أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية - علي الدميني - مرافعة















المزيد.....



مرافعة


علي الدميني

الحوار المتمدن-العدد: 1157 - 2005 / 4 / 4 - 11:48
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية
    


بسم الله الرحمن الرحيم
"الدفوع" المقدمة من علي الدميني إلى هيئة المحكمة الموقرة:
1. كلمة لابد منها ص 2
2. انتفاء الأساس الشرعي والنظامي للإتهام. ص 4
3. القسم الأول: دفاعي عن الخطابات و البيانات المطلبية. ص 7
4. القسم الثاني: دفاعي عن الآراء الواردة في حوار موقع الساحل على الإنترنت و إذاعة مونتكارلو. ص 12
5. القسم الثالث: دفوع عامة. ص 26

مرفقات:
1. تطوير النظام الاساسي للحكم إلى "دستور"
2. المجتمع المدني و دوره في الحد من العنف و الإرهاب.
3. رسالة إلى أصحاب الفضيلة أعضاء هيئة المحكمة الموقرة.
4. مقالات منشورة في الصحف السعودية.


الرياض في 2/2/1426 هـ الموافق 12/3/2005م



وذلك لمرور عام على الاعتقال في 25/1/1425هـ الموافق 16/3/2004م

بسم الله الرحمن الرحيم
كلمة لابد منها: 1- أشكر لهيئة المحاكمة الموقرة تحملها مشاق استمرار هذه المحاكمة التي أكملت شهرها الثامن، وأسجل تقديري لجهودها الكريمة في الحرص على بدء المحاكمة بجلسة أولى علنية مفتوحة، حضرها الجمهور، ولجان حقوق الإنسان، ووسائل الإعلام المحلية والعالمية بدون تمييز، كما أثني على ما بذلته هيئة المحاكمة الموقرة لاستمرار هذه المحكمة في صورتها العلنية، حيث وعدتنا في الجلسة الثانية الملغاة بأنه لا تراجع عن علنية المحكمة، كما أقدر لها حكمها بعدم الاختصاص حتى وإن جاء متأخراً، ولكن ما حدث خلال هذه الفترة الطويلة في مسار المحاكمة شاهد على تدخل السلطات الأخرى في شؤون القضاء، وهو الأمر الذي يدعم مطالبنا بضرورة الفصل بين السلطات، والعمل على كفالة استقلالية سلطة القضاء عن كل تدخلات السلطات الأخرى، ومطالبتنا بإنشاء مجلس للنواب، يتولى وضع الأنظمة والقوانين. ويهمني هنا التأكيد على تمسكي بحقي وحق كل معتقل في محاكمة علنية وفق الضوابط الشرعية التي قررت ذلك بصورة لا لبس فيها، والمعايير الدولية لاستقلال القضاء، وما تضمنه الميثاق العربي لحقوق الانسان الذي وقعته المملكة والتي تكفل جميعها حق المتهم في محكمة علنية مفتوحة للجمهور ووسائل الإعلام. وقد تقرر هذا الحق قبل هذا الميثاق في السنة الفعلية للنبي صلى الله تعالى عليه وسلم، حيث ثبت أنه كان يقضي بين الناس في المساجد على رؤوس الأشاهد، وسار من بعده الخلفاء الراشدون وسلف الأمة الصالح على هذا واتفق السلف أنه حجة عند أهل العلم. 2- وقد حاولت مع زميلي د. عبدالله الحامد، ود. متروك الفالح، خلال الأشهر الثمانية الماضية المنصرمة من عمر النظر في قضيتنا - ذات الطابع السياسي - أمام القضاء، إقناع هيئة المحاكمة بحقنا في محاكمة علنية، إلا أن الهيئة لم تستطع التجاوب مع هذا الحق. وانطلاقا من تقديرنا لهيئة المحاكمة، وإبداءً للمرونة وحسن النية، وتعزيزاً للعلاقة التحاورية والمطلبية التي إنتهجنا سبلها السلمية مع الجهات المسئولة، والتي تتوسل بتجسير العلاقة مع القيادة، فقد تجاوبنا مع ما أبدته المحكمة من تحفظات على الحضور الكثيف للجمهور، وطرحنا في خطابنا المرفوع إلى سمو ولي العهد الأمير عبدالله بن عبدالعزيز مقترحا بحل يقوم على إقتصار حضور الجمهور على المحامين والوكلاء وبعض المهتمين بالشأن العام من شركائنا في الخطابات المطلبية المرفوعة إلى القيادة، وكذلك بحضور عدد من وسائل الإعلام المحلية والعالمية، كما أننا أعدنا طرح هذا المقترح في جلسة المحاكمة المنعقدة بتاريخ يوم الأربعاء 7/1/1426هـ. 3- ولكن المحكمة الموقرة لم تستجب لمقترحنا، ولذا فقد أصررنا على حقنا في رفض المحاكمة السرية المنعقدة يوم السبت الموافق 2 صفر 1426هـ - 12مارس2005م مما حدا بالمحكمة لتأجيل النظر في القضية مدة ثلاثة أسابيع أخرى، وقد طلب محامينا الإفراج عنا حتى موعد الجلسة، ولكن هيئة المحاكمة الموقرة لم تستجب لطلبنا حتى تاريخه. 4- وأمام هذا الوضع المتصلب الذي يقسرنا على قبول المحكمة بالطريقة التي حصرت حضور الجمهور بالمحامين والوكلاء وثلاثة أفراد من عائلة كلٍ منا، فقد رأى زميلاي د. الفالح ود. الحامد المضي في التمسك بموقفهما من المطالبة بتوفر الشروط الشرعية لمحكمة علنية، وأعتقد أن لديهما من المعطيات والمبررات ما يؤيد حقهما في اتخاذ ذلك القرار الذي أتفق معهما فيه، إلا أنني، وانطلاقا من معطيات أخرى تتفق مع اسلوبي في التعاطي مع القضايا الشائكة بما يجعلني أكثر قدرة على مواجهة تبعات قراري، فإنني سأقبل مضطراً حضور المحكمة وفق الضوابط التي حددتها هيئة المحاكمة المحترمة.
«إن الحق هو الحق»، والذي لا تنتقص من حقيقته ومشروعيته الظروف غير المتكافئة التي تتيح المجال لاستقواء الطرف الأقوى بسلطته ضد الطرف الأضعف، ولا يلغيه قبول الطرف المضطر بأصعب الاختيارات، ولذا مازلت مؤمناً بحقي وحق زملائي في توفير الشروط الشرعية والقانونية للمحاكمة العلنية، وأطالب قبل ذلك وبعده بتمكين مئات المعتقلين في سجون المملكة في قضايا الرأي أو العنف من توكيل محامين للدفاع عنهم وتحويلهم إلى المحاكم للبت في قضاياهم المعلقة، كما أنني أتمسك بحقي في الطعن في عدم استكمال المحكمة للشرط الذي هو معيار العدالة المهم، و هو علانية المحاكمة بحضور الجمهور ووسائل الإعلام. إنني أعتبر حضور وسائل الإعلام المحلية والعالمية لجلسات المحاكمة شرطاً أساسياً يوازي عندي حضور الجمهور، لأنهم القادرون على نشر وقائع المحاكمة وما يدور فيها على الملأ في كل مكان، و بالرغم من الغياب الفادح لوسائل الإعلام عن جلستنا هذه إلا أنني سأقدم دفوعي أمام عدالة المحكمة.
أصحاب الفضيلة: لقد رأيت أمام هذا الأفق المسدود، والحلقة المفرغة التي ندور فيها، أن أفتح باباً بقبولي بالشروط التي وضعتموها، وكلي أملٌ في أن تسهم خطوتي هذه في البحث عن مخرج للأزمة، ولسان حالي يردد مع الشاعر: إذا لم تكن إلا الأسنة مركباً فما حيلة المضطر إلا ركوبها
بسم الله الرحمن الرحيم
" ربنا افتح بيننا وبين قومنا بالحق "
فضيلة رئيس الجلسة
أصحاب الفضيلة الأعضاء
الأخوة المحامون
الأخوات والأخوة الحاضرون
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أولاً: انتفاء الأساس الشرعي والنظامي للاتهام:
في البداية، أؤكد لأصحاب الفضيلة القضاة، على بطلان كل التهم الموجهة إليّ من الإدعاء العام، لأنها لا تستند إلى دليل.
وقد نصت المادة (36) من النظام الأساسي للحكم، على أنه " لا جريمة، ولا عقوبة إلا بنص شرعي أو نظامي "، وهذا التحديد يتأسس على قوله تعالى" وما كنا معذبين حتى نبعث رسولاً" (الإسراء، آية 15)، وقوله تعالى " وما كان ربك مهلك القرى حتى يبعث في أمها رسولاً" (القصص، آية59).
ومؤدى هذا المبدأ في الشريعة الإسلامية، أنه لا يجوز توقيع العقاب على أي شخص إلا عن فعل قد تم النص على تجريمه، بشكل محدد ودقيق قبل ارتكاب الفعل، وهو ما يُسمّى بمبدأ التنبيه والاستجابة، أي الإنذار والتحذير من جانب المكلٍّف، ثم الاستجابة من جانب المكلَّف، فلا حكم ولا تكليف قبل ورود النص المجرِّم للسلوك تجريماً محدداً، حتى يتمكن الأفراد من معرفة الأفعال التي تعدّ محظورة، وبالتالي يسعون لتجنبها.
ولذا فإنني أطالب الإدعاء العام، بإبراز النص الذي يجرّم مطالبتنا بالإصلاح الشامل في بلادنا، كما أطالبه بإيراد النص الذي يحدّد العقوبة المترتبة عليها.
ثم أنني اتساءل ... كيف يمكن للإدعاء العام، أن يكيل لنا كل هذه التهم الخطيرة والمحرّمة بحسب ما ورد في "لائحة دعوى عامة"، إذا كانت أجهزة المباحث قد عرضت علينا في الساعات الأولى من اعتقالنا، إطلاق سراحنا، مقابل "تعهّد" يلزمنا بعدم ممارسة أي نشاط، مماثل لأنشطتنا (المطلبية) السابقة؟
وهذا يدلّ على أن ما قمنا لا يستحق التجريم أو العقاب، وأن ما ادّعى به علينا الادعاء العام من تهم، يُعدّ أمراً باطلاً، وأن الأمر الوحيد الذي نمثُل من أجله أمام فضيلتكم، هو رفضنا التوقيع على التعهّد المعروض علينا من قبل الأجهزة الأمنية بتاريخ 25-1-1425 هـ.
وحيث لا يوجد نص يحدد الجرم ولا العقوبة المترتبة على ما ورد في لائحة الاتهام من ادعاءات، وحيث أن ما شاركت فيه من نشاط سلمي يطالب بالإصلاح السياسي في بلادنا، هو أمر مشروع يقع ضمن منظومة حقوق المواطنة، الذي كفلته القوانين والمواثيق الدولية التي وقعت عليها المملكة، فإنني أناشد عدالتكم بالوقوف في ذلك على ما ورد في "الميثاق العربي لحقوق الإنسان" (الميثاق) الذي وقعته المملكة، ثم الحكم منكم على ذلك باعتباره جزءاً من منظومة التشريع المعترف به في بلادنا، والذي نصت مادته (24)، على الحقوق التالية:
أ?- لكل مواطن الحق في حرية الممارسة السياسية.
ب?- لكل مواطن الحق في حرية تكوين الجمعيات مع الآخرين، والانضمام إليها.
ت?- لكل مواطن الحق في حرية الاجتماع وحرية التجمع بصورة سلمية.
وبأخذ هذه الحقوق المكفولة للمواطن –بحسب النظام - بعين الاعتبار، فإن اعتقالي كل هذه المدة يعد امتهاناً لكرامة الإنسان وحقوقه المشروعة، وقد رافق ذلك ارتكاب الجهات المعنية للعديد من الانتهاكات أوجزها فيما يلي:
1- تم اعتقالي وزملائي بشكل تعسفي وبدون سند قانوني، وهذا مخالف للفقرة " أ" من المادة( 14) من الميثاق العربي لحقوق الإنسان، حيث تنص على: " لكل شخص الحق في الحرية وفي الأمان على شخصه، ولا يجوز توقيفه أو تفتيشه أو اعتقاله تعسفاً بغير سند قانوني".
2- عدم تمكيني من الاتصال بأهلي يوم اعتقالي، وهذا مخالف لما جاء في المادة (14) من الميثاق، وفي فقرتها (ج) التي تقرر:" .. كما يجب إخطاره فورا بالتهمة أو التهم الموجهة إليه، وله حق الاتصال بذويه".
3- تم وضع القيود في قدميّ في مطار الرياض، ولم تكن قد ثبتت عليّ أية تهمة، وهذا أمر يحط بكرامة الإنسان أمام الناس، وهو مخالف لما جاء في المادة( 8) من "الميثاق، وفي فقرتها "أ"، والتي تقول: يحظر تعذيب أي شخص بدنياً أو نفسياً، أو أن يعامل معاملة قاسية أو لا إنسانية أو مهينة، أو تحط بالكرامة ".
4- بالرغم من إنهائي التحقيق مع المباحث في الدمام، ومع هيئة الادعاء العام أيضاً، بدون حضور محامي، وفي الأسبوع الأول من فترة اعتقالي، إلا انه لم يتم تقديمي إلى المحكمة إلا بعد خمسة اشهر من الاعتقال، والذي تضمن الحبس الانفرادي لمدة شهرين، وهذا كله مخالف لما جاء في المادة (13) من "الميثاق"، وفي فقرتها "هـ"، والتي تنص على: " يُقدّم الموقوف أو المعتقل بتهمة جزائية دون تأخير أمام أحد القضاة أو أحد الموظفين المخولين قانوناً بمباشرة وظائف قضائية، ويجب أن يُحاكم خلال مهلة معقولة أو يُفرج عنه".
5- طالما أن اعتقالي وزملائي واحتجازنا كل هذه المدة، قد تم بدون وجه حق، أو سند قانوني، فإنني أطالب بإطلاق سراحنا وتعويضنا عما لحق بنا من أضرار مادية و معنوية، وفق المادة، (14)، في فقرتها "ز" والتي تقول: "لكل شخص كان ضحية توقيف أو اعتقال تعسفي أو غير قانوني، الحق في الحصول على تعويض".
ومع احتفاظي بحقي في مطالبة الادعاء العام بإبراز ما أشرت إليه بعاليه، وتدعيماً لما ورد آنفاً من دفوع فإنني سأستعرض تفاصيل ردي على ما ورد في لائحة الادعاء العام من تهم باطلة تليت - من قبل - على رؤوس الأشهاد، وابدأ بالنقطة الهامة التالية:
اتهمني الادعاء العام، ب" السعي إلى إثارة الفتن وبث بذور الخلاف بين أبناء الشعب وإثارة التحزب المذهبي والطائفي"، وهذا الجهد التأويلي العجيب، يجعلنا نستنتج ما يلي:
1-إن المطالبة بالحرية والعدالة وحقوق الإنسان، فتنة ينبغي القضاء عليها، وأنها، بحسب كلمات الادعاء العام، فعل محرمٌ، ومعاقب عليه شرعاً ونظاماً!
2-إن إقامة المؤسسات الدستورية، وتمكين الشعب من المشاركة السياسية في اتخاذ القرار، وتشريع عمل جمعيات المجتمع المدني المعبرة عن تطلعات كافة الشرائح، والتشكيلات الاجتماعية في كافة ميادين الحياة، يعتبر من وجهة نظر الإدعاء العام عملاً يبذر الخلاف بين أبناء الشعب.
3-إن إزالة المظالم الاجتماعية بكافة أشكالها الفئوية والطائفية والمناطقية، وتطبيق مبدأ التوزيع العادل للثروة بين كافة الشرائح والمناطق، وتمكين جميع المذاهب والطوائف من ممارسة حقها الطبيعي في إتباع قواعد مذاهبها، سوف يعمل على إثارة التحزب المذهبي والطائفي.
كما أورد المدعي العام في تهمة أخرى قولي " إن من أهم أسباب انتشار الإرهاب والعنف في المملكة، هو أن احتكار تيار فقهي واحد من التيارات الأربعة، ونفي ما عداه من مذاهب وطوائف، قد أدى إلى تغلغل هذا التيار في كافة مفاصل النظم التعليمية والتربوية والاجتماعية والسياسية، وأنه تم استقطاب الشباب ضمن رؤية أيديولوجية تكفّر المجتمع، وان مجتمعنا أصبح مجتمع الرأي الواحد المغلق، بالإضافة إلى عوامل معيشية تتمثل في أزمات صحية وإسكانية وتعليمية، وفي الفقر والبطالة "حيث اعتبر هذا الكلام تبريراً للعنف، واستغلالاً للعمليات الإرهابية للنيل من نهج البلاد والطعن في مرتكزاتها الدينية.
وهذه القراءة المتعسفة لما قلته، تفسح المجال أمامنا لطرح التساؤلات التالية:
1- هل بني نهج الدولة وكيانها ومشروعيتها، على العدل واحترام حقوق المواطنة أم على حرمان الإنسان من حقوقه في التعبير السلمي عن الرأي، وعلى سكوته عما تشهده بلادنا من أزمات، تمثلت في الفقر والبطالة والدين العام، وما يعيشه المواطنون من اختناقات معيشية تطال التعليم والصحة والسكن والبيئة ؟
وهل بنيت مشروعية الدولة، على إزالة الظلم وتحقيق العدالة الاجتماعية أم على السكوت على مظاهر الفساد والرشوة واستغلال المال العام ؟
2- هل ترعرع الإرهاب، لأننا طالبنا بمعالجة جذوره الفكرية والمعيشية، أم لأن هناك خللاً ثقافياً وتربوياً واجتماعياً ضخماً فشلت أجهزة الدولة في معالجته، مما أدى إلى انتشار تيار التشدد والتكفير والعنف والإرهاب ؟
وفي الحقيقة فإن كل هذه السلبيات والاختناقات لا تمت بصلة إلى مرتكزات الدولة ومشروعيتها بل إنها أمراض فتاكة تهدّد أمنها واستقرارها، وحاضرها ومستقبلها أيضاً. كما أن الصمت حيال السلبيات والأزمات الخطيرة، هو الجريمة المنكرة التي تعتبر إخلالاً بثوابت الدولة ونهجها العادل الذي قامت أسسها عليه.
ويهمني أن أؤكد على أن من يتصدى بأسلوب سلمي وعلمي، لانتقاد مظاهر الخلل والأخطاء في أجهزة الدولة، ليس هو العدو، بل إنه هو المحب المخلص، وهو الأكثر وفاءً للأسس العادلة التي قامت عليها نظرية بناء الدولة، وهو الأكثر انتماءً وولاءً للدولة، وهو الأشد حرصاً على أمنها ورخائها واستمراريتها.
ثانياً: تفنيد ما ورد في لائحة الدعوى من اتهامات
ولمتابعة تفنيدي لما ورد في "لائحة دعوى عامة" بالتفصيل، فإنني سأورد إجاباتي عليها في قسمين، يختص الأول منها بالبيانات والخطابات المطلبية التي ساهمت في إعدادها أو التوقيع عليها، أما القسم الثاني فيختص بمداخلاتي الحوارية في موقع الساحل على الانترنت.
القسم الأول : الخطابات و البيانات المطلبية
(1): خطاب رؤية لحاضر الوطن ومستقبله
لقد ساهمت مع عدد كبير من المهتمين بالشأن العام في بلادنا، في التشاور والحوار لإعداد خطاب "رؤية لحاضر الوطن ومستقبله"والذي قدم لسمو الأمير عبدالله بن عبدالعزيز ولي العهد في يناير 2003م، حيث استقبل سموه عدداً من الموقعين على ذلك الخطاب، وعبر لهم عن أن "رؤيتهم هي مشروعه".
و استناداً إلى قوله تعالى(إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت) فإن قضية الإصلاح السياسي والدستوري في بلادنا ليست جديدة ولا مستغربة، وكانت المطالبة بالإصلاح مستمرة منذ الخمسينات الميلادية وحتى اليوم، ولكن هذه القضية قد غدت هماً عاماً، وموضوعاً مطروحاً للنقاش على مستوى الكتّاب والمثقفين والمهتمين بالشأن العام، وعلى المستوى الشعبي أيضاً، وقد أصبح الحديث عنها مفتوحاً في الكثير من وسائل الإعلام المقروءة، والمرئية، والمسموعة خاصة بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر، 2001م.
وإذا كانت بلادنا قد عانت من مشكلات مزمنة في التعليم، والصحة، والإسكان، والعمل، والبطالة، والفقر، وارتفاع مديونية الدولة، وتفشّي ظواهر الفساد المالي والإداري؛ فإن بلادنا أيضاً كانت تعاني من غياب المؤسسات الدستورية، والمشاركة الشعبية، ومن غياب حرية التعبير السلمي عن الأفكار والآراء.
ولكن أحداث الحادي عشر من سبتمبر، وما تبعها من بروز توجه جديد للسياسة الأمريكية في الشرق الأوسط وخاصة منطقة الخليج العربي، بلغ حد التلويح باحتلال بلادنا أو تقسيمها، وقد وضعتنا في مواجهة حاسمة مع خيارات أشد حسماً.
ولذلك جرى الحديث بين الكثيرين من المهتمين بالشأن العام في المنطقة الشرقية وجدة والرياض، حول ضرورة وضع رؤية تحليلية لواقع بلادنا وتحديد أهم أزماتها واقتراح الحلول العملية لمعالجتها، وتم بلورة هذه الفكرة في لقاء تم في البحرين على هامش مؤتمر "مقاومة التطبيع مع العدو الإسرائيلي " بين عدد من المثقفين حضروا المؤتمر، من مختلف مناطق المملكه. و بعد مداولات طويلة تم اعتماد الصيغة النهائية للخطاب، و لذا يمكن القول بأن هذا الخطاب يعبر عن توافق على المشتركات العامة فيما بين العديد من الشرائح والفعاليات الدينية والثقافية في بلادنا, حيال كافة التحديات التي نجابهها.
ويستند هذا الخطاب وما تبعه من خطابات أخرى, على الثوابت التالية:
1. مرجعية الشريعة الإسلامية السمحاء في كل ما تصدر عنه.
2. تصليب الجبهة الداخلية، والتمسك بثوابت الوحدة الوطنية والعمل على إزالة كل ما يسئ إليها.
3. الالتفاف حول القيادة باعتبارها صمّام أمن بلادنا وازدهارها، في ضوء مضيها في طريق الإصلاح السياسي والدستوري الشامل.
4. الوقوف في وجه كافة التدخلات الأجنبية في شئون بلادنا. وإدانة العنف والإرهاب من كافة أطرافه ومصادره، كوسيلة للتعبير عن الرأي أو عن استغلال قوة القانون.
وقد انطلق خطاب "رؤية لحاضر الوطن ومستقبله"، الذي يعد أساسا لكل الخطابات التي تلته من هذه الثوابت, وصاغها في عناوينه الرئيسية التي أوضحت المشاكل وآليات الحل من خلال:
محور الإصلاح الاقتصادي والاجتماعي، وتضمن التركيز على أهمية التنمية الأقتصاديه المستدامة،والتنمية البشرية,والعناية بنشر ثقافة التسامح وحقوق الإنسان، وضمان التوزيع العادل للثروة بين مختلف الشرائح و المناطق, والقضاء على كافة أشكال التمييز الطائفي والمناطقي ،وتمكين المرأه من نيل كافة حقوقها الشرعيه، والمبادرة إلى حل الأزمات المستفحلة في مجالات التعليم والصحه والسكن ,والعمل والبطاله والفقر،ومعالجة المديونيه المتضخمه،والقضاء على الفساد الإداري والمالي.
محور الإصلاح السياسي:وقد حدد هذا المحور الآليات الكفيلة بمعالجة تلك المشكلات, وقد تضمن و ضع دستور للبلاد يقوم على الشريعة الإسلامية السمحاء، وتطبيق مبدأ الفصل بين السلطات الثلاث، وتعزيز استقلال القضاء، وإقرار المشاركة الشعبية في اتخاذ القرار، والسماح بعمل جمعيات المجتمع المدني، وكفالة الحقوق الأساسية للمواطنين في العدالة والمساواة وحرية التعبير، وتكافؤ الفرص.
أما بخصوص ماورد في " لائحة دعوى عامة " من تهم - تجرّم المطالبة بالإصلاح السياسي الذي ذكرت مقوماته آنفاً- من حيث قول المدعي العام ( الطعن والتشكيك في نظام الحكم، ونزاهة القضاء، ومؤسسات الدولة ) ص2 سطر 14 ،15فإنني أرد بما يلي:
إن تبنّي الدول المتقدمة في العالم، والعديد من الدول العربية والإسلامية من اليمن إلى البحرين إلى الأردن و المغرب وغيرها، لآليات المؤسسات الدستورية وتشريع عمل جمعيات المجتمع المدني، قد أثبت نجاحها في تجسيد الوحدة الوطنية، وتطبيق مبادئ العدالة والمساواة وحرية التعبير، وأسهم في القضاء على الفساد الإداري والمالي، وتثبيت أسس العدالة الاجتماعية لهذه الشعوب، ويصدق على ذلك كلام إبن القيم في الطرق الحكمية حيث يقول "فإن الله سبحانه وتعالى أرسل رسله، وأنزل كتبه، ليقوم الناس بالقسط، وهو العدل الذي قامت عليه السموات والأرض، فإذا ظهرت أمارات العدل وأسفر وجهه بأي طريق كان، فثمّ شرع الله ودينه".
وإذا أردنا في هذا البلد الإسلامي المبارك، أن نسهم في إثبات أن الإسلام صالح لكل زمان ومكان، وأن نفتح باب الاجتهاد في تحقيق المصالح الكلية التي جاء بها الإسلام، فإن الأخذ بآليات بناء الدولة الإسلامية الحديثة المستندة إلى كتاب الله وسنة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم، هو المدخل الصحيح لمواجهة كافة الأزمات والتحديات التي نعيشها، وهو الكفيل بأن تبقى بلادنا، لا كمهوى لأفئدة الناس وحسب، ولكن كأنموذج حي للدولة الإسلامية الحديثة، القادرة على مواجهة أزماتها المعيشية، ومخاطر التطرف والإرهاب في داخل البلاد، ومواجهة ما تحمله المخططات الأجنبية من تحديات للقيادة والشعب معاً.
ومن جانب آخر، فإنني أعتقد بأن ما ورد في خطاب "رؤية لحاضر الوطن ومستقبله" وما تبعه من خطابات مطلبية أخرى، تعبر في مجملها عن مطالب أغلبية الشعب، ولا تقتصر على المجموعات القليلة التي وقعتها.
وحين يقول الادعاء العام في لائحة الدعوى "حتى أصبح هذا التوجه أشبه ما يكون بمضمار يتنافس فيه هؤلاء وكأنهم أوصياء على المواطنين، وهم فئة قليلة" ص1 سطر 12، فإنني أطالب بإجراء استفتاء شعبي عام خلال مرحلة الانتخابات البلدية القادمة، لكي نضع مصداقية تعبير هذه المطالب عن المواطنين على محك الاختبار، لكي نحقق معنى الحديث الشريف (أنتم شهود الله في أرضه). كما أؤكد على أن قلة عدد الموقعين على هذه الخطابات والبيانات المطلبية، لا يعود إلى عدم تأييدها من أغلب الفعاليات الاجتماعية، وإنما يعود إلى تغييب جمعيات المجتمع المدني في بلادنا حتى لا تعبر عن رأيها، بل إن كل ذلك يرجع إلى غياب الحريات وسيادة القمع وتكميم الأفواه.
وما اعتقالنا لمدة تزيد عن خمسة أشهر بدون عرض قضيتنا على المحكمة الموقرة، وما اضطرار زملائنا من "دعاة المجتمع المدني والإصلاح الدستوري" الذين اعتقلوا معنا على خلفية هذه الخطابات المطلبية، وإطلاق سراحهم بعد أن فرض عليهم التعهد بعدم معاودة المطالبة بالإصلاح السياسي، ثم منعهم من السفر، وما هذه التهم الجاهزة التي كالها لنا الادعاء العام من خلال تجريمه لمطالبنا الشعبية العادلة، ومطالبته بإيقاع أقصى العقوبات علينا، ومطالبته بالحجر علينا بالتعهد بعدم الاستمرار في المطالبة بالإصلاح السياسي والدستوري، إلا انتهاك صارخ لحقوق المواطنة وحقوق الإنسان، التي كفلتها الشريعة الإسلامية، ومواثيق حقوق الإنسان التي وقعتها بلادنا.
(2): بيان " معاً في خندق الشرفاء "
وفق الاهتمام بالشأن العام، وللرد على المؤامرات الخارجية ضد بلادنا، قمت مع عدد من المهتمين بالشأن العام من مختلف أرجاء المملكة، بالتشاور في إعداد خطاب "معاً في خندق الشرفاء" لقوله تعالى (وتعاونوا على البر والتقوى)، وقد عبر الخطاب عن التمسك بالوحدة الوطنية والالتفاف حول القيادة، كما عبر بالنص التالي: "نقف ضد كل أشكال التدخل في الشئون الداخلية لأي دولة، أو تعريض أمنها ووحدتها للخطر، وندعو كل الشرفاء في العالم لفضح وإدانة ما يتردد في كواليس الإدارة الأمريكية من أفكار حول التدخل لتقسيم بلادنا المملكة العربية السعودية، تحت عناوين ومبررات تجفيف منابع الإرهاب وقضايا حقوق الإنسان".
كما تضمن الإشارة إلى مطالبة القيادة بإجراء عملية إصلاح سياسي شامل.
(3): خطاب دفاعاً عن الوطن:
شاركت مع عدد من المهتمين بالشأن العام، بالتشاور وإعداد خطاب "دفاعاً عن الوطن" استناداً إلى قوله تعالى (ولا يجرمنكم شنآن قوم على أن لا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى)، وقد كان أول بيان يعبر بشجاعة ووضوح عن إدانة الإرهاب في داخل المملكة، بدون مواربة، وقد عرض البيان لأسباب الإرهاب الداخلية، ليس من أجل تبريره، وإنما ليسهم مع غيره في البحث عن أسباب ظاهرة الإرهاب وممكنات علاجها، وقد أدان البيان كافة أشكال العنف والإرهاب في العبارات التالية: "وإننا في الوقت الذي نعلن فيه، عن إدانتنا واستنكارنا لكافة أشكال التطرف والعنف المادي والرمزي، التي تسعى لاختطاف المجتمع، وتدمير مقومات وأسس الدولة، فإننا نطالب كافة المشاركين في هذه الأعمال والمحرضين عليها، بالقيام بنبذ كافة أشكال التطرف والعنف والإرهاب، قولاً أو عملاً".
كما تضمن التذكير بما ورد في خطاب " رؤية لحاضر الوطن ومستقبله"، ودعا إلى البدء في الإصلاح السياسي الشامل كمدخل لمعالجة كافة الأزمات والتحديات التي تجابهها بلادنا داخلياً وخارجياً.
وقد وقّع عليه أكثر من ثلاثمائة مواطن ومواطنة من الأكاديميين والأطباء والكتاب والمثقفين
من مختلف أرجاء الوطن وتكويناته الاجتماعية والدينية المختلفة.
لقد بادرنا إلى إعلان هذا الموقف الوطني الصادق في الوقت الذي لم يجروء على التعبير عن هذا الموقف كثير من العلماء وطلاب العلم، وغيرهم مجاملةً للتيار المتشدد.
(4): خطاب "معاً على طريق الإصلاح":
وقد وقعت على هذا البيان الذي تجاوز عدد الموقعين عليه ألف مواطن ومواطنه، استنادا لقوله تعالى (إن أرد إلا الإصلاح ما استطعت)، والذي يتضمن تأييداً للتوجهات الإصلاحية للدولة، ويطالبها بتنفيذ ما ورد في خطاب "رؤية لحاضر الوطن ومستقبله"، وما تضمنه من توصيات مؤتمر الحوار الوطني الثاني المنعقد في مكة المكرمة، والذي رعته الدول.
فهل يمكن أن يتم تفسير كل هذه المطالب العادلة، والمواقف الوطنية المسئولة التي عبرت عنها مع المئات من المواطنين والمواطنات، "على أنه تشكيك في نهج الدولة وإثارة للفتن وتجاهل لولي الأمر"، وسواها من التهم المدونة في لائحة دعوى عامة؟
القسم الثاني : دفاعي عن الآراء الواردة في حوار على موقع الساحل على الانترنت ، وإذاعة مونت كارلو:
أما فيما يخص الأقوال المنسوبة إليّ فمنها ما ورد في "نهاية الصفحة الخامسة وبداية الصفحة السادسة" والتي تقول "إن من أهم أسباب انتشار العنف في المملكة هو احتكار تيار فقهي واحد من التيارات الأربعة ونفي ما عداه من مذاهب وطوائف، مما أدى إلى تغلغل هذا التيار في كافة مفاصل النظم التعليمية والتربوية والاجتماعية والسياسية".
وقبل أن أورد في دفاعي عن ما ورد في هذه الجملة الطويلة من آراء واجتهادات، أود أن أوضح حقيقة تتصل بهذا الأمر، وقد وردت في ثنايا حواري على الإنترنت، ومفادها أن الاختلاف بين الناس، من حيث التشدد والغلو أو التسامح والموضوعية، فطرة وطبع فطر الله عليها عباده.
كما أن التشدد والغلو لا يختص بفكر دون آخر، ولا بتيار أو مذهب دون سواه، وأن هذه الظاهرة البشرية توجد في كل زمان ومكان، وقد نبهنا رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم إلى اجتناب المغالاة فيما ورد عنه في الحديث حيث قال "إن هذا الدين متين فأوغلوا فيه برفق ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه، فيسّروا ولا تعّسروا، وبشّروا ولا تنفّروا".
لذا فإن طريق الغلو والتشدد والتطرف والإرهاب التي اختطها تيار ديني يستند إلى مذهب معيّن، لا يعني أن كل أتباع هذا المذهب هم من المتطرفين.
ووجود تفاوت بين المذاهب الإسلامية، أمر معروف لم أخترعه من عندي، وإنما هو شأن متداول بين الجميع، وأشير هنا لما أكدّه الشيخ محمود عاشور، وكيل الأزهر السابق وعضو مجمع البحوث الإسلامية، حيث نبّه إلى أن من ابرز ما يعانيه العالم الإسلامي اليوم، يكمن في الضعف والفرقة والتمزّق، وأن سببه الرئيس هو الخلاف المذهبي بين المسلمين، وأن هذا المأزق، يفرض على ولاة الأمور والعلماء والمفكرين، أن يبحثوا عن مخرج من هذا المأزق الذي يهدّد بمزيد من تدهور الأمور".
وانطلاقاً من إيماني بحق كافة مكونات المجتمع المذهبية والطائفية والثقافية بانتهاج الأسلوب السلمي للتعبير عن آرائها واجتهاداتها الدينية والحياتية، فإنني أعتقد أن من حق تيار الغلو والتشدد المستند إلى هذا المذهب أو سواه، أن يعبر عن فكره واجتهاده بطريق سلمي، وهذا ما أتاحته الدولة لهذا التيار عبر كافة المنابر والمؤسسات على مدى زمني طويل، إلا أن تفرده واحتكاره للفهم الصحيح للعقيدة ونفيه لما عداه، قد دفعا به إلى مرحلة التشدد والتطرف التي نعيشها، حيث خرج على تيار الاعتدال والوسطية داخل نفس المذهب الذي يمثله كبار العلماء، وخرج بالعنف المسلح على المجتمع والحكومة على السواء.
ولذا وقفت كما وقف غيري أمام ظاهرة التشدد والغلو والتكفير والإرهاب، لأرى أنها ظاهرة معقدة وتنطوي على أسباب عديدة فكرية ومعيشية وسياسية واجتماعية وتتداخل في تكوينها عوامل داخلية وخارجية أيضاً، مثل حرب أفغانستان، والمظالم الأمريكية والإسرائيلية في العالمين العربي والإسلامي.
وبالرغم من قناعتي بأن الإرهاب لا ينمو ولا يترعرع إلا في ظروف غياب الحرية، وتفاقم الأزمات الحياتية للناس، إلا أن تيار التشدد والغلو الذي يبلغ مرحلة التكفير والإرهاب في بلادنا قد حظي بمساحة كافية من الحرية0 ولكنها الحرية القاتلة، التي قمعت ما عداه من مكونات المجتمع، وقضت على إمكانية الحوار مع تيار الوسطية والاعتدال ومع المذاهب الفقهية الأخرى، وكرست إيهامه بصواب ما يذهب إليه، وجعلت منه كياناً مستبداً يحتكر الحقيقة.
