أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - شادي الشماوي - إيران : الحرب الإقتصادية ضدّ الشعب - إندلاع الأزمةِ و المقاومةِ .















المزيد.....



إيران : الحرب الإقتصادية ضدّ الشعب - إندلاع الأزمةِ و المقاومةِ .


شادي الشماوي

الحوار المتمدن-العدد: 4031 - 2013 / 3 / 14 - 19:07
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


إيران : الحرب الإقتصادية ضدّ الشعب - إندلاع الأزمةِ و المقاومةِ .
_( مقتطف من الفصل الأوّل من كتاب شادي الشماوي " جمهورية إيران الإسلامية : مذابح للشيوعيين و قمع و إستغلال و تجويع للشعب " ؛ على الحوار المتمدّن )
========================

الحرب الإقتصادية ضدّ الشعب :
إندلاع الأزمةِ و المقاومةِ
مقال صدر فى العدد 36 من "حقيقات "، صحيفة الحزب الشيوعي الإيراني (الماركسي – اللينيني – الماوي )
(موقع سربدران على الأنترنت)
تُواصلُ الجمهوريةُ الإسلاميةُ شنّ حرب شاملة ضدّ الشعبِ الإيرانيِ : الحرب السياسية والإقتصادية، سويّة مع الهجمات الأمنية و العسكرية. و تحوّلت هذه الحربِ الإقتصاديةِ إلى حرب مفتوحة ضد الشعب. و عُبّأ الجيش وقوّات أمن النظامِ الإسلاميِ لشَنّ هذه الحربِ الوحشيةِ ضدّ العمال المُضربين، و ضدّ تمرّدِ الشعب في معارضةِ لتقسيط توزيع المحروقات، وضدّ إنتفاضة المَحْرُومين والمفقّرين من الشعب في المدن الصغيرةِ في كافة أنحاء البلادِ. و جاء فى تقرير لوزارة الداخليةَ بأنّ ميزانيةَ إخمادِ سخطِ الشعب تضاعفت عشرون مرّة. (صحيفة" مهر" 9/9/2007) .
و كان تقسيط توزيع المحروقات طلقةَ المدفعِ الأولى للنظامِ ضدّ الشعب. و أتى تضخم الأسعار كخطوة ثانية للنظام فى نفس الإتجاه. و تعدّ إزالةَ التعريفاتِ أيضاً إعلانا مباشرا للحرب ضد المنتجين المحليينِ والعُمّال الموظفين . و أفرزالتضخم المالي ( زيادة أسعار المواد الإستهلاكية مع تخفيض فى قيمة العملة المتداولة ) ،خلال فترة بضعة أشهر فقط ، ضخا كبيرا للثروة من أيدى الفقراء إلى أيدى مجموعة غنية من المصرفيين و إلى أيدى فئة غنية من المجتمع الإيراني لهما قدرة تكديس الأرباح و تخزين السلع.
و كسبت العائلات الغنية في المناصبِ الحكوميةِ العلياِ، المُتسلَّحة بكُلّ القوة السياسية والإقتصادية، ثروات هائلة بسرعة. فصارت هذه العائلات الجشعةِ ذات الإمتيازِات أسمنَ حتى مِن قِبل بإسْتيراد بشكل غير قانوني لسلع إستهلاكيةِ. ففي فقط الستّة أشهر الأولى من السنة ، إزداد إستيراد السلع الإستهلاكية بحوالي الـ77 %. فحطّمت هذه الإستيراداتِ غير المراقبة صناعةَ و مزارع قصبِ السكر المحليةِ و كذلك حطّمت إعالةَ آلافِ المنتجين والفلاحين الصغارِ.و أدت الأزمة في قطاعِ السُكّرَ إلى بطالةَ هائلةَ فى صفوف العُمّالِ الصناعيينِ والعُمّالِ الزراعيِين.و نفس الإتجاهِ يَظْهرُ في قطاعات الشاي و الأرز المحلية. إن التضّخم، و الركود الإقتصادي، والبطالة الواسعة الإنتشار هي المَعالمِ الثلاثة للأزمة الإقتصاديةِ الحاليةِ. من هذه الأمراضِ نفسهاِ، عَانى إقتصادُ إيران سابقاً في 1956.و الأزمة الراهنة ، مع ذلك، مختلفة نوعيا حيث أن مؤشرات ربحِ الرأسمالِ في 1956 كَانتْ تساوى 257 وحدةِ نقديةِ؛ لكن في 1999 باتت هذه المؤشرات تساوى 46.( و هذه الإحصائياتِ مَأْخُوذة مِنْ موقعِ ويب "هدى زمانى " رسالة 16 /9/2007 ).
طبقاً للأخبار الإقتصاديةِ الإيرانيةِ، التى إقتبسَها من البنك المركزيِ، معدل التضخم في نِهايِةِ 1986مقارنة بأوت 1985 كانت تساوى 15.6 %. و كما نَعْرفُ، قبل سنتين ،كانت أول مبادرة إقتصادية لأحمدى نجادي التخفيض فى التضخم . وفق البنك العالمي ، الناتج القومي الخام أقلّ من معدّل الناتج القومي الخام العالم بثلث، و مقارنة ببلدان أخرى ، دخل الفرد فى إيران 8 دولار فاصل700 ( إحصائيات سنة 2000 ) . و على أساس القاعدة السكانية ، تصنّف إيران فى المرتبة الثامنة عشرة عالميا لكن من ناحية الدخل القومي الخام ،تصنّف فى المرتبة 34 . و كلّ سنة ، ينضاف إلى المعطلين عن العمل مليون آخر.و المعدّل الرسمي للبطالة كان20 %؛ و بين الشباب تبلغ هذه النسبة 40 %.و كلّ سنة يتقدّم 250 ألف خريج جامعة للدخول ضمن القوة العاملة بيد أن فقط 70 ألفا منهم يعثرون على عمل . بإيران يوجد 20 مليون طالب و طالبة. غالبيتهم الواسعة ستنضم إلى جيش المعطلين عن العمل .( موقع الواب السابق الذكر).
