أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - اسعد الامارة - الشخصية القلقة















المزيد.....

الشخصية القلقة


اسعد الامارة

الحوار المتمدن-العدد: 1159 - 2005 / 4 / 6 - 11:35
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


ان الاندلاع الحاد في ظهور القلق لم يكن محظ الصدفة البحتة ، بل انه تكّون وتراكم حتى ملأ تكوين الشخصية وغلب على السلوك ، ويرى علماء النفس ان هناك تمييزاً بين القلق المرضي عن استجابة القلق السوية الطبيعية ، او ما تظهره الشخصية من استجابات ازاء المواقف الحياتية المتعددة ، ففي حالة القلق المرضي تبرز اربعة مظاهر مهمة وهي : انه ذاتي " خاص بالفرد" ، شديد ، يدوم لمدة طويلة ، واخيراً يأخذ شكل الموقف .
اما الشخصية القلقة فأن الصفة الغالبة عليها هي شعور الفرد بعدم الارتياح وتوقع المواقف الخطيرة دائماً او توقع الاسوأ دوماً ، هذا الخطر قد لا يكون محدداً من موقف بعينه ، او حالة مواجهة معينة مع حدث او شخص او طارئ انما من مصدر ما غير واضح او ربما يكون التوقع من مصدر واضح لكن رد الفعل دائماً يكون اكثر شدة وقلقاً للفرد حتى انه يتعايش مع القلق ويعيش معه ويكاد ان يشكل معظم يومه ، بل حياته .
ان صاحب الشخصية القلقة في حالة استعداد وتحفز دائمه توقعا للخطر وتأهباً لملاقاته وتجنباً له حتى ان الفرد ذو الشخصية القلقة يخشى القيام بأي عمل او فعالية تتطلب تحمل المسؤولية خوفاً من العواقب المترتبة عليها او المتوقعة .
نحن البشر لنا من الصفات المشتركة في المظهر الخارجي ما لا يمكن عَدهُ او احصاؤه ، وبنا من السمات الشخصية ايضاً من التشابه بيننا بقدر الاختلاف ليس في نمط الشخصية بين الناس فحسب ، بل في النمط الواحد من الشخصية ، فالشخصية القلقة تتسم باعراض نفسية مصاحبة للقلق تتراوح بين الشدة والاعتدال والوسطية ، فالتوتر والشد العصبي المزمن هو من السمات البارزة في كل انماط الشخصية القلقة ، كذلك عدم قدرة الفرد صاحب الشخصية القلقة على الاسترخاء فهو به من اعتلال المزاج ما هوواضحاً وبشكل جلي ، حتى وكأنه يبدو للمشاهد الخارجي كسمة مميزة ثابتة لملامحه وسلوكه . اما الاعراض الجسمية التي يظهرها صاحب الشخصية القلقة هي الارهاق الزائد والواضح تماما فضلا عن الشد العصبي للعضلات الجسمية بأكملها مضافاً الى ذلك الصداع الذي يكاد يكون ملازماً له ، اما الارق ومشاكل النوم فهي الاخرى تعد سمة من سماته.
يقول د. علي كمال ان بعض خصائص الشخصية القلقة متوفرة في معظم الناس في حدود طبيعية ذلك لان بعض التحسس بالقلق ضرورة حياتية اقتضتها علاقة الفرد مع البيئة والمجتمع لتمكنه من الحذر والتهيؤ للدفاع عن النفس ، اما اذا زاد تحسس الفرد بالقلق سواء جاء ذلك من داخل الذات او بسبب عوامل من الارهاق الخارجي ، فأن ذلك قد يؤدي الى تهيئة الفرد للاصابة بمرض القلق النفسي او غيره من الامراض المشابهة للقلق في طبيعتها .
ان درجة القلق تختلف عند البشر في التفاوت صعودا ونزولا تطرفا واعتدالا ، الا ان ردود الافعال بالنسبة لاي حدث معين تعتمد الى حد ما على الافكار والمدركات وما يحمله البعض من قدرة متميزة في كبح جماح الموقف الضاغط ويقول علماء النفس هناك ادلة على ان البشر عندما يشعرون بالتوتر او القلق او المواقف غير العادية في الحياة اليومية يكونوا قادرين على التحكم بمجريات دواخلهم ، واحياناً عندما يكون التنبؤ بالقلق والضغوط النفسية المتوقعة عاليا يكون التعامل معها جيداً ويكون صد التوتر وتحييد القلق اسهل مما يكون مفاجئاً ولكن بعد انتهاء الحدث والموقف الضاغط تظهر اعراض والالام في مناطق مختلفة من اعضاء الجسم ومنها المعدة خصوصاً ، ولا يستطيع الفرد التحكم في هذا الجزء او غيره او السيطرة عليه وهي ما تسمى بالاعراض السيكوسوماتية " النفسجسمية" .
لقد توصل علماء النفس الى ان القدرة على التحكم بما يدور داخل النفس وخصوصاً مثل نمط الشخصية القلقة، يساعد على التعامل مع المواقف الضاغطة ، والقلق المتوقع وهو تأكيد على ان ادراك التحكم وليس التحكم نفسه هو الاكثر اهمية .