ولذا تمكّن من الاستحواذ على قلوب الشباب وتجنيدهم في تنظيمات في مختلف مرافق الدولة ومناطق المملكة، ولو أن الباب كان مفتوحاً أمام حرية التعبير، وتكوين جمعيات المجتمع المدني، وأمام فقهاء المذاهب الأخرى، وأمام العقلاء من نفس المذهب، لما توهم ذلك التيار أنه على صواب دائم، ولما تمكّن من الاستحواذ على هذه القاعدة الكبيرة من الشباب، لأنها ستتوزع على المذاهب والتيارات الأخرى، مما يساعد على نشؤ حوار ثقافي وفكري، يؤدي إلى ترسيخ مبدأ القبول بالاختلاف، ومبدأ " رأيي صواب يحتمل الخطأ ورأي غيري خطأ يحتمل الصواب " الذي قال به الشافعي.
(ولضيق الوقت، فلن أجد مجالاً لقراءة مذكرة كتبتها، تحدد مفهوم العنف والإرهاب من جهة، و توضح مفهوم المجتمع المدني وجمعياته المختلفة، ودورها في الحد من ظاهرة التشدد والإرهاب، وأرفقها لفضيلتكم، وأرجو اعتبارها جزءاً من مرافعتي).
ويتفق مع مجمل ما ذهبت إليه، كثير من الكتاب والمثقفين الذين ينشرون آراءهم في صحفنا السعودية، وأستشهد برأيين في هذا الصدد للدكتور خليل الخليل والشيخ أحمد بن عبد العزبز إبن باز.
يقول د. خليل الخليل، الأستاذ بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية في مقال بعنوان (مؤتمرات ومواقف للبراءة. والإرهابيون ما زالوا يقتلون ويفجرون)
"أن الإرهاب قضية معقدة وتحتاج إلى مصداقية في الطرح، ووضوح في الرأي، والدولة في حاجة إلى تحرك الجهات الثقافية، وفي حاجة إلى تفعيل المؤسسات الدينية، إلا أن الحقيقة المرة، التي تتمثل في فقدان التعليم الديني حيويته، وغياب أسماء دينية وكبيرة ومؤثرة، إضافة لتشدّد الخطاب الديني، كل هذه الأشياء هي مسئولة أولاً وثانياً وثالثاً، عما حدث ويحدث" (الشرق الأوسط - في 29/4/2004 )
ويقول الشيخ أحمد بن عبد العزيز إبن باز في مقالة بعنوان "سياسة الإقصاء": " إن سياسة إقصاء الآخر وعدم الاعتراف به ونزع الصبغة الشرعية عنه، وامتلاك الحق الأوحد في تفسير النص، وهي أهم صفات التطرف الفكري والذي يمارس لدينا في هذا البلد المبارك وبشدة، للأسف من بعض العلماء وطلاب العلم " .. ويمضي في حديثه إلى أن يقول " إننا وبصراحة لا نعاني من أفعال متطرفة وحسب بل نعاني من بيئة متطرفة نعيشها جميعا، استطاع ذلك المنهج الاقصائي أن يساهم في إنشائها ويغرس جذوره فيها ويغذيها، عبر جميع وسائله التي يملك حقاً حصرياً باستخدامها منذ عقود من الزمن، من برامج تعليمية، وإعلامية منهجية كانت أو غير منهجية في هذا البلد المبارك ( الشرق الأوسط 9320 في 4/6/2004).
هذا ما يخص الجانب الفكري الذي يبدو لي كسبب رئيس في تفشي ظاهرة الغلو والتطرف والعنف، أما "العوامل المعيشية المتمثلة في الأزمات الصحية والتعليمية والإسكانية والفقر والبطالة " التي وردت في حواري على الانترنت، فإنني أرى بأنها عوامل مساعدة، ولكن هذه العوامل تفسّر حالة الصمت أو التعاطف - التي لا ينكرها أحد- مع تيار العنف.
بيد أن الأهم من ذلك يكمن في أن هذه الأزمات المعيشية المتزامنة مع كبت حرية التعبير، سوف تعمل على تأزيم الأوضاع لكي تلد عنفاً جديداً، وبأشكال مختلفة، ما لم تسارع القيادة إلى البدء الجدي في عملية الإصلاح السياسي الشامل، ولعلي أذكر هنا أن ما ورد في بيان الرياض الصادر عن مؤتمر مكافحة الإرهاب؛ يتطابق مع تحليلنا لظاهرة العنف وأسبابها.
إننا نمتلك جيوشاً من العاطلين عن العمل، ومن الطبقات الفقيرة والمحرومة، ومن الشباب والشابات الذين لا يجدون لهم مقعداً في الجامعات، ومن المهمشين بدون جنسية، بما يكفي لخلق حالات أخرى، وصعبة من العنف.
ولو أن هذه الأزمات حدثت في الصومال، أو أي بلد فقير آخر، لما اعتبرناها سبباً مساعداً في توليد العنف والإرهاب، لأننا قد عشنا حالات الجوع والفقر مع الآباء، واعتدنا عليها كأمر طبيعي يشمل كافة الشرائح والطبقات، أما أن تحدث في بلد ينتج منذ أكثر من ربع قرن، ما يزيد على ثمانية ملايين برميل من النفط يومياً، ويتجاوز دخل حكومته مئات المليارات سنوياً، وتنيف مديونيته عن سبعمائة مليار ريال؛ فإن ذلك يصبح كارثة بكل المقاييس، وتؤدي بالمواطنين إلى الإحباط ودفعهم للصمت أو التعاطف مع الإرهاب أو التعبير عن احتياجاتهم بعنفٍ جديد.
أفي بلد " البترول "جوعٌ وعسرة ُ
و" دين " تغشّانا ، جبالاً رواسيا
أفي بلد "البترول" عجزٌ، ولم نجد
لطلابنا في الجامعات كراسيا
أفي بلد "البترول" مليون عاطل
ومليون مسكين، ينادي المواسيا؟
ترمّدت الآمال يا "جيل" حاضري
ويا "جيلنا" الآتي، ستحسو المآسيا
لعبنا ب " مال الشّعب" حتى ترمّلت
بلادي، فلا تقي من البرد كاسيا
واستطراداً في الإجابة على ماورد من كلامي في الانترنت حول " تغلغل هذا التيار المتشدد في كافة مفاصل النظم التعليمية والتربوية والاجتماعية والسياسية، وأنه تم استقطاب الشباب وتجنيدهم ضمن رؤية أيديولوجية تكفّر المجتمع "ا.هـ. (آخر صفحة 5 وبداية صفحة 6 )، فإنني سأستشهد هذه المرة بما يؤكد ما ذهبت إليه، وذلك بالإشارة إلى بعض ما عبر به المسئولون في الحكومة حول مشكلة الإرهاب.
وهنا أورد جزءاً صغيراً من مقالة كتبها الأمير خالد الفيصل ، ونُشرت في جريدة الوطن بتاريخ 12/6/2004م حيث يقول فيها : (من علّم طفل دار الأيتام أن وطنه الإسلام - وليس السعودية - وأن مهنته المستقبلية هي الجهاد، وأن مشاهدة التلفزيون السعودي حرام لأن فيه موسيقى؟ من حول ساحات المدارس والجامعات إلى معسكرات حركية وجهادية؟! من حوّل المخيمات الصيفية إلى معسكرات تدريب على الأسلحة؟ من أقنع الشباب السعودي بأن أقرب طريق للجنة هو الانتحار, وقتل المواطنين والمقيمين ورجال الأمن وتفجير المجمعات السكنية؟ من فعل هذا بنا؟
أعتقد أن كل من في هذه البلاد يعرف الفاعل المسئول عن كل هذا, وما هي إلا عودة للكتب والمطويات والأشرطة, التي وزعت بمئات الآلاف, في المدارس والجامعات, والمساجد والجمعيات الخيرية, في السنوات العشرين الماضية, لنجد الأسماء مطبوعة عليها بكل وضوح!!! ومواقع الإنترنت تكشف عن البقية) انتهى كلام سمو الأمير.
أما من جانبي فإنني أتساءل أيضاً .. ألم يتم ذ لك تحت سمع وبصر المؤسسات الحكومية، وتتحمّل بذلك وزر ما حدث ؟
أما معالي وزير الشؤون الإسلامية فقد ذكرت جريدة الحياة في عددها 15074وتاريخ 572004م، أن معالي وزير الشؤون الإسلامية، الشيخ صالح بن عبد العزيز آل الشيخ، قد اتهم بعض الإسلاميين في المملكة بمجاملة الإرهابيين والمنحرفين فكريا، والافتقار إلى الشجاعة في بيان الأحكام الشرعية وأداء الأمانة. وذكرت الصحيفة أنه عبر عن(خيبة أمله من تدني كفاءة الدعاة وطلاب العلم)، وإخفاقهم في دحض دعاوى التكفير ومبررات التفجير،
وختم كلامه بالقول (لعل هذا يكون بداية لمزيد من الاهتمام بترسيخ الوسطية والاعتدال في مدارسنا وجامعاتنا، وكل أمور حياتنا، تطبيقاً لتعاليم القرآن الكريم الذي جعلنا أمة وسطا)ا.هـ.
وأصل الآن إلى حديث سمو ولي العهد الأمير عبدا لله بن عبدا لعزيز، الذي وجهه إلى أئمة المساجد وبثّه التلفزيون أكثر من مرة، بحيث أصبح معروفا للقاصي والداني. وقد ذكّر سموه أئمة المساجد، بواجبهم في تبصير الشباب بدينهم وبأخطار الإرهاب، وأشار إلى تقصير الكثيرين منهم، وأن الله سيسلط عليهم عبداً من عباده، وأكمل سموه (ونحن من عباده)، وإننا نراقبهم فرداً فرداً.
وحين نقف أمام الدعاة وأئمة المساجد، فإننا نتساءل: أليسوا من أبناء الوطن، ومن نتاج مناهجه؟ ألا يسيطرون على أهم المفاصل الدعوية والتربوية في البلاد؟ ثم أليسوا موظفين لدى الحكومة ؟
وسأستمر في التساؤل حول شرائح أخرى، من الأفراد والجماعات المتشددة لأسأل:ألم يكن أسامه بن لادن أحد أبناء هذا الوطن؟
ألم يشترك خمسة عشر شابا انتحاريا من المملكة في أحداث 11 سبتمبر؟
ألا يوجد المئات من الشباب السعوديين يقاتلون في أفغانستان و الشيشان و العراق؟
وبالنسبة لأعضاء التنظيمات الإرهابية الذين أزهقوا أرواح المئات من رجال الأمن المخلصين، ومن المواطنين المقيمين في بلادنا، ألا ينتمون إلى الوطن وإلى مناهجه وأنشطته الدعوية؟
ألم تعتقل الأجهزة الأمنية المئات منهم؟
فمن أين أتوا، ومن أين رضعوا فكر التشدد والغلو والتطرف والإرهاب؟
وأرجو بعد إيراد هذه المقتطفات والتساؤلات أن أكون قد دفعت عني التهمه التي تقول(كما تضمنت التشكيك في نهج الدولة والطعن في كيانها القائم على كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وتبرير العنف والإرهاب، واستغلال العمليات الإرهابية، للنيل من نهج البلاد والطعن في مرتكزاتها الدينية، وزعمه أن نهج الدولة و سياستها ساهم في نشأة الفكر الإرهابي والتكفيري) ص6 سطر 4-7 وأؤكد هنا، أن ما عبّرت عنه لم يتضمن التشكيك في نهج الدولة ولا الطعن في كيانها، القائم على كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، لأن من ينطلق من ثوابت العقيدة الإسلامية، و تعزيز الوحدة الوطنية، ويؤكد الالتفاف حول القيادة، لا يمكن أن يشكك في مشروعية الدولة ومرتكزاتها الدينية، وأن ما عبّرت عنه هو قراءة نقدية للأخطاء التي ارتكبتها الأجهزة الحكومية، لكي يشرع الجميع في العمل على مواجهة التحديات ومنها مشكلة الإرهاب.
أما ما يتعلق بتهمة تبرير العنف والإرهاب (6 سطر 6) فقد قلت في نفس الحوار على الانترنت، الذي استشهد به الادعاء العام، ما يلي " وبالرغم من أنني أنطلق هنا من إيماني بحق كافة القوى في التعبير عن حقوقها، ولا أهمّش دور الأوضاع المتأزمة، التي يمكن أن تقود إي تيار لاتخاذ الشكل الملائم للمطالبة بحقوقه، إلا أنني أدين وبشكل مبدئي قاطع، كافة أشكال العنف المسلح، كوسيلة للمطالبة بهذه الحقوق مهما كانت هذه الأسباب ".
أما بخصوص التهمة التي تقول " والسعي إلى إثارة الفتن وبث بذور الخلاف بين أبناء الشعب، وإثارة التحزب المذهبي والطائفي " ص 1 سطر 6 فإن ردي على ذلك كالتالي:
إن الأزمات والتحديات الداخلية والخارجية التي تواجهها بلادنا تستدعي منا، أكثر من أي وقت مضى العمل على تدعيم الجبهة الداخلية، والتمسك بالوحدة الوطنية، لكن الوحدة الوطنية لا تقوم على التمييز الطائفي والمذهبي والمناطقي، ولا على حرمان بعض الشرائح الاجتماعية والمناطق من نصيبها في الثروة والمراكز القيادية، ولكنها تترسّخ بالاعتراف بالاختلاف، وبحق تلك الفئات، والمذاهب، والطوائف في الوجود والتفاعل مع المكونات الأخرى بدون قسر أوتهميش أو إقصاء، وإن ما طالبنا به من إزالة لكافة أشكال التمييز المذهبي والطائفي والمناطقي، ومن مطالبة بالتوزيع العادل للثروة، هو السبيل الأمثل لرفع الغبن، وتعميق الإحساس بالمواطنة، وهو ما يقوي ويرسّخ دعائم الوحدة الوطنية والالتفاف حول القيادة.
وبخصوص التهمة الواردة في (ص6 السطر 13-20) والتي تقول " وأن هذه المؤسسة لا تستجيب – على حد زعمه – لضرورة التغيير، وحثه على استغلال المرحلة الدولية والمعارضة المطلبية في الخارج في الضغط على الحكومة للتغيير – بما يخدم مصالحهم – وكذلك الحث على استغلال السياسة الأمريكية الجديدة، بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر، في المنطقة، والتي ترفع شعارات مكافحة الإرهاب والخطر الإسلامي والدفاع عن حقوق الإنسان والجماعات الإثنية والدينية وحقوق المرأة ، حيث يمكن – على حد قوله – أن تتقاطع مصالح تطوير بلادنا، مرحلياً مع تلك الشعارات، وأنه يجب الاهتمام بها والسعي بكل السبل في تعزيز فعاليات تطبيقها في البلاد على حد زعمه " ا.هـ.
فإنني أقول بأن هذه الدعوى قد أوردت كلامي بشكل محرّف، وأثبت لكم أدناه ما قلته حرفياً، وهو ما آمل أن يبطل التهمة.
لقد قلت (أما فيما يخص العامل الخارجي، والذي يمكن تحديده بشكلين هما: تأثير المعارضة المطلبية من الخارج من جهة، وتأثير ضغوط الدول الأجنبية على الوضع الداخلي من جهة أخرى.
وفيما يخص الجانب الثاني، فأرى أن السياسات الأمريكية الجديدة وخاصة بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر، تسعى لفرض سيطرتها الشاملة على العالم، وعلى مقدرات وثروات المنطقة العربية تحديداً، وذلك تحت عناوين مكافحة الإرهاب والخطر الإسلامي، أو الدفاع عن حقوق الإنسان والمرأة والجماعات الإثنية والدينية، وذلك بصورة ذرائعية تصب في طريق تحقيق مصالحها وسيطرتها المطلقة على المنطقة، واستخدامها كورقة ضغط وابتزاز إزاء المنافسين الآخرين أو إزاء حكومة بلادنا.
وبالرغم من كل ذلك، لا يمكننا إغفال الأهمية الكونية لهذه القيم والمفاهيم باعتبارها تمثل ضرورة وحاجة مشتركة لكل البشر، ولذا يمكن أن تتقاطع مصالح تطوير بلادنا مرحلياً مع تلك الشعارات، وعلينا الاهتمام بها والسعي بكل السبل لتعزيز فعاليات تطبيقها في وطننا وفي كل مكان في العالم).
وأود إيضاح المقصود من عبارة " لذا يمكن أن تتقاطع مصالح تطوير بلادنا مرحلياً مع تلك الشعارات " بالتشبيه التالي: لو أن ألدّ أعدائك مر من عند بيتك وأنت تطفئ النيران المشتعلة فيه، وقال إن هذا البيت يحترق ولا بد من إطفاء النار، فهل تتوانى عن إطفاء الحريق لأن كلامه توافق مع ما تقوم به؟
وأما حديثي عن المعارضة الخارجية فقد قلت فيه حرفياً:
"أما فيما يخص تأثير المعارضة الخارجية فإنني أتركه للزملاء المساهمين من خارج المملكة للحديث عن فعاليته، فهم أدرى به مني".
(وهنا أرجوا من عدالة المحكمة أن تطلع على كامل الحوار لتقف بنفسها على إدانتي للإرهاب، ووقوفي ضده، وعلى تركيزي على تعميق وتجسير العلاقة مع القيادة)
وأما بشأن تهمة المشاركة في حضور اجتماع خارج البلاد مناقشة بعض قضايا الشأن العام للبلاد، فإن كان المقصود هو الاجتماع الذي عقد قي البحرين على هامش "مؤتمر مكافحة التطبيع مع العدو الإسرائيلي " فقد أجبت بالموافقة عليه سابقاً، وهو حق من حقوقي كمواطن، أما أن يكون لقاءاً أخر فأرجو إيضاح ذلك
وفي الختام، أود الإشارة إلى ما ورد في آخر " لائحة دعوى عامة " من أنه قد سبق توقيفي في 14/3/1403هـ لانتمائي لما يسمى "الحزب الشيوعي في السعودية"0
وأؤكد هنا على صحة هذا الكلام، إلا أنني اعتقلت قبل ذلك التاريخ بحوالي أربعة أشهر0
وقد كنت منتمياً إلى إحدى منظمات الحزب وهي " لجنة أنصار السلم " وتعمل كلجنة لحقوق الإنسان، والإسهام في الجهود الثقافية العالمية لتثبيت دعائم السلم العالمي، والحوار والتعايش بين كافة شعوب ودول العالم0
كما أود أن أوضح بأن هذا الحزب، كان تنظيماً سياسياً يعبر في برنامجه – الذي توجد نسخة منه لدى الجهات الأمنية – عن توجهات اقتصادية وسياسية واجتماعية يتوقع من خلال تطبيقها أن يتم تحقيق العدالة الاجتماعية الكفيلة بضمان العيش الكريم للمواطنين، ولا سيما الطبقات الفقيرة والمحرومة منهم0
وإنني أستغرب الحديث عن هذا الموضوع بعد مضي أكثر من 22 عاماً عليه، لا سيما وأن الدولة خلال فترة اعتقالنا كانت تنفي وجود معتقلين سياسيين في سجونها سواء من الحزب الشيوعي أو من سواه، كما أن قضيتنا لم تُحل للمحكمة الشرعية، رغم إضراب بعضنا عن الطعام في السجن ومطالبتنا بمحاكمة علنية عادلة.
وقد تم الإفراج عنا بعفو ملكي عام 1403هـ، بعد أن نالني جراء ذلك قضاء مدة تقارب عشرة أشهر في السجن، كما تم فصلي من عملي بعد إطلاق سراحي، وتم حرماني من السفر إلى الخارج، لمدة تتجاوز إثني عشر عاماً.
كما أن الأجهزة الأمنية طلبت منا يوم الإفراج عنا، عدم التحدث عن موضوعنا للناس، كما أن خطاب وزارة الداخلية الموجه لمقر عملي في "أرامكو" لفصلي من عملي، لم يشر إلى اعتقالي في قضية سياسية، وإنما ذكر"أن المذكور قد سجن في قضية معلومة لدى سمو وزير الداخلية".
واليوم .. إذا أردنا أن نعمل بشكل إيجابي ملموس، على جعل الإسلام مصدر جذب وأنموذجاً صالحاً لكل زمان ومكان، فإن علينا أن نقطع الطريق على القوى التي اختطفت الإسلام، وعملت على تسويقه كدين تطرف وعنف وإرهاب وعداء للآخر وللعصر.
وإذا أردنا أيضاً أن نرد على هجمات القوى المعادية، التي تصِم الإسلام بالتخلف والرجعية؛ والتمييز ضد المرأة، فإن علينا أن نبرز الوجه الحضاري للإسلام، الذي يحقق قيم العدل والتسامح والإقرار بحق الاختلاف، وقبول الآخر. كما أن علينا الأخذ بآليات وهياكل بناء الدولة الحديثة، القادرة على تطبيق العدالة والمساواة وحقوق الإنسان، وتمكين المرأة من نيل حقوقها الشرعية، وكل ما من شأنه تحقيق التطبيق الأمثل للعدالة الاجتماعية.
وأعتقد أن كل ما قمت بالتوقيع عليه _ من خطابات وبيانات _ مع المئات من المواطنين، من العلماء، والأكاديميين، وأساتذة الشريعة، والمثقفين، والمهتمين بالشأن العام رجالاً ونساء، ما هو إلا إسهام منا للمطالبة بإرساء دعائم الدولة الإسلامية الحديثة، التي تتبنى الدستور القائم على كتاب الله وسنة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم، والذي ينص على الفصل بين السلطات الثلاث، وتعزيز استقلال القضاء، وكفالة حرية التعبير عن الرأي بكافة الطرق السلمية، وتشريع قيام جمعيات المجتمع المدني السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، للتعبير عن مطالب منتسبيها.
إن كل ذلك سيعمل على إبراز الوجه الحضاري للإسلام، وتأكيد صلاحيته لكل زمان ومكان على صعيدي العقيدة وتطبيقات العدالة الاجتماعية. وإن في تبني هذه الآليات، ما يدعم الأمن والاستقرار والسلام الاجتماعي، ويعزز تماسك الجبهة الداخلية، وتجذير الانتماء الوطني، ويدعم الالتفاف حول القيادة، لكي نجابه جميعاً كافة التحديات الداخلية والخارجية، وكافة الأزمات التي تواجهها بلادنا اليوم وغداً، ( وقد أعددت مع زميليّ أفكاراً أولية حول الدستور، لتوضيح مفهومنا لدولة القانون والمؤسسات الدستورية أرجو اعتبارها جزءاً من مرافعتي )
و أقرأ عليكم مقدمه الدستور:
بسم الله الرحمن الرحيم
الإصلاح السياسي والدستور
من داخل سجني الذي أمضيت فيه مع زميليّ ما يقارب العام – على خلفية اشتراكنا مع المئات من المواطنين في المطالبة بضرورة الإصلاح السياسي – ما زلت أقبض على كثير من الأمل والتفاؤل بأن ما يجري من خطوات إصلاحية أولية، وما تتضمنه أحاديث أركان القيادة السياسية في بلادنا، يشير إلى تفهم وتوافق للتعاطي مع متطلبات المرحلة ومطالب الشعب بالإصلاح السياسي.
وأستذكر هنا ما ورد في خطاب خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز، في دورة مجلس الشورى السابقة، من إشارة واضحة إلى ضرورة المضي في طريق الإصلاح والمشاركة الشعبية في القرار السياسي والإداري، كما أستعيد حديث سمو ولي العهد الأمير عبد الله بن عبد العزيز لمجموعة من الموقعين على خطاب "رؤية لحاضر الوطن ومستقبله" الذي قدم إلى سموه وقوله لهم "إن رؤيتكم هي مشروعي"، كما أن ما ورد في حديث منشور لسمو النائب الثاني الأمير سلطان بن عبد العزيز، ما يدعم هذا التوجه، حيث أشار سموه إلى الحاجة إلى حياة ديمقراطية، وانتخابات يشارك فيها المواطنون لمصلحة الوطن والأمة.
وفي هذا المناخ، التوافقي، يغدوا الأمل كبيراً في أن يتم تحويل هذه الأفكار والتوجهات إلى آليات عملية ملموسة تدشن مرحلة التحديث السياسي والمشاركة الشعبية في صناعة القرار، ويغدو الاستمرار في تقديم المقترحات والاجتهادات بشأن مضامين هذا التحديث والإصلاح الشامل فضاءً مفتوحا أمام القيادة و أمام المهتمين بالشأن العام على السواء.
ويهمني أن أؤكد هنا، على أنني كالكثيرين أمثالي، لا أدعو إلى حرق المراحل، بل أنني أؤمن بالحكمة في اعتماد منهج الإصلاح السياسي المتدرج، وفق برنامج مدروس مصحوب بجدول زمني محدد بدقه، ويتم تنفيذه على مراحل.ولكن يجب أن تكتسب تلك الوعود مصداقيتها من خلال الوفاء بمواعيد التطبيق المتدرج للإصلاح السياسي الشامل، وألا يتحول هدف التدرج المرحلي إلى وسيله لكسب الوقت، انتظارا لظروف أفضل وتوقيت مناسب للتنصل من دعوة الإصلاح أو إلغاءها.
إن الإصلاح السياسي في عصرنا الراهن، قد أصبح مطلبا لا مناص من التعاطي معه، لأنه لا يمدنا بالوسائل الناجعة لمواجهة الأزمات الداخلية والتحديات الخارجية الآنية وحسب، ولكنه يعيننا على تجنب معارك مرتقبة في الفضاء السياسي والاجتماعي على السواء.وموضوع الإصلاح أو التحديث السياسي (لإقامة دولة العدل والمؤسسات الدستورية) في تجليه الأبرز هو موضوع الإفادة من فقه المصالح المرسلة للبشر داخل المجتمعات في التاريخ,لأنه يوسع دائرة المشاركة، ويرسخ التعاقد الاجتماعي في صناعة حاضر ومستقبل المجتمعات.
وفي هذا السياق، أصبح أمر ابتكار وسائل وآليات جديدة تستجيب لطموحات الشعوب، شأنا ملحا لأعانتها على أن تجد ذاتها، وتحقق فاعليتها في التاريخ بحيث يتم توظيف تلك الآليات على ضوء الخصوصيات والثوابت المحلية من جهة، وفي ضوء ضرورة معالجة الإشكالات المستجدة في الشأن الاجتماعي والسياسي، لأن من شأن ذلك أن يعين الشعوب والدول على التفاعل مع دول العالم، ومراجعة مصيرها التاريخي بأساليب من العمل السياسي أكثر مطابقة لحاجتها التاريخية، بحيث تصبح قراراتها وخياراتها مستفيدة وفاعله من وفي رقي تراكم الخبرة الإنسانية التي تنتجها الشعوب في مسار التاريخ ومسيرة الحياة.
ولضخامة المسؤولية، فإن واجب التأمل والتفكير والاجتهاد في ما يصلح حال الأمة، وفي توصيف مسارات خياراتها المستقبلية، للبحث عن منهج فعال ومقبول للتغيير والإصلاح السياسي لم يعد حكراً على الحكومات وحدها، وإنما يقع على عاتق قوى المجتمع المدني وفعالياته المختلفة، وأن البدء في عملية الإصلاح السياسي لم تعد موكولة أو مرتبطة بخيارات الحكومة وتوقيتاتها، وإنما أصبح ضرورة يتطلبها واقع وحاجيات الوطن والمواطنين، وعلى الحكومات ألا تحتكر التفكير وتحرمه على مواطنيها، وأن تتعفف عن إطلاق صفات التخوين والعمالة والطابور الخامس على أبناء الوطن المنادين بالإصلاح والتحديث السياسي.
وعليه يجب إرساء دعائم الشراكة بين الحكومة والشعوب في سياق عمليات التحديث، بحيث لا ينحصر دور الإصلاح في تجديد وتعزيز بنية السلطة وحدها بهدف تأهيلها للمزيد من ضبط مجتمعها وإبقاء الشعب خارج المجال السياسي والشأن العام، وإنما يجب أن تتخطى ذلك إلى تبني الخيارات الكفيلة بتجاوز واقع التهميش السياسي والاقتصادي للشعوب لكي يكونوا محور عملية الإصلاح وهدفها في آن معاً.
ويجب أن نتذكر دائماً أن الاستئثار بالسلطة والثروة الوطنية، والاستمرار في توزيعها بنفس الأساليب القديمة التي تعيد إنتاج الوضع القائم، سوف تعمل على مفاقمة الأزمات القائمة، وتسهم في استشراء بذور الغضب والنقمة والعنف والإرهاب، وأن المدخل الصحيح للخروج من ذلك المأزق يكمن في البدء في عملية إصلاح عميق، يعمل على توطيد العلاقة بين
السلطة / الدولة، والمجتمع، ونقلها من مستوى القطيعة إلى آفاق التواصل والتكامل، وإقامة الجسر الذهبي الكفيل بتجديد الشرعية، والثقة بين الحاكم والمحكوم، من خلال الحوار الحر، واحترام حقوق المواطنة، وإيقاف كافة أشكال القهر ومصادرة الحريات، والإكراه، لكي ينهض المواطن من موقعه الراهن الذي يقبع فيه كتابع، إلى موقع المواطن الحر المسئول، والشريك الكامل في الحقوق والواجبات.
إن الدولة بشكل عام هي مؤسسة المؤسسات، ومتى اختصرت وظيفتها في سلطة واحدة متفردة، أدى ذلك إلى التخلف السياسي في جميع صوره، وأصبحت الدولة تعمل ضد الأمة، ولذا فإن تعزيز دولة المؤسسات هو في نفس الوقت تعزيز لدولة العدل الكفيلة بتحقيق قيم العدالة والحرية والمساواة، والقادرة على غرس ثقافة الديمقراطية وحقوق الإنسان، والتسامح والحوار والتعددية، وتعميق معنى المواطنة والولاء والانتماء في حياة المواطن وضميره.
وبالرغم من كثرة مفردات الإصلاح السياسي وموضوعاته، واختلافنا حول أولوياته، إلا أن الخطوة الأساسية لتدشين مشروع التحديث السياسي، تبدأ من المرتكز القانوني التعاقدي الذي يجسد شروط البيعة بين الحاكم والمحكوم، وذلك بتطوير النظام الأساسي للحكم في المملكة إلى "دستور"دائم للبلاد، يقوم على تبني مرجعية الشريعة الإسلامية في كل ما يصدر عنه من أحكام، ويأخذ بآليات بناء الدولة الحديثة ومؤسساتها الدستورية.
فالدستور هو الميثاق الأساسي الذي يتضمن تحديد طبيعة السلطة ودورها، وكذلك مجموع الحقوق والواجبات الأساسية للمواطنين، ويضبط نمط ممارسة السيادة أو تخويلها، أي شكل الحكم والحكومة، واختصاصاتها، ويضمن الفصل بين السلطات الثلاث للدولة (النيابية، والتنفيذية، والقضائية) وعمل وظائفها، ويكفل استقلال سلطة القضاء، ويضمن الحقوق والحريات السياسية للأفراد والجماعات وحقهم في تكوين جمعيات المجتمع المدني، ومشاركة المواطنين في ممارسة السلطة بواسطة الانتخاب.
والدستور يصبح بذلك بمثابة، الناظم الرئيسي لعملية التحديث السياسي الشامل، القادر على تلبية مطالب المجتمع السياسية والاقتصادية والثقافية والإبداعية، باعتباره ميثاقا ًقانونياً ملزما ًللحاكم والمحكوم، وهذا ما تعلمناه من الحقائق الإنسانية والاجتماعية التي حققتها الأمم والشعوب الأخرى التي كتبت دساتيرها وفق ثوابته،
وأقامت مؤسساتها الدستورية، مما ساعد على ترسيخ سلامها الاجتماعي ورقيها الحضاري عبر المئتي عام المنصرمة.
وقد قمت مع زميلي, الدكتور عبد الله الحامد، والدكتور متروك الفالح, بإعداد أفكار أوليه حول مفهوم الدستور, وآليات عمله، وقد هدفنا من ذالك إلى أمرين، أولهما: كشف الالتباس وسوء الفهم حول ما ورد في الخطابات ألمطلبيه المرفوعة للقيادة من حديث حول ضرورة الفصل بين السلطات الثلاث، واستقلال القضاء, وسلطة الأمة ودولة القانون والمؤسسات الدستورية، وثانيهما يهدف إلى طرح سؤال الدستور، واختصاصاته في حقلنا السياسي المحلي الراهن.
وفي هذا السياق اطلعنا على العديد من الدساتير العربية والعالمية، وبعض المراجع النظرية للدستور، وتوقفنا أمام دساتير الدول العربية، وخاصة الدستور المصري الذي يعد أباً للدساتير العربية, بيد أننا قد أفدنا بصفة خاصة من دساتير الدول العربية التي تتشابه أنظمة حكمها وظروفها الاجتماعية مع ظروف بلادنا، مثل الكويت والبحرين والأردن والمغرب.وقد تحاورنا_داخل السجن_ طويلاً حول كافة البنود وخلصنا إلى وضع هذه الصيغة التي حرصنا فيها على تمثل تعددية مرجعياتنا الثقافية, لتعبر بأكبر قدر ممكن عن تعددية مكونات مجتمعنا مذهبياً وطائفيا وثقافياً والتزمنا بشكل واضح وبقناعة تامة بالمنهج الإصلاحي السلمي وثوابته واستهدافاته التي شاركنا فيها مع المئات من المهتمين بالشأن العام في بلادنا رجالا ًونساءً، والتي عبرت عنها الخطابات المرفوعة للقيادة, والتي تنطلق من الثوابت التالية:
أ_مرجعية الشريعة الإسلامية
ب_التمسك بالوحدة الوطنية
ج_ تثمين الدور التاريخي الذي قامت به الأسرة المالكة في إقامة الدولة والحفاظ على وحدتها وازدهارها, والنص في الدستور على استمرارية الحكم في الصالحين من سلالة الملك عبد العزيز.
ولا نزعم إن هذا الجهد استكمل شروطه النموذجية، أو إننا قد اخترعنا شيئا لا يستطيعه الآخرون, بل أننا نعتبره مجرد نموذج أو مثال تطبيقي بسيط على نظرية الدستور، يشبه ما يقوم به مؤلفو الكتب المدرسية حين يوردون بعض الأمثلة المحلولة لشرح نظريه رياضية أو هندسية بغرض التوضيح، كما أننا نعلم أن المجال مفتوح أمام مئات الأمثلة التي سيجد أصحابها افقأ مفتوحا لإمكانية ومشروعية التجريب، وكل ذالك سوف يغني سؤال الدستور ويدشن باب الحوار للجميع حول أهمية الدستور ومكوناته، وحول موقعه المركزي في عملية الإصلاح السياسي.واعتقد إن هذا النموذج,قد أوفى المرجعية الإسلامية في الدستور، ووظائف ومهام السلطات الثلاث للدولة حقها، وبقي بعد ذالك الكثير أمام العلماء والفقهاء ورجال القانون والمثقفين والمهتمين بالشأن العام، لإغناء جوانب أخرى لم تأخذ حقها في مجال المواءمة بين الثوابت المذكورة وبين مفاهيم الحرية والتعددية وقبول الأقلية بقرار الأغلبية مع احتفاظ الأقلية (المذهبية، الطائفية.والسياسية) بحقها في الوجود وحق التعبير السلمي عن قناعتها ورؤاها، وهو ما آمل أن تسعفنا به مناخات الحوار المفتوح لتتبلور على الطريق الإصلاحي الشامل في السنوات القادمة بإذن الله.
ويتبقى بعد ذالك، الإشارة إلى أنني أعددت هذه المقدمة المختصرة، لا للتعارض مع المقدمة الضافية المؤصلة على الشريعة الإسلامية التي أعدها الدكتور عبد الله الحامد، والدكتور متروك الفالح، وإنما لتضيف على ذالك بعداً آخر لسؤال الدستور، تنطلق من قراءة تجارب مكتوبة وحقائق معاشه وناجحة في دول العالم، ومنها الدول الإسلامية والعربية، أثمرت عن قيام دولة القانون والمؤسسات الدستورية والمشاركة الشعبية في القرار، والتي أثبتت نجاعتها على مدى عشرات السنين، وذلك ما يفتح المجال أمامنا للإفادة منها كآليات يمكن إن نعمل لتبيئة عملها ضمن حقلنا السياسي وفي ذلك سعي في إعمال دائرة المصالح المرسلة للناس، بما لا يتعارض مع عقيدتنا الإسلامية السمحاء، وبما يسهم في تعزيز مبادئ العدالة والشورى، وتفعيل أداء السلطات الثلاث بالفصل بين وظائفها واختصصاصتها، وتمكين ممثلي الشعب من ممارسة حق الرقابة والمحاسبة على أعمال السلطة التنفيذية للحد من الفساد الإداري والمالي وللعمل على ضمانة التوزيع العادل للثروة والمشاريع.
واختم كلمتي في هذا المجال، بالتذكير بمثال حي من تاريخ بلادنا، تمثل في استيعاب المغفور له جلالة الملك المؤسس عبدالعزيز آل سعود لضرورة تبني هذه الآليات منذ خمسين عاماً، حيث قال في كلمته التاريخية أمام مجلس الشورى المنتخب في مكة المكرمة((إن أمامكم اليوم أعمالا كثيرة من موازنة لدوائر الحكومة، ونظم من اجل مشاريع عامه، والأمة تنتظر منكم ما هو مأمول في هممكم.....ولقد أمرت إلا يسن نظام في البلاد ويجري العمل به قبل إن يعرض على مجلسكم من قبل النيابة العامة, وتنقحونه بمنتهى حرية الرأي)) رحم الله القائد المؤسس. وألهمنا الإقتداء بسيرته وعمق بصيرته، وأعاننا جميعاً على مواجهة التحديات والبدء بعملية التحديث السياسي المأمول.
علي الدميني