بلغ إقتصاد الجمهورية الإسلامية نهاية مسدودة . و العمال و المحرومين و المفقرين من الشعب يدفعون ثمنا باهضا .مع كلّ كساد إقتصادي ، سيتم مزيد تفقير آلاف أخرى من الناس و ستتراكم أكثر الثروة بأيدى عائلات النظام القوية و الغنية و شركائهم التجار و الرأسماليين الأجانب .و تجبر الفاقة الناس على العمل حسب أساليب إنتاج ما قبل رأسمالية و قد إنتشرت الدعارة . و نتيجة للأزمة الإقتصادية يشتدّ القمع السياسي و الظلم الإجتماعي ( مثل ظلم النساء و تضييق سلسلة الإذلال الديني ) . و هذه الأزمة الإقتصادية إنعكاس للتناقض بين علاقات الإنتاج الإضطهادية الرجعية الحاكمة من جهة و قوى الإنتاج (بالأساس قوى إنتاج الناس) من جهة أخرى. فعلاقات الإنتاج و العلاقات الإجتماعية الرجعية هذه تبذّر و تحطّم الموارد البشرية .
كَقاعِدَةٍ عامة ، تجعل الأزمة الإقتصادية التناقضات بين النظام و الشعب و التناقضات الداخلية صلب النظام تحتدّ. و بالنتيجة يبلغ النظام نهاية قاعدته الإستبدادية قريبا .
و بإستمرار تنتقد العناصرَ الرئيسيةَ ضمن النظامِ وفئاتِه الداخليةِ الإجراءات الحكومية لكي تلقي اللومِ على الأحوال الإقتصاديةِ المروّعةِ على الآخرين. وعلى سبيل المثال قال الخامنئ " لست على إطلاع على كافة نشاطات هذه الحكومة " و قال تاجزاده " إنتشر الفساد فى كلّ مكان ".
و ليس للمحرومين و المضطهدين من الشعب الكادح من خيار سوى الشروع فى موجة مقاومة ضد تيار الأزمة الإقتصادية . و الإضراب البطولي لعمال صناعة القصب السكري بحفت تبه مثال نموذجي لهذه الموجة التى لا يجب أن تنحصر لأن حياة العمال المحرومين ذاتها تعتمد على إنتشار هذه الموجة من المقاومة .
جوهر الأزمةِ
من بين التحاليل المعروفة و السائدة أن يعتبر البعض أن السياسات المصرفية و المالية لحكومة أحمدى نجاد العنصر الأساسي وراء الأزمة الإقتصادية الحالية ، و يقولون إن جذر هذه الأزمة "يكمن فى التضخم العالي " و على الحكومة أن تعدّل سياساتها النقدية .و يرى البعض الآخر أن الأزمة ناتج عرضي للسياسات العدائية للجمهورية الإسلامية ضد الولايات المتحدة و المقاطعات الإقتصادية الناجمة عن ذلك .و يعتقدون أن عليهم أولا حلّ هذه" الأزمة السياسية ".و يعتبر موظفو البنك العالمي و صندوق النقد الدولي أن هذه الأزمة إفراز لإنحراف القسط الكبير من نفقات الحكومة نحو الإعانات المالية – وهم يعتقدون أنه يجب إيقاف هذه الإعانات و إعادة توجيهها إلى " الرسملة ". و لكن هذه الأزمة أزمة مزمنة أولا و قبل كلّ شيئ و جذورها تعود إلى الهيكلة الإقتصادية الإيرانية المشوهة و المتخلفة.و يعزى هذا التشويه الحاد للإقتصاد الإيراني ،من جهة ،إلى هذه الهيكلة الإقتصادية التى تطوّرت ضمن حدود الإقتصاد الرأسمالي الذى يعمل تقريبا ضمن قواعد مراكمة الربح فى إطار الرأسمالية العالمية . و من جهة ثانية ، إلى إقتصاد يشتغل بشكل رئيسي بقوى منتجة متخلفة – أحيانا يعتمد على أنماط إنتاج ما قبل رأسمالية .و عدم التكافئ هذا يتسبب فى الأزمة وراء الأزمة بصورة دائمة ،و تتضمن الأزمات الإقتصادية تضخما طاحنا بفعله تجرّ أغلبية الشعب جرّا إلى الفاقة.
و يتحدث بعض المحلّلين الإقتصاديين عن " البنية الإقتصادية الشاذة " لإيران كسبب رئيسي للأزمة الإقتصادية للجمهورية الإسلامية.و فى أغلب الأحيان ، ما يقصد هؤلاء المحللين الإقتصاديين قوله هو أن سبب تخلف إيران هو التوجه التاريخي للتنمية الذى إتبعه الإقتصاد الإيراني مقلّدا البلدان التابعة مثل تركيا و الهند و الجزائر إلخ . و بالطبع لا يعدو هذا أن يكون وجهة نظر جزئية للواقع . و مردّ ذلك إلى أن الإقتصاد التابع الإيراني تخلف عن موجة التعصير التى شهدتها تلك البلدان الأخرى وهو ما شدّد من تشويه بنية الإقتصاد الإيراني .و قد ضاعفت الظاهرة نفسها ضغوطات التضخم المالي عدّة مرات . و زاد من حدّة هذا البون المتسع بين إيران و تلك البلدان الفساد الإقتصادي الذى صار منتشرا إلى درجة تحوّله إلى عامل من عوامل تشويه الإقتصاد الإيراني .
