أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عادل سعيد - حين يقيل الشاعر ضميره














المزيد.....

حين يقيل الشاعر ضميره


عادل سعيد

الحوار المتمدن-العدد: 4030 - 2013 / 3 / 13 - 00:53
المحور: الادب والفن
    


جئت الى هذا العالم كي احتج و اعارض) يقرر مكسيم غوركي ، رغم انه لم يعارض كما ينبغي )
و هو يعيش عقدا من عسف ستالين ، ولكننا نعرف ان الفنان وهو يذخّر روحَه بطاقة الجمــال
لا ينسى ان يستثمر قوة الجمال في مقاومة القُبحِ ، فالضمير المبدع حين يستضيف بـيــن
.ِضفتيه المحبوبة و الزهرة والنهرَ و الزُرقة ، لن يسمح لأدغال العَفن ان تنمو في روحه
ان نمو طحالب العَفن ، يعني ان هناك خللا فادحا اصاب روح و ضمير و ذائقة مَن يُفتـــــرَض
انه مانحٌ للجمال . واذا عدنا الى ما يزيد على عقدين من الزمن العراقي ، رأينا الخــــــلل
جليا ، حين سمح لفيفٌ من الكتاب ، والشعراء تحديدا ، للطاغية ان يتمشى بمداسـِــــــه
و اسلحته و حروبه و قضبانه و زنازينه ومشانقه و نزواته و مقابره ، في ضمائرهم . وحـــين
ارتفع منسوبُ الدم ، دمِ الضحايا ، في الضمائر ، لم يرتفع اصبع اتهامهم نحو الطاغية ، بـــــل
وجهوه نحو الضحية . وفي الوقت الذي كان فيه شعراء احرار و مثقفون ديموقراطيون يقاسون
اشد انواع التعذيب بربريةً في اقبية الأمن و الزنازين و المعتقلات ، كانوا هم يرفلون فـــــــي
نعيم عطايا ( القائد ) و هباته التي يستقطعها من قوت الشعب، فقد أجروا عملية اخصـــــاء
طوعية لضمائرهم و كراماتهم و تلاشوا في نفق روح ( القائد ) المظلمة ، و لنا في عبــــــد
الرزاق عبد الواحد مثالا ، في ميميّاته و داليّاته ، و كذلك لؤي حقي و رعد البندر و عدنــــــان
الصائغ ، الذين قادوا مواسم احتفال ( الكون ) بميلاد القائد !! و اعدوا قوائم السبـــــــــــي
بأسماء من تخلفوا عن الرقص في الميلاد الميمون . ومن هذا النمط من الشعـــــــــراء
المأسوف على هدر كرامته و محو بعض المواقف المضيئة في مسيرته ، شفيق الكمـــالي
الذي دشّنَ عهد سقوطه بقصيدة مطلعها ( حتف العدا صدامها و صدامها ) و ينزل فـــــــي
سقوطه بئرا لا قعر لها، حين يقول في ( قصيدة ) اخرى؛
تباركَ وجهكَ القُدسيُّ فينا كوجهِ الله ينبضُ بالجـلالِ
وقد كافأه صدام ( كعادته في رد الجميل ) بسموم الثاليوم قبيل ان يطلق سراحه بتوسط من
.ماهر عبد الرشيد
واذا غادرنا عصرنا ( غير المبهج ) رجوعا بعض قرون ، الى العصر العباسي الأول ، نجد ان صورة
جميلة لشاعر نحبه ، وهو الشاعر المبدع ابو نواس، يخدشُها انحطاط الشاعر في صدقه و كبريائه
رغم ان المبالغة في المديح ، كانت سمة عصور التكسب ، ولكننا نخجل من صعود الشاعـــر
:بممدوحه الى مرتبه الهٍ حين يقول له
واخفتَ اهلَ الشركِ حتى انه لتخافكَ النُطفُ التي لم تُخلقِ
غير اننا حين نعود سنوات قليلة الى الوراء ، وتحديدا الى زمن المهدي بن المنصور ، الذي قتلَ
عددا من المع نجوم الفكر و الإبداع ، بينهم ابن المقفع صاحب ( كليلة و دمنه ) والشاعر بشار
بن برد ، فإننا سنجد انفسنا امام قامة عزّ نظيرها ، شعرا و مواقف و حياةً ، رجلا لا يتكرر الا
في مفاصل التاريخ النادرة ، انه الشاعر الفذ دعبل الخزاعي ، صاحب المقولة المقاتـــــــــلة
....ــ حملتُ صليبي على ظهري خمسين عاما ، ولم اجد مَن يصلبني عليه
فحين تولى المهدي الخلافة ، ارسل شرطته كي تستدعي الشعراء ، مع ما دبّجوه مـــن
قصائد ، احتفاءً بيوم جلوسه الميمون ، وفي بلاطه تقدم الشعراء بالتتابع كي يلقوا بمدائحهم
ويخرجوا بجزيل عطايا الخليفة الغِر ، ولم يتبقّ من الشعراء سوى واحد ، سيتضح انه اُحضـِـــر
خطأً ، لم يبقَ سوى دعبل الخزاعي ، الذي تريّث قليلا ، ليعلن انه لم يُعدّ قصيدة للمناسبــــة
السعيدة ، غير ان لديه ما يقوله ، وحين اشار اليه المهدي بأن يقول ، قال بصوت جهوري
اني لأفتحُ عيني حين افتحُها على كثيرٍ، ولكنْ لا ارى احَدا
وحين فهمَ المهدي مراد الشاعر ، بمعاونة المرتزقة من الأدباء حوله ، من انه يعني الغاءً لــــه
وللحاضرين من الوجود و المعنى ، اصدر اوامره بجلد الشاعر ثمانين جلدة ، وزجه في الحبس
انه دِعبل ..... انه الشاعر حين ينتصب شهيدا حيا!!

*شاعر عراقي مقيم في النرويج



#عادل_سعيد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فناء صوفي
- بصقة دم في الضمير!!
- اولمبياد الدموع
- سحابة .. كاسرة
- هذا العربي .. المُدلّل!
- صلاة السلفي
- هذا النادل
- نشيد بلبالا .. ام نشيد الأنشاد!؟
- الشيوعي الأخير .. قي محنته
- سفارات
- نوافذ
- شعراء
- العائد الذي لم يجد
- بقعتا ضوء
- الشاعر الكواز
- آلهة
- دلشاد مريواني
- تقاطيع
- احلام
- جرأة


المزيد.....




- سيطرة أبناء الفنانين على مسلسلات رمضان.. -شللية- أم فرص مستح ...
- منارة العلم العالمية.. افتتاح جامع قصبة بجاية -الأعظم- بالجز ...
- فنانون روس يسجلون ألبوما من أغاني مسلم موغامايف تخليدا لضحاي ...
- سمية الخشاب تقاضي رامز جلال (فيديو)
- وزير الثقافة الإيراني: نشر أعمال لمفكرين مسيحيين عن أهل البي ...
- -كائناتٌ مسكينة-: فيلم نسوي أم عمل خاضع لـ-النظرة الذكورية-؟ ...
- ألف ليلة وليلة: الجذور التاريخية للكتاب الأكثر سحرا في الشرق ...
- رواية -سيرة الرماد- لخديجة مروازي ضمن القائمة القصيرة لجائزة ...
- الغاوون .قصيدة (إرسم صورتك)الشاعرة روض صدقى.مصر
- صورة الممثل الأميركي ويل سميث في المغرب.. ما حقيقتها؟


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عادل سعيد - حين يقيل الشاعر ضميره