أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - محمد محمود - في عيد المرأة العالمي: المرأة كاملة عقل















المزيد.....

في عيد المرأة العالمي: المرأة كاملة عقل


محمد محمود

الحوار المتمدن-العدد: 4025 - 2013 / 3 / 8 - 02:49
المحور: حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
    


(1)
تعاني المرأة في عالمنا العربي والإسلامي أعسر الأوضاع وأصعبها وأكثرها تمييزا وتعويقا لتحقيق ملكاتها وانطلاق قواها. ورغم أن المرأة لم تتحرر كامل التحرر في عالمنا اليوم، إلا أنها استطاعت تحقيق الكثير من المكتسبات، خاصة في الغرب، الأمر الذي فتح لها الطريق ومهّده أمام تحقيق هدف المساواة التامة مع الرجال. وعندما ننظر لمجمل الوضع العالمي للمرأة وما حققته من مكتسبات أو ما أصابها من انتكاسات فإننا نجد أن نساء المجتمعات المسلمة هن الأسوأ وضعا، وهو سوء ارتبط في العقود الأخيرة بصعود الإسلام كقوة سياسية وتشريعية ومالية واجتماعية في أغلب البلاد المسلمة وحتى خارج العالم الإسلامي وسط مسلمي المهاجر والمنافي.

وعندما ننظر للأديان في عالمنا اليوم فإننا نجد أن قوانين استمرارها اليوم لا تختلف عن قوانين استمرارها في الماضي، إذ أنه استمرار يعتمد على استنساخ وعي أفرادها وتوريث وعي الآباء للأبناء عبر عملية تشريب عقائدي تبدأ في المهد وتستمر طيلة حياة الفرد وتشارك فيها المؤسسات التعليمية والتربوية والإعلامية. وعملية التشريب والتشكيل العقائدي هذه لا تعمل على مستوى الوعي الفردي فحسب، وإنما هي عملية ذات بعد اجتماعي أيضا. فالفرد لابد أن يخضع لمنظومة سلوك اجتماعي ظاهر تؤكّد انسجامه مع الدين المعين وشذوذ الفرد عن هذا السلوك وخروجه عليه يعرّضه للمساءلة ولأشكال مختلفة من أشكال العقاب الاجتماعي والعزل والحرمان.

(2)
وللمرأة مكانة خاصة في عملية التشريب العقائدي هذه، إذ أنها العماد الحقيقي للأسرة ونجاح الدين في تطويع وعيها وتشكيله هو الشرط الأولي لوصوله للأطفال وتشكيل وعيهم واستمرار عملية الاستنساخ. ورغم الأهمية الحيوية للمرأة في الأسرة إلا أن الأديان عكست مواقف مجتمعاتها وانحازت لها ودعمتها واختزلت الأسرة لكيان ذكوري عماده الرجل لأنه صاحب القوة الاقتصادية. ويعبّر الإسلام أوضح تعبير عن هذه الرؤية في الآية القرآنية التي تقول: "الرجال قوامون على النساء بما فضّل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم ... " (34:4، النساء). وهكذا تتأكد الطبيعة الذكورية للأسرة عبر مبدأ القَوامة. وكما نرى من نصّ الآية فإن المفهوم القرآني للقوامة يرتكز على دعامتين، فهناك علاوة على الهيمنة الاقتصادية للرجل تفضيل إلهي له على المرأة يضعه فوقها.

وتواصل الآية لتقول: "فالصالحات قانتات حافظات للغيب بما حفظ الله واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا إن الله كان عليا كبيرا". هذه البنية الذكورية للأسرة وعلاقة القوة التي تفرضها أمر لابد أن تقبل به المرأة، وعدم قبولها بذلك وتمردها ونشوزها عليه أمر يستوجب تأديبها الذي من الممكن أن يصل حد ضربها. وهكذا يصبح العنف الأسري عنصرا من عناصر دعم وتثبيت سلطة الرجل.