القسم الثالث: دفوع عامة
وتلخيصا لدفاعي ضد التهم الموجهة إليّ أوضح ما يلي:
انطلق المدعي العام في دعواه من مقدمة خاطئة، ترتب عليها خطأ كل ما تبعها من نتائج، فقد بدأ العريضة، بحقيقة أننا قمنا بتبني بيانات، وإصدار عرائض موقّع عليها من جموع من المواطنين السعوديين، وقد افترض بأن في هذا العمل جريمة يعاقب عليها النظام, دون أن يبين ما هو مصدره في التجريم، وبالتالي في المطالبة بالعقوبة, فالقاعدة الشرعية والنظامية تقول بأن: لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص. وقد نص نظام الإجراءات الجزائية السعودي في المادتين (2) و(3) بما فيه تأكيد على هذا المبدأ، وذلك بشكل يتوافق مع ما جاء في النظام الأساسي للحكم في المادة(36).
فأين هو النص الذي يجرّم هذا الفعل ؟ وأين النص الذي يحدد العقوبة المترتبة عليه؟
2 - زعم الادعاء بأن في مطالبنا ما يعد تهميشاً لدور ولي الأمر في البلاد، بينما نرى أن في مطالباتنا تنظيم للصلاحيات، وبشكل يحقق مصالح البلاد العليا، وقد قمنا بتقديم مطالبنا بطريقة سلمية وعلنية، تتوافق مع مبادئ الشرع المطهر، الذي جاء بوجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر, ومتوافق مع قوله صلى الله عليه وسلم: (الدين النصيحة الدين النصيحة الدين النصيحة قالوا لمن يا رسول الله ؟ قال لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم)، وقد حدثتنا كتب السير عن أن الصحابة كانوا يناصحون الرسول صلى الله عليه وسلم ولم يكن ينكر عليهم ذلك، عرفنا ذلك في قصة الخندق مع سلمان الفارسي, وفي قصة أسرى بدر, وموقع الجند في بدر وغير ذلك.
كما أن هذا المبدأ جاءت به الأعراف والمعاهدات الدولية التي حمت حق الإنسان بتشكيل الجمعيات السلمية, وأكدت على حقه بحرية التعبير المنضبط, كما يفهم من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية في المادتين (19) و (21)، وفي المادة (19) من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.
وفي كل الأحوال فإن ما قمنا به لا يخرج عن نطاق الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ومفهوم النصيحة, حسب ما جاء في الفقه الإسلامي، وعن مفهوم حرية التعبير في المفهوم القانوني والنظامي.
3 – ما زعمه الادعاء بأن في مطالبتنا بالفصل بين السلطات خروج عن الطاعة هو غير صحيح, وفيه تحميل لما لا يحتمل، فالخروج عن الطاعة لا يكون إلا في الخروج المسلح فأين يكون نزع الطاعة من أشخاص يبدؤون خطابهم بمخاطبة ولي الأمر بالأمرة، ويختمونه بالدعاء له، وبالاعتراف له بالقيادة والزعامة؟
والحقيقة أن مبدأ الفصل بين السلطات هو من المبادئ السياسية الحديثة، التي أجمعت على تطبيقها أمم العالم جميعها، حتى صار من المبادئ السياسية والإدارية المسلّم بها عند الجميع لتحقق المصلحة فيها وبها، كما أن هذا يعرف في علم الإدارة بمبدأ تقسيم العمل، وهو يدرس في عدد من جامعاتنا.
ومطالبتنا إيضاً بتطبيق هذا المبدأ لا يخرج عن كونه داخلاً في دائرة الاجتهاد, لتحقيق مصالح المواطنين بالشكل السليم والأمثل.
4 - زعم الادعاء بأن في مطالباتنا إثارة للفتنة و تجاهلاً لولي الأمر، والحقيقة أن القيادة الرشيدة ممثلة بولي العهد رعاه الله، قد رحبت بمطالباتنا في خطابنا الأول، وقد استقبلنا سمو ولي العهد وشد من أزرنا وقال لنا بأن طلباتكم هي مشروعي0
5-إن بلادنا حفظها الله مستهدفة، وأن العالم ينظر لهذه المحاكمة بعين الترقب والتربص, وأن محاكمتنا على أراء أبديناها بطريقة سلمية وحضارية، فيه مدخل لأعداء هذه البلاد, فمثل هذه المحاكمة وكما تعلم المحكمة الموقرة، لا تقرها أنظمة حقوق الإنسان والتي وقعت المملكة على الكثير من عهودها, كما أن الحكم ببراءتنا فيه دليل على استقلال القضاء وعلى عدالة الشرع. مما سيلجم كل متربص ببلادنا، رعاها الله وحفظها من كيد الكائدين.
وبهذا أنهي دفاعي، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد سيد الأنبياء والمرسلين.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

علي بن غرم الله الدميني الغامدي


مـــــر فقـــــات (تعتبر هذه الورقة جزءا من مرافعتي )


أفكار أولية


لتطوير النظام الأساسي للحكم في المملكة

إلى..

