أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - سنان أحمد حقّي - الأخلاق ، في ضوء الماديّة الجدليّة..!















المزيد.....

الأخلاق ، في ضوء الماديّة الجدليّة..!


سنان أحمد حقّي

الحوار المتمدن-العدد: 4032 - 2013 / 3 / 15 - 18:06
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


الأخلاق ، في ضوء الماديّة الجدليّة..!
يرى كثيرون أن الفكر الماركسي العلمي غير معني بالأخلاق وهذا كما سنحاول أن نقوم بتحليله لا يقوم على أي أساس علمي فمعنى علمي لا يعني مطلقا نبذ الأبنية الفوقيّة للمجتمع في أي من مراحل تطوره أو تجدده.
الأخلاق بصورة عامّة هي شكل من أشكال الوعي الإجتماعي التي تشكل المرجعيّة الأساسية للثقافة وبالتالي للقوانين والقواعد الإجتماعيّة عبر عدد من المفاهيم التي تسود العلاقات الإجتماعيّة ، ومن المعروف أن هناك أبنية فوقيّة وأخرى تحتيّة لأي مجتمع وكما هو الأمر في الفكر الفلسفي بصورة عامّة فإن الأبنية التحتيّة تشكل الجوهر المادّي له أمّا الأديان والأخلاق والقوانين والفنون والآداب فهي التي تشكل الأبنية الفوقيّة للمجتمع أو الأبنية الروحيّة له ولا شك أن العلاقة بينهما هي نفس العلاقة بين المادة والفكرة أو الفكر وهما يشكلان نقيضين متلازمين تسري عليهما قواعد المنطق الجدلي تماما كما هي الحال مع المادة والفكرة أو الشكل والمضمون والسبب والنتيجة وغيرها من الأضداد حسب المقولات الفلسفيّة المختلفة.
ومن حيث كون الأولويّة للمادة كما تقضي النظرية المادية الدايلكتيكيّة فإن الواقع المادي للمجتمع يمكن إعتباره المحرك الأساسي للتطور والتقدّم الإجتماعي ولذلك فإن أي تطوّر مادّي في الأبنية التحتيّة كما هو من حيث الوضع الإقتصادي فإنه ينعكس إن كان سلبا فبسلب أو إيجابا فبإيجاب على الأبنية الفوقيّة جميعا مثل الأخلاق والقوانين والفنون والآداب وغيرها من الجوانب الروحيّة بحسب قواعد المنطق الجدلي كما ذكرنا ومن جانب آخر يجدر أن نشير إلى أن تلك الأبنية الفوقيّة جميعا تنضوي تحت مفهوم علاقات الإنتاج في وحدة قوى الإنتاج مع علاقات الإنتاج الجدليّة ولهذا فإن التطور الإجتماعي وفي جميع المراحل سواء في الماضي أو ما نستطيع أن نستشرفه للمستقبل يُفضي إلى إن اي تطوّر في قوى ووسائل الإنتاج يؤثّر في تغيّر وتطوّر علاقات الإنتاج وبالعكس وان علاقات الإنتاج والتي تضم الأخلاق وغيرها مما ذكرنا لا تختفي في خضم آليّة التطوّر بل أنها تتغيّر أي تستجيب لمجمل المفاهيم الجدليّة المعروفة مثل النسبي والمطلق أو المنطقي والتاريخي وسواها بل أنها ستتغيّر من شكل إلى آخر فما كان عملا أخلاقيا أمسِ قد يُصبح لا أخلاقيا غدا بسبب العوامل الماديّة وعناصر التطوّر الإجتماعي وكذلك أمر القوانين ووضع الفنون والآداب ومفاهيم الجمال وغيرها ولكن الأخلاق لا تختفي أو تزول إذ كيف تستمر آلية الجدل بدون أركان التطور الأساسيّة؟ فهل يسير الإنسان بساق واحدة؟