و فيما يلى سنسعى إلى تفحص متقن أكثر لعوامل تشويه الإقتصاد الإيراني التى تحول دون التحديث و للفساد بإعتبارهما العاملين الأهم فى الأزمة الإقتصادية الإيرانية الحالية . أما المقاطعات الدولية فهي لا تفعل سوى تعميق تأثير هذين العاملين ذاتهما .
البنية الإقتصادية المشوّهة :
الإقتصاد القومي الإيراني إقتصاد رأسمالي متخلف فيه تواصل بقايا الإقطاعية لعب دور هام فى الإنتاج و إعادة الإنتاج.
و قد تشكّل هذا الإقتصاد القومي فى إطار التقسيم العالمي للعمل .و قد نهضت إيران، بما هي مصدّر إستراتيجي للنفط ، بدور هام و ذو دلالة فى التقسيم الإمبريالي العالمي للعمل . ووفق أوامر هذا التقسيم الإمبريالي العالمي للعمل ، فى النظام الرأسمالي العالمي ، مسؤولية إيران هي إنتاج و تصدير النفط . و هذا المنتوج بطبيعته ذاتها ، يقوّض إلى حدّ كبير نموّا صحّيا سليما للإقتصاد.
بإستثناء الصناعة النفطية، وبضْعَة صناعات أخرى، التى تستفيد من وسائلِ الإنتاجِ الحديثةِ، تظلّ الأغلبية الواسعة للنشاط الإقتصادي (الفلاحة، بشكل خاص) متخلفة. و ليس هناك ترابط فعّال بين قطاعِ النفطَ والقطاعَ الفلاحي، وهكذا لا وجود لحافز للنمو والتطويرِ.على العكس من ذلك، بتَعْرِيض القطاعاتِ الإقتصاديةِ الأخرى إلى المنافسةِ العديمة الرحمةِ في السوق العالميةِ، تتسبّب إيران فى عدم إستقرار و إحتضار هذه القطاعات. يَلْعبُ إنتاج وتسعير النفطِ، كما نَعْرفُ، دوراً حساساً في الإقتصاد العالمي – إذ يُحوّلُ الثروةً ويُقرّرَ أسعارَ صرف العملةِ. و هذا التأثيرِ القويِ للصناعة النفطيةِ هو الذي يَفْرضُ تأثيرَ السوق العالميةِ على الإقتصادِ المحليِ الإيرانيِ.
و قد ولّدتْ صادراتُ النفطِ مثل سعرِ الصرف العاليِ هذا لعملةِ إيران وهو ما يجعل الإنتاج الزراعي والصناعي الإيراني إنتاجا لا يتحمّل المنافسة في السوق العالميةِ. و تحتكر الصناعة النفطية فتُبعدُ الإستثمار فى تحديثِ القطاعِ الزراعيِ الذى ظلّ معتمدا على عملِ الفلاحِ.و يشجّع سعرُ صرف العملةِ العاليِ إستيرادِ السلع الإستهلاكيةِ والمواد الغذائيةِ ممّا يلحق الضررِ بالإنتاج المحلّى . و هذا الشلل الذى يصيب الزراعةِ وإنتاجِ الأغذية المحليِّين نتيجةُ محتومةُ لمنطقِ النظام الرأسمالي العالميِ، والإعتماد إلى أبعد الحدود على النفطِ لدفع الإقتصادِ الإيرانيِ.
، و تتعرّض في مثل هذا الإقتصادِ، قطاع وحيد (قطاع النفط) يتمتّع بإستقرارُ نسبيُ، وأين الفلاحة والصناعات الصغرى صغرى بشكل دوري إلى أزمات حادّة ، و بالتالي لا يُمْكِنُ توقّع إلا أَو أن تكون أغلبية القوة العاملة عاطلة- أو شبه عاطلة عن العمل في النشاطات الإقتصادية غير المستقرةِ أَو الهامشية .
لنلق نظرة على سياسات " إنفتاح " النظامِ الإيرانيِ وإزالتِها للتعريفاتِ والعديد مِنْ رسومِ الإستيراد. فعلى سبيل المثال، إستوردتْ إيران 6 مليون طن مِنْ السُكّرِ - على الرغم مِنْ حقيقة كونها يُمْكِنُ أَنْ تلبّي هذا الطلب عبر السكّر المنتج محلّيا . لماذا تتهاوى الصناعات الغذائية الإيرانية ؟ لأن الإقتصاد المحلى الإيراني يُخضَعُ الآن للسوق العالميةِ، وهكذا سعر السُكّرِ تحدّده السوق العالميةِ. مقَارنةَ بسعرِ السوق العالميةَ للسُكّرِ، يعدّ الإنتاج الإيراني، للسكّر المحلى" غاليا".بلغة الإقتصاد ماركسيا ، تتجاوز كمية قوَّة العملَ الضرورية لإنْتاج كيلوغرامِ واحد مِنْ السُكّرِ في إيران كميةَ قوَّةِ العملِ الضرورية لإنْتاج ذلك الكيلوغرامِ نفسهِ في السوق الدوليةِ. [في هذا العصرِ، حيث أدمجت الإقتصاديات القومية فى الإقتصاد العالمي الموحّد، تحدّد قوّة العمل الإجتماعية الضرورية لإنتاج سلعة على أساس معايير عالمية .]
