|
المرأة في المجتمع العربي
خالد الصلعي
الحوار المتمدن-العدد: 4025 - 2013 / 3 / 8 - 19:08
المحور:
حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
المرأة ركن أساس من اركان المجتمع ، بل ان سائر الأركان لا تستقيم الا باستقامة ركنها ، للأدوار المصيرية والكبيرة التي تنهض بها في كل يوم وفي كل آن ،دون أن تطلب تعويضا لها عن ما تبذله من مشاق ومهام بكل تجرد المرأة الأمومة والحب والعاطفة الجياشة . وكأنها تصنع ذلك انطلاقا من غريزة مبثوثة فيها بطبيعة تركيبتها الجنسية التي تمتاز عن الرجل فيها بكثير من المميزات التي أقرها العلم المعاصر . ومنها اهتمامها بالتفاصيل ، ومعلوم أن الاهتمام بالتفاصيل يعتبر من أهم الوظائف الانسانية في تطور الجنس البشري عموما ، غير ان اختلافات مستويات التوظيف هي المسؤولة عن اغفال هذه الخصائص الأنثوية عن تطوير كثير من العلوم الانسانية والعلوم الدقيقة . وأزعم أن تحويل هذه الخصيصة بما ينفع التطور البشري في مجمل حقوله العلمية والخدماتية ، قد يعود عليه بمنافع لم تخطر على بال . لكن عالمنا العربي أهمل بطريقة تكاد تكون مطلقة هذه المرأة ، وجعلها كائنا تابعا لمؤسسة الذكورة ، وظلا شاحبا للرجل ، رغم ما تبذله من جهود وما تمنحه من بذل من أجل نمو المجتمع وتطور الدولة . لكنها اثبتت أنها ما تزال قادرة على تحمل الضغوط من جميع الاتجاهات وباختلاف تمظهراتها . والمرأة العربية لم تتعرض للحيف من قبل الدولة فقط ، بل أيضا من قبل المجتمع ، فالبنية العامة تنصهر فيها صنوف الحيف ، فتتوحد في تفاعل شامل بين جميع مكونات الدولة ، مؤسسات او أفراد وجماعات . ونحن اذا تقصينا الاختلافات بين الجنسين ، سنجد مثلا أن المرأة تتوفر دماغيا على نهايات عصبية في بعض أجزاء الدماغ ، وهي المسؤولة عن قدرتها على الاحتمال وتصريف الضغوط المختلفة التي تتعرض اليها دون أن تزعج من حولها أو تفقد حياتها التوازن اللازم لاستمرار العلاقات الاجتماعية في أشكالها المختلفة . كما اثبتت الدراسات العلمية ان المرأة أقوى من الرجل بيولوجيا ، وليس جسديا ، فالمرأة تستطيع القيام بوظائف عديدة في آن واحد ، فعند فترة الحمل مثلا ،وما يعقبها من وضع تتحول المرأة الى أم وزوجة ومربية وشغالة وموظفة، وهو ما يعجز عنه الرجل تماما . غير أن واقعها في عالمنا العربي لا يمنحها ولو نسبة عشر في المائة مما تقدمه لمجتمعها ، رغم ادعائنا بانتسابنا لدين يمنحها كل حقوقها ، بل هو تاريخيا يعتبر الدين الذي فصل حقوقها جميعا بكل دقة وتجزيئ . فهن شقائق الرجال في الأحكام حسب الحديث النبوي ، وهن زهرة الحياة حسب النص القرآني ، كما خصهن الله سبحانه وتعالى بسورة اسمها "النساء" بينما جرد الرجال من هذه المكرمة . فنحن اذن بعيدين عن أسسنا الثقافية وعن اكتشافات الأمم الأخرى وتجاربها في منح المرأة ما تستحقه من مكانة في المجتمع وفي الدولة . فهاهي لا تزال محرومة من سياقة السيارة في المملكة السعودية ، كما أنها تستعمل وقودا لتحطيم نصفها الآخر -الرجل - في دول كالمغرب مثلا ، باعتماد مصانعها على القوة الأنثوية عوض الرجال ، وهو فعل مقصود الهدف منه ، تحريف السلوك الاجتماعي عن مساره الطبيعي ، بالقضاء على مفهوم الرجولة في العالم العربي ، وتسفيه دور المرأة عبر جرفها قسرا نحو عالم الماديات بدعوى الاستقلال المادي ، بينما هي مستعبدة من جهة ضعف الأجرة ، واعتمادها على دخلها الضعيف لاعالة أسرة بكاملها مثلا ، وارتفاع الأسعار ، وتقييد حريتها المنزوعة بفعل الثقافة الذكورية الفاسدة . ان واقع المرأة في العالم العربي لا يمكن النظر اليه خارج واقع الرجل ، باعتبارهما وحدة تشكل زوجا ضروريا لاستمرار الحياة . وخطورة شعارات مثل اليوم العالمي للمرأة أنها لاتنفذ الى جوهر مكانة المرأة وحاجاتها الطبيعية ، بقدر ما تنفخ في الاشادة النظرية