أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - جعفر المظفر - العلمانية... عراقيا















المزيد.....

العلمانية... عراقيا


جعفر المظفر

الحوار المتمدن-العدد: 4023 - 2013 / 3 / 6 - 17:27
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    



غالبا ما يكون الدخول إلى العلمانية من خلال مداخلهاالأوروبية فيقال أن العلمانية كانت تأسست على الصراع بين المؤسسة الدينية ورجالات المجتمع المدني والسبب هو وقوف الأولى ضد قيم التطور وفي المقدمة منها العلمية والثقافية. وربما على طريقة بسيفك أقتلك أكد البعض على أن العلمانية ليس مقدرا لها ان تنشأ كحل عربي وإسلامي لأن الظروف التي أوجبتها في الغرب لا يتوفر مثيلها إسلاميا وعربيا.
ونعرف أن الظروف الأوربية التي أدت إلى إنبثاق العلمانية هي في غالبها كانت صراعا لحسم موضوعة التقدم التي لم يكن بإمكانها أن تحدث لولا الإنتصار على سلطة الكنيسة. وأن الصراع في الأصل كان قد نشأ بين هذه الأخيرة والحركة المدنية لأن كلا المؤسستين ولدتا وترعرتا بشكل منفصل عن الآخر, على عكس الحالة العربية الإسلامية حيث المكونان كانا قد نشئا وترعرعا في رحم واحد طيلة العصور المختلفة للدولة الإسلامية, وبداية منذ دولة النبي وصولا إلى الدولة العثمانية, حيث كان رؤوساء تلك الدول هم أيضا خلفاء للرسول وبالتالي هم كانواحمَلة للصفتين الدينية والمدنية في وقت واحد, وتلك حقيقة يجب ان لا تفوتنا مطلقا.
لقد كان الرئيس هو الخليفة الذي إجتمع فيه الدين والدنيا وتمازجت فيه السياسة مع الدين إلى حد كبير. كما أن المسلمين كانوا يعيشون عصر نهضتهم مما يؤكد وجود حالة قربي وثيقة بين الإسلام وحركة التقدم على الشاكلة التي كان العالم عليه حينذاك. أما أوروبا فقد كانت تعيش عصر ظلامها مما أوجب عليها حتمية الصدام وحتمية الإختيار.
وبالمقارنة البسيطة سوف نرى أن الظلام الأوروبي لم يكن كله ظلاما لأنه هو ذاته من أسس للتناقضات الكبيرة التي أوجبت الصدام وحسم الإختيار عبورا إلى عصر النهضة. في حين أن النور الإسلامي لم يكن كله نورا لأنه إستنفذ في عصر النهضة الإسلامية حاجاته إلى التقدم.
وكانت حقيقة التداخل ما بين الديني والسياسي, فكرا ومؤسسة, قد أدت إلى غياب واحد من المشاهد الرئيسة اللازمة لنشوء الصراع الذي يستوجب الحسم بإتجاه الدخول إلى عصر آخر من الدول, وإلى مستويات وأنواع أخرى من التقدم لم يكن ممكنا الوصول إليها في غياب الحريات الفكرية والعقائدية والعلمية التي تجيز وتسمح وتساعد إنطلاقة كتلك التي بدأت في عصر النهضة الأوروبية,والتي ما زال الغرب يجني ثمارها بشكل رئيسي, في الوقت الذي مازلنا نحن نعيش على هامشها.
فلنعترف إذن أن الموضوعة الأساسية التي أوجبت إنبثاق العلمانية الأوروبية هي غير متوفرة عربيا, لا تاريخيا ولا موضوعيا, فإحتدام الصراع بين التقدم والتخلف قد خف كثيرا بحيث أنه لم يعد يؤسس لصراعات حاسمة, أما العرب والمسلمون فقد كفاهم الإستيراد وغياب الإختراع والإبتكار والتصنيع من شر إحتدام التناقض الذي يطلب حلولا جذرية.
ومع لزوم الإقرار بهذه الفوارق لكن بإمكاننا أن نلمس أن نصف حديثنا, والخاص بقانون الزمان والمكان, هو صحيح جدا, لكن نصفه الآخر قد يكون خطأ.
ذلك لأن تعاملنا قد تم على طريقة النصف سؤال والنصف إجابة.
فبعد أن قرر البعض عدم جواز تقليد التجربة أو تكرارها نتيجة إنعدام الظروف المتماثلة, إلا إنه لم يتفحص فيما إذا كان هناك الآن, عربيا وإسلاميا, ما يدعو إلى الإلتزام بالعلمانية بغض النظر عن عدم توفر سببها الأوروبي. كما أننا لم نتسائل أيضا فيما إذا كان بالإمكان وجود نسخ متفرقة من العلمانية قد تلتقي مع مثيلتها الأوروبية من ناحية المضمون والهدف على رغم الإختلاف الذي يصنعه الظرفان, الموضوعي والتاريخي, في تحديد الأسباب الموجبة لنشوء كل منهما ..
بموجز العبارة.. لقد فاتنا أن نجيب على نصف السؤال الآخر لأننا لم نطرحه أساسا.
وبعيدا عن التحليلات الفكرية والنظرية التي تعتمد على التجربة الأوروبية ذاتها فإن تجربة الإسلام السياسي الحالية, على محدوية عمرها, قد وفرت لنا فرصا واقعية مجسمة لمعرفة حقيقة أن هذه التجربة لم تعد قادرة على إدامة قواعد لعبة الدولة في عصرنا الحاضر. فإذا ما كانت الدول الغربية قد إستدعت الحالة العلمانية من أجل السماح لمرور عصر النهضة لتسهيل تطورها العلمي والفكري, فإن العلمانية العربية, وفي المقدمة منها العراقية, إنما تأتي هنا للمحافظة على وجود الدولة الوطنية المعاصرة ومجتمعاتها ولم تعد مطلوبة فقط لحاجات التطور المعاصر. وإذا ما وقفنا أمام المثال العراقي فسوف نجد أن حركة الدين السياسي لا تهدد نهضة هذه الدولة فحسب وإنما هي تهدد وجودها بالأصل, فالدولة العراقية المعاصرة التي ادخلها الإسلام السياسي في مأزقها الطائفي باتت مرشحة تماما للإنقسام والتفتت, وليس متوقعا ان يقف هذا الإنقسام عند تأسيس دولتين, واحدة سنية وأخرى شيعية, وإنما سيكون من المقدر أن تستمر عملية التكاثر والإنشطار بالتوافق مع نشوء فروع من المذهبين الأساسين, كما هو قائم بالفعل حاليا. وإذ لا يوجد ما يمنع نشوء مذاهب متفرقة من المذهب الواحد فإن من المفترض أن لا يتم منع نشوء دول مجهرية أخرى على أساس حق كل مذهب في تأسيس دولة.
إن العلمانية العراقية, وكذلك المصرية والسورية, وكل الدول العربية الأخرى التي لا تعيش حالة أحادية الدين أو المذهب, ليست مطلوبة من واقع أنها قرين لحركة النهضة والتقدم, وإنما لأنها قرين لقضية وجود هذه الدول ومجتمعاتها على قيد الحياة. وهكذا فإن الإسلام السياسي, الذي كان له فضل تأسيس الدول الإسلامية الكبرى حينها, هو الأن في حالة تناقض فعلي مع حاجات الدولة الحديثة, ليس من واقع حاجتها إلى مقومات التطور بالدرجة الأساس وإنما من واقع قدرتها على الإستمرار على العيش أولا دون تقسيم وتبعثر.
إعتمادا على حقيقة اساسية كهذه يمكننا القول إن العلمانية, وإن نشأت أوروبيا لأسباب معينة وخاصة بتلك المجتمعات, إلا ان نشوءها العربي إنما باتت تستدعيه حاجات ذات صلة بقضايا الوجود, وليس قضايا التطور لوحدها, مما يسمح بالقول أن العلمانية , وإن كانت ذات منشأ أوروبي, غير أن منشأها العراقي أو المصري أو السوري بات يمتلك خصائصه التي تجعله مطلوبا بشكل أكثر إلحاحا من مثيله الأوروبي, وبالتالي يمكننا القول ان العلمانية, لو لم تكن أوروبية المنشأ لصارت عراقيته بالضرورة.