"دستور"








بسم الله الرحمن الرحيم

الإصلاح السياسي والدستور
من داخل سجني الذي أمضيت فيه مع زميليّ ما يقارب العام – على خلفية اشتراكنا مع المئات من المواطنين في المطالبة بضرورة الإصلاح السياسي – ما زلت أقبض على كثير من الأمل والتفاؤل بأن ما يجري من خطوات إصلاحية أولية، وما تتضمنه أحاديث أركان القيادة السياسية في بلادنا، يشير إلى تفهم وتوافق للتعاطي مع متطلبات المرحلة ومطالب الشعب بالإصلاح السياسي.
وأستذكر هنا ما ورد في خطاب خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز، في دورة مجلس الشورى السابقة، من إشارة واضحة إلى ضرورة المضي في طريق الإصلاح والمشاركة الشعبية في القرار السياسي والإداري، كما أستعيد حديث سمو ولي العهد الأمير عبد الله بن عبد العزيز لمجموعة من الموقعين على خطاب "رؤية لحاضر الوطن ومستقبله" الذي قدم إلى سموه وقوله لهم "إن رؤيتكم هي مشروعي"، كما أن ما ورد في حديث منشور لسمو النائب الثاني الأمير سلطان بن عبد العزيز، ما يدعم هذا التوجه، حيث أشار سموه إلى الحاجة إلى حياة ديمقراطية، وانتخابات يشارك فيها المواطنون لمصلحة الوطن والأمة.
وفي هذا المناخ، التوافقي، يغدوا الأمل كبيراً في أن يتم تحويل هذه الأفكار والتوجهات إلى آليات عملية ملموسة تدشن مرحلة التحديث السياسي والمشاركة الشعبية في صناعة القرار، ويغدو الاستمرار في تقديم المقترحات والاجتهادات بشأن مضامين هذا التحديث والإصلاح الشامل فضاءً مفتوحا أمام القيادة و أمام المهتمين بالشأن العام على السواء.
ويهمني أن أؤكد هنا, على أنني كالكثيرين أمثالي, لا أدعو إلى حرق المراحل، بل أنني أؤمن بالحكمة في اعتماد منهج الإصلاح السياسي المتدرج, وفق برنامج مدروس مصحوب بجدول زمني محدد بدقه,ويتم تنفيذه على مراحل.ولكن يجب أن تكتسب تلك الوعود مصداقيتها من خلال الوفاء بمواعيد التطبيق المتدرج للإصلاح السياسي الشامل، وألا يتحول هدف التدرج المرحلي إلى وسيله لكسب الوقت، انتظارا لظروف أفضل وتوقيت مناسب للتنصل من دعوة الإصلاح أو إلغاءها.
إن الإصلاح السياسي في عصرنا الراهن، قد أصبح مطلبا لا مناص من التعاطي معه، لأنه لا يمدنا بالوسائل الناجعة لمواجهة الأزمات الداخلية والتحديات الخارجية الآنية وحسب، ولكنه يعيننا على تجنب معارك مرتقبة في الفضاء السياسي والاجتماعي على السواء.وموضوع الإصلاح أو التحديث السياسي(لإقامة دولة القانون والمؤسسات الدستورية) في تجليه الأبرز هو موضوع تدبير المصالح المرسلة للبشر داخل المجتمعات في التاريخ,لأنه يوسع دائرة المشاركة ,ويرسخ التعاقد الاجتماعي في صناعة حاضر ومستقبل المجتمعات.
وفي هذا السياق، أصبح أمر ابتكار وسائل وآليات جديدة تستجيب لطموحات الشعوب، شأنا ملحا لأعانتها على أن تجد ذاتها، وتحقق فاعليتها في التاريخ بحيث يتم توظيف تلك الآليات على ضوء الخصوصيات والثوابت المحلية من جهة، وفي ضوء ضرورة معالجة الإشكالات المستجدة في الشأن الاجتماعي والسياسي,لأن من شأن ذلك أن يعين الشعوب والدول على التفاعل مع دول العالم,ومراجعة مصيرها التاريخي بأساليب من العمل السياسي أكثر مطابقة لحاجتها التاريخية,بحيث تصبح قراراتها وخياراتها مستفيدة وفاعله من وفي رقي تراكم الخبرة الإنسانية التي تنتجها الشعوب في مسار التاريخ ومسيرة الحياة .
ولضخامة المسؤولية، فإن واجب التأمل والتفكير والاجتهاد في ما يصلح حال الأمة، وفي توصيف مسارات خياراتها المستقبلية، للبحث عن منهج فعال ومقبول للتغيير والإصلاح السياسي لم يعد حكراً على الحكومات وحدها، وإنما يقع على عاتق قوى المجتمع المدني وفعالياته المختلفة، وأن البدء في عملية الإصلاح السياسي لم تعد موكولة أو مرتبطة بخيارات الحكومة وتوقيتاتها، وإنما أصبح ضرورة يتطلبها واقع وحاجيات الوطن والمواطنين، وعلى الحكومات ألا تحتكر التفكير وتحرمه على مواطنيها، وأن تتعفف عن إطلاق صفات التخوين والعمالة والطابور الخامس على أبناء الوطن المنادين بالإصلاح والتحديث السياسي.
وعليه يجب إرساء دعائم الشراكة بين الحكومة والشعوب في سياق عمليات التحديث، بحيث لا ينحصر دور الإصلاح في تجديد وتعزيز بنية السلطة وحدها بهدف تأهيلها للمزيد من ضبط مجتمعها وإبقاء الشعب خارج المجال السياسي والشأن العام، وإنما يجب أن تتخطى ذلك إلى تبني الخيارات الكفيلة بتجاوز واقع التهميش السياسي والاقتصادي للشعوب لكي يكونوا محور عملية الإصلاح وهدفها في آن معاً.
ويجب أن نتذكر دائماً أن الاستئثار بالسلطة والثروة الوطنية، والاستمرار في توزيعها بنفس الأساليب القديمة التي تعيد إنتاج الوضع القائم، سوف تعمل على مفاقمة الأزمات القائمة، وتسهم في استشراء بذور الغضب والنقمة والعنف والإرهاب، وأن المدخل الصحيح للخروج من ذلك المأزق يكمن في البدء في عملية إصلاح عميق، يعمل على توطيد العلاقة بين
السلطة / الدولة، والمجتمع، ونقلها من مستوى القطيعة إلى آفاق التواصل والتكامل، وإقامة الجسر الذهبي الكفيل بتجديد الشرعية، والثقة بين الحاكم والمحكوم، من خلال الحوار الحر، واحترام حقوق المواطنة، وإيقاف كافة أشكال القهر ومصادرة الحريات، والإكراه، لكي ينهض المواطن من موقعه الراهن الذي يقبع فيه كتابع، إلى موقع المواطن الحر المسئول، والشريك الكامل في الحقوق والواجبات.
إن الدولة بشكل عام هي مؤسسة المؤسسات، ومتى اختصرت وظيفتها في سلطة واحدة متفردة، أدى ذلك إلى التخلف السياسي في جميع صوره، وأصبحت الدولة تعمل ضد الأمة، ولذا فإن تعزيز دولة المؤسسات هو في نفس الوقت تعزيز لدولة القانون الكفيلة بتحقيق قيم العدالة والحرية والمساواة، والقادرة على غرس ثقافة الديمقراطية وحقوق الإنسان، والتسامح والحوار والتعددية، وتعميق معنى المواطنة والولاء والانتماء في حياة المواطن وضميره.
وبالرغم من كثرة مفردات الإصلاح السياسي وموضوعاته، واختلافنا حول أولوياته، إلا أن الخطوة الأساسية لتدشين مشروع التحديث السياسي، تبدأ من المرتكز القانوني التعاقدي الذي يجسد شروط البيعة بين الحاكم والمحكوم، وذلك بتطوير النظام الأساسي للحكم في المملكة إلى "دستور"دائم للبلاد، يقوم على تبني مرجعية الشريعة الإسلامية في كل ما يصدر عنه من أحكام، ويأخذ بآليات بناء الدولة الحديثة ومؤسساتها الدستورية.
فالدستور هو الميثاق الأساسي الذي يتضمن تحديد طبيعة السلطة ودورها، وكذلك مجموع الحقوق والواجبات الأساسية للمواطنين، ويضبط نمط ممارسة السيادة أو تخويلها، أي شكل الحكم والحكومة، واختصاصاتها، ويضمن الفصل بين السلطات الثلاث للدولة (النيابية، والتنفيذية، والقضائية) وعمل وظائفها، ويكفل استقلال سلطة القضاء، ويضمن الحقوق والحريات السياسية للأفراد والجماعات وحقهم في تكوين جمعيات المجتمع المدني، ومشاركة المواطنين في ممارسة السلطة بواسطة الانتخاب.
والدستور يصبح بذلك بمثابة، الناظم الرئيسي لعملية التحديث السياسي الشامل، القادر على تلبية مطالب المجتمع السياسية والاقتصادية والثقافية والإبداعية، باعتباره
ميثاقا ًقانونياً ملزما ًللحاكم والمحكوم، وهذا ما تعلمناه من الحقائق الإنسانية والاجتماعية التي حققتها الأمم والشعوب الأخرى التي كتبت دساتيرها وفق ثوابته،
وأقامت مؤسساتها الدستورية، مما ساعد على ترسيخ سلامها الاجتماعي ورقيها الحضاري عبر المئتي عام المنصرمة.
وقد قمت مع زميلي, الدكتور عبد الله الحامد، والدكتور متروك الفالح, بإعداد أفكار أوليه حول مفهوم الدستور, وآليات عمله، وقد هدفنا من ذالك إلى أمرين، أولهما: كشف الالتباس وسوء الفهم حول ما ورد في الخطابات ألمطلبيه المرفوعة للقيادة من حديث حول ضرورة الفصل بين السلطات
الثلاث، واستقلال القضاء, وسلطة الأمة ودولة القانون والمؤسسات الدستورية، وثانيهما يهدف إلى طرح سؤال الدستور, واختصاصاته في حقلنا السياسي المحلي الراهن.
وفي هذا السياق اطلعنا على العديد من الدساتير العربية والعالمية، وبعض المراجع النظرية للدستور، وتوقفنا أمام دساتير الدول العربية,وخاصة الدستور المصري الذي يعد أباً للدساتير العربية, بيد أننا قد أفدنا بصفة خاصة من دساتير الدول العربية التي تتشابه أنظمة حكمها وظروفها الاجتماعية مع ظروف بلادنا,مثل الكويت والبحرين والأردن والمغرب.وقد تحاورنا_داخل السجن_ طويلاً حول كافة البنود وخلصنا إلى وضع هذه الصيغة التي حرصنا فيها على تمثل تعددية مرجعياتنا الثقافية, لتعبر بأكبر قدر ممكن عن تعددية مكونات مجتمعنا مذهبياً وطائفيا وثقافياً والتزمنا بشكل واضح وبقناعة تامة بالمنهج الإصلاحي السلمي وثوابته واستهدافاته التي شاركنا فيها مع المئات من المهتمين بالشأن العام في بلادنا رجالا ًونساءً، والتي عبرت عنها الخطابات المرفوعة للقيادة, والتي تنطلق من الثوابت التالية:
أ_مرجعية الشريعة الإسلامية
ب_التمسك بالوحدة الوطنية
ج_ تثمين الدور التاريخي الذي قامت به الأسرة المالكة في إقامة الدولة والحفاظ على وحدتها وازدهارها, والنص في الدستور على استمرارية الحكم في الصالحين من سلالة الملك عبد العزيز.
ولا نزعم إن هذا الجهد استكمل شروطه النموذجية، أو إننا قد اخترعنا شيئا لا يستطيعه الآخرون, بل أننا نعتبره مجرد نموذج أو مثال تطبيقي بسيط على نظرية الدستور، يشبه ما يقوم به مؤلفو الكتب المدرسية حين يوردون بعض الأمثلة المحلولة لشرح نظريه رياضية أو هندسية بغرض التوضيح، كما أننا نعلم أن المجال مفتوح أمام مئات الأمثلة التي سيجد أصحابها افقأ مفتوحا لإمكانية ومشروعية التجريب,وكل ذالك سوف يغني سؤال الدستور ويدشن باب الحوار للجميع حول أهمية الدستور ومكوناته، وحول موقعه المركزي في عملية الإصلاح السياسي.واعتقد إن هذا النموذج,قد أوفى المرجعية الإسلامية في الدستور, ووظائف ومهام السلطات الثلاث للدولة حقها, وبقي بعد ذالك الكثير أمام العلماء والفقهاء ورجال القانون والمثقفين والمهتمين بالشأن العام، لإغناء جوانب أخرى لم تأخذ حقها في مجال المواءمة بين الثوابت المذكورة وبين مفاهيم الحرية والتعددية وقبول الأقلية بقرار الأغلبية مع احتفاظ الأقلية (المذهبية، الطائفية.والسياسية) بحقها في الموجود وحق التعبير السلمي عن قناعتها ورؤاها، وهو ما آمل أن تسعفنا به مناخات الحوار المفتوح لتتبلور على الطريق الإصلاحي الشامل في السنوات القادمة بإذن الله.
ويتبقى بعد ذالك, الإشارة إلى أنني أعددت هذه المقدمة المختصرة، لا للتعارض مع المقدمة الضافية المؤصلة على الشريعة الإسلامية التي أعدها الدكتور عبد الله الحامد، والدكتور متروك الفالح، وإنما لتضيف على ذالك بعداً آخر لسؤال الدستور,
تنطلق من قراءة تجارب مكتوبة وحقائق معاشه وناجحة في دول العالم, ومنها الدول الإسلامية والعربية، أثمرت عن قيام دولة القانون والمؤسسات الدستورية والمشاركة الشعبية في القرار، والتي أثبتت نجاعتها على مدى عشرات السنين, وذلك ما يفتح المجال أمامنا للإفادة منها كآليات يمكن إن نعمل لتبيئة عملها ضمن حقلنا السياسي وفي ذلك سعي في دائرة المصالح المرسلة للناس، بما لا يتعارض مع عقيدتنا الإسلامية السمحاء، وبما يسهم في تعزيز مبادئ العدالة والشورى، وتفعيل أداء السلطات الثلاث
بالفصل بين وظائفها واختصصاصتها، وتمكين ممثلي الشعب من ممارسة حد الرقابة
والمحاسبة على أعمال السلطة التنفيذية للحد من الفساد الإداري والمالي و للعمل على ضمانة التوزيع العادل للثروة والمشاريع.
واختم كلمتي في هذا المجال، بالتذكير بمثال حي من تاريخ بلادنا، تمثل في استيعاب المغفور له جلالة الملك المؤسس عبدالعزيز آل سعود لضرورة تبني هذه الآليات منذ خمسين عاماً، حيث قال في كلمته التاريخية أمام مجلس الشورى المنتخب في مكة المكرمة((إن أمامكم اليوم أعمالا كثيرة من موازنة لدوائر الحكومة, ونظم من اجل مشاريع عامه، والأمة تنتظر منكم ما هو مأمول في هممكم.....ولقد أمرت إلا يسن نظام في البلاد ويجري العمل به قبل إن يعرض على مجلسكم من قبل النيابة العامة, وتنقحونه بمنتهى حرية الرأي)) رحم الله القائد المؤسس. وألهمنا الإقتداء بسيرته وعمق بصيرته، وأعاننا جميعاً على مواجهة التحديات والبدء بعملية التحديث السياسي المأمول.
علي الدميني























الدستور وأبوابه

يقصد بالدستور في علم السياسة أحد معنيين:
1- المعنى القديم: نظام الحكم في أي دولة.
2- المعنى الحديث: تعريف الدستور من خلال العناصر التالية:

( ا ) لا يكون نظام الحكم دستورياً، إلا إذا كان شورياً نيابيا، أي أن الحاكم مفوض ووكيل عن الأمة.

(ب) أن لا تكون السلطة مطلقة بيد الحاكم، بل منها ما يختص به الحاكم كإدارة الحكومة، وما تشارك الحاكم فيه هيئات أخرى تجسد مصالح الأمة، كمجلس النواب

(ج) السلطة الشعبية غير المباشرة هي سلطة(الدولة)، وسلطات(الدولة) ثلاثة فروع:
ـ الفرع التشريعي، ويجسده مجلس النواب.
ـ فرع القضاء، ورأسه المحكمة العليا (أو المحكمة الدستورية).
ـ الفرع التنفيذي (الحكومة).

والغرض من هذا التوزيع الحيلولة دون تمتع أي فرع من هذه الفروع بسلطة مفرطة، لأن القوة بطبيعتها الامتداد، والامتداد يفضي إلى الاستبداد، والاستبداد يفضي إلى الفساد، فالسلطة المطلقة مفسدة مطلقة.

توزيع السلطات يمنع إساءة استخدامها أو يعزز فاعلية عملها، وبذلك تكون الدولة العادلة الشورية، فمن يضمن هذه الصيغة التي تقوم على توزيع السلطة إلى ثلاث فروع ؟ إن الضامن لذلك هو وجود انتخابات ، ينتخب فيها الشعب من يمثله في (مجلس النواب) ؛ الذي يجسد أهل الحل والعقد وهم أهل العلم والرأي والثقة والاختصاص والخبره، ومجلس النواب يجسد السلطة الشعبية (بصورة غير مباشرة) .

( د ) السلطة الشعبية المباشرة: المجتمع الأهلي: من يضمن أن تجري السلطة انتخابات نزيهة لمجلس النواب؟ ومن يضمن أن لا يلتف السلطان على القضاء بتعطيل أو تأويل؟ إنه الشعب، والشعب لا يمكنه ذلك إلا عبر تجمعات المجتمع الأهلي ولاسيما المدني، من نقابات وجمعيات وروابط، هذه التجمعات هي التي تجسد السـلطة الشعبية (الوسيطة) .

يتبين من ذلك أن الأمة تمارس سلطتها مباشرة وغير مباشرة:
أولاً: السلطة المباشرة، ولها أسلوبان،
(أ?) أوضح أسلوب لها هو الاستفتاء العام، ولكن هذا الأسلوب، من الصعب اللجوء إليه، لأسباب عملية، ولذلك لا يلجأ إليه إلا في الأحوال الضرورية القصوى والكبرى.

(ب?) السلطة شبه المباشرة، عبر التناهي عن المنكر والتعاون على المعروف، من خلال المجتمع الأهلي ولا سيما المدني، تجمعات ونقابات وجمعيات وأحزاباً، في كافة مرافق الحياة، ويحتفظ المجتمع الأهلي، بحقه في حماية المجتمع من هيمنة الدولة واسـتبدادها، عبر وسائل التعبير الشـفوية والمكتوبة والمسموعة والمرئية، ومن خلال البيانات والتجمعات والاعتصامات والتظاهرات والإضرابات، وكافة الوسائل السلمية .

ثانيا: السلطة غير المباشرة، عبر المؤسسات الدستورية (على مستوى الدولة) أو هي سلطة الدولة ، بتوزيع أعباء السلطة على ثلاثة أعمدة أو دوائر غير مغلقة هي:
أ - السلطة النيابية
ب- السلطة التنفيذية
ج- السلطة القضائية

ويستخدم في علم السياسة اليوم، مصطلح الفصل بين السلطات الثلاث، وهذا الفصل يسمح بالتعاون بينها، لأنه لا يتخذ صيغة الفصل المطلق، وإنما يتخذ مفهوم الاستقلالية الذي يعني أن كل سلطة تمارس اختصاصاتها ووظائفها، مع الاحتفاظ بمبدأ التعاون والتعاضد، من أجل تبادل الرقابة والمحاسبة، منعاً للاستبداد وإساءة استخدام السلطة. وهو في ذلك تجسيد لمفهوم التعاون على البر والتقوى في ممارسة الحكم. وبذلك يحتفظ رأس الدولة بقدر كبير من الصلاحيات في إدارة الدولة والحكم. (انظر اختصاصات رأس الدولة) .

وهذا يعني تقسيم صلاحيات رأس الدولة إلى صلاحيات خاصة به، وصلاحيات يشارك فيها مجلس النواب أو السلطة القضائية.



( 1 ) الشريعة الإسلامية هي أساس التشريع، وعندما يقال الشريعة في هذا الدستور، فإن المقصود بها ما اكتسب القطعية أي ما صرح به الكتاب والسنة، أو أجمع عليه الخلفاء الراشدون، أو ثبت تطبيقه في الحكم النيابي الراشد، ويرد إلى تلك القاعدة كل اجتهاد، ولا يجوز صدور أي قانون يخالف مقاصدها وروحها.

( 2 ) يقوم الدستور على ركنين الأول: سلطة الأمة المباشرة، التي تكون عبر الاستفتاء العام والرأي العام، وعبر تجمعات المجتمع الأهلي ولاسيما المدني، التي بيَّنها الباب الأول، من هذا الدستور. الثاني: سلطة الأمة غير المباشرة، التي تكون عبر التمثيل والوكالة والنيابة. والسلطة غير المباشرة تكون بتوزيع سلطات الدولة ثلاث شعب، والملك يمثل الدولة باعتباره رأس الدولة:
الأولى: السلطة التنفيذية ( الحكومة )
الثانية: السلطة النيابية ( مجلس النواب).
الثالثة: سلطة القضاء.

( 3 ) كل قانون يرد ذكره في هذا الدستور يتسم بأمرين:
الأول : أنه دستوري، أي لا يجوز لأي سلطة نقضه أو تعطيله.
الثاني : أنه شرعي ينبثق من مقاصد الشريعة وروحها، في المبادئ والوسائل معا.

( 4 ) كل (قانون) يرد ذكره في هذا الدستور، فإن جهة إقراره هي مجلس النواب بصفته معبراً عن إرادة الأمة، وإجماعها، ويجب على الجميع الامتثال له، وكل شيء يشار فيه إلى صدور نظام أو لائحة تنظيمية، فإن جهة الموافقة النهائية عليه هي مجلس نواب الأمة. بحيث ينبغي أن يكون كل نظام وكل لائحة، تجسيداً دقيقاً للقانون الذي أصدره مجلس النواب.

( 5 ) للمواطنين رجالاً ونساءاً حق الانتخاب والترشيح وإبداء الرأي في الاستفتاء وفق القانون، ومساهمة المواطن في الشأن العام واجب إسلامي وطني، لا يجوز له أن يفرط فيه.

( 6 ) سيادة القانون أساس الحكم في الدولة، وتنفذ الدولة للقانون، كما ينفذه المواطنون، وتنفيذ الدولة للقانون واستقلال القضاء ضمانان أساسيان لحماية الحقوق والحريات.

