أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - خالد قنوت - الثورة السورية أسباب و مقارنات 2















المزيد.....

الثورة السورية أسباب و مقارنات 2


خالد قنوت

الحوار المتمدن-العدد: 4030 - 2013 / 3 / 13 - 12:18
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


في بداية سنة 2011, لم يكن لأشد المتفائلين أن يتوقع قيامة الشعب السوري في الربيع القادم لكن هناك و تحت الرماد كانت جمرات الثورة مكتملة التوقد و أي مراقب عادي للوضع السوري كان يدرك أن بركاناً ما سينفجر و سيكون عاصفاً و قوياً, ليس على سورية و حسب و لكن على المشرق بمجمله. كثيراً ما تناول المواطن السوري مقولة (البلد على كف عفريت) ففطرته الطبيعية كانت تستنكر مملكة الصمت السورية التي أسس لها رئيسها السابق حافظ الأسد بعد مجازر حماة تحديداً, و لكنه يدرك أن انهيار نظام أمني بامتياز لن يكون سهلاً و سريعاً و سلمياً بالطبع.
قد يكون من أفضل الدراسات التحليلية هو اللجوء للدراسات المقارنة بين تاريخين زمنيين محددين أو أكثر و رسم خطوط بيانية للأرقام و الاحصائيات المتوفرة. من ثمة الانتقال للاستنتاج العلمي و المنطقي و هذا ينطبق على عدة مجالات أساسية في مجتمع ما:
الحالة الاقتصادية السورية بين عام 1963 و حتى 2011, مروراً بعام 1970:
يعرف الاقتصاديون الاقتصاد السوري بأنه اقتصاد نامي متنوع, يعتمد بشكل أساسي على الزراعة إلى جانب الصناعة و التجارة و السياحة و النفط و الغاز, و اشتهرت سورية منذ زمن بعيد كبلد يعتمد على الزراعة أولاً كأهم رافد اقتصادي حيث العديد من المحاصيل الزراعية مما ارتبط ذلك مع صناعات غذائية مرافقة, وعلى الصناعة ثانياً التي كان لها قاعدة صناعية عريقة داعمة للاقتصاد الوطني في مدن كدمشق و حلب و حمص, فكانت الصناعات النسيجية تضاهي بالنوعية الأفضل عالمياً حتى سبعينات القرن الماضي.
في المرحلة ما قبل سنة 1963 تعاقبت حكومات متعددة إقطاعية و برجوازية, حيث كان عدم الاستقرار السياسي يؤثر سلباً على النمو الاقتصادي الوطني و لكن كان سعر صرف الليرة السورية يعادل تقريباً الدولار الأمريكي.
بعد استلام حزب البعث للسلطة في سورية سنة 1963 بدأت التوجهات الاشتراكية للدولة من خلال الـتأميم و الاصلاح الزراعي و التوجه نحو دعم القطاع العام على حساب القطاع الخاص فكان نتيجته متباينة بين قيام مشاريع صناعات و عمليات تصنيع كبيرة كمشروع سد الفرات و مصفاة حمص و معمل الجرارت الزراعية بحلب و معمل حديد حماة و غيرها و لكن بالمقابل كانت العفوية و التخبط و انعدام التخطيط الاستراتيجي سمة واضحة, إضافة لهجرة رؤوس الأموال الوطنية خارج الوطن و الصراعات داخل القيادة السياسية و العسكرية الحاكمة كل ذلك أثر على النشاط الاقتصادي تأثيراً سلبياً.
سنة 1970 استلم السلطة الرئيس حافظ الأسد حيث عرف الاقتصاد الوطني انفراجاً إيجابياً بفعل الانفتاح السياسي على الدول العربية و الخليجية خاصة و اعتماد بعض الاصلاحات تجسدت بتحقيق نهضة تنموية لنقل البلاد من بلد زراعي إلى بلد صناعي بإنشاء مؤسسات تابعة للقطاع العام تلعب فيه الدولة دوراً أساسياً حيث تم متابعة بناء مشاريع البنى التحتية من طرقات و جسور و سكك حديدية و شبكات مياه و كهرباء.
إرتفع إجمالي الناتج المحلي من 6.8 مليار ليرة سورية (136 مليون دولار) عام 1970 إلى 51.2 مليار ليرة سورية (1.024 مليار دولار) عام 1980ثم إلى 127.7 مليار ليرة سورية (2.554 مليار دولار) عام 1987 أي بمعدل نمو سنوي 8.5%. بلغت حصة الفرد من الناتج المحلي الاجمالي 1087 ل.س سنة 1970 لترتفع إلى 11643 ل.س سنة 1987 و كان معدل البطالة 4% في نفس السنة.
غير أن هذه النتائج الايجابية في الاقتصاد السوري تراجعت بشكل ملموس بعد عام 1987 كنتيجة واضحة للتفرد في القرار السياسي و الاقتصادي السوري, حيث انخفضت قيمة الليرة السورية بحوالي 12 ضعفاً رغم كل المراسيم و القوانين الاقتصادية الاعتباطية التي صدرت آنذاك. حيث مارس النظام السياسي في سوريا دورا أحال فيها كل قضايا المجتمع والدولة بما فيها الاقتصاد للسياسة ,فلم يأخذ علم الاقتصاد ونظرياته أي دور يذكر في تشخيص الواقع و إيجاد الحلول للمسائل المركبة التي كان يعاني منها الاقتصاد إلا فيما يخدم ديمومة النظام وأهدافه.
