل أن مع " التقدّم العملي" للحركة ، ستتبخّر هذه المشاكل العويصة الإيديولوجية و السياسية . و من جهة أخرى ، النزعة الخاطئة الأخرى ، الإلقاء جانبا بكلّ التجربة السابقة على أنّها أساسا سلبية ، إمّا تتجنّب الموضوع هو بدوره و إمّا تقدّم الإشتراكية و الشيوعية كشيء فى كلّ مرّة يغدو أكثر صعوبة تمييزه عن الديمقراطية البرجوازية الحالية . و بين النزعتين أو خليط منهما من الشائع إيجاد الحجّة الأكثر غلظة " لماذا الحديث عن الإشتراكية الآن ؟ يمكن أن نتحدّث عنها عند إفتكاك السلطة ".

و هكذا من المهمّ سؤال لماذا من الأساسي للغاية أن نكافح من أجل الفهم الأكثر علمية للشيوعية الذى تقدّمه لنا الخلاصة الجديدة و ننشره شعبيا فى صفوف الجماهير؟

فى المصاف الأوّل لأنّ النضال الحالي إن لم يقده فهم صحيح للهدف ( إضافة إلى أسئلة محورية أخرى ) ، لن يخدم بلوغ هذا الهدف . كلّنا قد إنطلقنا فى مرّة ما فى سفر ، سواء سفر قصير أم سفر طويل ، و لا أحد يفكّر فى " إنّنى فى بداية سفري ، لذا لا يهمّنى إلى أين سأصل ". و مع ذلك هذا هو منطق أولئك الذين يفكّرون فى أنّ مسائل الإشتراكية و الشيوعية التى أثارتها بحدّة كبيرة الهزيمة المؤقتة للإشتراكية " ليست على جدول الأعمال". وبالعكس ، الأكيد هو أنّ الهدف يحدّد أو يجب أن يحدّد الوسائل ، و إذا لم يكن لدينا وضوح حول الهدف ، لن نتوخّى الوسائل المناسبة لبلوغه .

لدينا الدرس المرير لحرب الشعب فى الفيتنام ،(18) ( 18- أنظروا " الفيتنام : إجهاض ثورة "، مجلّة " الثورة " ، أكتوبر - نوفمبر 1979) التى كانت تتقدّم فى ستينات القرن العشرين فى الفترة التى إنفجر فيها صراع الخطّين فى الحركة الشيوعية العالمية . فى سيرورة تطوير نظرية مواصلة الثورة فى ظلّ الإشتراكية ، كان خطّ ماو يواجه خطّ التحريفيين ، خطّ الشيوعيين المزيّفين ، فى الإتحاد السوفياتي الذين قد أعادوا تركيز الرأسمالية فى شكل رئيسيّا رأسمالية الدولة فى ظلّ قيادة حزب " شيوعي" صار الآن تحرفيا . تبنّى حزب العمّال الفيتنامي موقفا وسطيّا ، داعيا إلى الوحدة إنطلاقا من موقف قومي و براغماتي . و عندما تجاوز التحريفيون السوفيات السياسة التوفيقية مع الإمبريالية الغربية فى ظلّ خروتشاف إلى مواجهة فى كلّ مرّة أكبر على أساس إمبريالي فى ظلّ بريجناف و فى هذا الإطار ، لطموحاتهم الخاصّة الإمبريالية ، شرع السوفيات فى تقديم المزيد من المساعدة العسكرية إلى الفيتنام ، و أخذ حزب العمّال الفيتنامي يميل أكثر و يقف إلى جانب الإمبريالية الإشتراكية و تبنى موقفا وسطيّا يدعو إلى الوحدة بين ما كان موضوعيّا رأسمالية الدولة مع غلاف إشتراكي فى الكلام فى الإتحاد السوفياتي ، و ما كان إشتراكية حقيقية كمرحلة إنتقالية نحو الشيوعية فى الصين كان يمثّل موضوعيّا موقفا " تناسي" التمييز بين الرأسمالية و الإشتراكية ، و هل أنّ حرب الشعب التى كانت تخاض فى الفيتنام ستؤدّى إلى الإشتراكية أم إلى نوع من الرأسمالية .

و هذه هي نتائج هذا الخطّ القومي و البراغماتي للذين يريدون مشاهدة عيّنة ملموسة. بثمن حياة ملايين الناس ، كسب الشعب الفتنامي حرب الشعب ضد الإمبريالية الأمريكية ... لكن ثورته لم تسلك أبدا الطريق الإشتراكي . أوّلا هيمنت عليها الإمبريالية الإشتراكية السوفياتية ، و مع إنهيار هذه الإمبراطورية ، عادت البلاد إلى حظيرة الكتلة الإمبريالية التى تترأسها الولايات المتحدة . و ها هم عمّال الفيتنام اليوم عبيد مأجورين مستغلين فى مصانع يملكها الإمبرياليون .

لماذا آل الأمر إلى ما آل إليه ؟ لا يعزى ذلك لعيب شخصي لدي القادة و إنّما يعزى إلى الخطّ الإيديولوجي و السياسي الذى يقود الحزب . لقد تعلّمنا فى خضمّ الصراع الطبقي فى ظلّ الإشتراكية فى الصين أنّ الكثير من العناصر التى فسدت و تحوّلت إلى عناصر تحريفية كانت ، فى واقع الحال ، ديمقراطية برجوازية إلتحقت بالحزب تنظيميّا و لم تلتحق به إيديولوجيّا فالكثير منهم قاموا بمساهمات فى فترة الثورة الديمقراطية ضد الإمبريالية و الإقطاعية ، لكنهم عارضوا مواصلة القيام بالثورة فى ظلّ الإشتراكية و دافعوا عن الخطّ التحريفي . و هدفها الأساسي لم يكن الشيوعية و القضاء على الطبقات بل مجرّد الحصول على بلد مستقلّ ، عصري و مزدهر . و كان هذا كذلك توجه حزب العمل الفيتنامي ، و الموقف الحالي فى الحركة الشيوعية العالمية فى تجاوز ضرورة الخوض فى مسائل الإنتقال الإشتراكي إلى الشيوعية و إعادة تركيز الرأسمالية يعكس أيضا إنحرافات نحو القومية و البراغماتية و الديمقراطية البرجوازية ، و خاصة فى صفوف الشيوعيين الذين خاضوا النضال فى بلدان " العالم الثالث " ، لا يرون أهمّية الخوض فى الإشتراكية كمرحلة إنتقالية إلى الشيوعية لأنّ هدفها جوهريّا شيئ آخر: كيفية إدخال تحسينات بالثورة و بنوع من رأسمالية الدولة ، و كيفية تحسين موقع بلدي " أنا" فى النظام الرأسمالي - الإمبريالي العالمي .

ثمّ لن تحصل أية ثورة شيوعية دون إقناع جزء هام من الناس يعتقدون الآن أنّ الشيوعية "فشلت" أو كانت أسوأ من الرأسمالية ، و هذا لن يتحقّق ببساطة من خلال " النجاحات العملية " لحركة لا تبذل قصارى جهدها من أجل الشيوعية . هذا يتطلّب عملا نظريّا لفهم أعمق لحقيقة هذه المسائل و يتطلّب صراعا إيديولوجيّا مع الجماهير للردّ على حملة الإيديولوجية المعادية للشيوعية ( و كذلك على سيطرة الإيديولوجية البرجوازية عموما ) . لقد سبق أن رأينا مثال كوبا حيث القيام بالثورة و الحديث لاحقا فقط عن " شيوعية " مفترضة لا يؤدّى كذلك فى أحسن الأحوال ، إلاّ إلى رأسمالية دولة تحريفية .

و أخيرا ، إنّ حركة شيوعية حقيقية تجعل من البروليتاريين و الجماهير الأخرى قادرين على الحكم و الإشتراكية الحقيقية مرحلة إنتقالية إلى الشيوعية تحتاج إلى إشراك قطاعات فى كلّ مرّة أوسع من الجماهير فى حكم المجتمع الجديد وفى النضال من أجل التقدّم نحو الشيوعية . و هذا بدوره لن يحصل بالتهرّب من المسائل " الصعبة " للإشتراكية و الشيوعية ، و كذلك من أسئلة حيوية أخرى للثورة .

5- إن لم تكن تخوض فى كيفية القضاء على " الكلّ الأربعة " لست بصدد النضال من أجل الشيوعية :

فى تطوّر الحركة الشيوعية فى القرن الماضي تنامي تأثير المادية الميكانيكية التى كانت تنزع إلى تحديد الشيوعية ببساطة بملكية الدولة و التخطيط الإقتصادي و قيادة " حزب شيوعي" وهو ما يخوّل لنا التمييز بين رأسمالية الدولة التحريفية من جهة و الإشتراكية من جهة أخرى بحكم أنّ هذه الميزات تجدها لدي الإثنين . و إزاء هذه الأخطاء لحقبة الأممية الثالثة ، و حتى أكثر مع الزلزال العميق لإعادة تركيز الرأسمالية فى شكل رأسمالية الدولة فى ظلّ قيادة حزب شيوعي تحريفي ، مروّجا للإيديولوجيا البرجوازية بخطاب ظاهريّا ماركسي ، فكان من الجوهري إنجاز عمل حفريات نظرية لإعادة إكتشاف جزئي هام للروح الثورية العميقة للماركسية بصدد الإشتراكية . و قد شرع ماو و رفاقه فى هذا العمل و بوب آفاكيان واصله و هذا يتضمّن العودة المرّة تلو المرّة الأخرى لإستشهاد عميق و أساسي بماركس :
" هذه الإشتراكية إعلان للثورة المستمرّة ، الدكتاتورية الطبقية للبروليتاريا كنقطة ضرورية للقضاء على كلّ الإختلافات الطبقية ، و للقضاء على كلّ علاقات الإنتاج التى تقوم عليها و للقضاء على كلّ العلاقات الإجتماعية التى تتناسب مع علاقات الإنتاج هذه ، و للقضاء على كلّ الأفكار الناجمة عن علاقات الإنتاج هذه ". ( 19) ( 19- كارل ماركس : " صراع الطبقات فى فرنسا من 1848 إلى 1850"، ذكر فى الأعمال المختارة لماركس و إنجلز ، المجلّد 2، الصفحة 282 ).

ما معنى هذا ؟

هذا يعنى انّ الإشتراكية و دكتاتورية البروليتاريا هي و لا يمكنها أن تكون سوى فترة تاريخية إنتقالية نحو الشيوعية و مثلما يقول آفاكيان " تنتهى إلى ما نسمّيه نحن الماويّين " الكلّ الأربعة- أي القضاء على كلّ الإختلافات الطبقية بين الناس ، و القضاء على أو وضع حدّ لكلّ علاقات الإنتاج أو العلاقات الإقتصادية التى تقوم عليها هذه الإختلافات الطبقية و الإنقسامات بين الناس ؛ و القضاء على كلّ العلاقات الإجتماعية التى تتناسب مع هذه العلاقات الإقتصادية والإنتاجية - وهي علاقات إضطهادية بين الرجل و المرأة ، و بين مختلف القوميات و بين اناس من شتى أنحاء العالم ، كلّ هذا يجب أن يتمّ القضاء عليه و المضي أبعد من ذلك. و فى الأخير تثوير كلّ الأفكار التى تترافق مع هذا ، مع هذا النظام الرأسمالي ، مع هذه العلاقات الإجتماعية "(20) ( 20- " الأساسي من خطابات بوب آفاكيان و كتاباته " ، منشورات الحزب الشيوعي الثوري ، الفصل الثاني ، الفقرة الثالثة ، الصفحة 34 ، شيكاغو 2011).

و لئن ألقينا نظرة حولنا لرأينا أنّ المجتمعات الحالية تشبه الهرم بمجموعة صغيرة من الرأسماليين الكبار و مستغلّون آخرون فى القمّة . و الثورة الإشتراكية بتخلّصها من القمة و تركيزها إقتصادا و مجتمعا فى خدمة حاجيات الشعب و الثورة العالمية ، عوض تحقيق أرباح للبعض ، تمكّن من تغييرات و تقدّم كبيرين و تحرّريين . و مع ذلك ، تظلّ قائمة ؛ حتى نقول ذلك على هذا النحو ، بقية الهرم بالكثير من اللامساواة و العلاقات الموروثة من المجتمع القديم ، و كذلك الأفكار المناسبة لها . و القضاء على " الكلّ الأربعة " يعنى القضاء خطوة خطوة على كلّ هذا ، و التخلّص من كلّ الهرم و الأفكار المناسبة له ، و فى النهاية بلوغ القضاء من بين أشياء أخرى ، على التبادل السلعي بواسطة المال ؛ و القضاء على تناقض العمل اليدوي و الفكري ، و توزيع نوعي للعمل بين الجميع ، و تجاوز المبدأ الإشتراكي للأجر حسب العمل المنجز إلى تطبيق مبدأ " من كل حسب قدراته إلى كلّ حسب حاجياته " ، و ليس فقط تجاوز الإضطهاد القومي بل أيضا تجاوز الأمم ذاتها ، و القضاء على كلّ آثار إضطهاد النساء من قبل الرجال و الإيديولوجيا الأبوية ، و أشياء أخرى كثيرة . و فى الأخير ، يعنى بلوغ تجمع حرّ من الناس فى العالم بأسره دون إستغلال و إضطهاد و دون لامساواة إجتماعية ، و دون طبقات و أمم ولا دول، فيه " ستوجد مبادئ التعاون الجماعي من أجل المصلحة العامة و ضمنها ، سيزدهر الأفراد وتزدهر الشخصية الفردية على نحو لم يسبق له مثيل" ( 21) ( 21- المصدر السابق ، الصفحة 35 ) .

هل هذه هي الغاية الأسمى ؟ أم هل أنّ الغاية هي ببساطة إقتصاد مخطّط يوفّر ظروفا أفضل للجماهير؟ أم لا تمييز بينهما ؟ " هل نقترح على أنفسنا مجتمعا ، علاوة على تلبيته لحاجيات الشعب ، يتميّز أكثر فأكثر بالتعبير و المبادرة الواعيين للجماهير؟ هذا تغيير أكثر جوهرية من مجتمع تضامن إجتماعي ، إشتراكي إسما و رأسمالي جوهرا ، فيه دور الجماهير يتحدّد فى جزء كبير منه فى إنتاج الثروة و ليس فى نقاش شؤون الدولة و تحديدها ، و توجه المجتمع و الثقافة و الفلسفة و العلم و الفنون إلخ " ( 22) ( 22 المصدر السابق الصفحة 68).

لقد كان الإكتشاف الكبير لماو تسى تونغ - الإكتشاف الذى يتجاهله أو ينبذه جزء هام من الذين يدعون أنهم "ماويون" - على أساس تلخيص تجربة إعادة تركيز الرأسمالية فى الإتحاد السوفياتي القديم وصراع الطبقات فى ظلّ الإشتراكية فى الصين ، أنّ اللامساواة و العلاقات الموروثة عن المجتمع القديم و التى تتواصل فى ظلّ الإشتراكية - ما سمّاه ماركس " الحق البرجوازي" أو " ندوب " المجتع القديم ضمن المجتمع الجديد(23) - و كذلك الأفكار المناسبة ، لا يجب فقط تغييرها والقضاء عليها لبلوغ الشيوعية بل هي أيضا ، إلى جانب الحصار الإمبريالي ، تمثّل فى المجتمع الإشتراكي أساس إستمرار الصراع الطبقي العدائي و تشكّل برجوازية جديدة فى صفوف بعض أعلى قادة الحزب الشيوعي ذاته ، " أتباع الطريق الرأسمالي" الذين يطبقون سياسة الدفاع عن هذه اللامساواة و العلاقات و الأفكار الموروثة عن المجتمع القديم و توسيعها بدلا من تقليصها خطوة خطوة.( 23- مثلما أشار ماركس إشارة صحيحة إلى ما نسميه الآن الإشتراكية :
" إن ما نواجه هنا ليس مجتمعا شيوعيّا تطوّر على أسسه الخاصّة ، بل مجتمع يخرج لتوه من المجتمع الرأسمالي بالذات ؛ مجتمع لا يزال ، من جميع النواحي ، الإقتصادية و الأخلاقية و الفكرية ، يحمل طابع المجتمع القديم الذى خرج من أحشائه " ( ماركس " نقد برنامج غوتا " الأعمال المختارة المجلد 3 ، الصفحة 17).[ بالعربية ، ذكره لينين فى " الدولة و الثورة " ، الصفحة 98 ، دار التقدّم ، موسكو].

و إذا توصّل هذا الموقف ، هذا الخطّ ، إلى إنجاز إنقلاب و المسك بقيادة الحزب الشيوعي و الدولة الإشتراكية ، ستتمّ إعادة تركيز الرأسمالية ، و لو أنّها فى البداية ستتخذ شكل رأسمالية الدولة تحتفظ بعدُ بإسم " الإشتراكية " بقيادة حزب تحريفي لا يزال يطلق على نفسه نعت " شيوعي" ، و هذا هو بالضبط ما حصل فى الإتحاد السوفياتي فى 1956 و فى الصين فى 1976.

لم يكن مؤسسو الإشتراكية قد توقّعوا مدى تعقّد المرحلة الإنتقالية الذى أماطت عنه اللثام التجارب الأولى للإشتراكية ، و فى 1936، حلّل ستالين بصورة خاطئة أنّه بعدُ لم تعد توجد طبقات عدائية فى الإتحاد السوفياتي . و بهذه الفكرة الخاطئة جوهريّا ، أوّل المعارضة و الصراع اللذان إستمرّا كنتاج حصرا لعملاء الإمبريالية و الطبقات المستغِلّة المطاح بها و خلط التناقضات فى صفوف الشعب و التناقضات مع العدوّ ؛ و عوّل أكثر فأكثر على قوات القمع التابعة للدولة الإشتراكية فى صراع الطبقات ، عوض التعويل جوهريّا على تعبئة الجماهير و قيادتها فى خوض الصراع الإيديولوجي و السياسي لمواصلة التقدّم بالإشتراكية .

و بالعكس ، إكتشف ماو ببلوغه فهما أصحّ لتواصل صراع الطبقات العدائية فى ظلّ الإشتراكية ، فى الثورة الثقافية شكلا لإطلاق العنان للجماهير ولتمرّدها فى ظلّ الإشتراكية لتتعلّم تمييز المواقف وتحليلها ، المواقف التى تدافع عن العلاقات و الأفكار الموروثة من الماضي بحجج " ماركسية " و " شيوعية " ، ونقد القيادات الشيوعية أتباع هذا الطريق الرأسمالي و الإطاحة بها ، و الخوض فى كلّ مرّة أكثر هي ذاتها فى مشاكل التغييرات الجديدة و المجدّدة فى علاقات الإنتاج و العلاقات الإجتماعية ، و كذلك فى الأفكار .

وهذه الخطوات العظيمة إلى الأمام النظرية منها و العملية هي اليوم من " الإرث المنسي" لدي النزعة الدغمائية و النزعة الديمقراطية - البرجوازية المفضوحة أكثر داخل الحركة الشيوعية العالمية وهتان النزعتان رغم إختلافاتهما تشتركان فى ميزة " عدم الإضطلاع أو عدم الإنخراط مطلقا بأي طريقة منهجية ، فى تلخيص علمي للمرحلة الأولى من الحركة الشيوعية و بوجه الخصوص للتحليل الثاقب لماو تسى تونغ لخطر و قاعدة إعادة تركيز الراسمالية فى المجتمع الإشتراكي." ( 24) ( 24- بيان الحزب الشيوعي الثوري ، الولايات المتحدة الأمريكية ، الفصل الخامس) .

بعد عشر سنوات من الثورة الثقافية ، عقب الإطاحة بمحاولي إنجاز إنقلاب تحريفيين ، إثر إطلاق العنان للملايين ليناقشوا و ينقدوا و يأثّروا فى توجّه المجتمع بصورة لم يشهد لها مثيل فى التاريخ ، بعد إيجاد أشياء إشتراكية جديدة غير مسبوقة و مع ذلك ، بموت ماو ، توصّلت زمرة تحريفية جديدة إلى سجن أتباعه ( " مجموعة الأربعة ") ، و إلى إلحاق الهزيمة العسكرية بالمليشيات الشعبية التى تمرّدت ضد إستيلاء التحريفيين على السلطة و إعادة تركيز الرأسمالية.

على ضوء هذه التجربة و هذه الإكتشافات بالنسبة للذين يضعون أنظارهم على غاية الشيوعية ، ينبغى أن يكون من البديهي أنّه ثمّة المزيد لفهمه ، المزيد للتطوير ، حتى نتمكّن من تطبيق أفضل لدكتاتورية البروليتاريا و مزيد التقدّم نحو الشيوعية فى هذه المرحلة الأولى للثورة البروليتارية العالمية. فى هذا الوقت من إنتشار " النزعة المشتركة لتحويل " الماوية " إلى مجرّد وصفة لخوض حرب الشعب فى بلدان ما يسمّى بالعالم الثالث بينما تهمل مجّددا أو تقلص أهمّية أهمّ مساهمة من مساهمات ماو فى الشيوعي : تطويره لنظرية و خطّ مواصلة الثورة فى ظلّ دكتاتورية البروليتاريا " ( 25) (25 – المصدر السابق) ، لا يمكن أن نبالغ فى قول إنّ الخطوط التى تعارض الخوض الآن فى مشاكل الإنتقال الإشتراكي إلى الشيوعية تظلّ فى إطار النظام الرأسمالي بشكل أو آخر و لا تنسجم مع نضال قادر على تركيز جديد لدكتاتورية البروليتاريا وقيادة الجماهير فى ممارسة السلطة للتقدّم أكثر و بصورة أفضل نحو الشيوعية. إن لم تكن تخوض فى النضال الشيوعي ، إن لم تكن تخوض فى كيفية القضاء على " الكلّ الأربعة "، لست بصدد النضال من أجل الشيوعية .