ومع ذلك فإن حركة التغيير في المفاهيم السلوكيّة ومنها الأخلاق لا تكون سريعة كما هو الأمر مع المتغيرات الإقتصاديّة مثلا فلو نظرنا إلى واحدة من المفاهيم الأخلاقية مثلا كالإغتصاب وهو أمر مستنكر ومستهجن وبالتالي هو لا أخلاقي فهل يمكن أن يُصبح سلوكا أخلاقيا في ظل مجتمع متقدّم يضطرد فيه تقدم قوى ووسائل الإنتاج؟ ليُصبح بالتالي اخلاقيا ؟ طبعا هذا أمر يُخالف أي شكل من أشكال الوعي الإجتماعي ومن ثم يُخالف أية مرجعيّة ثقافيّة سواء كانت بدائيّة أو متقدّمة وكذلك الأمر مع سلوكيات متعددة أخرى كالكذب والخيانة والأمانة والحياء والصدق وغيرها من أشكال الوعي الإجتماعي الأخلاقي والقانوني ، نعم يمكن أن يتطوّر مفهومها ومعانيها وتأخذ أشكالا متجددة ومتطوّرة ولكنها لا تختفي كليا .
إننا لا نملك وصفا دقيقا للمجتمع في ظل الإشتراكية ولا في ظل الشيوعية ولا ما بعدها ولذلك لا نستطيع أن نصف أو نحدد شكل الوعي الأخلاقي بدقّة ولكننا بالتأكيد نعلم أن المنهج العلمي الذي تنتهجه الماركسيّة بالإستناذ إلى الماديّة الدايلكتيكيّة وإلى التاريخيّة الدايلكتيكيّة يُرينا بوضوح أن الأخلاق والأديان والقوانين والفنون والآداب ومفاهيم الجمال وغيرها من أشكال علاقات الإنتاج المختلفة ستبقى قائمة ولكن بعد أن تستجيب لدواعي التغيّر والتطوّر التحتي الذي يجري على قوى ووسائل الإنتاج
لن تُصبح السرقة أمرا أخلاقيا في مجتمع متقدّم أو مجتمع إشتراكي أو شيوعي ولكن ما كنّا نعتبره سرقة قد لا نعود إلى إعتباره سرقة في ظل المجتمع الشيوعي بسبب أن المجتمع الإنساني سيُتيح حصول الفرد الجائع على حاجاته كحق أي حسب مفهوم أو مقولة القائل من كل حسب جهده لكل حسب حاجته ما دام الفرد لا يأخذ أكثر من حاجاته حيث لن يكون هناك إستحواذ على قوة عمل الأفراد الآخرين وهي وحدها التي ستصبح سرقة وعمل لا أخلاقي ولا قانوني في حين أنها الآن تُعتبر أعمال أخلاقية وقانونيّة أي في ظل النظام الرأسمالي
إن إضطراد تقدّم المجتمع وتطوّر وسائل الإنتاج وما يحصل من وعي متقدّم لقوى الإنتاج يُتيح إكتساب تغيّر وتحديث لمفاهيم الأخلاق والقانون ولكنه بالتأكيد لن يلغيها كليّا إذ أن الفنون والآداب ومفاهيمهما فضلا عن مفاهيم الجمال ستظل باقية ولكنها كما قلنا تكتسب معاني جديدة تناسب التطوّر الحاصل في الأبنية التحتيّة فما كان قانونيا بالأمس قد يُصبح لا قانونيا غدا وكذلك المفاهيم الأخلاقيّة ومفاهيم الفن والأدب والجمال والأديان وغيرها
فالصدق سيبقى صدقا والحياء سيبقى حياءً والأمانة ستبقى أمانة ولكن معانيها قد تخضع لتحديث مستمرّ.
لقد قرأت في العام المنصرم ما كتبه أحد الكتاب المحترمين من سخرية حول عبارة كتبها أحدهم حول الشرعيّة في قانون فائض القيمة وقد أثار امتعاضي ما أسرف فيه من تخبّط إذ أن الفلسفة الماركسيّة والعلميّة جدا كما آمنّا وإعتقدنا جميعا لم تستحوذ على تأييدنا ومباركتنا وعلى قلوبنا فقط لأنها علميّة بل لأنها أعطت للقانون معنى جديدا وللأخلاق كذلك حيث أننا عندما وجدنا أن فائض القيمة وقوّة العمل التي يستحوذ عليها أرباب العمل ليُضيفونها إلى رأس المال ويُضاعفوا بواسطتها إستغلال العمال والإنسان وجدنا في حينها أنها فعلا من حق العامل أو المنتج وليست من حق رب العمل الذي يسترخي في البلاج ويقبض الملايين أو البلايين دون أن يُضيف أي قيمة للسلعة في حين أن العامل هو الذي يُضفي على السلع والمنتجات قيمتها بعمله وقوة عمله فقلنا نعم إن هذا من حق العامل وليس رب العمل أي أننا وجدنا أن عمل رب العمل غير شرعي وبالتالي غير قانوني في الوقت الذي ما زال أرباب العمل يجدون أن إستحواذهم على قوة عمل المنتجين عمل في منتهى الشرعيّة ، من هنا أدركنا أن الشرعية تتحوّل من شكل إلى آخر فما كان شرعيا بالأمس قد لا يُصبح شرعيا غدا كما أسلفنا بحسب مقولة النسبي والمطلق المعروفة .