( 7 ) تخضع مؤسسات الإعلام في ملكيتها وتمويلها وأموالها لرقابة الأمة على الوجه المبين في الدستور.

( 8 ) يشترط في كل من يتولى وظيفة قيادية في الحكومة خاصة والدولة عامة، أن يكون عمره فوق (35) سنة شمسية، وأن يكون ذا كفاية وعدالة معا.

( 9 ) المملكة العربية السعودية دولة عربية إسلامية ذات سيادة، دينها الإسلام، والشعب السعودي جزء من الأمة العربية والإسلامية، ولغتها الرسمية هي اللغة العربية.

( 10 ) الإسلام دين الدولة، ولكل مسلم حرية ممارسة شعائره الدينية، وحرية الضمير مكفولة للجميع.

. ( 11 ) كل إنسان يلي عملاً من أعمال الدولة، مطلوب منه الالتزام بحسن التصرف، وهو خاضع للمراقبة والمحاسبة، من أصغر موظف حتى أكبر موظف.

. ( 12 ) يضمن الدستور عدم المساس بالحقوق العامة والخاصة للمواطنين مدنية أو اقتصادية أو سياسية أو ثقافية، لا يكون نقصها إلا بنظام مقر من مجلس النواب، وبرقابة قضائية، ولا سيما التوقيف والتفتيش وتقييد حرية الإقامة والسفر.




( 13 ) الناس سواسية في الكرامة الإنسانية، ومتساوون في الحقوق والواجبات العامة، أمام (القانون)، ولا تمييز بينهم بسبب الجنس أو العرق أو الأصل أو المنشأ أو المذاهب.

( 14 ) كرامة الفرد أساس كرامة الأمة والوطن، فالفرد هو الأساس في بناء الأمة والوطن، وبمقدار قيمة الفرد وعمله وكرامته، تكون كرامة الأمة والوطن وقوتها.

( 15 ) لكل مواطن ذكراً أو أنثى التمتع بالحقوق مدنية وسياسية وثقافية واقتصادية واجتماعية

( 16 ) يضمن الدستور لجميع المواطنين في إطار الشريعة:
أ- حرية التجول والاستقرار بجميع أرجاء المملكة، والسفر خارجها.
ب- حرية الرأي والتعبير بجميع أشكالها.
ج- حرية الاجتماع.
د- حرية تأسيس الجمعيات والنقابات والروابط والجماعات والأحزاب، اجتماعية ومهنية وثقافية واقتصادية وسياسية، وتكون للجمعيات شخصياتها الاعتبارية.
هـ- للمواطنين حق الاجتماع الخاص من دون حاجة إلى إذن أو إبلاغ سابق.
و- الاجتماعات العامة والمواكب والتجمعات مباحة، على أن تكون وسائلها سلمية وأهدافها وطنية مشروعة، ويصدر قانون من مجلس النواب ينظمها.
ز- للمواطنين حق الاعتصام والتظاهر والإضراب عن العمل، ويبين القانون الإجراءات المناسبة لذلك.
ح- يحظر أي نوع من أنواع الرقابة -تحت أي ظرف- على المواطنين أفراداً وجماعات، أو على مكالماتهم ومراسلاتهم واجتماعاتهم، إلا بناءً على أوامر قضائية مستندة إلى قانون.
ط- حرمه المساكن، فلا يجوز دخولها أو اقتحامها بغير إذن أهلها، إلا بناء على أوامر قضائية، مستنده إلى قانون
ى- لا يوضع حد لممارسة هذه الحريات والحقوق إلا بمقتضى (القانون)، الذي تقره الأمة مباشرة عبر ممثليها في مجلس النواب.

( 17 ) للناس أفراداً وجماعات الحق في مخاطبة أياً من السلطات العامة، في ما ينوبهم من أمور شخصية، أو ما يرونه من أمور في الشئون العامة، ولهم الحق في تقديم اقتراحات بمشروعات قوانين وقرارات وأنظمة إلى كافة السلطات.

( 18 ) الأسرة أساس المجتمع قوامها الدين والأخلاق، تحفظ الدولة كيانها الشرعي وأواصرها وقيمها، وتحمي في ظلها الأمومة والطفولة، وترعى النشء، وتحميه من أي شكل من أشكال الإهمال ماديا وأدبيا وروحيا، وتعنى بتربية النشء على القيم الإسلامية، بدنياً وخلقياً ونفسياً وعقلياً وعلمياً.

( 19 ) يضمن الدستور التزام الدولة؛ بعدم تعريض أي مواطن لأي إجراء يحط من كرامته، سواء أكان تعذيباً مادياً أو معنوياً، أو إغراءاً يفقده الرضا أو الاختيار، ويبطل كل إقرار أو قول أو اعتراف، يثبت صدوره تحت وطأة التعذيب أو الإغراء أو المعاملة المهينة، أو التهديد بهما، ويصدر قانون يحدد عقوبة من يمارس هذه الأمور.

( 20 ) يضمن الدستور التزام الدولة بعدم تجريم أي عمل أو اتخاذ عقوبة عليه، إلا بناء على نص قانوني معلن يجرم الفعل أولا ويحدد العقوبة ثانيا.

( 21 ) لكل إنسان حق التعبير عن رأيه ونشره وحرية التفكير والإبداع والبحث، واحترام التعددية والتعايش والتسامح في إطار المواطنة الجامعة والروح السلمية، وعدم المساس بوحدة الأمة ويحظر إثارة الفرقة، طائفية أو مذهبية، أو إقليمية أو اجتماعية. ويضمن الدستور التزام الدولة، بسائر أنماط الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، اللازمة للتواصي بالحق والخير والعدالة التعددية والشورية والحوارية، والتسامح والسلمية والتعاضد، التي هي من أسس سلامة الدولة والمجتمع، على اختلاف أشكالها وأغراضها بما لا يخل بقيم الشريعة الاسلاميه.

( 22 ) لا يجوز إبعاد أي مواطن، أو منعه من العودة إلى البلاد أو منعه من السفر إلا بحسب القانون.

( 23 ) يضمن الدستور التزام الدولة بجواز منح حق الالتجاء السياسي لكل أجنبي يدافع عن مصالح الشعوب أو حقوق الإنسان أو السلام أو العدالة. وتسليم اللاجئين السياسيين محظور، وكفالتهم المادية والمعنوية، من بيت مال الأمة أمر مشروع.

( 24 ) الحفاظ على الوطن وصيانة أسرار الدولة واجب على كل مواطن.

( 25 ) المتهم بريء حتى تثبت إدانته، و كل متهم في جناية موقوف يكون له محام يدافع عنه، على حساب الدولة، إلا إذا ثبت أن دخله يفي بذلك.

( 26 ) للمجتمع الأهلي إعلاماً وصحفاً ونقابات وسائر التكوينات، سلطة شعبية مستقلة، في إطار التعاون على البر والتقوى، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

( 27 ) يمارس المجتمع الأهلي حقه في تكوين الجمعيات المدنية الأهلية في مختلف المجالات بحرية واستقلال، من أجل خدمة الأمة بمختلف الوسائل المشروعة، تعبيراً عن اتجاهات الرأي العام، وإسهاماً في تكوينها، وتوجيهها، في إطار المكونات الأساسية للمجتمع، والحفاظ على الحريات والحقوق والواجبات العامة، واحترام الحياة الخاصة للمواطنين.

( 28 ) حرية المجتمع الأهلي المدني مكفولة والرقابة عليه محظورة وإنذار الهيئات الإعلامية أو تخويفها أو وقفها أو إلغاؤها بالطريق الإداري محظور، إلا وفقا لأحكام هذا الدستور.

( 29 ) للإعلاميين حق الحصول على الأنباء والمعلومات، ولا سلطان عليهم في عملهم لغير القانون.

(30 ) يجوز للأفراد والهيئات إنشاء المدارس والجامعات بإشراف الدولة، ووفقا للقانون.



(31) نظام الحكم ملكي شوري نيابي، (أي ملكي بمؤسسات دستورية) والملك في الذكور من أولاد الملك عبد العزيز.
(32) بتوافق العائلة المالكة ينشأ مجلس لتمثيلها، يرأسه الملك، و ينوب عنه ولي العهد ويتكون أعضاؤه من أفراد العائلة المالكة الذين لا يزاولون عملاً حكومياً، وذلك بالانتخاب المباشر، ويوصي المجلس الملك بما يراه مناسباً، لتواؤُم مصلحة الأمة والعائلة، ولا سيّما ولاية العهد ونسبة توزير الأمراء ومخصصاتهم.

(33) يختار الملك لولاية العهد الأصلح كفاية وعدالة، ويتم تعيين ولي العهد خلال سنة من تاريخ تولي الملك وإجراء توليه (الأصلح) يكون بإحدى طريقتين:-
أ- يعين الملك ولي عهده بمشاورة مجلس العائلة الحاكمة، وموافقة أغلبية مجلس النواب.
ب- يزكي الملك لولاية العهد – بناءً على موافقة مجلس العائلة الحاكمة - ثلاثة من سلالة الملك عبد العزيز ويبايع مجلس النواب أحدهم.

(34) تعيين مخصصات الملك السنوية والعائلة المالكة بقانون يصدره مجلس النواب.
.
(35) تكفل الدولة الضمان الاجتماعي للمواطنين الذين ليس لديهم دخول تكفيهم في الأحوال التالية:-
أ- الشيخوخة.
ب- المرض.
ج- العجز عن العمل.
د- اليتم.
هـ- الترمل.
و- البطالة.

(36) يضمن الدستور التزام الدولة التوفيق بين واجبات المرأة الأسرية وعملها في المجتمع، ومساواتها بالرجل في الحقوق، سياسية واجتماعية وثقافية واقتصادية، بما ينسجم مع أحكام الشريعة الإسلامية.

(37) يضمن الدستور التزام الدولة أن يكون التعيين في الوظائف العامة، على أساس الكفاءات والمؤهلات، وتكافؤ الفرص أمام المواطنين، وحقهم في تقلد الوظائف والمناصب العامة، وتساويهم في نيل هذه الحقوق، بحسب شروطها المهنية، وتوفير فرص العمل للمواطنين وعدالة شروطها، دون تمييز طائفي أو مناطقي والعمل حق وواجب وشرف، والوظيفة العامة خدمة وطنية، ولا يولى غير المواطنين فيها إلا في أحوال ينص عليها القانون.

(38) يضمن الدستور التزام الدولة؛ برعاية العلوم والآداب والفنون، في ضوء الشريعة الإسلامية والمصالح الوطنية.

(39) يضمن الدستور التزام الدولة بالخدمات التعليمية، بمجانية التعليم في جميع مراحله.

(40) يضمن الدستور التزام الدولة بالتربية الإسلامية، في مختلف مراحل التعليم وأنواعه، بما ينمي شخصية المواطن، واعتزازه بالقيم الإسلامية والعربية الحميدة.

(41) يضمن الدستور التزام الدولة بالصحة العامة، وتوفير وسائل الوقاية والعلاج، و مجانية الرعاية الصحية، ويجوز للأفراد والهيئات إنشاء المراكز الصحية، بإشراف الدولة ووفقا للقانون.
(42) يضمن الدستور التزام الدولة، بالعدالة الاقتصادية، وفق توجهات الشريعة الإسلامية، وتنمية الاقتصاد الوطني هي أساس العدالة الاجتماعية، وقوامه التعاون العادل بين النشاط العام والنشاط الخاص، ويبين (القانون) العلاقة في ذلك ولا سيما ما يلي:-
أ- توفير السكن لذوي الدخل المحدود من المواطنين.
ب- مساعدة صغار المزارعين، وتمليكهم الأراضي، والنظام الخاص للملكية الزراعية، بما يضمن حماية الفلاحين والفقراء من الاستغلال.
ج- مساعدة صغار الحرفيين والصناعيين.
د- تشجع الصناعات الحرفية، بما يكفل تطوير الإنتاج وزيادة الدخل، وتعمل على دعم الجمعيات التعاونية ولا سيما الزراعية والصناعية والسمكيه.
هـ- يقوم النظام الضريبي على العدالة الاجتماعية.

(43) يضمن الدستور التزام الدولة، بتنظيم الاقتصاد، وفق خطة تنمية شاملة، تكفل زيادة الدخل، وعدالة التوزيع بين المناطق والشرائح الاجتماعية معاً، ورفع مستوى المعيشة، والقضاء على الفقر والبطالة، وزيادة فرص العمل، وربط الأجور بالإنتاج، و يضمن حداً كافيا للأجور.

(44) يضمن الدستور التزام الدولة بحرية البحث العلمي والأدبي والفني والثقافي، وتوفير وسائل التشجيع اللازم لذلك.

(45) يضمن الدستور التزام الدولة بسائر أنماط التعاون على البر والتقوى و ترعى الدولة المنشآت التعاونية بكافة صورها.

(46) يضمن الدستور التزام الدولة، بحرية الصحافة والطباعة والنشر ووسائل الإعلام، لا يجوز إنذارها أو وقفها أو إلغاؤها بالطريق الإداري، ويجوز الاستثناء في حالة إعلان الطوارئ أو زمن الحرب أن تكون على الصحف والمطبوعات ووسائل الإعلام رقابة محددة في الأمور التي تتصل بالسلامة العامة أو أغراض الأمن القومي، وفقاً لأحكام القانون.

(47) يكفل الدستور التزام الدولة بحرية إنشاء المؤسسات، ثقافية واجتماعية ومهنية واقتصادية وسياسية، وحرية إنشاء المؤسسات الإعلامية وملكيتها للشخصيات الفعلية والاعتبارية طبقاً للقانون.


الفصل الأول: رأس الدولة (الملك)

(48) الملك رأس الدولة عامة والحكومة خاصة، والممثل الأسمى للدولة فهو المخول من قبل الأمة بسياسة الدولة وحراسة الملة، وهو رمز وحدة الدولة والأمة والوطن وهو رمز شرعية الحكم، وحامي الدستور، وراعي حقوق المواطنين، أفراداً وجماعات، وهو مرجع السلطة التنفيذية.

(49) الملك هو رأس السلطة التنفيذية، الذي يكلف الوزارة، أو يقبل استقالتها أو استقالة الوزراء
(50) الملك هو الذي يصادق على تعيين القضاة، ويصدر قرارات تعيينهم.
(51 ) الملك هو الذي يعين أعضاء مجلس الشورى.
(52)الحكومة التي يرأسها الملك هي التي تجري انتخابات مجلس النواب، وتحدد مواعيدها، ولها الحق في دعوة مجلس النواب ومجلس الشورى في دوراتهما العادية أو الاستثنائية، وفق أحكام الدستور.

(53)الملك يشارك مجلس النواب السلطة، في الاقتراح وحق التصديق أو الاعتراض، والإصدار والنشر.

(54)الملك يصادق على القوانين ويصدرها.

(55)لا يصدر قانون إلا بموافقة مجلس النواب ومصادقة الملك.

(56)يعين الملك الموظفين المدنيين والعسكريين والممثلين السياسيين، ويعزلهم على الوجه المعين في ( القانون) ويعتمد ممثلي الدول الأجنبية.

(57)يصدر الملك اللوائح والأنظمة اللازمة لتنفيذ القوانين، التي أقرها مجلس النواب، بما ليس فيه تعديل أو تعطيل للقوانين أو إعفاء من تنفيذها، وله أن يفوض غيره في إصدارها.

(58)يصدر الملك اللوائح اللازمة لإنشاء وتنظيم المرافق والمصالح العامة.

(59)للملك حق العفو عن العقوبة أو تخفيضها، أما العفو الشامل فلا يكون إلا بقانون ينظمه.

(60)الملك هو القائد الأعلى للقوات المسلحة، برية وجوية وبحرية ويعلن الحرب بموافقة مجلس النواب.

(61)الملك يبرم المعاهدات ويبلغها مجلس النواب، مشفوعة بما يناسب من البيان، وتكون لها قوة القانون بعد إبرامها والتصديق عليها ونشرها. وتكون له السلطة بمشاورة مجلس النواب وموافقته، في الأمور التالية:-
أ?- كل المعاهدات والصلح والتحالف والتجارة والملاحة.
ب- كل المعاهدات التي يترتب عليها تعديل في أراضي الدولة.
ج- ما يتعلق بحقوق السيادة.
د- المعاهدات التي تحمل الدولة نفقات غير واردة في الميزانية.
هـ- لا يجوز أن تتضمن المعاهدة شروطاً سرية إلا بموافقة مجلس النواب.
و- المعاهدات التي يجب لنفاذها تعديل للقوانين التي أقرها الدستور، أو التي تحتاج لنفاذها إلى قانون جديد.

(62)للملك - بالتوافق مع مجلس النواب- أن يستفتي الأمة في المسائل التي تتصل بمصالح البلاد العليا، وفق نصوص الدستور وروحه.

(63)إذا حدث في غيبة مجلس النواب ما يوجب الإسراع في اتخاذ تدابير لا تحتمل التأخير، جاز للملك أن يصدر في شأنها قرارات ، لها قوة القانون، وفق المحددات التالية:-
1-حصول كوارث طارئة عامة كقيام حرب، مقتضاها ضرورة اتخاذ قرارات عاجلة.
2- أن توافق محكمة العدل العليا ( أي الدستورية ) على أن الإجراء ضروري عاجل.
3- أن لا تخالف الدستور.
4- أن لا يكون الإجراء على شكل قانون، بل قرار.
5- تعرض هذه القرارات على مجلس النواب خلال خمسة عشر يوما من تاريخ صدروها، إذا كان المجلس قائماً على أن يبت فيه خلال خمسة عشر يوماً من اجتماع عادي أو استثنائي.
6- وتعرض القرارات في أول اجتماع له في حالة الحل، أو وقف جلساته، فإن لم تعرض أو لم يبت فيها خلال خمسة عشر يوماً زال بأثر رجعي ما كان لها من قوة، واعتبرت باطلة دستورياً، إلا إذا رأى مجلس النواب اعتماد نفاذها في الفترة السابقة، أو تسوية ما ترتب على آثارها بوجه آخر.

(64)يعلن الملك حالة الطوارئ على الوجه المبين في ( القانون) على أن يعرض الإعلان على مجلس النواب خلال خمسة عشر يوما، ليقرر ما يراه. وإذا كان مجلس النواب منحلاً يعرض الأمر على المجلس الجديد في أول اجتماع له، على أن يبت فيه خلال خمسة عشر يوماً وفي جميع الأحوال يكون إعلان حالة الطوارئ محدد المدة، ولا يتجدد إلا بموافقة مجلس النواب.

(65)إذا عجز الملك عن القيام بمهام سلطته، يفوض صلاحياته إلى ولي العهد، فإذا لم يتم ذلك، فلمجلس النواب أن يتشاور مع مجلس العائلة في هذا الأمر، ويبت في الموضوع بأغلبية كل مجلس منهما على حدة.

الفصل الثاني : السلطة التنفيذية :

(66) الحكومة هي الهيئة التنفيذية والإدارية العليا للدولة، وتتكون من رئيس مجلس الوزراء ونوابه والوزراء ونوابهم، ويشرف رئيس مجلس الوزراء على أعمال الحكومة.

(67) يتولى الملك السلطة التنفيذية، ويمارسها على الوجه المبين في هذا الدستور.

(68) يضع الملك بالاشتراك مع مجلس الوزراء السياسة العامة للدولة ويشرف على تنفيذها على الوجه المبين في هذا الدستور.

(69) للملك أن يعين نائباً له أو أكثر، ويحدد اختصاصاتهم ويعفيهم من مناصبهم.

(70) كل من يتولى مسئولية تنفيذية؛ تسرى عليه القواعد المنظمة للمساءلة، عن سلامة التصرف.

(71) لا يجوز لأي وزير أن يتولى الإشراف على إدارات، أو رئاسة مجالس حكومية، تخرج عن طبيعة عمل وزارته.

(72) تشكّل وزارة جديدة عند كل انتخابات نيابية جديدة.

(73) يعين الملك رئيساً لمجلس الوزراء ونوابه والوزراء ونوابهم ويعفيهم من مناصبهم، وأمامه يسأل الوزراء متضامنين عن السياسة العامة للحكومة، ويسأل كل وزير عن أعمال وزارته.

(74) للملك حق دعوة مجلس الوزراء للانعقاد، وحضور جلساته، وتكون له رئاسة الجلسات التي يحضرها.

(75) يشترط في من يعين وزيراً أو نائب وزير أن يكون سعودياً كفؤاً عدلا، بالغاً من العمر خمس وثلاثون عاماً شمسيا فأكثر.

(76) يمارس مجلس الوزراء الاختصاصات التالية:-
أ- الاشتراك مع الملك في وضع السياسة العامة للدولة، والإشراف على تنفيذها، وفق القوانين والقرارات.
ب- توجيه وتنسيق ومتابعة أعمال الوزارات، والجهات التابعة لها والهيئات والمؤسسات العامة.
ج- إصدار القرارات الإدارية والتنفيذية، وفقا للقوانين ومراقبة تنفيذها.
د- إعداد مشروعات القوانين والقرارات.
هـ- إعداد مشروع الميزانية العامة للدولة.
و- إعداد مشروع الخطة العامة للدولة.
ز- عقد القروض ومنحها وفقا لأحكام الدستور.
ح- ملاحظة تنفيذ القوانين، والمحافظة على أمن الدولة ، وحماية حقوق المواطنين، ومصالح الدولة.

(77) للملك ولمجلس النواب حق إحالة الوزير إلى المحاكمة؛ على ما يقع منه من إخلال فادح أو جرائم، أثناء تأدية أعمال وظيفته أو بسببها، ويكون قرار مجلس النواب باتهام الوزير، بناء على اقتراح مقدم من خمس أعضاء المجلس على الأقل، ولا يصدر قرار الاتهام إلا بأغلبية ثلثي أعضاء المجلس.

(78) يوقف من يتهم من الوزراء عن عمله إلى أن يُبتُ في أمره، ولا تحول إقالته أو استقالته دون إقامة الدعوى عليه أو الاستمرار فيها، وتبين إجراءات المحاكمة وضماناتها.

(79) الجيش ملك للأمة، ومهمته حماية البلاد وسلامة أراضيها وأمنها وحمايتها، ويبين القانون شروط الخدمة والترقية في الجيش.

(80) ينشأ مجلس للأمن الوطني، يتولى الملك رئاسته، ويختص بالنظر في وسائل تأمين البلاد وسلامتها، يقوم بجمع المعلومات، وتحليلها وتنسيق السياسة الأمنية، بين الأجهزة المعنية بحماية المجتمع والدولة.

(81) الشرطة هيئة مدنية نظامية، رئيسها الأعلى هو الملك، وتؤدي الشرطة واجبها في خدمة الأمة، وتكفل للمواطنين الطمأنينة والأمن وتسهر على حفظ النظام والأمن العام، وتتولى تنفيذ القوانين واللوائح، وتلتزم في أعمالها بنصوص الدستور وروحه.
(82) هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر هيئة مدنية أهلية وهي إحدى حمعيات المجتمع المدني تخضع لنفس ضوابطها وآليات ممارسة عملها، تؤدي واجبها في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وحفظ الآداب والأخلاق، والدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة.
(83) يشكل الملك مجلساً استشاريا يسمى مجلس الشورى، يقوم بما يلي:
أ- الاقتراحات الخاصة بتعديل مادة أو أكثر من مواد الدستور.
ب- مشروعات القوانين التي تجسد روح الدستور إجرائيا.
ج- مايرى الملك إحالته إلى هذا المجلس.

(84) يشترط في عضو مجلس الشورى:
أ?. أن يكون بالغا أربعين سنة شمسية.
ب?. أن يكون ذا عدالة وكفاية.
ج. أن يكون من ذوي الخبرة المميزة ومِنْ مَنْ أدوا خدمة جليلة للدولة والمجتمع.
د. أن يكون حائزاً على ثقة الشعب، ومعيار ذلك أن لا يعترض على تعيينه مجلس النواب

(85) لا يزيد أعضاء مجلس الشورى عن ثلث أعضاء مجلس النواب.

(86) مدة عضوية مجلس الشورى أربع سنوات، يتجدد اختيار نصفهم كل أربع سنوات.

(87) مدة رئيس المجلس سنتان.

(88) ينتخب أعضاء مجلس الشورى رئيسهم.

(89) يصدر نظام يبين طبيعة مجلس الشورى ووظيفته بمرسوم ملكي، بناء على قانون من مجلس النواب.
الفصل الثالث : مجلس النواب ( السلطة التشريعية )

(90) يختص مجلس النواب بما يلي:
أ?. إقرار السياسة العامة للدولة.
ب?. وضع قواعد عامة للتربية والتعليم.
ت?. وضع قواعد عامة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية.
ث?. إقرار الميزانية العامة للدولة.
ج?. الرقابة والمحاسبة على أعمال الحكومة ( الوزارة ) وسياستها وبرامجها ومسئوليها.
ح?. التفويض بإعلان الحرب والتفويض برد العدوان.
خ?. إنشاء المحاكم الأدنى رتبة من المحكمة العليا.
د?. إنشاء الجيش وتحديد نفقاتها، ووضع قواعد عامة لإدارتها وتنظيمها.
ذ?. سن جميع القوانين الضرورية والمناسبة.
ر?. فرض الرسوم والضرائب و تحديد سُبل جبايتها.
ز?. استدانة الأموال.
س?. تنظيم التجارة مع الدول الأجنبية.
ش?. إقرار الاتفاقات والمعاهدات الدولية عامة والثنائية خاصة.
ص?. سك وطبع العملة.
ض?. وضع نظام الجنسية والهجرة والعمالة الخارجية.
ط?. شروط منح الدولة أو قبول مواطنيها أي لقب من ألقاب الشرف.
ظ?. سن جميع القوانين الضرورية والمناسبة.