من المفارقات الداعمة لكل الاشخاص بمختلف انماط شخصياتهم تقوم على فكرة مؤداها ان مساعدة الاخرين على الشعور بان في استطاعتهم التحكم في مخاوفهم وقلقهم وما يتوقعون حدوثه غالباً ما يؤدي الى التقليل من درجة القلق او الموقف الضاغط المتوقع في مواقف الحياة الكثيرة .
ولو تسألنا ما هي اثار القلق على الشخصية القلقة حصراً ؟ لوجدنا ان الامثلة كثيرة في حياتنا اليومية فمعظم هؤلاء الاشخاص يفقدون الجزء الاكبر من تركيزهم اثناء حدوث الموقف الضاغط او المصيبة المفاجئة او سماع خبر سئ ومفاجئ ، او حينما يداهمهم القلق في مواقف الحياة المختلفة او حتى في الامتحانات لدى الطلبة ، فالطلبة القلقون يفقدون زمام السيطرة على مجريات تفكيرهم وتتدهور لديهم الذاكرة ولو لحين ، فالبعض يتعثر في الاجابة على ابسط الاسئلة ولا يستطيع ان يستدعي اية معلومة مما قرأه وخزنه قبل الامتحان تساعده في الاجابة الموفقة ، حتى انه يفقد التركيز على استدعاء الفكرة المناسبة للحل ، حتى ان بعض الطلبة بسبب قلق الامتحان يعجزوا عن استرجاع المعلومات التي يعرفونها حق المعرفة ولكن ارتباكهم افقدهم الحصول على الدرجات العالية في الامتحانات رغم تهيؤهم له .. فالقلق يؤثر على التعلم ويربك الذاكرة ويحرف استدخال المعلومات الجديدة بشكل صحيح حتى انه يؤثر على استقبال وتخزين المعلومات واسترجاعها عند الحاجة اليها،هذه التأثيرات ليس من السهل فصلها عن بعضها في مواقف الحياة المتنوعة ، حتى انها بدت سمة من سمات الشخصية القلقة .
ان تكوين نمط الشخصية القلقة يرتكز على بعض الاسس والخبرات والمصادر التي اكتسبها الفرد خصوصاً في مرحلة الطفولة ومن اهم تلك المصادر :
- الايحاء .. كلنا نعرف ان الطفل سريع الايحاء ، وسريع التقبل لذلك الايحاء وخصوصاً المواقف التي تنم عن التحسس الزائد من موضوع ما بعينه او موضوع لا اساس له في الواقع حتى تتكون الاستعدادت التكوينية لهذا النمط من الشخصية .
- الحرمان والغيرة .. عندما لا يستطيع الطفل اشباع حاجاته ويحرم منها خصوصاً العاطفة او الحنان او الكفاية من الاشباعات المادية ، يتكون لديه الاستعدادلهذا النمط من الشخصية . فشعور الطفل بانه محروم من العطف ومن الاستجابة الوالدية الكافية التي تدعم حياته ، يؤدي ذلك الى الشعور لديه بعدم الامان والاطمئنان ، وكثيراً ما يظهر سلوك العصبية والغيظ والحنق تجاه الاخرين من الاطفال وهو نقل مشاعر عدم الامان والطمأنينة وتحويلها الى الاطفال الاخرين كتعبير عن عدم القدرة على اظهاره بشكل صريح تجاه احد الوالدين او كلاهما .
- التهديد والوعيد .. كثيراً ما يلجا الاباء الى سلوك يتسم بالتهديد والوعيد والايذاء او التلويح باستخدام العقاب لاي خطأ يرتكبه الطفل ، فيصبح حينئذ تحت طائل التهديد وتوقع الخطر والايذاء او انه محفوفاً بالعقوبة من اي فعل يقوم به في بيته وازاء ذلك يكون البيت الذي يعيش فيه مصدر قلق وليس مصدر امان ، تلك العوامل تترك اثاراً واضحة في نشأة الشعور الدائم بالقلق والتهديد فضلا عن العوامل الداخليةالتكوينية التي تلعب دوراً كبيراً في نشأة وصقل الشخصية .
- مشاعر العجز .. الطفولة هي بالدرجة الاولى اعتمادية على الابوين وبالتدريج يتعلم الطفل كيفية الاعتماد على النفس ، وكلما طالت مدة الاعتماد على الوالدين خلال مرحلة الطفولة ، كلما زادت الفرصه في تكوين الشخصية القلقة ، فالفرد عند مجابهته امور الحياة يحتاج الى ان يواجهها وعند شعوره بالعجز من المواجهة فأنه يلجأ الى التخيل او التمني او النكوص الى المرحلة الطفلية فتظهرعليه بوادر القلق في مواجهة امور الحياة .
- المشكلات الاسرية ونتائجها .. تترك التجارب المؤلمة في الاسرة خبرات سيئة على شخصية الاطفال ، فخلافات الابوين مع بعضهما تنعكس مباشرة على سلوك الابناء ، وهذه تحمل بذور حالات القلق بعدم الامان في البيئية الاسرية التي يعيش بها .
ان الشخصية القلقة هي احدى الشخصيات الانسانية في النشأة والتكوين وفي التعامل والسلوك وفي الانفعالات والتوتر واظهار العاطفة ، وهي بذلك تنحو ايضا نحو الاعتدال تارة والتطرف تارة اخرى ، حتى باتت كل تلك المتغيرات ذات تأثير في كيان الشخصية الانسانية حتى انها تطفو على سطح الشخصية بصورة واضحة .