6- مجتمع جديد بعمق ثوري و تحرّري : اللبّ الصلب مع الكثير من المرونة:

على عكس الذين يحاججون بأنّ " الإطار النظري الموجود" للقرن الماضي يكفى ، و الذين يرغبون فى التخلّص من التجربة الماضية على أنّها رئيسيّا سلبية ، فإنّ الخلاصة الجديدة توفّر لنا فهما أعمق لتناقضات سيرورة الإنتقال التاريخي - العالمي من النظام الرأسمالي- الإمبريالي العالمي إلى النظام الشيوعي العالمي ، و تلخيص للأخطاء الثانوية لكن الهامة للماضي ، و إطار نظري جديد و توجه و منهج كيفية التقدّم أكثر و بشكل أفضل فى هذه المرحلة الجديدة من الثورة الشيوعية. ( 26) ( 26- ليس بوسعنا حتى أن نحيط بتلخيص العناصر الرئيسية لهذا هنا ، لذلك نحيلكم إلى " بيان الحزب الشيوعي الثوري ، الولايات المتحدة الأمريكية ، المذكور أعلاه و إلى " المفهوم الجديد للثورة الشيوعية : ما هي الخلاصة الجديدة لبوب آفاكيان ؟ على الأنترنت موقع:
).revcom.us

مساهمة مركزية للرفيق آفاكيان فى كيفية الخوض بشكل أفضل فى موضوع الإنتقال إلى الإشتراكية هي " اللبّ الصلب مع الكثير من المرونة " : هناك حاجة إلى لبّ صلب يستوعب بصلابة الغايات الإستراتيجية لسيرورة النضال من أجل الشيوعية و أهدافه و يلتزم بها . إن فقدنا هذا ، سننتهى إلى إعادة كلّ شيء إلى الرأسماليين بصورة أو أخرى ، مع كلّ الفظائع التى يعنيها ذلك ... هذا من جهة و لكن من جهة أخرى ، إن لم نفتح مجالا لتنوّع كبير و ليكتشف الناس الكثير من الطرق فإنّ ذلك سيتسبّب فى ضغينة كبرى ، و إضافة إلى ذلك ، لن تكون لدينا سيرورة ديناميكية و متعدّدة الجوانب تسمح إلى أكبر درجة ممكنة بظهور الحقيقة و تمنحنا القدرة على تغيير الواقع " (27)( 27- الأساسي من خطابات بوب أفاكيان و كتاباته " ، الصفحة 59).

هذا شيء عميق و جديد و هام . و فى علاقة جدلية بلبّ صلب يناضل من أجل الشيوعية ، نحتاج ليس فقط إلى السماح بل إلى تشجيع صراع الآراء المتباينة و النقاش و التنوّع و " المرونة ". لماذا ؟ لأنّ هذا التنوّع يوجد فى المجتمع الإشتراكي و عدم الإعتراف بهذا و التعاطي معه على نحو مناسب يؤدّى إلى " ضغينة كبرى" و تبعات سيّئة جدّا ذلك أنّه و إن كانت قيادة الحزب الشيوعي ضرورية ، كذلك من الأساسي أن نشرك فى كلّ مرّة أكثر جماهيرا عريضة فى حكم المجتمع الجديد و الخوض فى مشاكل الإنتقال إلى الشيوعية و لن يتحقّق هذا بالأوامر و إنّما يتطلّب النقاش و صراع الآراء المتباينة . ولأنّه لا توجد خريطة محدّدة سلفا لبلوغ الشيوعية ، فإنّ هذه السيرورة تشتمل على عديد المشاكل المعقّدة و الصعبة التى يجب معالجتها ، و هناك حاجة إلى علاقة جدلية بين اللبّ الصلب الشيوعي و " المرونة " إزاء الكثير من التنوّع و النقاش و التجريب الإجتماعي لإيجاد الأجوبة المناسبة .

سيكون من العسير جدّا أن نعانق بمعنى واسع كلّ هذا و أن نقوده نحو الشيوعية - بالفعل ، يشدّد آفاكيان على أنّه عند نقاط قصوى سنشعر بانّنا نذهب إلى حدود التفكّك - لكن مثل هذه السيرورة الثرية و المتعدّدة الأوجه أساسية بالنسبة لخلق نوع جديد من المجتمع الإشتراكي فيه ترغب أن تعيش الغالبية العظمى و كذلك بالنسبة لجعل المجتمع يتقدّم ، إضافة إلى التقدّم فى الثورة العالمية نحو الشيوعية و ليس العودة إلى الرأسمالية (28) ( 28- لقد إكتشف آفاكيان مظاهرا متنوّعة من تطبيق هذا النوع من الفهم للإنتقال الإشتراكي ( و هذا ينطبق كذلك على النضال فى ظلّ الرأسمالية ) الذى يمكن فقط الإشارة إليه بإقتضاب هنا ، كيفية التشجيع على النقد و صراع الآراء المتباينة ، بما فى ذلك نقد الحزب الشيوعي و قادته ، و السماح بنشر حتى بعض الكتب الرجعية كهدف للنقد و النقاش ، و نقد مفهوم " الإيديولوجيا الرسمية " فى الإشتراكية و من ذلك تكريس القيادة الشيوعية الجوهرية من خلال الصراع الإيديولوجي و السياسي و ليس من خلال الإستحواذ على المواقع القيادية فى المجتمع الجديد ، و دور أكبر للإنتخابات ودولة حقّ إشتراكي. من أجل رؤية فى آن ملموسة و ملهمة لهذا المجتمع الجديد الحيوي و التحرّري ، ننصح بدراسة " دستور الجمهورية الإشتراكية الجديدة من أمريكا الشمالية ( مشروع مسودّة)" للحزب الشيوعي الثوري ، شيكاغو 2010). و مع أنّه يعرض دستورا خاصا بجمهورية إشتراكية لما هو الآن الولايات المتحدة ، فهو ينطوي أيضا على الكثير من العناصر ذات البعد العالمي .)

و يندّد الحزب الشيوعي (الماوي) الأفغاني ، فى الوثيقة التى مرّ بنا ذكرها ، بالخلاصة الجديدة عامة على أنّها " إنسانوية فجّة " و يعارضها " حتى فى ظلّ الإشتراكية " ب" الصراع الطبقي الثوري " و" مواصلة الصراع الطبقي ".( 29) (29-" الطريق الماوي "، الصفحة 41).

و فى الواقع ، مثلما شاهدنا ، تنطلق الخلاصة الجديدة تحديدا من الإقرار بمواصلة الصراع الطبقي العدائي فى ظلّ الإشتراكية و من كيفية التعاطي بصورة أفضل مع هذا و مع تناقضات أخرى للإنتقال من الإشتراكية إلى الشيوعية . إنّهم لا يتفضّلون علينا و لا بمثال عن ما يدّعون من " إنسانوية فجّة " . أيعزى ذلك لأنّ آفاكيان يطرح النضال من أجل " تحرير الإنسانية " و ليس فحسب الطبقات المضطهَدة ؟ لا يقولون لنا إن كان ذلك كذلك . ما يمكن أن نفترضه ، على الأقلّ ، بدفاعهم عن " الإطار النظري الموجود " منذ 40 سنة و بتشديدهم على " الصراع الطبقي" فى معارضة ما يدعون من " إنسانوية فجّة " هو أنّ الحزب الشيوعي (الماوي) الأفغاني ليس موافقا على نقد نزعة نحو" تجسيد" البروليتاريا فى صفوف الحركة الشيوعية فى القرن الماضي .

" تجسيد " البروليتاريا و مجموعات مضطهَدة أخرى " نزعة تعتبر أنّ أشخاصا معينين من هذه المجموعات ، كأفراد ، يمثّلون المصالح العامة للبروليتاريا كطبقة و بمعنى أوسع ، النضال الثوري الذى يتناسب مع المصالح الجوهرية للبروليتاريا " (30) ( 30- بيان الحزب الشيوعي الثوري ، الولايات المتحدة الأمريكية ، الفصل الرابع ) .

و قد عبّرت هذه النزعة عن نفسها ، مثلا ، فى فكرة أنّ الأشخاص المنحدرين من الطبقات المستغِلّة سيكون لهم بالضرورة موقف أكثر ثورية و " بروليتارية " من أشخاص من شرائح أخرى . و لئن كان من الأكيد أنّ البروليتاريا هي القاعدة الإجتماعية الأصلب بالنسبة للثورة الشيوعية ، فإنّ هذا لا يمكن أن ينطبق آليّا على الإيديولوجيا و على دور الأفراد : ماركس كما لاحظ لينين " ينحدر من البرجوازية المثقّفة و مع ذلك كان موقفه موقفا ثوريّا أكثر صراحة و تناسبا مع الواقع من ثوريي زمنه. و إنعكاس آخر لذات النزعة الخاطئة يتجلّى فى الفكرة فى الإتحاد السوفياتي أنّه بتدريب تقنيين و آخرين من صفوف العمّال و الفلاحين ، سيعالجون مشكلة تغيير هذه الفئات. و لو أنّ ذلك مثّل تقدّما ضروريّا و هاما ، فإنّه لم يقع إدراك كافي لضرورة المضي فى تقليص الإختلافات بين العمل اليدوي و العمل الفكري ( التى لم تتغيّر و إن كان الأصل الطبقي للتقنيين الجدد بروليتاريّا ) ، و لن يلعب هؤلاء الناس المنحدرين من الطبقة العاملة بالضرورة دورا يتماشى مع التقدّم بالثورة الشيوعية .

و يترجم هذا أيضا فى فهم هدف النضال : هل هو فقط القضاء على إضطهاد و إستغلال الطبقات المضطهَدة و المستغَلّة سابقا ( وهو أمر ضروري بيد أنّه غير كافي ) أم يتطلّب القضاء على " الكلّ الأربعة " التى تعنى تحرير الإنسانية جمعاء من كافة العلاقات و الأفكار المميّزة للمجتمعات الطبقية ؟ خلافا لكافة الطبقات الثورية السابقة ، لا تبحث البروليتاريا عن تحرّرها و عن تركيز هيمنتها على المجتمع و إنّما تبحث عن إضمحلالها مع إضمحلال الطبقات عموما بما أنّه ليس بوسعها أن تتحرّر " دون أن تحرّر فى نفس الوقت ، و إلى الأبد ، كلّ المجتمع من كلّ أنواع الإستغلال و الإضطهاد و الإنقسام إلى طبقات و صراع الطبقات " (31) ( 31- فديريك إنجلز" مقدّمة الطبعة الأنجليزية لسنة 1888" ضمن ماركس و إنجلز " بيان الحزب الشيوعي " ، منشورات باللغات الأجنبية ، بيكين 1970، الصفحة 13) أو مثلما صاغ ذلك آفاكيان بطريقة جدّ مختصرة و عميقة ": الشيوعية : عالم جديد تماما و تحرير الإنسانية جمعاء- و ليس " الأخيرين سيصبحون الأوّلين و الأوّلين الأخيرين" (32) ( 32- " الأساسي من خطابات بوب آفاكيان و كتاباته " ، منشورات الحزب الشيوعي الثوري ، الصفحة 33 ، شيكاغو 2011) .

و رغم أنّ الحزب الشيوعي ( الماوي) الأفغاني لا يوفّر لنا لا أمثلة و لا حججا حول إختلافه مع مضمون الخلاصة الجديدة ، فإنّه يعرض علينا النزعة الدغمائية العامة فى صفوف الحركة الشيوعية العالمية و التى كان لها تأثير كبير صلب منظّمتنا ذاتها ، المنظمة الشيوعية الثورية ، المكسيك . و هكذا نظرا لكون الحزب الشيوعي (الماوي) الأفغاني لا يقدّم لنا حججا ملموسة أكثر، نتقاسم مع القراء بعض الحجج من صفوفنا ذاتها و مع آخرين ، على الأرجح لهم ما يوازيها فى شكل أو آخر من المفاهيم الدغمائية التى عبّر عنها الحزب الشيوعي ( الماوي) الأفغاني و آخرون فى الحركة العالمية .

من الحجج المقدّمة أنّ الحديث عن أخطاء الماضي لا يفعل سوى تعزيز هجوم البرجوازية المعادي للشيوعية . و هذا الهجوم واقعي و مثلما علّق آفاكيان ، توجد " قروش حقيقية " (33) تبحث عن إستغلال أخطاء الشيوعيين ، بيد أنّ مقاربة علمية قادرة على فهم المشاكل كما هي حقّا من أجل تقديم حلول واقعية تتطلّب تشخيصا بلا مداورة لما كان صحيحا ( رئيسيّا و كذلك لما كان خاطئا ( ثانويّا ) فى النظرية و الممارسة السابقتين . ( 33- حوار بوب آفاكيان مع بعض الرفاق حول الأبستيمولوجيا:عن معرفة العالم و تغييره" ، " ملاحظات حول الفنّ و الثقافة ،و العلم و الفلسفة " أنسايت براس ، الولايات المتحدة الأمريكية 2005 ، الصفحة 58 . و الحوار بالذات متوفّر على الأنترنت فى موقع
)revcom.us

عند الخوض فى التجربة بطريقة علمية يمكن التمييز بين الأكاذيب و التشويهات من جهة ، و الأخطاء الحقيقية ، من جهة أخرى ، و كذلك يمكن فهم الظروف التى وقعت فيها ، و الأخطاء المعنية فى المنهج و إستخلاص الدروس الهامة . و يعزّز كلّ هذا فى الواقع قدرة الشيوعية على الردّ على الهجوم المناهض للشيوعية و يساهم أيضا فى تطوير فهم ينسجم أكثر مع الواقع لقيادة النضال من أجل الشيوعية . يجسّد منهج عدم النقد المفتوح لمفاهيم الماضي و قول شيء آخر كما لو أنّه مواصلة للماضي بينما هو ليس كذلك ( أو أتعس حتى ، مجرّد تكرار لما هو خاطئ ) تعاطيا تقريبا دينيّا مع الماركسية تسبّب فى قدر كافي من الأذى للحركة .

و حجّة أخرى هي أنّه بتشجيع صراع الآراء المتباينة ستتمّ إعادة تركيز الرأسمالية بسرعة أكبر و قد جرت المحاججة بأنّ ماو حاول شيئا مشابها مع سياسة لتتفتّح مائة زهرة و لتتباري مائة مدرسة فكرية فى خمسينات القرن العشرين و لم ينجح الأمر ، إذ إستغلّ اليمين ذلك فوضع إضطرارا حدّا لهذه السياسة . و من الأكيد أنّ البرجوازية القديمة و الجديدة ستحاول إستغلال الفجوات المتاحة للمعارضة لتعيد تركيز الرأسمالية ، و من الأكيد أن مثل هذه المقاربة تتطلّب الكثير و الكثير من الشيوعيين ليقنعوا الناس بحججهم . و مع ذلك ، بيّنت التجربة أن النزعات الغالطة تجاه معالجة التناقضات المعقّدة للإشتراكية بواسطة الأوامر تبقى الجماهير غير واعية و فاقدة للسلاح و تفضى إلى التعامل عدائيّا مع التناقضات فى صلب الشعب و " تصبّ ماء باردا" على الجوّ العام بقمع التلاقح الضروري للأفكار المتنوّعة و العمل العلمي و الفنّي و الثقافي و تخلق تصلّبا فى التفكير غير قادر على المعالجة الصحيحة لتناقضات الإنتقال الإشتراكي المعقّدة و حلّها فى غالبية الأحوال غير " بديهي" .

ثمّة حاجة إلى دراسة أعمق لتجربة " المائة زهرة " بيد أنّه تجدر الملاحظة بأنّه رغم أنّ الرجعيين داخل الحزب و خارجه قد إستغلّوا الإنفتاح ، فإنّ هذا بالفعل قد ساعد على توضيح مختلف المواقف المناقشة التى إستطاع ماو و الثوريون لاحقا نقدها بصورة أعمق وقتالها بصورة أشمل . و هذا لم يكن " نهاية " صراع الآراء المتباينة فى ظلّ الإشتراكية الماوية و لا شيء من هذا القبيل فالثورة الثقافية ، من بين أشياء أخرى ، عنت النقاش و صراع الآراء المتباينة على نطاق واسع .

تمثّل الخلاصة الجديدة و اللبّ الصلب مع الكثير من المرونة تقدّما نوعيّا أبعد بكثير حتى من أفضل ما فى التجربة الماضية ، و تلخيصا علميّا لهذه التجربة يشير إلى أنّ " المرونة " و صراع الآراء المتباينة و النقاش و تنوّع التجريب الإجتماعي الذين يقترحهم أساسيين لتوضيح المشاكل المعقّدة للإنتقال الإشتراكي و لتربية الجماهير و الشيوعيين نفسهم على المواجهة بين وجهات نظر مختلفة فى الصراع بين التقدّم نحو الشيوعية والتراجع نحو الرأسمالية ، و ذلك حتى تساهم الجماهير كلّ مرّة أكثر فى حكم المجتمع الجديد مستفيدة من المساهمات الممكنة لجميع الفئات الإجتماعية الأكثر تنوّعا طالما أنّ لبّا صلبا فى إتساع يبذل قصاري جهده ل"إستيعاب" كلّ هذا بالمعنى الأشمل و يناضل من أجل التقدّم صوب الهدف الشيوعي .

و كذلك جرت المحاججة بأنّ هذا سيعطى دورا أكبر للمثقّفين و الفنّانين ( و بالفعل تقترح الخلاصة الجديدة دورا أكبر للمثقفين والفنانين فى الإشتراكية ) الذين لم يعانوا و بالتالى سيناضلون من أجل إعادة تركيز الرأسمالية ، على عكس العمال و الفلاحين الذين عانوا و بالتالى سيكونون من أنصار الإشتراكة و سيمسكون أكثر بالحقيقة ( يعنى ، تعبير عن " تجسيد " البروليتاريا و مضطهَدين آخرين الذى سبق و أن علقنا عليه ، و كذلك موقف " الحقيقة الطبقية " الذى نقده آفاكيان ) . و لو أنّ الشيوعية تتناسب مع المصالح العامة للبروليتاريا كطبقة ، فإنّ الأشخاص البروليتاريين أو من الفئات المضطهَدة الأخرى ليس موقفهم بالضرورة أفضل و أصحّ و لو أنّ وجهة النظر و المنهج العلمي للشيوعية يقدّمان لنا طريقة أشمل و أكثر منهجية و صراحة لبلوغ الحقيقة ، فإنّ الأشخاص الذين لا يتبنّونها أو حتى يقفون ضدّها يكتشفون كذلك حقائقا. و حال ليزنكو ، فى الإتحاد السوفياتي مثال للضرر الذى تتسبّب فيه هذه الفكرة عن " الحقيقة الطبقية " و أهمّية الإستناد إلى الحقيقة الموضوعية ، بقطع النظر عن من يكتشفها .

وجد جدال فى الإتحاد السوفياتي عندما كان بلدا إشتراكيّا بين مختصّ فى علم الزراعة ، ليزنكو، الذى كان يدافع عن نظرية " وراثة الصفات المكتسبة " التى بيّن العلم خطأها من جهة و علماء آخرين من جهة ثانية كانوا يحاججون بأنّ هذه النظرية لا أساس لها من الصحّة . و تدخّل ستالين و قادة آخرون من الحزب مساندين ليزنكو الذى كان مناصرا للإشتراكية و الشيوعية ، ضد العلماء الآخرين الذين كانت مواقفهم السياسية متخلّفة مقارنة به ، و فى جزء منه لأسباب نفعية - براغماتية ذلك أنّه كان يعد بمعالجة أسرع للمشاكل الحادة فى الفلاحة . وفى الواقع ، فى هذه المسألة كان الحقّ مع العلماء الأكثر معارضة للإشتراكية و إنجرّ عن عدم الإعتراف بذلك ضرر كبير ، ليس فقط لأنّه لم ينجح بل كذلك للمنهج الخاطئ الذى كان يطبّق أيضا فى حالات أخرى ( 34) و الذى صار جزءا من توجه مرشد للعلوم و منهج للحزب . (34- أنظروا مثلا ، آفاكيان : " الدكتاتورية و الديمقراطية ، و الإنتقال الإشتراكي إلى الشيوعية "، متوفّر على الأنترنت :
) .revcom.us

هذا من جهة ومن جهة أخرى ، كجزء من قتال إعادة تركيز الرأسمالية و التقدّم نحو الشيوعية ، من الجوهري التعايش مع الفئات الوسطى و تغييرها. و مثلما يشير آفاكيان " هذه وحدة أضداد : التعايش مع الفئات الوسطى و تغييرها . إذا إقترح المرء التعايش معها فحسب ، سينتهى بتسليم السلطة ليس إلى البرجوازية الصغيرة ، بل إلى البرجوازية التى ستتحكم كلّ مرّة أكثر فى الوضع. و من ناحية أخرى ، إذا إقترح المرء تغيير البرجوازية الصغيرة ( متحدّثين بصفة عامة عن الفئات الوسطى) ، سينتهى إلى التعامل معها كما لو كانت البرجوازية و يدفعها إلى معسكر البرجوازية ما سيقوّض جدّيا دكتاتورية البروليتاريا ، و على هذا النحو كذلك ستخسر السلطة " . (35)( 35- بوب آفاكيان "أسس الثورة الشيوعية و أهدافها ومناهجها"الجزء الأوّل ، متوفّرعلى
).revcom.us

و يتداخل توجّه اللبّ الصلب مع الكثير من المرونة و القطيعة الإبستيمولوجية مع النزعات الخاطئة داخل الحركة الشيوعية العالمية نحو " الحقيقة السياسية " و تحديد " الحقيقة " بالفوائد الظاهرية المباشرة للقوى الثورية ، بالتشديد بالعكس ، على المنهج العلمي للمادية الجدلية و على ضرورة الإعتماد على الحقيقة الموضوعية ، بما فى ذلك " الحقائق المخجلة " لأخطاء إقترفتها الحركة الشيوعية العالمية و بتأكيده على" الحقيقة جيدة بالنسبة للبروليتاريا ، كلّ الحقائق تساعدنا على بلوغ الشيوعية." (36) ( 36- " حوار بوب آفاكيان مع بعض الرفاق حول الإبستيمولوجيا : عن معرفة العالم و تغييره " ، مصدر سابق ، متوفّر على
).revcom.us

والإعتراف الأعمق بأنّ الإنتقال الإشتراكي نحو الشيوعية يستدعي معالجة عديد التناقضات التى لم تحلّ بعدُ ، و بأنّه لهذا ثمّة حاجة إلى التفاعل الجدلي بين اللبّ الصلب الشيوعي و الكثير من " المرونة " و صراع الآراء المتباينة و التجريب الإجتماعي للتمكّن من إيجاد الأجوبة المناسبة مرتبط بالقطيعة الفلسفية مع نزعة " الحتمية "التى نعثر عليها حتى فى " بيان الحزب الشيوعي " كمظهر ثانوي مناقض للمنهج الرئيسي العلمي لماركس و إنجلز و التى بلغت تعبيراتها الأكثر تطرّفا المادية الميكانيكية و الأفكار الماقبلية التحديد الدينية تقريبا ، مثل الأفكار التى يعبّر عنها آبيمائيل غوزمان ، المشهور أكثر ب " الرئيس غنزالو" من الحزب الشيوعي البيروفي من مثل " محكوم علينا أن ننتصر" أو " خمسة عشرة مليون سنة أدّت بالأرض إلى ولادة الشيوعية " (37) ( 37- " من أجل راية جديدة " ، " حرب الشعب فى البيرو، فكر غنزالو" تجميع و نشر لويس آرخى بورخا ، بروكسال ، 1989، الصفحة 144. إضافة إلى فكرة الماقبلية التحديد المتضمّنة فى صيغة تطوّر الأرض يؤدّى بالضرورة إلى الشيوعية ، و فى الواقع يشير العلم إلى انّ الأرض توجد منذ فقط 4 إلى 5 مليون سنة ).

