أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - بلقيس حميد حسن - حينما يُقتل التمرد يموت التغيير














المزيد.....

حينما يُقتل التمرد يموت التغيير


بلقيس حميد حسن

الحوار المتمدن-العدد: 4026 - 2013 / 3 / 9 - 23:18
المحور: حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
    


قبل أيام وعبر برنامج الفيسبوك كنت قد استعدت علاقاتي ببعضٍ من أقرب وأعز الناس الى روحي, وهن صديقات طفولتي وزميلاتي في المدرسة. كانت إحدى صديقاتي تحدثني في التلفون ليعود الزمن بي الى مرحلة المتوسطة, حيث كنا شابات صغيرات نقرأ كتبا في تحرر المرأة ونتداول من الفكر والثقافة مايغذي عقولنا التواقة للنهوض بحياتنا, حتى وجدنا أنفسنا نتمرد أكثر وأكثر لنغوص في كتب من سبقنا لرفض حياة الجمود وأفكار القرون العتيقة والمساهمة بخلق الثورات العظيمة في تاريخ البشرية لبناء مجتمعات العدالة والمساواة وحقوق الانسان , المجتمعات التي يتمنى كل عراقي اليوم حياتها, فكنا نقرأ سيمون دي بوفوار, وقاسم أمين, وجبران خليل جبران, ونوال السعداوي, والكسندرا كولونتاي, ومكسيم غوركي, ودستوفسكي, ونلصق في دفاترنا صور انجيلا ديفيز, وجيفارا, وفهد, وسواهم من المناضلين في العالم والذين قادوا حركات تغيير الفكر البشري, وتركوا فكرا لاينضب لكل الأجيال. وكنا نذهب أبعد بطموحاتنا فنتداول كتب الفلسفة التي قد لا نفهم بعضها ونحن في تلك المرحلة من العمر.
كانت قدرتنا على القراءة ولهفتنا لها تشدنا الى الرغبة في الانعتاق الأبدي من كل مايكبـّل أرواحنا وعقولنا, فكنا نتمرد على الأهل ايجابا وليس سلباً, وكأن حال عقولنا تنطق بشعار "لا لحياتكن الحزينة ايتها الأمهات".
كانت صديقتي التي حادثتني قبل أيام, تعاني من عذابات زوجة أبيها, فحينما نجلس وحيدين , تحدثني وتمسح دموعها النازفة وجعاً من صراعات ومؤامرات تدور في منزلهم, ومن الظلم الواقع على والدتها وهي امراة طيبة وحكيمة, اتذكر هدوءها والحزن الذي يلف حديثها حتى وهي تسلم علينا وتستقبلنا نحن صديقات ابنتها.
كان دافع صديقتي للتغيير يفوق كل الدوافع وهي ترى أمها تـُهمل بكل مابها من مشاعر ورغاب بشرية لتتحول الى مخلوق يعيش على هامش المنزل كقطة لا يسمح لها بشي سوى بقايا الطعام, حيث تفضل عليها امرأة لا فضل لها سوى انها أصغر وأجمل..
كنا نتناقش في هذا دائما وكيف أن المرأة تجبر على قبول وضع مؤلم كهذا, وكنا نقارن مانقرأ في الكتب وواقع المرأة عندنا, فنشعر بالثورة تغلي في عروقنا لنندفع مؤمنين بمواجه ظلم التقاليد المجحفة للمرأة, تلك التقاليد التي تملك قدسية رغم جورها وسلبها انسانية النساء.
واليوم تحدثني صديقتي عبر الهاتف من العراق, لتخبرني وهي غارقة في الدهشة والعجب من اختلاف جيلنا ذاك عن جيل اليوم. تقول بأننا لم نكن نرضى بما يفرضونه علينا الأهل من ملبس مثلا, فكنا نرتدي مانريد من موديلات حديثة, ومما نراه في التلفزيون حتى لا نختلف عن ملابس أية امرأة في دولة اوروبية كفرنسا اضافة الى أننا, لم نكن نأخذ القشور والمودة فقط, انما كنا نحرر عقولنا بالقراءة, والاطلاع, والانخراط في تجمعات نسائية وثقافية رغم سريتها وخطورة الموقف, فكانت غالبية نساء العراق الواعيات والراغبات في التغيير عضوات في منظمات ديمقراطية كرابطة المرأة مثلا, رغم ان هذه التنظيمات تواجه مصاعب من نظام البعث المقبور, وكم كنا نناقش الأهل ونقنعهم أحيانا ليمنحوننا بعض حرية تتمناها اليوم كل بنات العراق, وتقول صديقتي بوجع:
الان إن قال الأهل للبنات عليكن ارتداء الجوارب في حر الصيف, فالبنات ينصعن لهم, وإن قالوا لهن الطمن واذهبن للعزاءات فهن يفعلن, في حين كنا نتندر على تلك التقاليد والطقوس البالية ونضحك على مايفعلون ونؤلف النكت.
عجبا !
أين هن من سنوات عمرنا الصغير في السبعينات, حيث كنا نستغل أيام عاشورا لنفعل موسعات واجتماعات نتداول بها كيفية تغيير أوضاع المرأة في العراق وكيفية خروجها من مأزق التخلف الذي يفرضه أغلب الأميين والجهلة المغيبين.
من هنا أتسائل بحسرة الفاقد:
من سيعيد للمرأة سويـّة التمرد في عمر الشباب الأول, وهل يأتي المدّ التحرري ليعيد سويـّةً في العقل والروح هي وحدها القادرة على قيادة التغيير والبناء الصحيح؟
من هو القادر على تمزيق أستار الخنوع لماضي القرون الهمجية, وإلغاء صورها البشعة من قطع الرؤوس, والرجم والتعتيم على العيون, وإطفاء نور العقول لتكون المرأة أو الأم وهي نواة بناء أول خلية للمجتمع, نواة صلبة, وليس نواة هلامية, ضعيفة, رجراجة لا تستقيم على موقف ومكان؟
من يعيد لعقول النساء ذاك التمرد الجميل, ويطلق الشمس في العراق من جديد؟



