أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - رينا ميني - المشرّدون...إلى متى؟














المزيد.....

المشرّدون...إلى متى؟


رينا ميني

الحوار المتمدن-العدد: 4025 - 2013 / 3 / 8 - 18:14
المحور: حقوق الانسان
    


إستوقفني يوماً أحد الأطفال المتسولين، لا يميّزه عن أي طفلٍ أخر، سوى جسده النحيل وثيابه الرثّة، ووجهه المتّسخ لا من غبار الطريق ولا من قلّة ما لمست المياه جسده بل من أوساخ الناس ااتي تحجّرت قلوبها، فهكذا منظر لم يعد يراعي انتباهها ولا يرّق سمعها لتلك التوسّلات. راح الصبيّ يردّد كلّ ما تعلّمه من أدعية، وكان يلقيها على مسامعي لا حبّاً بي ولا بالمارّة، ولا طمعاً بالمال، بل رحمةً لعزيز قومٍ ذلّ، علّه يتفادى قصاصاً مريعاً حينما يعود إلى مأواه رامياً تحت قدميّ سيّده الظالم كل ما جناه طوال النهار في أيّام البرد القارص والحرّ الشديد. وما أن هممت أعطيه ما فيه من النصيب، حتى علت صرخة تقصدتنا الفتى وأنا، لتطرد الفتى من المكان وكأن الطريق العام باتت ملكاً للمتكبرين، ولتؤنب رحمةً سكنت قلبي. ولكنّ كلانا لم يجفل ولم يعبء لا بالصرخة ولا بمصدرها، هو تمسمر مكانه متيقناً من أمل لن يخيب وانا اقف كالمحارب يجول نظري بين الفتى وأي فعل قد يحولني عن مقصدي.
أخذ المسكين المال ولم تكلّ شفتاه عن الدعاء، بيد أنّ هذه المرّة كان شكراً حاراً رأيته في هايتين العينين الصغيريتين. وتابعت مسيري في حزنٍ وصمتٍ، تدور في رأسي ألاف الأفكار، هل أصبت بعملي أم أخطأت؟ وما تراه الحل لأولئك الذين نقول عنهم بناة المجتمع؟ ومن هو المسؤول عن تلك الجريمة المتكررة يومياً؟ أين أهلهم وأين الدولة؟ وأين الشفقة والرحمة في قلوب البشر؟ كل تلك الأسئلة كانت تؤلم رأسي وتثقل فؤادي، وتزيدني اقتناعاً بصواب عملي، فما بين أهل ناكرون للجميل يرمون أطفالهم ويهملونهم كأي شيء لا قيمة له، لا بدّ إمّا التخلّص منه أو الإستفادة من عبء وجوده، وما بين دولة مجحفة لا تراعي مواطنيها ولا تحفظ كرامتهم وإنسانيتهم، لا بل بدلاً من معاقبة مَن علّمهم صنعة التسوّل فهي تحاسبهم بتهمة التشرّد وتلقي بهم في سجون الأحداث علّها تستريح من مناظرهم ومن ضجيج أصحاب الضمير، وما بين مجتمعٍ غائب يزيد على قسوة الزمان قسوةً، وما بين نظرة خاطفة على حاضر أولئك المساكين، بين ظلم الأهل والناس وحرقة القلوب أمام مناظر الأطفال الأخرى بثيابها الجميلة وألعابها الكثيرة والمحاطة بعطف ورعاية ذويها، وعلى مستقبلٍ بائس لا يحمل إلاّ مزيداً من التسوّل أو حياة مليئةً بالإنحراف وسوء السلوك؛ كان قراري تخفيف ألم ذاك الصبيّ ولو بالقليل القليل، فحينما يعجز الإنسان عن الحلول الجذرية لا بدّ له من القيام بأي عملٍ ولو كان صغيراً كي يساعد به الأخرين، فالمهمّ لا حجم الأعمال التي يقوم بها بل العمل بحدّ ذاته وكما سمعت مرّة مقولة معبّرة:" إن لم تستطع أن تقيد شمعةً فلا تشعل الحريق وإن لم تستطع مواساة دمعةٍ فلا تظلم البريء".



#رينا_ميني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كدت أنساك
- رسالة الى البحر
- مريم
- فريسة رجلٍ
- قطعة سما
- كن إنساناً
- عندما يبوح القلم
- محطة قطار
- ما بعد الكلام
- ما بعد الكلام
- لن ننساك..
- صديقي
- رقصة العشاق
- في حبّ الإمام
- سامحيني
- ولا عزاء..
- رهينة الإنتظار
- تعب القلب
- في حضرة الموت
- روايةٌ تائهة


المزيد.....




- إسرائيل: 276 شاحنة محملة بإمدادات الإغاثة وصلت إلى قطاع غزة ...
- مفوضية اللاجئين تطالب قبرص بالالتزام بالقانون في تعاملها مع ...
- لإغاثة السكان.. الإمارات أول دولة تنجح في الوصول لخان يونس
- سفارة روسيا لدى برلين تكشف سبب عدم دعوتها لحضور ذكرى تحرير م ...
- حادثة اصفهان بين خيبة الأمل الاسرائيلية وتضخيم الاعلام الغرب ...
- ردود فعل غاضبة للفلسطينيين تجاه الفيتو الأمريكي ضد العضوية ...
- اليونيسف تعلن استشهاد أكثر من 14 ألف طفل فلسطيني في العدوان ...
- اعتقالات في حرم جامعة كولومبيا خلال احتجاج طلابي مؤيد للفلسط ...
- الأمم المتحدة تستنكر -تعمد- تحطيم الأجهزة الطبية المعقدة بمس ...
- يديعوت أحرونوت: حكومة إسرائيل رفضت صفقة لتبادل الأسرى مرتين ...


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - رينا ميني - المشرّدون...إلى متى؟