7- لبّ صلب دون مرونة " يفرض " الشيوعية : " التقدّم " بأخطاء القرن العشرين:

إنّ هذا المنهج الميكانيكي و الحتمي مرتبط بمفهوم آخر عن كيفية معالجة مشاكل الإنتقال الإشتراكي نحو الشيوعية : خطّ " حرب الشعب إلى الشيوعية " المعبّر عنه دون الكثير من التطوير النظري من قبل الحزب الشيوعي البيروفي و المكرّر من قبل بعض نقّاد الخلاصة الجديدة .

عند نقد هذا الفهم الخاطئ ، نودّ أن نشير إلى أنّ حرب الشعب فى البيرو بقيادة الحزب الشيوعي البيروفي ورئيسه غنزالو قد مثلت تقدّما هاما فى الثورة الشيوعية العالمية ولّد آمالا جديدة لدى المضطهَدين عبر العالم بأسره . و قد إستحقّت و نالت دعم الشيوعيين و الثوريين و التقدّميين فى كافة أنحاءالعالم . و مع ذلك، هناك حاجة لتحليل أعمق لإستخلاص دروس هذه التجربة الثورية . و لا ندّعي هنا القيام بتقييم أعمّ لخطّ الحزب الشيوعي البيروفي فى ظلّ قيادة غنزالو قبل إقتراحه وهو فى السجن للخطّ الإنتهازي اليميني للتفاوض من أجل إنهاء حرب الشعب. ( 38) ( 38- بعدُ هناك أدلّة كافية عن أنّ أبيماييل غزمان / الرئيس غنزالو هو بالفعل صانع هذا الخطّ . إنظروا " تحليل جدّي لوضع الثورة فى البيرو و حاجياتها " ، " عالم نربحه " عدد 32 .)

أمّا فى ما يتصل بخطّ " حرب الشعب إلى الشيوعية " ، فمن البداية ، نقول إنّ فهم المشكل فهم يجانب الحقيقة : " حين تفقد البرجوازية السلطة تتسلّل إلى الحزب و تستعمل الجيش و تبحث عن الإستيلاء على السلطة وعن تحطيم دكتاتورية البروليتاريا قصد إعادة تركيز الرأسمالية ..."(39) ( 39- " أسس للنقاش" ، ضمن " حرب الشعب فى البيرو ، فكر غنزالو"، الصفحة 370). و هكذا لا يتمّ التمييز بين مشكل ممثلي البرجوازية القديمة المطاح بها الذين يتسلّلون إلى الحزب ، و مشكل البرجوازية الجديدة الذى يظهر فى ظلّ الإشتراكية و بصورة خاصة فى صفوف بعض قادة الحزب الشيوعي بفعل إستمرار " الحقّ البرجوازي" - اللامساوة و العلاقات الموروثة عن المجتمع القديم فى علاقات الإنتاج والعلاقات الإجتماعية- و كذلك الأفكار المناسبة لها و بالفعل ، يلاحظ شيء من هذا الفهم ذاته فى عديد الوثائق فى بداية الثورة الثقافية ، لكن فهم ماو و رفاقه كان يتطوّر أكثر مع تحليل كيف أنّ تناقضات المجتمع الإشتراكي تولّد عناصرا برجوازية جديدة.

و مثلما أشار تشانغ تشن- تشياو، رفيق ماو فى القتال ضد التحريفيين الذين إستولوا فى النهاية على السلطة إثر وفاة ماو ، عندما كانت الصين بعدُ إشتراكية : " يجب أن يكون لدينا وعي بأنّه لا يزال خطر التحوّل إلى التحريفية يهدّد الصين . و يفسر هذا ليس فقط بان الإمبريالية و الإمبريالية الإشتراكية لا تنسيان و لو للحظة الإعتداء عليها و بثّ الإضطراب فيها و بإستمرار عناصر قديمة من طبقتي الإقطاع و البرجوازية اللتان لم تقبلا بالهزيمة ، بل كذلك بولادة عناصر برجوازية جديدة مثلما قال لينين فى كلّ يوم و فى كلّ ساعة " (40) ( 40- تشانغ تشن- تشياو، " حول الدكتاتورية الشاملة على البرجوازية " ، " عالم نربحه " ، عدد 14 ، الصفحة 47). و يجرى تشانغ تحليلا دقيقا لكيفية إستمرار الحق البرجوازي فى علاقات الإنتاج فى ظلّ الإشتراكية و إفرازه برجوازية جديدة و كذلك للصراع حول مواصلة محاصرة الحقّ البرجوازي أم تعزيزه وتوسيعه . عند الحديث عن ضرورة القضاء على " الكل الأربعة " المذكورة أعلاه ، يقول :" كلّ المظاهر الأربعة ! لا يتعلّق الأمر بجزء ، و لا بغالبية ، و لا بغالبية ساحقة ، بل بكلّها !" و يقارن هذه الضرورة بأعضاء الحزب الذين " يوافقون على دكتاتورية البروليتاريا التى تمارسها البروليتاريا فى مرحلة معيّنة و فى حقل معيّن و يفرحون ببعض الإنتصارات التى تحققها " لكن عند بلوغ نقطة محدّدة ، يعارضون مواصلة تقليص الحقّ البرجوازي : دعونا من الدكتاتورية الشاملة على البرجوازية ! عفوا فليقم آخرون بذلك بما انّنى وصلت إلى نهاية رحلتي يجب أن أنزل من الحافلة . ننصح هؤلاء الرفاق : من الخطر أن تقفوا فى منتصف الطريق!" و فى ما يتصل بالقادة أتباع الطريق الرأسمالي يشير :" هل يقترحون تقليص الحقّ البرجوازي ؟ إنهم يقولون إنّه شيء ممتاز يجب توسيعه . إنهم مجموعة من المختصين فى الدفاع عن الأشياء القديمة و هم مثل حشد من الذباب المجتمع طوال اليوم حول " ندوب " و " فضلات " المجتمع القديم التى أشار إليها ماركس . و هم يتحمّسون بصورة خاصة إلى إستغلال فقدان الشباب للتجربة لينشروا فى صفوفه فكرة أنّ الدوافع المادية بمثابة قطعة جبن لها رائحة سيئة ، لكنّها لذيذة " (41) ( 41- المصدر السابق ، الصفحة 53).

و هذا الفهم الماوي المطوّر فى خضمّ الصراع الطبقي فى ظلّ الإشتراكية هو الذى أنقذه بوب آفاكيان و دافع عنه و منهجه فى إثر الإنقلاب فى الصين : " على وجه التحديد قادة الحزب أتباع الطريق الرأسمالي هم الذين يشكلون أكبر خطر على الإشتراكية و يجب أن يكونوا الهدف الرئيسي للنضال الثوري ... تفرز تناقضات المجتمع الإشتراكي- تقسيمات العمل و الإختلافات فى الأجور الباقية ، و إستمرار العلاقات السلعية إلخ ، و إستمرار تأثير الإيديولوجيا البرجوازية - أساس ولادة مستمرّة لعناصر برجوازية فى المجتمع عامة وخاصة فى المستويات العليا للحزب و أساس إستنهاض قاعدة إجتماعية للثورة المضادة . و هذا لا يعنى أنّ كلّ الموظّفين القياديين ببساطة نظرا لموقعهم ، سيتحوّلون بالضرورة إلى برجوازيين خونة للثورة . لكن فعلا يعنى أنّ هذا سيحدث مع البعض ( لا سيما مع الذين ينخرطون فى نمط حياة برجوازي و يتبنّون خطّا سياسيّا و إيديولوجيّا تحريفيّا ) ، و الذين سيشعرون بالضرورة و تتوفّر لديهم فرص تجميع أتباع لإفتكاك السلطة و إعادة تركيز الرأسمالية . و هذا المشكل ، مثلما إستنتج ماو ، سيتواصل طوال مرحلة الإشتراكية إلى أن تعالج هذه التناقضات عبر التقدّم الثوري نحو الشيوعية " ( 42) ( 42- بوب آفاكيان " المساهمات الخالدة لماو تسى تونغ" ، منشورات الحزب الشيوعي الثوري ، 1979 ، ناشرو التحرير 1991 ، شيكاغو ، صفحة 299-300 ).

و يبيّن ذات الإنقلاب فى الصين صحّة هذا التحليل فالذين إستولوا على السلطة لم يكونوا ممثلين للبرجوازية القديمة المطاح بها التى لا زالت موجودة فى تيوان ، بل رئيسيّا ممثلين للبرجوازية الجديدة التى ولّدتها الإشتراكية . و صيغة الحزب الشيوعي البيروفي المشار إليها تتناسى كلّ هذا التطوير للنظرية الماوية و بصراحة ، تعبّر عن تراجع نحو أخطاء ستالين الذى كان يرى خطر إعادة تركيز الرأسمالية مأتاه الممثلون المباشرون للبرجوازية القديمة و للبلدان الإمبريالية . و الحزب الشيوعي البيروفي ، خلافا لستالين ، نعم يعترف بإستمرار الطبقات العدائية فى ظلّ الإشتراكية بيد أنّه يتناسى كيف أنّ العلاقات فى المجتمع الإشتراكي عينه ( العلاقات الموروثة عن الرأسمالية التى يجب تغييرها نحو الشيوعية ) تمثّل القاعدة المادية لظهور برجوازية جديدة و لإعادة تركيز الرأسمالية . و هذا ليس موضوعا هيّنا. إن رأى المرء أنّ المشكل هو ببساطة ممثلو البرجوازية القديمة المطاح بها و البرجوازية العالمية ، سيبدو له أنّ الحلّ المباشر و الفعّال سيكون بشكل أو آخر مجرّد القضاء على هؤلاء الممثلين للبرجوازية القديمة : بقتل الكلب يوضع حدّ لداء الكلب . لكن إن أدركنا أنّ ذات تناقضات الإشتراكية تولّد بإستمرار خطر إعادة تركيز الرأسمالية و بأنّه ليس ممكنا " التوقّف فى منتصف الطريق " دون العودة إلى الراسمالية ، عندئذ يلاحظ أنّ المشكل أعقد.

على ضوء هذا ، ليس غريبا أن يؤكّد الحزب الشيوعي البيروفي أنّه " من الخطإ أن يعالج [ستالين] الأمور بشكل إداري" (43) ( 43-" أسس للنقاش" ، صفحة 313). ويقدّم ذلك كما لو أنّه منسجم مع موقف ماو فى حين أنّه فى الواقع يتنافى مع تقييم ماو الذى لاحظ أنّ " فى حقبة ستالين [ السنوات العشرين من القرن العشرين] ، لم يكن يوجد شيء يعوّلون عليه عدا الجماهير. لهذا كان يُطلب من الحزب و من الجماهير العمالية والفلاحين أن يبذلوا قصاري الجهد للتعبئة. و بعد ذلك ، عندما إمتلك الإتحاد السوفياتي شيئا ، لم يعد قادته يعوّلون على الجماهير " (44) ( 44- ماو ، ذكر فى " المساهمات الخالدة لماو تسى تونغ " ، الصفحة 147).

و بناء على هذا الفهم الخاطئ للمشكل ، يقترح " فكر غنزالو" للحزب الشيوعي البيروفي ، من جهة " التنظيم المسلّح للجماهير و المليشيا الشعبية التى تبتلع الجيش " . ضرورة الإبقاء على جيش محترف فى ظلّ الإشتراكية نظرا فى جانب هام إلى الحصار و العدوان الإمبرياليين ، تناقض هام جدّا فى ظلّ الإشتراكية لكن ، مثلما رأينا ، ليس التناقض الوحيد . و أيضا من الصحيح التشديد على تطوير المليشيات ، غير انّ هذا ليس بوسعه أن يكون حلاّ كاملا لهذا المشكل . و بالفعل ، الثوريون فى الصين نعم قد شجّعوا المليشيات و قد قاوم البعض منها الجيش النظامي زمن الإنقلاب لكنّها لم تستطع مواصلة المقاومة أمام القوات النظامية الأقوى و الأكثر تسلّحا و تدريبا و إنضباطا. و بصورة أعمق ، مجرّد تسليح الجماهير لا يضمن أي خطّ ستتبعه هذه الجماهير : و فعلا عديد المجموعات من الجماهير المسلّحة من المليشيات قد إتبعت تيّار الخطّ التحريفي الجديد فى السلطة .

و من هذا المقترح الجزئي ، يمرّون إلى مقترحات خاطئة و ضارّة بعمق : " عسكرة المجتمع " (45)( 45- " أسس للنقاش" ، الصفحة 370) . وفكرة أنّ تناقضات الإشتراكية تعالج ب" العنف الثوري " : " سنحافظ على مواصلة الثورة فى ظلّ دكتاتورية البروليتاريا بالعنف الثوري عبر الثورات الثقافية ، و لن نمضي إلى الشيوعية إلاّ بالعنف الثوري و طالما هناك مكان على الأرض يُوجد فيه إستغلال سنقضى على هذا الإستغلال بالعنف الثوري" ( 46) ( 46- المصدر السابق ، الصفحة 310). و فى المصاف الأوّل ، تقدّم الثورة الثقافية على أنّها أساسا " عنف ثوري" و هذا تشويه أرعن لنظرية و ممارسة الثورة الثقافية التى أكّد خلالها ماو مرّة تلو المرّة على عدم معالجة التناقضات بواسطة العنف ، وهو ما حصل لأنّ البروليتاريا كانت لا تزال تمسك بالسلطة ، و العنف الذى أطلق كان معاديا لخطّ ماو و أضرّ بتطوّر الثورة الثقافية . وعوض طرح صريح للإختلاف مع ماو ، يعكس تقديم فكرة مناقضة كما لو أنّها كانت فى توافق مع موقف ماو منهج خاطئ ، مثلما أشرنا ، إرثا من النزعات الخاطئة السابقة داخل الحركة الشيوعية العالمية نحو موقف دغمائي و ديني تجاه الماركسية.

بلا شكّ ، العنف الثوري ضروري لقبر الرأسمالية و تركيز الإشتراكية ، للدفاع عن البلدان الإشتراكية ضد العدوان الرأسمالي - الإمبريالي، و لإعادة تركيز الإشتراكية بعد إعادة تركيز الرأسمالية و إحباط محاولات مسلّحة للإطاحة بالدولة الإشتراكية. و مع ذلك ، لا يمكن أن يكون الوسيلة الرئيسية لمعالجة مشاكل الإنتقال الإشتراكي ، ببساطة " قطع الرؤوس". و من ناحية أخرى ، ليست البرجوازية هدفا ثابتا لا يتحوّل و ليست قابلة للتمييز بسهولة . فالقوى التى تشكّلها لا تتحدّث بصفة مفتوحة عن الرأسمالية : إنّهم قادة من الحزب الشيوعي ذاته يستمرّون فى الدفاع عن خطّ يؤدّى فى الواقع إلى إعادة تركيز الرأسمالية ، و فى لحظات معيّنة يمكن كسب البعض منهم على الأقلّ جزئيّا إلى الخطّ الثوري و آخرون لا يمكن كسبهم و بالفعل القوّة النسبية لمثل هذا الخطّ و إذا كانت له قدرة أم لا على الإستيلاء على السلطة تتغيّران فى علاقة بالوضع الموضوعي فى العالم و فى البلاد. إلى ذلك ، المشكل الجوهري مثلما رأينا ، لا يكمن فى هؤلاء الناس كأفراد بل فى خطّ له أسسه المادية فى المجتمع الإشتراكي . و التجربة قد بيّنت بعد أكثر من اللازم أنّه بإبعاد بعض القادة التحريفيين ، يظهر آخرون و هكذا ، علاوة على إستنهاض الجماهير لقبر القادة التحريفيين ، من الأساسي العمل على أساس المشكل برفع قدرة الناس على التمييز بين الخطّ التحريفي و الخطّ الشيوعي و كذلك على التمييز بين الخطّ التحريفي و الخطّ الشيوعي و كذلك كيفية فهم الحاجة العميقة و إيجاد الأشكال المناسبة لمواصلة تغيير " الكلّ الأربعة " نحو الشيوعية .

إنّ إستعمال العنف كوسيلة رئيسية لمعالجة مشاكل الخطّ هذه ، مشاكل الوعي و تغيير الكلّ الأربعة ، فعليّا ضار مثلما تجسّده التجربة السلبية فى الإتحاد السوفياتي . فبالضرورة يؤدّى إلى الخلط بين التناقضات مع العدوّ و التناقضات صلب الشعب بما أنّه يمكن أن يوجد و سيوجد أناس يعارضون التغييرات الإشتراكية الضرورية دون العمل بنشاط من أجل قبر الإشتراكية ، وكذلك الكثير من الناس الذين يتبعون خطّا خاطئا فى لحظة ما يمكن و يجب كسبهم إلى الخطّ الثوري : و فى الحالتين ، هي تناقضات صلب الشعب وجبت معالجتها بصراع إيديولوجي و سياسي و ليس ب " العنف الثوري" . و بالعكس ، فإنّ المحاولات المسلّحة لقبر الإشتراكية نعم يجب تهشيمها . و من ناحية أخرى ، إستعمال العنف كوسيلة رئيسية لمعالجة التناقضات فى ظلّ الإشتراكية " يصبّ ماء باردا على الجو العام" ، واضعا نهاية للنقاشات الكبرى و صراع الآراء المتباينة و صراع الخطين و التى هي جوهرية سواء لإيجاد الحلول المناسبة للمشاكل المعقّدة للإنتقال الإشتراكي أو ليُطوّر فى كلّ مرّة عدد أكبر من الناس القدرة على التمييز بين الشيوعية و التحريفية : بين الخطّ الذى يدافع عن موقف بلغة ماركسية يؤدّى موضوعيّا إلى العودة إلى الرأسمالية و الخطّ الذى يناضل من أجل الخطوات المناسبة للإنتقال إلى الشيوعية فى لحظة معطاة وهو أمر ليس بالهيّن .

الحزب الشيوعي البيروفي و رئيسه إمّا تجاهلا او نبذا تحليل ماو و أنصاره لتعقّد هذه المرحلة الإنتقالية و ضرورة القضاء على " الكلّ الأربعة " . و فى الإستشهاد السابق ، يتمّ الحديث كما لو أنّ الشيوعية هي مجرّد إلغاء الإستغلال . و رغم أنّ هذا جوهري ، فإنّ الثورة الإشتراكية مع مصادرة البرجوازية وتحويل وسائل الإنتاج إلى ملكية الشعب بأسره و ملكية جماعية تلغى فى الأساس الإستغلال ، لكن فى حال توسيع الخطّ التحريفي اللامساواة فى المجتمع الإشتراكي عوض تقليصها " سيوجد إستغلال " كما كان يقول مؤيدو ماو . إلاّ أنه على حدّ ما رأينا ، هناك مسافة كبرى ( و مرحلة تاريخية بأسرها ) ينبغى قطعها للقضاء على " الكلّ الأربعة " فى العالم قاطبة لأجل بلوغ الشيوعية ، لا تأخذ بعين الإعتبار قول أشياء سخيفة صراحة مثل " الرئيس غنزالو...سيوصلنا إلى الشيوعية " (47) ( 47 المصدر السابق ، الصفحة 369).

و بطريقة مشابهة لما يقترح لحلّ التناقضات المعقّدة للإشتراكية بوسيلة على ما يبدو أبسط لكنّها جوهريّا خاطئة ، بوسيلة فرض الأشياء بواسطة العنف ، جرى كذلك البحث عن معالجة مشاكل صراع الخطين داخل الحزب الشيوعي البيروفي عبر ربط كافة الحزب برئيسه غنزالو، فى إنحراف عميق عن المركزية الديمقراطية و مبدأ أنّ الفرد ( بما فى ذلك الرئيس) يرتبط بالعمل الجماعي و بالحزب . يمكن لقائد ثوري أن يلعب دورا فى غاية الأهمّية فى رفع رؤية الآخرين عندما يناضل من أجل فهم يتناسب مع الواقع المادي و تطوّر الثورة الشيوعية . فلولا نضال لينين ما كان يمكن إستغلال الأزمة الثورية التى ولّدت ثورة أكتوبر و قد علّق ماو أنّ " خلال الثورة الثقافية وجدت لحظات ، لا سيما فى البداية ، حيث كنت الشخص الوحيد الذى يشاطر وجهة نظري". و مع ذلك ، لا يعزى هذا الدور جوهريّا لأيّة ميزة خاصة للقائد الثوري بل للخطّ الذى يدافع عنه : فهمه للمشاكل التى تواجهها الثورة الشيوعية و كيف ستحلّ بطريقة صحيحة. و يتبع الأشخاص و يطبّقون خطّا أو آخر ، لكن الأشخاص فى حدّ ذاتهم لا يملكون خطوطا هي فى الواقع نتاج سيرورة جماعية لحزب أو لحركة عالمية . فى بعض الأحوال ، يمكن للأفراد أن يتوصّلوا إلى تلخيص و تركيز عناصر مفاتيح فى علم الشيوعية ، و فى هذه الحال المعينة يجب الإعتراف بهذا ، لكن لا وجود لأحد لا يمكن أن يخطأ أمام مشاكل الثورة الشيوعية أو حتى تبنّى " حلول" تذهب بالفعل ضد تقدّم هذه الثورة . لذا ، ضمن أسباب أخرى ، أساسية هي القيادة الجماعية ، وربط الفرد ، بما فى ذلك رئيس الحزب ، بالمجموعة و بالنقاش الأكثر حيوية و نقدا صلب هذه القيادة الجماعية .

