أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - جوري الخيام - مذكرات أنثى في مدينة الرجال 1.0















المزيد.....

مذكرات أنثى في مدينة الرجال 1.0


جوري الخيام

الحوار المتمدن-العدد: 4030 - 2013 / 3 / 13 - 22:19
المحور: سيرة ذاتية
    


رن جرس الباب باكرا هذا الصباح و رأيت وجها اعرفه و لا أعرفه خليط رجل أحبه و آخر أكرهه... احتاجه كل يوم ولا احتاجه بالمرة يحمل لي قهوة فرنسية النكهة تمتزج رائحتها بعطره الرجولي الناعم الفريد من نوعه, تقادفتني مشاعره الدافئة و جمدني برود كل شئ آخر’ لثوان دامت طويلا.... تجاهلته خلال الأيام الأخيرة لم أتوقع زيارته لأني أخبرته بأني مسافرة ... رميت ابتسامة مختصرة في إتجاه و استقبلت قبلته بخدي رغم أنها قصدت شفاهي أخدت قهوتي منه شاكرة إياه ووضعتها في المطبخ واختفيت في الحمام !

لم يكن مزاجي عاليا ذاك الصباح , تركت الماء الساخن جدا يدلك جسدي ويغسله من هالات أرق الليلة الفائتة ...خرجت في مزاج أحسن قليلا لم أزين وجهي واكتفيت بتورد خدودي من حرار الماء والبخار ,سرحت شعري بمجهود لا يحسب ...كان قلبي مقبوضا منذ أيام وأفكاري لم تعد تجمع إلا على الورق ...لبست ملابسي في عجالة و خرجت لم أنظر إليه وقفت في المطبخ على بعد أمتار منه وسمعته يقول لملأ الفراغ المزعج وليخرجني من أفكاري الممنوعة عليه...

"هل نمت جيدا؟تبدين مجهدة "
"نمت على الساعة الرابعة صباحا!"
نظرت إلى ساعتي و كانت تشير إلى الثامنة وعشرين دقيقة ,رفعت حاجبي الأيسر ...زممت شفتاي... ههزت رأسي ودمدمت دون أن أن أهتم إذا كان يسمعني
"شكرا لإيقاظي بعدأربع ساعات!"
"متى عدت من فرساي؟"
"مساء أمس!" كان يجب أن أغير الموضوع لكي لا أغرق في الكذب أكثر "هل تريد أن أحضر لك "توست" أو فنجان قهوة آخر؟"
"نعم فنجان آخر سيسعدني من فضلك"

سكبت القهوة التي أحضرها في فنجاني المفضل ,سخنت قليلا من الحليب وأضفته إليها ,كنت أتحرك ببطيء شديد وكأني أريد أن أضيع ما أستطيع من الوقت قبل أن أجلس إلى جانبه , لكنه ترك مكانه وجاء ليقف إلى جواري في المطبخ بينما كنت أحضر قهوته, أشعل سيجارة وأعطاني إياها أخذ فنجاني ووضعه فوق الطاولة أطفئ الكمبيوتر و وضعه بعيدا وعاد ليمسك يدي ويدفعني للجلوس فوق الصوفا ... احتسيت قهوتي وادعيت الانشغال بقراءة الجريدة وتدخين السيجارة بينما هو ينهي تحضير قهوته...
لم أستطع منع نفسي من تذكيره أن الوقت مبكر جدا لا أرحب فيه بالزيارات الرومانسية!

" أليس الوقت مبكرا شيئا ما؟"
"كلمتك كثيرا طيلة الأسبوع لم تردي ...فقلقت"
"لاداعي للقلق أنا راشدة"

عاد ليجلس إلى جانبي , فوضعت الجريدة جانبا و التهيت بالبحث عن شئ يستحق المشاهدة أو لايستحق في التلفاز ... أحسست بضيقه من سكوتي ومن أجوبتي المقتضبة ...أزعجني مجيئه المباغث في ذلك الوقت المبكر ,أزعجني أن يفرض نفسه على خصوصيتي لكن الموقف كان حساسا لم أرى داعيا للتوقف عند ذلك ...
لفظت انفاس سيجارتي الأخيرة وتكلمت دون أن أنظر إليه...
"أريد أن أنفرد بنفسي لبعض الوقت !"