و يخضع إقتصاد إيران إلى قانونِ قيمةِ العملِ على النطاق العالمي . ومِنْ وجهةِ نظر السوق العالميةِ،بما أن قطاعَ الفلاحة الإيرانية(شاي وأرز، بالإضافة إلى السُكّرِ والمواد الغذائيةِ الأخرى) لا يَستطيعُ إنْتاج الربحِ الكافيِ، فيجب أنْ يُحطّمَ. وكون الملايين يفقدون إعالتَهم و يفقّرون لا أهمّية له من وجهةِ نظر السوق العالميةِ هذه. وتُكثّرُ الخطابات الديماغوجيةِ حول عملية التدمير هذه و على سبيل المثال، يبرّر تدمير الصناعات الغذائية الإيرانية ّعلى أنه "أفضل بالنسبة للمستهلكين ".و قد قال محمّد صادق مفتاح، نائب وزير التجارةِ، عندما سَألَ عن سيلِ السُكّرِ المستوردِ، قالَ، "نحن لا نَستطيعُ حِماية الإنتاج المحلّى بشكل دائم بحاجز جمركي. لماذا ينبغى على المستهلكون أَنْ يَدْفعوا 800 وحدةَ نقديةَ بدلاً مِنْ 500 لكيلوغرامِ واحد مِنْ السُكّرِ؟ " و قال علي أكبر محرابيان ، الذي يَترأّسُ وزارة الصناعةَ والتعدين، قالَ، "لن يؤدي الإبقاء على ثمن السُكّرِ في بلادِنا باهضَا ، أعلى من أسعار السوق العالميةِ، إلا إلى خداع المستهلكين. لهذا سمحنا بإستيراد السكّر بطريقة منظّمة".
( شيادة علمي ، وكالة أنباء موج)
في الواقع، عجّل صندوق النقد الدولي والبنك العالمي دمارَ صناعةِ السُكّرِ المحليةِ بفَرْض سياسة "الخصخصةِ" فى2002 ؛و بِداية في تلك السَنَةِ نفسهاِ ، بَدأَ الحكومةُ الإيرانية بتَخويل إستيراد السُكّرِ.و في الإقتصاد الرأسمالي العالميِ، "خصخصة" لا تَعْني بالضرورة بأنّ وسائلِ الإنتاج المملوكة للدولةِ تُحوّلُ إلى الملكيةِ الخاصّةِ ويَستمرّ ذلك الإنتاجِ ِ؛ بالعكس، يَعْني في أغلب الأحيان بأنّ وحدات الإنتاجَ تُغلقُ ويتمّ تسريح العمال . و يُمْكِنُ أن يتخذ هذا شكلَ تعويض القوة العاملة بتجهيزات أكثر حداثة و قوّة عمل أقلّ. أصغر، أَو بالقضاء التام على الإنتاج المحلى – و تورّد السلعة الآن من الخارج من قبل الشركةِ "الخاصّةِ" الجديدةِ (مَع أَو بدون "مشاركة "النظام كسمسار ).
إنّ أزمة صناعة السكّر فى إيران مثال جليّ عن عملية تبعية الإقتصاد و تشوّهه.و إلى فترة قريبة ، مثّلت التعريفات الجمركية عقبة أمام إستيراد إيران للسكّر الرخيص و جرى إسناد صناعة السكّر الإيرانية بشكل إصطناعي" ( بمصطلحات الرأسمالية ).و مع ذلك ، مع " إعادة الهيكلة " الإقتصادية الجديدة ، وضع النظام حدّا للتعريفات لكي تزول الضغوط التنافسية
على هذه الصناعة المحلّية "غير الكفئة".و هنا ينبغى أن نلاحظ أن فى الإقتصاديات الرأسمالية ، الضغوط التنافسية تدفع إلى تحديث وسائل الإنتاج . أمّا فى الإقتصاديات التابعة ، فإن الضغوط التنافسية تتسبب فى نهب الثروة و القضاء على الإنتاج المحلي ( و العمل بما هو العامل الأولى فى الإنتاج) كخصائص أساسية إلى جانب الفلاحة المعتمدة على إنتاج وحيد ...
تأجيل التحديث
هذه العاهةِ مِنْ إقتصادِ إيران الوطني لَيستْ إن تشوّه الإقتصاد الوطني الإيراني هذا ليس وليد الجمهوريةِ الإسلاميةِ ذلك أن هذه الهيكلة الإقتصادية تشكلت في الفترةِ بعد الحرب العالمية الثانيةِ تحت تأثير الإمبرياليةِ الأمريكيةِ. لكن كما لاحظنَا قبل ذلك، إشتدَّ التشويه أثناء السَنَوات الـ28 الماضية لحُكُمِ الجمهوريةِ الإسلاميةِ. أثناء هذه الفترةِ صار الإقتصاد الإيراني معتمدا كليَّاً على السوق العالميةِ و في نفس الوقت، بينما بَدأتْ بلدان تابعة أخرى (مثل تركيا) برامجَ تحديث إقتصاديةَ، راوحت إيران مكانها . بكلمات أخرى، نمت تبعيته للسوق العالميةِ بينما تَدهورتْ قوى إنتاجها. وطال كُلّ مِنْ أنصالِ هذا المقصِ أكثر وبات أحدّ، وهو يقصّ و يقطّع مصادر عيش الكادحين الإيرانيين.لو لم يكن الإعتمادِ على السوق العالميةِ إعتمادا إلى أقصى الحدود و لم يكن الإقتصادَ َالوطنيَ خاضعا لتحكّم الرأسمالية العالمية ،ما كان ليكون تأثير التأخّر فى التحديث تأثيرا حدا بهذا الشكل . قيدت الأرباح المتأتية مِنْ الإنتاجِ وتكاليفِ الإنتاج المتصاعدةِ قيّدا الإقتصاد المحلى الإيراني و شلاّ قدرته التنافسية فى الأسواق العالمية . هذا ما أنجزته الجمهورية الإسلامية .