يبدو أنّ الممارسة الخاطئة بعمق التى كان وفقها مناضلو الحزب الشيوعي البيروفي يقسمون بالولاء للرئيس غنزالو كانت جزءا هاما من منطق أنّه كشخص كان ضامنا على حدّ ما يقال فى العديد من الحالات ، للخطّ الصحيح و للإنتصار. لكن لا أحد فى حدّ ذاته يمكن أن يكون ضامنا لخطّ صحيح فالخطّ الصحيح نتاج لسيرورة تطبيق صحيح للمنهج العلمي للمادية الجدلية لتطوير مفاهيم تعكس أو تعكس جوهريّا الواقع المادي و كيفية تغييره. و الخطّ الصحيح أو الصحيح فى الأساس أساسي لكسب الإنتصار غير أنّه لا يمكن كذلك أن يوجد " ضامن" للإنتصار بما أنّ القوى الثورية يمكن أن تهزم ، ليس رئيسيّا من جراء أخطائها بل من جراء ميزان قوى غير مناسب و أيضا يمكن أن تتدخّل عوامل أخرى فى المسألة .

ما الذى حدث مع سجن غنزالو؟ نفس المنطق الخاطئ بأنّه ضامن الخطّ الصحيح و الإنتصار أدّى إلى التفكير فى أنّ حرب الشعب لا يمكن أن تتواصل بحكم أنّه هو ، الضامن ، غير حاضر و غنزالو نفسه دعا إلى التفاوض حول نهاية حرب الشعب ، و طرح تحليلا غير صائب - خطّا تحريفيّا- فى مواجهة صعوبات حقيقية نجمت عن إيقافه هو و قادة آخرين للحزب ، إلى جانب الصعوبات فى الوضع العالمي .

هذا الخطّ بعدُ قد أحدث ضررا كافيا فى البيرو و فى العالم لكن هذه الطرق الميتافيزيقية و الميكانيكية فى التعاطي مع التناقضات تؤدّى إلى أشياء حتى أتعس فى معالجة مشكل تشييد مجتمع جديد . و مثلما يشير آفاكيان بشأن حالة مغايرة من اللبّ الصلب دون مرونة : " مثال سيئ ، سيئ فى عمومه ، فى فهم هذا [ تنوّع المجتمع الإشتراكي و كيفية التعايش مع الفئات الوسطي و تغييرها ] بصورة جيدة يتجسّد فى تجربة بول بوت فى كمبوديا ( التى سأتناولها هنا بإختصار) حيث عوض إتباع هذه الرؤية ، جرى إتباع رؤية سخرية و كارثية : كانت الجماهير متكوّنة من فلاحين لم يمرّوا بتغيير راديكالي فى طريقة تفكيرهم بالرغم من بعض التغيرات فى الأوضاع المادية ، جماهير من الفلاحين ، لا سيما فى قواعد الإرتكاز التى ركزوها أثناء الحرب ضد حكومة لون نول و الولايات المتحدة الأمريكية ( التى أنشأتها و ساندتها ) ، كان يقودهم مثقفون لهم مشكل جدّي للغاية أشرت إليه فى خطابات و كتابات أخرى : ظاهرة التربية الضيقة ( و سأتحدث عن هذا بعد قليل لأنّه فى الواقع أمر فى منتهى الأهمّية ) ؛ و الخمير الحمر ، فى ظلّ قيادة بول بوت أمسكوا ببقيّة المجتمع الكمبودي و حاولوا سحقه إلى مستوى الفلاحين ، مستوى ما كان عليه الفلاحون حينها، إفتراضيّا لبلوغ الشيوعية . لنقول ذلك بألطف طريقة فى العالم ، لم يدركوا مطلقا مفهوم اللبّ الصلب مع الكثير من المرونة و لا مفهوم " مظلّة الطيّار" [ أي تنوّع المجتمع لإشتراكي - منظمة الشيوعيين الثوريين] و عن هذا نجمت كوارث و نعم فظائع" (48) ( 48- بوب آفاكيان " مظلّة الطيّار" ضمن " أسس الثورة الشيوعية و أهدافها و مناهجها " ، " الثورة " عدد 48 ، متوفّر على
).revcom.us

لم يكن خطّ غنزالو مساويا لخطّ بول بوت ، بيد أنّ توجه " حرب الشعب إلى الشيوعية " تعبير هو الآخر عن تجاهل التناقضات المعقّدة للإنتقال الإشتراكي إلى الشيوعية و التفكير فى أنّ لبّ صلب دون أية مرونة لا يمكنه إلاّ أن يفرض حلوله على تنوّع المجتمع الإشتراكي . هذا تمسّك بتكرار أخطاء القرن العشرين و تعميقها والتخلّص من جوهر أكبر مساهمة لماو فى علم الشيوعية ، نظرية مواصلة الثورة فى ظلّ الإشتراكية و رميها فى المزبلة ( و هذا ، فوق ذلك ، بإسم المدّعى " فرض الماركسية - اللينينية - الماوية رئيسيّا الماوية " ) . إنّ تطبيق هذا الخطّ ليس بوسعه سوى أن يؤدّي إلى مصيبة و ليس إلى تحرير.

8- المرونة دون لبّ صلب : " التقدّم " نحو القرن 18 أو لا وجود لشيوعية أفضل من الديمقراطية البرجوازية :

فى حين يدافع البعض عن لبّ صلب دون مرونة ، يتحمّس آخرون إلى " المرونة " مع إعادة إكتشاف الديمقراطية الإنتخابية البرجوازية و التخلّص من ضرورة لبّ صلب يناضل من أجل الشيوعية و خاصة ضرورة القيادة المؤسساتية للحزب الشيوعي فى ظلّ الإشتراكية . هذا هو حال الرئيس براشندا و بابوران باتاراي ، قياديين من الحزب الشيوعي النيبالي ( الماوي) - الآن الحزب الشيوعي النيبالي الموحّد ( الماوي) - و الخطّ التحريفي الذى تبنّاه هذا الحزب فى إجتماع اللجنة المركزية فى أكتوبر 2005 .

يلغى الخطّ التحريفي الجديد للحزب الشيوعي النيبالي (الماوي) تمام الإلغاء التناقضات الحقيقية للإنتقال الإشتراكي إلى الشيوعية و القضاء على " الكلّ الأربعة " التى قد خضنا فيها و يقلّص المشكل الأساسي فى الإشتراكية إلى " البيروقراطية ". بهذا يعوّض التحليل الجدّي للتناقضات الحقيقية للمجتمع الإشتراكي بالموقع الشائع للتحليل البرجوازي النموذجي ، الإشتراكي -الديمقراطي و التحريفي الذى لا يجد مشكلا آخر سوى " البيروقراطية ". مثلا : " عندما لا ترى الديمقراطية جذورها ضمن كافة الطبقات المضطهَدة ، تظهر نزعات بيروقراطية فى الحزب و فى الدولة و فى المجتمع" ( 49) ( 49- " رسالة من الحزب الشيوعي النيبالي (الماوي) إلى الحزب الشيوعي الثوري ، الولايات المتحدة الأمريكية " لغرّة جوان سنة 2006، متوفّرة على
).revcom.us

و قد غيّر الحزب الشيوعي النيبالي ( الماوي) لاحقا إسمه إلى الحزب الشيوعي النيبالي الموحّد ( الماوي) عند توحّده مع ماشال وهي مجموعة قد وصفها سابقا و بصورة صائبة بأنّها تحريفية). و رغم أنّه قد وجدت و ستوجد فعلا مشاكل طرق عمل بيروقراطية ، مثلما رأينا ، فإنّ مشكل صراع الطبقات فى ظلّ الإشتراكية أعمق بكثير من ذلك .

و ينسجم هذا مع تشويه عميق للتجربة الإشتراكية ، بإلغاء نضال الجماهير فى ظلّ قيادة الشيوعيين الثوريين لمواصلة التقدّم نحو الشيوعية ، لا سيما خلال الثورة الثقافية فى الصين ، ضد أتباع الطريق الرأسمالي ضمن قادة آخرين للحزب توصّلوا فى النهاية إلى تنفيذ إنقلاب و سجن الثوريين و قتلهم و إعادة تركيز الرأسمالية . عوض هذا الواقع ، يخرجون علينا بحكاية مخترعة عن الفساد البطيئ و التدريجي البيروقراطي للحزب و الدولة البروليتاريين برمتهما ، دون أية تمييز بين الشيوعيين و التحريفيين و لا بين الإشتراكية و الرأسمالية : " فى الماضي ، الدول البروليتارية عوض أن تخدم الجماهير و تتصرّف كأدوات للثورة المستمرّة ، تحوّلت إلى أسياد على الشعب و أدوات للثورة المضادة ، و عوض المضي بإتجاه الإضمحلال تحوّلت إلى بيروقراطيات كليانية ضخمة و أدوات قمع" (50) ( 50- بابوران باتاراي ، " مسألة بناء نوع جديد من الدولة " ؛ مجلّة " العامل" عدد 9 ، فيفري 2004 ، الصفحة 34 . و هذا المقال الذى نشر فى مجلة اللجنة المركزية للحزب طوّر عدّة أطروحات تحريفية تبنّاها الحزب فى 2005).

و مثل هذا " التحليل " ل " البيروقراطيات الكليانية " مجرّد نقد برجوازي للإشتراكية بثّته آلاف وسائل الإعلام و نقل إلى الأدب المدّعى بأنّه شيوعي . لذا ، مثلما علق لينين على النقد التحريفي للأفكار الجوهرية للماركسية فى أيامه " فلا غرو أن ينبثق الإتجاه "...الجديد " فى الإشتراكية- الديمقراطية تام التكوين دفعة واحدة كما إنبثقت مينيرفا من رأس جوبيتر . لم يكن من الضروري ان يتطوّر هذا الإتجاه و يتطوّر من حيث مضمونه : فقد نقل نقلا من المطبوعات البرجوازية إلى المطبوعات الإشتراكية " أو كما نقول فى عهد الحواسيب هذا " إنسخ و ألصق" (51) (51) لينين " ما العمل؟ "، منشورات باللغات الأجنبية ، بيكين 1975، الصفحة 8 [ بالعربية ، " ما العمل ؟" 1- الجمود العقائدي و" حرّية الإنتقاد" أ- ما معنى "حرية الإنتقاد"؟] ).

بإعادة تحديد مشكل الإنتقال الإشتراكي إلى الشيوعية على أنّه " بيروقراطية " عوض القضاء على " الكلّ الأربعة " فى العالم بأسره ، و بتشويه الصراع الطبقي الحقيقي فى البلدان الإشتراكية الأولى ، توصّل الحزب الشيوعي النيبالي ( الماوي) إلى إستنتاج ليس جديدا أبدا ألا وهو أنّ " الحلّ" هو " الديمقراطية " و بصورة خاصّة " التنافس المتعدّد الأحزاب " . " إذا لم يستطع أن ينتصر فى تنافس في صفوف الجماهير للبقاء فى قيادة السلطة ، ستظلّ هناك قاعدة مادية لتحوّل العلاقة بين الحزب و الجماهير إلى علاقة شكلية و ميكانيكية و بالتالي نعتبر أنّ التنافس المتعدّد الأحزاب " من أجل الحكومة الشعبية و إضافة إلى ذلك حق الشعب فى مراقبة التدخّل و حتى إقالة ممثليه من السلطة ، يمثّل نوعا من العقال بأيدى الجماهير يمكن أن يقيلوا الرفاق الذين يخطئون فى الميدان " (52) ( 52- "رسالة... ") .

يقولون إنّ هذا التنافس الإنتخابوي " يظلّ قاعدة مادية " لفساد بيروقراطي ، بتبعات أنّه بمثل هذا التنافس لن توجد بعدُ مثل هذه القاعدة ، مغضين النظر عن القاعدة المادية لإعادة تركيز الرأسمالية فى ذات العلاقات و ذات اللامساواة و الأفكار فى المجتمع الإشتراكي ، الموروثة من الرأسمالية ، و كذلك الصراع الشديد خلال كامل المرحلة الإشتراكية بين النضال فى سبيل التقدّم نحو الشيوعية أو العودة إلى الرأسمالية . و على أساس إلغاء المشكل الأساسي يجدون " الحلّ " فى " التنافس المتعدّد الأحزاب " الذى ليس شيئا آخر سوى الديمقراطية الإنتخابية البرجوازية التى لم تخدم و لا فى حال من الأحوال فى التاريخ إقالة أحد فى السلطة أضرّ ب" مصلحة " الجماهير و نعم خدمت كثيرا إلحاق الضرر بالجماهير و بالشيوعيين الذين يفسدون و يتحوّلون إلى تحريفيين نحو " المصلحة " البرجوازية . و هذا قد بيّنته لنا مرّة أخرى التطوّرات التى شهدها الحزب الشيوعي النيبالي ( الماوي) بوضعه حدّا لحرب الشعب التى قادها طوال عشر سنوات و تسليمه أسلحته و تفكيكه لقواعد الإرتكاز و مشاركته فى الإنتخابات و مشاركته فى حكومة مع عديد أحزاب البرجوازية الكبرى المتحالفة مع الإمبريالية و ترأّسها . هنا يوفّرون لنا مشهد مدّعي الشيوعية يرسلون جنودا نيباليين إلى القتال إلى جانب الإمبريالية الأمريكية فى حربها العدوانية فى أفغانستان فى نفس الوقت الذى يتخلّصون من الثورة الزراعية التى دفع إليها الحزب فى السابق و يعيدون الأرض فى عدّة أماكن إلى الملاكين العقاريين . هذه هي الثمرة المريرة ل " التنافس المتعدّد الأحزاب " .

و مثلما يشدّد على ذلك آفاكيان فى فهمه العميق لجوهريّا ذات الخطّ الذى قدّمه فى زمنه ك. فينو، " نموذجه " حيث " حق حكم " الحزب الشيوعي " يجب أن يقوم تحديدا على المساندة الإنتحابية التى يكسبها بفضل أرضيته الإنتخابية / مثل أيّة أرضية أخرى " ، فى أفضل الأحوال ، سيقود إلى وضع فيه مراكز متنافسة على السلطة ، بأرضياتها الخاصة ، ستتنافس من أجل اصوات الجماهير . نتيجة هذا ( مرّة أخرى ، فى أفضل الأحوال ) ستكون حكومة " تحالف" حيث " الإشتراكيون" و " الشيوعيون من كلّ الأنواع سيتّحدون مع ممثّلي التيارات " الديمقراطية " البرجوازية و البرجوازية الصغيرة الأقل وضوحا ، و حيث بين الإتفاقيات و التسويات يتمّ التلاعب بالمصالح الجوهرية للجماهير و لن يتمّ أي تغيير جذري للمجتمع ( و كلّ محاولة للقيام بذلك سيقع قمعها بسرعة و بفعالية من قبل حكومة " التحالف" ( ألم توجد تجارب كافية حتى لا نقول أكثر من اللازم فى العالم دليل على هذا ؟ " (53) ( 53 - بوب آفاكيان " الديمقراطية : أكثر من أي زمن مضى بوسعنا و من واجبنا أن ننجز ما أفضل!" " عالم نربحه " عدد 17 ، ص 66) و يشير آفاكيان مثلا إلى التجربة الأندونيسية أين أدّى هذا النوع من الطريق البرلماني البرجوازي إلى مجزرة فى حقّ مئات آلاف الشيوعيين و غيرهم . و التجربة الحديثة للنيبال قد بيّنت بدورها بوضوح صحّة تحليله حيث تمخّضت التسويات و الإتفاقيات مع الأحزاب البرجوازية فى النيبال عن التضحية بالمصالح الجوهرية للجماهير و بالثورة من أجل صحن عدس مواقع فى الدولة البرجوازية .

و حاليّا جزء كبير من سكّان الكوكب يعيش فى ظلّ " الديمقراطيّات " مع تنافس إنتخابي بين مختلف الأحزاب حيث يتبيّن سنة بعد سنة أنّه غير ناضج . أين فى العالم و فى التاريخ أفضت الإنتخابات المنظّمة وفق النموذج البرجوازي إلى تكريس المصالح الحقيقية للجماهير ، لا إلى كافة أنواع المغالطات و الأوهام الخاطئة و القمع ؟ و لا فى مكان فى هذا العالم . أين تمّ الحصول على أكثر ديمقراطية بالنسبة للجماهير، و أوسع إمكانيات لتغيير المجتمع بإتجاه القضاء على كلّ أصناف اللامساواة الإجتماعية ، و أوسع إمكانيات للمشاركة فى تسيير الدولة ، و أوسع إمكانيات للتعبير عن آراء الجماهير ، بإستثناء فى التجارب الإشتراكية التى قادها حزب شيوعي و خاصة التجربة الأكثر تقدّما إلى اليوم ، الثورة الثقافية ؟ فى لا مكان .

إفتكاك السلطة من قبل البروليتاريا بالكاد هو الخطوة الأولى فى صراع مديد و مرير يواجه حصار البلدان الإمبريالية المصمّمة على سحقها ، و يواجه مغالطات برجوازية جديدة تتحدّث بإسم " شيوعية " مدعاة ، و يواجه الصراع المعقّد للتقدّم بالثورة العالمية فى نفس الوقت الذى يتجاوز فيه الكلّ الأربعة ، مشركا و ممكّنا فى كلّ مرّة أكثر قطاعات أوسع من الجماهير فعليّا من حكم المجتمع الجديد و تغييره عوض رمي وريقات فى صندوق إنتخاب ل " تقرّر" من هي مجموعة المحتالين التى ستسحقهم و تقمعهم إنطلاقا من الحكومة خلال الأربعة أو الستّ سنوات التالية . فى مواجهة هذه التحدّيات ، لا بدّ من قيادة الحزب الشيوعي فى ظلّ الإشتراكية ، لا بدّ من لبّ صلب يناضل من أجل الشيوعية و لو أنّه على هذا اللبّ مثلما يحاجج آفاكيان أن يشجّع و يقود بالمعنى الأوسع للكلمة مرونة أفضل حتى من أفضل واحدة فى الماضي . و يتضمّن هذا دورا أكبر للإنتخابات التى يتقدّم إليها مرشّحون متنوّعون يمثّلون قوى ومواقفا متباينة و توجه ممارسة القيادة الشيوعية جوهريّا عبر الصراع الإيديولوجي و السياسي و ليس رئيسيّا عبر الإستحواذ على مواقع السلطة. و مع ذلك ، لن يوضع للإنتخاب " إختيار " العودة إلى كابوس الرأسمالية الذى لا يزال يهيمن على العالم و بفعل كلّ ما فى مستطاعه لتقويض الإشتراكية و إلحاق الهزيمة بها ، بعد هذا القدر من تضحيات الناس للتحرّر من هذا الكابوس . و إقتراحات من هذا القبيل بصراحة إجرامية .

" ديمقراطية القرن 21 " للحزب الشيوعي النيبالي ( الماوي) ليست سوى إصدار جديد لخدعة الديمقراطية " الخالصة " " فوق الطبقات " ، يعنى نظرية الديمقراطية البرجوازية المعاد صقلها للمنظّرين البرجوازيين من القرن 18. و مثلما يشدّد آفاكيان : " فى عالم يتميّز بإنقسامات طبقية و لامساواة إجتماعية عميقين ، الحديث عن " الديمقراطية " دون الحديث عن الطبيعة الطبقية لهذه الديمقراطية ، بلا معنى و أسوأ. طالما أنّ المجتمع منقسم إلى طبقات ، لن توجد " ديمقراطية للجميع " : ستحكم طبقة أو اخرى و ستدافع عن و تروّج لهذا النوع من الديمقراطية الذى يخدم مصالحها و أهدافها . المسألة هي : ما هي الطبقة التى ستحكم و إذا ما كان حكمها و نظام ديمقراطيتها سيخدمان تواصل أو فى النهاية القضاء على الإنقسامات الطبقية و علاقات الإستغلال و الإضطهاد و اللامساواة المتناسبة معه "(54) ( 54- ذكره " بيان الحزب الشيوعي ، الولايات المتحدة الأمريكية " ، الهامش 15).

ومثلما يشير " بيان الحزب الشيوعي الثوري ، الولايات المتحدة الأمريكية " :

" هذان التوجهان الخاطئان" المتناقضان تناقض إنعكاس المرآة " يشتركان فى كونهما تحوّلا إلى أو إنسحبا إلى نماذج من الماضي ، من هذا النوع أو ذاك ( مع أنّ النماذج الخاصة يمكن أن تختلف) : إمّا متعلّقين بالتجربة الماضية للمرحلة الأولى من الثورة الشيوعية ( أو بالأحرى لفهم ناقص إحادي الجانب و فى النهاية خاطئ ) أو الإنسحاب إلى مجمل العصر الماضي و الثورة البرجوازية و مبادئها: عائدين إلى ما هو فى الجوهر نظريات القرن 18 للديمقراطية ( البرجوازية ) بقناع أو بإسم " شيوعية القرن 21" و فى الواقع مساوين " شيوعية القرن 21" هذه بديمقراطية مفترضة " نقيّة " أو " لاطبقية " ، ديمقراطية فى الواقع، طالما وجدت الطبقات لا يمكنها إلاّ أن تعني ديمقراطية برجوازية و دكتاتورية برجوازية " ( 55) ( 55- المصدر السابق ، الفصل الخامس ).