أخرج سلسلتين تحمل كل واحدة مفتاحين ,مد لي إحداهما لكني لم آخدها...اصفر وجهه وقال بصوت متردد :

" الآن تقولين ذلك بعد ثلاث سنوات من المعاناة؟الشقة جاهزة !"
"ليس الآن أرجوك!صباح الخير"
" ظننتك ستموتين مثلي من الفرح!"
"أنا مسرورة لأجلك جدا! لكن فرحتي العارمة قتلها الإنتظار"
"لأجلنا! ألن تأتي؟"
لم أجبه, و ظللت أحملق في فنجان قهوتي
لم تعد مشكلتنا هي السكن ! فقدت عملك منذ سبعة أشهر ولازلت عاطلا!
"ستتعدل الظروف المشاكل لاتدوم إلى الأبد هكذا هي فرنسا تعرفين أني دائما أتصرف ولاأعجز عن تحصيل المال"
لم أطمئنمع أنه لا يتكلم الإنجليزية إلا أنني قلت له وكاني أحدث نفسي:
« We’ ll see my friend »

توقفت عن النقاش لأني لم أعد أحس أنه سيكون ذا فائدة في تلك اللحظة ... كيف أخبره أن وجوده عندي فقد قيمته ؟كيف أخبره أني لم أعد أرى في خضرة عيونه سوى لونا كباقي الألوان؟ كيف أعلمه أن يساني كما نسيته وهو أمامي كل يوم؟كيف أخبره أني لم أعد أشتهي تقبيله وأن شفاهي تكذب منذ شهور وتصطنع الدفئ حين ترميه بقبلات جافة مقتضبة تكاد تسأله " متى ستفهم؟ متى سترحل؟" كيف أخبر رجلا بكل بساطة أني لم أعد أحبه؟ ...

تخونني شجاعتي في كل مرة يجلس أمامي يخفي ضعفه وهو يحكي لي عن صعوبة يومه الذي ضاع بين البحث عن شقة أو عمل آخر والوقوف في صف طويل لطلب مساعدات الدولة ...تخونني الكلمات حين يفتح جروحه الكثيرة أمامي فلا أجد بدا إلا أن أساعده في أن يداويها كما حاول هو أن يساعدني في تضميد جراحي فيما قبل ورغم أنه لم ينجح إلا أني أحس أني مدينة له بالكثير وكان يعرف ذلك وكان يراوغ مشاعري المتضاربة بحكايات, من طفولته المضطربة , تؤلمني وتعجز لساني كحكاية اغتصابه وإقامته في الملجأ لشهور قبل أن يعرف والده بذلك ويرجع وإياه إلى البيت !

إختبئت وراء دخان سجارتي و غبت عنه في ذاكرتي . عدت إلى أول يوم قابلته ...كنت أجلس خلف مكتبي ودخل هو ليسأل زميلتي ميلاني التي تشاركني ومكتبها الحجرة الصغيرة عن صديقه سليم عشيقها وزوج أسمى , صاحبة مكتب الترجمة الذي كنا نعمل فيه في ذاك الحي الكريه من باريس ,والتي كانت تصاحب شرطيا فرنسيا في إطار معاهدة الجنس مقابل الهدايا الفخمة جدا والمال في المناسبات والطوارئ الحقيقية والمفتعلة ... كان عشق سليم لميلاني لا يغادر مرحاض المكتب وموعده محدد جدا عشرون دقيقة قبل وصول الموظفين وأقصد بذلك نفسي لأننا بألإضافة إلى سليم الذي يتغيب كل الوقت كنا نعتبر المسؤولتان عن كل شئ لأن أسمى كانت تقضي وقتها تبحث عن خطيبها من حانة إلى حانة في الحي, حيث ولدت وشبت, مستغلة الفرصة لتروي عطشها بالويسكي إلى أن تعثر على واحد من رجالها لتبدأ معه السهرة فإذا لم تبالغ في الشرب أكملا السهرة في بيتها وإذا أكثرت من "جوني والكر" إنتهى الأمربصاحب الحانة بطرد الرجل والإتصال بتاكسي ليأخدها إلى حيث تريد ...

