أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - نزار حمود - سوريا بين مطرقة الظلم وسندان الظلام















المزيد.....

سوريا بين مطرقة الظلم وسندان الظلام


نزار حمود
أستاذ جامعي وكاتب

(Nezar Hammoud)


الحوار المتمدن-العدد: 4034 - 2013 / 3 / 17 - 02:43
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
    



الحقيقة أني لم أتفاجأ كثيرا ً عندما رأيت أحد الشباب الكنديين من أصل سوري أو السوريين المتكندين حامي الرؤوس، ينشر على صفحته الفيسبوكية الزرقاء الوادعة مقطعا ً مصورا ً لشخص أشقر الشعر ذو لكنة عربية غريبة بعض الشيء يدعى " أبو إسلام " يحضر نفسه معنويا ً ويحضره أقرانه تقنيا ً لتنفيذ عملية تفجير انتحارية – استشهادية بوساطة شاحنة كبيرة محملة بعشرين طن من المتفجرات.الهدف، كما يشرح المسؤول عن العملية وعن تصويرها، هو حاجز للجيش السوري النظامي. يتابع المسؤول عن العملية ليقول إن الحاجز يقع على تقاطع طرق هام وأن حوله ثمة معمل للفلين وبعض الأبنية الأخرى الخالية من السكان (؟!). ثم يتمنى للمنفذ الانتحاري النجاح التام في مهمته مؤكدا ً له أن الانفجار سيكون مدمرا ً للغاية وأنه سيقضي على كل حي في دائرة واسعة القطر حول موقع الحاجز. ثم يبدأ تصوير الشاحنة وهي تتحرك نحو الهدف قبل أن تنفجر وسط صيحات التكبير والابتهاج بالنصر المبين وارتقاء أرواح العسكريين المجرمين لجهنم وبئس المصير وأيضا ً ارتقاء بعض أرواح المدنيين العابرة الأخرى عـديمة الفائدة والأهمية التي شاء لها قـدرها التعس التواجد بهذا المكان وهذا الزمان ساعة التنفيذ. طبعا ً العملية برمتها حملت توقيع وشعارات وصيحات ابتهاج جبهة النصرة الجهادية.
في الواقع، ليست العملية ماأثار انتباهي بشكل خاص. فقد شاهدنا العديد من العمليات المماثلة لها خلال السنتين الطويلتين للغاية من عمر الثورة السورية، ثورة الكرامة والحرية والمطالبة بالديمقراطية والسيادة الحقيقية ورفع الظلم والاستبداد الأسدي عن الناس. وأقصد هنا عمليات النظام الحاقد التفجيرية البرميلية العمياء وصواريخ سكوده الفاخرة الأنيقة وعمليات جبهة النصرة التي فجرت معمل السجاد في سلمية باص طالبات مدينة محردة وسواها العديد ... العديد من العمليات التي راح ضحيتها عشرات بل آلاف الأرواح المدنية البريئة إلا من تهمة أنهم سوريين. الموضوع هنا يتعلق بصديقي السوري المتكند الذي وضع الشريط على صفحته مذيلا ً الصور بكلمات من قبيل : " أنتم أبطال سوريا " وأنه "يقبل الأرض تحت أقدامهم " وغير ذلك من علامات وكلمات الابتهاج والنشوة والفخر بالشهيد الذي دخل الجنة دون " إحم ولا دستور " مرفوع الرأس عالي الجبين يمشي ملكا ً.
المثير للغاية في الموضوع هو أن هذا الشخص بالذات يقول عن نفسه وبحماس وثقة بالنفس إنه ديمقراطي جدا ً ولاطائفي أبدا ً وإنه يعمل على زوال النظام المجرم الحالي لأنه قمعي، عنفي، قاتل من غير وجه حق للأطفال والأبرياء السوريين! في الوقت نفسه الذي تصرح به جبهة النصرة، وأخواتها، من خلال إعلاناتها المنشورة والمعلنة والمكتوبة باللغة العربية القريشية الفصيحة إنها:
- تعتبر الديمقراطية رجس ٌ من عمل الشيطان وأثر ٌ من الآثار المدمرة التي حاول الغرب، ومازال يحاول، أن يغرسها في بيئتنا الاجتماعية العربية المسلمة. وأورد هنا المقطع التالي المأخوذ من منشور لجبهة النصرة بعنوان : الديمقراطية وحكم القائل بها إذ يقولون بالنص : "وبناء ً على ماتقدم، فإننا نقول جازمين غير مترددين ولا شاكين في أن الديمقراطية حكمها في دين الله تعالى هو الكـفر البواح الذي لا يخفى إلا على كل أعمى البصر والبصيرة. وأن من اعتقدها، أو دعى إليها، أو أقرها ورضيها، أو حسنها – من غير مانع شرعي معتبر – فهو كافر ٌ مرتد ٌ عن دينه وإن تسمى بأسماء المسلمين. فهذه هي الديمقراطية وهذا هو حكمها، وحكم القائل والعامل بها ... كتبناها لكم بيانا ً للحق ونصحا ً للخلق ... فهل أنتم منتهون ؟ فهل أنتم منتهون ؟ اللهم إنا قد بلغنا فاشهد"