لا نحتاج إلى لبّ صلب دون مرونة " يفرض" فهما مشوّها و فى آخر المطاف تحريفيّا للشيوعية و لا نحتاج كذلك إلى مرونة دون لبّ صلب تعانق الديمقراطية البرجوازية و تؤدّى إلى تعزيز دكتاتورية البرجوازية . و الدغمائيون الكسلة من شاكلة الحزب الشيوعي ( الماوي) الأفغاني لا يقدّمون لنا شيئا ، و هم ليسوا فقط فرحين بعدم تقديم أي شيء جديد بعد ما يناهز الأربعين سنة و إنّما أيضا يحذّروننا من أخطار التجرأ على تطوير شيء جديد . نحتاج إلى لبّ صلب مع الكثير من المرونة ، نحتاج إلى خلاصة جديدة تفتح لنا مجالات رؤية جديدة معا لمجتمع جديد و تحرّري ترغب الغالبية الغالبة العيش فيه ؛ و تفتح طريق التقدّم أكثر و بصورة أفضل فى الإنتقال التاريخي العالمي نحو الشيوعية . هذه هي النظرية الشيوعية التى يمكن و يجب أن تقود الموجة الجديدة من الثورات الشيوعية و إلاّ لن توجد مثل هذه الموجة.

9- لن يتحرّر أي إمرء دون تحطيم الدولة البرجوازية : دروس النيبال .

و المظهر الجوهري الآخر لتحريفية براشندا والحزب الشيوعي النيبالي (الماوي) إنطلاقا من تبنّى الخطّ الجديد فى 2005 كان تعويض خطّ تطوير حرب الشعب لإفتكاك السلطة و إتمام الثورة الديمقراطية الجديدة و المرور إلى الثورة الإشتراكية بالمدعى " تكتيك النضال من أجل " جمهورية ديمقراطية " و " دولة إنتقالية " إلى جانب أحزاب متنوّعة سبق و ان نعتها الحزب الشيوعي النيبالي ( الماوي) ذاته بأنّها برجوازية و موالية للإمبرياليين و ذلك لأجل " إعادة هيكلة الدولة " ، مبرّرا ذلك بضرورة النضال ضد النظام الملكي الذى قد تنحّى بعدُ . هذا هو الخطّ الذى قاد إتفاق السلام و نهاية حرب الشعب و إقتراح دمج الجيش الثوري مع الجيش الرجعي و مشاركة الحزب الشيوعي النيبالي (الماوي) فى الإنتخابات التى كسبوا فيها أغلبية الأصوات و شكّلوا حكومة مع الأحزاب البرجوازية .

و قد نقد الحزب الشيوعي الثوري ، الولايات المتحدة الأمريكية بعمق هذا الخطّ التحريفي الجديد الذى صار بديهيّا فى كتابات باتاراي ، فى رسالة بعثت إلى الحزب الشيوعي النيبالي (الماوي) فى أكتوبر 2005، أي ، فى اللحظات التى بالكاد كان الحزب الشيوعي النيبالي الموحّد (الماوي) يتبنّى فيها رسميّا هذا الخطّ وقبل أن تغدو تبعاتها العملية السيّئة بهذه البداهة " (56) ( 56- هذه الرسائل متوفّرة تحت عنوان " حول ما يجرى فى النيبال و رهان الحركة الشيوعية العالمية . رسائل الحزب الشيوعي الثوري ، الولايات المتّحدة الأمريكية إلى الحزب الشيوعي النيبالي (الماوي)، 2005- 2008 ( مع ردّ من الحزب الشيوعي النيبالي (الماوي) 2006) ، على النات
).revcom.us

وقد رفض الحزب الشيوعي النيبالي (الماوي) نقد الحزب الشيوعي الثوري ، الولايات المتحدة الأمريكية ، قائلا إنّه كان يكرّر " أبجديّات الماركسية " لا غير ، و أبى الإجابة على رسائله التالية و مضى فى طريقة نحو المستنقع التحريفي الذى يوجد فيه حاليّا . و إضافة إلى مسائل الإنتقال الإشتراكي التى تطرّقنا إليها ، المسألة المركزية فى هذا الصراع كانت هل أنّ الهدف المباشر هو " إعادة هيكلة الدولة " أم تحطيمها و تفكيكها .

و مثلما ورد فى رسالة من رسائل الحزب الشيوعي الثوري ، الولايات المتحدة الأمريكية :

"من المقاطع المتداولة فى كتابات الحزب الشيوعي النيبالي ( الماوي) نداء" إعادة هيكلة الدولة " و فى الواقع ، يلخّص هذا النداء بشكل عميق خطأ البرنامج السياسي للحزب الشيوعي النيبالي (الماوي) . و من المهمّ العودة إلى ما سمّوه بشكل خبيث للغاية " أبجديّات الماركسية " فى هذا الصدد . فمنذ تلخيص تجارب مختلف ثورات القرن 19 فى أوروبا ، صاغ ماركس ملاحظة عميقة للغاية مفادها " إنّ جميع الثورات أكملت / حسّنت هذه الآلة بدلا من أن تحطمها ." ماذا كان ماركس يقصد بهذا ؟ كان يشير على وجه الخصوص إلى كون عديد الثورات فى أوروبا و لا سيما فى فرنسا ( 1789، 1830 و 1848) أفرزت تغييرا فى آلة الدولة لتتماشى مع القاعدة الإقتصادية الرأسمالية و " أكملت " قدرتها على النهوض بدورها كأداة فرض لدكتاتورية البرجوازية . بوضوح ، يشير ماركس إلى إلغاء النظام الملكي فى غالبية أوروبا و تعميم الديمقراطية البرجوازية ك " تحسين" للدكتاتورية الرأسمالية التى تمثّلها الدولة . لاحقا ، سيستخلص ماركس بوجه خاص درس أنّ الكمونة لم تكن فى جوهرها ، مجهودا لمزيد " تكملة/ تحسين" جهاز الدولة البرجوازية فى فرنسا بل بالأحرى مجهودا أوليا و إن كان متردّدا أحيانا غير مصمّم و فى النهاية محاولة غير ناجحة لتحطيم آلة الدولة البرجوازية و تعويضها بدولة نبعت من الصراع البروليتاري الثوري .

رهان الجدال الراهن فى النيبال هو ما إذا ، وقد قيل و فعل كلّ هذا ، ستخدم العشر سنوات من حرب الشعب تحطيم آلة الدولة الرجعية أم تحسينها. لصياغة ذلك بصورة مباشرة أكثر إذا كانت نتيجة الحرب تعزيز الجمهورية البرجوازية ، فإنّ النتيجة المأساوية ستكون أنّ تضحيات الشعب لم تخدم لتركيز شكل جديد من حكم البروليتاريا و إنّما فقط " لتعصير" و " تحسين" ذات الآلة التى تبقيهم مضطهَدين. و القاعدة النظرية لهذا الخلط بين " تحطيم " و " تحسين" جهاز الدولة يمكن رؤيته بجلاء تام فى قرار اللجنة المركظية فى أكتوبر 2005 الذى " حلّ" صراع الخطين داخل الحزب و أقام أساس السياسات التالية للحزب " ( 57) ( 57- المصدر السابق ، رسالة الحزب الشيوعي الثوري ، الولايات المتحدة فى 19 مارس 2008 . و الرجاء العودة إلى النسخة الأصلية من أجل هوامش النصّ المذكور).

و هذه " النتيجة المأساوية " هي بالضبط ما نشهده فى النيبال فى يومنا هذا ، وهي من تبعات تبنّى خطّ تحريفي للنضال من أجل " إعادة هيكلة " أو تحسين الدولة القديمة عوض مواصلة النضال فى سبيل تحطيمها . و قد تعرّض النقد الصحيح للحزب الشيوعي الثوري ، الولايات المتحدة الأمريكية إلى هجمات من " اليسار" و من اليمين ، دون التوغّل فى الخوض أو دحض مضمون موقفه.

فمن جهة ، هاجم البعض الحزب الشيوعي النيبالي (الماوي) قبل المنعرج التحريفي بشأن خطّه و تطبيقه تكتيكات إيقاف إطلاق النار، مشدّدين بإسم ما يدعى أنّه " ماوية " وهو فى الواقع طفولية " يسارية " على أنّ كلّ إيقاف لإطلاق النار و كلّ تفاوض يساوي الخيانة ، دون أن يكون له منطق مبدئي كافى لنعت ماو بالخائن إذ أنّ ماو أقرّ إيقاف إطلاق النار و تفاوض مع الكيومنتانغ فى تشنغ تشنغ . حينها أكّد أنّه عند قتال العدوّ ،" أمّا كيف نكيل الصاع بالصاع فذلك يرتبط بالوضع . فتارة يكون عدم الذهاب للتفاوض كيل الصاع بالصاع ؛ و تارة يكون الذهاب للتفاوض كيل الصاع بالصاع " (58) ( 58- ماو تسى تونغ " حول مفاوضات تشنغ تشنغ" ، الأعمال المختارة ، المجلّد الرابع ، منشورات باللغات الأجنبية ، بيكين، 1961، الصفحة 56) [ الطبعة العربية ، الصفحة 567]. و شرح ماو بوضوح أنّ المفاوضات كان الهدف السياسي منها هو مزيد عزل الكيومنتانغ و الإعداد هكذا لحرب أهلية أدّت فى النهاية إلى إنتصار الثورة الصينية . المسألة بالنسبة للشيوعيين فى تقييم تكتيكات إيقاف إطلاق النار أوالمفاوضات هي هل أنّها تخدم تعزيز النضال المسلّح الثوري و فى النهاية تحطيم الدولة البرجوازية أم هل تؤدّى إلى تصفية حرب الشعب الضرورية و تحطيمها . بوضوح كان هدف مفاوضات تشنغ تشنغ و كان تأثيرها تعزيز حرب الشعب و إنتصار الثورة . و لو أنّنا لم نقم ببحث كافي لتقييم كلّ تكيتيك من تكتيكات الحزب الشيوعي النيبالي قبل تغيير خطّه ، فإنّه من الواضح أنّ تكتيك إيقاف إطلاق النار كان يهدف سياسيّا إلى عزل العدوّ و تقوية حرب الشعب . و مع المنعرج التحريفي و التغير فى الأهداف الإستراتيجية للحزب الشيوعي النيبالي ( الماوي) ، تخدم كافة تكتيكاته غايات لا تخرج عن الإطار الخانق و القاتل للنظام الرأسمالي - الإمبريالي العالمي . و الحال سيّان بالنسبة إلى " إتفاق السلام"الذى إقترحه خطّ إنتهازيّ يمينيّ فى البيرو فقد كان جزءا من خطّ تحريفي كامل ، مثلما حلّل بصورة صحيحة حينها رفاق ما بات الآن الحزب الشيوعي الإيراني ( الماركسي – اللينيني - الماوي ) ( 59) ( 59- إتحاد الشيوعيين الإيرانيين ( سربداران) "من حقّنا أن نثور"، " عالم نربحه" عدد 21 . و قد لعب لاحقا إتحاد الشيوعيين الإيرانيين دورا مفتاحا فى تشكّل الحزب الشيوعي الإيراني ( الماركسي - اللينيني - الماوي) الحالي ).

و تجدر الإشارة إلى أنّ المقاربة السطحية و الدغمائية التى نعلّق عليها تسبّبت فى أضرار فى حال البيرو أيضا. دون شكّ ، كان الوضع صعبا مع إيقاف الرئيس غنزالو ، ثمّ جاء مقترح إتفاق سلام إنطلق من السجن و نسب إليه لكن دون أدلّة دامغة فى البداية بأنّه هو بالفعل صاحب المقترح. ومع ذلك ، كانت إجابة القادة المصممين على مواصلة حرب الشعب أن يدينوا ببساطة ذلك على أنّه " خدعة " بلا ردّ على الحجج و لا تطوير صراع الخطّين ضد الخطّ الإنتهازي اليميني ( الذى يلتجأ فى بعض الروايات على الأقلّ إلى نفس حجّة أن التفاوض خيانة و أنّ غنزالو " لا يمكن " أن يقوم بذلك ، و كذلك إلى الحجّة الغريبة و مفادها أنّ تطوير صراع الخطّين ضد الخطّ الإنتهازي اليميني يعدّ موقفا " توفيقيّا " ) ما جعل الحزب و الجماهير فاقدة للسلاح سياسيّا ، بينما كان هذا الخطّ الإنتهازي اليميني يطوّر الوثيقة تلو الوثيقة للمحاججة السياسية و وجدت فى كلّ مرّة المزيد من القرائن على أنّ غنزالو كان فعليّا صاحب مقترح إتفاق السلام و الخطّ الإنتهازي اليميني .

و من ناحية أخرى ، حتى بعض أبطال تلك الهجمات الطفولية المشار إليها أعلاه ، معبّرين بجلاء عن عدم مبدئيتهم ، قد " علقوا حكمهم " أمام " النجاحات " الإنتخابية للحزب الشيوعي النيبالي الموحّد (الماوي) و يبحثون عن وحدة بلا مبادئ مع هذا الحزب الذى يقوده الآن خطّ تحريفي . فقد أفرز التأثير العملي للتحريفية إحتجاجا و معارضة داخل الحزب الشيوعي النيبالي الموحّد( الماوي) لكن للأسف ، إلى الآن ، على حدّ علمنا ، لم يتعدّى هذا الموقف نقد بعض التكتيكات ، عوض نبذ الخطّ التحريفي المتبنّى فى 2005 و نقده و النضال ضدّه . لنقلها صراحة ، رغم أنّ براشندا و آخرون يتحدّثون عن الإعداد " للإنتفاضة " و حتى إن توصّلوا إلى مباشرة نوع ما من النضال المسلّح من جديد ، فإنّه طالما أنّ هذا يخدم خطّ " إعادة هيكلة " الدولة الرجعية و النضال من أجل ما يدعى إشتراكية " تنافس متعدّد الأحزاب " أي ديمقراطية برجوازية ، لن يفضي إلى أية تحرير لأي كان .

10- وحدة من أجل تحرير الإنسانية أم وحدة بلا مبادئ للحصول على" قوة مادية "؟

لقد لاحظنا من زوايا شتّى كما يشير إلى ذلك بيان الحزب الشيوعي الثوري ، الولايات المتحدة الأمريكية ، أنّ النزعتين الخاطئتين اللتين تعارضان الخلاصة الجديدة - من جديد " سواء متعلّقين دينيّا بكافة التجربة السابقة و النظرية و المنهج المرتبطان بها أو ( جوهريّا و ليس فى الكلمات ) متخلين عن كلّ هذا جملة و تفصيلا " ( 60) ( 60- بيان الحزب الشيوعي الثوري ، الولايات المتحدة الأمريكية ، الفصل الخامس.) و رغم أنّها تبدو نزعات متباينة للغاية و متعارضة فيما بينها ، فإنّها تشترك فى الواقع فى عدّة مظاهر . فبعض المنظمات المنخرطة فى الحركة الأممية الثورية قد أسرعت إلى تجسيد ذلك فى الممارسة بمحاولة توحيد التيّارين الخاطئين ( و خليطا إنتقائيّا من الإثنين ) فى تنظيم عالمي جديد " ماركسي - لينيني - ماوي " على هامش الحركة الأممية الثورية و فى تعارض مع الخلاصة الجديدة لبوب آفاكيان .

النداء الأوّل أطلقته قوى من الحركة الأممية الثورية ل " إيجاد وحدة جديدة للحركة الشيوعية بالإعتماد على الماركسية - اللينينية - الماوية و بناء التنظيم العالمي الضروري " فى غرّة ماي 2011 بإمضاءات الحزب الشيوعي الإيطالي ( الماوي) و الحزب الشيوعي النيبالي الموحّد ( الماوي ) و الحزب الشيوعي الهندي ( الماركسي - اللينيني ) نكسلباري ، و الحزب الشيوعي الماوي - تركيا و شمال كردستان و خمس منظمات ليست منتمية إلى الحركة الأممية الثورية . قالوا لنا من بين أشياء أخرى ، إنّ " فى النيبال ، عشر سنوات من حرب الشعب أوجدت ظروف تقدّم الثورة النيبالية وهي الآن فى مفترق طرق صعب و يجب مساندتها فى وجه الثورة المضادة التى يقوم بها الأعداء الداخليون و الخارجيون ، و كذلك ضد الإصلاحيين الذين يريدون تقويضها من الداخل" ( 61) ( 61- " الطريق الماوي" ،" الشعوب تريد الثورة ، و البروليتاريون يريدون حزب الثورة ، و الشيوعيون يريدون الأممية و منظمة عالمية جديدة "، غرّة ماي 2011) .

و هكذا يتحدّثون عن " حرب الشعب " فى النيبال فى 2011 مع إحالة ضبابية إلى "الإصلاحية " دون الإشارة إلى أنّه جرت تصفيتها بموجب إتفاق السلام سنة 2006 من طرف الخطّ التحريفي فى قيادة الحزب الشيوعي النيبالي الموحّد ( الماوي) الذى يظهر كذلك كأحد الممضين على الوثيقة . حصل هذا سنتان بعد النشر العلني لرسائل الحزب الشيوعي الثوري ، الولايات المتحدة الأمريكية التى ينقد فيها المنعرج التحريفي للحزب الشيوعي النيبالي ( الماوي) و الرسالة الوحيدة التى ردّ بواسطتها الحزب النيبالي ، و كلّها رسائل أكيد أنّ منخرطي الحركة الأممية الثورية قد تسلّموها قبل ذلك بكثير . و فى وثيقة جديدة فى غرّة ماي 2012 ممضاة من قبل الحزب الشيوعي الإيطالي ( الماوي) و الحزب الشيوعي الأفغاني (الماوي) و الحزب الشيوعي الهندي (الماركسي – اللينيني ) نكسلباري تتمّ الإشارة الآن إلى تحريفية براشندا و باتاراي وتوجه دعوة إلى الماويين فى الحزب الشيوعي النيبالي الموحّد ( الماوي) إلى التمرّد ضدّها ، دون قول أي شيء عن مضمون هذه التحريفية ، و خطّها " لإعادة الهيكلة " عوض القضاء على الدولة القديمة و خطّها التحريفي حول إشتراكية " التنافس المتعدّد الأحزاب " والديمقراطية البرجوازيّة . و هكذا يقدّمون خدمة هزيلة لرفاق الحزب الشيوعي النيبالي الموحّد ( الماوي) المعارضين لخطّ براشندا الذين إكتفوا لسوء الحظّ إلى الآن بإقتراح تكتيكات أخرى عوض نقد عميق للمنعرج الإنتهازي فى خطّ الحزب بداية من 2005 (62) ( 62- هذا بديهي ، مثلا ، فى بعض المقالات المعادة الطباعة فى النيبال و المنشورة فى مجلّة " الطريق الماوي " عدد 1 لجوان 2011.)

لماذا يغطّون فى البداية تصفية حرب الشعب فى النيبال من قبل الخطّ التحريفي فى قيادة الحزب و لاحقا يعرضون عليها نعت " تحريفي" دون التعرّض و لو بإختصار لمضمون هذا الخطّ ؟ و قد قدّم لنا الحزب الشيوعي الإيطالي ( الماوي) الذى لعب دورا هاما فى بذل هذه الجهود سبيلا عندما قال " لا نحتاج إلى توحيد الأحزاب على أساس وثيقة و إنّما نحتاج إلى إنشاء مركز عالمي يشكّل قوّة مادية " و " مهما كانت وجهة نظر المرء بصدد " تحريفية " براشندا ، لا يمكن إنشاء منظّمة عالمية دون الحزب الشيوعي النيبالي الموحّد (الماوي)"(63) ( 63- "الطريق الماوي" ، الصفحة 34).

يجب أن نشكر الحزب الشيوعي الإيطالي ( الماوي) على هذه الصيغة الصريحة للغاية عن الوحدة دون مبادئ التى تميّز هذا المشروع برمته . فالوحدة حول " وثيقة " ستجسّد على الأقلّ إمكانية وحدة على أساس مبادئ مشتركة . لكن هذا ، حسب رأيه غير ضروري . المهمّ هو الحصول على " قوّة مادية " و بما أنّ للحزب الشيوعي النيبالي الموحّد ( الماوي) " قوّة مادية "، و إن كان ينتهج خطّا تحريفيّا ، يجب أن يكون ضمن هذه " الوحدة الجديدة للحركة الشيوعية ".

هذا من لدن أناس يسمّون أنفسهم ماويين ، فى حين أنّ ماو هو الذى شدّد على كون صحّة أو خطأ الخطّ الإيديولوجي والسياسي تحدّد كلّ شيء. و الخطّ يعنى فهم كيف هو العالم و كيف يُغيّر، ما هوالمشكل و ما هوالحلّ ؛ و يحدّد إذا كانت منظمة ما تستطيع حقّا أن تساهم فى تقدّم الثورة الشيوعية أو بالفعل ستتحوّل إلى عائق تحريفي أمامها . لا ظلّ للشكّ فى أنّ للحزب الشيوعي النيبالي الموحّد ( الماوي) قوّة ماديّة ، لكنّها قوّة مادية هي الآن فى خدمة خطّ يتعارض موضوعيّا مع تحرير الجماهير فى النيبال و فى العالم ، و يعارض تحطيم الدولة القديمة و تركيز إشتراكية حقيقية.

هل هذا هام ؟ هل من الهام أن يقدر فهم العالم الذى نمتلكه و كيفية تغييره على أن يؤدّى فى الواقع إلى تحرير الجماهير المستعبدة أبدا فى ظلّ هذا النظام أم ينسجم مع الإبقاء عليها مستعبدة ؟ و تقول لنا صيغ الحزب الشيوعي الإيطالي (الماوي) المستشهد بها جوهريّا أنّ هذا لا أهمّية له و أنّ ما يهمّ هو إمتلاك " قوّة مادية " و تأثير الآن بغضّ النظر عن مشكل من أجل أي هدف.