وهكذا فإن الوعي الذي يستبطن الدونية والتبعية يصبح هو الوعي الأمثل الذي يجب أن تتحلّى به المرأة في المجتمعات المسلمة لتصبح امرأة صالحة في مجتمع صالح. وحتى يمكن لمثل هذا الوعي أن يكتسب وجودا فعالا ومؤثرا فلابد أن يكون مستندا على أساس "موضوعي" مكين. وكما رأينا فإن آية سورة النساء التي اقتبسناها أعلاه تخبرنا عن تفضيل الرجل على المرأة كمعطى إلهي لابد أن يُقبل، ومن غير توضيح لسبب هذا التفضيل. ومن المعقول أن نفترض أن البعض قد تساءلوا عن سر هذا التفضيل الإلهي، ومن المعقول أن نفترض أن عصر محمد لم يخل من نساء ذوي نزعة "نسوية" أخضعن مثل هذه الآية القرآنية لتساؤلاتهن (ولقد حفظت لنا الذاكرة الإسلامية خبر ما يبدو أنه كان "مظاهرة نسوية" ضد آية النشوز عندما طافت بآل محمد "سبعون امرأة كلهن قد ضربت"، كما أخرج البيهقي في سننه).

ما كان من الممكن إذن للإسلام أن يترك الأمر على مستوى التقرير القرآني لأفضلية الرجل وتبعية المرأة، وكان لابد له من تقديم الأساس "الموضوعي" للتفضيل الإلهي، وهو ما عبّر عنه الحديث القائل إن النساء "ناقصات عقل ودين". ولقد ترجم الإسلام هذه النظرة للمرأة "كناقصة عقل ودين" ترجمة عملية انعكست على أهليتها القانونية والدينية، وهكذا يروي الحديث أن محمدا شرح لجمع من النسوة عندما سألنه: "وما نُقصان ديننا وعقلنا" وقال لهن: "أليس شهادة المرأة مثل نصف شهادة الرجل"، وعندما قلن "بلى"، قال لهن: "فذلك من نقصان عقلها"، ثم أردف قائلا: "أليس إذا حاضت لم تُصَلِّ ولم تَصُمْ"، وعندما قلن "بلى"، قال لهن: "فذلك من نقصان دينها" (صحيح البخاري، كتاب الحيض، باب ترك الحائض الصوم). ولقد وجدت المرأة المسلمة في عصرنا الحاضر نفسها ضحية هذه الرؤية، وهكذا وفي حالة الدول التي تبنت تطبيق الشريعة الإسلامية مثل السعودية مثلا فإن شهادة المرأة على النصف من شهادة الرجل في المحاكم الشرعية ولا تقبل شهادتها في المحاكم الجنائية.

(3)
إن كرامة المرأة وإنسانيتها لا يمكن أن تسترد في المجتمعات المسلمة إن لم تقبل هذه المجتمعات أن المرأة كاملة عقل. ومثلما قبل المسلمون في العصر الراهن بمبدأ إلغاء الرق رغم أن الشريعة الإسلامية تقبل الرق ولا تحرّمه ولا ترى فيه عيبا أخلاقيا، فإنهم مواجهون بتحد مماثل فيما يتعلق بشأن المرأة وهو تحدي الاعتراف بإنسانيتها الكاملة التي تجعلها مساوية للرجل في العقل والكرامة والحقوق الإنسانية مما يستوجب إلغاء كل أشكال ومظاهر التمييز ضدها.

ورغم أن أوضاع المرأة في المجتمعات المسلمة هو الأسوأ في عالمنا اليوم، إلا أن هذا لا يعني أن النساء لم يحققن بعض المكتسبات رغم العوائق والمثبطات (حتى في بلد متخلف مثل السعودية)، ولا يعني بأنه لا توجد مسيرة نضالية ومقاومة نسوية تتعمّق وتتسع كل يوم. وفي عيد المرأة العالمي هذا لا نملك ألا أن نحني هاماتنا لكل النساء في العالم الإسلامي اللائي يناضلن من أجل انتزاع اعتراف مجتمعاتهن بإنسانيتهن ويعملن على تحقيق مساواتهن. ونضال النساء هذا لن يحرر النساء فقط وإنما سيحرّر الرجال أيضا، إذ أن البنية الذكورية تخلق وضع استعباد شامل ينتقص من إنسانية كل فرد رجلا كان أم امرأة.

