|
ابداعية الشعر والواقع المبدع-1-
خالد الصلعي
الحوار المتمدن-العدد: 4029 - 2013 / 3 / 12 - 18:31
المحور:
الادب والفن
ابداعية الشعر والواقع المبدع -1- ********************* هو من سلالة الواقع المبدع ، كلما تعاملت مع واقعك كما يبدع ذاته ، منحك من عمقه ما شاء . كان هذا تعليق على تعليق شاعرة على احدى كتاباتي ، اذ لم يكن بد من البحث عن جواب شاف لتعليقها النوعي ، فكان لزاما البحث عن بعض خصائص كتاباتي ، لأن الكاتب يكون أقرب الى عمليات التكوين ، وأصدق تعبيرا عن مخاض التجربة ، وأبعادها وطرائق ابداعها . فالمبدع كائن يتعامل مع مجموعة من الأيقونات داخل منظومة يمكن أن نطلق عليها اسم "المختبر الشعري " . داخل هذا المختبر يتفاعل الشاعر مع احساسه ورؤيته ، الاحساس كتجربة انفعالية ، والرؤية كمشروع حلمي ، وبينهما برزخ الحالة التي تتداخل فيها هرمونات التجربة الانفعالية مع هرمونات الحلم ، حيث يجد الشاعر نفسه في خضم تكوين ثالث ينتج عن التجربة قبل أن تتحول الى مشروع حلم . وضمن هذه العملية البرزخية يجد الشاعر نفسه وسط كم جارف من الكلمات والتراكيب والأحرف والصياغات ، والصور ، تداعيات لا نهاية لها ؛ منها ما يمكن أن يتبوأ مكانه داخل جسد القصيدة ومنها ما لا مكان له ، ومنها ما يقف في منزلة بين المنزلتين في انتظار التشطيب أو التعديل ، كي لا يناقض ابداعية الواقع ، فلولا هذا الافتتان العكسي بفنية الواقع مهما اشتط في سرياليته وبوهيميته وتناقضاته ، يظل هو المجال الحيوي الذي لا يملك الفنان المبدع بدا من التعامل معه . فشرط الابداع وجود واقع ما ، وابداعية الابداع تكمن في التفوق على حال هذا الواقع الابداعية . والمبدع هنا هو بمثابة التفاعل الوسطي بين العمل المنجز والعمل الخام بكل مواده . التي قد تتداخل فيها نصوص سابقة وتجارب مختلفة لذوات أخرى ، لأن الرسالة الشعرية موجهة الى أكثر من مرسل اليه . وهنا يجد الشاعرنفسه مجبر على اختيار كلمات انشطارية ، وهي الكلمات التي قد تصيب أكثر من معنى ،وقد تصل الى كل مستويات القراء ، دون الاخلال بالمضمون العام للقصيدة . وهذا سر نجاح القصيدة المعاصرة . وقد يتجاوز الشاعر في مرحلة التفوق الابداعي درجة الوسطية الى درجة الخلق الاستباقي ، كلما تجاوزت لغته لغة السائد الشعري والسائد المتخيل . فالشاعر اليوم مطلوب منه أن ينظر الى الواقع كمعطى ابداعي ، وليس كمعطى اجتماعي ، لأن العلاقات الاجتماعية حاصلة حتى وان انزوى في ركن قصي ، فانه يكون قد اختار علاقة الهروب ، عوض علاقة المشاركة والتفاعل . لا بد اذن من وعي جديد يرافق مفهوم الواقع المبدع ، وهذا الوعي لن يتجذر ما لم يراهن الشاعر المعاصر على قلب علاقته الكلاسيكية بالواقع وبالشعر ، في تفاعل دينامي مع أدوات الكتابة الشعرية ، باستعارة لغة تنسجم ولغة الحلم ، ليس في نسيجها السوريالي ،بل في نسيج لا يصنعه غير الشاعر نفسه . لأن وزن"ثقل " وايقاع الكلمة ، قد يتغير عند مرادفها ، ان في طبيعة الحروف في مخارجها ، أو في اقترابها من الدلالة الأكثر تأثيرا في المتلقي ، أو جرسها الذي لا ينفك عن شحنها بمقومات الشعرية . فلكي يتوغل الشاعر في شعريته ، عليه أن يتوغل في شعرية الواقع بكل تعقيداته وتشابكاته ، عن وعي قصدي كما يرى باشلار ، قبل أن يصبح الوعي في كثافته الذاتية منتجا شعريا يهب الانتاج الشعري كل سمات الشعرية