إن أردنا حقّا قيادة نضال الجماهير من أجل تحريرها من بؤس هذا النظام ، يجب أن نعتني فى المصاف الأوّل بتركيز الشيوعيين و توحيدهم حول خطّ يتناسب حقّا مع العالم المادي و بمقدوره حقّا أن يقود ثورة تحرّر الناس و توضح الحلول الخاطئة التى و إن سمّت نفسها شيوعية ، مثل الخطّ التحريفي للحزب الشيوعي النيبالي الموحّد (الماوي) تمثّل فى الواقع خيانة للجماهير و للثورة ؛ أو مثلما عبّر عن ذلك لينين : " قبل أن نتّحد و لكيما نتّحد ينبغى فى البدء أن نعيّن بيننا التخوم بحزم ووضوح " ( 64) ( 64- لينين :" ما العمل؟ " الأعمال الكاملة ، الطبعة الروسية الرابعة ، المجلّد 4، الصفحة 329). [ باللغة العربية ، المختارات فى ثلاثة مجلّدات ، المجلّد 1، الجزء1، الصفحة 176].

هذه على وجه التحديد كيفية تشكيل الحركة الأممية الثورية . فقد تركّز فى بيان الحركة الأممية الثورية أساس وحدة حول مبادئ جوهرية و جري القطع مع الأشكال الرئيسية للتحريفية ، جرى توحيد مختلف الأحزاب و المنظّمات التى تقبل بهذه المبادئ ، و إليه أضيفت فى ما بعد وثيقة " لتحي الماركسية - اللينينية - الماوية !"و هذا هو العمل على قاعدة المبادئ النابعة من كيفية تحقيق التحرير حقّا.

نهاية مرحلة من الثورة الشيوعية العالمية و بداية أخرى و تغييرات و أحداث جديدة فى العالم فى هذا الإطار جدّت و تتطلّب أن تتقدّم القاعدة النسبية للوحدة المحقّقة فى الوثائق الجوهرية للحركة الأممية الثورية. هذا من جهة و من جهة أخرى ، إشتدّت الإختلافات صلب الحركة الأممية الثورية و عبّرت عن نفسها بصورة حادّة بوجه خاص بشأن أحداث البيرو و النيبال و الآن بشأن الخلاصة الجديدة. لقد جرى توجيه نداء للأحزاب و المنظّمات و الإلحاح عليها بصورة متكرّرة ان تكتب وتناقش هذه التباينات ، بيد أنّ الإستجابة كانت ضعيفة . و بوب آفاكيان على وجه الخصوص قد دعا فى عدّة مناسبات إلى التعليق على الخلاصة الجديدة و إلى أن يقدّم الذين هم ضدّها نقدا لمضمونها . فمثل هذا النقد المبدئي سواء كان صائبا أم لا سيساهم فى نقاش غايته توضيح الجوهري ، و من ثمّة القدرة على بلوغه فى الممارسة العملية. وجاء الردّ على هذا الطلب ، فى غالبية الأحيان ، بالصمت أو بسلسلة هجمات شخصية و تشويهات و إفتراءات ضد شخص بوب آفاكيان لتجرئه على إقتراح كيفية التقدّم أكثر و بصورة أفضل فى تحرير الناس و على مطالبة أن يبدي آخرون رأيهم فى مضمون هذا المقترح مساندة أو معارضة. و عبّرت أحزاب أخرى مثل الحزب الشيوعي الإيراني ( الماركسي - اللينيني - الماوي ) عن وقوفها إلى جانب الخلاصة الجديدة فكان عليها أيضا أن تتحمّل سلسلة هجمات شخصية و تشويهات لمواقفها على غرار ما يمكن ملاحظته فى وثيقة الحزب الشيوعي (الماوي) الأفغاني المشار إليه آنفا.

بهذا المضمار ، يترتّب علينا أن نشدّد على انّ النقاش و صراع الخطّين حتى لمّا يتحوّل إلى صراع حاد جدّا ، ضروريّان و يساهمان فى توضيح ما يتناسب مع الواقع و مصالح الجماهير و ما لا يتناسب معها ، طالما أنّهما يتركّزان حول المبادئ ، حول " المسائل الكبرى" لكيفية التقدّم بالثورة البروليتارية و طالما يأخذ بعين النظر الموقف الحقيقي للمنافس و أفضل حججه. و بالعكس ، طرق " النضال" المعتمدة على تشويه الآخر و إختلاق مواقف مفترضة تنسب إليه ، تبعث اليأس فى الجماهير و تربّيها على ذات طرق التشويه و الإفتراء التى تستعملها البرجوازية و التى تساعد موضوعيّا العدوّ الطبقي ميسّرة هجماته على القيادات الثورية التى يمكن أن تتقنّع بأنّها " خصومات فى صفوف الثوريين". إنّها طرق نضال على كلّ ثوري أن يلفظها و ينقدها .

إزاء الإختلافات المبدئية صلب الحركة الأممية الثورية ، يقترح الحزب الشيوعي الإيطالي (الماوي) و الحزب الشيوعي ( الماوي) الأفغاني و الحزب الشيوعي الهندي ( الماركسي- اللينيني ) نكسلباري تشكيل منظمة عالمية للشيوعيين الماركسيين - اللينينيين - الماويين دون معالجة و لا واحدة من المسائل موضوع النقاش و دون توضيح أساس لوحدة مبدئية لهذه المنظمة الجديدة. يصرّحون ببساطة بأنّه " من أجل بناء هذه المنظّمة العالمية يجب أن نقطع مع التحريفية فى كلّ مظاهرها و خاصة مع الذين تسبّبوا فى الأزمة الحالية و تداعي الحركة الأممية الثورية ، يعنى " الخلاصة الجديدة " ما بعد الماركسية - اللينينية - الماوية لبوب آفاكيان صلب الحزب الشيوعي الثوري ، الولايات المتحدة الأمريكية ، و الخطّ التحريفي الذى أرساه براشندا / باتاراي صلب الحزب الشيوعي النيبالي الموحّد (الماوي) " (65) ( 65- القرار 1، الإجتماع الخاص لأحزاب الحركة الأممية الثورية من أجل ندوة عالمية للأحزاب و المنظّمات الماركسية - اللينينية - الماوية ، غرّة ماي 2012 ").

رأينا فى ما مرّ بنا على الأقلّ أنّه بالنسبة للحزب الشيوعي الإيطالي (الماوي) " القطع مع تحريفية براشندا لا يعنى بالضرورة أن الحزب الشيوعي النيبالي الموحّد (الماوي ) الذى يقوده هذا الخطّ منذ 2005 ليس له مكان فى " منظمته العالمية للشيوعيين الماركسيين - اللينينيين -الماويين" الجديدة . و يأكّد لنا الحزب الشيوعي (الماوي) الأفغاني أنّ " أربع سنوات فقط قد مضت منذ الهزيمة النهائية - أو المرحلة النهائية للإنتصار الذى كان يقترب فى النيبال" (66) ( 66- " الطريق الماوي " ، الصفحة 44) و هذا التأكيد أقلّ من شيء لا يصدّق : لا يتخذون موقفا . نهاية حرب الشعب بسبب الخطّ التحريفي المتبنّى من قبل الحزب الشيوعي النيبالي الموحّد (الماوي) يمكن أن تمثّل " الهزيمة النهائية " أو ربّما على العكس هي " المرحلة النهائية للإنتصار الذى كان يقترب فى النيبال" يتحدّثون عن " الخطّ التحريفي الذى أرساه براشندا / باتاراي صلب الحزب الشيوعي النيبالي الموحّد ( الماوي) بينما " يوقفون الحكم" و " ينتظرون ليروا" هل أنّ نهاية السياسات المتبنّاة على أساس هذا الخطّ تمثّل " الهزيمة النهائية" أو " المرحلة النهائية للإنتصار الذى كان يقترب فى النيبال" . فى الواقع ، ما ينقص من وجهة النظر الشيوعية و الأممية هو النضال من أجل أن ينبذ الرفاق فى النيبال ( و كذلك الشيوعيون فى العالم قاطبة ) و ينقدوا بعمق الخطّ التحريفي المتبنّى من قبل الحزب الشيوعي النيبالي الموحّد (الماوي) فى 2005 ، مثلما قام بذلك الحزب الشيوعي الثوري ، الولايات المتّحدة الأمريكية مذّاك . و بالعكس ، ما قام به الحزب الشيوعي الإيطالي (الماوي) بهذا المضمار المهمّ للغاية بالنسبة للحركة الأممية الثورية والشعب النيبالي هو تعبير عن اللامبدئية فى مشروع منظّمته العالمية " الماركسية - اللينينية - الماوية " ( 67) ( 67- و جدير بالإضافة أنّ الحزب الشيوعي (الماوي) الأفغاني ينقد فى مقالاته فكر غنزالو على أنّه " ما بعد الماركسية - اللينينية - الماوية" فى الوقت الذى يقدّم فيه الحزب الشيوعي الإيطالي (الماوي) نفسه على أنّه المدافع الكبير عن فكر غنزالو ، و هذا دليل آخر على انّ هذا المشروع لا يتأسّس على مبادئ أكثر من معارضته للخلاصة الجديدة ).

و حتى أهمّ و أكثر إثارة للسخط ، ينعتون الخلاصة الجديدة لبوب آفاكيان ب " التحريفية " و يحاولون شقّ صفوف الحركة الأممية الثورية ، منادين علنا بإيجاد منظمة عالمية أخرى ، دون الدخول فى نقد مضمون الخلاصة الجديدة . و هذا يتنافى كلّيا مع المنهج الشيوعي الذى يجب تطبيقه تجاه التباينات فى الخطّ فى حزب شيوعي أو فى منظمة شيوعية عالمية . بالطريقة الشيوعية الصحيحة ، يحلّل الموقف الآخر بعمق و بالحجج يدلّل بأي معنى لا يتناسب مع الواقع و التقدّم نحو الشيوعية و يتمّ النضال ، على هذا الأساس ، من أجل توحيد جميع الذين يمكن توحيدهم حول خطّ أصحّ . فقط على قاعدة نقد منطقي ونضال مبدئي من السليم وصف الموقف الآخر بالتحريفية وفقط بخوض صراع الخطّين إلى النهاية من المناسب إتخاذ إجراءات تنظيمية ، إذا تبيّن أنّ الخطّ الآخر يتعارض مع التقدّم الثوري و أنّ أنصاره لا يمكن كسبهم . ومن الحيوي العمل على هذا النحو لأنّه هكذا فحسب يتضح فهم أصحّ للمشاكل الموضوعية التى يتطرّق لها الموقف الآخر بصورة خاطئة و على هذا النحو فحسب يتمّ توحيد كافة من يمكن توحيده حول خطّ صحيح . هذا هو المنهج المطبّق ، مثلا ، فى نضال ماركس ضدّ الفوضويين و نضال لينين ضد التحريفية فى الأممية الثانية و نضال ماو ضد تحريفية خروتشاف و أتباع الطريق الراسمالي فى الصين. إنّه المنهج الذى ناضل الحزب الشيوعي الثوري ، الولايات المتحدة الأمريكية و أحزاب أخرى فى سبيل تكريسه فى صراع الخطّين داخل الحزب الشيوعي البيروفي ، و كذلك فى صراع الخطّين الأحدث فى النيبال . إنّه المنهج الملخّص فى مبادئ : " ممارسة الماركسية لا التحريفية ، و العمل من أجل الوحدة لا الإنشقاق ، و التحلّي بالصراحة و النزاهة لا حبك الدسائس و المؤامرات " (68) ( 68- ماو تسى تونغ ذكر فى " وثائق المؤتمر العاشر للحزب الشيوعي الصيني " ، منشورات باللغات الأجنبية ، بيكين 1973).

و مثلما بيّننا على ضوء تحليل وثائق الحزب الشيوعي ( الماوي) الأفغاني و آخرين ، فإنّ " معيدي التنظيم" ليسوا بصدد تطبيق الماركسية وبالتالي يعملون من أجل شقّ صفوف الحركة الأممية الثورية و يلجؤون إلى التشويهات الشخصية و النميمة و الإشاعات التى تزخر بها " الطريق الماوي" عوض تطوير صراع خطين بشأن المسائل المفاتيح التى تطرحها الخلاصة الجديدة . إنّها وسائل ضارة للغاية تفتقد إلى المبادئ و يجب نقدها و نبذها من قبل كلّ شيوعي ، بقطع النظر عن موقفه من الخلاصة الجديدة لماو تسى تونغ .

و فضلا عن محاولة شقّ صفوف الحركة الأممية الثورية ، يسعون إلى الإلقاء باللائمة على بوب آفاكيان ل" ازمة و تداعي " الحركة الأممية الثورية . الأزمة الحالية للحركة الأممية الثورية لم تتسبّب فيها الخلاصة الجديدة لبوب آفاكيان . مرّدها صراع الخطّين بشأن المشاكل الموضوعية فى الصراع الطبقي و مرّدها على وجه الخصوص إمتناع الخطوط المعارضة للخلاصة الجديدة عن إطلاق نقاش مبدئي لهذه المشاكل . ووقع ذلك فى إطار ضرورة موضوعية لتطوير نظرية و ممارسة الشيوعيين إزاء إعادة تركيز الرأسمالية ، و نهاية المرحلة الأولى ، و الظروف و المتطلبات الجديدة للمرحلة الجديدة من الثورة الشيوعية . إنّ النزعة الدغمائية المنعكسة على سبيل المثال فى مواقف الحزب الشيوعي ( الماوي) الأفغاني أو بشكل آخر فى بعض صيغ " فكر غنزالو" التى تفحّصنا هنا ، تنكر وجود هذه الحاجة الموضوعية ، متخفّية وراء تأويل محرّف ل " الماركسية - اللينينة - الماوية " يتجاهل أو يحرّف أكبر مساهمة من مساهمات ماو و يتملص من الجوهر الثوري و العلمي للشيوعية . و آخرون من مثل الخطّ القائد للحزب الشيوعي النيبالي الموحّد ( الماوي) ، بإسم الظروف الجديدة ، يهاجمون جوهريّا و يتملّصون من كافة التجربة الإشتراكية السابقة على أنّها رئيسيّا سلبية ، مقدّمين النظرية الديمقراطية البرجوازية للقرن 18 على أنّها الشيوعية الجديدة للقرن 21.

و قد وجدت هذه النزعات المبرقشة و الخاطئة نقطة " وحدة " بينها فى معارضة الخلاصة الجديدة لبوب آفاكيان الذى إنبرى ليتصدّى للضرورة الموضوعية لمزيد تطوير النظرية الشيوعية و قد صاغ إطارا نظريّا جديدا لشيوعية يعزّز أسسها العلمية . و المشكل لا يكمن ببساطة فى معارضتها لما يمثّله موضوعيّا من أمل كبير للجماهير المضطهَدة و الثورة الشيوعية فى العالم بأسره ، و إنّما يكمن فى إمتناعها عن النقاش و المحاججة جدّيا دفاعا عن موقفها ، و كذلك يكمن فى طرق التشويه و التآمر و الإنشقاق التى إنتهجتها. و لئن إعتنينا هنا بصورة خاصة بمواقف الحزب الشيوعي ( الماوي) الأفغاني ليس لأنّه أفضل مثال عن هذا بل على وجه الضبط لأنّه على الأقلّ قد ردّ بشيء و لو أنّه لم يتوغّل فى نقد مضمون الخلاصة الجديدة . عوض خوض صراع الخطّين إلى النهاية ، خيّرت هذه القوى السعي لتصفية الحركة الأممية الثورية و شقّها دون مزيد الإجراءات و تشكيل منظمة أخرى دون أن تحدّد حتى أساس الوحدة الإيديولوجية و السياسية أبعد من " الماركسية - اللينينية - الماوية " المدّعاة و التى تحاول أن توفّق المواقف المتعارضة بصدد الإشتراكية و الدولة و حرب الشعب و سواها من المسائل .

11- العلم أم البراغماتية ؟

و بالرغم من أنّ هذه القوى تسعى إلى تجنّب إتخاذ موقف صريح حول المسائل الكبرى المطروحة لنهاية مرحلة و بداية مرحلة أخرى ، فإنّه علينا جميعا أن نواجهها ، لا مناص منها و هي جزء من الوضع الموضوعي الذى نتفاعل معه . و يكفى الخروج للحديث مع الناس عن الشيوعية لندرك خيبة الأمل أو نبذ الشيوعية من طرف الكثيرين ، بما فيهم عدد كبير من التقدّميين و الثوريين جرّاء الهجوم المناهض للشيوعية الذى قام به العدوّ مغتنما شيئا ماديّا هو أنّ التجارب الإشتراكية الأولى قد هُزمت فى النهاية . لا يمكن أن نقاتل حقيقة و بنجاح هذا الهجوم المعادي للشيوعية دون تلخيص عميق لدروس المرحلة الأولى ، و لكن حتى أهمّ من هذا ، دون تقديم أجوبة مناسبة لهذه المسائل العميقة للثورة البروليتارية ، لن نتمكّن من الخروج من بوتقة هذا النظام الرجعي .

يتصوّر الداعون إلى هذه المنظّمة العالمية " الشيوعية " أنّه بإمكانهم تجنّب هذه المشاكل الشائكة عن طريق توحيد الناس حول " قوّة مادية " لحركة قائمة بالتباهي ب " إنتصاراتها العملية " الحقيقية أو الخيالية . فى رأيهم الذى عبّر عنه بصراحة كبيرة الإستشهاد أعلاه بالحزب الشيوعي الإيطالي ( الماوي) ، المهمّ هو الحصول على " قوّة مادية " ، و توحيد الناس لا يأبهون من أجل أي خطّ و لا من أجل أي هدف. فى منتهى الأهمّية تطوير القوّة المادية و كسب كافة الناس الذين يمكن كسبهم من أجل خطّ يمكن حقّا أن يعالج المشاكل الموضوعية لكيفية التقدّم بالثورة الشيوعية العالمية . بقطع النظر عن النوايا الذاتية لمن يقوم بذلك ، توحيد الناس من أجل منظّمة لا تعتبر و لا ترى ضرورة تطوير حلول حقيقية لهذه المشاكل على المستوى النظري ، غشّ فظيع يعد بالتحرير لكنّه لا يستطيع تخطّى الإطار الخانق للنظام الإضطهادي . و هذه الوحدة دون مبادئ ، و فكرة أنّه يمكن التهرّب من ضرورة إيجاد حلول للمشاكل التى طرحتها المرحلة الأولى من الثورة الشيوعية وعناء توحيد الناس حول " قوّة مادية " حقيقية أو خيالية للحركة ، تعبيرات عن البراغماتية ، الفلسفة البرجوازية التى تقول إنّ ما يهمّ هو ما " يعمل" ، ما يعطى نتائجا عملية مباشرة ظاهريّا مواتية لا يهمّ مزيد الفهم العميق لماذا و من أجل ماذا. أو كما كان يصرّح مهندس إعادة تركيز الرأسمالية فى الصين ، دنك سياو بينغ ، قطّ أسود ، قطّ أبيض لا يهمّ ، طالما أنّه يصطاد الفئران ، أي رأسمالية او إشتراكية لا يهمّ طالما تحقّق لنا نموّا إقتصاديّا ونتائجا أخرى . أو كما يقولون فى المكسيك " لنشاهد أيهما العلكة و تلتصق ".

إنّ البراغماتية فلسفة مناسبة للبرجوازية ، و يستمع المرء إلى ممثّليها يكيلون المديح للبعض ل " براغماتيتهم " و نقدهم لآخرين ل " غياب البراغماتية ". إنّها تتناسب أو لها قاعدة مادية فى طبيعة السوق الرأسمالية التى تعمّ فيها الفوضي . الرأسماليون ، عند عرضهم لسلعهم فى السوق ، ليسوا متأكّدين مما سيحصل و حتى من الأخطر ، إمكانية الإفلاس . و رغم أنّهم يجرون بعض الدراسات للسوق و أشياء من هذا القبيل ، فإنّ فهمهم العميق و العلمي لجوهر الرأسمالية ليس هو ما تفتقده إقتراحاتهم : بالأحرى يحتاجون إلى رؤية " ما الذى يعمل" ، أي ، ما الذى يوفّر الربح . إنّها فلسفة المدى القصير شأنها شأن الرأسمالية ، اولوياتها هي خاصة النتائج المباشرة : طالما أنهم يحصدون الأرباح و أنّ الإقتصاد ينمو ، لا يهمّ إن كان هذا النوع من النموّ يتسبّب فى إرتفاع حرارة الأرض ويدفع بكوكبنا إلى كارثة .

البراغماتية ليست سبيلا للحقيقة. مثلا ، قد طوّر العاملون بالصيدلة أواسط القرن الماضي عقّارا سموه تاليدوميدا ، كان " يعمل" : كان يساعد على تعديل النوم ومعالجة الغثيان لدى النساء الحوامل و لم تبيّن التجارب أي تسمّم لدى الذين تناولوه حتى بكمّيات كبيرة. يعمل! تمّت الموافقة عليه و بيع للكثيرين... بيد أنّه بعد ذلك إكتشفت مأساة إنسانية ألمّت بآلاف الأطفال الذين ولدوا مشوّهين . لقد إكتفى الصيادلة بالنظر إلى " النجاحات" المباشرة و لم يتمّ التوغّل فى جوهر المشكل للتمكّن من فهم أن العقاقير التى ليست مسمومة بالنسبة للكهول قد تتسبّب فى تشويهات للجنين .

و نشدّد على أنّ البراغماتية فى الحركة الشيوعية خدعة قطعا ذلك أنّها تجعل الناس يتحمّسون لنتائج مباشرة حقيقية أو خيالية يفترضون أنّها لأجل تحريرهم و دون علم مثلما حدث مع عقّار التاليدوميدا، لن تدرك النتائج المأساوية إلاّ لاحقا حين يكون فات الآوان كثيرا. و من جديد ، هناك مثال الفيتنام ( وكذلك كوبا ونيكاراغوا ) عن ما يحصل للخطّ البراغماتي لتفادي المسائل المبدئية بما فى ذلك ضرورة التمييز بين الرأسمالية و الإشتراكية ، بإسم " التقدّم العملي". و هناك " نجاح" الحزب الشيوعي النيبالي الموحّد (الماوي) فى إدارة الدولة الرجعية على أساس تناسي " أبجديات الماركسية " بإسم " التكتيكات " الناجحة. و من كلّ هذه الحالات ، من المغالطة و الخيانة الفظيعين أن نرمي بالمزبلة إمكانية عالم جديد تماما حتى يستطيع هؤلاء مدّعو"الشيوعية" أن يكونوا جزءا من سحق الجماهير و قمعها من موقع الدولة ، و هذا " أقصى " ما يمكن للبراغماتية أن تبلغه .