تشكلّت أغلبية هياكل إيران الإقتصادية أولياً أثناء الفترةِ 1954 إلى 1978 - وهذا يتعلّق خصوصاً بقطاعِ النفطَ - لكن بسبب قلةِ الوصولِ إلى التقنيةِ المُحسَّنةِ وُجد قليلاً أَو لم يوجد تحسين أو تجديد وسائل الإنتاج. ولذلك، كَانتْ أجزاء كبيرة مِنْ قطاعِ الصناعة تَشتغلُ بأقل مِنْ 40 % من قدرتها الإنتاجية و في بَعْض الحالاتِ، تسبّبتْ قلةَ قطعِ الغيار فى توقّف الإنتاج. أثناء عهدِ الشاهَ، كانت إيران تنتج 6 ملايين برميل مِنْ النفطِ يوميا. واليوم، بالكاد يَفِوقُ إنتاجَ إيران اليومي 4 ملايين برميل. و مردّ هذا إلى أنّ شركاتِ النفطِ الدوليَّةِ لا تَستثمرُ في تجديد وسائلِ إنتاج وتقنيةِ النفطِ الإيرانيةِ. فمَنعتْ الحكومةُ الأمريكيةُ مثل هذه الإستثماراتِ بشركاتِ النفطِ التي يوجد مقرها في أمريكاِ.و قد تراجع إستثمار نفطِ ، خصوصا ،بعد 2000، بحدّة. و عدمَ ثبات علاقاتِ الجمهوريةِ الإسلاميةِ بالقوى الإمبريالية هوالسببُ الرئيسيُ وراء هذا الوضع . وطبقاً للبنك الدولي، تصنّف إيران فى الرتبة135 من حيث جلب الإستثمارات (وكالة و هذا تراجع ب16 رتبةِ نسبة للسَنَةِ السابقةِ.. أنباء فارس، 09/26/07)
و يتخذ تأثير العلاقات الصعبة للجمهورية الإسلامية مع القوى الإمبريالية أشكالا عديدة . إذ يُزوّدُ النظامُ الحاليُ للرأسماليةِ العالميةِ القوى الإمبريالية بقدرة ماليةِ قوية من خلال سيطرةِ الأعمال المصرفيةِ والإئتمانِ – وهو ما يؤدى إلى التأخيرِ فى مراكمة رأس المال وإعاقته في إيران. وعلى سبيل المثال، تتمّ أغلب التجارة الدوليةِ والتَمويل الإيرانيين عبر البنوكِ في دبي. و تضطرّ إيران لإشْباع حاجاتِه التقنيةِ للجوء إلى السوق السوداءِ.
عندما تَوقّفتْ الجمهوريةُ الإسلاميةُ عن أنْ تَكُونَ مفيدة للقوى الإمبريالي ، تضاعف الضغط الإقتصادي. و هذا الضغطِ يزيد فى تشويه البنية الإقتصادية الإيرانية و يدفعها أكثر نحو الإنهيار .
وعند هذا الحدّ ، يجب أن نشير إلى تأثير سياسات أحمدى نجاد المالية على التضخم فى الأسعار. لا مجال للشكّ فى أن هذه السياسات فاقمت لولب التضخم. لكن بينما قَدْ يَكُون إقتصادَ إيران تَحْتَ سَيْطَرَة أحمدى نجاد ، فهو فى الحقيقة خاضع لهيمنة السوق العالميةِ.و تضخم الأسعار في إيران يَوازي تضّخم الأسعار في الدول الرأسماليةِ الأخرى. ومعضلة إيران التي ناقشنَا أعلاه: تَعاني مِنْ التبعيةِ إلى السوق العالميةِ بينما في نفس هي أكثر فأكثر تخلفا من ناحية قوى الإنتاج. و ساهم تدهور قوى الإنتاج والربحيةِ المتضائلةِ بشكل ثابت فى النشاط الإقتصادي فى ظلّ الجمهوريةِ الإسلاميةِ فى التَعجيل بالضغوط التضخّمية. كما تمّت الإشارة إليه أعلاه، في هذا العصرِ لا تقرّر السوق المحلية الأسعار و إنما يقرّرها السوق العالمي . و السلع المنتجة فى إطار إقتصاد متخلف تنتج بتكاليف عالية مقارنة مع السوق العالمية . و ينجم عن هذا ضغط متصاعد على الأسعار.و لإخفاء هذا التوجه تلجأ الحكومات لإستعمال الإعانات . بيد أن هذا المنطق ذاته الذى يبدو أنه يتطلّب إعانات مالية حكومية يفرض فى النهاية إزالة هذه الإعانات . و أحد الإستنتاجات الأساسية التى يمكن أن نخرج بها مكن هذا الوضع هو أن أي نظام قائم على هذه البنيةالإقتصاديةو يريد "إدارة " هذا الإقتصاد مآله الفشل . و حتى نظام يبدأ على أنه مختلف عن الأنظمة السابقة(و يتخفى وراء قناع "ملحد" أو "إشتراكي " ) لن يصبح فى النهاية مختلفا عن تلك الأنظمة لو بقيت البنية الإقتصادية على حالها ..
الفساد ودوره في الأزمةِ
عامل مهم للغاية فى الأزمة الإقتصادية الراهنة هو الفساد الواسع الإنتشار الذى يعرفه كلّ شخص فى إيران ب "الرونتخارى" . و يحيل هذا المصطلح على الطرق المتنوعة لتمتّع الطبقة الحاكمة فى إيران بالإمتيازات الخاصة فى كلّ من النشاطات الإقتصادية الرسمية و الهامشية : مثل الحصول على معلومات تتعلّق بتغييرات سعر الفائدة و أسعار الأسهم ،و الحصول على السلع و المنتوجات الإستهلاكية النادرة و بأسعار أقلّ من أسعار السوق ، الحصول بيسر على تصاريح التجارة و البناء و إيجازات الإستيراد و التصدير ،و اللجوء إلى النظام القضائي عندما يريدون القضاء على منافسة منافسيهم فى التجارة والعديد مِنْ الإمتيازاتِ الأخرى خلاف هذه. إن الحجم الواسع لإقتصاد إيران الهامشي و سوقه السوداء يقدّمان إشارة واضحة عن مدى الفساد غير المسبوق فى الجمهورية الإسلامية .