#بلقيس_حميد_حسن (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كل شيء جائز في عالمنا -الأمريكي- الجديد
- عاشقة بلا وطن21
- الفنان سلام جعاز.. كلُ لونٍ فريد.
- عاشقة بلا وطن20
- عاشقة بلا وطن/19
- عاشقة بلا وطن/18
- عاشقة بلا وطن/17
- صراخ الجثث في -مشرحة بغداد- لبرهان شاوي
- عاشقة بلا وطن/ 16
- عاشقة بلا وطن/ 15
- عاشقة بلا وطن/14
- عاشقة بلا وطن/13
- ريشتك الخجلى
- قاربٌ بلا مياه
- عاشقة بلا وطن/12
- العراقيون والتهم الجاهزة..محسن سابط الجيلاوي إنموذجاً
- لمصلحةِ منْ هذه الحشود على إقليم كردستان؟
- عاشقة بلا وطن/11
- عاشقة بلا وطن/10
- عاشقة بلا وطن / 9


المزيد.....




- محكمة أميركية تلغي حكما يدين -المنتج المتحرش- في قضايا اغتصا ...
- بي بي سي عربي تزور عائلة الطفلة السودانية التي اغتصبت في مصر ...
- هذه الدول العربية تتصدر نسبة تشويه الأعضاء التناسلية الأنثوي ...
- “لولو العيوطة” تردد قناة وناسة نايل سات الجديد 2024 للاستماع ...
- شرطة الكويت تضبط امرأة هندية بعد سنوات من التخفي
- “800 دينار جزائري فورية في محفظتك“ كيفية التسجيل في منحة الم ...
- البرلمان الأوروبي يتبنى أول قانون لمكافحة العنف ضد المرأة
- مصر: الإفراج عن 18 شخصا معظمهم من النساء بعد مشاركتهم بوقفة ...
- “سجلي بسرعة”.. خطوات التسجيل في منحة المرأة الماكثة بالبيت ف ...
- إيران - حظر دخول النساء الملاعب بعد احتضان مشجعة لحارس مرمى ...


المزيد.....

- بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية / حنان سالم
- قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق / بلسم مصطفى
- مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية / رابطة المرأة العراقية
- اضطهاد النساء مقاربة نقدية / رضا الظاهر
- تأثير جائحة كورونا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لل ... / رابطة المرأة العراقية
- وضع النساء في منطقتنا وآفاق التحرر، المنظور الماركسي ضد المن ... / أنس رحيمي
- الطريق الطويل نحو التحرّر: الأرشفة وصناعة التاريخ ومكانة الم ... / سلمى وجيران
- المخيال النسوي المعادي للاستعمار: نضالات الماضي ومآلات المست ... / ألينا ساجد
- اوضاع النساء والحراك النسوي العراقي من 2003-2019 / طيبة علي
- الانتفاضات العربية من رؤية جندرية[1] / إلهام مانع


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - بلقيس حميد حسن - حينما يُقتل التمرد يموت التغيير