ما كنت أتعجب له هو أن ميلاني كانت فعلا تصدق أن سليم قريبا سيفي بوعده يترك دجاجته العربية التي يُسعِد بها والديه و "بنت بلادو" التي تبيض له المال كما يصفها لنا لأجل فرنسية تحاول أن تخرج نفسها وابنتها من الأزمة هو الذي يحب العيش المجاني و لا يحترم الفرنسيات لسهولتهن على حد قوله!

أما هو فقدم لي نفسه قبل أن يغادر المكتب
"أنا يانيس ...يان للأصدقاء" عندما قال إسمه قلت أنه لابد أنه قبائلي من الجزائر ابتسم و قبل يدي وضغط عليها بلطف ثم ورحل ...غيرت رأيي حين سألتني ميلاني إذا كان ابن بلدي قد أعجبني...نظرت إليها عاقدة حاجباي لأني ظننت أن الموضوع يحتاج إلى توضيح ...

"لقد رآك منذ أيام تكلمين أسمى ولم يتوقف عن السؤال عنك...أحس بالغيرة منك و بالجوع حينما أنظر إلى شفاهه الوردية آآآه لو كنت مكانك لأكلته " عضت شفتها السفلى وصففت شعرها فقلدتها في ذلك ساخرة من حماسها لشئ لم يحدث...رميت علبة سجائري في اتجاهها وقلت ضاحكة:
"خذي استراحة من الكلام الفارغ... دخني سيجارة وعودي إلى العمل!"
"فكرة!"أخدت السجائرو رقصت حول مكتبي وقالت "أعيريني إياه مرة في الأسبوع لنبقى صديقتين!"

سحبتني من يدي... فتحت النافذة وأشارت إليه وهو يبتعد فوق دراجته النارية... ابتسمت دون أن أتكلم وادعيت أني لا أبحث عن رجل في تلك الأيام لكي لا تخبره باهتمامي ...كانت ميلاني مغرمة بجانب الهيمنة في شخصية الرجل العربي وقد سمح لها موقع مكتبنا الإستراتيجي في المقاطعة 18 بأن تتلقي بالكثير من العرب ومن معاشرتهم ...إلا أنها تابت بعد أن تزوجت من أحدهم وعاشت سجنا معنوي بسبب حمى التدين التي أصابته بعد شهور من الزواج مما جعله يفرض عليها الحجاب وترك العمل وأشياء أخرى لا يطلبها سوى المسلمون المتشددون من زوجاتهم...

عدت خلف مكتبي لأواصل عملي أو حاولت لكني عجزت في الحقيقة عن التركيز بعد ذلك .....وبقيت عاجزة عن التفكير إلى أن قررت أن أقبل دعوته إلى العشاء بعد تردد طويل ......!

كان يقبل يدي بين الحين و الآخر طوال السهرة و أتذكر أنه قال لي بعد أن انتهى أول موعد أمام بيتي دون قُبَل:
"أنا لم أكن سعيد مثل اليوم.... أتمنى أن أسعدك وأن أبقى سعيدا معك حتى النهاية!" لم يكن شيئا يقال في أول موعد... لكن صدقه لمسني كما لم يلمسني أحد من قبل ...
لم يرجع أبدا في قوله رغم أنه فشل في إسعادي إلا أن حضوري لازال يفرحه ويسعده إلى حد الإزعاج لأن ولاءه واحتياجه لي تحولا إلى قيد أعجز اليوم عن التحرر منه!