وأفاد تطبيق المقاطعةِ المدعومة من قبلِ الأممَ المتّحدةَ ضدّ إيران إسْتِمْرار هذه الأخيرة فى برنامجِ تخصيب اليورانيومِ و أفادَ إستغلاليي الجمهوريةِ الإسلاميينِ كثيراً في السوق السوداءِ. كتبت صحيفة ألمانية "تلك السوق السوداءِ تجارة مربحة لرجالِ الدين. لا صعوباتُ تعترضهم فى إستيراد مُنتَجاتَ محظورةَ لأنهم يُسيطرون على السلع، و المعابر الحدودية، والخدمات البريدية." و تضيف الجريدة " إقتصاد إيران بإحكام تَحْتَ سَيْطَرَة النظامِ الإسلاميِ. عملياً كُلّ التجارة، سواء مباشرة أَو بشكل غير مباشر،تديرها النخبةِ الدينيةِ. هناك تقريباً 120 مؤسسة دينية، لَيْسَ لَها فقط نفطُ يُصدّرُ تحت سيطرتِهم لكن أيضاً تملك شركاتِ البناءِ،و النقل الجوي، ووكالات السيارات، و البنوك، والتوزيع لسوق الجملةِ، وشركات الإلكترونياتِ. و يُشاعُ أيضاً بأنّها تسيطر على المرور المحظور للأسلحة النارية و المخدرات ". و يقول نيكولاس بيديه ، مختص إيراني فى المعهد العالمي للبحوث بروما :
"توزّع [الحكومة] عقودا من خلال شبكتِها من المؤسسات [الدينية] التابعة لها "(والت أم سنتاغ ، 19 ماي 2007) . وكَتبتْ هذه الصحيفةِ نفسهاِ " تَقوّي المقاطعاتَ الدوليةَ أكثر إحتكاراتَ هذه المؤسساتِ الدينيةِ".
عم ّ الفسادُ كلّيا جهازَ الجمهوريةِ الإسلاميةِ الحكوميِ إلى درجة أن موظفي النظامَ الخاصينَ صاروا يشتكون من ذلك . وطبقا لتقرير صادر عن وكالة إيران الرسمية للأنباء،بتاريخ 3 أوت 2007 ، قال محمد رضا الرحيمي ،مدير حسابات محكمة إيران العليا،بأن " حجم الأموال المخصصة لتهم الفساد المالية يستهلك الآن نصف ميزانية البلاد المخصصة للقضاء ". و فقط حالتان من هذه الحالات ،حالة جانوبي *1[ شركة نفط جنوب بارس وهو معروفة أيضا بشركة نفط بتروبارس وهي أكبر شركة نفط فى الجمهورية الإسلامية لها حق عقد صفقات مع كافة شركات النفط المتعددة الجنسيات ] و سندوغي غارزول حساسنة إسبهان * 2[ شركة بنكية مؤثرة تابعة للحكومة و قائمة على قانون إسلامي تقرض دون فوائد .] إستهلكتا لوحدهما تقريبا نصف الميزانية .
الفساد ليس فحسب بشكل تامّ سرقةَ مِن قِبل كبار مسؤولي حكومة في برنامجِ الخصخصةَ / نقل مؤسسات الدولة إلى الملكية الخاصة عبر النص القانوني عدد44 فهو أيضا ضخم للغاية بحيث إضطرّ رحيمي إلى القول إن :"فى بلادنا ، إلى الآن ، سجّلت عملية الخصخصة نتائجا متداخلة جدّا ،بكلمات أخرى صارت تساوى التواطؤ و نقل الملكية بأسعار أدنى من أسعار السوق " ( وكالة إيران الرسمية للأنباء ،08/03/2007). بهذا المعنى تمثّل الأزمة الإقتصادية وسيلة أخرى لهؤلاء الرجعيين لسرقة ثمار عمل الجماهير الكادحة .
إن تشكّل مافيا إقتصادية ليس الميزة الوحيدة للجمهورية الإسلامية.فهذه الفئة الطفيلية ميزة مألوفة فى إقتصاديات البلدان المستعمرة . طريقة عمل الطفيليين وكلاء الجمهورية الإسلامية تملى عليهم فى ظرف الأزمة الإقتصادية ، القيام بشيئ وحيد بمستطاعهم فعله ألا وهو "الإستيلاء على الأملاك " [ بدلا من الإنتاج ].إنهم ينهبون الإقتصاد إلى اقصى درجة ممكنة مستغلين تماما موقعهم فى السلطة السياسية .و إشتداد هذا " الإستيلاء على الأملاك " مؤخرا يعود إلى كونهم ما عادوا متأكدين من البقاء فى الحكم للعديد من السنوات الأخرى.