- تصرح بهدف الخلافة الإسلامية وأن إسقاط النظام لن يكون إلا الخطوة الأولى باتجاه هذا الهدف السامي. علما ً بأن الخلافة الإسلامية كي تقوم، لابد لها من أن تكون عابرة للقوميات. أي أن من يعتقد بها لا بد وأن لاتتوقف حدود خلافته المنشودة عند حدود بلد بعينه أو وطن عربي بأكمله ... فحدود هذه الخلافة يجب أن تمتد إلى مااستطاع إلى ذلك سبيلا ... وربما حتى ماليزيا وأندونيسيا والصين شرقا ً والمغرب وجزر القمر غربا ً. وما التساهل مع تركيا في مسألة سرقة لواء اسكندرون إلا نكتة بريئة أمام مشاكل وحروب الحدود والقوميات الدموية التي ستنشأ جراء هذا التوجه العبثي الخطير للغاية. انطلاقا ً من هنا، لايمكن أبدا ً لجبهة النصرة أن تكون ناصرة ً للقضية الوطنية السورية لأن قضيتها أكبر من سوريا بكثير. وبالتالي تسقط حكما ً عن مناصري جبهة النصرة صفة مناصرة القضية الوطنية السورية وثورتها.
- تعتبر الحرية وممارسة الحرية التي نادت بها قلوب وعقول وحناجر آلاف، بل مئات آلاف السوريين مفهوما ً غريبا ً ... غربي الهوى والمنطق، بخاصة فيما يتعلق بحرية المرأة. والأصح بالنسبة لجبهة النصرة هو تطبيق مفهوم الحرية التي شرعنها النص المقدس الإسلامي حصرا ً. وليس كل الإسلامي بل الإسلام وفقا ً لما يراه شيوخهم وعلمائهم هم، نافين حق أية فئة مسلمة أخرى (الإسلام هو هم حصرا ً والباقون عبارة عن أديان أخرى!) حتى بمناقشة أحكامهم ومنطقهم في فهم النص المقدس لأن أحكامهم واضحة وغير قابلة للطعن أو النقد أو حتى التفكير. المهم والمرير في ذلك تعمل أن تطبق أحكامهم وبالقوة على الجميع سواء أرادوا أم لو يريدوا ... آمنوا أم لم يؤمنوا ... اقتنعوا أم لم يقتنعوا ! وبالتالي فجبهة النصرة تعترف على الملأ بأنها ضد حرية المعتقد والحرية المدنية العامة التي نادت بها الثورة السورية من خلال مثل شعار " الله - سوريا – حرية وبس ... " كمثال وليس للحصر.
- للوصول للأهداف المعلنة سالفة الذكر تشرعن جبهة النصرة وأخواتها، أعمالها الانتحارية ولو أدى ذلك لبعض الخسائر البشرية المدنية الجانبية غير الجديرة حتى بأن تـُـذكر ... وأنا أجد صعوبة بالغة هنا في تبيان الفرق الكائن مابين صاروخ النظام السكود الأعمى وبراميل متفجراته الذكية التي لا تفرق بين مدني ومسلح رجل وامرأة وطفل وشيخ، وبين شاحنة المتفجرات المقدسة التي فجرها الشاب أشقر الشعر بهي الطلعة على ذلك الحاجز في عمليته الجهادية. ترى هل استطاع أن يعرف معرفة اليقين من قتل ؟ وكم قتل؟ ولأي ملة ومذهب ينتمون ؟ وهل كانوا أطفالا ً أم نساء ً ؟ وهل كان يعرف أن العسكر السوررين على الحاجز كانوا من القتلة الشبيحة أم من المراهقين الذين ساقهم الطاغية سوق الأنعام والإبل ليشاركوا بحرب بسوسية لا ناقة لهم فيها ولا جمل؟ بالمختصر، تشرعن الجبهة لنفسها وبشكل مباشر (دينيا ً – عقائديا ً – طائفيا ً) ماشرعن النظام لنفسه من أعمال إجرامية (عقائديا ً – ممانعة ً ومقاومة)
من هنا أرى في صديقي الثائر السورندي (السوري - الكندي) حالة انفصام شخصية واضحة المعالم. فهو ينادي بالحرية للجميع ويقبل الأرض تحت أقدام أبطال جبهة النصرة. وهو ينشد الديمقراطية لكنه يقبل الأرض تحت أقدام أبطال جبهة النصرة. وهو يريد خلاص الوطن والمواطن السوري من براثن الغول في دمشق لكنه يقبل الأرض تحت أقدام أبطال جبهة النصرة وفي هذا لعمري العجب العجاب!
إذا كنت مع جبهة النصرة وممارساتها فاعلم أنك لا تسطيع أن تكون وطنيا ً سوريا ً لا طائفيا ً ديمقراطيا ً ثائرا ً للوصول للحرية والعدالة الاجتماعية المنشودة. يبدو أن قدر الشعب السوري اليوم هو أن يخوض ثورتين اثنتين لا واحدق فقط. الأولى ضد الطاغية والثانية ضد الطغاة الجدد المحتكرين للحقيقة الأزلية الإلهية. وأنا هنا أنصح أقطاب المعارضة الحالية، من ائتلاف ومجلس وطني وهيئة تنسيق ومستقلين وسواهم لإصدار بيانات واضحة المعالم تدين بها وبوضوح أهداف ووسائل جبهة النصرة وأن لا ينجروا وراء أحلام إنجازاتها على الأرض. خطر هذه الجبهة على سوريا الوطن أكبر بكثير من فوائدها إن وجدت! التخلي عن هذه الجبهة القاعدية التكفيرية الملغومة سيسرع من التفاف الشعب السوري بأكمله حول أهداف الثورة الحقيقية. إن الشعب السوري بأكثريته الساحقة وبغض النظر عن اسم دينه أو مذهبه ... متدين ٌ معتدل ٌ منفتح على الجميع وقد تشكلت شخصيته هذه على مر القرون وهو سيرفض عاجلا ً أم آجلا ً طروحات هذه التيارات الممولة جيدا ً جدا ً ممن لايريدون للثورة السورية الوصول للنصر المؤزر على الطاغية في دمشق.
مازلت متفائلا ً بقدرة هذا الشعب العظيم على دحر الطغيان مهما كان اسمه وشكله ولونه وطعمه ورائحته ! مازال متن الثورة السورية سليما ً رغم الأوساخ التي طفت على جلدها هنا وهناك والطحالب النفعية المرتزقة التي تسلقت عليها من هنا وهناك.
سوريا المدنية المؤسساتية العادلة المتنوعة الديمقراطية الجميلة ستنتصر ... وإن الفجر لناظره لقريب !