"لما لاتأتي معي لأشتري مستلزمات البيت ؟"

أرجعني صوته إلى أرض الواقع و تعجبت لبرودي اتجاه الإقتراح , تعجبت لاستنفاري من أن يجمعني وإياه ليل واحد وفراش واحد مرة أخرى حاولت أن أتذكر لحظة نشوة واحدة عشتها في أحضانه لكن ذاكرتي لم تحفظ له عهدا ,كل ما كان يعود إلي من سنينا الثلاثة معا هو سرعته في ممارسة العشق كسرعته في المشي و في الأكل و في كل شي آخر.. تساءلت إذا كان يدعي أنه لم يفهم شيئا كل هذا الوقت أم فعلا لم يحس بالتغير الجدري في تصرفاتي ...صحيح أن الحب أعمى!

تعود كلمات شقيقتي ترن في رأسي وهي تقنعني بما أنا مقتنعة به منذ فترة ...
"كلما تأخرت في مصارحته كلما صار الموضوع صعبا عليك وعليه.....لا أحد يتزوج ردا للجميل! "

حاولت أن أعبر له عما ما يختلجني من حيرة وارتباك واستنفار,أردت أن أخبره أني ابتعدت كثيرا دون أن ينتبه لذلك ...لكن لساني العاق أبى أن يتكلم بصدق هذه المرة أيضا, أبى أن يخبره أني أدخلته غرفة "لاشئ غير الصداقة" وأنه أضاع الطريق إلى قلبى وأني لا أريده أن يعود وحتى إذا وجد الطريق وعاد فمفتاحه لن يفتح شيئا سوى باب الخروج !

أحسست خيبة عارمة اتجاه نفسي حين سمعتها تقول له بإحباط:
"مع كل هذا الثلج المتراكم في الطرقات لا أظن أني أريد أن أخرج اليوم!"

يتبع إن شاء القلم




#جوري_الخيام (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من يوميات نهد لا يحتفل ...
- مذكرات أنثى في مدينة الرجال...
- حلاوة روح...
- بلاستِك ...
- ما لم يقال في شهر حزيران!
- لادوس
- أندرينا
- إسئلوا العرب عن عيد الحب !
- رصاصتي الخائنة
- اميرة يناير
- الرقص فوق ظلال الحضور
- وللحرية في بلادنا ما لك يا زانية!
- غدا ألقاك...
- شقفة من روحي أنادي...
- أبغض البنات عند أبي (المطلقات)
- نفسي الأمَارة بالهوى...
- كيميستري...
- حتى نلتقي ...
- إدمان من نوع آخر
- جماعة مرسي وصلاحيات الكرسي!


المزيد.....




- الشرطة الأسترالية تعتقل صبيا طعن أسقفا وكاهنا بسكين داخل كني ...
- السفارة الروسية: نأخذ في الاعتبار خطر ضربة إسرائيلية جوابية ...
- رئيس الوزراء الأوكراني الأسبق: زيلينسكي ضمن طرق إجلائه من أو ...
- شاهد.. فيديو لمصري في الكويت يثير جدلا واسعا والأمن يتخذ قرا ...
- الشرطة الأسترالية تعتبر جريمة طعن الأسقف في كنيسة سيدني -عمل ...
- الشرطة الأسترالية تعلن طعن الأسقف الآشوري -عملا إرهابيا-
- رئيس أركان الجيش الإسرائيلي يقول إنّ بلاده سترد على الهجوم ا ...
- زيلينسكي لحلفائه الغربيين: لماذا لا تدافعون عن أوكرانيا كما ...
- اشتباكات بريف حلب بين فصائل مسلحة وإحدى العشائر (فيديوهات)
- قافلة من 75 شاحنة.. الأردن يرسل مساعدات إنسانية جديدة إلى غز ...


المزيد.....

- سيرة القيد والقلم / نبهان خريشة
- سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن / خطاب عمران الضامن
- على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم / سعيد العليمى
- الجاسوسية بنكهة مغربية / جدو جبريل
- رواية سيدي قنصل بابل / نبيل نوري لگزار موحان
- الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة / أيمن زهري
- يوميات الحرب والحب والخوف / حسين علي الحمداني
- ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية / جورج كتن
- بصراحة.. لا غير.. / وديع العبيدي
- تروبادورالثورة الدائمة بشير السباعى - تشماويون وتروتسكيون / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - جوري الخيام - مذكرات أنثى في مدينة الرجال 1.0