إنّ البراغماتية و فقدان المبادئ المميّزة لهذا المشروع الجديد لمنظّمة عالمية مواصلة للتجريبية والبراغماتية التى حلّلها بيان الحزب الشيوعي الثوري ،الولايات المتحدة الأمريكية تحليلا صحيحا ، وهي ميزة يتقاسمها التيّاران الخاطئات فى الحركة الشيوعية العالمية . و قد تمّت المحاججة ، على سبيل المثال ، بأنّ الخطوط المحدّدة مع غنزالو أو براشندا " صحيحة " إعتبارا للتقدّم العملي فى حينها ، حرب الشعب فى البيرو و النيبال ، أو أنّ بوب آفاكيان لا يمكن أن يمتلك موقفا صحيحا لأنّه لا يقود حربا شعبية . عندئذ علينا أن نتخلّص من عمل ماركس لأنّه هو أيضا لم يقد حربا شعبية و كان له تأثير ضئيل فى كمونة باريس و لو أنّه إستخلص دروسا عميقة و علمية من هذه التجربة . و مثلما رأينا ، غنزالو و الحزب الشيوعي البيروفي و إن كانا على صواب فى بعض المسائل الهامّة فقد نشرا أيضا مواقفا خاطئة بعمق حتى فى فترة تقدّم حرب الشعب فى ذلك البلد. ( و لنقل بالمناسبة إنّه رغم أنّ آفاكيان و الحزب الشيوعي الثوري ، الولايات المتحدة الأمريكية لم يكونا يحاولان الإنطلاق فى نضال مسلّح فى تلك الفترة حيث لا وجود لوضع ثوري فى الولايات المتحدة لأنّه كما أكّد لينين عن حقّ و كما تبيّن ذلك مرّة أخرى من " الأعمال المسلحة لمجموعات فى عدّة بلدان إمبريالية فى ستينات و سبعينات القرن العشرين الإنطلاق فى النضال المسلّح بينما لا يوجد وضع ثوري لا يؤدّى إلاّ إلى عزل القوى الثورية وتحطيمها ). و موقف الحزب الشيوعي الثوري ، الولايات المتحدة الأمريكية متوفّر لمن يودّ التعليق عليه عوض إختراع حجج عبثية ( 69) وهو بكلمات أساسية القيام بكلّ ما بوسعه للتسريع و للإستعداد لظهور وضع ثوري كقاعدة لقيادة الجماهير بعدئذ فى النضال المسلّح الثوري فى تحطيم الدولة القديمة و إرساء دكتاتورية البروليتاريا. ( 69- على غرار " حجّة الحزب الشيوعي (الماوي) الأفغاني فى " موقفنا " و مفادها أن الحزب الشيوعي الثوري ، الولايات المتحدة الأمريكية " من أنصار التحوّل السلمي" لأنّ صياغته حسب رأي الحزب الأفغاني غامضة بصدد النضال المسلّح فى قانونه الأساسي عندما قال " لإفتكاك السلطة يجب على الحزب الثوري أن يواجه العدوّ و يهزمه " و " وفى هذا النضال فى سبيل التغيير الثوري ، يواجه الشعب الثوري و الذين يقودونه العنف القمعي لقوّة الدولة التى تجسّد و تعزّز النظام الإستغلالي و الإضطهادي القائم ، و ليحقّق النضال الثوري الظفر ، سيحتاج إلى مواجهة و هزم العنف القمعي لقوّة النظام القديم الإستغلالي و الإضطهادي ." ( القانون الأساسي للحزب الشيوعي الثوري ، الولايات المتحدة الأمريكية ، الصفحة 10) . و من العسير الإعتقاد فى أنّ الحزب الشيوعي الأفغاني (الماوي) يفكر حقّا أنّ الحزب الشيوعي الثوري ، الولايات المتحدة الأمريكية يقترح " إفتكاك السلطة" و " الإطاحة بالعدوّ" و " إلحاق الهزيمة بهذه القوّة العنيفة و القمعية " بطرق سلمية ، أو أنّ هذا هو معنى الصيغة الأخرى من ذات القانون الأساسي :

" على الثورة أن تطيح بآلة دولة هؤلاء الرأسماليين – الإمبرياليين و أن ترسي سلطة دولة جديدة تخدم المصالح الثورية للطبقة المستغَلة سابقا، البروليتاريا فى تحرير الإنسانية و دفع المجتمع و العالم بإتجاه القضاء على الإنقصامات الطبقية و العلاقات الإستغلالية ككلّ . و ستكون هذه الدولة الثورية دكتاتورية البروليتاريا ، دولة مغايرة راديكاليا لكافة أشكال الدول السابقة. " ( الصفحة 5 ، التشديد وارد فى النسخة الأصلية ). و يمثّل هذا الإستشهاد كذلك تشويها آخر عندما يعرب الحزب الشيوعي (الماوي) الأفغاني عن أنّ هناك " غياب التشديد على مبدأ دكتاتورية البروليتاريا فى هذه الوثيقة." و من ناحية أخرى ، يشكو الحزب الشيوعي (الماوي) الأفغاني من عدم الإشارة إلى"الإنتفاضة المسلّحة بوجه عام" متجاهلا تحليل الحزب الشيوعي الثوري ، الولايات المتحدة الأمريكية ، عند الحديث عن التطوّر الممكن للنضال المسلّح فى هذه البلاد لمّا يظهر وضع ثوري : " و يتطلبه الأمر من الثوريين فى بلد إمبريالي للتمكّن من إمكانية الإنتصار ، سيكون خوض نضال أطول مدى من نوع الإنتفاضات الشعبية التى قادها لينين فى روسيا فى 1917" يمكن للمرء أن يختلف مع هذا الوضع لكن أدنى الأمانة الفكرية تستوجب على الأقلّ ذكر الموقف الحقيقي للحزب الشيوعي ، الولايات المتحدة الأمريكية عوض تشويهها .( أنظروا " حول إمكانية الثورة " ضمن " الثورة و الشوعية : أساس و توجه إستراتيجيين " ، الصفحة 85 ، وهي وثيقة مذكورة بوضوح فى بيان الحزب الشيوعي الثوري ، الولايات المتحدة الأمريكية ( ص 29) الذى يعلّق عليه الحزب الشيوعي الأفغاني (الماوي) . متوفّر على الأنترنت بموقع
).revcom.us

إنّ البراغماتية التى تعيّن " الصحيح " مباشرة و حصرا بالنجاحات الظاهرية فى الممارسة المباشرة تعنى " إبتذال النظرية و الإستهانة بها ، محوّلينها إلى " مرشد للعمل" فقط بالمعنى الأضيق و الأكثر مباشرة ، معاملين النظرية كما لو أنّها جوهريّا إفراز ممارسة خاصة و محاولين عقد مقارنة بين الممارسة المتقدّمة ( التى ، من جانب هؤلاء الناس ، تتضمّن عنصرا من التقييم الذاتي و الإعتباطي ) و النظرية المتقدّمة المفترضة . إنّ وجهة النظر الشيوعية العلمية المادية الجدلية تؤدى إلى فهم أنّ الممارسة هي مصدر و محكّ النظرية ، لكن على عكس هذه التشويهات التجريبية الضيقة ، يجب فهم هذا على أنّ الممارسة بالمعنى الواسع ، شاملة التجربة الإجتماعية و التاريخية الواسعة ، و ليس فقط التجربة المباشرة لشخص أو مجموعة أو حزب أو أمّة." (70) ( 70- بيان الحزب الشيوعي الثوري ، الولايات المتحدة الأمريكية ).

بمقاربة تجريبية و " بوزيتيفيزم " [– من الفلسفة الإيجابية ] يتصوّرون أنّ إطارا نظريّا صحيحا يتطوّر على قاعدة مجرّد تلخيص تجربة حزب أو بلد ؛ و بدلا من الإقرار بضرورة تلخيص التجربة التاريخية و العالمية - و التى تشكّل تجربة حزب ما جزءا منها ، و جزءا فقط - و كذلك التعلّم من المجالات الأخرى : الفلسفة و العلم و الثقافة و الفنون إلخ . و بمقاربة تجريبية و " بوزيتيفيزم" [– من الفلسفة الإيجابية ] يتصوّرون أنّ الممارسة الملموسة توفّر لنا مباشرة نظرية صحيحة ، دون الإعتراف بضرورة قفزة نوعية نحو المعرفة العقلية على أساس الشمولية و تلخيص و إستخلاص للدروس ، و مجدّدا ليس فقط من الممارسة الملموسة ، المباشرة بل من فهمها فى إطار التداخل و العلاقة مع التجربة التاريخية و الإجماعية و النظرية الواسعة على هذه القاعدة . بالمقاربة التجريبية و " البوزيتيفيزم" [– من الفلسفة الإيجابية ] كما لوانّ المرء يقترح تشييد بناءات كبرى تأسيسا على مجرّد تلخيص لتجربته الخاصة فى بنائها دون أن يأخذ بعين النظر التجربة الأوسع الملخّصة فى مبادئ الهندسة و دراسة الأرض و الزلازل و الأعاصير إلخ.

يقدّم لنا الحزب الشيوعي (الماوي) الأفغاني مثالا جيّدا عن هذه المقاربة الضيّقة التجريبية و " البوزيتيفيزم" [– من الفلسفة الإيجابية ]عند محاججته ضد ما يدعى " الدور المطلق للنظرية " لدى الحزب الشيوعي الإيراني (الماركسي- اللينيني- الماوي ) و لدي الحزب الشيوعي الثوري ، الولايات المتحدة الأمريكية ، التى : " بوضوح ، أرقي نقطة فى تطوّر الثورة الشيوعية زمن ماركس ، كمونة باريس ، لم تكن تدين بذلك إلى الإطار النظري الذى صاغه ماركس. و فى الواقع ، لم يكن للماركسيين دور واضح فى إطلاق كمونة باريس وقيادتها. و بالعكس ، التطوّر النظري لماركس وخاصّة ، نظرية دكتاتورية البروليتاريا ، تدين كثيرا فى ذلك للممارسة الثورية لكمونة باريس ، ماركس من خلال تلخيصه لهذه الممارسة ، طوّر دكتاتورية البروليتاريا و بناها و منهجها ضمن الماركسية . " ( 71) ( 71- " الطريق الماوي" ، الصفحة 47-48).

يتحدّثون كما لو أنّ ماركس لم يكن ليطرح ( و لم يكن ليطوّر نظرية دكتاتورية البروليتاريا إلاّ بعد ما جدّ من ممارسة كمونة باريس ، وهذا غلط . و تكفى ملاحظة أن الإستشهاد الذى مرّ بنا بشأن " دكتاتورية " طبقة البروليتاريا كنقطة إنتقال ضرورية " للقضاء على الكلّ الأربعة مصدرها " الصراع الطبقي فى فرنسا من 1848 إلى 1850" المنشور سنة 1850، أي ، عقدان قبل كمونة باريس ما يثبت أن ماركس و إن إستخلص دروسا جديدة هامة من الكمونة ، فإنّ منهجا علمياّ يتعلّم من جميع الممارسة الإجتماعية المتنوّعة ، يمكنه بمعنى ما " إستباق" الممارسة الثورية و يطرح و يقود النضال من أجل أشياء لم تتحقّق بعدُ فى الممارسة ( و إذا لم يكن الأمر كذلك لما وجدت نظرية شيوعية بإعتبار أنّ لا أحد قد عاش المستقبل الشيوعي) . لقد إستطاع ماركس أن يطرح بصورة صحيحة ضرورة دكتاتورية البروليتاريا قبل أن توجد هذه الدكتاتورية فى الممارسة العملية ، بالضبط لأنّه لم يكتف بتلخيص ضيق تجريبي و "بوزيتيفي" [من الفلسفة الإيجابية ] لممارسة الصراع المباشر فى بلد أو آخر . و قد توصّل إلى هذا الفهم كجزء من تركيز لأوّل مرّة لإطار نظري علمي لفهم تطوّر المجتمع و تغييره ثوريّا. و قد طوّر ذلك على قاعدة دراسة و تحليل عميقين للفلسفة و للإقتصاد السياسي و لصراع الطبقات و التطوّر الإجتماعي . و بالعكس ، حجّة الحزب الشيوعي (الماوي) الأفغاني براغماتية و تجريبية و "بوزيتيفيزم" [من الفلسفة الإيجابية ] فى التعاطي مع النظرية " جوهريّا كإنتاج مباشر للممارسة الخاصة " وهو يرفض ضرورة أن تقود الثورة النظرية العلمية الأكثر تقدّما ، إنطلاقا من الممارسة الإجتماعية الأوسع ( و ليس فقط الممارسة المباشرة لحزب معيّن ) و للمعرفة الإنسانية فى شتّى المجالات .

لهذا المنهج تبعات ضارة . و تحديدا إحدى أسباب الهزيمة السريعة للكمونة كانت كونها إفتقرت إلى القيادة الماركسية و كونّها كانت تتطوّر على هامش الخوض فى النظرية الثورية الأكثر تقدّما فى تلك الفترة ، و هذا ما ينصحنا به مرّة أخرى الحزب الشيوعي (الماوي) الأفغاني ، آملا أن توفّر لنا الممارسة المباشرة الأجوبة على الأسئلة الكبرى التى تثيرها نهاية مرحلة و بداية أخرى، معوّلا على روايته الخاطئة لكيفية تطوّر نظرية دكتاتورية البروليتاريا. لا ينبغى أن نعيد الآن بشكل آخر الجانب السلبي من الكمونة الذى ساهم فى هزيمتها السريعة ؛ بالعكس ينبغى أن نناضل من أجل أن تقود النظرية العلمية للشيوعية مثلما قد تطوّرت إلى الآن بفضل الخلاصة الجديدة ، الممارسة الثورية و تواصل التطوّر ، و ليس البراغماتية و " البوزيتيفية" [من الفلسفة الإيجابية ]" اللتان ينصحوننا بهما.

12- الإعتماد على الواقع الموضوعي أم خلق " واقع" كما يحلو لنا ؟

لقد كرّرنا عديد المرّات جملة " إنتصارات حقيقية أو خيالية " عمدا ذلك أنّ ، إضافة إلى البراغماتية ، النزعات المعارضة للخلاصة الجديدة تشترك فى شيء آخر هو الأداتية وهي فضلا عن كونها إرث جدّ ضار فى الحركة الشيوعية العالمية فى الماضي ، منهج " جعل الواقع "أداة " لأهدافنا ، و حرفه خدمة لغاياتنا الجديدة و ل" الحقيقة السياسية " ( 72) ( 72- " الأساسي من..." ، الصفحة 116 ).

و نلمس هذا فى وثائق غرّة ماي 2011 و 2012 التى أنف ذكرها و التى تقدّم لنا صورة جميلة عن أنه " صار فى كلّ مرّة أوضح أنّ الثورة هي الإتجاه الرئيسي فى العالم " (73) ( 73- " البيان العالمي لغرّة ماي 2011" " الطريق الماوي " ، الصفحة 4 ) و أنّ الحروب الشعبية تتقدّم فى مختلف البلدان و أنّ الإنتفاضات فى البلدان العربية قد " مهّدت " الطريق إلى ثورات جديدة مناهضة للإمبريالية و مناهضة للصهيونية و مناهضة للإقطاع و ثورات ديمقراطية جديدة ، مشكّلة " جبهة قتال جديدة بين الإمبريالية و الشعوب " و يتحدّثون عن تلك القائمة بعدُ فى العراق و أفغانستان و فلسطين... و عن انّ " الإنتفاضات المثيرة للشباب البروليتاري ... تزلزل المدن الإمبريالية..." و أشياء أخرى من هذا القبيل. ( 74 ) ( 74 " القرار عدد 1" ).

بارزهو المنهج الأداتي الذى يقف وراء هذا " التحليل " و بارزة هي المبالغة فى المظاهر الإيجابية فى الوضع و محو أو التقليص من المظاهر السلبية ، و خلق " واقع " مفترض وفق رغبات و أهداف الكتّاب ينتظر أن يدفع الناس إلى العمل طبقا لهذه الرغبات و الأهداف. قد " تنجحون " و قد " لا تنجحون " فى دفع بعض الناس بواقعكم الوردي ، إلاّ أنهم لن يتوصّلوا إلى أية ثورة شيوعية بمثل هذا المنهج الأداتي و الذاتي .

لن نتوقّف عند الجزئيّات ، بيد أنّنا ندعو القرّاء إلى مقارنة فكرة أنّ الإنتفاضات العربية قد " مهّدت " الطريق لثورة الديمقراطية الجديدة برسالة بوب آفاكيان بصدد مصر و التى مع تنويهها بالمظاهر الإيجابية جدّا لهذه الإنتفاضة و إعرابها عن " المساندة الملموسة لملايين الناس الذين تمرّدوا " ، تشير كذلك إلى ضرورة طليعة شيوعية تقوده النظرية الأكثر تقدّما ، و دون هذه الطليعة الشيوعية الأفق يقع ببساطة تعويض نظام بآخر و البقاء " فى الإطار العام للهيمنة و الإستغلال الإمبريالي العالمي" ( 75) ؛ أو إلى مقارنة العرض الإحادي الجانب لدلالة التمرّدات الأخيرة فى البلدان الإمبريالية مع ما كتبه آفاكيان عن حركة " إحتلال الشوارع " و فيه مرّة أخرى يرحّب بالمظهر الرئيسي لهذه النضالات و فى نفس الوقت ينقد فكرة الحركة " الأفقية " التى كان لها تأثير قويّ لدي الكثيرين فى هذه الحركات و التى كانت تنكر ضرورة القيادة " (76) ( 75- بوب آفاكيان " مصر 2011: ببسالة إنتفض الملايين...لكن المستقبل لم يكتب بعدُ."،"الثورة " عدد 225) ( 76- بوب آفاكيان " أفكار حول حركة "إحتلال الشوارع ": بداية واعدة و ضرورة المضيّ أبعد من ذلك" ، الثورة ، عدد 251 ، 27 نوفمبر 2011).

و بوصف الوضع فى العراق و أفغانستان على أنّه " جبهة قتال بين الإمبريالية و الشعوب " ، تتجاهل المقاربة الأداتية مشكل أنّ جزءا كبيرا من القوى فى حقل المعركة هي قوى إسلامية أصولية رجعية ( التى تشمل مثلا القاعدة و طالبان) لا تمثّل مصالح النضال الشعبي ضد الإمبريالية . بالأحرى ، ما نراها فى تنافس بين الجهاد و العدوان الإمبريالي " هي فئات تاريخيّا عفا عليها الزمن من الإنسانية المستعمرة و المضطهَدة ضد فئات مهيمنة عفا عليها الزمن تاريخيّا من النظام الإمبريالي . هذان القطبان الرجعيّان يتعارضان لكن فى نفس الوقت هما يعزّزان بعضهما البعض . و مساندة قطب أو آخر من هذين القطبين اللذين عفا عليهما الزمن ، سينتهى بتعزيز الإثنين " (77) ( 77- " الأساسي ..." ، الصفحة 20-21).

قمّة الأداتية تتجسّد فى قولهم إنّ " حرب الشعب فى البيرو التى إنطلقت بقيادة الحزب الشيوعي البيروفي و على رأسه الرئيس غنزالو تظلّ منارة إيديولوجية و إستراتيجية بالنسبة للحركة الشيوعية العالمية برمّتها ". من جهة يدمجون إثنين فى واحد فى العلاقة بين النظرية والممارسة: " منارة إيديولوجية " يجب أن تنزع نحو أن تكون إيديولوجيا ، و قد حلّلنا بعض مظاهر إيديولوجيا " فكر غنزالو" بما فى ذلك حتى قبل أن يدعو غنزالو إلى إتفاق السلام حيث ينحرف عن الواقع . و من جهة أخرى ، عند تحديد " حرب الشعب " على أنّها " منارة إيديولوجية " يتجنّبون المشكل العويص للوضع الحالي فى البيرو أين بعد إيقاف غنزالو و الدعوة إلى النضال من أجل إتفاق سلام و من أجل " تراجع إستراتيجي" طويل ، بقي الجزء الكبير من القوى الثورية مهزوما أو معنوياته منخفضة ، و القليل من الذين يواصلون بشكل ما النضال المسلّح منقسمون إلى كتل متنافسة ، منها من يدعو كذلك إلى إتفاق سلام . ومثلما سبق و أن أشرنا إلى ذلك ، خطّ فضح الدعوة لإتفاق سلام على أنّه مجرّد " خدعة " بدلا من نقد و دحض مضمون الخطّ التحريفي الذى إقترحها ، أبقي الحزب و الجماهير غير مسلّحة سياسيّا و إيديولوجيّا و ساهم فى ما آل إليه الأمر . و بالضبط فى هذا الإطار ، تقدّم البعض فى الحركة الأممية الثورية بالحجّة الأداتية بأنه بقطع النظر عن الأحداث على أرض الواقع المادي ، " الحقيقة السياسية " أنّ غنزالو ليس وراء الدعوة إلى إتفاق سلام . وهذا يعنى بكلمات أكثر صراحة أنّه يجب أن تعتبر حقيقة ما يكون أكثر مواتاة لأهدافنا الثورية ولو أنّه لا يتناسب مع الوقائع المادية .

لن تعالج المشاكل المعقّدة للإنتقال التاريخي - العالمي من النظام الرأسمالي - الإمبريالي العالمي إلى الشيوعية العالمية بإختراع واقع كما يحلو لنا و محاولة " فرضه " ، بل من خلال بذل الجهد لنجعل أفكارنا تتناسب مع العالم المادي المتناقض ممسكين بحركة التناقضات العميقة و تطوّرها تحت سطح الأحداث فى لحظة معيّنة ، و ممسكين بكلّ من المظاهر المواتية و المشاكل ، بكلّ من الصواب و الأخطاء و ليس بتجنّب أو حجب الأحداث المزعجة لأخطاء الحركة الشيوعية العالمية . و مثلما يشدّد على ذلك آفاكيان" ديناميكية " الحقائق المخجلة " فى جانب منها يمكن أن تجعلنا نتقدّم : يمكن أن تشجّع الخميرة التى تدفعنا نحو المسك بالواقع . هذه هي الموضوعية العلمية. و إذا ما توغّلنا كفاية فى التناقضات التى تطرح الآن ، أدركنا أنّ حلّها يمكن أن يؤدّي إلى حقبة جديدة ، إنّه لأمر جيّد أن نطلق ديناميكية تعلّمنا نواقصنا. لا أدعو إلى أن ندع الأخطاء تطغى على كلّ ما نسعى إلى فعله لكن بمعنى إستراتيجي يجب أن تكون لنا قابلية كبيرة لهذا و أن لا نحاول أن نتحكّم فى ذلك تحكّما أكثر من اللازم - نريد هذا ، الشدّ و الإرتخاء" ( 78) ( 78- " الأساسي..." ، الصفحة 118-119).