في دراسة للدكتور رفعت عامر يقول, (كان التأزم في الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية في السنوات الأخيرة بادياً للعيان، فمعدلات النمو الاقتصادي ضعيفة نسبياً وغير مستقرة، كما أنها غير متناسبة مع معدلات النمو السكاني الكبيرة نسبيا، وتركز النمو في السنوات الأخيرة في قطاعات التجارة والمال والعقارات والخدمات، في حين عانت الزراعة من تراجع مستمر، وكان النمو في الصناعة والتعدين ضعيفا جدا نتيجة التراجع في إنتاج النفط ونضوب عدد من الآبار، وفا قمت السياسات الاقتصادية الليبرالية من أزمة قطاعات الإنتاج، والمشكلات الاجتماعية المرتبطة بالبطالة والفقر ومستويات المعيشة بشكل عام. بلغ وسطي معدل النمو السنوي للناتج المحلي خلال السنوات ( 2005- 2009) ( حسب المجموعة الإحصائية لعام 2010) نحو 5.6%، وهو للوهلة الأولى معدل مقبول نسبيا، ولكن عدم انتظامه وتفاوته الكبير بين عام وآخر 6.5% عام 2006 مقارنة بعام 2005 و1.2% عام 2008 و 3.2% عام 2009 مقارنة بعام 2008، يوضح أن النمو قد كان هشاً وغير مستدام، وقد استند إلى التوسع الكبير الذي تم في قطاع المصارف والتأمين (وسطي معدل نمو سنوي لهذا القطاع يقارب 9% ولقطاع التجارة بما يقارب 15% )، في الوقت الذي لم تزد فيه معدلات نمو الصناعة عن 1.7% سنويا، بل إن الزراعة كانت تتراجع بمعدل وسطي يقارب 0.5% سنويا، لقد كانت هذه النتائج منسجمة مع السياسات المتبعة فانسحاب الدولة من الاستثمار في قطاعات الإنتاج، وعدم حل مشكلات القطاع العام الصناعي وإصلاحه، وترك شأن الاستثمار الإنتاجي للقطاع الخاص الأجنبي والمحلي).
و يضيف:( لم تكن الأزمة في سورية مفاجئة وبنت الساعة، فهي كانت متصاعدة وأعطت العديد من المؤشرات الواضحة منذ بداية الألفية الجديدة، زيادة معدلات البطالة والفقر، فالزيادات السكانية الكبيرة خلال العقود الماضية ( معدل نمو سكاني يزيد عن 3.3% سنويا حتى أواسط التسعينات من القرن الماضي)، وبدء تراجع تلك المعدلات منذ ذلك التاريخ وحتى 2010، قد أدى إلى تغيرات ديموغرافية هامة أصبح بموجبها، نسبة الأطفال دون الخامسة عشرة من العمر37.9% من السكان عام 2009، بعد أن كانت نسبتهم 44.8% من السكان عام 1998 ، وهو تراجع كبير نسبيا خلال ما يزيد عن العقد من الزمن، وأصبحت نسبة السكان في القوة البشرية ( 15- 65 عاما) تشكل 58.3% من السكان ذلك العام عوضا عن 52.3% من السكان عام 1998. ترافقت تلك التحولات بتحسن المستوى التعليمي وخاصة لدى الفئات العمرية 15-25 عاما، بلغ وسطي الزيادات السكانية في التسعينات من القرن الماضي 467 ألف نسمة سنويا، بدأ يدخل معظمهم أواخر العقد الحالي في عداد القوة البشرية المرشحة لسوق العمل، ولكن معدل النمو الاقتصادي والتوسع في قوة العمل يعجز عن استيعاب هذه الأعداد، توجه قسم كبير منهم إلى القطاع غير المنظم، وقسم آخر أصبح عاطلا عن العمل ( مسح سوق العمل يقدر البطالة ب-8.5% عام 2010، والتقديرات بحسابات أخرى تتجاوز 14%)، وحسب معطيات المكتب المركزي للإحصاء غادر أكثر من 900 ألف سوري من الذكور والإناث البلاد خلال السنوات الخمس الماضية ولم يعودوا، وبتقدير وسطي سنوي 200 ألف مهاجر سنويا. بدأت تبرز منذ بداية القرن الجديد أزمة تنموية حادة: مجتمع يتطور باتجاه النضج الديموغرافي، مجتمع أكثر تعليما ومعرفة، وبنى مؤسسية وإنتاجية راكدة ومتخلفة، تدار بعقلية العصابة ( تحت شعار الحزب القائد)، أي بمعنى الإقصاء والاستبعاد أو الاستزلام والتبعية، الأمر الذي فاقم من ظاهرة الفساد والظلم، الذي أصبح غير محتمل من قبل الأجيال الجديدة المتفتحة على عالم الفضائيات والأنترنت، والتي امتلكت وعيا بحقوقها استثار ما يختزنه المجتمع من شعور بالقهر والاضطهاد).