الإقتراحات الرأسمالية ل"حَلّ" الأزمةِ
إقترح الرأسماليون ، سواء على لسان المسؤولين الحكوميين أَو "الخبراءِ" الإقتصاديينِ أَو على لسانِ المؤسساتِ الدوليةِ، عدد مِنْ الحلولِ لأزمة إيران الإقتصاديةِ. في توقّعِ لحَلّ الأزمةِ، أزالتْ الجمهوريةَ الإسلاميةَ إعانات ماليةَ وتعريفاتَ محروقات – و أعلنت نيتَها "تَحرير" السوقِ؛ لكن مِنْ وجهةِ النظر الرأسماليةِ، إصلاح أساسي سَيَتطلّبُ إجراءاتَ أكثر عدوانيةً بكثيرَ: يجب مراجعة قوانين عملِ إيران لِكي تُسحب حقوق العُمّالِ الإيرانيينِ لفائدة رجال الأعمال الأجانبِ. فالعمل الإيراني ما زالَ مُعتَبَرُا "غالياَ" بالمقارنة مع العمل الصيني. ( لهذا السبب، حتى فيما يتعلق بشواهدِ القبور، فشواهد القبور المستوردة مِنْ الصين تغطى نِصْف السوقِ الإيرانيةِ. ) الصناعات غير الكفأة ويجب إستبدال إنتاجها بالسلع المستوردة ، و من خراب تلك الصناعات و الفلاحة (و إفلاس ملايين العمال و الفلاحين )ستنشأ مشاريع جديدة و ووسائل إنتاج جديدة . والبنوك يجب أنْ تُخصخصَ، كما يجب تحويل الصناعة النفطيةَ أيضاً إلى الملكيةِ الخاصّةِ.و ينبغى كذلك مراجعة القوانين التى تَحْكمُ ملكيةَ الأجانب للمؤسسات الإيرانيةِ لتَسهيل الإستثمار الأجنبي والصفقاتِ الماليةِ. كما ينبغى أن تستثمر الإيرادات النفطية أولياً في النهوض بمستوى تقنيةِ المعلومات والأنظمة المصرفية، الخ. لكي تُحرّرَ الحركة راس المالَ. وهذه هي الإجراءاتَ على أية حال هناك التى ترغب النخبة الحاكمةَ فى إيران رغبة شديدة فى تطبيقها. و مع ذلك ثمة عقبة رئيسية في طريقِ الإصلاحات الإقتصادية الرأسماليةِ الأخرى - عقبة تُثيرُ النزاعاتَ بين المسؤولين الحكوميين، و تُسيئ للعلاقاتَ بين الجمهوريةِ الإسلاميةِ والقوى الإمبريالية. فشبكة النخبة الحاكمة الإيرانية تمسك بيديها و تسيطر سيطرة إحتكارية على العديد مِنْ قطاعاتِ الإقتصادِ الإيرانيِ.و تحطيم ذلك الإحتكار هو واحد من مطالب القوى الإمبريالية و النخبة الحاكمة فى إيران غير راغبة فى تلبية ذلك المطلب .و لا تستدعى إعادة هيكلة الإقتصاد ضمن السوق العالمية دمار الصناعات المحلّية الصغيرة مثل صناعة السكّر فحسب بل تستدعي أيضا تحطيم هذه الإحتكارات المحلّية . و قد وجد فى الماضى هذا النزاع بين مصالح السوق العالمية و الإحتكار المحلي لماّ ضغطت الإمبريالية الأمريكية على نظام الشاه ليقبل بالإصلاحات الإقتصادية اجتماعية فى الستينات ( وهو أمر معروف فى إيران بالثورة البيضاء ).
الإقتصاد النفطي
أثناء العقدِ الأولِ مِنْ الجمهوريةِ الإسلاميةِ (1979 إلى 1989)، إستفادَت الحكومةُ من الإيرادات النفطية المقدّرة بحوالي 500 بليون دولار.و منذ 1989، تضاعفت هذه الإيرادات النفطية ثلاث مرات تقريباً. والآن يثار سؤال إلى أي مدى إستفادت من دخل النفط الجماهيرَ الإيرانيةَ، بشكل خاص جماهير الكَدْح، سواء حضرية كانت أَم ريفية؟ وأَيّ نوع من الإقتصادِ الوطنيِ تركّز منذ 1979؟ تضاعف عدد السكان الذين يعيشون تحت حدّ ، و تَوسّعتْ الفجوة بين الطبقات بشكل مثير. ما ظَهرَ هو إقتصادُ غير قادر على تلبية الضروراتِ الأساسيةِ للحياةِ؛ إقتصاد الذي إقتصاد يَفرز البطالةَ، بدلاً مِنْ توفير مواطن شغل؛ إقتصاد مَشْلُول عاجز عن إنتاج حتى السلعِ الصناعيةِ الأكثر الأساسيةِ ؛ إقتصاد يُروّجُ للفسادِ وإحتكاراتِ من نوعِ المافيا؛ إقتصاد معتمد على النوايا الحسنة للصوصِ الدوليينِ.
الإستنتاج الواضح الذى يستخلص مِنْ تحليلِ الإزمة الإقتصاديةِ في إيران هو أن البنية الإقتصادية الراهنة سواء فى ظلّ حكم رجال الدين أو الملكية أو الجمهوريين ستؤول إلى ذات النتائج الإجرامية .تلك
و مهما كان الحزب الذى يصل إلى السلطة ليقود مثل هذه البنية الإقتصادية ، إن لم يحدث تغيير راديكالي - بالقطع مع السوق العالمية ،و بالقضاءعلى بقايا الإقطاعية و على الرأسمالية الكمبرادورية – فإنه لن يكون سوى خادم للتخلف و للإقتصاد المتخلف و لتأبيد الفساد وهو أمر مناقض لإرادة الجماهير الكادحة .
و هذه النقطةِ، بشكل خاص، يجب أنْ يُعير إليها الإنتباه أولئك الذين يَدْعونَ بأنهم "شيوعيون" أَو "إشتراكيون" لكنهم يُريدونَ فقط أَنْ يُوفروا إدارةَ "أفضلَ" لهذه البنية
الإقتصادية نفسها أو يريدون فقط أكثر "عدالة" فى توزيع الدخل القومي وفى إستخدام مداخيل النفط بأكثر عقلانية . و إن تغييرا كاملا للبنية الإقتصادية لكي تخدم الجماهير الكادحة يتطلّب نضالا صعبا و مديدا و عسيرا وهذا غير ممكن إلا بتعبئة الجماهير الكادحة .