فهل أن المجتمع الإشتراكي أو الشيوعي أو الماركسيّة ليس فيها شرعيّة ولا أخلاقيّة ولا فنون ولا بنى فوقيّة بسبب كونها علميّة ؟ لا إن هذا غير صحيح مطلقا فكل ما هناك أن معانيها تتغيّر بحسب التغيّر الذي يطرأ على البنى التحتيّة والتطوّر المادي للمجتمع فحسب
نعم هناك اخلاق في المفاهيم الماركسيّة وضمن تطبيقات النظرية الأساسيّة للماركسيّة وهي الماديّة الدايلكتيكيّة والتاريخيّة الدايلكتيكيّة ( الجدليّة) وأن إنعكاس التطور المادّي في البنى التحتية على البنى الفوقيّة يُتيح إنفتاح الواقع المادّي للمجتمع وأبنيته التحتيّة على مستقبل أرحب وأبعد للأطوار والمراحل التالية في الآفاق الإجتماعية لقوى الإنتاج ووسائل الإنتاج فالعلم متعلّق تمام التعلّق بالخيال إذ أن رؤيا القمر هي التي قادت إلى الرغبة في الوصول إليه في النهاية وأحلام الناس حتّى الفنطازيّة منها لها دلالات نفسيّة وروحيّة يتفاعل معها العلم ولا يعني العلم مطلقا إنكار الأحاسيس والعواطف والمشاعر التي هي ولا شك مادة الفنون والآداب ومفاهيم الجمال والخيال وبالتالي مادة الأبنية الفوقيّة التي يتحقق بها الرخاء والرفاهية ويُقاس بها مدى التقدم والرقي الإجتماعي ولتوضيح ذلك نقول: الصناعة أساس التطور المادي الإجتماعي وتقدم الإقتصاد ولكن بعد ذلك ما ذا سنفعل بمردود ذلك الجهد المادي؟ إننا بالطبع سنقوم بإنفاق مردودات ذلك الجهد والعمل المادي على الخدمات وهي أبنية فوقيّة وبدون أن نفعل ذلك فإننا لن نكون قد فعلنا شيئا في سبيل الرقي والتقدم الإجتماعي !
نعم توجد أخلاق في المجتمع الإشتراكي والشيوعي وما بعدهما أيضا ووتوجد مفاهيم قانونية وشرعية وروحيّة وفنون وآداب وغير ذلك بيد أن ذلك سيتم دون الحاجة إلى سوط السلطة ولا رقابة الرقباء والحكام بسبب علو وعي الفرد وثقافته ولن يكون هناك مجتمع شيوعي حتّى يُصبح الإنسان من شدّة الوعي والثقافة بحيث يعمل على تحقيق تلك الأخلاق والقوانين بشكل ذاتي ويُصبح على مستوى علمي وثقافي وأخلاقي متقدم جدا يكون محرّكه الأساس ورقيبه وعيه وثقافته ولا يحتاج كما قلنا إلى سوط الدولة ، ولكن هل يعني هذا أنه لن تكون هناك أخلاق ولا قوانين ولا أعراف ولا تقاليد؟ لا بل هناك ولكنها متقدّمة وبالضبط كما وصفنا
ولهذا كله فإن المجتمع الشيوعي لا يتم بناؤه فقط بتطوير قوى الإنتاج ووسائله بل بما هو أهم من كل ذلك وهو الوعي ولا نقول العلم فقط بل يشمل العلم والفن والأخلاق والحقوق والآداب وجميع أسباب التقدم والتطور المادي والروحي ولكننا موقنين أيضا وفي نفس الوقت أن الأولوية ولا شك للتطوّر المادّي حسب منطوق النظرية الماركسيّة رغم أنهما ( التطور المادّي والتقدّم الروحي ) يسيران معا بشكل متلازم كما هو حال الشحنتين السالبة والموجبة بما يخضع لمنطق الجدل المشار إليه .