الحالة السياسة السورية بين عام 1963 و حتى 2011, مروراً بعام 1970:
تعرف الفترة الممتدة بين 1932 إلى 1963 بالجمهورية السورية الأولى, تتخللها فترة الانتداب الفرنسي وسلخ لواء اسكندرون سنة 1939, و الاستقلال عام 1946 و فترة الجمهورية العربية المتحدة مروراً بعدة انقلابات عسكرية و الحكومات العسكرية.
عرفت سورية انتخابات ديمقراطية قبل عام 1963 عدة, كانتخابات عام 1943 و تشرين الثاني 1949, و أيلول 1954, و أيار 1957 و كانون الأول 1961, حيث كانت الأحزاب السياسية تتنافس على مقاعد المجلس النيابي ليفوز حزب الأكثرية برئاسة السلطة التنفيذية للبلاد في حكم جمهوري برلماني وضع دستوران الأول دستور 1930 و الثاني دستور 1950. الأحزاب السياسية تتدرج حسب قوتها الانتخابية بالتتالي: حزبي الكتلة الوطنية المنقسمين و هما حزب الشعب و الحزب الوطني, ثم حزب البعث العربي الاشتراكي الذي حقق المركز الثاني في انتخابات 1954, تليها بعض الأحزاب الصغيرة كحزب الإخوان المسلمين الذي حصل على نسبة 5% في انتخابات 1961 و أيضاً الحزب القومي السوري الاجتماعي و الحزب الشيوعي و التحرر العربي و حزب التعاون, إلى جانب حركات شبابية مثل حركة القمصان البيض.
إثر انقلاب 1963 استلم حزب البعث السلطة في سورية معلناً حالة الطوارئ التي استمرت حتى 2011, و تم وقف العمل بالدستور, أعيد حافظ الأسد إلى الخدمة العسكرية (بعد أن سرح منها عام 1961) من قبل صديقه في اللجنة العسكرية رئيس شؤون الضباط المقدم صلاح جديد و رقي من رتبة رائد إلى رتبة لواء و عين قائداً للقوى الجوية و الدفاع الجوي.
استلم رئاسة الجمهورية أمين الحافظ ثم أنقلبت عليه اللجنة العسكرية بقيادة صلاح جديد سنة 1966 و عين حافظ الأسد وزيراً للدفاع بينما استلم صلاح جديد قيادة الحزب.
إثر هزيمة حزيران 1967 و تبادل الاتهامات في أسبابها, استولى حافظ الأسد على السلطة بانقلاب 1970 و أقر دستور 13 آذار 1973 الذي جعل حزب البعث الحزب القائد للدولة و المجتمع و منح رئيس الجمهورية سلطات واسعة, تشريعية و تنفيذية و قضائية. يشكل حزب البعث و بعض الأحزاب الموالية (سبعة أحزاب, يشكل حزب البعث نسبة 51%) تآلفاً يسمى الجبهة الوطنية التقدمية تحتكر ثلثي مقاعد مجلس الشعب.
أسس حافظ الأسد سلطته على هيكيلية عسكرية و أمنية صلبة, معتمداً على عدد من الشخصيات الموثوقة و المقربة منه و تدين له بالولاء المطلق, محولاً الدولة بالتدريج إلى دولة أمنية مخابراتية بامتياز, خاصة بعد اجتيازه و قضائه على أكبر تمرد مسلح قام به حزب الإخوان المسلمون. بذلك منحته الأحداث الفرصة التاريخية للقضاء على معظم خصومه السياسيين و هجرة حزب الإخوان بعيداً عن الوطن و الأخطر كان تدجين السياسيين الباقيين منهم لا بل تم تدجين المجتمع السوري ككل و محولاً سورية إلى مملكة الصمت لأكثر من ثلاثين سنة رسخ بها الأسد حكمه و سطوته.
كانت زيارته لكوريا الشمالية الأثر الكبير في نقل شكل نظامها السياسي و الأمني و حتى العائلي لسورية, وكان التحضير لتولي ابنه باسل لوراثة السلطة واضحاً للعالم و ليس للسوريين فحسب.
بعد مقتل ابنه بحادث سيارة, انتقلت الأنظار إلى أخيه بشار بغض النظر عن الإمكانيات المعرفية و الشخصية له. كانت وفاة حافظ الأسد غير المتوقعة, حالة صدمة سياسية للجميع, لكن كانت سطوة الأب الراحل أكبر من أي طموح لأي من رجال الدولة السورية المخصيين, فسارعوا لترقية الشاب عسكرياً و تنصيبه رئيساً خلال جلسة برلمانية كاريكاتورية.
سرعان ما شعر السوريون بالمهانة و الذل لتولي الشاب زمام سلطات مطلقة و ظهور تخبطاته في اتخاذ القرارات و سطحية تعامله مع أحداث خطيرة داخل سورية و خارجها و لكن خشيتهم من تغول الأجهزة الأمنية و تلويحها بمجازر الثمانينيات و ظروف الدول المحيطة و خاصة العراق و لبنان جعل الجميع يضع الملح على الجرح و يتقبل فكرة الشاب المنفتح المثقف و وعوده بالاصلاحات التي تحولت من ربيع إلى شتاء باعتقالات عدد من الشخصيات المعارضة التي لم ترفع سقف مطالبها عن الاصلاحات ذاتها.
أقفلت آفاق الحياة السياسية السورية و انعزل السياسيين في بيوتهم بينما هاجر العديد منهم إلى أصقاع العالم.