و فقط عبر هذه التعبئة يمكن أن تنجز ثورة ديمقراطية جديدة فالإشتراكية .
والأزمة الإقتصادية تؤدى إلى أزمة سياسية .و فى المركز من هذا ،خلق التهديد الأمريكي بالغزو العسكري إضطرابا فى المجتمع. و فى ظل الظروف الحالية ، توجد إمكانية ثورة أن بروليتارية و كذلك إمكانية خطر كبير . و علينا كشيوعيين أن نستنهض الجماهير المحرومة و الكادحة فى مجتمعنا و أن ننظمها من أجل الثورة – بينما نتفادى دغمائية المرحلية
( إعتقاد فى حتمية المراحل ) و التطوّرالتدرجي .و ينبغى أن تفرز موجات الأزمة الإقتصادية موجات مقاومة شعبية للجماهير التى تعانى الإضطهاد و الإستغلال.و يتعيّن أن يجد التحليل الشيوعي و البرناج الإقتصادي الشيوعي مكانتهما رؤوس و قلوب هذه المقاومة ، و بوجه خاص ضمن طليعتها المناضلة. و من واجبنا ان نوضّح للجماهير الكادحة خصائص الإقتصاد المتحرّر و أن نساعدها على توجيه كفاحها نحو ثورة ديمقراطية جديدة فإشتراكية أصيلة.



#شادي_الشماوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الثورة النيبالية و ضرورة القطيعة الإيديولوجية و السياسية مع ...
- الإمبريالية الأمريكية ، الأصولية الإسلامية و الحاجة إلى طريق ...
- تعمّق النقاش حول الخلاصة الجديدة لبوب آفاكيان (1): ردّ من أف ...
- الماوية تنقسم إلى إثنين: موقفان متعارضان من -الخلاصة الجديدة ...
- نظام الدولة الإشتراكية - آجيث ، الحزب الشيوعي الهندي (المارك ...
- النقاش الراهن حول نظام الدولة الإشتراكية - ردّ من الحزب الشي ...
- الماوية تنقسم إلى إثنين: نظرتان متعارضتان لنظام الدولة الإشت ...
- رسالة إلى الأحزاب و المنظمات المنتمية إلى الحركة الأممية الث ...
- بيانان مشتركان لغرّة ماي 2011 و 2012 صادران عن أحزاب ماوية
- خطّان متعارضان حول المنظّمة الماوية العالمية .
- الإشتراكية و الشيوعية - الفصل الثالث من-مقتطفات من أقوال الر ...
- المعالجة الصحيحة للتناقضات بين صفوف الشعب - الفصل الرابع من- ...
- الحزب الشيوعي- الفصل الأوّل من -مقتطفات من أقوال الرئيس ماو ...
- الطبقات والصراع الطبقي- الفصل الثاني من-مقتطفات من أقوال الر ...
- مقدّمة - الماوية تنقسم إلى إثنين-. - الماوية : نظرية و ممارس ...
- بصدد الثورة الثقافية : ملحق كتاب- مقتطفات من أقوال الرئيس ما ...
- الجزء الثاني من -مقتطفات من أقوال الرئيس ماو تسى تونغ--الماو ...
- ( مزيدا من فضح طبيعة - النموذج التركي - الرجعية ) - النساء و ...
- الجزء الأوّل من كتاب -مقتطفات من أقوال الرئيس ماو تسى تونغ- ...
- التنظير لسياسة - النسوية الإسلامية - شهرزاد موجاب


المزيد.....




- في ذكرى 20 و23 مارس: لا نفسٌ جديد للنضال التحرري إلا بانخراط ...
- برسي کردني خ??کي کوردستان و س?رکوتي نا??زاي?تيي?کانيان، ماي? ...
- صدور أسبوعية المناضل-ة عدد 28 مارس 2024
- تهنئة تنسيقيات التيار الديمقراطي العراقي في الخارج بالذكرى 9 ...
- الحرب على الاونروا لا تقل عدوانية عن حرب الابادة التي يتعرض ...
- محكمة تونسية تقضي بإعدام أشخاص أدينوا باغتيال شكري بلعيد
- القذافي يحول -العدم- إلى-جمال عبد الناصر-!
- شاهد: غرافيتي جريء يصوّر زعيم المعارضة الروسي أليكسي نافالني ...
- هل تلاحق لعنة كليجدار أوغلو حزب الشعب الجمهوري؟
- مقترح برلماني لإحياء فرنسا ذكرى مجزرة المتظاهرين الجزائريين ...


المزيد.....

- حول الجوهري والثانوي في دراسة الدين / مالك ابوعليا
- بيان الأممية الشيوعية الثورية / التيار الماركسي الأممي
- بمناسبة الذكرى المئوية لوفاة ف. آي. لينين (النص كاملا) / مرتضى العبيدي
- من خيمة النزوح ، حديث حول مفهوم الأخلاق وتطوره الفلسفي والتا ... / غازي الصوراني
- لينين، الشيوعية وتحرر النساء / ماري فريدريكسن
- تحديد اضطهادي: النيوليبرالية ومطالب الضحية / تشي-تشي شي
- مقالات بوب أفاكيان 2022 – الجزء الأوّل من كتاب : مقالات بوب ... / شادي الشماوي
- بصدد الفهم الماركسي للدين / مالك ابوعليا
- دفاعا عن بوب أفاكيان و الشيوعيّين الثوريّين / شادي الشماوي
- الولايات المتّحدة تستخدم الفيتو ضد قرار الأمم المتّحدة المطا ... / شادي الشماوي


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - شادي الشماوي - إيران : الحرب الإقتصادية ضدّ الشعب - إندلاع الأزمةِ و المقاومةِ .