حسب " التفاؤل الرسمي" لهذه المقاربات الأداتية ، أي إعتراف بالصعوبات فى الوضع الموضوعي ( مثلا ، الحديث عن هزيمة الإشتراكية و أسبابها ) ، " تشاؤم" و " تحريفية " بوجهة النظر هذه ، الإعتراف بأنّ شيئا ما صعب يساوى التفكير بأنّه من غير الممكن ( مثل الخلط المذكور أعلاه من قبل الحزب الشيوعي ( المادي) الأفغاني بين نهاية مرحلة فى الثورة الشيوعية و نهاية الثورة الشيوعية ). لماذا على الحركة الشيوعية أن تتظاهر بأنّ التحويل التاريخي – العالمي الإستعجالي و الضروري و الممكن أيضا ، سهل نسبيّا و بأنّنا نمضى دائما إلى الأمام فى خطّ مستقيم و بأنّ الثورة هي دائما التيّار الرئيسي و بأنّ الجماهير دائما مستعدّة و بأنّ المسألة الوحيدة هي إرادة الشيوعيين و تصميمها ؟ بالعكس ، هذا التغيير التاريخي- العالمي :
" وفى نفس الوقت ، لا يمكن لهذا التغيير التاريخي – العالمي لعلاقات الإنتاج الإجتماعية إلاّ أن تحدث على قاعدة الإعتماد على الظروف المادية الفعلية و التناقضات التى تميّزها و التى تفتح الباب لهذه الإمكانية لكن التى تجسّد أيضا العقبات أمام تحقيق التغيير الإجتماعي الجذري ، و هذا يتطلّب فهما و مقاربة علميين لهذه الديناميكية المتناقضة و قيادة مجموعة منظّمة من الناس مستندة إلى هذا المنهج و هذه المقاربة لأجل إنجاز النضال المعقّد و الصعب لتحقيق هذا التغيير و التقدّم نحو الشيوعية عبر كافة أنحاء العالم " (79) ( 79- بيان الحزب الشيوعي الثوري ، الولايات المتحدة الأمريكية ).

13- القومية أم الأممية ؟

فى ثنايا هذا المقال أشرنا إلى عديد المظاهر المشتركة و المتقاسمة بين النزعات الدغمائية و النزعات الديمقراطية البرجوازية بأكثر سفور المعارضة للخلاصة الجديدة : يرفضون الضرورة الملحّة للتلخيص العلمي لتجارب الإشتراكية و المرحلة السابقة من الثورة الشيوعية عموما و يتجاهلون أية نظرة جدّية لنظرية ماو حول مواصلة الثورة فى ظلّ دكتاتورية البروليتاريا ، و يقلّصون " الماوية " إلى مجرّد وصفة للنضال المسلّح و يتخبّطون فى نموذج أو آخر من الماضي ويطبقون المنهج البراغماتي و الأداتي .

و قاسم مشترك آخر هو القومية . مثلما سبق أن أشرنا ، إضافة إلى البراغماتية ، فى الماضي و حاضرا ، القومية هي المصدر الآخر للإمتناع عن الخوض فى مشاكل الإنتقال الإشتراكي إلى الشيوعية و هذه ميزة من ميزات هذه النزعات . فى البلدان المضطهَدة بصورة خاصّة ، بيّنت الممارسة أن نوعان من الثورات و الحركات الثورية ممكنان إلى الآن فى مرحلة الإمبريالية : ثورات و حركات ثورية لا تخرج عن النظام الرأسمالي العالمي ( ثورات ديمقراطية - برجوازية من النوع القديم حتى نستعمل كلمات ماو) و ثورة الديمقراطية الجديدة التى تقطع مع النظام الرأسمالي - الإمبريالي العالمي ، و تؤدّى إلى الإنتقال الإشتراكي وهي جزء من الثورة الشيوعية العالمية. و مثلما هو معلوم ، كانت الثورة الصينية مثالا عن النموذج الثاني . و لو أنّها مختلفة فيما بينها ، فإنّ الثورات فى الفتنام و كوبا ونيكاراغوا أنتجت ثورات من النوع الأوّل ، ثورات شعبية عادلة كان يجب مساندتها فى حينها ، لكنّها لم تخرج عن إطار النظام الرأسمالي- الإمبريالي العالمي و لهذا فى النهاية لم يتوصّلوا إلى تحرير البلاد من الهيمنة الإمبريالية ، و أقلّ من ذلك إلى الشروع فى الإنتقال الإشتراكي نحو الشيوعية.

ما يميّز نموذجا عن آخر ، مثلما تجسّد ذلك الأمثلة المذكورة ، ليس أنّ القوى القيادية تقول عن نفسها بأنّها شيوعية أم لا ، بل إنّها بالفعل تقود هذه المرحلة الأولى من الثورة كجزء لا يتجزّأ من الثورة الشيوعية و هدفها القضاء على الكل الأربعة فى كامل كوكب الأرض . خطّ لا يفرّق بين رأسمالية الدولة و الإشتراكية ، بين التحريفية و الشيوعية الثورية ، خطّ يعتبر أنّ مشاكل الإنتقال إلى الشيوعية يمكن أن تأجّل إلى ما بعد إفتكاك السلطة ، سينتهى إلى التحريفية التى تجهض الثورة البروليتارية ، على غرار ما حدث فى الفيتنام . إذا لم يقع الخوض فى الإنتقال التاريخي- العالمي من النظام الرأسمالي- الإمبريالي العالمي إلى الشيوعية عالميّا ، لا يتمّ تجاوز موقف قومي ثوري يقلّص هدف تحقيق تحرير " بلادى" كغاية فى حدّ ذاتها. ( لسخرية الأقدار ، فى مرحلة الإمبريالية حيث هذا غير ممكن.)

هذا هو المشكل ( علاوة على البراغماتية و الأداتية ) مع كلّ الضجّة التى يحدثها منظّمو المنظّمة العالمية الجديدة حول" حرب الشعب " منعزلة عن معالجة مشاكل الإنتقال الإشتراكي و معوّضة لها. بصراحة ، مثلما بيّنت بأكثر مما فيه الكفاية عديد القوى البرجوازية و التحريفية ، فإنّ النضال المسلّح المنعزل عن هدف الشيوعية أو المتعارض معه ليس حربا شعبية و فى نهاية المطاف لن يحرّر أحدا.

و هذا أيضا هو مشكل صيغة الحزب الشيوعي البيروفي و آخرون بأن ّ " الجوهري فى الماوية هو السلطة " ( 80) ( " أسس للنقاش " ، الصفحة 313) . و من الأكيد تماما أنّ ما عدا السلطة كلّ شيء وهم " و كما يقول آفاكيان " من الصحيح أن نرغب فى سلطة الدولة . من الضروري أن نرغب فى سلطة الدولة . سلطة الدولة شيء جيّد - شيء ممتاز- بأيدى الناس الذين يستحقون ذلك ، بأيدى الطبقة التى تستحقّ ذلك ، خدمة للأهداف التى تستحقّ ذلك : تخطّى الإستغلال و الإضطهاد و اللامساواة الإجتماعية و تشكيل عالم ، عالم شيوعي ، يمكن فيه للبشر أن يتطوّروا أكثر و بصورة أفضل من أي زمن مضى" (81) ( 81- " الأساسي ..." ، الصفحة 43).

و مع ذلك ، لو جرى إفتكاك السلطة على أنّه جوهر " الماوية " ( و أكثر من ذلك ، إذا إرتأينا كافة علم الشيوعية على أنّه " رئيسيّا الماوية " ، فى صيغة أخرى خاطئة للحزب الشيوعي البيروفي ) لن تنكر فقط أكبر مساهمة لماو و نقصد نظرية مواصلة الثورة فى ظلّ دكتاتورية البروليتاريا ، و إنّما أيضا سيؤدّى ذلك إلى إحلال الهدف النهائي للنضال على أنّه إفتكاك السلطة و ممارستها محلّ الشيوعية حيث لن توجد سلطة دولة ، ما يعكس موضوعيّا ، و بوجه خاص فى البلدان المضطهَدة إنحرافا نحو القومية الثورية يرى ضرورة قتال الإمبريالية لكنّه لا يرى ضرورة بلوغ إلغاء الطبقات (82) ( 82- ويتعيّن توضيح أنّ البروليتاريا يمكن و يجب أن تتحد مع القوى التى تمثّل القومية الثورية دون الإنحراف عن إيديولوجيا البروليتاري الأممية نحو القومية ، وهو أمر معقّد و عسير لكنّه ضروري لتحقيق إنتصار ثورة الديمقراطية الجديدة و القطع مع النظام الرأسمالي- الإمبريالي العالمي و الشروع فى الإنتقال الإشتراكي نحو الشيوعية معا مع تقدّم الثورة الشيوعية فى العالم . )

يتهم الحزب الشيوعي (الماوي) الأفغاني " الخلاصة الجديدة لآفاكيان" و الحزب الشيوعي الثوري ، الولايات المتحدة الأمريكية ب " النظرة القومية الضيقة و بالتعالي " لأنّه نشر " بيانه " الملخّص لوجهة نظره فى ما يتعلّق بأسس الشيوعية و الخلاصة الجديدة و تحليل صراع الخطّين صلب الحركة الشيوعية العالمية ، عوض الإكتفاء بالحديث عن الحركة الأممية الثورية و عن " بيانها " فى وضع وصفه الحزب الشيوعي (الماوي) الأفغاني ذاته و آخرون ب " أزمة و تداعي " الحركة الأممية الثورية ؛ و لعدم تخصيصه أكثر صفحات للحركة الأممية الثورية فى بيانه.( 83) ( 83- " موقفنا "، الصفحة 40 -41 ) ." النظرة القومية الضيقة " تناسب أكثر الذين فى مواجهة إقتراح كيفية مزيد التقدّم و بصورة أفضل بالثورة الشيوعية المقدّمة للنقاش و التعليق لا يردّون على مضمونه و إنّما يجدون فى عملية إنجاز إقتراح و تقديمه للنقاش عملية " تعالي" و هيمنة و " إستهانة كلية .. بوجود و بجهود الحركة الأممية الثورية " إلخ . إن كنّا نبحث عن تحرير الإنسانية و نفهم أنّ هذا يتطلّب معرفة العالم كما هو حقّا ، يجب أن نرحّب كلّ الترحيب ة بأي إقتراح جدّيو نستفيد منه كلّ الإستفاد. و إن كان المرء غارقا فى الماضي ، فى الدغمائية و القومية ، يجد فى مجرّد تقديم إقتراح يتناقض مع هذه الدغمائية عملا " متعاليا ".

بعيدا عن " النظرية القومية الضيقة " ، قد أسّست الخلاصة الجديدة للرفيق آفاكيان حتى أكثر القاعدة المادية و الفلسفية للأممية بتحليل " لماذا فى النهاية و بمعنى شامل ، المجال العالمي هو الأكثر حيوية ، حتى بمعنى ثورة فى أي بلد معيّن - لا سيما فى هذا العصر الرأسمالي- الإمبريالي كنظام إستغلال عالمي ، و كيف أنّ هذا الفهم يجب أن يدمج فى نظرة الثورة فى بلدان معينة و كذلك على النطاق العالمي"( 84) (84- بيان الحزب الشيوعي الثوري ، الولايات المتحدة الأمريكية ) ، عند نقد الإنحرافات القومية فى ربط الثورة العالمية بالدفاع عن البلد الإشتراكي و فى التأكيد على أنّ الأممية ليست شيئا تنشره بروليتاريا بلد معيّن إلى بلد آخر بل هي جزء ، حسب كلمات لينين من " مساهمتى فى الإعداد للثورة البروليتارية العالمية و الدعاية لها و التسريع فيها ".

فيما تتمثّل الأممية و فيما تتمثّل القومية ؟ هل هي تخصيص الموارد و القوى اللازمة مثلما قام بذلك الحزب الشيوعي الثوري ، الولايات المتحدة الأمريكية ، لدفع عملية إنشاء الحركة الأممية الثورية و تطويرها أم هي البقاء على الهامش ثمّ إطلاق تهم " الهيمنة " ؟ إزاء إيقاف غنزالو ، شنّ حملة " رجّ الأرض و السماء للدفاع عن حياة الرئيس غنزالو" و إزاء مقترح " إتفاق السلام بعد ذلك بسنة ، النضال من أجل النهوض بالواجب الأممي للحركة الأممية الثورية فى تحليل الوضع و صراع الخطّين للتوصّل إلى إستنتاجات علمية أم التأكيد على أنّ مثل هذا التحليل موضوع يخصّ فقط البيروفيين و/ أو التشبّث ب " الحقيقة السياسية " بأنّ غنزالو لم تكن له علاقة بالخطّ الإنتهازي المتجسّد فى آسومير و وثائق ؟أخرى رغم البراهين المراكمة ضد ذلك؟ هل يتمثّل فى تطوير نقد شيوعي للخطّ الإنتهازي فى البيرو أم فى التذيّل للموقف السطحي للتنديد به على أنّه " خدعة " و تحديد النقد فى نعوت مثل " تقيّؤ أسود" ما جعل الحزب الشيوعي البيروفي و الجماهير تفتقر إلى تحليل علمي للوضع الصعب و كيفية مواجهته ؟ تتمثّل فى نقد قائم على المبادئ و المحاججة المنطقية للمنعرج التحريفي لخطّ الحزب الشيوعي النيبالي (الماوي) منذ بداية تبنّيه أم فى عدم تبنّى موقف واضح مبدئي بهذا المضمار ؟ تتمثّل فى التأكيد على النقاش للتوصّل إلى تلخيص علمي لدروس التجارب الهامة لحرب الشعب فى البيرو و فى النيبال أم فى القفز إلى تشجيع هذا النضال أو ذاك وفق حسابات ضيقة لفوائد السمعة و " القوّة المادية " دون إنجاز أي تلخيص علمي أبدا ؟ و فى الأخير ، دليل على التوجّه الأممي الصلب لآفاكيان أنّه لم يعترف فقط بضرورة مزيد تطوير النظرية الشيوعية من أجل التقدّم بالثورة الشيوعية فى هذه المرحلة الجديدة ، و لم يدعو فقط مرارا و تكرارا إلى أن يساهم الآخرون فى الجهد ذاته ، بل إنّه لم يتذبذب و لم يضحّى بهذه الضرورات للنضال التحرّري ، و مسبّقا المصالح الضيقة لمجموعة للحفاظ على " علاقات جيدة " صلب الحركة الأممية الثورية ، فى حين كرّس الآخرون أنفسهم لمهاجمته بطريقة هوجاء و شخصيّا موضّحين أنّهم لن يقبلوا حتى بنقاش هذه المسائل .

أيّها الرفاق ،

إنّنا خوض غمار صراع الخطين داخل صفوف الحركة الشيوعية العالمية فى سبيل التقدّم بالثورة الشيوعية العالمية و تحرير الإنسانية . و كان الحزب الشيوعي الثوري ، الولايات المتحدة الأمريكية صريحا بما فيه الكفاية ، فى وصفه فى بيانه للصراع العميق فى صفوفه هو ذاته ضد التحريفية. و فى صفوف المنظمة الشيوعية الثورية ، المكسيك ، مثلما سبقت الإشارة ، مررنا كذلك بصراع حاد ، رئيسيّا مع النزعات الدغمائية المتمسّكة تمسّكا دينيّا بتجربة و نظرية و أساليب الحركة الشيوعية للقرن الماضي ، و التى تعارض الخوض فى المساهمات الجديدة و العميقة للخلاصة الجديدة لبوب أفاكيان . و مثل المؤيّدين الآخرين للخلاصة الجديدة فى الحركة الشيوعية العالمية ، نظلّ نرحّب بكلّ نقد منطقي و نظلّ نخوض فى الخلاصة الجديدة و نرى بوضوح أنّ هناك الكثير ينتظر منّا القيام به. هناك حاجة إلى مساهمات الكثيرين أيضا فى تطوير نظرية و ممارسة الشيوعية اللازمين للتمكّن من القيادة السليمة للمرحلة الجديدة من الثورة الشيوعية العالمية .

الوحدة دون مبادئ مع المواقف الدغمائية و الديمقراطية - البرجوازية الأكثر سفورا التى عرضنا هنا ليس بوسعها إلاّ أن تفضي إلى التحوّل إلى بقايا الماضي و أتعس ، التحوّل إلى خنجر فى ظهر الجماهير التى تحتاج بصورة ملحّة إلى الثورة الشيوعية لتحريرها من نظام الفظائع هذا. و يستوجب طريق هذا التحرير القطع مع هذه النزعات الخاطئة فى تفكيرنا ذاته و فى الحركة الشيوعية عموما ، يستوجب خوض صراع الخطّين إلى النهاية و خوضا جدّيا و نقديّا فى الخلاصة الجديدة للشيوعية و تطبيقها فى الممارسة الثورية فى كافة جوانبها ، و البناء على هذا الأساس كطليعة للمستقبل ، فى كلّ بلد و على النطاق العالمي ، فى مستوى تحدّيات المرحلة الجديدة للثورة الشيوعية و لإمكانية و ضرورة تحقيق خطوات إلى الأمام جديدة و تاريخية فى النضال من أجل الشيوعية العالمية و تحرير الإنسانية .
ماي 2012------------------------------------------

==============================================================================



#شادي_الشماوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الدعاية للشيوعية و الحاجة إلى تشكيل قطب ثوري حقّا .
- إيران : الحرب الإقتصادية ضدّ الشعب - إندلاع الأزمةِ و المقاو ...
- الثورة النيبالية و ضرورة القطيعة الإيديولوجية و السياسية مع ...
- الإمبريالية الأمريكية ، الأصولية الإسلامية و الحاجة إلى طريق ...
- تعمّق النقاش حول الخلاصة الجديدة لبوب آفاكيان (1): ردّ من أف ...
- الماوية تنقسم إلى إثنين: موقفان متعارضان من -الخلاصة الجديدة ...
- نظام الدولة الإشتراكية - آجيث ، الحزب الشيوعي الهندي (المارك ...
- النقاش الراهن حول نظام الدولة الإشتراكية - ردّ من الحزب الشي ...
- الماوية تنقسم إلى إثنين: نظرتان متعارضتان لنظام الدولة الإشت ...
- رسالة إلى الأحزاب و المنظمات المنتمية إلى الحركة الأممية الث ...
- بيانان مشتركان لغرّة ماي 2011 و 2012 صادران عن أحزاب ماوية
- خطّان متعارضان حول المنظّمة الماوية العالمية .
- الإشتراكية و الشيوعية - الفصل الثالث من-مقتطفات من أقوال الر ...
- المعالجة الصحيحة للتناقضات بين صفوف الشعب - الفصل الرابع من- ...
- الحزب الشيوعي- الفصل الأوّل من -مقتطفات من أقوال الرئيس ماو ...
- الطبقات والصراع الطبقي- الفصل الثاني من-مقتطفات من أقوال الر ...
- مقدّمة - الماوية تنقسم إلى إثنين-. - الماوية : نظرية و ممارس ...
- بصدد الثورة الثقافية : ملحق كتاب- مقتطفات من أقوال الرئيس ما ...
- الجزء الثاني من -مقتطفات من أقوال الرئيس ماو تسى تونغ--الماو ...
- ( مزيدا من فضح طبيعة - النموذج التركي - الرجعية ) - النساء و ...


المزيد.....




- الفصائل الفلسطينية بغزة تحذر من انفجار المنطقة إذا ما اجتاح ...
- تحت حراسة مشددة.. بن غفير يغادر الكنيس الكبير فى القدس وسط ه ...
- الذكرى الخمسون لثورة القرنفل في البرتغال
- حلم الديمقراطية وحلم الاشتراكية!
- استطلاع: صعود اليمين المتطرف والشعبوية يهددان مستقبل أوروبا ...
- الديمقراطية تختتم أعمال مؤتمرها الوطني العام الثامن وتعلن رؤ ...
- بيان هام صادر عن الفصائل الفلسطينية
- صواريخ إيران تكشف مسرحيات الأنظمة العربية
- انتصار جزئي لعمال الطرق والكباري
- باي باي كهربا.. ساعات الفقدان في الجمهورية الجديدة والمقامة ...


المزيد.....

- مساهمة في تقييم التجربة الاشتراكية السوفياتية (حوصلة كتاب صا ... / جيلاني الهمامي
- كراسات شيوعية:الفاشية منذ النشأة إلى تأسيس النظام (الذراع ال ... / عبدالرؤوف بطيخ
- lمواجهة الشيوعيّين الحقيقيّين عالميّا الإنقلاب التحريفي و إع ... / شادي الشماوي
- حول الجوهري والثانوي في دراسة الدين / مالك ابوعليا
- بيان الأممية الشيوعية الثورية / التيار الماركسي الأممي
- بمناسبة الذكرى المئوية لوفاة ف. آي. لينين (النص كاملا) / مرتضى العبيدي
- من خيمة النزوح ، حديث حول مفهوم الأخلاق وتطوره الفلسفي والتا ... / غازي الصوراني
- لينين، الشيوعية وتحرر النساء / ماري فريدريكسن
- تحديد اضطهادي: النيوليبرالية ومطالب الضحية / تشي-تشي شي
- مقالات بوب أفاكيان 2022 – الجزء الأوّل من كتاب : مقالات بوب ... / شادي الشماوي


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - شادي الشماوي - الخلاصة الجديدة للشيوعية و بقايا الماضي - تعمّق النقاش حول الخلاصة الجديدة لبوب آفاكيان (2): ردّ من المكسيك.