الحالة الاجتماعية السورية بين عام 1963 و حتى 2011:
كان عدد سكان سورية عام 1963 يبلغ سبعة ملايين أصبح هذا العدد عند وفاة حافظ الأسد عام 2000, سبعة عشر مليون كانت للزيادة السكانية الملحوظة خلال العشر السنوات التي تلت الثمانينيات (أي بعد مجازر حماة و انحسار المواطن السوري إلى الانعزال) الأثر الأكبر في الثورة السورية الحالية.
يشكل العرب نسبة 93% من مجموع السكان السوريون و يليهم الأكراد و هناك أقليات أرمنية و شركسية و تركمانية و آشورية.
نسبة المسلمين السنة تبلغ 77%, و 10% علويون و مرشديون, 3% دروز, 1% اسماعيليون, 4.5% مسيحيون, 0.4% شيعيون و أقلية يزيدية في جبل سنجار.
يتوزع سكان سورية في غرب البلاد في دمشق و حلب و حمص و حماة و اللاذقية و طرطوس و إدلب عموماً و في الجنوب درعا و السويداء و القنيطرة ثم في شرق البلاد في دير الزور و الرقة و الحسكة.
ساهمت عوامل كثيرة في زيادة الكثافة السكانية في المدن الكبيرة كدمشق و حلب, منها سياسات اقتصادية غير متوازنة, مركزية العمل الاقتصادي و السياسي و الثقافي في تلك المدن, الانحسار الواضح في السنوات الأخيرة للنشاط الزراعي بسبب الاهمال و الفساد و الجفاف, إضافة لسياسة ديموغرافية انتهجها النظام لخلق محميات طائفية تكون وقود صراعه مع تمردات محتملة في مدن مركزية أساسية, انعكس ذلك سلباً على التوازن الاجتماعي و تساوي الفرص في وظائف الدولة و مؤسساتها و أهمها المؤسسة العسكرية و الأمنية.
يقول الراحل إلياس مرقص في مذكراته: (لقد كان السوري, خلال الستينات و السبعينات, يمضي إجازته الصيفية في دول أوربة بكل بساطة و بدون تكلف مالي كبير له, بينما كان العراقي يقضي إجازته الصيفية في الساحل السوري, يدل ذلك على انفتاح السوري ببساطة على العالم و تفاعله معه وتأثره و تأثيره به مباشرة) هذا يعطينا فكرة واضحة على أن بنية المجتمع السوري كانت تتركز أساساً على الطبقة الوسطى التي بطبيعتها هي المصدر الرئيسي للعمل الاقتصادي و الفكري و الفني و العمل المدني المجتمعي.
منذ استلام حزب البعث للسلطة, مارس حالة خنق للطبقة الوسطى السورية و عمل بسياساته المرتجلة على تقويضها إضافة للمواطن السوري نفسه و وصل إلى حالة عزله عن العالم خلال حكم حافظ الأسد حتى أصبح السوري متخلفاً عن محيطه فأضحى غريباً في وطنه بقدر ما جعله غريباً و مصدر توتر و استجواب في مطارات العالم.
يقول المفكر ياسين الحاج صالح: (في عام 2007 كان 37% من السوريين (23 مليون في 2010) يعيشون دون خطر الفقر الأعلى، دولارين في اليوم، و11% دون خط الفقر الأدنى الذي لا يفي بالحاجات الحيوية الأساسية. هذا مع عيش السوريين كلهم تحت خطر الفقر السياسي، محرومين من إمكانية التجمع والتعاون، كما من التعبير الحر عن الرأي في الشؤون العامة. وهذا ربما يفسر مشاركة قطاع متعلم من الطبقة الوسطي مكتف ماديا، لكنه شديد الحساسية للحاجات السياسية والفكرية، ويثير اشمئزازه جشع وعدوانية الطغمة الحاكمة والبرجوازية الجديدة ذات النزعات الفاشية, وهذا مع افتقار النظام إلى أي قضية عامة أو إيديولوجية مهيمنة يمكن أن تسوغ هذه الأوضاع المتدهورة في أعين السوريين، ومع مستوى متدن من الكرامة والاعتبار العام).