#اسعد_الامارة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الكبت والقمع هل هما عوامل قوة ام ضعف في الشخصية؟
- الشخصية الشكاكة
- التعصب ..اشكالية في التفكير، اشكالية في السلوك
- الشخصية العدوانيةالمضادة للمجتمع - السيكوباتية-
- اللاعنف قمة التوافق النفسي
- الارهاب ..نزاع ضد الابرياء
- المعقول واللامعقول في العنف
- لِمَ العنف في العراق
- المرأة ..مدورة* الاحزان
- كيف يعالج الدماغ المعلومات
- الاحباط والضغوط النفسية
- انفعالات العنف
- اسلام ضد الاسلام


المزيد.....




- جملة قالها أبو عبيدة متحدث القسام تشعل تفاعلا والجيش الإسرائ ...
- الإمارات.. صور فضائية من فيضانات دبي وأبوظبي قبل وبعد
- وحدة SLIM القمرية تخرج من وضعية السكون
- آخر تطورات العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا /25.04.2024/ ...
- غالانت: إسرائيل تنفذ -عملية هجومية- على جنوب لبنان
- رئيس وزراء إسبانيا يدرس -الاستقالة- بعد التحقيق مع زوجته
- أكسيوس: قطر سلمت تسجيل الأسير غولدبيرغ لواشنطن قبل بثه
- شهيد برصاص الاحتلال في رام الله واقتحامات بنابلس وقلقيلية
- ما هو -الدوكسنغ-؟ وكيف تحمي نفسك من مخاطره؟
- بلومبرغ: قطر تستضيف اجتماعا لبحث وجهة النظر الأوكرانية لإنها ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - اسعد الامارة - الشخصية القلقة