#سنان_أحمد_حقّي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- القبانجي ..! نقد وتعقيب!
- على هامش التحرّش..!
- إنقراض الإسلام ..! أهو من وضع الكاتب أم نص ٌمقدّس؟
- قولٌ في الطرب..وفي الروح المبدع..!
- (كتاب الفاشوش ) من عرض وتقديم شوقي ضيف..!
- ردٌّ مقابل في قصيدة النثر العربيّة ..!
- أسود وأبيض بيكاسو.. !
- هل كان العسكريون خيارا صائبا لتولي الحكم والسياسة؟!
- الفلسفة..! لماذا..؟
- تأملات كونيّة..في الوجود والعدم!
- الإحتجاج والشجب والإستنكار إحدى أهم وسائل التعبئة الجماهيريّ ...
- المنطق العام ومنطق الأشياء..!
- إلى النّمريّ الكبير..!
- الماركسيّة لا تقمع الواقع بل تنبع منه..! حول مقال الأستاذ ال ...
- النمري ومكارم إبراهيم والرأسماليّة..!
- مهدي محمد علي .. زائرُ الفجر..!
- الظواهر الدينيّة حاضرة بقوّة في التاريخ..!
- عودةٌ إلى الشيوعيّة والأديان..!
- نعم ، لي فيها ألف ناقةٍ وألف جمل..!
- كيف يتم تطبيق الشريعة؟


المزيد.....




- ماذا قالت إسرائيل و-حماس-عن الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين ف ...
- صنع في روسيا.. منتدى تحتضنه دبي
- -الاتحاد الأوروبي وسيادة القانون-.. 7 مرشحين يتنافسون في انت ...
- روسيا: تقديم المساعدات الإنسانية لقطاع غزة مستحيل في ظل استم ...
- -بوليتيكو-: البيت الأبيض يشكك بعد تسلم حزمة المساعدات في قدر ...
- -حزب الله- يعرض مشاهد من رمايات صاروخية ضد أهداف إسرائيلية م ...
- تونس.. سجن نائب سابق وآخر نقابي أمني معزول
- البيت الأبيض يزعم أن روسيا تطور قمرا صناعيا قادرا على حمل رأ ...
- -بلومبرغ-: فرنسا تطلب من الاتحاد الأوروبي فرض عقوبات جديدة ض ...
- علماء: 25% من المصابين بعدم انتظام ضربات القلب أعمارهم تقل ع ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - سنان أحمد حقّي - الأخلاق ، في ضوء الماديّة الجدليّة..!