(*) محمد محمود باحث وأكاديمي سوداني عمل بالتدريس في كلية الآداب بجامعة الخرطوم وكان رئيسا لقسم الأديان المقارنة بجامعة تفتز بالولايات المتحدة. سيصدر له في نهاية مارس 2013 كتاب (نبوة محمد: التاريخ والصناعة، مدخل لقراءة نقدية) عن مركز الدراسات النقدية للأديان.



#محمد_محمود (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ارفعوا أيديكم عن نهلة وأسرتها
- الترابي في الثمانين - من إكتوبر إلى يونيو : إفلاس الرؤية وبؤ ...
- بيان ذكرى الشهيدة - سعيدة المنبهي -
- في انتهازية - الإشتراكي الموحد -
- التوظيف السياسي للمساجد ومأزق العدل والإحسان
- مئوية يوم المرأة العاملة الأممي
- حول مشاركة أطاك طنجة في احتجاجات 20 فبراير
- نجاح مهرجان التضامن مع ساكنة سيدي بوزيد بطنجة
- طنجة ليلة العاشر من دجنبر : حصار قمعي و أطاك تمنع المنع
- طنجة : في اليوم العالمي لمناهضة الفقر ... أطاك تمنع المنع من ...
- لجنة المرأة بجمعية أطاك طنجة تخلد ذكرى اليوم الأممي للمرأة ا ...
- أيتها النساء العاملات ، اتحدن .
- فعاليات التضامن مع المعتقل من أجل الحق في التعليم - ع الإله ...
- - عبد الإله عليلبيت - معتقل الحركة الطلابية من أجل الحق في ا ...
- على درب سعيدة المنبهي ، من أجل التحرر الفعلي للنساء
- فصيل التوجه القاعدي بطنجة ... نضال مستمر إلى الأمام
- حول تطورات الأوضاع في الحي الجامعي بطنجة
- المرأة و العمل
- أطاك طنجة ..حملة ضد الغلاء .. إعتقال الرفيقين -حسن نارداح - ...
- رسائل كافرة ( 1 ) ...


المزيد.....




- “800 دينار جزائري فورية في محفظتك“ كيفية التسجيل في منحة الم ...
- البرلمان الأوروبي يتبنى أول قانون لمكافحة العنف ضد المرأة
- مصر: الإفراج عن 18 شخصا معظمهم من النساء بعد مشاركتهم بوقفة ...
- “سجلي بسرعة”.. خطوات التسجيل في منحة المرأة الماكثة بالبيت ف ...
- إيران - حظر دخول النساء الملاعب بعد احتضان مشجعة لحارس مرمى ...
- هل تؤثر صحة قلب المرأة على الإدراك في منتصف العمر؟
- اغتصاب وتحويل وجهة وسطو وغيرها.. الأمن التونسي يوقف شخصا صدر ...
- “الحكومة الجزائرية توضح”.. شروط منحة المرأة الماكثة في البيت ...
- جزر قرقنة.. النساء بين شح البحر وكلل الأرض وعنف الرجال
- لن نترك أخواتنا في السجون لوحدهن.. لن نتوقف عن التضامن النسو ...


المزيد.....

- بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية / حنان سالم
- قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق / بلسم مصطفى
- مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية / رابطة المرأة العراقية
- اضطهاد النساء مقاربة نقدية / رضا الظاهر
- تأثير جائحة كورونا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لل ... / رابطة المرأة العراقية
- وضع النساء في منطقتنا وآفاق التحرر، المنظور الماركسي ضد المن ... / أنس رحيمي
- الطريق الطويل نحو التحرّر: الأرشفة وصناعة التاريخ ومكانة الم ... / سلمى وجيران
- المخيال النسوي المعادي للاستعمار: نضالات الماضي ومآلات المست ... / ألينا ساجد
- اوضاع النساء والحراك النسوي العراقي من 2003-2019 / طيبة علي
- الانتفاضات العربية من رؤية جندرية[1] / إلهام مانع


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - محمد محمود - في عيد المرأة العالمي: المرأة كاملة عقل