أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - يعقوب بن افرات - سنتان للثورة السوريّة: “إمّا الأسد أو الخراب”، شعار يحقّق ذاته















المزيد.....

سنتان للثورة السوريّة: “إمّا الأسد أو الخراب”، شعار يحقّق ذاته


يعقوب بن افرات

الحوار المتمدن-العدد: 4031 - 2013 / 3 / 14 - 12:06
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


في 18 آذار 2011 بدأت المظاهرات الأولى في مدينة درعا، عاصمة منطقة حوران السوريّة، مطالبةً بوضع حدّ للفساد والقمع. كان ردّ النظام إطلاق الرصاص على جماهير المتظاهرين وقتل ثلاثة منهم. منذئذ انتشرت المظاهرات في أنحاء سوريا، بحيث يتظاهر كلّ لواء ضدّ المظالم التي يعاني منها السوريّون. منذ البداية نجح النظام السوريّ في التصريح بأنّ “المتظاهرين هم مجموعة من الإرهابيين الذين يمثّلون مصالح أجنبيّة”، ومنذ ذلك الحين حُسم مصير الثورة السوريّة. النظام لا يعترف بشعبه وبمشاكله وبحقّه في تقرير مصيره. الشعب السوريّ هو ملك للنظام السوريّ، ووظيفة الجيش السوريّ حماية النظام، ومن حقّ النظام أن يمنع أيّة انتقادان أو معارضة. تُدار سوريا وفقًا لقوانين الطوارئ التي لا حاجة له، بذريعة أنّ سوريا تتواجد في حرب طويلة مع إسرائيل من أجل تحرير الجولان المحتلّ، ولا بدّ من التصدّي للمؤامرة الصهيونيّة الإمبرياليّة التي تهدف إلى إسقاط النظام.

محاولة الشباب السوريّين تقليد الثوّار المصريّين والتونسيّين والحفاظ على طابع غير عنيف للمظاهرات، لم يثمر عن نتائج إيجابيّة. النظام السوريّ ليس كالنظامين المصريّ والتونسيّ. صحيح أنّ مصر وتونس كانتا دكتاتوريّتين، لكنّ جيشيهما حافظا على الحياد ورفضا قتل شعبيهما، أو تفجير قراهم ومدنهم بالطائرات والصواريخ بعيدة المدى. رغم معاناة الشعب السوريّ من مشاكل مشابهة لتلك التي في مصر وتونس، تعامل النظام السوريّ مع طموحات شعبه في التغيير على أنّها خيانة للوطن، واعتبر الشعب نفسه عدوًّا للدولة. في حربه ضدّ الشعب، كبّد الجيش السوريّ الشعب ثمنًا باهظًا بلغ أكثر من سبعين ألف قتيل ومليونَي لاجئ وهدم أكثر من مليونَي بيت. يستخدم النظام وسائل لم يتجرّأ على استخدامها أبدًا ضدّ إسرائيل؛ وكأنّ دم الشعب السوريّ أقلّ قيمة.

نشبت الثورة السوريّة بعد انهيار كلّ المؤسّسات السلطويّة. الاقتصاد والجهاز القضائيّ والتعليميّ والرفاه والصحّة، جميعها انهارت. منذ ورث بشّار والده، تمّت خصخصة الاقتصاد وتحوّلت الملكيّة العامّة إلى أبناء عائلة الأسد ومقرّبيهم. توقّفت الدولة عن خدمة المواطنين، وما تبقّى منها هو آلة قمع فاسدة حافظت على مصالح طبقة صغيرة من الأثرياء، تحيط بها طبقة وسطى تكوّنت حول الخدمات والتجارة المخصخصة. سائر الطبقات من العمّال والفلاّحين، فقدت كلّ أمل في العثور على عمل ومصدر رزق وسكن وتعليم وخدمات صحّيّة ومعلومات وحقوق. آلة القمع حظرت إسماع أيّ انتقادات أو فكر ذاتيّ خلال سنوات طويلة، ومن لم يتماثل مع النظام تمّت تصفيته.

غياب الحسم

في حين كان النظامان المصريّ والتونسيّ متعلّقين تمامًا بالولايات المتّحدة، استند النظام السوريّ على إيران وروسيا. في حين أدرك الأمريكان أنّ عهد حليفيهما مبارك وبن عليّ قد ولّى، قرّر الروس والإيرانيّون بالذات أن يحاولوا الإبقاء على نظام الأسد، حتّى ولو كانت نتيجة ذلك خراب سوريا. اتّخذ الأمريكان موقفًا متردّدًا من الثورة التي عبّرت عن تأييدها المتحفّظ لأسباب مختلفة ومستهجنة، أهمّها “انقسام” المعارضة السوريّة. موقف الولايات المتّحدة المتردّد مقابل موقف روسيا وإيران الصارم منح النظام فرصة ذبح أبناء شعبه. بدأ ذلك بإطلاق قذائف من الدبّابات في الأحياء السكنيّة، ومن ثمّ تفجيرات من الجوّ، وأخيرًا إطلاق صواريخ بالستيّة بعيدة المدى.

