أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - ماهر علي دسوقي - كادح ومنافق !!














المزيد.....

كادح ومنافق !!


ماهر علي دسوقي

الحوار المتمدن-العدد: 4029 - 2013 / 3 / 12 - 16:06
المحور: سيرة ذاتية
    


كادح ومنافق !!
ماهر دسوقي

نهض مبكرا رغم قساوة وبرد الطقس ، توجه من توه الى الغاز وضع دلة الماء وانتظر قليلا ، وأضاف بعض أوراق الزعتر البري، غمرها لبعض الوقت حتى يتسنى لها التفاعل مع الماء وليرتب نفسه وباقي أموره قبل ان ينطلق الى ورشة بناء قريبة .

راجع موقع العمل في ذهنه بكامل تفاصيله ، وقال في نفسه من "هنا" سابدأ خاصة وان العمل اليوم سيكون داخل البناء قيد الانشاء ، جميل ما قمنا به الامس من ادخال الطوب والاخشاب الخاصة بالطوبار الى الداخل .. والا "لتبهدلنا" شر بهدلة اليوم .... وسأشرع برفع الطوب الى الطابق الثاني ريثما اصل .. عاد الى "مكموره" استنشق عبير الزعتر بهدوء وتمتع ...

جهز ما يلزم ، شرب كوبه المعد بعناية فائقة ، وانطلق نحو مركبته القديمة ... لعلها لا تخذلني اليوم في هذه الاجواء الماطرة وكعادتها في كل صباح ، أدار المحرك وبصعوبة تجاوبت ... ااااه ايتها العجوز كم أحبك اليوم ، قالها "ليث" مما زحا ... وساجمع بعض المال من "اجلك" لكن بعد سداد ما تراكم من ديون وفواتير استحقت الدفع ... فأمهليني قليلا ..

وصل ليث الى الورشة وشرع بالعمل مباشرة والأجواء تزداد برودة والأمطار تتساقط بغزارة .. الراصد الجوي "افصح" باكرا ان ما بعد الظهر سيكون افضل ... لربما.. العمال على كثرتهم في "الموقع" لم يحضر منهم الا القليل اليوم ، مما سيعني المزيد من الشقاء .. حرض نفسه على العمل ولم يهدأ الا لبضع دقائق متاحة للافطار وراحة الشاي ..

أزف وقت المغادرة ، توجه "للمقاول" وطلب بلطف شديد بعض المال "كسلفة" على ما راكم حتى الساعة ، وفي "باله" ان المقاول سيقدر عمل اليوم .. اعتذر "صاحب الشان" بعنجهية واضحة .. فما كان من ليث الا أن غادر وفي نفسه كدر وغيض .. وهو الذي ظن أن عمل اليوم بعشرة من الأيام العادية ... لكن حساب الحقل لم يوات حساب البيدر ...

أدار محرك السيارة التي بالكاد "اشتغلت" وأخذ طريق العودة .. نسي همه "المالي" للحظات كون وسيلة نقله لم تخذله .. وعلى مفترق قريب من الميدان الشمالي لمدينة رام الله تعطلت المركبة .. انتظر قليلا وحاول عدة مرات " تشغيلها" ولا فائدة .. هدات الأمطار قليلا فنزل يتفحص ما أمكن معرفته وقد امتلك خبرة كافية بما لديه من "اربعة" دواليب ..اعاد الكرة وحاول التشغيل من جديد فاخفق مجددا ، أغلق غطاء المحرك وركل الاطار الأمامي بقدمه ... لا مال اليوم وعطل في "هذه العجوز" وتأخير ... ردد ذلك بصوت عال ... وبينما هو منشغل بهمه واذ بمركبة حديثة سوداء تقف الى جانبه ... ليث... خرج الصوت من داخلها المكيف ، وصوت الموسيقى يغالبه .. ماذا تفعل هنا ، وما هذه الملابس التي ترتدي ، أومازلت تمتلك هذه "الصفيحة" الصدئة ؟!

دقق ليث بالمتحدث وقد غالبه النسيان قليلا ، الا أنه اهتدى أخيرا لمحدثه ... انت "عامر" اليس كذلك ؟ وجاء الصوت رخما من "المكان الدافىء" نعم .. أنسيتني؟ لا أبدا ولكن هي الايام تفعل فعلها بنا .. ثم من أين لك هذا ؟ وكيف وصلت الى ما وصلت اليه ... أم أنك فعلتها من جديد... تسأل ليث معيدا الشريط في مخيلته ، لقد لا زمني "عامر" في الاعتقال الأخير قبل عشر سنوات تقريبا وكان مثال "النفاق والتلاعب" بين الأسرى وكاد أن يخلق مشكلة كبيرة حين قرر ان يحول من "تنظيم الى تنظيم" اخر لأن مخصصاتهم المعيشية والمالية أكثر .. ولولا حنكة "الشباب" لانقلب المعتقل الى جحيم ... على انه عاد وبدل "تنظيمه" مرة اخرى بعد خروجه من السجن مباشرة .. هو يبدل "الانتماء" كما يبدل ثيابه ..