#جعفر_المظفر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مرة أخرى... تفتيت الإرادات أم تقسيم الجغرافيا
- تفتيت الإرادات أم تقسيم الجغرافيا.
- الطائفيون وتظاهرات الأنبار
- إزاحة المحمود.... بين إتقان القيادة وإتقان المعارضة
- من سطوة المحمود إلى سطوة الإجتثاث
- دولة الشراكة أم دولة المشترك
- هل كان بإمكان أوباما أن يجلس في حضرة رجل أبيض.
- من سيذهب إلى الجحيم.. أكَلَة الخنزير أم أكَلَة الناس
- أزمة الدولة العراقية الوطنية مع الأحزاب الأيديولوجية
- حزب الدعوة.. بين رفاه النظرية وإمتحان الحكم
- لن تنجح العملية إذا مات المريض.. العراق وسوريا إنموذجين
- محبة الطائفة تشترط أن لا تكون طائفيا
- تجديد ولاية رئيس الوزراء لأكثر من مرتين.. ما الخطر
- ( 3 ) حزب الدعوة والدولة العراقية.. خصومة وحكومة.
- حزب الدعوة والعراق ... خصومة وحكومة ... ( 2 )
- حزب الدعوة والعراق ... خصومة وحكومة*
- صفقة موسكو.. عار حكومي بإمتياز
- الفقاعة القاتلة
- محاولة للقراءة في عقل المالكي... من أزمة كركوك إلى أزمة الأن ...
- أعداء سنة وشيعة ... هذا الوطن نبيعة


المزيد.....




- شاهد رد مايك جونسون رئيس مجلس النواب الأمريكي عن مقتل أطفال ...
- مصادر تكشف لـCNN كيف وجد بايدن حليفا -جمهوريا- غير متوقع خلا ...
- إيطاليا تحذر من تفشي فيروس قاتل في أوروبا وتطالب بخطة لمكافح ...
- في اليوم العالمي للملاريا، خبراء يحذرون من زيادة انتشارالمرض ...
- لماذا تحتفظ قطر بمكتب حماس على أراضيها؟
- 3 قتلى على الأقل في غارة إسرائيلية استهدفت منزلًا في رفح
- الولايات المتحدة تبحث مسألة انسحاب قواتها من النيجر
- مدينة إيطالية شهيرة تعتزم حظر المثلجات والبيتزا بعد منتصف ال ...
- كيف نحمي أنفسنا من الإصابة بسرطانات الجلد؟
- واشنطن ترسل وفدا إلى النيجر لإجراء مباحثات مباشرة بشأن انسحا ...


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - جعفر المظفر - العلمانية... عراقيا