العالية . واهم من يظن أن الواقع شأن سطحي سهل الامساك به ووصفه ، وواهم من يظن نفسه يحاكي الواقع . ان منطق المحاكاة كما فهمه اليونانيون مفهوم مرتبط بما تيسر لليونانيين من مقاربات علمية وتأويلية انطلاقا من حقائقهم العلمية والمعرفية ، فكل محاولة للمحاكاة ما لم تبدع في تجسيدها لما قد يعتبر استلهاما وتطبيقا لواقع معطى ، هي عمل فاشل بكل المعايير . الاضافة والتوليد والاشتقاق هي ما يضفي على الابداع ابداعيته الحقة . الواقع هو شبكة من العلاقات الظاهرة والخفية ، والتي قد تتفاعل بطرق مباشرة وأخرى غير مباشرة ، فالانسان قد يستشعر في حلمه ما قد يراه في بقظته ، والمحلل قد يحدس ما قد يُلعب ويحاك خارج الحلبة ، والباحث ينطلق من الشاهد ليصل الى الغائب ، هي سلسلة من البحث عن المضمرات والغيابات والبياضات المثبتة في متن السواد . الواقع ليس ما نعايشه ونصطدم به ، بل هو مجمل التفاعلات الخفية التي تفرز هذه الأشكال التي نباشرها ونعاينها . وعلى الشاعر انطلاقا من هذه الحقائق الجلية أن يعمد الى ابداع يفوق ما يمنحه الواقع من ابداعية . هنا لا بد من تمثيل ببعض الاستشهادات الواقعية ذات السمات الابداعية ....يتبع
#خالد_الصلعي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
رسالة تحذير
-
أمطار الجحيم -27- رواية
-
كان يمكن أن .....
-
من يحكم المغرب ..؟
-
المرأة في المجتمع العربي
-
أنت كل السنة
-
دعاة أم طغاة -1-
-
حبات المطر والأفكار -قصة قصيرة -
-
الديمقراطية العربية بين النظرية والواقع
-
العدالة الانتقالية وضرورة التجاوز
-
أمطار الجحيم -26- رواية
-
كلمة صادقة الى الشعب السوري الأبي-1-
-
أين المواطن ؟
-
هذا الوطن لنا
-
هوامش التفكير -1- محاولة لخلخلة المفاهيم الثابتة عن مركزيةال
...
-
للفراغ أن يخطو
-
في انتظار الشمس
-
أمطار الجحيم -25- رواية
-
أمطار الجحيم -24- رواية
-
حر أنا مني
المزيد.....
-
فعالية بمشاركة أوباما وكلينتون تجمع 25 مليون دولار لصالح حمل
...
-
-سينما من أجل غزة- تنظم مزادا لجمع المساعدات الطبية للشعب ال
...
-
مشهور سعودي يوضح سبب رفضه التصوير مع الفنانة ياسمين صبري.. م
...
-
NOW.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 154 مترجمة عبر فيديو لاروزا
-
لماذا تجعلنا بعض أنواع الموسيقى نرغب في الرقص؟
-
فنان سعودي شهير يعلق على مشهد قديم له في مسلسل باللهجة المصر
...
-
هاجس البقاء.. المؤسسة العلمية الإسرائيلية تئن من المقاطعة وا
...
-
فنانة لبنانية شهيرة تكشف عن خسارة منزلها وجميع أموالها التي
...
-
الفنان السعودي حسن عسيري يكشف قصة المشهد -الجريء- الذي تسبب
...
-
خداع عثمان.. المؤسس عثمان الحلقة 154 لاروزا كاملة مترجمة بجو
...
المزيد.....
-
لا ميّةُ العراق
/ نزار ماضي
-
تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي
/ لمى محمد
-
علي السوري -الحب بالأزرق-
/ لمى محمد
-
صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ
...
/ عبد الحسين شعبان
-
غابة ـ قصص قصيرة جدا
/ حسين جداونه
-
اسبوع الآلام "عشر روايات قصار
/ محمود شاهين
-
أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي
/ بدري حسون فريد
-
أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية
/ علي ماجد شبو
-
الهجرة إلى الجحيم. رواية
/ محمود شاهين
المزيد.....
|