(91) لا يقبل أي عضو في مجلس النواب هدية أو أجراً أو لقباً أو منصباً من أي دولة أجنبية إلا بموافقة المجلس.

(92) تشارك ( الحكومة ) أي السلطة التنفيذية مجلسَ النواب، بأساليب مباشرة عبر ما يلي:
(أ?) القوانين التي تعمل بها السلطة التنفيذية تقر من مجلس النواب.
(ب?) لمجلس النواب إبداء الملاحظات والاقتراحات في سير أعمال الحكومة.
(ت?) يراقب مجلس النواب أداء الحكومة عن طريق حقه في سؤال واستجواب الوزراء ورئيس مجلس الوزراء. وإجراء تحقيقات للوقوف على حقيقة تصرفات الحكومة.
(ث?) وله الحق في حجب الثقة عن الوزراء أو عن أي وزير فيها، وحق اتهام الوزراء، بما يقع منهم من جرائم في تأدية أعمالهم.

(93) تشارك السلطة النيابية القضاء فيما يلي:
( أ ) إصدار قرارات بتعيين أعضاء المجلس الأعلى للقضاء.
( ب ) وضع القوانين التي تنظم أوضاع السلطة القضائية.
( ج ) إقرار القوانين التي تطبقها المحاكم المختلفة في القضايا التي تحكم بها.
( د ) يستطيع مجلس النواب التدخل في أحكام المحاكم، عن طريق إصدار قانون للعفو العام لطائفة من الجرائم أو طائفة من الناس.

(94) كيفية تصديق القوانين:
أ- كل مشروع قانون أقره مجلس النواب ، يرفع إلى الملك للتصديق عليه .
ب- يعتبر القانون مصادقاً عليه حكماً، إذا لم يعده الملك إلى المجلس خلال ثلاثين يوماً مشفوعاً بأسباب ترك التصديق.
ج- إذا أقره المجلس ثانية، بموافقة ثلثي الأعضاء الذين يتألف منهم المجلس، اعتبر نافذاً.

(95) الناخبون هم كل مواطن من الراشدين البالغين عشرين سنة شمسية فأكثر، رجالاً ونساء، ماعدا أفراد العائلة المالكة، والجيش وقوات الأمن والحرس الوطني.

(96) يشترط في عضو مجلس النواب أن لا يقل عمره عن ثلاثين سنة شمسية، وان يكون حاصلاً على مؤهل جامعي، وأن يكون كفياً عدلاً، وأن يتمتع بالأمانة والنزاهة والسمعة الحسنة.

(97) إذا شغر مقعد من مقاعد النواب، بوفاة أو غيرها من الأسباب تدعو السلطة التنفيذية إلى انتخابات في المقاطعة التي انتخب منها العضو. إلا إذا كان موعد الانتخابات العامة الدورية يحين في غضون ستة أشهر.

(98) تراعى في الانتخاب صيغة تراعي الجمع المناسب بين التمثيل الإقليمي وعدد السكان معاً، بإحدى الوسيلتين:-
أ - الانتخاب الفردي : بتقسيم البلاد إلى دوائر، بقدر عدد الأعضاء المتقرر انتخابهم، وينتخب سكان كل دائرة عضواً واحداً.
ب- الانتخاب بالقائمة: بتقسيم البلاد إلى دوائر واسعة، وينتخب سكان كل دائرة، عدداً محدداً من النواب، يتناسب مع عدد السكان.

(99) مدة مجلس النواب أربع سنوات شمسية، ويتم الانتخاب لتجديد المجلس خلال الستين يوماً السابقة على انتهاء مدته.

(100) لا يوقف عضو مجلس النواب، ولا يحاكم، طوال مدة دورة المجلس، مالم يصدر المجلس قراراً بالأكثرية، ينص على مشروعية أسباب محاكمته، ومالم يقبض عليه متلبساً بجريمة، على أن يرفع الموضوع إلى المجلس خلال 48 ساعة ، لرفع الحصانة عنه واستمرار توقيفه، أو الإفراج عنه بكفالة أو بدون كفالة.

(101) عضو مجلس النواب يمثل الأمة ويرعى المصلحة العامة، ولا سلطان لأي هيئة عليه في عمله بالمجلس أو لجانه، وهو حر في ما يبديه من الآراء في المجلس ولجانه، ولا تجوز محاسبته على ذلك في أي مكان آخر.

(102) لا يجوز للنائب أن يجمع مع النيابة أي عمل آخر.

(103) إذا صدر سلوك غير نظامي من أحد اعضاء مجلس النواب، جاز للمجلس إبعاده بموافقة ثلثي الأعضاء .

(104) كل مشروع قانون وافق عليه المجلس، لا يصبح قانوناً، إلا بموافقة الملك، فإذا وافق عليه وقعه وصدر، وإذا اعترض الملك على مشروع قانون، رده إلى المجلس خلال ثلاثين يوما من تاريخ إبلاغ المجلس إياه مقروناً باعتراضاته على مشروع القانون، فإذا لم يردده خلال هذه الفترة اعتبر قانونا وأصدره. وإذا رد الملك القانون المذكور إلى المجلس وناقش المجلس الاعتراضات وأقره ثانية بأغلبية ثلثي أعضائه، اعتبر قانونا وأصدره الملك.

(105) تعرض الميزانية العامة على مجلس نواب الأمة، قبل شهرين على الأقل من بدء السنة المالية، ولا تعتبر نافذة إلا بموافقته عليها. ويتم التصويت – بعد مناقشة عامة-على مشروع الميزانية، بابا بابا وتصدر بقانون، ولا يجوز لمجلس النواب أن يعدل مشروع الموازنة إلا بموافقة الحكومة، وإذا لم يتم اعتماد الميزانية الجديدة قبل السنة المالية عمل بالميزانية القديمة، إلى حين اعتماد الجديدة، ويحدد القانون طريقة إعداد الميزانية، كما يحدد السنة المالية. وتجب موافقة مجلس النواب على نقل أي مبلغ؛ من باب إلى آخر من أبواب الميزانية العامة، وكذلك على كل مصروف غير وارد بها أو زائد عن تقديراتها، وتصدر بقانون.

(106) يجب عرض الحساب الختامي لميزانية الدولة على مجلس النواب في مدة لا تزيد عن سنة واحدة، من تاريخ انتهاء السنة المالية، ويتم التصويت عليه بابا بابا، ويصدر بقانون، ويجب عرض التقرير السنوي لديوان المحاسبة. ولمجلس النواب أن يطلب من ديوان المحاسبة أية بيانات أو تقارير أخرى.

(107) يتقاضى عضو مجلس النواب بدلاً مالياً يحدد بقانون.

(108) لا يجوز للسلطة التنفيذية عقد قروض أو الارتباط بمشروع يترتب عليه إنفاق مبالغ من خزانة الدولة في فترة مقبلة إلا بموافقة مجلس النواب.

(109) لكل عضو من أعضاء مجلس النواب؛ أن يوجه أسئلة إلى رئيس الوزراء أو أحد نوابه، أو أحد الوزراء أو نوابهم في أي موضوع يدخل في اختصاصاتهم. وعلى رئيس مجلس الوزراء أو نوابه أو الوزراء أو من ينوْبونه الإجابة عن أسئلة الأعضاء، ويجوز للعضو سحب السؤال في أي وقت، ولا يجوز تحويل السؤال في نفس الجلسة إلى استجواب، ولكل عضو من أعضاء مجلس النواب؛ حق توجيه استجوابات إلى رئيس مجس الوزراء أو نوابه أو الوزراء أو نوابهم لمحاسبتهم في الشئون التي تدخل في اختصاصهم.

(110) يحتفظ مجلس النواب بمحاضر الجلسات، وينشرها للرأي العام، ما عدا ما يعتبر سرياً، بموافقة ثلثي أعضاء المجلس.

(111) مسئولية الوزراء أمام الملك لا تناقض مسئوليتهم أمام مجلس النواب، عن السياسة العامة للدولة، وكل وزير مسئول عن أعمال وزارته، أمام مجلس النواب. ولمجلس النواب أن يقر سحب الثقة، من أحد نواب رئيس مجلس الوزراء أو أحد الوزراء أو نوابهم، ولا يجوز عرض طلب سحب الثقة إلا بعد استجواب، وبناء على اقتراح عُشْرِ أعضاء المجلس، ويكون سحب الثقة بأغلبية أعضاء المجلس، وإذا سحب المجلس الثقة وجب على المسئول اعتزال منصبه، ويقدم رئيس مجلس الوزراء استقالته إلى الملك، إذا ثبتت مسئوليته أمام مجلس النواب.

(112) لمجلس النواب أن يقرر مسئولية رئيس مجلس الوزراء، بناء على طلب عشر أعضائه، ويصدر القرار بأغلبية أعضاء المجلس، ولا يجوز أن يصدر القرار إلا بعد استجواب موجه إلى الحكومة، وبعد ثلاثة أيام على الأقل من تقديم الطلب. وإذا تقررت مسئولية رئيس مجلس الوزراء يعد مجلس النواب تقريراً، ويرفعه إلى الملك متضمناً أسباب قراره. وللملك أن يرد التقرير بالرفض إلى المجلس خلال عشرة أيام، فإذا أصر المجلس على قراره من جديد، جاز للملك حل الخلاف بأحد أسلوبين:
( أ ) إقالة الحكومة وطلب تشكيل حكومة جديدة.
(ب) حل مجلس النواب، وإجراء انتخابات نيابية جديدة على أن تجرى خلال ستين يوماً، وتشكيل حكومة جديدة.

(113) لمجلس النواب أن يكوّن لجاناً خاصة أو يكلف لجنة من لجانه، من أجل فحص نشاط أي جهاز إداري تنفيذي، من أجل تقصِّي الحقائق وإبلاغ المجلس بالأوضاع المالية أو الإدارية، وله إجراء تحقيقات، وللجنة في سبيل قيامها بمهمتها أن تجمع ما تراه من أدلة، وأن تطلب سماع من ترى سماع أقواله، وعلى جميع الجهات التنفيذية أن تستجيب إلى طلبها ، وأن تضع تحت تصرفها ما تطلبه من وثائق ومستندات ونحوها.

(114) لمجلس النواب مناقشة خطاب الملك الذي يلقيه عند افتتاح دور الانعقاد العادي لمجلس النواب، يتضمن السياسة العامة للدولة، وله الحق في إلقاء أي بيانات أخرى أمام المجلس.

(115) يقدم رئيس الوزراء برنامج الوزارة، عند تشكيلها أو عند إجراء تعديل فيها، ويناقش مجلس النواب هذا البرنامج ، ويمنح الثقة أو يحجبها بالتصويت عليها بالأغلبية.

(116) يجوز أن يكون رئيس مجلس الوزراء ونوابه والوزراء أعضاء في مجلس النواب ، وفق قانون ينظم ذلك ، ويسمح لرئيس مجلس الوزراء والوزير في مجلس النواب ولجانه بالكلام ، ولهم أن يستعينوا بمن يرون من كبار الموظفين ، وليس لرئيس مجلس الوزراء ولا نوابه الاشتراك في التصويت .

(117) لا يصدر قانون إلا إذا اقره مجلس النواب وصادق عليه الملك.

(118) بداية اجتماع مجلس النواب مرة في كل عام في الأسبوع الثاني من مطلع العام القمري، في مدينة الرياض، وللملك دعوة المجلس لاجتماع إضافي آخر في غير هذا الزمان أو المكان، أو بناء على طلب أغلبية أعضائه.

(119) دور الانعقاد السنوي لمجلس النواب، طوال العام، ولا يجوز ختم الدور قبل إقرار الميزانية.
(120) جلسات مجلس النواب علنية، ويجوز عقدها سرية بناء على طلب الحكومة، أو طلب ثلثي الأعضاء.

(121) يشترط لصحة أي اجتماع حضور الأغلبية وتصدر القرارات بأغلبية الحاضرين.

(122) إذا رأى مجلس النواب عدم إمكان التعاون مع رئيس مجلس الوزراء؛ رفع الأمر إلى الملك، وللملك أن يعفي رئيس مجلس الوزراء ويعين وزارة جديدة، أو أن يحل مجلس النواب، على أن ينتخب خلال ستين يوماً مجلساً جديداً للأمة. وإذا رأى مجلس النواب الجديد بالأغلبية عدم إمكان التعاون مع رئيس الوزراء المذكور، أو تأخر انتخاب مجلس النواب الجديد عن ستين يوما؛ اعتبر رئيس مجلس الوزراء معتزلاً منصبه من تاريخ قرار المجلس في هذا الشأن وتشكل وزارة جديدة.

(123) حفظ النظام داخل مجلس النواب من اختصاص رئيسه، ويكون للمجلس حرس خاص، يأتمر بأمر رئيس المجلس، ولا يجوز لأي قوة مسلحة حكومية دخول المجلس أو الاستقرار على مقربة من أبوابه إلا بطلب رئيسه.
الفصل الرابع : الإدارة والمجالس المحلية

(124) تقسم المملكة وحدات إدارية، تتمتع بالشخصية الاعتبارية، منها المحافظات والمدن والقرى، ويجوز إنشاء وحدات إدارية ، تكون لها الشخصية الاعتبارية.

(125) لسكان كل محافظة حق التمتع بجميع الامتيازات والحصانات، التي يتمتع بها المواطنون في المحافظات الأخرى.

(126) تشكل المجالس المحلية من المواطنين رجالاً ونساءاً عن طريق الانتخاب المباشر، ويكون اختيار رؤساء ووكلاء المجالس أيضاً؛ بطريق الانتخاب من بين الأعضاء.

(127) لا يجوز إدماج محافظة في أخرى، أو تقسيم محافظة إلى محافظتين فأكثر، إلا بموافقة مجلس النواب.

(128) يبين (القانون) طريقة تشكيل المجالس المحلية، واختصاصاتها ومواردها المالية، وضمانات أعضائها، وعلاقاتها بمجلس النواب وبالحكومة، ودورها في تنفيذ خطة التنمية والرقابة والمحاسبة على أوجه النشاط المختلفة.

(129) يراعى في تقسيم المحافظات العوامل الجغرافية، من طبيعية وبشرية. وتسهيل مراجعة الدوائر والخدمات على المواطنين.

(130) تنشأ مجالس متخصصة على المستوى الوطني تعاون في رسم السياسة العامة للدولة في جميع مجالات النشاط الوطني، وتكون هذه المجالس تابعة للملك ويتحدد اختصاص كل منها بقرار من الملك.

(131) ترسيخاً للامركزية، يكون للإدارة المحلية صلاحيات واختصاصات وافية لإدارة الشئون المحلية في رسم السياسة المحلية والمالية والرقابة.

الفصل الخامس : ( الشئون المالية وديوان المحاسبة )

(132) يصدر قانون يحدد ضوابط الضرائب العامة وكيفية تحصيل الأموال العامة، وإجراءات صرفها وحفظ أملاك الأمة وإدارتها وشروط صرفها والتصرف فيها، والحدود التي يجوز فيها النزول عن شيء من هذه الأملاك وفق المقاصد الشرعية لمفهوم العدالة الاجتماعية.

(133) أي قروض داخلية أو خارجية، لابد لنفاذها من موافقة مجلس النواب .

(134) كل امتياز يُعطى أي جهة باستثمار المعادن والمناجم والنفط ينبغي أن يصدق عليه بقانون من مجلس النواب .

(135) ينشأ ديوان للمحاسبة يكفل الدستور استقلاله، ويكون ملحقاً بمجلس النواب.

(136) يقدم ديوان المحاسبة إلى مجلس النواب تقريراً عاماً، يتضمن آراءه وملحوظاته، وبيان المخالفات المرتكبة، والمسئولية المترتبة عليها، في كل دورة، وكلما طلب منه مجلس النواب ذلك، سواءاً كانت المخالفة من باب المشروعية المالية أو القانونية، أو (رقابة الملاءمة)؛ أي فحص جدوى التصرف اقتصادياً واجتماعياً.

(137) رئيس ديوان المحاسبة، ذو حصانة يعينه مجلس النواب.

(138) لديوان المحاسبة أن يطلب إيقاف التصرفات التي يراها غير مشروعة، فإذا أصرت السلطة التنفيذية على ذلك، يفصل في ذلك مجلس النواب.

(139) لا يجوز عزل رئيس ديوان المحاسبة، أو نقله أو إحالته إلى التقاعد، أو فرض عقوبات عليه، إلا بموافقة ثلثي أعضاء مجلس النواب.

(140) يكون من اختصاص رئيس ديوان المحاسبة تعيين موظفي ديوان المحاسبة وترفيعهم ونقلهم وإحالتهم إلى التقاعد ومنحهم الإجازات، وسائر شئونهم الإدارية.

(141) يعاون ديوان المحاسبة الحكومة ومجلس النواب في المهمات التالية:
أ- رقابة تحصيل إيرادات الدولة.
ب- رقابة إنفاق مصروفاتها في حدود الميزانية.
ج- يقدم الديوان إلى كل من الحكومة ومجلس النواب تقريراً سنوياً عن أعماله وملاحظاته، وكلما طلب منه مجلس النواب ذلك.
الفصل السادس : السلطة القضائية

(142) السلطة القضائية مستقلة، ولا يتحقق للقضاء استقـلال إلا بأربعـة أمـور:
أ?. أن تكون قواعد القضاء مدونة ومعلنة ومحددة وموحدة في الدولة.
ب?. فعالية الإجراءات وكفاية القضاة.
ت?. ج- سد مسارب تدخلات الحكومة.
ث?. د- الجمهور هو سند القضاة في ضمان الحقوق والحريات.

(143) السلطة القضائية ولاسيما محكمة العدل العليا (الدستورية) تراقب السلطتين التشريعية والتنفيذية، عبر الأساليب غير المباشرة التالية:
?أ. تراقب أعمال (مجلس النواب)،
?ب. تمتنع عن تطبيق كل قانون يخالف الدستور نصاً أو روحاً.
?ج. تراقب أعمال السلطة التنفيذية، في مجالات الأنظمة والقرارات الإدارية.
?د. تقوم بفحص دستورية الأنظمة وقانونيتها.
?ه. تلغي أي قانون وأي نظام وأي قرار يخالف الدستور.
?و. تقوم بمحاكمة أي مسئول توجه إليه تهمة الإخلال بواجباته، في أي مجال.
?ز. تشرف على نزاهة الاستفتاءات أو الانتخابات في مجلس النواب والمجالس المحلية، وتتلقى الطعون وتبت فيها.

(144) يُنشأ مجلس أعلى للقضاء يحدد القانون طريقة تشكيله ومهماته.

(145) تتولى المحاكم شئون القضاء على اختلاف أنواعها ودرجاتها، وتصدر أحكامها، وفق قواعد قضائية شرعية مدونة محددة موحدة معلنة، وتلتزم بالشريعة الإسلامية في نصوصها وروحها ومقاصدها، وتجدد في بناء فقه الوسائل والإجراءات، ما يحل النوازل والوقائع، ويبرز فضل الشريعة، في حل مشكلات المجتمع الحديث، وتلتزم بكل ما أقره مجلس النواب من معاهدات ومواثيق دولية، أو أصدره من قوانين.

(146) القضاء الطبيعي هو المهيمن المسيطر على كل قضاء إداري أو مالي أو عسكري. ولا يجوز إنشاء أي محكمة أو لجنة ذات صفة قضائية خارج مظلة القضاء، مهما كانت الذرائع والمسميات.

(147) القضاة مستقلون لا سلطان على قضائهم لغير القانون الشرعي، الذي يبينه الدستور.

(148) يصدر قانون يحدد الهيئات القضائية، واختصاصاتها وطريقة تشكيلها، ويبين شروط إجراءات تعيين أعضائها ونقلهم، ويبين القانون المعايير اللازمة لاستقلال القضاء، وكيفية ضمان إجراءاتها.

(149) يرتبط ديوان المظالم بالمجلس الأعلى للقضاء، ويسمى (القضاء الإداري والمالي).

(150) ترتبط هيئة التحقيق والادعاء بالسلطة القضائية وتسمى: (النيابة العامة).

(151) ترتبط إدارة السجون بوزارة العدل.

(152) ترتبط جميع الهيئات الحقوقية الرسمية، كجمعيات حقوق الإنسان بوزارة العدل.

(153) يشرف القضاة على شئون القضاء الإدارية والمالية، ويكفل الدستور التزام الدولة بحصانة القضاة، وينظم القانون المساءلة والتأديب على أن يكون التفتيش والترقية والندب وتقدير الميزانية، لسلطة قضائية محضة.

(154) ينحصر دور وزارة العدل في الخدمات المحضة التي ليس لها أي تأثير على استقلال القضاة والقضاء

(155) جلسات المحاكم علانية، ولا تجوز المحاكمة السرية إلا برضى المتخاصمين معاً.

(156) أي اعتراف لا يصدق إلا في محاكمة علانية.

(157) تقوم المحاكم نفسها بتنفيذ الأحكام التي تصدرها، وينشأ في كل محكمة قسم تنفيذي يرأسه ( قاضي التنفيذ ).

(158) حفظ النظام داخل المحاكم من اختصاص القضاة، ويكون للمحاكم حرس خاص، يأتمر بأمر قضاتها، ولا يجوز لأي قوة حكومية دخول المحاكم.

(159) لا يجوز لأي فرد أو مؤسسة في الحكومة خاصة والدولة عامة، ممارسة صلاحية البت القضائي في أي موضوع أو قضية.

(160) يُعَيَنُ القضاة وفقاً لما يلي:-
أ- يقوم المجلس الأعلى للقضاء بـ( التعيين الأولي ) للقضاة ورؤساء المحاكم والوظائف العليا ، ويصادق عليه مجلس النواب، ويصدر القرار بموافقة الملك.

ب- إذا لم يوافق مجلس النواب على ذلك، أعاده إلى المجلس الأعلى للقضاء خلال ما لا يزيد عن ثلاثة أشهر مشفوعاً بوجهة نظره، وإذا رفضها مجلس القضاء الأعلى أصدر مجلس النواب قراراً بالموافقة على التعيين.

ج- يصادق الملك على قرار مجلس النواب الوارد في (ب)أعلاه، فإذا لم يصادق عليه الملك، وتبنى وجهة نظر مجلس النواب بالاعتراض على القرار، اعتبر قرار مجلس النواب بالموافقة على التعيين لاغياً، وأعاد المجلس الأعلى للقضاء (التعيين الأولي) من جديد.

(161) لمجلس القضاء الأعلى صلاحيات التعيين في الوظائف القضائية غير العليا، والترقية ومنح الإجازات والنقل وقبول الاستقالة والعزل والقبض على القاضي وتوقيفه. ولمجلس النواب حق الاعتراض، والإنفاذ بمصادقة الملك.

(162) لا يجوز القبض على القاضي البتة، وفي حالات التلبس؛ على المدعي العام أن يرفع الأمر إلى المجلس ، خلال الأربع وعشرين ساعة ، وللمجلس بعد سماع أقوال القاضي؛ إما الإفراج عنه بكفالة أو بغير كفالة ، أو استمرار توقيفه.
الفصل السابع : المحكمة الدستورية الشرعية العليا (محكمة العدل العليا)


(163) تنشأ في البلاد هيئة قضائية مستقلة، تسمى (محكمة العدل العليا) تشكل من (25) قاضياً من ذوي الخبرة المتميزة الطويلة في القوانين والمسائل الدستورية، المشهود لهم بالقوة والأمانة والحكمة بترشيح من الهيئات القضائية والحقوقية والقانونية ويصادق الملك على تعيينها ، بموافقة مجلس النواب.

(164) تختص المحكمة الدستورية العليا، بما يلي:-
أ- الرقابة القضائية على دستورية القوانين واللوائح.
ب- تفسير النصوص التشريعية.
ج- البت في الخلافات بين الإدارات الحكومية، في الاختصاصات والحقوق والواجبات
د- تظلم الأفراد على المحاكم العادية، في حقوقهم الدستورية من الطلبات العامة، حول مخالفة الحقوق الأساسية، بعد عرضها على المحاكم العادية.
ز- محاكمة الوزراء ونحوهم.
هـ- تقديم مشورتها للملك أو مجلس النواب، في مشروعات القوانين ، قبل إصدارها لتقرر مدى مطابقتها للدستور.
و- النظر في القضايا التي تتناول السفراء والقناصل ونحوهم من الممثلين الدبلوماسيين والعاملين خارج المملكة.
ز- النظر في القضايا التي تكون إحدى المحافظات طرفاً فيها.
ح- تطبيق معايير الانتخاب على أسماء المرشحين لمجلس النواب والإشراف على الانتخابات، والبت في الطعون.

(165) يعين القانون الاختصاصات الأخرى لها، والإجراءات التي تتبعها أمامها، وكيفية تشكيلها والشروط الواجب توافرها في الأعضاء، وحقوقهم وضمانات حصانتهم.

(166) أعضاء المحكمة الدستورية غير قابلين للعزل، ويعينون مرة واحدة، ومدة عضوية كل منهم عشر سنوات، ولا يجوز تجديد مدة العضوية مرة أخرى.

(167) تنشر في الجريدة الرسمية؛ كل الأحكام الصادرة من المحكمة الدستورية؛ في الدعاوى الدستورية، والقرارات الصادرة بتفسير النصوص التشريعية.