اي يوم أواجه قال ليث في قرارة نفسه .. عمل شاق في ظروف صعبة وسيارة معطلة وبلا مال والان هذا ... لا بد وانه توقف "ليتباهى" بما لديه وليس لتقديم المساعدة ...

جاءت أسئلة عامر لتقطع شريط الذكريات ، أين ذهبت الشهادات والنضال الطويل يا ليث؟ امن أجل هذا أفنيت العمر دراسة وكدا ونضالا .. لتصبح عاملا .. وهندامك على على هذا الحال .. وبلا مكانة اجتماعية أو سياسية ... ؟


قاطع ليث محدثه سريعا ، أتوقفت لتسمعني موشحك البالي هذا ، وأنت حتى اللحظة لم تترجل من "برجك" ولم تسالني المساعدة .. اسمع انا لا ابدل ما اقتنعت به ولا اتلون طمعا بمال أو منصب ... وحالي على "صعوبته" وعراكي مع امواج الحياة الهادرة المتقلبة لاحب لنفسي مما انت فيه .... اني امروء لا يعتري عملي دنس يهلكه ولا في عقلي أفن .. وتذكر أن الأصل هو من ينبت حسن الثمر ... أكمل مسيرك ...

في الأثناء كان بعض المارة يسالون "ليث" عن مساعدته ، فأجاب بنعم .. دفعت المركبة العجوز عدة أمتار ، فدار المحرك وانطلقت ... أشار ليث بيده شاكرا من ساعده .. والدخان يغطي الجيب الأسود الجديد ..

علت ابتسامة ساخرة وجهه واندفع عائدا الى حيث دفء العائلة ومستقر النفس ورائحة الزعتر .



#ماهر_علي_دسوقي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- شهيد يخاطب حفيد!!!
- الاغذية الفاسدة رياضة يومية!!
- يا اخا من غير أعرابنا وداعا !!
- وفاء طير!!
- القبور أحيا منهم !!
- الفقر في النفس لا في المال تعرفه !!
- الصورة ذات الاطار الفضي
- ثكالى نزف الوطن !!
- ألا من زلزال يعيد لنا الرشد!!
- حجر .. وصفية وناقلات الجند!!
- سامر ... وان تَشَعًبَ الخطر !!
- بالأمعاء الخاوية .. تُحفر الحرية!
- ربيع ويافا
- عكاز وحجر
- ناب زرقاء .. وجباه سمراء
- يافطة وجائع
- في المقبرة .. أكواخ وقصور !
- -لوشيتا- والبسطة!
- عطر الزعتر
- أُرتِجَ الأمر .. فبان القهر !


المزيد.....




- هل تصريح نتنياهو ضد الاحتجاجات في الجامعات يعتبر -تدخلا-؟.. ...
- شاهد: نازحون يعيشون في أروقة المستشفيات في خان يونس
- الصين تطلق رحلة فضائية مأهولة ترافقها أسماك الزرد
- -مساع- جديدة لهدنة في غزة واستعداد إسرائيلي لانتشار محتمل في ...
- البنتاغون: بدأنا بالفعل بنقل الأسلحة إلى أوكرانيا من حزمة ال ...
- جامعات أميركية جديدة تنضم للمظاهرات المؤيدة لغزة
- القوات الإيرانية تستهدف -عنصرين إرهابيين- على متن سيارة بطائ ...
- الكرملين: دعم واشنطن لن يؤثر على عمليتنا
- فريق RT بغزة يرصد وضع مشفى شهداء الأقصى
- إسرائيل مصدومة.. احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين بجامعات أمريكية ...


المزيد.....

- سيرة القيد والقلم / نبهان خريشة
- سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن / خطاب عمران الضامن
- على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم / سعيد العليمى
- الجاسوسية بنكهة مغربية / جدو جبريل
- رواية سيدي قنصل بابل / نبيل نوري لگزار موحان
- الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة / أيمن زهري
- يوميات الحرب والحب والخوف / حسين علي الحمداني
- ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية / جورج كتن
- بصراحة.. لا غير.. / وديع العبيدي
- تروبادورالثورة الدائمة بشير السباعى - تشماويون وتروتسكيون / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - ماهر علي دسوقي - كادح ومنافق !!