كانت النتيجة الحتميّة أن اضعاف المعارضة السوريّة مصداقيّتها في صفوف التنظيمات الثوريّة داخل سوريا، وفقد الشعب الأمل في أن ينقذه الغرب من المذابح المروّعة، والحلبة الثوريّة تهيمن عليها شعارات ذات طابع إسلاميّ تموّلها السعوديّة وقطر وتركيا. هذا الوضع يزيد بمدى أكبر من تحفّظ الغرب من تقديم مساعدات عسكريّة للثوّار. مع الوقت فقد النظام سيطرته على مناطق شاسعة في شرق سوريا وشمالها، وفي المناطق الباقية تدور معارك دون حسم واضح. في حين يمتنع الأمريكان عن تزويد أسلحة استراتيجيّة يمكنها أن تحسم المعركة مع النظام، يزوّد الروس والإيرانيّون كلّ الأسلحة اللازمة لمنع سقوط النظام.

بذلك توصّل الروس والأمريكان إلى اتّفاق يقضي بعدم وجود حلّ عسكريّ، وأنّ حلّ الصراع لا بدّ أن يكون عن طريق المفاوضات، التي ستؤدّي إلى إقامة حكومة انتقاليّة، تعدّ للانتخابات وتؤسّس نظامًا سوريًّا جديدًا.

عبّر النظام السوريّ بالطبع عن استعداده للتفاوض مع كلّ من يتخلّى عن سلاحه. الروس على استعداد للتفاوض مع المعارضة، والسؤال الذي بقي بلا إجابة هو مكانة ومصير بشّار الأسد نفسه. يصرّ الروس على أن يكون الأسد جزءًا من عمليّة التغيير، بينما يطالب الأمريكان بأن يتنحّى عن الحكم. هذا الجدل قائم منذ سنتين، وفي هذه الأثناء يواصل الأسد قتل وذبح أبناء شعبه.

أنشأ الأمريكان والقطريّون في مطلع السنة “الائتلاف الوطنيّ السوريّ” كممثّل للمعارضة، برئاسة الشيخ معاذ الخطيب، الذي عبّر عن استعداده للتفاوض مع النظام بشرط تنحّي الأسد. قوبلت تصريحات خطيب بتفجير حلب بصواريخ سكود، التي سبّبت دمارًا كبيرًا وراح ضحيّتها الكثير من السوريّين. في ردّ على ذلك، هدّد الخطيب بمقاطعة مؤتمر الدول الصديقة لسوريا في روما، احتجاجًا على لا مبالاة الغرب إزاء ما يحدث في سوريا وانعدام التأييد والدعم للثورة. لكن في نهاية الأمر، لبّى خطيب إلحاح نائب الرئيس الأمريكيّ جو بايدن ووزير الخارجيّة جون كيري، وشارك في المؤتمر. لكنّ مؤتمر روما كالمؤتمرات السابقة، لم يبشّر بأيّ تغيير في موقف الغرب فيما يتعلّق بمساعدات عسكريّة ملحوظة للجيش السوريّ الحرّ.

ما الذي تريده الولايات المتّحدة وإسرائيل؟

تُدار في إسرائيل حملة واسعة من المعلومات المضلّلة حول سوريا. يدّعي الخبراء الإسرائيليّون أنّ سوريا ليست دولة بتاتًا، وإنّما منطقة جغرافيّة تسكنها طوائف وشعوب إثنيّة مختلفة: سنّيون وشيعيّون وعلويّون ومسيحيّون وإسماعيليّون وأكراد وآشوريّون وأرمن وآخرون. وهذه الفئات تحارب بعضها البعض وستنقسم سوريا إلى دول إثنيّة مختلفة، في حين يُفترَض بالإسلام الجهاديّ أن يسيطر على مناطق واسعة وأن يشكّل تهديدًا لإسرائيل. وفقًا لهذه الصيغة تتحوّل سوريا إلى دولة كالصومال، وعلى الولايات المتّحدة وإسرائيل أن تعملا ما بوسعهما من أجل الإبقاء على النظام القائم، لكن بدون الأسد. صحيح أنّ الجيش السوريّ يذبح أبناء شعبه، لكنّه من وجهة نظر إسرائيليّة أثبت نفسه خلال أربعين سنة عندما حافظ على الهدوء في الحدود مع إسرائيل.

المهمّة الاستراتيجيّة للغرب هي الإبقاء على النظام (بدون الأسد)، من خلال استبدال حليفَيْه الاستراتيجيّين؛ روسيا وإيران، بإسرائيل والولايات المتّحدة. المعارضة السوريّة، التي ترتبط بالثورة الشعبيّة، لا تتمتّع بمصداقيّة كافية في نظر الأمريكان. ترغب الولايات المتّحدة بأن تحوّل المعارضة ولاءها من الشعب إلى الجيش وإلى المؤسّسة الحاكمة القائمة. بالطبع هناك بعض المشاكل، وعلى رأسها عدم استعداد الأسد للتخلّي عن الحكم، مع العلم أنّ الأمريكان ليسوا على استعداد ان يمدوا العون الكامل للمعارضة. وهكذا يتواصل نزيف الدماء في سوريا دون حسم.