بعطاءاتها وقدراتها خطابيا ، في حين أن الواقع يجردها من هذه المميزات ويحرمها من الانتشاء بها ومعايشتها في أرض الواقع . ولا يمكن أن تتحرر المرأة دون تحرير الرجل ، وتحرير الرجل يفترض فيه أن يباشر وجوده الطبيعي في مجتمعه ويقوم بظائفه كاملة ، مثله مثل المرأة ، فكلاهما وجوديا يعتمد على بعضهما البعض ، ولا يمكن أن نتصور مجتمعا أنثويا خالصا ، كما لايمكن تصور العكس ، وهذا التكامل ينسحب على جميع الوظائف والمكونات والأهداف . انهما بمثابة عنصري الأكسجين والهيدروجين بالنسبة لمكون الماء ، فلا يمكن أن نتصور ماء بانتفاء أحد العنصرين ، كما لايمكن تصور وجود انساني بانتفاء أحد الجنسين . والواقع أن المرأة في وطننا العربي تشكل المعادلة التي من غيرها لم يكن لهذه لمجتمعات ان تكون ، لكن وبفعل مجموعة من الموروثات الثقافية البالية ، والعادات المستوردة المنحرفة ، دخلت المرأة طورا من الشرخ الوجودي ، فهي تتأثر بالوافد من السلوك انتقاما من الراسخ من الثقافات ، فوقعت في فراغ ، استطاعت بعضهن الانتباه اليه بحذق أنثوي رفيع . فناضلت المرأة السعودية رغم قلتها من أجل الحصول على حقوقها الطبيعية ، وناضلت المرأة العربية كل في وطنها من أجل الارتقاء بوضعهن الاعتباري وتحسين مستواها الاجتماعي ، ويبقى الطريق أمامها طويلا لاثبات وجودها اكثر كفاعل أساسي في المجتمعات العربية .
#خالد_الصلعي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
أنت كل السنة
-
دعاة أم طغاة -1-
-
حبات المطر والأفكار -قصة قصيرة -
-
الديمقراطية العربية بين النظرية والواقع
-
العدالة الانتقالية وضرورة التجاوز
-
أمطار الجحيم -26- رواية
-
كلمة صادقة الى الشعب السوري الأبي-1-
-
أين المواطن ؟
-
هذا الوطن لنا
-
هوامش التفكير -1- محاولة لخلخلة المفاهيم الثابتة عن مركزيةال
...
-
للفراغ أن يخطو
-
في انتظار الشمس
-
أمطار الجحيم -25- رواية
-
أمطار الجحيم -24- رواية
-
حر أنا مني
-
تسفيه العمل السياسي بالمغرب
-
سامر العيساوي والقضية الفلسطينية
-
في مفهوم التواضع-2-
-
جلباب المخزن المخروم ، وعري المجتمع الفاضح
-
أمهليني.....
المزيد.....
-
جزر قرقنة.. النساء بين شح البحر وكلل الأرض وعنف الرجال
-
لن نترك أخواتنا في السجون لوحدهن.. لن نتوقف عن التضامن النسو
...
-
دراسة: النساء أقلّ عرضة للوفاة في حال العلاج على يد الطبيبات
...
-
الدوري الإنجليزي.. الشرطة تقتحم الملعب للقبض على لاعبين بتهم
...
-
” قدمي حالًا “.. خطوات التسجيل في منحة المرأة الماكثة في الب
...
-
دراسة: الوحدة قد تسبب زيادة الوزن عند النساء!
-
تدريب 2 “سياسات الحماية من أجل بيئة عمل آمنة للنساء في المجت
...
-
الطفلة جانيت.. اغتصاب وقتل رضيعة سودانية يهز الشارع المصري
-
-اغتصاب الرجال والنساء-.. ناشطون يكشفون ما يحدث بسجون إيران
...
-
?حركة طالبان تمنع التعليم للفتيات فوق الصف السادس
المزيد.....
-
بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية
/ حنان سالم
-
قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق
/ بلسم مصطفى
-
مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية
/ رابطة المرأة العراقية
-
اضطهاد النساء مقاربة نقدية
/ رضا الظاهر
-
تأثير جائحة كورونا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لل
...
/ رابطة المرأة العراقية
-
وضع النساء في منطقتنا وآفاق التحرر، المنظور الماركسي ضد المن
...
/ أنس رحيمي
-
الطريق الطويل نحو التحرّر: الأرشفة وصناعة التاريخ ومكانة الم
...
/ سلمى وجيران
-
المخيال النسوي المعادي للاستعمار: نضالات الماضي ومآلات المست
...
/ ألينا ساجد
-
اوضاع النساء والحراك النسوي العراقي من 2003-2019
/ طيبة علي
-
الانتفاضات العربية من رؤية جندرية[1]
/ إلهام مانع
المزيد.....
|