#نزار_حمود (هاشتاغ)       Nezar_Hammoud#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- القبيلة ...
- الطائفية بين العَرَض ِ والمرض !
- صديقي الذكي !
- الضرب والتقسيم على الوتر السوري
- لعيون علي ...
- ... المؤامرة مرة ً أخرى
- رسالة إلى السيد حسن نصر الله المحترم ...
- عندما أ ُكِل َ الثور الأبيض
- أناديكم ... هل تسمعون !!
- سوريا مابعد الطوفان
- هجرة الأسماء إلى المعاني
- الشعب يريد إسقاط النظام... فليسقط النظام !!
- المؤامرة الكبرى - سوريا
- آرام
- قالوا في العصابات المجرمة !
- المثقف
- إنتصار
- إلى مصر مع حبي
- مصر أمي، مصر أبويا
- أنا الفينيقي


المزيد.....




- انتشر بسرعة عبر نظام التهوية.. لحظة إنقاذ كلاب من منتجع للحي ...
- بيان للجيش الإسرائيلي عن تقارير تنفيذه إعدامات ميدانية واكتش ...
- المغرب.. شخص يهدد بحرق جسده بعد تسلقه عمودا كهربائيا
- أبو عبيدة: إسرائيل تحاول إيهام العالم بأنها قضت على كل فصائل ...
- 16 قتيلا على الأقل و28 مفقودا إثر انقلاب مركب مهاجرين قبالة ...
- الأسد يصدر قانونا بشأن وزارة الإعلام السورية
- هل ترسم الصواريخ الإيرانية ومسيرات الرد الإسرائيلي قواعد اشت ...
- استقالة حاليفا.. كرة ثلج تتدحرج في الجيش الإسرائيلي
- تساؤلات بشأن عمل جهاز الخدمة السرية.. ماذا سيحدث لو تم سجن ت ...
- بعد تقارير عن نقله.. قطر تعلن موقفها من بقاء مكتب حماس في ال ...


المزيد.....

- اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية / ياسين الحاج صالح
- جدل ألوطنية والشيوعية في العراق / لبيب سلطان
- حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة / لبيب سلطان
- موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي / لبيب سلطان
- الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق ... / علي أسعد وطفة
- في نقد العقلية العربية / علي أسعد وطفة
- نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار / ياسين الحاج صالح
- في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد / ياسين الحاج صالح
- حزب العمل الشيوعي في سوريا: تاريخ سياسي حافل (1 من 2) / جوزيف ضاهر
- بوصلة الصراع في سورية السلطة- الشارع- المعارضة القسم الأول / محمد شيخ أحمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - نزار حمود - سوريا بين مطرقة الظلم وسندان الظلام