(168) ينظم القانون ما يترتب على الحكم بعدم دستورية نص تشريعي من آثار.
الباب الخامس : أحكام ختامية
(169) لا محاسبة على أي تصرف من أي مسئول، سابق على صدور هذا الدستور، ماعدا الأمور التي يمكن إيقاف آثارها.

(170) للملك ولثلث أعضاء مجلس النواب حق اقتراح تنقيح هذا الدستور بتعديل أو حذف أو إضافة، فإذا توافق الملك وثلث أعضاء مجلس النواب على مبدأ التنقيح وموضوعه ناقش مجلس النواب المشروع المقترح مادة مادة، ويشترط لإقرار التعديل موافقة ثلثي الأعضاء الذين يتألف منهم المجلس بالضوابط التالية:
أ- على أن لا يكون التنقيح إلا بعد مضي خمس سنوات من العمل بهذا الدستور.
ب- أن لا يمس التعديل الالتزام بالشريعة الإسلامية.
ج- أن لا يمس النظام الملكي الشوري النيابي ( ذي المؤسسات الدستورية ) .
هـ- أن لا يمس الحقوق والحريات العامة للمجتمع، وسلطة المجتمع الأهلي ولاسيما المدني؛ إلا بمزيد من الضمانات.

(171) إذا فشل مشروع التعديل أو الإضافة، لا يجوز عرض الموضوع قبل سنة من تاريخ رفض السابق.

(172) يلغى هذا الدستور كل القوانين واللوائح والقرارات، التي لا تنسجم مع نصوصه وروحه، على أن يكون إلغاؤها وتعديلها تدريجياً، خلال ما لا يزيد عن خمس سنوات.

(173) كيفية إقرار الدستور:
تُعلن الحكومة عن مؤتمر وطني مكون من ما لا يقل عن (100) شخصية معروفة لدى الشعب بالإيثار والتضحية والرأي والخبرة، والإخلاص وحسن السمعة، والاهتمام بالشأن العام، على أن يضم عدداً من الفقهاء والقانونيين والمحامين ودعاة حقوق الانسان. ويتم الترشيح لعضوية المؤتمر الوطني من قبل عامة المواطنين والمؤسسات الأهلية والرسمية ذات الاهتمام بالشأن العام، ويتم دراسة بنوده باباً باباً، وتتم الموافقة عليه بالأغلبية.
(174) يعمل بهذا الدستور من تاريخ موافقة الأمة عليه بالتصويت بالأغلبية المطلقة، على أن يشترك في التصويت أغلبية المواطنين، رجالاً ونساءاً، مِنْ مَنْ تجاوزت أعمارهم عشرين عاماً شمسياً.

(175) جميع المواثيق والاتفاقيات الدولية المعلنة قبل إقرار هذا الدستور، تعتبر قانونية.


مـــــر فقـــــات (تعتبر هذه الورقة جزءا من مرافعتي)
-----------------------

المجتمع المدني ودوره في الحدّ من العنف والإرهاب
أولاً: المجتمع المدني

في تعريف المفهوم :
إن سؤال المجتمع المدني هو سؤال العلاقة بين الدولة والمجتمع بشكل عام، من أجل ترشيد صنع القرار، وتحويل إرادة الدولة من إرادة قهرية خارجية ضد المجتمع، إلى إرادة داخلية تتكامل مع حركته وقواه ومعطياته.(1)
ولتوفر مقاربات متعددة لتعريف مفهوم "المجتمع المدني"، فسوف آخذ هنا بأكثرها وضوحاً وقرباً لما يرى فيه المهتمون بالشأن العام في بلادنا، تعبيراً عن تصورهم، لذا فالمجتمع المدني هو كل المؤسسات التي تتيح للأفراد التمكن من نيل الخيرات والمنافع دون تدخل أو توسّط من الدولة(2)؛ وهو مجمل التنظيمات (غير الإرثية / "النسبية") وغير الحكومية التي تنشأ لخدمة المصالح أو المبادئ المشتركة لأعضائها، وهو مجموعة المؤسسات والفعاليات والأنشطة التي تحتل مركزاً وسيطاً بين العائلة، باعتبارها الوحدة الأساسية التي ينهض عليها البنيان الاجتماعي والنظام القيمي في المجتمع من ناحية والدولة وأجهزتها ومؤسساتها ذات الصبغة الرسمية من جهة أخرى. وهو المجتمع الذي تقوم فيه دولة المؤسسات بالمعني الحديث " للمؤسسة" والمكوّنة من البرلمان، القضاء المستقل، والجمعيات والنقابات والأحزاب. (3)
ولا يقوم المجتمع المدني ضداً للدولة أو نقيضاً لها، بل أنه يسهم معها في تحقيق الأمن والسلم الاجتماعيين، وتجذير مفهوم المواطنة وتعزيز الوحدة الوطنية ومشروعية القيادة. كما أنه مجتمع لا تمايز فيه يضم الدولة والمجتمع معاً. وهو مجتمع الأحرار المستقلين، الذي لا يخضع تركيبه الداخلي للسيطرة ولا التبعية، وتتأسس العلاقات بين أفراده على ثوابت العلاقة بين أحرار متساويين. (4)
الأسس النظرية في التاريخ الإسلامي :
يقوم نظام الحكم في الإسلام على مبادئ كلية يمكن أن نجتهد في إيجاد الهياكل والإجراءات الكفيلة بتحقيقها، وترتكز هذه المبادئ على: الشورى، الحرية والكرامة، العدالة والمساواة، وتعددية المناهج والنظم، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في الشأن العام (وهو ما يمكن تسميته بحق المعارضة والنقد الذاتي)
الشورى: هي أهم المرتكزات الأساسية للحكم في الإسلام، وعبرها تتحقق مفاهيم الحرية الأساسية.
قال تعالى "والذين استجابوا لربهم، وأقاموا الصلاة وأمرهم شورى بينهم، ومما رزقناهم ينفقون " سورة الشورى - آية 38.
ويمكن الاستشهاد على أهمية الشورى، من خلال إقرانها في الآية الكريمة بالعبادات، ومن خلال تسمية إحدى سور القرآن الكريم بالشورى (5).
وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " ما تشاور قوم إلا هُدوا لأرشد أمرهم" كما قال: "أنتم أعلم بأمور دنياكم".
وقد قال أبو هريرة رضي الله عنه:"ما رأيت أحداً أكثر مشاورة لأصحابه من رسول الله صلى الله عليه وسلم.
حرية العقيدة في الإسلام :
كفل الإسلام حرية العقيدة لغير المسلمين، من أهل الكتاب، وسواهم. قال تعالى "ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة، ولا يزالون مختلفين"سورة هود – الآية 118.
وقال تعالى: "ولو شاء ربك لآمن من في الأرض جميعاً، أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين". سورة يونس – الآية 99.
قال تعالى: "فمن شاء فليؤمن، ومن شاء فليكفر". سورة الكهف – الآية 29
وقال تعالى: "لكم دينكم ولي دين" سورة الكافرون – الآية 6
كما قال تعالى: "ولا أكراه في الدين قد تبين الرشد من الغيّ". سورة البقرة – الآية 256.
قال تعالى: "إن الذين آمنوا، والذين هادوا والنصارى والصابئين ومن آمن بالله واليوم الآخر وعمل صالحاً، فلهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون". سورة البقرة – الآية 62.
ولذلك فإن كفالة حرية العبادة في الإسلام وحق التفكير، والتأمل تقتضي كفالة أجواء الحرية السياسية لكافة أفراد الأمة، الذين تنطبق عليهم الآيات الكريمة السابقة.
كرامة الإنسان والقبول بتعددية المناهج:
أرسى الإسلام قاعدة الكرامة الإنسانية العامة المكفولة لكل إنسان، "ولقد كرمنا بني آدم، وحملناهم في البر والبحر، ورزقناهم من الطيبات، وفضلناهم على كثير من خلقنا تفضيلا"، كما أقر الإسلام تعددية المناهج والنظم لكل أمة، حيث يقول تعالى "لكلٍ جعلنا منكم شرعة ومنهاجاً، ولو شاء الله لجعلكم أمة واحدة"(6).
ويمكن القول، بأن العقيدة الإسلامية، بما جاءت به من أحكام تقوم على حرية العقيدة لغير المسلمين، والشورى في الحكم، والعدل والمساواة لأفراد الأمة، وتقبّل الاختلاف، وتقبّل النقد الذاتي (7)، قد أرست قبل أربعة عشر قرناً مرتكزات القيم الأساسية لما نسميه اليوم، بالمجتمع المدني، وحقوق الإنسان، وقد حلّت الأمة و "الملّة" محل القبيلة والعشيرة (8)، وحلت المساواة والعدالة بين الناس، محل الظلم والاستبداد والتمييز على أساس عرقي أو مناطقي، "لا فرق بين عربي وأعجمي إلا بالتقوى" كما قال صلى الله عليه وسلم.
كما أن الصحيفة التي وضعها رسولنا محمد صلى الله عليه وسلم، لتنظيم العلاقة بين المهاجرين والأنصار واليهود في المدينة، تعتبر أول دستور تعاقدي بين المواطنين في ذلك العهد.
وقد أقرّت تلك الصحيفة أن "يهود بني عوف أمة مع المؤمنين"، "وأن لليهود دينهم وللمسلمين دينهم"، تثبيتاً لحرية المعتقد وما يتفرّع عن ذلك من حقوق سياسية، وأنه "لا يأثم أمرؤ بحليفه، وأن النصر للمظلوم". وبذلك يكون كل أهل المدينة منضوين تحت لواء أمة واحدة، هي التي يرأسها الرسول صلى الله عليه وسلم. لأنها أمة سياسية تتعايش داخلها أمم مختلفة الدين والعقائد، وإن كانت الغلبة للمسلمين.(9)
وقد أكدت سيرة الخلفاء الراشدين رضوان الله عليهم، تطبيق هذه المبادئ لضمانة حقوق المواطنة حيث يقول عمر أبن الخطاب رضي الله عنه:"متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحراراً."
كما أن الإمام علي رضي الله عن، كفل حقوق الخوارج الذين خرجوا عليه حيث يقول: "لكم علينا ثلاث، لا نمنعكم مساجد الله تذكروا فيها أسم الله ، ولا نبدأكم بقتال، ولا نمنعكم الفئ". وهذا يؤكد على ضمانة حقوق المعارضة السلمية.
ولذا تطورت تجمعات المجتمع الأهلي في عهد الخلفاء الراشدين وفي عهود خلفاء الدولة الإسلامية، وهي الشكل الموازي لجمعيات المجتمع المدني اليوم. وقد تمثلت تلك الجمعيات والتكوينات الأهلية التقليدية في صيغ متعددة، من أهمها ما يعرف "بأهل الحل والعقد"، والذين يشكّلون مجلس الشورى، الذي يستعين به الخليفة على معالجة مختلف القضايا الدينية والمدنية.
كما تشكّلت جماعات الفقهاء، والقضاة، والعلماء، وبرز دور الحلقات الدينية والفكرية في المساجد، وتطورت نقابات الحرفيين وأهل الصناعات، ولعبت مؤسسات الوقف الإسلامي دوراً مهماً في توفير مستلزمات الحياة الاجتماعية للمحتاجين، واستمر شيوخ الطوائف، والعشائر، والقبائل في لعب دورهم الاجتماعي لحماية أفراد الطائفة أو القبيلة.
ويمكن القول بأن حرية الاجتهاد الفقهي، التي أنتجت المذاهب الفقهية الأربعة لأهل السنة، كانت مثالاً للقبول بمبدأ الاجتهاد والإقرار بحق الاختلاف، حيث يقول في هذا المعني، الإمام الشافعي رحمه الله "رأيي صواب يحتمل الخطأ، ورأيك خطأ يحتمل الصواب".
وقد أرسى هذا الباب المفتوح بضوابطه للاجتهاد، مبدءاً مهماً لمشروعية الاختلاف وهو ما يعرف اليوم بمبدأ "التعددية" في الشأن المدني.
وقد غدت القيم الإسلامية التي جاء بها رسول الهدى محمد صلى الله عليه وسلم، قبل أربعة عشر قرناً قيماً إنسانية مشتركة في مختلف الحضارات والبلدان، تتفق على ضرورة تبنّي المجتمعات المختلفة لقيم الحرية، والمساواة والديمقراطية والتعددية، وحقوق الإنسان، كمقومات لما يسمى "بالمجتمع المدني" المعاصر.
وقد اجتهد العديد من المهتمين بالشأن العام في بلادنا من الأكاديميين والباحثين والمثقفين في البحث عن الصيغ الملائمة لتبيئة مفهوم "المجتمع المدني " في بلادنا، بحيث يتم عبرها المحافظة على الهوية الإسلامية من جهة، والعمل على تطوير آليات عمل المجتمع، بما يؤدي إلى تحقيق مقومي الحرية والعدالة الاجتماعية، وهي الآليات الكفيلة بتطوير بلادنا، وتعزيز السلم الاجتماعي، والأمن الوطني وتصليب الجبهة الداخلية، وتعزيز مشروعية الدولة الإسلامية، التي تأخذ بآليات بناء الدولة الحديثة، ولكي يتضّح هذا المعنى في ضوء الثوابت التي ذكرناها آنفاً، فإنه يمكن تقسيم مفهوم المجتمع المدني إلى ما يلي:
أولاً : المرتكزات النظرية: (10)
?أ- العلاقة بين القيادة والمجتمع: هي علاقة تعاقدية، وهي ميثاق، أو عقد وتقوم على الرضا والاختيار، والتعاون وتوزيع الأدوار.
?ب- حقوق المواطنة: الناس متساوون في الحقوق والواجبات أمام الشرع والقانون، وتقتضي العدالة الاجتماعية للمواطنين، عدالة في توزيع الثروة، وتكافؤاً في فرص العمل والإدارة والتجارة، وتمكين المرأة من نيل حقوقها المشروعة في الحياة الاجتماعية والمشاركة في اتخاذ القرار.
?ج- إقرار حرية التفكير والتعبير والإبداع، والتجمع بطريقة سلمية لا تخل بالنظام العام.
?د- إشاعة ثقافة التسامح، وحقوق الإنسان والاعتراف بالآخر الموجود في الوطن، والتكافل والتعاون، وقبول الاختلاف والالتزام بحل الخلاف بأسلوب سلمي، وهذا ما يُعبّر عنه بقبول "التعددية".
?ه- إقرار مشروعية تأسيس الجمعيات والمنظمات المدنية، النقابية والمهنية والسياسية، في مختلف مجالات الحياة.
?و- الأمة هي المخولة بتقرير مصالحها، ويتم ذلك عبر ممثليها المنتخبين من أهل الرأي والعلم و الخبرة و الحنكة والنزاهة والشجاعة، الذين يخوّلهم الشعب لبلورة إرادتها، ومرجعيتها في اتخاذ القرار.
?ز- وظيفة الأجهزة الحكومية تتركز في تطبيق ما يراه الشعب عبر ممثليه في السلطة النيابية، وسعيها لتحقيق مصالح الشعب، في إطار مقاصد الشريعة الإسلامية.
?ح- تحريم استخدام العنف للتعبير عن الرأي من أي قوة اجتماعية، وقوة العنف الوحيدة التي يتم تشريع استخدامها، هي القوة التي تحمى القانون بواسطة أجهزة الدولة المختصة، وفق أحكام الدستور، ورقابة ممثلي الأمة عليها في ذلك(11).
ثانيا: الإطار القانوني والسياسي
لا يتحقق وجود المجتمع المدني إلا في ظل توفر الإطار القانوني والسياسي، الذي يضمن حرية أنشطتة وحماية حركته، من خلال الضمانات الدستورية الأساسية التي تتكون من:
?أ- وجود دستور يستند إلى الشريعة الإسلامية السمحاء، والذي يقره الشعب في استفتاء عام ويتضمن الإقرار بالتعددية الثقافية و السياسية، وحرية تكوين منظمات المجتمع المدني السياسية والنقابية والاجتماعية والثقافية، ويكفل تطبيق العدالة الاجتماعية وقيم الحرية والمساواة وحقوق الإنسان، لكافة المواطنين والمواطنات.
?ب- أن ينص الدستور على تطوير نظام الحكم من دولة الملكية المطلقة إلى دولة المؤسسات الدستورية.
?ج- إقرار مبدأ الفصل بين السلطات الثلاث (النيابية والقضائية والتنفيذية).
?د- احترام النظام القضائي، واستقلاله، لحماية الشرعية الدستورية والحريات الأساسية للمواطن.
?ه- ضمان المشاركة الشعبية لكافة المواطنين والمواطنات في اتخاذ القرار، من خلال ممثليهم المنتخبين في مجلس نواب الشعب.
ثالثا : الهياكل الشعبية
تتشكّل هياكل المجتمع المدني على صيغة جمعيات ونقابات، وروابط وأحزاب، تعبّر عن مصالح التكوينات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والثقافية و المهنية في البلاد، ومن خلال عمل هذه المكوّنات، يتم ترسيخ مبدأ الحوار السلمي بين كافة قوى المجتمع لحل الاختلاف، والاحتكام إلى رأي الأغلبية، والتمرّس على اختيار القيادات الأكثر كفاءة ونزاهة، لتولي المناصب القيادية، وتطوير الأداء من خلال وضع اللوائح والنظم الداخلية القابلة للتعديل بحسب رأي الأغلبية، وتطبيق مبادئ المراقبة والمحاسبة من قبل أعضاء الجمعيات لسير عمل جمعياتهم وقياداتها المنتخبة، وهذا ما يكفل ممارسة العملية الديمقراطية بحسب المصطلحات الحديثة.
وينقسم نشاط جمعيات المجتمع المدني إلى قسمين رئيسيين "الأول "منظمات خاصة مهنية ونقابية وتضم أصحاب المهنة الواحدة، كالقضاة، والمعلمين، والمعلمات، والأكاديميين، والطلاب، والعمال، والمزارعين والتجار، والأطباء، والمهندسين، وسائقي السيارات وأصحاب الحرف والهوايات والإبداعات المختلفة وسواهم، ويتركز عمل هذه المنظمات على:
?أ- تطوير المهنة.
?ب- المحافظة على شرف المهنة ومحاسبة منتهكي أعرافها وتقاليدها ونظمها الداخلية.
?ج- الدفاع عن مصالح المنتمين إليها.
?د- المساهمة بالرأي في قضايا الشأن العام.
القسم الثاني: منظمات عامة في مجالات الصالح العام الاجتماعي والسياسي، ويشمل الوجه الأول منها جمعيات حقوق الإنسان، التي تتكون من المختصين القادرين على مراقبة تطبيق قيم الحرية والعدالة، والمساواة، كما يشمل أيضاً، جمعيات الاحتساب المكونة من المؤهلين والمختصين في مجالات إرشاد الناس في أمور دينهم ودنياهم، والحفاظ على الأخلاق والآداب العامة، والدعوة إلى مكارم الأخلاق.
أما الوجه الآخر من المنظمات العاملة في سبيل المصلحة العامة، فيشتمل على منظمات وجمعيات سياسية تهتم بالشأن العام، وتعزيز الحريات العامة، و عمل آليات المجتمع المدني، والمشاركة الشعبية في اتخاذ القرار، وإقرار مبدأ التعددية، وحقوق الإنسان والسعي لتطبيق مبادئ العدالة الاجتماعية، وكشف التجاوزات التي تطال حقوق المواطنين أو المال العام، و تسمى الجمعيات السياسية.
ويمكن تحديد فعاليات عمل المجتمع المدني فيما يلي:
1- الحد من احتكار الدولة للسلطة والقرار وقوة القمع، وقيامها بممارسة دور الحياد النزيه إزاء مختلف القوى الاجتماعية.
2- ترسيخ القناعات والممارسات بأهمية احترام الاختلاف وإقرار مبدأ التعددية، وتيسير إمكانية اندماج الأفراد المنحدرين من مناطق وشرائح مختلفة، في إنجاز أعمال ومشاريع ذات أهداف مشتركة، والقضاء على ترسبات التفرقة المناطقية والطائفية والفئوية.
3- توسيع قاعدة المهتمين بالمصلحة العامة، و القضاء على مشاعر اللامبالاة أو اليأس وعدم الجدوى، وفتح المجال للتعبير عن حرية الرأي، والمساهمة في صناعة القرارات المصيرية للوطن و للمواطنين.
4- امتصاص حالات الغضب والاحتقان الاجتماعي والسياسي، وفتح الباب للتنفيس عنها سلمياً بالتعبير عن الرأي العلني، وتعميق مفاهيم العمل المؤسسي، و تأكيد مقدرة المجتمع على التنظيم الذاتي والعمل الجماعي، والقدرة على اتخاذ المبادرات وتدعيم النهج السلمي في الحوار بين الأطراف المختلفة، والعمل على تقليص تأثير النزعة الفردية والتسلطية في اتخاذ القرار.
5- حماية مصالح الأفراد والجماعات وكافة المنتمين للمهن والتخصصات، والدفاع عن حقوقهم إزاء الأجهزة الحكومية والأهلية، التي تهدد تلك المصالح.
6- تلبية الاحتياجات المتعددة والمختلفة لكل أفراد المجتمع، من خلال انخراطهم في النشاطات النقابية التي تعبر عن تخصصاتهم وميولهم وتطلعاتهم، وفتح الباب أمام كل مكونات المجتمع بدون تمييز للانخراط في العمل المؤسساتي، وذلك ما سوف يحد من احتكار أي تيار أو فكر للعمل الثقافي والاجتماعي والسياسي في الوطن.
7- وبالنسبة للأجيال الشابة، فإن جمعيات المجتمع المدني سوف تعمل على استيعاب طاقاتهم، وتوفير أسباب الأمان الاجتماعي والثقافي والنفسي لهم، وتلبية احتياجهم لتحقيق الذات، وتوفير البيئات العملية الكفيلة بتعميق روح العمل الجماعي والمؤسسي المنظم في نفوسهم، وتيسير اندماج الأفراد المنحدرين من مناطق وشرائح مختلفة في انجاز أعمال ومشاريع مشتركة والقضاء على ترسبات التفرقة المناطقية والفئوية.
8- تطوير المهارات القيادية، وتأهيل الكوادر، وتعزيز القبول برأي الأغلبية واختيار الأفراد الأكثر كفاءة لقيادة أعمال جمعياتهم، وتعزيز آليات المراقبة والمحاسبة والمساءلة، والتعود على العملية الانتخابية، وتطبيق مبادئ تكافؤ الفرص وتداول السلطة.
9- تحقيق بعض المكتسبات المادية كالرعاية الصحية، أو التمتع بالبرامج الترفيهية، والثقافية التي تقدمها الجمعيات، أو بالإعانة المادية للمحتاجين.
و خلاصة القول، أن تشريع عمل جمعيات المجتمع المدني وتوفير شروط ممارستها لمهامها، سيتيح المجال أمامها للإسهام بآرائها وأنشطتها في حل الكثير من الأزمات والمشكلات الاجتماعية، للعمل على تعزيز حرية الرأي وترسيخ ثقافة التسامح، وحقوق الإنسان، و تدعيم تماسك الجبهة الداخلية والانتماء الوطني، كما أن فاعلية تبك الجمعيات ستفضي إلى الحد من ظواهر التشدّد والتكفير والعنف والإرهاب.