لا يعتقد الأمريكان والإسرائيليّون أنّ شعوب المنطقة تستحقّ ما هو مفهوم ضمنًا بالنسبة لأمريكا وإسرائيل- الحقّ في تقرير المصير بطريقة ديمقراطيّة والحقّ في العمل وفي التعليم وفي الحصول على خدمات صحّيّة وفي السكن، والحقّ في منظومة قوانين تحمي المواطن وليس العائلة الحاكمة. لذلك لن تتحقّق تقديراتهم. الأنظمة العربيّة الفاسدة والمتعفّنة أصبحت طيّ الماضي، ومستقبل سوريا كسائر دول المنطقة، هو تأسيس نظام ديمقراطيّ يتمتّع بالقدرة على إدارة اقتصاد يخدم رفاهيّة الشعب.

النضال الدائر في سوريا ليس موجّهًا ضدّ هذه الطائفة أو تلك، وإنّما هو نضال ضدّ النظام، والشعب يطالب بالعدالة الاجتماعيّة والمساواة أمام القانون والحرّيّة والديمقراطيّة. التنوّع الإثنيّ لا يشكّل عائقًا بالضرورة، كما أنّ الفسيفساء الإثنيّة التي تركّب أوروبا الحديثة، لا تشكّل عائقًا أمام تبنّي نظام ديمقراطيّ.



#يعقوب_بن_افرات (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مصر لا تحتمل المقاطعة
- انتفاضة مع وقف التنفيذ
- الولايات المتّحدة تمهّد لاتّفاقيّة مثيلة لأوسلو في سورية
- مصر: طريق الآلام نحو الديمقراطيّة
- الانتخابات في اسرائيل
- لا قوميّة للرأسماليّين الكبار
- الثورة المصريّة على شفا الهاوية
- فلسطين دولة مراقب: إنذار للمجتمع الإسرائيليّ
- إنجاز حماس يعمّق الانقسام الفلسطينيّ
- القاسم المشترك بين نتنياهو وهنيّة
- أوباما: فوز لا يحمل أيّة بشرى
- الصيف الفلسطيني
- الفيلم المسيء للإسلام
- الثالوث غير المقدّس: براك - نتنياهو - موفاز
- يعقوب بن افرات الأمين العام لحزب دعم العمالي - اسرائيل في حو ...
- الشعب السوري ضحيّة الحرب الباردة
- اتفاق الدوحة بلا أفق
- شباب مصر يضيعون ثورتهم
- مصر: بين المأساة والمهزلة
- ماذا يريد ابو مازن بالضبط؟


المزيد.....




- الفصائل الفلسطينية بغزة تحذر من انفجار المنطقة إذا ما اجتاح ...
- تحت حراسة مشددة.. بن غفير يغادر الكنيس الكبير فى القدس وسط ه ...
- الذكرى الخمسون لثورة القرنفل في البرتغال
- حلم الديمقراطية وحلم الاشتراكية!
- استطلاع: صعود اليمين المتطرف والشعبوية يهددان مستقبل أوروبا ...
- الديمقراطية تختتم أعمال مؤتمرها الوطني العام الثامن وتعلن رؤ ...
- بيان هام صادر عن الفصائل الفلسطينية
- صواريخ إيران تكشف مسرحيات الأنظمة العربية
- انتصار جزئي لعمال الطرق والكباري
- باي باي كهربا.. ساعات الفقدان في الجمهورية الجديدة والمقامة ...


المزيد.....

- مساهمة في تقييم التجربة الاشتراكية السوفياتية (حوصلة كتاب صا ... / جيلاني الهمامي
- كراسات شيوعية:الفاشية منذ النشأة إلى تأسيس النظام (الذراع ال ... / عبدالرؤوف بطيخ
- lمواجهة الشيوعيّين الحقيقيّين عالميّا الإنقلاب التحريفي و إع ... / شادي الشماوي
- حول الجوهري والثانوي في دراسة الدين / مالك ابوعليا
- بيان الأممية الشيوعية الثورية / التيار الماركسي الأممي
- بمناسبة الذكرى المئوية لوفاة ف. آي. لينين (النص كاملا) / مرتضى العبيدي
- من خيمة النزوح ، حديث حول مفهوم الأخلاق وتطوره الفلسفي والتا ... / غازي الصوراني
- لينين، الشيوعية وتحرر النساء / ماري فريدريكسن
- تحديد اضطهادي: النيوليبرالية ومطالب الضحية / تشي-تشي شي
- مقالات بوب أفاكيان 2022 – الجزء الأوّل من كتاب : مقالات بوب ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - يعقوب بن افرات - سنتان للثورة السوريّة: “إمّا الأسد أو الخراب”، شعار يحقّق ذاته