يترافق كل ذلك مع حالة إهتراء داخلي لمؤسسات رئيسية في الدولة و أهمها المؤسسة القضائية و المؤسسة التعليمية و الأشد خطراً المؤسسة العسكرية التي تحولت إلى مؤسسة عقائدية خاصة بالعائلة الحاكمة بعيدة عن الفكرة الأساسية لأي جيش في العالم و هي حماية الوطن و المواطن.

الاستنتاج:
يمكن ببساطة أن نرسم مخطط بياني للحالة الاقتصادية و السياسية و الاجتماعية السورية خلال خمسة عقود من الزمن لتعطينا بالإجمال دليل مادي عن حالة تراجع و هبوط مما يعيدنا لفكرة الجمر المتوقد تحت الرماد التي علمياً و منطقياً هي أسباب رئيسية لقيام الثورات بشكل عام و الثورة السورية بشكل خاص.



#خالد_قنوت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التحليل السياسي في الثورة السورية 1
- التكوينات الطائفية من موقع المقاوم إلى موقع العدو
- تشيخوف في الثورة السورية
- في نهاية العام الثاني للثورة...ما العمل؟ أيضاً
- الممكن, في الوصول لأهداف الثورة
- كم كنت وحدك؟
- السوريون الأحرار ضمانة لأهداف الثورة
- الثورة السورية اليتيمة بين حصارها و عنادها
- لدينا خادمات سوريات..
- العيد يأتي قريباً
- لافروف و عودة الابن الضال
- طلاب الولاية لا يولون
- بين خبزنا و دمنا, رسائل
- الانتلجنسيا السورية و سراب الحل السياسي
- سيناريو وطني يوم تحرير الوطن
- أين ذهبت أموال الإغاثة و التبرعات؟؟
- إلى ما قبل قبل العصور الحجرية
- الأكراد السوريون..سوريون أكراد
- ثلاثة مشاهد في اسبوع واحد
- لماذا جرمانا؟


المزيد.....




- مكالمة هاتفية حدثت خلال لقاء محمد بن سلمان والسيناتور غراهام ...
- السعودية توقف المالكي لتحرشه بمواطن في مكة وتشهّر باسمه كامل ...
- دراسة: كل ذكرى جديدة نكوّنها تسبب ضررا لخلايا أدمغتنا
- كلب آلي أمريكي مزود بقاذف لهب (فيديو)
- -شياطين الغبار- تثير الفزع في المدينة المنورة (فيديو)
- مصادر فرنسية تكشف عن صفقة أسلحة لتجهيز عدد من الكتائب في الج ...
- ضابط استخبارات سابق يكشف عن آثار تورط فرنسي في معارك ماريوبو ...
- بولندا تنوي إعادة الأوكرانيين المتهربين من الخدمة العسكرية إ ...
- سوية الاستقبال في الولايات المتحدة لا تناسب أردوغان
- الغرب يثير هستيريا عسكرية ونووية


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - خالد قنوت - الثورة السورية أسباب و مقارنات 2