ثانياً: العنف والإرهاب

العنف ظاهرة بشرية لا يختص بمكان أو زمان دون غيره، ولا يختص بدين، أو جنس أو فكر أو ثقافة دون سواها، ولكنه يترعرع ويبلغ أوج التعبير عن قسوته، في البيئات التي تفتقر إلى العدالة والمساواة وكفالة حرية التعبير للأفراد والجماعات، وفي المجتمعات التي يسودها الاستبداد السياسي والفكري والاجتماعي، وعدم تحقيق العدالة الاجتماعية للمواطنين.
والعنف أسلوب تعبير عن تراكمات اليأس والغضب أو الانتقام، يمكن أن يقوم به الفرد أو الجماعات كما يمكن أن تمارسه الدولة أيضاً. ويتجلّى من خلال شكلين هما: العنف الرمزي والعنف المادي.
ويتمثل العنف الرمزي في ادعاء احتكار الحقيقة، وإقصاء وتهميش الآخر، وفي تكفيره أو تبديعه بدون وجه حق. أما العنف المادي فيتمثل في استخدام الأساليب والأدوات المادية كالسلاح ضد الآخر.
ويمكن أن يكون العنف بشكليه مشروعاً، للشعوب المضطهدة الساعية إلى نيل حريتها واستقلالها كالشعب الفلسطيني، ويمكن أن يكون محرماً، عندما يستهدف أمن وسلامة الأبرياء كما يحدث هذه الأيام على أراضي بلادنا وهو ما نعبر عن تسميته "بالإرهاب".
أما عنف الدولة فإنه يأخذ الشكلين معاً، ويستمد العنف المسموح به مشروعيته من تفويض الشعب عبر ممثليه لأجهزة الدولة باستخدام العنف لتطبيق القانون وفق ضوابط الدستور، وتحت مراقبة ومحاسبة ممثلي الشعب.
وفي بلادنا_ مع الأسفٍ _، فإن الأجهزة الأمنية تمارس الكثير من العنف غير المشروع سواءً تمثّل في شكله الرمزي أو المادي، وليست ملومة في ذلك نظراً لغياب المؤسسات الدستورية القادرة على ضبط ذلك العنف وفق القانون.
ولعل أبرز مثال على ذلك ما رافق ظروف إلقاء القبض علينا والتحقيق معنا واعتقالنا لمدة خمسة أشهر، قبل مثولنا أمام المحكمة بتهم باطلة، وفيما تعرضنا له من ضغوط ومراوغات للتحايل على علنية جلسات المحكمة، والبحث عن المبررات غير القانونية لتحويل المحاكمة من علنية إلى سرية.
كما أن الإفراج عن عدد من المهتمين بالشأن العام من زملائنا الذين اعتقلوا معنا، بعد اضطرارهم إلى التوقيع على تعهدات جائرة، بعدم الاستمرار في المطالبة بالإصلاح السياسي والدستوري في بلادنا، ثم منعهم من السفر حتى الآن، تعتبر أمثلة صارخة على انتهاك حقوق المواطنة وحقوق الإنسان، واستخداماً للعنف الرمزي ضد المهتمين بالشأن العام في بلادنا.
وأما العنف المادي الذي تمارسه الدولة ضد المواطنين، فأعتقد أنه لو توفرت الحرية للمواطنين، للتعبير عما لحق بهم من أذى، أمام لجنة وطنية لحقوق الإنسان، تتمتع باستقلاليتها عن الأجهزة الحكومية في المملكة، لحصلت على وثائق كثيرة موثّقة تثبت هذا الأمر. ولتأكيد ذلك سأحصر استشهادي بقضية أعرفها، وقد حدثت أثناء اعتقالي السابق في عام 1403هـ حيث توفي أحد زملائي في سجن وزارة الداخلية، الكائن في مبناها القديم على طريق المطار، خلال فترة التحقيق معه، وهو المرحوم خالد النزهة، ويمكنكم التأكد من ذلك بالإطلاع على ملفات التحقيق في وزارة الداخلية، أو بالاستماع إلى شهادة أهله.
ومن قبل خالد النزهة، مات محمد ربيع في سجن العبيد بالإحساء في الخمسينات الميلادية.
أسباب تفشي ظاهرة العنف والإرهاب في بلادنا.
ليس هناك ظاهرة اجتماعية يمكن تفسيرها بالاعتماد على عامل أو سبب واحد، مهما كانت أهميته، ولذا فإن هذه الظاهرة منتج مركَب من بيئة يتوفر فيها اختلالات واختناقات في المجالات الاقتصادية والسياسية ولاجتماعية والثقافية(12)، وحين نبحث عن الأسباب التي أشعلت مظاهر العنف والإرهاب في بلادنا، فإننا لا نسعى إلى تبريره ولا تبرئته، وإنما نجتهد مع غيرنا في دراسة الظاهرة من كافة جوانبها بغية الوصول إلى الحلول الجذرية التي لا يمكن اختزالها في الجانب الأمني – رغم أهميته – وقد دان دعاة المجتمع المدني والإصلاح الدستوري في بلادنا، -كلٌ وفق قراءته - كافة مظاهر العنف والإرهاب، وذلك في خطابي "دفاعاً عن الوطن"، و "نداء إلى القيادة . ونداء إلى الشعب".
ويمكننا تقسيم أسباب مظاهر العنف يشقيه إلى قسمين:
1- الأسباب الداخلية
أ?- في ظل ممارسة الدولة لتغييب حواضن ومكونات تنظيمات المجتمع المدني في كافة مجالات الحياة، وفي ضوء تقلّص دور تنظيمات المجتمع التقليدية التي كانت توفر الحماية ومشاعر الانتماء للجماعة، والأمان لأفرادها، من العائلة إلى الحي إلى العشيرة والقبيلة، فإن هذه العوامل قد أوجدت خللاًَ اجتماعياً كبيراً، أدى إلى تعميق مشاعر اغتراب الفرد عن محيطه، وإلى تأزيم إحساسه بفقدان الهوية والأمان النفسي والاجتماعي، وإلى تنامي مشاعر الإحساس بالضياع، لعدم وجود الجماعات المعبرة عن رغباته وميوله وآلامه وتطلعاته
ب?- . كما عملت مظاهر الاستبداد والتفرد بالقرار السياسي، وغياب المؤسسات الدستورية، وانعدام المشاركة الشعبية في اتخاذ القرار، وغياب حرية التعبير والتفكير والإبداع، وسوء توزيع الثروة، وتفاقم ظاهرة الفساد الإداري والمالي، وسواها من العوامل، مجتمعة على تعميق مشاعر الإحباط والغضب وانسداد الأفق أمام المواطنين وخاصة فئة الشباب منهم، الذين يشكّلون أكثر من 70% من عدد السكان في المملكة.
ولذا فإن التجمعات والتنظيمات الدينية، عبر قنواتها الثقافية والدعوية والسياسية، وبدعـم _ غير مقصود_ من الدولة التي كرّست حضور ومشروعية تلك الجمعيات دون غيرها، حتى أصبحت مراكز استقطاب وحيدة للشباب الباحثين عن تحقيق الذات، والشعور بالأمان، وتعزيز الهوية الجمعية. وهذا الأمر قد أدى بالطبع إلى إضعاف مشاعر الانتماء الوطني، وسهل التفاف هؤلاء الشباب حول قيادات وزعامات متطرفة في الداخل والخارج.
2- استطاع الخطاب الديني المتشدّد أن يكرّس منهجا أحادياً لاحتكار الحقيقة الدينية، وتهميش المذاهب الأخرى بما فيها تيار الوسطية والاعتدال، مما ساعد على بروز ظواهر الغلو والتطرف التي صبغت الحياة الثقافية والاجتماعية والإعلامية بألوانها. كما تمكن هذا الخطاب المتشدد من ترسيخ أسلوب التلقين والحفظ والتوجيه بدون مناقشة أو حوار، في كافة مراحل التعليم ومناهجه، لتغدو ثقافتنا ثقافة انغلاق ونفي لكل قيم التسامح والحوار وقبول الآخر.
وقد ساهمت الأجهزة الحكومية في تعزيز هذا التوجه من جانبين: أولهما، اعتبار هذا التوجه معبراً عن نهجها، وثانيهما، السماح لهذا الخطاب المتشدد بإقصاء وتهميش وقمع كافة التيارات الفقهية والثقافية الأخرى. كما أن الأجهزة الحكومية قد مارست أساليب التضييق على المثقفين لمنعهم من القيام بأنشطتهم الثقافية في داخل البلاد وخارجها، بما في ذلك المنع من المشاركة في البرامج الفكرية والثقافية والسياسية في القنوات الفضائية(13)، كما مارست الأجهزة الحكومية كافة أشكال الرقابة والتضييق على الوسائل الإعلامية الحديثة كالإنترنت، والقيام بإغلاقها، خاصة إذا كان القائمون عليها من أبناء الوطن، مثلما حدث لموقع "طوى" الذي فتح الباب للمواطنين للتعبير عن مساندتهم لمطالبنا الإصلاحية والمناداة بإطلاق سراحنا بعد الاعتقال، كما أغلقت ملف "قضايا الإصلاح السياسي"، ودعاة المجتمع المدني والإصلاح الدستوري، على موقع "دار الندوة". كما أنها مارست ومازالت، إيقاف الكتاب والصحفيين عن الكتابة ، واستدعاءهم للمباحث، واعتقالهم أو منعهم من السفر إلى الخارج.
3- قامت المملكة، ومنذ إعلان توحيدها على يدي المغفور له الملك عبدا لعزيز في عام 1351هـ، بدور الحكم والوسيط، القادر على حسم الخيارات الصعبة حين يعارض الخطاب الديني المتشدد مصلحة تطوير البلاد بالأخذ بمقومات التحديث. وقد كانت الدولة قادرة على تطويع العنف الرمزي للخطاب المتشدد بالحوار أو فرض الأمر الواقع، مثلما حدث في تعاطيها مع أجهزة التلكس والهاتف والتلفون والتلفزيون، وتعليم المرأة، وسوى ذلك. كما أنها استخدمت القوة في القضاء على العنف المادي والإرهاب، الذي قاده رموز التشدد والعنف المسلح ضد الدولة، منذ معارك الإخوان إلى احتلال الحرم المكي الشريف عام 1399هـ، ولكن الدولة كانت تقضي على تيارات العنف ثم تتبنى برامجهم، ظناً منها، أن ذلك سيقضي على أسباب الغلو والتطرف والعنف.
وبالرغم من النجاحات الظاهرية التي حققتها الدولة في هذا المجال، إلا أن عدم السماح لمكونات المجتمع المدني بممارسة حقها في النشاط، قد هيأ الأرض وباستمرار، لثقافة الغلو ومظاهر التشدد والانغلاق بالانتشار، واحتكار الفضاء الثقافي دون منازع أو رقيب.
إلا أن تطور المجتمع وتعدد احتياجاته الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، إضافة إلى ما وفره عصر التقنية والاتصالات من وسائط وممكنات حديثة، - في ضوء عدم الاستجابة إلى تطوير المؤسسات الدستورية وإشراك الشعب في اتخاذ القرار – قد ضاعف من تفاقم ظواهر الإحباط والغضب، لدى مختلف الشرائع الاجتماعية، ولم يعد محتكراً لتيار التشدد وحسب.
ولذا فإن الأساليب القديمة في معالجة هذه الاحتياجات ومقاربة هذه الظواهر، ومنها ظاهرة العنف، لم تعد مجدية، وهذا ما يستدعي ضرورة البحث الجدي في الأخذ بآليات بناء الدولة الإسلامية الحديثة، لتحقيق مطالب الشعب التي ستسهم في الحد من استفحال ظواهر العنف والإرهاب أيضاً.
4- تشكل معالجة أية دولة، للحاجات المعيشية والاجتماعية للمواطنين في التعليم والعمل والصحة والسكن، وحريات التعبير، الأساس الذي يحقق إحساسهم بالأمن والأمل والرضى، أو يدفعهم لليأس والغضب والتعبير العنيف عن تلك الأحاسيس. وفي بلادنا التي حباها الله بنعمة البترول الذي يدر على الدولة مئات المليارات سنوياً على مدى 30 عاماً، يغدو توفير ضرورات العيش الكريم لكل مواطن حقاً لا تنازل عنه. ولكن الذي يحدث في بلادنا من تفاقم للأزمات المعيشية والاجتماعية، ومن العجز عن الوفاء بالمتطلبات الأساسية للمواطن، قد ساعد على تكريس حالات اليأس والإحباط، ووضع الدولة في موقع المساءلة أمام المواطنين.
- فبالله، بماذا نبرّر فشل خطط التنمية في بلادنا، في تلبية حاجات أبنائنا وبناتنا للمناهج التعليمية، القادرة على ملاءمة مخرجاتها مع احتياجات المجتمع؟
- بماذا نجيب على غضب مئات الآلاف الذين لم تستوعبهم الجامعات، رغم حصولهم على علامات عالية في الشهادة الثانوية؟
- ماذا نقول لمئات الآلاف، من العاطلين والعاطلات عن العمل؟
- وكيف نغطي على عجزنا عن توفير المستشفيات والعلاج المناسب للمرضى في كافة أنحاء بلادنا؟
- وماذا نقول لمئات الآلاف من الأسر الفقيرة التي تعيش على الفتات، بجوار القصور الفارهة، والتي كشف أوضاعها علناً، سمو ولي العهد الأمير عبد الله بن عبد العزيز في قلب الرياض، ليضعنا جميعاً أمام الحقائق الصعبة؟
- بماذا نطمئن الأجيال القادمة التي ستواجه مصيرها المظلم، حين نعجز ونحن نملتك الثروات الطائلة عن وضع خطط التنمية الاقتصادية المستدامة؟
- كيف ننظر للمستقبل القريب حين ينضب البترول بعد خمسين عاماً وحيث نكون مكبّلين بالديون، التي تجاوزت اليوم في مجملها 700مليارريال ؟
- ماذا نقول للمواطنين، حين نعجز عن تكوين جيش قوي يصد عن بلادنا غيلة الأعداء، وحين نضطر للاستنجاد بالأجانب، لكي يدافعوا عنا، ويقيموا قواعدهم العسكرية على أراضينا؟
- ماذا نقول لنصف المجتمع من النساء، وقد حرمناهن من التمتع بكامل حقوقهن، في مجالات التعليم والعمل والمشاركة الشعبية في اتخاذ القرار؟
- ثم، كيف يتم تصليب الجبهة الداخلية، وتعزيز مشاعر الانتماء للوطن، والالتفاف حول القيادة لمجابهة التحديات الخارجية، في الوقت الذي نمارس فيه التمييز الطائفي، والتمييز المناطقي في توزيع الثروة والمناصب القيادية، وتمارس فيه الأجهزة الأمنية مصادرة حرية التعبير السلمي عن الرأي، ويتم فيه تغييب الشعب عن المشاركة في صنع القرار، وتنتهك خلاله حقوق المواطنة ومواثيق حقوق الإنسان، التي وقعتها المملكة؟
- كيف يمكننا المشاركة في معالجة المشكلات والأزمات والاختناقات ومظاهر العنف والإرهاب والتهديدات الخارجية، إذا كانت الأجهزة الأمنية جاهزة لكيل التهم لنا بإثارة الفتن وعصيان الدولة والتشكيك في مشروعيتها، ونحن لم نستخدم إلا اليسير من حقوقنا المشروعة، في المطالبة السلمية والعلنية لقيادة بلادنا ، بالمضي في طريق الإصلاح؟
الأسباب الخارجية:
هناك رأي يعيد أسباب العنف والإرهاب في بلادنا إلى عوامل خارجية، نتجت عن احتضاننا لقيادات وكوادر الإخوان المسلمين في مرحلة الستينات، ولعل هذا الرأي يؤكد مظاهر تلاقح الخطاب الديني المتشدّد في بلادنا، مع الفكر الحركي للإخوان المسلمين.
وإذا كان هذا السبب، هو العامل الرئيسي في استشراء ظواهر العنف والإرهاب في بلادنا، فمن المسئول عنه... أليست الأجهزة الحكومية؟
وهناك من يعزو ظواهر الإرهاب إلى انخراط الآلاف من شبابنا في معسكرات التدريب والحرب في أفغانستان، حيث تعلموا أساليب التنظيم السياسي والعسكري، وتشرّبوا مناهج العنف، وتكفير الحكومة والمجتمع معاً.
وإذا كان الأمر كذلك، فمن المسئول؟ ألم تدخل المملكة في الحرب شريكاً مع أمريكا، وساهمت بالأموال والسلاح ، بحسب ما أورده الأمير تركي الفيصل في برنامج أذيع على محطة BBC يوم 28/8/2004م؟
وإذا كان هذان السببان وجيهين، فهل نغفل الأسباب الداخلية التي تحدثنا عنها آنفاً؟ وهل يمكن لنا إغماض أعيننا عن المظالم الأمريكية في العالم العربي والإسلامي، وفي فلسطين والعراق تحديداً؟
إن هذه المظالم المستمرة التي تمارسها الولايات المتحدة وربيبتها إسرائيل، ضد العالمين العربي والإسلامي، إضافة إلى عدم نجاح حكومتنا-كحليف استراتيجي للولايات المتحدة- في استخدام موقعها الهام وثروتها، في الضغط على ذلك الحليف لتعديل كفة الميزان المختلّ، قد دفعتنا حكومة وشعباً، إلى تبني مشاعر الرفض لتلك السياسة المنحازة.
واستشهد في هذا السياق بما قاله الأمير تركي الفيصل سفير المملكة في بريطانيا في مقال بعنوان "آن وقت التحرك معا ....حتى لا ينجح المتعصبون في إفساد العلاقة بين الشرق والغرب" : "وهكذا فإننا نواجه بعد ما يقرب من مئة عام، المشاكل ذاتها في المناطق ذاتها والوعود ذاتها، ولكن هذه الوعود اليوم هي وعود خاوية، فالكثير من العرب يخشون اليوم من أن العراق ينحدر إلى مصير مدمِّر، وسيجد نفسه في المأزق نفسه الذي يعاني منه الشعب الفلسطيني .إن عدم الاستقرار والأزمة غذاؤهم اليومي، وهذا التعامل غير السليم، وارث الوعود الخاوية، يثير النشاط الإرهابي والاستياء. الشرق الأوسط / العدد9444 بتاريخ 6/10/2004م
وإذا كانت الجذور الفكرية للإرهاب تُعدّ العامل الأبرز، من بين العوامل الأخرى التي تتحكم في استمرار المنخرطين اليوم في دوامة العنف والإرهاب في بلادنا، نتيجة لتأثرهم بثقافة الكراهية والعنف والتدمير والموت ونبذ الحياة، من خلال البرامج والتسهيلات المؤسساتية، عبر المنابر والمدارس والشاشات والإذاعات، وكل مفاصل التربية والإعلام، فإن مجمل العناصر الأخرى التي تحدثنا عنها، هي التي تفسر قناعات وممارسات المتعاطفين مع الإرهاب أو الصامتين عن إدانته.
ولكن الأمر الآخر الذي أود الإشارة إليه هو أن تلك الأسباب – وبغض النظر عن ظاهرة الإرهاب الحالية - ما زالت تنذر بمخاطر دفع الآلاف من العاطلين عن العمل، والطبقات المحرومة والفقيرة، والطلاب الذين لا يجدون مقاعد في الجامعة، والفئات التي تتعرض للتمييز الطائفي، ومئات الألوف من إخواننا الذين ولدوا في بلادنا وترعرعوا فيها، منذ عقود طويلة، ولم يتم منحهم الجنسية حتى الآن، وسواهم، إلى التعبير عن مطالبهم وحاجاتهم، بأشكال أخرى من العنف الفردي أو الجماعي، ومنها تدمير الذات بطرق عديدة.
أما الآن، وتأسيساً على ما أوردناه من أسباب كامنة خلف مظاهر العنف والإرهاب، فإننا نخلص إلى القول، بأننا حين نحدّد مظاهر الأزمة وجذورها، لا نهدف إلى تسويغ أو تبرير العنف سواءً أتى من الأفراد أو من الدولة، وأنني كأحد دعاة المجتمع المدني أدين الإرهاب مهما كانت الأسباب، وأدعوا إلى ممارسة التعبير عن الرأي بالطرق السلمية المشروعة. كما أنني في نفس الوقت، أرى أن الحلول الأمنية لوحدها عاجزة عن علاج ما نشهده من عنف معاش، أو ما ستحمله الأيام القادمة من أشكال أخرى له، وأن المدخل العملي الصحيح القادر على الحد من ظواهر العنف والإرهاب، يكمن في البدء في عملية الإصلاح السياسي والدستوري الشامل، وتشريع عمل جمعيات المجتمع المدني ومنظماته، وإعلان الدولة التزامها به، وفق جدول زمني متدرّج. وذلك ما سيعمل على ترسيخ قيم التسامح والحوار والحرية والقبول بالاختلاف، وحقوق الإنسان، ويساعد بلادنا على تجاوز الأزمات والاختناقات التي تعيشها، وهو ما سوف يعمل بفاعليه على الحد من ظواهر التشدد والإقصاء والعنف والإرهاب، من حياتنا الاجتماعية والثقافية.

الإحالات
• (1) المجتمع المدني في الوطن العربي ودوره في تحقيق الديمقراطية –د. برهان غليون
• (2) المجتمع المدني في الوطن العربي ودوره في تحقيق الديموقراطية-د. كمال عبد اللطيف
• (7،5،4،3)مستقبل المجتمع المدني في الوطن العربي- الدكتور أحمد شكر الصبيحي- مركز دراسات الوحدة العربية.
• (6) الشرق الاوسط –عدد 9370 - د.زين العابدين الركابي
• (9،8) العقل السياسي العربي – الدكتور محمد عابد الجابري-مركزدراسات الوحدة العربية
• (10) " ثلاثية المجتمع المدني " –للدكتور عبد الله الحامد –الدار العربية للعلوم -بيروت
• (11) الشرق الاوسط –عدد 9338 –غسان سلامة
• ( 12،13) العنف والإصلاح الدستوري- بحث مخطوط للدكتور متروك الفالح
بسم الله الرحمن الرحيم

أصحاب الفضيلة أعضاء هيئة المحكمة الموقرة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أرجو من عدالتكم إتاحة الفرصة لي لإيضاح النقاط الثلاث التالية:-
1- أود التأكيد على أن مطالبتي بالإصلاح السياسي الشامل وما تضمنته من مطالبة بالفصل بين وظائف ومهام السلطات الثلاث للدولة، يقتضي الحديث عن ضرورة استقلال السلطة القضائية، وهذا لا يعني التشكيك في علم وكفاءة ونزاهة القضاة الذين أكن لهم كل التقدير والاحترام، وإنما أهدف إلى استقلاليتهم التامة عن أي تدخل من قبل السلطات الأخرى.
2- إنني سأصطحب دفوعي كاملة لتقديمها أمام عدالة المحكمة إذا كانت ستقبل الاقتراح الذي طرحته بالاتفاق مع زملائي في الجلسة الماضية، حيث اقترحت حلاً وسطاً لمسألة علنية المحكمة بحيث ينحصر حضور الجمهور في مندوبي وسائل الإعلام المختلفة الداخلية والعالمية، وفي المحامين وبعض المهتمين بالشأن العام، أما إذا أصرت هيئة المحكمة الموقرة على تحويل المحكمة إلى جلسة سرية فإن ذلك سيدفعني بكل أسف إلى عدم تقديم دفوعي، والتشبث بحقي في محكمة علنية، لا سيما وأن الجلسة الأولى من المحاكمة بدأت علنية، وأتيح المجال من خلالها للإدعاء العام في إعلان التهم الموجهة إلينا على رؤوس الأشهاد وتم نشرها في وسائل الإعلام... وأن من أبسط حقوقنا أن نطالب عدالة المحكمة لإتاحة الفرصة المتكافئة لنا مثلما أتاحها للطرف الثاني، لكي نقدم دفوعنا في نفس الظروف وعلى نفس الوسائل الإعلامية.
3- ما دامت المحكمة الموقرة ستذهب إلى الحكم علينا بعدم تقديم الرد على التهم الموجهة إلينا، فإنني أطلب من عدالة المحكمة الموقرة أن تطلع بدقة على ما وقعت عليه من خطابات مرفوعة للقيادة. وكذلك على كامل الحوار الذي أجري معي في موقع الساحل على الإنترنت، لأنني على ثقة تامة من أن تلك البينات ستفتح المجال أمام عدالة المحكمة وإبطال كافة التهم الموجهة إلي التي لا صحة على الإطلاق عليها، وإنما هي وقائع وأعمال ليست مجرمة شرعاً ولا نظاماً بل هي تدور بين الوجوب والاستحباب، والإباحة، وأتمسك بحقي بنص المادة (38) من النظام الأساسي للحكم التي قضت بأنه لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص شرعي أو نظامي يحدد الجريمة والعقوبة. وأنني أعتبر كل ما ساهمت به من نشاط مطلبي حقاً مشروعاً لي كمواطن للتعبير عن الرأي والمطالبة بالإصلاح السياسي الشامل، وذلك ما كفلته الشريعة الإسلامية، والنظام الأساسي للحكم، وكفلته مواثيق حقوق الإنسان التي وقعتها المملكة، وأصبحت ملزمة لبلادنا لتطبيق ما ورد في بنودها من حقوق ضامنة لحرية التعبير السلمي عن الرأي واعتبار تلك المواثيق جزءاً من منظومة القوانين والأعراف المرعية في بلادنا.

والله المستعان

علي غرم الله الدميني



#علي_الدميني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بعد منع الحكومة له من رؤية والده قبل وبعد وفاته الدميني يوضح
- مــــرافعــــة أولــــى -المجتمع المدني ودوره في الحد من الع ...
- كلمات للقيد .. وأغنية للحرية


المزيد.....




- فرنسا: الجمعية الوطنية تصادق على قانون يمنع التمييز على أساس ...
- مقتل 45 شخصا على الأقل في سقوط حافلة من على جسر في جنوب إفري ...
- جنرال أمريكي يوضح سبب عدم تزويد إسرائيل بكل الأسلحة التي طلب ...
- شاهد: إفطار مجاني للصائمين في طهران خلال شهر رمضان
- لافروف عن سيناريو -بوليتيكو- لعزل روسيا.. -ليحلموا.. ليس في ...
- روسيا تصنع غواصات نووية من جيل جديد
- الدفاع الأمريكية تكشف عن محادثات أولية بشأن تمويل -قوة لحفظ ...
- الجزائر تعلن إجلاء 45 طفلا فلسطينيا و6 جزائريين جرحى عبر مطا ...
- لافروف: الغرب يحاول إقناعنا بعدم ضلوع أوكرانيا في هجوم -كروك ...
- Vivo تكشف عن أحد أفضل الهواتف القابلة للطي (فيديو)


المزيد.....

- واقع الصحافة الملتزمة، و مصير الإعلام الجاد ... !!! / محمد الحنفي
- احداث نوفمبر محرم 1979 في السعودية / منشورات الحزب الشيوعي في السعودية
- محنة اليسار البحريني / حميد خنجي
- شيئ من تاريخ الحركة الشيوعية واليسارية في البحرين والخليج ال ... / فاضل الحليبي
- الاسلاميين في اليمن ... براغماتية سياسية وجمود ايدولوجي ..؟ / فؤاد الصلاحي
- مراجعات في أزمة اليسار في البحرين / كمال الذيب
- اليسار الجديد وثورات الربيع العربي ..مقاربة منهجية..؟ / فؤاد الصلاحي
- الشباب البحريني وأفق المشاركة السياسية / خليل بوهزّاع
- إعادة بناء منظومة الفضيلة في المجتمع السعودي(1) / حمزه القزاز
- أنصار الله من هم ,,وماهي أهدافه وعقيدتهم / محمد النعماني


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية - علي الدميني - مرافعة